قراءة فى كتاب الطامة
قراءة فى كتاب الطامة (حال الناس يوم القيامة)
المؤلف عصام بن عبد العزيز العويد وقد استهل الكتاب بمقدمة خاطئة فهو يقارن بين الدنيا والآخرة على أساس أنها عدوتها فيقول أن الخسار للدنيا وصحة التعبير خسارة أهل الدنيا المتمسكين بمتاعها دون الآخرة وفى هذا قال :
"أما بعد:أبى الله إلا أن يكون الخسار لك أيتها الدنيا أبى الله أن لا تكملي بل بأنواع البلايا والأمراض تملئين، أبى الله إلا أن يزهد العباد فيك بكثرة موتى عباد الله، وبكثرة الأمراض، وبكثرة الأدواء، وكل ما ينقصك
أبي الله إلا أن تكوني محطة لازدياد الحسنات فحسب، وإلا أن تكوني كما قدرك (ص)كما في قوله عن أعمار أمته «أنها ما بين الستين إلى السبعين» الذي أخبر به (ص)"
الرواية لا تصح فالأعمار بيد الله ولو اتخذنا الحديث صحيحا فمعنى هذا أن من مات قبل الستين وبعد السبعين ليس مسلما وبذلك يخرج الكثير من الصحابة من قائمة المسلمين ويدخلوا جهنم ثم قال |:
"وإذا تأملت منذ أن خلق آدم إلى اليوم:
كم ألف سنة؟ واليوم الذي هو يوم القيامة كم هو من سنة؟ إنه خمسون ألف سنة، والعباد فيه وقوف، والعرق يتصبب منهم، والشمس منهم قريبة بل ورجعوا كما من بطون أمهاتهم قد خرجوا! يوم عظيم شره، يوم كبيرة كربه، بل وكثيرة كربه"
وتحدثا واصفا يوم القيامة بالرهيب فقال :
اليوم الرهيب:
يقول الله عز وجل: {إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا}يقول الله جل جلاله عن هذا اليوم، وقد كان المصطفى (ص)إذا تحدث عن هذا اليوم احمر وجهه واشتد غضبه وارتفع صوته وانتفخت أوداجه وكأنه منذر جيش (ص)يدخل على الناس يقول: «إن هذا الجيش مصبحكم أو ممسيكم»، من عظيم خوفه (ص)على أمته فلا يستغرب ممن تحدث عن هذا اليوم واقتدى برسول الله (ص)فرفع صوته واشتد غضبه واحمرت عيناه لأنه فعل النبي (ص)ولأن الأمر عظيم لا إله إلا الله لا إله إلا الله لا إله إلا الله"
قطعا هذا الأمر غير صحيح فتلك الانفعالات محرمة لأنها فى الغالب تؤدى إلى المرض كما أنها تتعارض مع أحاديث وجوب الرفق وتتناقض مع قوله تعالى :
"فقولا له قولا لينا " ثم قال شارحا أحداث ليوم العظيم:
"يقول الله عز وجل تبيانا لشر ذلك اليوم العظيم، يقول جل جلاله عن أولئك الذين أطعموا الطعام، يقول سبحانه وتعالى: {إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا}
أي يوم يا ترى غير الساعة؟! غير الطامة؟! غير الصاخة؟! غير القارعة؟! غير الواقعة؟
لا إله إلا الله أي يوم غير يوم القيامة غير يوم الدين؟ اللهم إنا نسألك الجنة، ويقول (ص)عن ذلك اليوم العظيم، الذي تكثر الكرب فيه، وتكثر الهموم، فيه (ص)يقول: «من فرج كربة عن مسلم من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة»
دليل على أنه يوم ملئ بالكرب مليء بالهموم، يوم مليء بالأهوال، ولذا قال جل جلاله: {هل أتاك حديث الغاشية} ولا يزال (ص)يقول - بأبي هو وأمي، وصلوات ربي وسلامه عليه المصطفى (ص)يتذكر اليوم العظيم، في ليلة يقرأ قول الله تعالى: {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم} ثم يبكي (ص) ويكررها ولا يزيد عليها"
والقول بكون القيامة يوم ملئ بالكرب مليء بالهموم هو مخالفة للقرآن فهو يوم سعيد للمؤمنين يوم آمن لهم كما قالل تعالى:
" وهم من فزع يومئذ آمنون" ثم حدثنا عن الخوف من يوم القيامة فقال:
"خوفه (ص)من يوم القيامة:
ها هو (ص)يأمر قارئا للقرآن يقرأ عليه فيقول الصحابي: أأقرأ عليك القرآن يا رسول الله، وعليك أنزل؟ فيقول (ص)«إني أحب أن أسمعه من غيري»، وإذ به يقرأ سورة النساء حتى يصل إلى قول الله سبحانه وتعالى، إلى قول الله جل جلاله: (الله أكبر من إعجاز القرآن! إنه يصور الموقف وكأنك تعايشه) الجنة كأنك تراها فتبكي، والنار فتبكي، والأمم وكأنك معهم، وهذا الوصف فكيف بالمشاهدة؟!!
