محمد صادق Ýí 2012-06-08
التقوى والعدالة وألتزام العهد
يمر الشعب المصرى اليوم بمحنة قاسية ما عرفه في تاريخه القديم والحديث، فقد كانت المحن تمرعليه عابرة كسحابة صيف تنقشع لكونها محن ناتجة من حرب عبثية اواختلاف في رأي او مصلحة شخصية او ذاتية ليست عميقة الجذور، اما محنة مصر الحبيبة الحالية فقد أكلت اللحم وكسرت العظم ولا زالت ببعض برجالها وشخوصهم الغريبة تحمل معاولها تريد تهشيم العظم حتى النهاية، فلا تبقي له من بقية. تظافرت فيها الانانية والثأرية والمطامع المادية التي أعمت القلوب قبل العيون، فتحققت المطامع العالمية والعربية التي ما حلمت يوماً بأنها ستستولي على مصرنا وتضعفه لحد الموت، وتقف اسرائيل المغتصبة لارض الوطن العربي عن طريق عملائها في المقدمة، ومن ورائها العربان المجاورين الذين ما جرؤا يوما بذكر مصر الا وارتجفت شواربهم قبل ارجلهم خوفاً وذعرا ، يوم كان مصر تقف شامخة برجالها المخلصين، وحين تحقق لها ذلك، غرست فيها اسنانها السامة تريد قتلها حتى النهاية وامتصاص دمها لترميه جثة هامدة لا حراك لها، وقد يتحقق لها ما تريد مادامت مسئولية مصر الحبيبة اليوم تمهد الطريق لها حين تخلت عن ثالوث النجاح التقوى والعدالة والتزام العهد، فأفسدوا الوطن بالمال والرشوة وأفسدوا السياسة بالدين.
تلك كارثة يجب ان نحسب لها الف حساب خوفاً من الضياع الكلي للشعب والوطن معاً. على قادة ثورة يناير 2011 ان يعيدوا النظر في المواقف قبل فوات الاوآن، فقد وصلت سمعة هؤلاء المتحكمين فى ذمام الأمور الآن الى الحضيض بعد ان تساهلوا مع سراق المال العام وانتقائية القانون، فمهدوا الطريق للنقد العام المستند على الحقائق الملموسة التي لا راد لها ابدا والشواهد الحية التي اصبحت كثيرة ومؤكدة .
واذ يعتقد البعض من الاخرين ان بهؤلاء سيموت الفكر الثورى ويختفي منهج الثورة السياسة والحكم وتحقيق العدل المطلق فهم واهمون. ان الصحوة التى بدأت منذ يناير 2011 ستنتفض لتعيد لفكرها المتجدد كل مبدئيته ولتنتفض وتنفض عنها غبار السنين العجاف التي اراد لها الفكر المنحرف ان تموت. فلا زال في قادة الثورةالحاليين من يلتزم بمبادئ القرآن الكريم قولا وتطبيقاً. ونحن نقول لهم من يسلك طريق الانحراف عليه ان لا يدعي أنه من أهل مصر الحرة الذي اهتزوا وهم في مراقدهم الشريفة اليوم من جراء اختراق مبادئهم العظيمة من قِبل الذين يمثلونهم انتحالاً لا صدقاً.
لقد طفح الكيل بعد ان ضربت المبدئية واصبحت الدولة نهباً للاخرين واعلامها لا يتحدث عن الفقراء ومآسيهم، ولا عن خدماتهم المعدومة، والامراض التي تفتك بهم واراضينا التي ضاعت وشهدائهم الابرار ودمائهم الانهار واعراضهم المنتهكة في سوق النخاسة، بل تتحدث عس سفرات مسئوليهم واستشفاءاتهم وعمليات ارجلهم العرجاء وتنقلاتهم وانتخاباتهم وكأن الانتخابات اصبحت وسيلة لاهدف، المهم كيف يتحدون فيما بينهم حتى لا يخترقهم المخلصون، فهل يعي " طنطاوى" الواقع المحزن اليوم وهو المسئول الاول في الدولة امام الله والشعب، ام سيبقى يخاطب الناس بكلام المايكرفونات المعهودة وقوانينه تطبق بأنتقائية التطبيق.
