محمد صادق Ýí 2012-05-13
وصية من القرآن لشعب مصر الثائر
المعركة بين الهدى والضلال
لا يخطو المسلم في حياته خطوة ولا يتحرك في ليله أو نهاره حركة إلا وهو ينظر فيها إلى الله ويجيش قلبه فيها بتقواه ويتطلع فيها إلى رضاه . فإذا الحياة كلها عبادة تتحقق بها إرادة الله.
إن الشعائر والعبادات لا بد لها من حماية تدفع عنها الذين يصدون عن سبيل الله وتمنعهم من الاعتداء على حرية العقيدة وحرية العبادة وعلى قداسة المعابد وحرمة الشعائر وتمكن المؤمنين العابدين العاملين من تحقيق منهاج الحياة القائم على العقيدة المتصل بالله الكفيل بتحقيق الخير للبشرية في الدنيا والآخرة.
ومن ثم أَذِنَ الله للمسلمين بعد الهجرة في قتال المشركين ليدفعوا عن أنفسهم وعن عقيدتهم اعتداء المعتدين بعد أن بلغ أقصاه وليحققوا لأنفسهم ولغيرهم حرية العقيدة وحرية العبادة في ظل دين الله ووعدهم النصر والتمكين:
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ " النور 55
على شرط أن ينهضوا بتكاليف عقيدتهم التي بينها لهم فيما يلي من الآيات... يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ.
" إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ * أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ " 41-22:38
إن قوى الشر والضلال تعمل في هذه الأرض والمعركة مستمرة بين الخير والشر والهدى والضلال والصراع قائم بين قوى الإيمان وقوى الطغيان منذ أن خلق الله الإنسان. والشر جامح والباطل مسلح . وهو يبطش غير متحرج ويملك أن يفتن الناس عن الخير إن اهتدوا إليه وعن الحق إن تفتحت قلوبهم له . فلا بد للإيمان والخير والحق من قوة تحميها من البطش وتقيها من الفتنة وتحرسها من الأشواك والسموم.
ولم يشأ الله أن يترك الإيمان والخير والحق عزلا تكافح قوى الطغيان والشر والباطل اعتمادا على قوة الإيمان في النفوس وتغلغل الحق في الفطر وعمق الخير في القلوب . فالقوة المادية التي يملكها الباطل قد تزلزل القلوب وتفتن النفوس وتزيغ الفطر . وللصبر حد وللاحتمال أمد وللطاقة البشرية مدى تنتهي إليه . والله أعلم بقلوب الناس ونفوسهم . ومن ثم لم يشأ أن يترك المؤمنين للفتنة إلا ريثما يستعدون للمقاومة ويتهيأون للدفاع ويتمكنون من وسائل الجهاد . . وعندئذ أذن لهم في القتال لرد العدوان.
وقبل أن يأذن لهم بالانطلاق إلى المعركة آذنهم أنه هو سيتولى الدفاع عنهم فهم في حمايته: إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا.
وأنه يكره أعداءهم لكفرهم وخيانتهم فهم مخذولون حتما: إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ.
وأنه حكم لهم بأحقية دفاعهم وسلامة موقفهم من الناحية الأدبية فهم مظلومون غير معتدين ولا متبطرين
أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا.
وأن لهم أن يطمئنوا إلى حماية الله لهم ونصره إياهم: وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ.
وأن لهم ما يبرر خوضهم للمعركة فهم منتدبون لمهمة إنسانية كبيرة لا يعود خيرها عليهم وحدهم إنما يعود على الجبهة المؤمنة كلها وفيها ضمان لحرية العقيدة وحرية العبادة . وذلك فوق أنهم مظلومون أخرجوا من ديارهم بغير حق: الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ . وهي أصدق كلمة أن تقال. ومن أجل هذه الكلمة وحدها كان إخراجهم . فهو البغي المطلق الذي لا يستند إلى شبهة من ناحية المعتدين . وهو التجرد من كل هدف شخصي من ناحية المعتدى عليهم إنما هي العقيدة وحدها من أجلها يخرجون لا الصراع على عرض من أعراض هذه الأرض التي تشتجر فيها الأطماع وتتعارض فيها المصالح وتختلف فيها الاتجاهات وتتضارب فيها المنافع.
ووراء هذا كله تلك القاعدة العامة . . حاجة العقيدة إلى الدفع عنها: وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ".
