نقد النقد :دعاء كميل بن زياد في ميزان النقد العلمي
نقد النقد :دعاء كميل بن زياد في ميزان النقد العلمي
المؤلف عبد الله بن محمد زقيل والكتاب يدور هو انتقاد عبد الله زقيل لما يسمى عند الشيعة بدعاء كميل ومن خلال متابعتى للنقد بين الفريقين وجدت أنهم فى الغالب لا يتحرون الحقيقة حتى وإن كتبوا من وجهة النظر الأخرى بمعنى أن يستدل السنى على خطأ الشيعى بأدلة من كتب الشيعة ويستدل الشيعى على خطأ السنى بكلام من كتب السنة وهو منهج ليس سليما فالاستدلال يكون أولا بكتاب الله ثم الاستدلال بتناقضات النص الداخلية وتناقضاته مع نصوص خارجية مثله
سبق لى نقد دعاء كميل من خلال مخالفاته لكتاب الله ومن خلال ذكر التناقضات وفى مقدمته قال زقيل:
"الحمد لله وبعد ؛
كتبت ردا على دعاء كميل هذا وهو دعاء يتشدق به الرافضة ، ويقدمونه على أدعية النبي صلى الله عليه وسلم التي في سنته ، ويثنون عليه في كتبهم أيضا . وهم كما هو معروف عنهم أنهم لا يعترفون بالسنة ، وقد نقل أحد الكتاب دعاء كميل المزعوم هنا في الساحة المفتوحة ، فأحببت أن أجلي حقيقته ، وأبين سقوطه ، ولو رفعوا من قدره ، وعظموه ، وهذا البيان لأهل السنة بالدرجة الأولى لكي لا ينخدعوا بمثل هذه الأدعية المكذوبة والملفقة ، وبالدرجة الثانية نصحا لمن نقل الدعاء هنا ، وأن يتق الله في نفسه ، وأن لا يكتب إلا ما يرضي الله ، وليعلم أن أهل السنة لن يتركوه ينشر مثل هذه الخرافات والترهات
ولنقف مع دعاء كميل وقفة نقدية نبين فيه مدى بعده عن مشكاة النبوة ، وأنه لا يمت إلى آداب الدعاء التي ينبغي للمسلم أن يأخذها حال مناجته ودعائه لربه جل وعلا ، وغير ذلك من الوقفات ."
واستهل زقيل الكتاب بذكر المعلومات عن كميل فقال :
"الوقفة الأولى : من هو كميل الذي ينسب إليه الدعاء ؟؟؟
قال المزي في " تهذيب الكمال " (24/218) : كميل بن زياد بن نهيك بن الهيثم بن الحارث بن صهبان بن سعد بن مالك بن النخع النخعي الصهباني الكوفي . وقيل : كميل بن عبد الله ، وقيل : كميل بن عبد الرحمن .ا.هـ.
ثم نقل المزي كلام أهل الجرح والتعديل فيه فقال : ذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من أهل الكوفة ، قال : وشهد مع علي صفين ، وكان شريفا ، مطاعا في قومه ، فلما قدم الحجاج بن يوسف الكوفة دعا به فقتله ، وكان ثقة ، قليل الحديث . وقال يحيى بن معين : ثقة . وقال العجلي : كوفي تابعي ثقة . وقال محمد بن عمار : كميل بن زياد رافضي ، وهو ثقة من أصحاب علي .
قال بشار عواد محقق الكتاب تعليقا على عبارة " رافضي ، وهو ثقة " : كيف يكون الرافضي ثقة ؟!"
زقيل هنا يرفض وصف سنى مثل زقيل وهو المزى للرجل بكونه ثقة لأنه شيعى وهو رفض بلا مبرر
وقال محمد بن عمار في موضع آخر : كميل بن زياد من رؤساء الشيعة ، وكان بلاء من البلاء
وقال عنه أبو حاتم ابن حبان في كتاب المجروحين (2/225) : وهو الذي يقال له : كميل بن عبد الله ، من أصحاب علي عليه السلام ، روى عنه عبد الرحمن بن عابس ، والعباس بن ذريح ، وأهل الكوفة ، وكان كميل من المفرطين في علي ، ممن يروي عنه المعضلات ، وفيه المعجزات ، منكر الحديث جدا ، تتقى روايته ولا يحتج به .ا.هـ.