ألتزموا ايها السادة بكلمة التقوى التي ما جاءت في القرآن عبثا دون اساس من تطبيق ملزم، فقد جاءت آياتها في خمس عشرة مرة ضمن الايات الحدية الواجبة التنفيذ، اي هي كالصلاة والصوم الواجبة التنفيذ على المؤمنين بالله ورسوله وكتبه المنزلة. واي خروج عليها فهو خروج على الدين كله. وحوالي 235 مرة على سبيل العظة والاعتبار. والايات الحدية ليست خيارا في هذا او ذاك، بل هي واجب ملزم قابل للتنفيذ ولا مسامحة فيه ولا تهاون ابدا، لان الخروج عليه من المحرمات، فهل وعت طبقة الحكام من اهل الدين هذا المقصد الالهي الذي شذت عنه من اول يوم استلام سلطة حكم الناس ، حين تقبلت الحاكم الاجنبي النزق العدو للوطن من فمهِ وراسه طمعا في السلطة، ولا نقول هذا اعتباطاً بل صورا غير قابلة للنقض ومذكرات كتبت بلسان هذا الحاكم الفار من وجه العدالة اليوم. فهل القرآن الكريم يبيح لهم هذا التصرف الخارج عن الشرعية الدينية. فلو كنا نؤمن بالتقوى قولا وتطبيقاً فهل سننحرف هذا الانحراف الخطيرفي مجتمع لا زال يعتقد ان رجال الدين ضمن دائرة احترامة .
وهل سنعيب على السلفية المتخلفة اتهامنا باننا لنا قرآنا اخر ولا نؤدي الصلاة كما عند المسلمين الاخرين ونتزوج النساء بلا عقد شرعي، الى اخر الا سطوانة المشروخة التي نحارب بها اليوم. كفاكم نهبا وسرقة فقد امتلئت البطون حتى الحناجر من المال الحرام ولم يبق منكم من لم يستلم منصباً لا يستحقة في دولة المظاليم، وابناؤكم الجهلة يملئون السفارات في الخارج، فلا ملحق الا منكم ولا سفير الا منكم ولا لجنة الامنكم، حتى رجال الدين اصبحوا اليوم يزيفون الصلاة وبث الرعب فى النساء الأحرار بالنقاب والحجاب ولبس الساعة فى اليد اليمنى لأن اليسرى من الشيطان فهل يحق لنا أن نقطعها لأنها عدو رجيم ، ما هذا الذي يحدث الله اكبر.
يقول القرآن الكريم في سورة الانبياء:
"وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ." فالدولة ليست ملكا لاحد بل هي ملك الشعب، والتغيير السياسي ما جاء من اجل طبقة معينة بل جاء من اجل الشعب كل الشعب. التقوى واجبة على الجميع حتى نتقي الله في كل اعمالنا، بمعنى اننا نعمل وكأننا نرى الله، وان لم نكن نراه بالعين المجردة فأنه يرانا وهو القادر الرقيب، لذا فنحن في التقوى لسنا بحاجة الى رقيب، من يتخلى عنها عليه ان ينفض يده من حكم الدولة ومسئولية الشعب، والا فهو في منتظر العقاب.
اما العدل في الاسلام فهو ليس كلمة تؤخذ من قواميس اللغة لتفسر لغويا عند التطبيق، فالعدل في الاسلام هومجموعة القوانين الموضوعية الناطقة في تنظيم الوجود الانساني وظاهر الطبيعة والاحداث الانسانية وكيفية التعامل معها بحكمة ودراية وتنفيذ، فالقانون ليس هو الذي نحكم به نهاراً ونزمر به ليلاً. ان صيغة العدل في القرآن صيغة تعبدية، وهذا لايعني التعبد بالمفهوم العام للتعبد بل الصيغة التطبيقية به، فقد ذكر العدل في اكثر من 360 مرة في القرآن بصفة الالزام : إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ".