والصوامع أماكن العبادة المنعزلة للرهبان والبيع للنصارى عامة وهي أوسع من الصوامع والصلوات أماكن العبادة لليهود . والمساجد أماكن العبادة للمسلمين.
وهي كلها معرضة للهدم - على قداستها وتخصيصها لعبادة الله - لا يشفع لها في نظر الباطل أن اسم الله يذكر فيها ولا يحميها إلا دفع الله الناس بعضهم ببعض . أي دفع حماة العقيدة لأعدائها الذين ينتهكون حرمتها ويعتدون على أهلها . فالباطل متبجح لا يكف ولا يقف عن العدوان إلا أن يدفع بمثل القوة التي يصول بها ويجول . ولا يكفي الحق أنه الحق ليقف عدوان الباطل عليه بل لا بد من القوة تحميه وتدفع عنه . وهي قاعدة كلية لا تتبدل ما دام الإنسان هو الإنسان.
ولا بد من وقفة أمام هذه النصوص القليلة الكلمات العميقة الدلالة وما وراءها من أسرار في عالم النفس وعالم الحياة.
إن الله يبدأ الإذن بالقتال للذين قاتلهم المشركون واعتدى عليهم المبطلون بأن الله يدافع عن الذين آمنوا وأنه يكره المعتدين عليهم من الكفار الخائنين.
إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ
فقد ضمن للمؤمنين إذن أنه هو تعالى يدافع عنهم . ومن يدافع الله عنه فهو ممنوع حتما من عدوه ظاهر حتما على عدوه . . ففيم إذن يأذن لهم بالقتال ؟ وفيم إذن يكتب عليهم الجهاد ؟ وفيم إذن يقاتلون فيصيبهم القتل والجرح والجهد والمشقة والتضحية والآلام . . . والعاقبة معروفة والله قادر على تحقيق العاقبة لهم بلا جهد ولا مشقة ولا تضحية ولا ألم ولا قتل ولا قتال؟
والجواب أن حكمة الله في هذا هي العليا وأن لله الحجة البالغة . . والذي ندركه نحن البشر من تلك الحكمة ويظهر لعقولنا ومداركنا من تجاربنا ومعارفنا أن الله سبحانه لم يرد أن يكون حملة دعوته وحماتها من "التنابلة " الكسالى الذين يجلسون في استرخاء ثم يتنزل عليهم نصره سهلا هينا بلا عناء لمجرد أنهم يقيمون الصلاة ويرتلون القرآن ويتوجهون إلى الله بالدعاء كلما مسهم الأذى ووقع عليهم الاعتداء.
نعم إنهم يجب أن يقيموا الصلاة وأن يرتلوا القرآن وأن يتوجهوا إلى الله بالدعاء في السراء والضراء . ولكن هذه العبادة وحدها لا تؤهلهم لحمل دعوة الله وحمايتها إنما هي الزاد الذي يتزودونه للمعركة . والذخيرة التي يدخرونها للموقعة والسلاح الذي يطمئنون إليه وهم يواجهون الباطل بمثل سلاحه ويزيدون عنه سلاح التقوى والإيمان والاتصال بالله.
لقد شاء الله تعالى أن يجعل دفاعه عن الذين آمنوا يتم عن طريقهم هم أنفسهم كي يتم نضجهم هم في أثناء المعركة . فالبنية الإنسانية لا تستيقظ كل الطاقات المذخورة فيها كما تستيقظ وهي تواجه الخطر وهي تدفع وتدافع وهي تستجمع كل قوتها لتواجه القوة المهاجمة . . عندئذ تتحفز كل خلية بكل ما أودع فيها من استعداد لتؤدي دورها ولتتساند مع الخلايا الأخرى في العمليات المشتركة ولتؤتي أقصى ما تملكه وتبذل آخر ما تنطوي عليه وتصل إلى أكمل ما هو مقدور لها وما هي مهيأة له من الكمال.
والأمة التي تقوم على دعوة الله في حاجة إلى استيقاظ كل خلاياها واحتشاد كل قواها وتوفز كل استعدادها وتجمع كل طاقاتها كي يتم نموها ويكمل نضجها وتتهيأ بذلك لحمل الأمانة الضخمة والقيام عليها.
والنصر السريع الذي لا يكلف عناء والذي يتنزل هينا لينا على القاعدين المستريحين يعطل تلك الطاقات عن الظهور لأنه لا يحفزها ولا يدعوها.
