ف 7 : قضية الحيض بين الاسلام والدين الٍسُّنى : ( 3 ) المصحف والقرآن
ف 7 : قضية الحيض بين الاسلام والدين الٍسُّنى : ( 3 ) المصحف والقرآن
القسم الأول من الباب الثالث : عن تشريعات المرأة التعبدية بين الاسلام والدين السنى
كتاب ( تشريعات المرأة بين الاسلام والدين السنى الذكورى)
ف 7 : قضية الحيض بين الاسلام والدين الٍسُّنى : ( 3 ) المصحف والقرآن
طالما يستقذرون المرأة فى حيضها كان سهلاً بعدها تحريمهم عليها أن تلمس المصحف او أن تقرأ القرآن الكريم ( وهى حائض ) . نوع آخر من الخبل العقلى لأئمة الدين السنى . نناقشه هنا.
لمس المصحف وقراءة القرآن
أولا :
1 ـ تلاوة القرآن والاستماع إليه فريضة على كل مسلم ومسلمة ، ولا تستلزم وضوءاً ولا غسلاً ، وإنما تستلزم التدبر والإنصات والخشوع قال جل وعلا :
1 / 1 : (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ)فاطر: 29) ،
1 / 2 : (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) الأعراف: 204 ). ولم يرد فى هذا السياق شىء عن الحيض يمنع هذه الفريضة .
2 ـ ولا يمكن تحريم مسّ المصحف لأن كلمة المصحف ليست من مصطلحات القرآن ولم يعرفها المسلمون إلا عندما كتبوا نسخاً من القرآن ، جعلوها صحفا ، وجمعوها بين جلدتين ، وهنا ظهر المصحف ، والفقهاء أفتوا بأن الحائض ليس لها ان تلمس المصحف ، والجُنب أيضا لأن جهلهم سوّغ لهم أن قوله سبحانه وتعالى " لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ" الحاقة :79 ، يعني ان المصحف يحرم على غير الطاهر من البشر مسُّه ، ولأن الحائض ــ على الأقل ــ غير طاهرة فيحرم عليها (لمس) المصحف..
ثانيا :
للردّ عليهم نستعرض معنى اللمس ، ومعانى المسّ خلال القرآن الكريم
معنى ( اللمس )
أن تلمس سطح شىء لمسا ماديا . قال جل وعلا :
1 ـ ( وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ ) 7 ) الأنعام )
2 ـ ( وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا ) 8 ) الجن ).
معنى ( مسّ )
يخرج اللمس عن معناه هذا حين يتحول الى تلامس ، فيحمل معنى جنسيا ، قال جل وعلا : ( وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ ) 6 ) المائدة ). وهناك فارق بين ( لمس ) إمرأة و ( مسّها ) ، فقد تلمس إمرأة من محارمك ، أو تلمس أخرى لمسا بريئا ، أو غير برىء ، ولكن حين يتحول اللمس الى ( تلامس ) الذى يفيد تفاعلا مشتركا يكون بمعنى ( المسّ الجنسى ). هذا المسُّ يعنى شعورا فى النفس يتجاوز اللمس باليد ، مجاله فى ( القلب / الفؤاد / النفس ) بمشاعر مختلفة تمسُ الانسان من الداخل .
ويكون المسُّ فى الدنيا وفى الآخرة . وهذا تكرر كثيرا فى القرآن الكريم فى سياقات شتى ونطلب تمعّن معنى ( المسّ ) فيها :
المسُّ فى الدنيا :
( المسّ) بمعنى العلاقة الجنسية الكاملة ، : أمثلة :
1 ـ ( قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ)47 ) آل عمران ) ( قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ ) 20 ) مريم )
2 ـ ( لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً) ( 236 ) البقرة ) (وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً ) 237 ) البقرة ).