وقال بشار عواد في تحقيقه لتهذيب الكمال للمزي (24/222) : هو مشهور في كتب الشيعة معروف ، وفي نهج البلاغة المنسوب إلى علي رضي الله عنه الكثير مما نقل عنه
وقال عنه الحافظ ابن حجر في " التقريب " : ثقة رمي بالتشيع .
قال المزي عن روايته في " تهذيب الكمال " (24/222) : روى له النسائي في " اليوم والليلة " حديثا واحدا "
الغريب أن أهل السنة فى كتب الجرح والتعديل معظمهم إن لم يكن كلهم قالوا عنه أنه ثقة ومن ذلك:
"995 - كميل بن زياد النخعي روى عن عمر وعثمان وعلى وابى هريرة وابن مسعود روى عنه أبو اسحاق الهمداني وعبد الرحمن بن عابس وعبد الله بن يزيد الصهبانى والاعمش وعباس بن ذريح غير أنه يقول كميل بن عبد الرحمن سمعت ابى يقول ذلك، حدثنا عبد الرحمن قال ذكره ابى عن اسحاق بن منصور عن يحيى بن معين قال كميل بن زياد ثقة.كتاب الجرح والتعديل ج7 ص175 من مكتبة الاكسير الشاملة تأليف عبد الرحمن بن ابى حاتم محمد بن ادريس بن المنذر التميمي الحنظلي الرازي (المتوفى 327 هـ )"
وقالوا:
67 ... كُمَيْل بن زياد بن نهيك النخعي ... من الثانية ... س ... ثقة رمي بالتشيع " كتاب تسمية من تشيع أو رمى بالتشيع المؤلف : مشهور بن مرزوق بن محمد الحرازي."
كما قالوا:
"(1558) كميل بن زياد كوفى تابعي ثقة (1559) كنانة بن نعيم العدوى بصرى تابعي ثقة (1560) كنانة مولى صفية مدني تابعي ثقة (1561) كوبة بن سالم ثقة (0) كتاب معرفة الثقات للعجلى ج2ص239"
بالمنطق العددى واحد هو من اتهمهم بكونه منكر الحديث بينما حوالى العشرة قالوا عنه أنه ثقة ومن ثم لا يمكن أن يغالب الواحد التسعة
وبالمنطق السنى الرجل من رواة الكتب الستة ومن ثم لا يمكن أن يكون عندهم ليس بثقة خاصة مع تقديسهم لكتاب البخارى وكتاب مسلم
بالمنطق أن المخالف مرفوض فبناء عليه فأكثر من نصف تلك الكتاب بما فيها كتاب البخارى سيكون مرفوض عند السنة لأن عشرات إن لم يكن مئات من رواة تلك الكتاب متهمون بالتشيع
الغريب فى منطق زقيل وأمثاله أن أبو حنيفة صاحب المذهب الحنفى السنى واحد من المتهمين بالتشيع ومع هذا مذهبه سنى فكيف يقبل زقيل أن يكون رأس مذهب من المذاهب الأربعة شيعى
ثم ذكر زقيل نص الحديث المسمى دعاء كميل فقال:
"والحديث هو : عن كميل بن زياد ، عن أبي هريرة قال : كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في نخل لبعض أهل المدينة فقال : يا أبا هريرة ؛ هلك المكثرون إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا ثلاث مرات حثا بكفه عن يمينه وعن يساره وبين يديه وقليل ما هم ثم مشى ساعة فقال : يا أبا هريرة ؛ ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة ؟ فقلت : بلى يا رسول الله ، قال : قل : لا حول ولا قوة إلا بالله ، ولا ملجأ من الله إلا إليه ، ثم مشى ساعة فقال : يا أبا هريرة ؛ هل تدري ما حق الناس على الله وما حق الله على الناس ؟ قلت : الله ورسوله أعلم . قال : فإن حق الله على الناس أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا فإذا فعلوا ذلك فحق عليه أن لا يعذبهم
أخرجه الإمام أحمد (2/309) بهذا اللفظ ، والنسائي في " الكبرى " (10118) مختصرا .