وذلك فوق أن النصر السريع الهين اللين سهل فقدانه وضياعه . أولا لأنه رخيص الثمن لم تبذل فيه تضحيات عزيزة . وثانيا لأن الذين نالوه لم تدرب قواهم على الاحتفاظ به ولم تحشد طاقاتهم وتشحد لكسبه . فهي لا تتحفز ولا تحتشد للدفاع عنه.
وهناك التربية الوجدانية والدربة العملية تلك التي تنشأ من النصر والهزيمة والكر والفر والقوة والضعف والتقدم والتقهقر . ومن المشاعر المصاحبة لها . . من الأمل والألم . ومن الفرح والغم ومن الاطمئنان والقلق ومن الشعور بالضعف والشعور بالقوة . . ومعها التجمع والفناء في العقيدة والجماعة والتنسيق بين الاتجاهات في ثنايا المعركة وقبلها وبعدها وكشف نقط الضعف ونقط القوة وتدبير الأمور في جميع الحالات . وكلها ضرورية للأمة التي تحمل الدعوة وتقوم عليها وعلى الناس.
من أجل هذا كله ومن أجل غيره مما يعلمه الله . . جعل الله دفاعه عن الذين آمنوا يتم عن طريقهم هم أنفسهم ولم يجعله لقية تهبط عليهم من السماء بلا عناء.
والنصر قد يبطى ء على الذين ظلموا وأخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا:ربنا الله . فيكون هذا الإبطاء لحكمة يريدها الله.
قد يبطى ء النصر لأن بنية الأمة المؤمنة لم تنضج بعد نضجها ولم يتم بعد تمامها ولم تحشد بعد طاقاتها ولم تتحفز كل خلية وتتجمع لتعرف أقصى المذخور فيها من قوى واستعدادات . فلو نالت النصر حينئذ لفقدته وشيكا لعدم قدرتها على حمايته طويلا.
وقد يبطى ء النصر حتى تبذل الأمة المؤمنة آخر ما في طاقتها من قوة وآخر ما تملكه من رصيد فلا تستبقي عزيزا ولا غالبا لا تبذله هينا رخيصا في سبيل الله.
وقد يبطى ء النصر حتى تجرب الأمة المؤمنة آخر قواها فتدرك أن هذه القوى وحدها بدون سند من الله لا تكفل النصر . إنما يتنزل النصر من عند الله عندما تبذل آخر ما في طاقتها ثم تكل الأمر بعدها إلى الله.
وقد يبطى ء النصر لتزيد الأمة المؤمنة صلتها بالله وهي تعاني وتتألم وتبذل ولا تجد لها سندا إلا الله ولا متوجها إلا إليه وحده في الضراء . وهذه الصلة هي الضمانة الأولى لاستقامتها على النهج بعد النصر عندما يتأذن به الله . فلا تطغى ولا تنحرف عن الحق والعدل والخير الذي نصرها به الله.
وقد يبطى ء النصر لأن الأمة المؤمنة لم تتجرد بعد في كفاحها وبذلها وتضحياتها لله ولدعوته فهي تقاتل لمغنم تحققه أو تقاتل حمية لذاتها أو تقاتل شجاعة أمام أعدائها . والله يريد أن يكون الجهاد له وحده وفي سبيله بريئا من المشاعر الأخرى التي تلابسه .
كما قد يبطى ء النصر لأن في الشر الذي تكافحه الأمة المؤمنة بقية من خير يريد الله أن يجرد الشر منها ليتمحض خالصا ويذهب وحده هالكا لا تتلبس به ذرة من خير تذهب في الغمار.
وقد يبطى ء النصر لأن الباطل الذي تحاربه الأمة المؤمنة لم ينكشف زيفه للناس تماما . فلو غلبه المؤمنون حينئذ فقد يجد له أنصارا من المخدوعين فيه لم يقتنعوا بعد بفساده وضرورة زواله فتظل له جذور في نفوس الأبرياء الذين لم تنكشف لهم الحقيقة . فيشاء الله أن يبقى الباطل حتى يتكشف عاريا للناس ويذهب غير مأسوف عليه من ذي بقية.
وقد يبطى ء النصر لأن البيئة لا تصلح بعد لاستقبال الحق والخير والعدل الذي تمثله الأمة المؤمنة . فلو انتصرت حينئذ للقيت معارضة من البيئة لا يستقر لها معها قرار . فيظل الصراع قائما حتى تتهيأ النفوس من حوله لإستقبال الحق الظافر ولإستبقائه.