يقرأ قول الله عز وجل: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} ، فقال (ص)للقارئ: «حسبك» أي يكفي قال فنظرت إلى رسول الله (ص)وإذ عيناه تذرفان بالدموع، لما تذكر وتصور الموقف وأنه يجاء لكل أمة بشهيد يشهد عليهم، ومحمد (ص)يجاء به يشهد علينا – نحن أمته (ص)"
وما استدل به العويد هنا لا يصلح فلم يذكر الحديث خوفا وكيف يخاف النبى(ص) وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟
ثم حدثنا عن النفخ فقال :
لا إله إلا الله لا إله إلا الله لا إله إلا الله ، إذا نفخ في الروح إذا نفخ في الصور، ولا إله إلا الله، نفخ في الأجساد الروح قال جل جلاله: {فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون} أين الأنساب؟ عباد الله قد ذهبوا الآن صور قد نفخ فيه، وأما العباد فمن الأجداث قد خرجوا، ومنه قد انسلوا إلى ربهم قد حشروا إلى القيامة"
ثم حدثنا عن علاقة زيارة القبور بيوم القيامة فقال:
"علاقة زيارة القبور بيوم القيامة:
ها هو المصطفى (ص)يقول: «زوروا القبور فإنها تذكركم بالآخرة» عباد الله، سنة رسول الله (ص)لنا زيارة القبور ألا فلتزوروها جميعا، ثم لتقف هذا الموقف الليلة
إذا رأيت القبر فانظر إلى نفسك عندما تدفن، ويندرس أثرك، وييتم أطفالك، وأما امرأتك فأصبحت أرملة، وأما أعمالك فقد توقفت إلا من ثلاثة، أموالك قسمت وسورع بجسدك أن يخرج من البيت لأنك عما قريب تصبح منتنا، وتركت الأهل والأصحاب، وأغلقت عليك غرفة وليتها غرفة إنما هي لحد مظلم، أين عملك الصالح حتى يتسع لك اللحد؟ أفمن عمل صالح حتى يضاء لك اللحد أفمن عمل صالح فيكون لك اللحد روضة من رياض الجنة؟
ولتتذكر قول الله عز وجل وأنت بين القبور تنظر إلى الملوك، وإلى الأغنياء والأثرياء، وإلى أهل المظاهر والزينة وإلى أهل الغفلات
وتأمل كيف أنهم قد قامت قيامتهم؛ وقد ورد في الأثر أنه (ص)يقول: «إذا مات ابن آدم قامت قيامته»، وأنت تتذكر بهذه الوقفة العجيبة قول الله عز وجل: {ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون} خرجوا من القبور: {القارعة ما القارعة وما أدراك ما القارعة يوم يكون الناس كالفراش المبثوث} "
قطعا زيارة القبور لا تذكر أحد بالآخرة سوى المسلم وهى ليست مطلوبة منه إلا فى حال سيره فى جنازة مسلم وأما زيارتها قصدا فلا
وطلب العويد من القارىء أن يتذكر يوم خروجه من القبر فقال :
"تذكر يوم تخرج من قبرك:
تذكر نفسك أيها المسكين عندما تخرج من القبور، وحيدا، طريدا، كما قال سبحانه وتعالى: {قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون} ثم خرجت يا عبد الله من القبر وانشقت عنك الأرض؛ وأول من تنشق عنه الهادي (ص)ثم نسيت الزوجة، ونسيت الأصحاب، والأحباب، {فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون} طرحت من قبرك، تنثر التراب عن جسدك، تحشر إلى ربك، تبعث وتنشر لا إله إلا الله لا إله إلا الله
أما الوجوه فيقول الله جل جلاله عنها: {يوم تبيض وجوه وتسود وجوه}
يا ترى أيكون وجهي ووجهك من الوجوه البيضاء، أم الوجوه السوداء!! اللهم بيض وجوهنا يا رب العالمين
{يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون}
{وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون} واللهم إنا نسألك رحمتك يا رب العالمين
ويقول سبحانه وتعالى: {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم} تذكر يوم أن تذهب الجبال {ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا } "
كما سبق القول المسلمون آمنون من كل تلك الكروب والهموم والفزعات كما قال سبحانه :
" وهم من فزع يؤمئذ آمنون"
وقال الله عنهم :
" فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون"
ثم حدثنا عن أهوال القيامة فقال :
"أهوال يوم القيامة:
أما السماء فتشققت وتبدلت {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار} {إذا السماء انشقت} {إذا السماء انفطرت وإذا الكواكب انتثرت} تنثر الكواكب والنجوم، تشقق السماء، تبدل الأرض
{وإذا البحار فجرت} تشتعل نيران {وإذا البحار سجرت} {يقول الإنسان يومئذ أين المفر كلا لا وزر إلى ربك يومئذ المستقر ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر} "
ثم حدثنا عن قرب الجزاء فقال :
"اقترب للناس حسابهم:
يا عبد الله، يقول الله سبحانه وتعالى عن ذلك اليوم وكم هي عظيمة غفلتنا وقلة ذكرنا لله عز وجل: {اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون} ويقول جل جلاله: {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد}تذهل المرضعة عن رضيعها فتتركه بعد أن كانت تهتم به في الدنيا، ووضعت الحامل حملها أهوال وشدائد، وشرور، وكروب، يا مفرج فرج عنا الشرور والكروب يا رب العالمين لا إله إلا الله
يقول سبحانه وتعالى عن أهل الموقف: {يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد} "
ثم حدثنا عن القيامة يوم عظيم شره كبير فقال :
يوم عظيم:
انظر إلى حالي وحالك، وأمي وأمك وكذا الزوجة والأصحاب، يقول سبحانه وتعالى: {فإذا جاءت الصاخة}
يوم عظيم، يوم شره كبير، أفر من أمي وتفر من أمك إي والله وزوجتي كذلك، إي والذي نفسي بيده وأبنائي كذلك إي والذي نفسي محمد بيده، إي والذي لا إله غيره ولا رب لنا سواه، ولا معبود بحق إلا هو، إي ومقلب القلوب لنفر من بعض {فإذا جاءت الصاخة يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شان يغنيه} يومئذ يوم القيامة {لكل امرئ منهم يومئذ شان يغنيه وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة} اللهم اجعلنا منهم ومعهم يا رب العالمين {ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة أولئك هم الكفرة الفجرة} اللهم لا تجعلنا منهم ولا معهم يا رب العالمين
يوم عظيم، يوم يكون الناس حفاة يوم يجتمع فيه الأولون والآخرون، يوم تغرب فيه الشمس، يوم يعظم فيه العرق، يوم فيه المداينة، وفيه الحساب، وفيه الميزان وفيه الصحف – إنها الصحف وما أدراك ما هي؟! – يوم أن تتطاير، فبيمينه آخذ، وبشماله آخذ، لا إله إلا الله، فرح مسرور قائل: {فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه فهو في عيشة راضية في جنة عالية} والآخر بشماله: {وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه يا ليتها كانت القاضية ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه} أسأل الله أن يجعلني وإياكم في الجنة العالية"
وكما سبق القول كل هذا الفزع والخوف هو من قبل الكفار وأما المسلمون فآمنون من كل هذا كما سبق القول "وهم من فزع يومئذ آمنون" صم حدثنا عن دك الأرض فقال :
يوم عظيم، يوم رهيب، يقول جل جلاله عنه: {كلا إذا دكت الأرض دكا دكا وجاء ربك والملك صفا صفا} يجيء الله مجيئا يليق بجلاله وعظيم سلطانه، في ذلك اليوم الذي قدره خمسون ألف سنة، عرش يحمله ثمانية، يقول (ص)«أذن لي أن أتحدث عن ملك من حملة العرش ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبع مائة عام» ملك واحد، وتجيء والله الملائكة: {وجاء ربك والملك صفا صفا} تأتي الملائكة صفوفا، صفا صفا، وليس هذا فحسب {وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى} يوم القيامة"
والحديث لا يصح لأن المسافة لا تقاس بزمن وإنما بمقاييس المكان لاختلاف سرعات المشى والركوب كركوب جمل أو حصان وغيرها ثم قال:
قال (ص)«يؤتى بجنهم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها» شهيق وزفير، حر وعطش رهيب"
والخطأ فى الحديث وجود 70 ألف ملك فى النار وهو يخالف أنهم 19 ملك فقط مصداق لقوله تعالى "عليها تسعة عشر وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة ".