وقد ذكر أثر عن علي بن أبي طالب :
عن كميل بن زياد قال : أخذ علي بن أبي طالب بيدي ، فأخرجني إلى ناحية الجبانة ، فلما أصحرنا جلس ثم تنفس ثم قال : يا كميل بن زياد القلوب أوعية فخيرها أوعاها ، احفظ عني ما أقول لك :
الناس ثلاثة : فعالم رباني ، ومتعلم على سبيل نجاة ، وهمج رعاع أتباع كل ناعق ، يميلون مع كل ريح ، لم يستضيئوا بنور العلم ، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق ، العلم خير من المال ، العلم يحرسك وأنت تحرس المال ، العلم يزكو بالإنفاق والمال تنقصه النفقة ، ومحبة العلم دين يدان به ، العلم يكسب العالم الطاعة في حياته وجميل الأحدوثة بعد وفاته ، وصنيعة المال تزول بزواله ، مات خزان الأموال وهم أحياء ، والعلماء باقون ما بقي الدهر ، أعيانهم مفقودة ، وأمثالهم في القلوب موجودة ؛ هاه هاه إن ههنا – وأشار بيده إلى صدره – علما لو أصبت له حملة ، بل أصبته لقنا غير مأمون عليه ، يستعمل آلة الدين للدنيا ، يستظهر بحجج الله على كتابه ، وبنعمه على عباده ، أو منقادا لأهل الحق لا بصيرة له في أحنائه ، ينقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة ، لا ذا ولا ذاك ، أو منهوما باللذات ، سلس القياد للشهوات ، أو مغرى بجمع الأموال والإدخار ، فهؤلاء ليسوا من دعاة الدين ، أقرب شبها بهم الأنعام السائبة ، كذلك يموت العلم بموت حامليه ، اللهم بلى ، لن تخلو الأرض من قائم لله بحججه ، لئلا تبطل حجج الله وبيناته ، أولئك هم الأقلون عددا ، الأعظمون عند الله قدرا ، بهم يدفع الله عن حججه حتى يؤدوها إلى نظرائهم ، ويزرعوها في قلوب أشباههم ، هجم بهم العلم على حقيقة الأمر، فاستلانوا ما استوعره المترفون ، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون ، صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمنظر الأعلى ، أولئك خلفاء الله في بلاده ، ودعاته إلى دينه ، هاه هاه شوقا إلى رؤيتهم ، وأستغفر الله لي ولك ، إذا شئت فقم ."
وبعد أن ذكر زقيل نصوص روايات الحديث أشار إلى من خرجه من أصحاب كتب الحديث فقال :
"أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (1/79-80) ، والخطيب البغدادي في " الفقيه والمتفقه (1/182 - 183 رقم 176) ، والمزي في " تهذيب الكمال " (24/220) ."
ونقل عن المحدثين والمتكلمين فى الجرح والتعديل أن الحديث ضعيف فقال :
"وقد حكم بضعفه محقق كتاب " الفقيه والمتفقه " (1/183) فقال : " إسناده ضعيف ؛ علته أبو حمزة الثمالي ، واسمه : ثابت بن أبي صفية . قال أحمد بن حنبل : " ضعيف الحديث ليس بشيء " . وضعفه أبو زرعة ، وابن معين ، وأبو حاتم ، والجوزقاني ، وقال ابن عدي : " ضعفه بين " . وفي الإسناد أيضا : عبد الرحمن بن جندب الفزاري ، قال في " لسان الميزان (3/408) : " مجهول " .ا.هـ.
وعلى الرغم من ضعفه فقد اهتم ابن القيم بشرح هذا الأثر في كتابه " مفتاح دار السعادة " (1/403) ، وابن رجب الحنبلي في رسالته " كشف الكربة في وصف حال أهل الغربة " .