من أجل هذا كله ومن أجل غيره مما يعلمه الله قد يبطى ء النصر فتتضاعف التضحيات وتتضاعف الآلام . مع دفاع الله عن الذين آمنوا وتحقيق النصر لهم في النهاية.
وللنصر تكاليفه وأعباؤه حين يتأذن الله به بعد استيفاء أسبابه وأداء ثمنه وتهيؤ الجو حوله لاستقباله واستبقائه
وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَر.
فوعد الله المؤكد الوثيق المتحقق الذي لا يتخلف هو أن ينصر من ينصره . . فمن هم هؤلاء الذين ينصرون الله فيستحقون نصر الله القوي العزيز الذي لا يهزم من يتولاه ..؟ إنهم هؤلاء
الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ. . فحققنا لهم النصر وثبتنا لهم الأمر . . (أَقَامُوا الصَّلَاةَ). . فعبدوا الله ووثقوا صلتهم به واتجهوا إليه طائعين خاضعين مستسلمين . . (وَآتَوُا الزَّكَاةَ). . فأدوا حق المال وانتصروا على شح النفس وتطهروا من الحرص وغلبوا وسوسة الشيطان وسدوا خلة الجماعة وكفلوا الضعاف فيها والمحاتاجين وحققوا لها صفة الجسم الحي (وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ). . فدعوا إلى الخير والصلاح ودفعوا إليه الناس (وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَر). . فقاوموا الشر والفساد وحققوا بهذا وذاك صفة الأمة المسلمة التي لا تبقى على منكر وهي قادرة على تغييره ولا تقعد عن معروف وهي قادرة على تحقيقه.
هؤلاء هم الذين ينصرون الله , إذ ينصرون نهجه الذي أراده للناس في الحياة معتزين بالله وحده دون سواه . وهؤلاء هم الذين يعدهم الله بالنصر على وجه التحقيق واليقين. فهو النصر القائم على أسبابه ومقتضياته المشروط بتكاليفه وأعبائه . . والأمر بعد ذلك لله يصرفه كيف يشاء فيبدل الهزيمة نصرا والنصر هزيمة عندما تختل القوائم أو تهمل التكاليف: (وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ).وهو نصر له سببه . وله ثمنه . وله تكاليفه . وله شروطه . فلا يعطى لأحد جزافا أو محاباة ولا يبقى لأحد لا يحقق غايته ومقتضاه .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ 78-22:77
وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ...طالما استمسكت الأمة بهذا المنهج الإلهي وطبقته في حياتها الواقعية حتى إذا انحرفت عنه وتخلت عن تكاليفه ردها الله عن مكان القيادة إلى مكان التابع في ذيل القافلة وما تزال ولن تزال حتى تعود إلى هذا الأمر الذي اجتباها له الله.
هذا الأمر يقتضي الاحتشاد له والاستعداد . . ومن ثم يأمرها القرآن بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والاعتصام بالله: فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ.
فالصلاة صلة الفرد الضعيف الفاني بمصدر القوة والزاد . والزكاة صلة الجماعة بعضها ببعض والتأمين من الحاجة والفساد . والاعتصام بالله العروة الوثقى التي لا تنفصم بين المعبود والعباد.
بهذه العدة تملك الأمة المسلمة أن تنهض بتكاليف الوصاية على البشرية التي اجتباها لها الله . وتملك الانتفاع بالموارد والطاقات المادية التي تعارف الناس على أنها مصادر القوة في الأرض . والقرآن الكريم لا يغفل من شأنها بل يدعو إلى إعدادها . ولكن مع حشد القوى والطاقات والزاد الذي لا ينفد والذي لا يملكه إلا المؤمنون بالله.
لسلام عليكم ، مقال متميز يا أستاذ محمد الصادق نشكرك عليه حقا ، إنني أفهم كلامك عن ضرورة رد الاعتداء، وليس البدء به طبعا ،لأن الله سبحانه يقول : {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ }الحج39
أولا لقد وقع الاعتداء عليهم والظلم الفعلي
ثانيا لقد كان من مبررات القتال : الإخراج من الديار ، دونما سبب اللهم إلا قولهم "إلا أن يقولوا ربنا الله "
{الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ }الحج40
وأتفق معك فيما ذكرت من اسباب تأخر نصر الله ، والتي تخص من يقومون بالقتال ، أوظروف أهل القرية نفسها ،والتي لا تخلو من خير فيها ،وما زال هناك بقية من خير لم تعدم بعد، ومازال هناك أمل ، أو أن البيئة غير صالحة لاستقبال ذلك الرشد أو الخي، ر فدرجة الصفاء المعرفي لم تبلغ مداها فلو حدث نصر قبل أن تصل البيئة محل القتال إلى هذه الدرجة فلن يفلح الأمر ، وبرأيي إن السببين المذكورين لهما وجاهتهما وأرى ان البيئة غير مناسبة : "استقبال الناس " فما زال هناك كثيرين مخدوعين في تيار الإسلام السياسي .. والبيئة لم تخل من الخيرين الطيبين ، وربما كان ذلك خيرا للجميع كله ...