ثم قال :
وكذا روي أن جهنم أحمي عليها ألف سنة حتى احمرت وأحمي عليها ألف سنة حتى ابيضت ثم أحمي عليها ألف ثالثة حتى اسودت فهي سوداء مظلمة» أسأل الله أن يعيذنا وإياكم من شرها، يا رب العالمين، ولا إله إلا الله"
والخطأ هنا إنطفاء النار بعد ثلاثة آلاف عام واسودادها وهو يخالف أن النار موقدة باستمرار وفى هذا قال تعالى "نار الله الموقدة ".
ثم قال :
{وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى} كل شيء يتذكر، تذكر اليوم يا غافل، واعتبر باليوم قبل أن يقال: {يقول يا ليتني قدمت لحياتي} عن أي شيء تتذكر؟ يا ترى عن ماذا يقول هل في البناء تمنى، أم في الكنوز تمنى، أم في كثرة الزوجات والأبناء، أم في المراكز والقصور؟! كلا {يقول يا ليتني قدمت لحياتي فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي}، أسأل الله لي ولكم الجنة"
وتحدث عن عين اليقين فقال :
"هو عين اليقين:
يقول سبحانه وتعالى: {ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر} أي: أن كل من في القبور زائر وليس مخلدا إنما هو زائر ليوم القيامة والبعث والنشور، {كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون كلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم}
ثم والله لنراها: {ثم لترونها عين اليقين ثم لتسألن يومئذ عن النعيم} لا إله إلا الله: {إذا زلزلت الأرض زلزالها} قبل شهور في زلزال تركيا ملايين ذهبت، ومئات، بل الألوف ماتت، وما كان نطاقه إلا مائة كيلو في مئتين، فكيف والله سبحانه وتعالى يقول عن ألأرض بأكملها: {إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها وقال الإنسان ما لها يومئذ تحدث أخبارها} والله إن الأرض ستتحدث فاستحيوا من الله، ولا تقترفوا عليها إلا كل ما يرضي الله"
وتحدث عن ضمة القبر فقال :
تذكر ضمة القبر:
وإن «هذه الأرض لها ضمة لو نجا منها أحد لنجا سعد»قال أهل العلم: والجمع بين ضمتها للكافر وضمتها للصالح هو ما يأتي: أن ضمتها للكافر ضمة عذاب تختلف منها الأضلاع،
تدخل بعضها في بعض، أما ضمة الأرض للصالح فهي كضمة الحبيب لحبيبه، فبما أن الصالح فوقها يعبد الله، يقيم شرع الله، ويدين بدين الله، فكانت فرحة به مسرورة وهو على ظهرها، كيف إذا جاء بطنها؟! كيف إذا جاء في داخلها؟! تضمه كما تضم الأم ابنها حبا لها وفرحا به"
والخطأ وجود ضمة أو عذاب أو فتنة أى ضغطة فى القبر الأرضى وهو يخالف أن الجنة والنار فى البرزخ موجودتين فى السماء مصداق لقوله تعالى "وفى السماء رزقكم وما توعدون "فالموعود هو الجنة مصداق لقوله تعالى "وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات "والموعود النار مصداق لقوله "وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم " .
ثم قال :
"أسأل الله عز وجل أن يجعلنا منهم: {يومئذ تحدث أخبارها} كيف تحدثت؟ {بأن ربك أوحى لها يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره}
يا رب! أمتي:
وثبت في الصحيحين أن أبا هريرة قال: كان النبي (ص)تقدم له الذراع، وكانت الذراع تعجبه من اللحم (ص)نهس منها نهسة: «أنا سيد الناس يوم القيامة أتدرون مما ذاك؟» ثم يجيب على نفسه (ص)يقول: «يجمع الله الأولين والآخرين، وتقرب الشمس من الخلائق»ولا إله إلا الله، يعظم الهم ويكثر الغم، فيأتي الناس يريدون الشفاعة من آدم فيقول أهل الموقف الأولون والآخرون وقد جيء بجهنم والنار والدخان وزاد الحر والشهيق والزفير لجهنم والشمس قريبة قدر ميل فمنهم من وصل عرقه ساقيه، ومنهم من حقويه، ومنهم غرق في العرق، فقال: عق عق، ومنهم سبعون ذراعا في الأرض
كل حسب ذنوبه يطلبون من آدم - عليه السلام - الشفاعة لفصل القضاء، للخروج مما هم فيه، فيقولون: «يا آدم أنت أبو البشر، أسجد الله لك ملائكته، وخلفك بيده، ونفخ فيك من روحه، ألا ترى حالنا وما بلغنا من الهم والغم؟! فيقول: لست هناكم، لست بصاحبكم، إني عصيت ربي وأكلت من الشجرة، اذهبوا إلى نوح
فيأتي الناس إلى نوح ويطلبون منه الشفاعة، يا نوح! أنت أول رسل الله، ألا ترى إلى حالنا، وما بلغنا من الهم والغم؟! فيقول: لست بهناكم لست بصاحبكم، إن ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله
الله أكبر حال عجيبة غريبة تذكر أن الله تعالى أهلك أقوام من قبل هود وقوم نوح وقوم لوط وغضبه يوم القيامة لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، يقول نوح اذهبوا إلى غيري، أني دعوت على قومي دعوة فاستجاب الله لي اذهبوا إلى إبراهيم فيأتي الناس إبراهيم ويطلبون منه الشفاعة فيرفض ويقول ما قاله الأنبياء من قبل ويزيد أني كذبت ثلاث كذبات، اذهبوا لموسى فيأتون إلى موسى ويطلبون منه فيجيبهم ما أجاب الأولون ويزيد أني قتلت نفسا بغير حق، اذهبوا لعيسى فيذهبون إلى عيسى ويقولون له مثل ما قالوا، فيقول: لست بهناكم لست بصاحبكم اذهبوا لمحمد (ص)
يقول (ص)فيأتون ويقولون: أيا محمد أنت خاتم الأنبياء، ألا ترى إلى حالنا وما بلغنا؟! فيقول (ص)أنا لها أنا لها، فآتى تحت العرش فأخر ساجدا، ثم يفتح الله علي بمحامد لا أعلمها الآن، ويقول سبحانه وتعالى: سل تعط، واشفع تشفع، فأرفع رأسي ثم أقول: رب أمتي، فيقول الله تعالى: يا محمد أدخل من أمتك الجنة من لا حساب عليهم ولا عذاب من الباب الأيمن من الجنة، وهم في باقي الأبواب سواء»
جعلنا الله وإياكم من أهل الباب الأيمن يا رب العالمين فإذا أحيى الله الناس يوم القيامة قاموا عجلين ينظرون ماذا يراد بهم؟"
والحديث به أخطاء كثيرة منها :
والخطأ الأول
اغتمام المسلمين يوم القيامة وهذا يخالف أنهم آمنون من الغم والحزن وهو الفزع مصداق لقوله بسورة النمل "وهم من فزع يومئذ آمنون"
والثانى كون محد سيد الناس وهو ما يخالف أن الأخرة ليس فيها سيادة وإنما عبودية كما قال تعالى:
" إن كل من فى السموات والأرض إلا آتى الرحمن عبدا"
والمسلمون اخوان كما قال تعالى"
أخوانا على سرر متقابلين"
ثم عاد للحديث عن النفخ مرة أخرى فقال :
"النفخ في الصور:
قال الله عز وجل: {ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون} فيقول الكفار: {يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا}
فيقال لهم: {هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون} ويقال لهم: {هذا يوم الدين} ويقال لهم: {هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون} ثم يؤمر بحشر الناس إلى موقف الجزاء والحساب، وهو الساهرة الذي قال الله تعالى فيه: {فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة} قال مجاهد – -: الساهرة المكان المستوي، ويكون المحشر بأرض الشام