فهذه ترجمة مختصرة عن كميل بن زياد من خلال كتب أهل السنة ، فهو ثقة عند أهل السنة إلا فيما يرويه عن علي بن أبي طالب كما صرح بذلك ابن حبان ، فتتقى روايته عنه ؛ والله أعلم "
الغريب فى كلام زقيل هو أن أهل الحديث السنة رفضوا صحة الحديث ليس بسبب كميل وإنما بسبب رجلين هما:
عبد الرحمن بن جندب الفزاري وأبو حمزة الثمالي ثابت بن أبي صفية
ومن ثم هذا ليس نقد لكميل وإنما هو نقد لغيره والمفترض أن أبين الضعف من ناحية كميل وليس من ناحية رجلين غيره
وتحدث زقيل عن منزلة الدعاء عند الشيعة مسميا إياهم الرافضة فقال:
"الوقفة الثانية : منزلة دعاء كميل عند الرافضة :
إن دعاء كميل بن زياد له منزلة عظيمة جدا عند الرافضة ، ويثنون عليه كثيرا ، بل شرحه بعضهم وكأنه يشرح حديثا من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم !!! وبعض القنوات المعاصرة مثل قناة المنار الرافضية تجعله افتتاحية لبرامجها ، وموجود أيضا في بعض المواقع على شكل ملفات صوتية .
ولمعرفة منزلته عندهم يقول القمي في " مفاتيح الجنان " : و هو من الدعوات المعروفة ، قال العلامة المجلسي : إنه أفضل الأدعية ، و هو دعاء خضر ، و قد علمه أمير المؤمنين كميلا ، و هو من خواص أصحابه و يدعى به في ليلة النصف من شعبان ، و ليلة الجمعة . و يجدي في كفاية شر الأعداء ، و في فتح باب الرزق ، و في غفران الذنوب . و قد رواه الشيخ و السيد كلاهما .ا.هـ.
وجاء دعاء كميل كما يزعم الرافضة في كتبهم بعدة روايات منها :
قال كميل بن زياد : كنت جالسا مع مولاي أمير المؤمنين في مسجد البصرة ، ومعه جماعة من أصحابه . فقال بعضهم : ما معنى قول الله عز و جل : " فيها يفرق كل أمر حكيم " ؟ قال : " ليلة النصف من شعبان ، و الذي نفس علي بيده إنه ما من عبد إلا و جميع ما يجري عليه من خير و شر مقسوم له في ليلة النصف من شعبان إلى آخر السنة في مثل تلك الليلة المقبلة ، و ما من عبد يحييها و يدعو بدعاء الخضر إلا أجيب ( له ) " . فلما انصرف طرقته ليلا . فقال : " ما جاء بك يا كميل " ؟ قلت : يا أمير المؤمنين دعاء الخضر . فقال : " اجلس يا كميل ، إذا حفظت هذا الدعاء فادع به كل ليلة جمعة ، أو في الشهر مرة ، أو في السنة مرة ، أو في عمرك مرة ، تكف و تنصر و ترزق ، و لن تعدم المغفرة ، يا كميل أوجب لك طول الصحبة لنا أن نجود لك بما سألت " . ثم قال : " أكتب : اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شي ء ... و ذكر الدعاء . إقبال الأعمال : 707 .
و روي أيضا أن كميل بن زياد النخعي رأى أمير المؤمنين ساجدا يدعو بهذا الدعاء في ليلة النصف من شعبان : اللهم إني أسألك برحمتك ... مصباح المتهجد : 844 ."
زقيل هنا يستعمل نفس عمل الكتاب الشيعة الذين يستخدمون لفظ الناصبة فى وصف أهل السنة عندما سماهم الرافضة وهو كلام لا يعتبر فى مجال النقد الصحيح فالناقد عليه أن ينتقد الأخطاء وليس الناس فالتسميات ليست وقفا على فريق
وتحدث عن نقد كتاب الشيعة لدعاء كميل فقال :
"الوقفة الثالثة : مراجع الرافضة يضعفون دعاء كميل :
وبعد الرجوع إلى كلام العلماء عندهم نجد أنهم يضعفون سند دعاء كميل ، والعجيب أنهم يستحسنوه بعقولهم ، وهذه طريقة معروفة عندهم ، وهم ليس لديهم ضوابط أو قواعد يسيرون عليها في الحكم على الأسانيد ، بل لا يثبت عندهم حديث صحيح السند إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما تحداهم بعض طلبة العلم .
وممن ذهب إلى عدم صحة سند دعاء كميل محمد حسين كاشف الغطاء فقد قال في " الفردوس الأعلى " ( ص 51 ) : إننا كثيرا ما نصحح الأسانيد بالمتون فلا يضر بهذا الدعاء الجليل ضعف سنده مع قوة متنه فقد دل على ذاته بذاته .ا.هـ.