وما رأيك في قوله تعالى : " وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسلمين "
{لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ }المائدة28
أخى الحبيب ألأستاذ محمد عبد الرحمن سلام الله عليك،
أشكرك على هذه المداخلة الطيبة والتى أضافت إلى المقالة قوة وإيضاح فبارك الله فيك وزادك من علمه.
أخى الحبيب كان القصد من هذه الآية الكريمة التى جائت فى المقال، المقصود الرئيسى هو عدو الثورة من داخل الإطار المصرى وكما قلت سيادتكم يتكلم العربية بلهجة مصرية وكان بالأمس يقف كتفا بكتف لأداء الصلاة ويمشى فى الأسواق ولكنه يبطن لغيره المكيدة والكُره وما قصدت العدو التقليدى الخارجى.
فكانت النية على أن أعطى لهذا الشعب الطيب المناضل دعمة إلى الأمام ولكن بعد إعداد العدة والعتاد. وقد صدقت فى إختيار هذه الآية التى جائت فى عنوان التعليق. فعلى أبناء الثورة ثورة الشباب - يا ليت الشباب يعود - أن يتحدوا ويتسلحوا بالإيمان والعزيمة ثم السلاح وما يمكن إعداده لمقابلة هذا العدو الغدار المنافق الذى يصلى مع الناس وفى قلبه حقد وطمع ولكن حسابه عند ربه هو وأعوانه الذين تحجرت قلوبهم وأخذوا فى قتل وتشريد وتعذيب أخوة لهم ولكن العمى على قلوبهم وأبصارهم فهم لا يعقلون ولا يهتدون.
أشكرك أخى الحبيب وأدعو الله أن يشملك برحمته فى الدنيا والآخرة.
كل التقدير والإحترام لشخصكم الكريم،
أخوكم محمد صادق
أختنا الكريمة الأستاذة عائشة سلام الله عليك،
أشكرك شكرا جزيلا على هذه المداخلة الطيبة وكالعدة وكما عودتينى فى كل تعليقا سيادتكم أن تضيفى إلى المقالة ما يؤيد وجهة النظر بطريقة تدبر وفهم لآيات الذكر الحكيم فأشكرك على هذا.
أختنا الكريمة ، عن سؤالك فى الآية الكريمة: " وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسلمين " أعتبر هذه الاية هى مفتاح النجاح والفلاح...
أنظر إلى آية مثل هذه فأقول والله أعلم، أجمل ما خطه قلمك لأن فى هذه الاية ثلاث خصال لو تحلينا بهم لأصبح الأمر غير الأمر:
دعوة إلى الله سبحانه - والعمل الصالح و الإعتراف بالإستسلام الكامل، فلا يوجد أحسن قولا من هذا. ألم ترى معى أن فى هذه الاية ملخص شافى للمؤمن المسلم الحق وأعتقد أن هذه الاية هى ملخص المؤمنون حقا، وأسفاه على أمة الإسلام التى هجرت القرآن وأمامها مثل هذه الآية التى فيها الشفاء من كل داء وفيها التوحيد الذى يرتضيه رب العباد ويؤكد ذلك بالعمل الصالح ثم التسليم الكامل لمشيئة الله سبحانه.
فهى آية جامعة شاملة، بارك الله فيك وأدعو الله أن يزيدك من علمة وأشكرك مرة ثانية ولك منى كل التقدير والإحترام.
أخوكم محمد صادق
شكرا استاذنا الكريم محمد صادق على هذه الوصية التي نبهتنا لحقائق كانت منسية - مع علمنا بها ولكن مع زحام الحياة وكثرة الأحداث التي تشهدها بلادنا هذه السنوات التي لا ينسلها التاريخ وستظل محفورة في وجداننا جميعنا قد غفلنا بعض الشيء عنها .