لم تذكر الشرائع السابقة ولا اللاحقة للقرآن مثل هذا النص المحدد الملزم والواجب التنفيذ، مثل هذا النص الذي يعتبر في غاية الدقة في تطبيق العدالة بين الناس وهو مغيب الان في غالبية الحالات وفي كل مجالات الحياة دون استثناء، الم تكن الوصايا العشر التي جاءت في القرآن في سورة الانعام تمثل الصراط المستقيم، فاين انتم منها، اصبحتم لاتفكرون الا بالقصور والسيارة الفاخرة وسياحات الدرجة الاولى والمرتبات المغرية ودرجات التقاعد الوهمية التي تصنعونها لانفسكم والمحاسيب، والتي اعمت القلوب قبل الابصار، التفتوا الينا الى الشعب، فدورنا مغتصبة ونحن لا زلنا مبعدين عنها وحقوقنا الشرعية محجوزة عند المنافقين، وامننا مفقود ونساؤنا مستباحات وابناؤنا لاجئون في بلد الاغراب، وكل هلافيت الارض ترتع بنعمتنا ونحن منها محرمون، هذا مترجم وذاك خبير والاخر سمسار ولا ندري المصير. ان من شاهد التلاسن بين المرشحين، ليقول يا ارض أبعليني قبل ان ارى ما ارى من مهازل وتفاهات، فاين نحن من العدل بين الناس، في حين تطبق القوانين بانتقائية وان اللجان المكلفة بالتنفيذ تسيء تطبيق القوانين، فاين الرقابة اذن؟
اما العهد، فقد جاء بآية حدية ملزمة واجبة التنفيذ
"...........وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ "
وهي ليست بوصية عادية جاءت على سبيل العظة والاعتبار، بل هي من القوانين الملزمة واجب التنفيذ، فعهد على الطبيب الامانة في اداء الواجب دون استغلال، لكن طبيننا اليوم يخون المهنة ويتاجر حتى بدماء المرضى، وعهد على المحامي ان لا يداهن في الحق من اجل مصلحة او منفعة، وكذلك المهندس والوزير والضابط والشرطي والموظف، كل حسب مسئوليته في الوظيفة. وهنا وضع المشرعون المواصفات الاخلاقية لكل مهنة على حدة، ولا يسمح لاحد بممارسة المهنة الا ذا كان مؤهلاً لها، هنا اصبح لازما وواجباً ان يقسم اليمين على الدستور الاخلاقي لمهنته. وبخلافه لا يجوز ممارسة المهنة، والقسم ليس جديدا في الاسلام فكل الشرائع القديمة التزمت به حماية للمجتمع من الطامعين به والمخالفين لنصوص العدالة الانسانية، لكنه في الاسلام اكثر توضيحاً، حين اصبح عهدا بين الذي اقسمه وبين الله لا بين انسان وانسان اخر، والعهد هنا يختلف حتى على اداء الامانات بين الناس فلا مرونة فيه ابدا، لذا فان حنث اليمين في الاسلام يدخل ضمن المحرمات القطعية التي يعاقب عليها القانون.
لقد جاءت الوصايا العشر في سورة الانعام هي بمثابة الفرقان الذي يجب ان لا يخترق، فأين نحن منها الان؟ اللهم ربي عفوك ورضاك عن كل من التزم بالعهد قولا وتطبيقا. وناراً وسعيرا على كل من خان العهد وحنث اليمين.
أخى الحبيب الأستاذ محمد عبد الرحمن...سلام الله عليك،
أخى الكريم أشكرك على مرورك الكريم وكلماتك الطيبة وحسن الخلق.
أخى الحبيب، لقد صدقت فى كل ما ذهبت إليه، وفعلا وكما قلت سيادتكم، مصر الحبيبة ولدت فيها وعشت أجمل سنين عمرى وأيضا أصعب أيام مررت بها فى ظل بعض الحكام الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم. أيام جميلة وأخر مريرة على قلبى ولكن حبى لمصر لم يتزعزع ولم يتبدل. لقد ألمنى بشدة عندما سمعت أنه حين خروج جمال مبارك من السجن يقف أمامه بعض كبار ضباط الشرطة والجيش وكذلك من بعض المدنيين حولهم يؤدوا له التحية وينحنوا أمامه، وأقول والله أعلم لم أرى هذا المشهد بعينى ولكن جائنى الخبر من صديق، ولا أدرى إن كان هو خبر صحيح أم لا... ولكن بمعرفتى عن شعب مصر وحكامها منذ القديم أستطيع أن اقول هذا ممكن أن يحدث بكل إرتياح.