سبحان الله !!! هل هذا كلام علمي يتمشى مع أصول التصحيح والتضعيف ؟؟؟ وكيف يدل على ذاته بذاته ؟؟؟ وهذا يعني أن أي دعاء استحسنه هؤلاء القوم جعلوه دينا – نسأل الله السلامة والعافية - .
وقال أيضا عبد الهادي الفضلي في " دروس في أصول فقه الإمامية " ( ص 258 ) : أمثال دعاء كميل فإن سنده غير ناهض بإثبات صحة صدوره عن المعصوم ، لكن الفقيه من خلال مقارنته أسلوب هذا الدعاء بما يعرفه من خصائص مميزة لأساليب أدعية أهل البيت يحصل له القطع بأنه صادر عنهم.ا.هـ.
فهذان نصان من مراجعهم لا يثبتان صحة دعاء كميل ، فكيف يتعبدون الله بدعاء يضعفه مراجعهم ؟!"
كما سبق القول إن السنة يستعملون نفس منطق الشيعة فاتهام القوم بأنهم يضعفون الحديث ومع هذا يستحسنون معناه موجود فى كتب السنة أنفسهم فى كل حديث يقولون عنه ضعيف ويقولون ولكن العمل عليه أو العمل جار عليهفقد ورد مثلا فى كتاب اتحاف القارىء بدرر البخارى العبارة التالية:
... وقال سيدي محمد بن عباد: ( إن قراءة الحزب جماعة من روائح الدين التي يتعين التمسك بها لذهاب حقائق الديانة في هذه الأزمنة، وإن كان بدعة فهو مما اختلف فيه، وغاية القول فيه الكراهة فصح العمل به على قول من يقول به) ج8 ص42
وفى كتاب تحفة الأحوذى ولاد القول التالى فى دعاء أيضا:
"وقال ابن العربي: هذا الحديث وإن كان فيه مجهول لكن يستحب العمل به لأنه دعاء بخير وصلة وتودد للجليس فالأولى العمل به."ج8ص18
وانتقد زقيل الدعاء فقال :
"الوقفة الرابعة : وقفات مع دعاء كميل نفسه :
كما يعلم الجميع أن الدعاء عبادة من العبادات ، ولذا جاء في القرآن والسنة ما يقرر هذا الأمر أيما تقرير ، ولست بصدد سرد النصوص في ذلك فهي واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار .
والذي أريد أن أقرره هنا أن دعاء كميل يخالف الآداب والقواعد التي ينبغي أن تراعى سواء حال الدعاء ، أو في ذات الدعاء نفسه فمن ذلك :
1 - الدعاء عبادة كما هو معلوم لدى الجميع ، والأصل في العبادات أنها توقيفية ، أي لا يجوز أن يشرع الإنسان عبادة من عند نفسه ، بل لا بد أن تكون ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولو أردنا أن نجري هذا الأصل على دعاء كميل لرددناه لسبب واحد وهو عدم ثبوت سنده كما قرر ذلك مراجع الرافضة أنفسهم ، وبناء عليه سقط الاستدلال به ."
بالقطع لا يوجد صيغة مقررة للأدعية ولذلك تعددت أدعية استغفار الرسل(ص) والمسلمين فى الكفار ومن ثم فالدعاء ليس عبادة توقيفية بمعنى لا يوجد نصوص محددة فيه وإنما الدعاء المباح هو ما لا يخرج عن أى حكم من أحكام الله
ثم قال :
2 – تحديد الوقت لذكره وهو ليلة النصف من شعبان ، وليلة الجمعة ، وهذا يحتاج إلى توقيف من المصطفى صلى الله عليه وسلم ، أو يصح سنده عن الصحابي ويكون له حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
3 – ما جاء في الدعاء من أن تفسير قوله تعالى : " فيها يفرق كل أمر حكيم " [ الدخان : 4 ] أن المقصود به ليلة النصف من شعبان ، وهو قول مردود ، بل المقصود ليلة القدر في رمضان ، وهذه بعض النقول لأهل العلم عند تفسير هذه الآية .