3 ـ ( وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ) ( 3 ) ( فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ( 4 ) المجادلة )
4 ـ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا ) 49 ) الاحزاب )
المسُّ بالخير فى الدنيا
( إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ ) 120 ) آل عمران )
مسُّ العذاب والضُّر فى الدنيا :
1 ـ ( قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لا مِسَاسَ ) 97 ) طه ). كان من عذاب السامرى أنه إذا لمسه شخص أصيب اللامس والممسوس بآلام شديدة ، لذا إبتعد عن الناس ، وكان يقول : ( لا مساس ). فالأمر يتخطى اللمس الظاهرى العادى الى عذاب وآلام .
2 ـ عن ناقة النبى صالح تحذيرا لقوم ثمود : ( وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ ) 64 ) هود ) ( الشعراء 156 ) ( الأعراف 73 )
3 ـ ابراهيم عليه السلام فى وعظه لأبيه : ( يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا ) 45 ) مريم )، وحين ( مسّه ) الكبر : ( قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَن مَّسَّنِيَ الْكِبَرُ ) 54 ) الحجر )
4 ـ أخوة يوسف : ( فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ ) 88 ) يوسف )
5 ـ القرية الظالمة تهدد الرسل الثلاثة : ( قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ) 18 ) يس ).
6 ـ أيوب عليه السلام :( وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ ) 83 ) الأنبياء )
7 ـ محمد عليه السلام :( وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ) 188 )الأعراف ) ( وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ ) 107 ) يونس )
8 ـ عن المؤمنين السابقين وعظا للصحابة : ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء )214 )البقرة )
9 ـ عن الصحابة المجاهدين : ( فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ ) 174) آل عمران ) ( إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ) 140 ) آل عمران ) ( وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ )14 ) النور )
10 ـ للبشر : ( وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ) 53 ) النحل ) ، ( وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ) 46 ) الأنبياء )
المسّ بالخير والضّر فى الدنيا
1 ـ عن الأمم السابقة التى أهلكها الله جل وعلا :( ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاء وَالسَّرَّاء ) 95 ) الاعراف )
2 ـ عن النبى محمد عليه السلام : ( وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) 17 ) الانعام )
موقف الانسان من المسّ بالخير والمسّ بالشّر والضّر
الانسان العاصى حين يمسُّه الضُّر يتضرع لله جل وعلا ، فإذا أنعم عليه وأنقذه من الضُّر ومسّته النعمة عاد الى عصيانه . قال جل وعلا :
1 ـ ( وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ ) 12 ) يونس )
2 ـ ( وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُم مَّكْرٌ فِي آيَاتِنَا ) 21 ) يونس )
3 ـ ( وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاء بَعْدَ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي ) 10 ) هود )
4 ـ ( وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ ) 67 ) الاسراء )
5 ـ ( وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَؤُوسًا ) 83 ) الاسراء )
6 ـ ( وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ) 33 ) الروم )
7 ـ ( وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ ُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادًا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ ) 8 ) الزمر )
8 ـ ( فَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ ) 49 ) الزمر )
9 ـ ( لا يَسْأَمُ الإِنسَانُ مِن دُعَاء الْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُوسٌ قَنُوطٌ ( 49 ) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ( 50 ) وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاء عَرِيضٍ ( 51 ) فصلت )
10 ـ ( إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ( 19 ) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا ( 20 ) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا ) المعارج )
مسُّ عذاب الآخرة
1 ـ ( يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ) 48 )القمر ). هنا ( ذوق العذاب ) حين يمتد من الجسد الى النفس .
2 ـ ( وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ ) 49 )الانعام )
( قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِّنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ) 48 ) هود )
عُصاة أهل الكتاب : ( وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَةً ) 80 ) البقرة )، ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ) 24 ) آل عمران ) ، ( لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) 73 ) المائدة )
تحذير للصحابة : ( وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ) 113 ) هود ) ( لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) 68 ) الانفال ) .