قلبى ووجدانى كله معلق بالقرآن الكريم منذ اللحظة التى خرجت من مصرنا الحبيبة، ولم أستطع أن أتناسى ما حدث معى أثناء خدمتى وبحكم وظيفتى السابقة، عز على أن أرى مصرنا الحبيبة تنهار وشعبها المناضل يقف حيران بين هذا وذاك.
تحَكَّم فى زمام الأمور منذ منتصف الخمسينات وإلى الآن، أناس لا يوجد لديهم أى إهتمام إلا المصلحة الدنيوية، فكان ضحية ذلك هذا الشعب الذى أعيب عليه منذ سنين أنه إستكان وخضع لمن لا يخاف الله سبحانه. شعب طيب القلب مرهف الحس فكان لا عدل ولا ميزان بالقسط ولا محافظة على العهود وفى النهاية لا تقوى وخوف من يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ للـــه.
أشكرك مرة ثانية وتقبل منى كل تقدير وإحترام،
أخوكم محمد صادق
السلام عليكم ، أستاذ محمد ،كنا اليوم في انتظار قرار المحكمة الدستورية ، والتي كانت تنتظر قرار العزل السياسي للفريق شفيق ، لكن الحكم جاء مخيبا لبعض الآمال ، وموافقا لآمال أخرى ! وهكذا تمكن الفريق شفيق من خوض غمار الانتخابات حتى النهاية ، المهم أن الفريقان في رايي لا يمثلان الثورة ولا الثوار من قريب او بعيد ، وهما معا في عداد النظام القديم بكل مكوناته ، وكل ما يشغلهم اليوم كيفية التفوق وكسب أنصار حمدين صباحي وإقناعهم بكل الوسائل ، بجدوي النزول وعدم الاعتزال !! وإلى ان تنهي الانتخابات لتؤيد واحد من الاثنين ساعتها يكون لنا كلام وتعليق .. والسلام عليكم .
السلام عليكم ورحمة الله أستاذنا الكريم محمد صادق .
مصر غالية علينا جميعا وهى في وجدان أبنائها المخلصين الاوفياء في كل مكان وزمان .
فمن يخون الأمانة ويخون العهد الذي أخذه الله عليه في عالم الذر من السهل ان يخون كل العهود والمواثيق والأمانات كلها .
{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ }الأعراف172.
فهذا هو العهد الذي أخذه الله علينا جميعا في عالم البرزخ فمنا من تمسك وأوفى ومازال وفي بهذا العهد وهناك من خانه واتبع طريق الشيطان .
الموروث قال لنا أن الصلاة عماد الدين"”
وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ
دعوة للتبرع
مسلسل عمر: السلا م عليكم رأيت في مسلسل عمر الذي عرض في...
خمسة أسئلة : السؤ ال الأول : قال الله سبحان ه وتعال ى : (...
الاسلام دين التسامح: كيف واجه النبي محمد عليه السلا م من أساءو...
تفصيلات الحوار : هناك تفصيل ات مختلف ة فى الحوا ر فى القصص...
القمص زكريا: اعمل في السعو ديه واعمل في المنط قه التي بها...
more
الاستاذ العزيز / محمد صادق السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. ما زلت وانتَ خارج وطنك مصر ومغترب عنها منذ سنوات طويلة تحمل هموم الوطن وجثيران السكن بمصر وكأن مصر لم تفارقك ولم تفارقها رغم بعد المسافات بينك وبينها .. إنها عاطفة المواطنة واللغة ..
لكل هذا لايزال قلبك معلق بمصر إلى أقصى مدى.. وأنا مثلك لا أنفك أحبها وأتغزل في عشقها لكن بطريقة المخلصين الأوفياء نلعن فسادها ونكره من يسبها. أو ينال من كرامتها وعزتها.. ونصحوكل يوم وننادي كما ناديت أنت باقامة العدالة والتزام التقوة والعهد..
وكما ذكرت حضرتك ان مشتقات لفظة العدل ومعانيها وردت اكثر من 360مرة في القرآن ..
وهذا لفت نظري إلى شئ مهم جداً وهو أن عدد أيام السنة365 يوم أيضا ,, وكأن الله تعالى.. يذكرنا بتطبيق العدالة والتزامها على مدار العام بأيامه كاملة.. وهى 365يوم ..
أنها موعظة بان نطبق العدالة والقسط على مدار اليوم والعام بل والساعة واللحظة.
شكرا لك والسلام عليكمورحمة الله