قال ابن جرير الطبري في " جامع البيان " عند تفسير الآية بعد نقله للأقوال : " وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال : ذلك ليلة القدر لما قد تقدم من بياننا عن أن المعني بقوله : { إنا أنزلناه في ليلة مباركة } ليلة القدر , والهاء في قوله : { فيها } من ذكر الليلة المباركة , وعني بقوله : { فيها يفرق كل أمر حكيم } في هذه الليلة المباركة يقضى ويفصل كل أمر أحكمه الله تعالى في تلك السنة إلى مثلها من السنة الأخرى , ووضع حكيم موضع محكم
وقال ابن كثير : " ومن قال إنها ليلة النصف من شعبان كما روي عن عكرمة فقد أبعد النجعة فإن نص القرآن أنها في رمضان . والحديث الذي رواه عبد الله بن صالح عن الليث عن عقيل عن الزهري أخبرني عثمان بن محمد بن المغيرة بن الأخنس قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان حتى إن الرجل لينكح ويولد له وقد أخرج اسمه في الموتى " فهو حديث مرسل ومثله لا يعارض به النصوص .ا.هـ.
وحكم الحافظ ابن رجب على حديث عثمان بن محمد بن المغيرة الذي أورده ابن كثير بالإرسال أيضا في " لطائف المعارف " ( ص 256 ) .
وقال القاضي أبو بكر بن العربي : وجمهور العلماء على أنها ليلة القدر . ومنهم من قال : إنها ليلة النصف من شعبان ; وهو باطل لأن الله تعالى قال في كتابه الصادق القاطع : " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن " فنص على أن ميقات نزوله رمضان , ثم عين من زمانه الليل هاهنا بقوله : " في ليلة مباركة " فمن زعم أنه في غيره فقد أعظم الفرية على الله , وليس في ليلة النصف من شعبان حديث يعول عليه لا في فضلها ولا في نسخ الآجال فيها فلا تلتفتوا إليها .ا.هـ.
وقال القرطبي : قلت : وقد ذكر حديث عائشة مطولا صاحب كتاب العروس , واختار أن الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم ليلة النصف من شعبان , وأنها تسمى ليلة البراءة . وقد ذكرنا قوله والرد عليه في غير هذا الموضع , وأن الصحيح إنما هي ليلة القدر على ما بيناه
وقال الشنقيطي في " أضواء البيان " (7/319) : وقد بين تعالى أن هذه الليلة المباركة هي ليلة القدر التي أنزل فيها القرآن من شهر رمضان في قوله تعالى : " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن "
فدعوى أنها ليلة النصف من شعبان كما روي عن عكرمة وغيره ، لا شك أنها دعوى باطلة لمخالفتها لنص القرآن الصريح . ولا شك كل ما خالف فهو باطل . والأحاديث التي يوردها البعض في أنها من شعبان المخالفة لصريح القرآن لا أساس لها ، ولا يصح سند شيء منها كما جزم به ابن العربي وغير واحد من المحققين . فالعجب كل العجب من مسلم يخالف نص القرآن بلا مستند كتاب ولا سنة صحيحة . "
وما سبق من النقد فى رقمى اثنين وثلاثة صحيح المعنى بغض النظر عن النقول
ثم قال :
3 – كما هو معلوم أن الأدعية الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم هي من جوامع كلمه صلوات الله وسلامه عليه ، ودعاء كميل المزعوم لا تجد فيه مسحة جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم لو فرضنا أن عليا نقله عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فما بالكم لو كان عن غير النبي صلى الله عليه وسلم وبهذا الطول ؟! .
لا شك أنه يرد ولو لم يكن في كلماته ما يستغرب أو يخالف آداب الدعاء ، ودعاء كميل على عكس ذلك ."
