توبة الكافرين

الثلاثاء ٢٩ - سبتمبر - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
ماذا تعنى توبة الكافر ؟ ومتى تكون مقبولة ؟
آحمد صبحي منصور :

يقول جل وعلا عن التوبة الكافرين المعتدين  ( فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (11)) التوبة ). إقامة الصلاة بمعنى الالتزام الظاهرى بالاسلام السلوكى أى عدم الاعتداء ، وطالما سيدخلون فى السلم أى السلام فهم أخوة فى الاسلام الذى يعنى السلام (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208) البقرة  ). وحين دخل العرب فى الاسلام دين الله أفواجا قال جل وعلا عن هذا النصر والفتح (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً (2) الفتح  ) . كانوا داخلين فى الاسلام السلوكى الظاهرى أى السلام ، لأن هذا هو الذى رآه النبى ، وهذا هو الذى قاله جل وعلا للنبى :( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً (2)) فالنبى لا يعلم غيب القلوب ، هو له الظاهر فقط حسب السلوك. وطالما رجع المشرك المعتدى عن عدوانه ودخل فى السلام فقد دخل فى الاسلام الظاهرى ، هى توبته الظاهرية بمعنى السلام والكف عن الحرب والاعتداء . هذا يخص التعامل معه فى الدنيا . وحسابه عند ربه عن حقيقة ما فى قلبه ، والله جل وعلا يغفر له يوم القيامة إذا كانت توبته فى الدنيا حقيقية مخلصة ، أرجع فيها الحقوق لأهلها . وأقام الصلاة فى قلبه وسلوكه تقوى ، وآتى الزكاة فى قلبه أى زكّى نفسه وطهرها من رجس الاعتقاد فى غير الله جل وعلا ، وطهرها من المعاصى ، وملأ صحيفة أعماله بالعمل الصالح يبتغى مرضاة ربه .

وهذا ينطبق على الكافر بمعنى الكفر القلبى ( إتخاذ أولياء أو آلهة أو تقديس البشر والحجر ، أو الايمان بحديث آخر مع حديث الله جل وعلا فى القرآن الكريم ) .

بل وينطبق على المنافق إذا كفّ عن نفاقه ، يقول جل وعلا : (  إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً (145) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً (146)النساء ) . يعنى إذا تابوا وأصلحوا وإعتصموا برب العزة جل وعلا وأخلصوا له جل وعلا دينهم ، فسيكونون مع المؤمنين يوم القيامة . والله جل وعلا ليس محتاجا لأن يعذب  بلا سبب ، يقول جل وعلا فى الآية التالية : ( مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً (147)  النساء  ).

ونفس الحال مع ( المسلم العاصى ) عليه المبادرة بالتوبة الحقيقية التى تعنى تصحيح الايمان وعمل الصالحات والتمسك بالهداية حتى الموت يقول جل وعلا عن التوبة المقبولة التى تستحق الغفران : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى (82) طه  ).

وعموما فإنه بالتوبة المقبولة تتغير السيئات الى حسنات لأى مشرك أو عاص مرتكب للكبائر  ، يقول جل وعلا : (  وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (69) إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً (71)   الفرقان  )

وكما قلنا من قبل ، فإن التوبة فى الدنيا بينما الغفران هو فى الآخرة . يعنى عليك أن تُبادر بالتوبة ، وكلما كان ذلك أسرع كان أفضل ليُتاح لك وقت لتملأ صحيفة عملك بالصالحات كى تغطى على ما سبق من سيئات ، ولكى تنتهى مبكرا من إدمان السيئات .

والمهم أيضا المحافظة على التقوى والتوبة الى وقت الموت .

والموت حتمى لا مفرّ ولا مهرب منه .. أليس كذلك ؟

ندعو الله جل وعلا لنا ولك بالهداية .  



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 7148
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4993
اجمالي القراءات : 53,845,350
تعليقات له : 5,345
تعليقات عليه : 14,646
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


رحمه الله جل وعلا: لقد قرأت مقالا في موقع اهل القرآ ن للأست اذ ...

نون والقلم : نون والقل م. لماذا النون بالتح ديد.. ...

نصرانى مسلم : ( هل هو مسلم؟ .... إلتقي ت برجل مصري مسيحي...

زواج الجرين كارد: هل يجوز شرعيا أن أتزوج أمريك ية بغرض الحصو ل ...

خطيبتى وكورونا: اتفقت مع خطيبت ى على فسخ الخطو بة لانه تبين...

قضاء الصلاة: أنا بلغت الخمس ين ، وقررت التوب ة . وبدأت...

اسماء السور القرآنية: لدي سؤال استاذ ي العزي ز بخصوص أسماء سور...

القلب السليم: ورد اصطلا ح « القلب السلي م » في القرآ ن ...

المنافقون والجنة : هل سيدخل الصحا بة المنا فقون الجنة .؟؟ ...

لا رضى الله عنهم : قد علمنا أن اصحاب الفتو حات مثل ابو بكر عمر...

مهر المتوفاة : السلا م عليكم و رحمه الله، ارجو الإفا ده ...

ارجو الرد السريع : لسلام عليكم ورحمة الله وبركا ته .. انا كتير...

أكاذيب ابن اسحاق: سلام عليکم يا دکتر احمد صبحي منصور : انا ليس من...

عن نوعى الخصومة: كان لى شريك فى التجا رة أثق فيه لأننا نعرف...

شيعة العصر المملوكى: قرأت كتابك ( السيد البدو ى ) وأريد أن أجعل...

more