على العكس من ذلك فأصحاب الجنة لا يمسهم عذاب سوء ولا تعب أو نصب : ( وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ ) 61 ) الزمر)، ( لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ ) 48) الحجر )، ( الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ ) 35 ) فاطر )
المسّ الشيطانى
هو أبرز أنواع التأثر النفسى للبشر ، فالانسان ( جسد ونفس ) النفس هى التى تسيطر على جسدها ، والشيطان يوسوس للبشر جميعا حتى الأنبياء ، ولكن الذى يتقى يستعيذ بالله جل وعلا فينجو ، أما الذى لا يتقى فإن الشيطان يسيطر عل نفسه تماما ، يزين له الحق باطلا والباطل حقا . وهذا أفظع أنواع المس الشيطانى . ونستشهد بالقرآن الحكيم . قال جل وعلا :
1 ـ ( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ) 201 ) وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ ( 202 ) الاعراف ) . المتقون إذا مسّهم الشيطان تذكروا ربهم جل وعلا ، أما إخوان الشياطين فهم منغمسون فى الغىّ يسيرهم المسُّ الشيطانى .
2 : لذا يسمعون بالأذن المادية وينظرون بالعين المادية ولكن لا يصل الهدى الى قلوبهم / أنفسهم التى سيطر عليها المسّ الشيطانى : ( وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لاَ يَسْمَعُواْ وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ ) 198 ) الأعراف )
3 : المسّ الشيطانى أقام حاجزا غير مرئى يمنع وصول القرآن الكريم الى نفوسهم : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَن يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا ) 57 ) الكهف )، ( وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا ( 45) وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا (46 ) الاسراء ) . لاحظ قوله جل وعلا : ( وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ )، أى إذا ذكرت ربك ( وحده ) فى القرآن ( وحده ) هربوا .
4 : القائم بالمسّ الشيطانى هو القرين الشيطانى الذى يقترن بالنفس التى تعمى وتعشى عن نور القرآن الكريم . قال جل وعلا : ( وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ( 36 ) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ ( 37 ) الزخرف )
5 : هذا القرين الشيطانى يجعل قرينه الإنسى متبعا للوحى الشيطانى وفى عداء للأنبياء والوحى الالهى . قال جل وعلا : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ( 112 ) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ ( 113 ) أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً ( 114 ) الانعام ).
6 : هؤلاء يمسّهم الشيطان بالتخبُّط : ( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ) 275 ) البقرة )
7 : نجا من المسّ الشيطانى أيوب عليه السلام ، إستجار بربه جل وعلا ، فأنقذه ( وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ) 41 ) ص )
المسّ القرآنى
1 ـ لا يجتمع المسُّ القرآنى مع المسّ الشيطانى فى نفس واحدة . الذي يحتفظ بقلبه مليئا بتقديس الأحاديث الشيطانية لا يمكن أن تمسّه أنوار القرآن الكريم . لذا لا بد لمن يقرأ القرآن الكريم يطلب الهداية أن يستعيذ بالله جل وعلا : ( فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ) 98 ) . الآية بعدها ( إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ( 99 ) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ ( 100) النحل ). الشيطان يمسُّ بوسوسته الجميع حتى الأنبياء ، ولكن سلطانه على أوليائه الغارقين فى مسّه الشيطانى ، وأحاديثه الشيطانية . ومنهم أئمة الأديان الأرضية ، كهؤلاء الذين كتبوا هذا الرجس وجعلوه فقها وشريعة ودينا .
2 ـ يكفى أن نتدبر قوله جل وعلا عن القرآن الكريم الذى لا يمسُّ إلا القلوب الطاهرة من رجس الأحاديث الشيطانية : ( إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ( 77 ) فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ ( 78 ) لّا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ( 79 ) تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ ) 80 ) الواقعة ). تدبّر ما بعدها عن تكذيبهم لحديث الله جل وعلا فى القرآن الكريم وتكسبهم بهذا : ( أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنتُم مُّدْهِنُونَ ( 81 ) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ( 82 ).
أخيرا :
المرأة ذات القلب الطاهر يمسها القرآن بهدايته وإن حاضت برغم انف أولياء الشياطين .
اجمالي القراءات
2459