هذا كلام بلا دليل فلا محدد لما سماه زقيل الجوامع والكلام المنقول عن الرسول(ص) مختلف الأساليب ليس له أسلوب واحد حتى يمكن أن نقول هذا أسلوب النبى(ص) وإنما نعرف كونه صحيح المعنى من خلال عرضه على كتاب الله وموافقته له فإن لم يوافقه فلم يقله النبى(ص) ولا نطق به
ثم قال :
4 - يوجد الكثير في دعاء كميل من الاعتداء في الدعاء ، وخذ هذا الكلام على سبيل المثال لا على سبيل الحصر : يا مولاي...فكيف يبقى في العذاب ، وهو يرجو ما سلف من حلمك..؟! ام كيف تولمه النار، وهو يأمل فضلك ورحمتك ..؟! ام كيف يحرقه لهيبها ، وأنت تسمع صوته وترى مكانه..؟! أم كيف يشتمل عليه زفيرها ، وأنت تعلم ضعفة..؟! أم كيف يتقلقل بين اطباقها ، وانت تعلم صدقه..؟! أم كيف تزجرة زبانيتها ، وهو يناديك يا ربه ..؟! أم كيف يرجو فضلك في عتقه منها ، فتتركه فيها..؟! هيهات ...
والله قال في كتابه في التحذير من الاعتداء في الدعاء : " ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين "
و عن ابن لسعد أنه قال : سمعني أبي وأنا أقول : اللهم إني أسألك الجنة ، ونعيمها ، وبهجتها ، وكذا وكذا ، وأعوذ بك من النار ، وسلاسلها ، وأغلالها ، وكذا وكذا ، فقال : يا بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : سيكون قوم يعتدون في الدعاء فإياك أن تكون منهم إنك إن أعطيت الجنة أعطيتها وما فيها من الخير ، وإن أعذت من النار أعذت منها وما فيها من الشر .رواه أبوداود (1480) ، وابن ماجه (3864) ، وأحمد (1/171، 183) ، وقال الأرنؤوط في تخريجه للمسند (3/80) : حسن لغيره .
وصور الاعتداء في الدعاء كثيرة ليس هذا مجال ذكرها ، ولكن يكفي العبارة التي جاءت في دعاء كميل ."
ثم قال :
5 - وكذلك في دعاء كميل من السجع المتكلف ما يكون سببا من أسباب عدم استجابة الدعاء على فرض ثبوته عن علي بن أبي طالب .
عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : ... فانظر السجع من الدعاء فاجتنبه فإني عهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا يفعلون إلا ذلك يعني لا يفعلون إلا ذلك الاجتناب . رواه البخاري (6337) ."
بالقطع هذا الكلام لو استعملناه لوجب رد مئات الروايات مثل :
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ قَلْبٍ لاَ يَخْشَعُ، ومِنْ دُعَاءٍ لاَ يُسْمَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لاَ تَشْبَعُ، وَمِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَؤُلاَءِ الأَرْبَعِ
فهو طبقا للغويين سجع مما لا شك فيه
ومثل:
اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَن زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا
ثم قال :
6 - وكذلك لفظة : يا سيدي الواردة في الدعاء ، تكلم عليها أهل العلم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " الفتاوى " (1/207) : وقد كره مالك وابن أبي عمران من أصحاب أبي حنيفة وغيرهما أن يقول الداعي : يا سيدي يا سيدي ، وقالوا : قل كما قالت الأنبياء : رب رب .ا.هـ.
وقال أيضا في " الفتاوى " (10/285) : وأما السؤال فكثيرا ما يجيء باسم الرب كقول آدم وحواء : " ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين " وقول نوح : " رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم " وقول موسى : " رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي " وقول الخليل : " ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة " الآية وقوله مع إسماعيل : " ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم " وكذلك قول الذين قالوا : " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " ومثل هذا كثير
وقد نقل عن مالك أنه قال : أكره للرجل أن يقول في دعائه : يا سيدي يا سيدي يا حنان يا حنان ولكن يدعو بما دعت به الأنبياء ؛ ربنا ربنا نقله عنه العتبي في العتبية .ا.هـ.
وقال ابن رجب في جامع العلوم والحكم عند شرح الحديث العاشر (1/274) : وسئل مالك وسفيان عمن يقول في الدعاء : يا سيدي ، فقالا : يقول : يا رب زاد مالك : كما قالت الأنبياء "
كلمة السيد ليس فيها نص يحرم قولها لله بل هناك رواية تقول أن السيد هو الله وأقوال الفقهاء مبنية على غير نص وإلا كانوا ذكروه
اجمالي القراءات
1986