ومداخلتي حول هذه الآية الكريمة {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ } الحج 41. والعجيب في الأمر أستاذنا الكريم أن الإخوان والسلفية من قبلهم يستخدمون هذه الأية الكريمة ليدللوا على أحقيتهم في السلطة وفي إرجاع عصر الخلافة الذي يحلمون به وأراها لا تنطبق عليهم من قريب أو بعيد ولكنها السياسة التي تجعلهم يستخدمون كلام الله تعالى لخدمة أغراضهم السياسية .
أختنا الكريمة الأستاذة نورا الحسينى سلام الله عليك،
أشكرك على هذه المداخلة وكلماتك الطيبة أدعو الله السميع العليم أن يزيدك علما.
أختنا الكريمة، لقد صدقت فى كل ما خطه قلمك، فهؤلاء لا يبغون إلا السلطة والمنفعة ولا يهمهم مصالح البلد ولا أبناء هذه البلدة التى أوتهم حتى بانت نواياهم فى الماضى وحتى فى الحاضر. ألم يعلنوا فى بداية الثورة المباركة أنهم سوف لا يدخلون فى سباق الإنتخابات الرياسية وبعد حين نكسوا على رؤوسهم وبدت حقيقتهم ونواياهم الذى لم تتغير منذ عهد عبد الناصر وما بعده. وهؤلاء تناسوا وليس نسوا قول الله سبحانه وتعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3)سورة الصف
فكل ما نشاهده الآن ماهى إلا ألاعيب الساسة والسياسيون وابطال الثورة لا بد لهم أن يتيقنوا أن هؤلاء لاأمل فيهم لأنهم تعودا على الكذب ولى أعناق الآيات لمصلحة دنيوية فأرجو من شباب الثورة أن يفهموا ذلك وإلا العواقب وخيمة ولا يمكن تبديلها إذا تمكنوا من السياسة وحكمها. وفوق كل هذا فإنهم يستخدمون لعبة الكراسى الموسيقية للتأثير العاطفى عند الشعب المصرى لأنهم على دراية بأن هذا الشعب المصرى عاطفى بطبيعته وهم سيستغلون ذلك إلا اقصى حد ممكن فكل ذلك ألاعيب وخداع أرجو من هذا الشباب أن يكون لهم بالمرصاد.
أدعو الله السميع العليم أن يأتى من يحذرهم ويفتح أعينهم على الحق.
كل التقدير والإحترام،
أخوكم محمد صادق
الموروث قال لنا أن الصلاة عماد الدين"”
وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ
دعوة للتبرع
مسألة ميراث: ,,ابن توفي قبل والدة ـ وبعده ا توفي الوال د ــ...
من هم المعتدون ؟: من هم المعت دون طبقا للقرآ ن الكري م ؟ ...
الله المستعان : انا سعيدة جدا بمجهو دكم الرائ ع ده وانا...
الاسراء 39 : لا افهم كيف يهدد الله سبحان ه وتعال ى ...
محمد عبد المجيد . : الاست اذ الكبي ر الفاض ل محمد عبد المجي د ...
more
الاستاذ الحبيب / محمد صادق .. ما أروعها من وصية مُخلَصَة من ابن مخلِص من أبناء مصر سافر منها بجسده، وقلبه مازال قاطن بها .. وهذه شهادتك أدليتَ ببها لإخوانك من أبناء مصر .. الغالية..
وأحب أن أضيف بعضاً إلى نصيحتك الكريمة وهى أن( عدو الله) في الآية الكريمة ليس هو فقط العدو الخارجي خارج حدود الدولة المصرية ولكن من الجائز جدا بل من المؤكد أن العدو يتكلم نفس اللغة العربية واللهجة المصرية وربما يصلي نفس الصلوات ويحتفل بنفس الأعياد .. لكنه هو العدو.. وكما قال الله تعالى (هم العدو فاحذروهم) .. وإن كنتم (لاتعلمونهم الله يعلمهم)
هى دعوة لأبناء مصر جميعا لامتلاك وسائل الدفاع عن النفس المتاحة حتى لايطمع فيهم أعداء الله من الداخل ومن الخارج.. والتدريب الحثيث الراقي على الرماية ورياضات الدفاع عن النفس والتسلح بحب القرآن وتحري الصدق في القول والاخلاص في العمل .. وبعدها يكون ما يريده الله تعالى ولنتدبر سويا هذه الآية المباركة :يقول تعالى
{وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ }الأنفال60