عن ابن عباس قال: «من شك أن المحشر بالشام فليقرأ هذه الآية {هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر} قال لهم رسول الله (ص)يومئذ «اخرجوا» قالوا: إلى أين؟ قال: «إلى أرض المحشر» [رواه البزار]
قال وهب بن منبه لما قرأ قوله تعالى: {فإذا هم بالساهرة} وهو يومئذ ببيت المقدس قال: ها هنا الساهرة ببيت المقدس"
والحديث لا يصح فالشام لا تكفى كل هذا البشر كما أن التناقض بين الكل الشام والجزء بيت المقدس لا يفيد ثم تحدث عن حال الناس مكررا الكلام السابق فقال :
"حال الناس عند الحشر:
ومن الناس من يحشر راكبا، ومنهم من يحشر ماشيا، ومنهم من يحشر على وجهه إلى أرض المحشر بالشام، عن حكيم بن معاوية عن أبيه قال: قال رسول الله (ص)«تحشرون ها هنا وأومأ بيده إلى أرض الشام مشاة وركبانا وعلى وجوهكم» [رواه النسائي وأحمد وقال ابن حجر في الفتح: إسناده قوي]
وقال تعالى: {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا}
[مريم: 85] قال ابن عباس: ركبانا، {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا} قال: عطاشا
وقال تعالى: {ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما ماواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا}
[الإسراء: 97]
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص)«يحشر الناس على ثلاثة طرائق راغبين وراهبين: اثنان على بعير، وثلاثة على بعير،وأربعة على بعير، وعشرة على بعير، وتحشر بقيتهم النار، تقيل معهم حيث قالوا، وتبيت معهم حيث باتوا، وتصبح معهم حيث أصبحوا، وتمسي معهم حيث أمسوا»
الخطأ فى الرواية مجىء الناس مع البعر وهو ما يناقض مجيئهم فرادى كما قال تعالى :
" ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة" ثم قال مناقضا الحديث السابق بالركوب أنهم الناس يجيئون مشاة حفاة فقال :
"وقال تعالى: {ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما}
والكافر يحشر إلى موقف الحشر والحساب خاشع البصر كما قال الله تعالى: {خشعا أبصارهم}، سريعا في مشيه كما قال تعالى: {مهطعين} يعني: مسرعين، رافعا رأسه كما قال تعالى: {مقنعي رءوسهم} «ويحشر الناس يوم القيامة حفاة من غير حذاء، عراة من غير لباس، غرلا من غير ختان، الرجال والنساء على حد سواء لا يلتفت بعضهم إلى بعض لشدة هول ذلك اليوم، عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله (ص)يقول: «يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا» قلت: يا رسول الله النساء والرجال جميعا ينظر بعضهم إلى بعض، قال (ص)«يا عائشة الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض» [أخرجه البخاري ومسلم]"
ثم قال عن الشمس والناس :
"حال الناس حين تدنو الشمس:
فتقرب الشمس من رءوسهم قدر ميل فتشخص الأبصار ويعرق الناس، فمنهم من يبلغ العرق إلى كعبين، ومنهم من يبلغ العرق إلى حقويه، ومنهم من يبلغ إلى ترقوته، ومنهم من يلجمه العرق إلجاما
عن المقداد بن الأسود قال: سمعت رسول الله (ص)يقول: «تدني الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم قدر ميل»
قال سليم بن عامر: فوالله ما أدري ما عني بالميل، مسافة الأرض، أم الميل الذي تكتحل به العين، قال: «فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق، فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يلجمه إلجاما» قال: وأومأ رسول الله إلى فيه [رواه مسلم]"
والخطأ وجود الناس كفار ومسلمين فى الرشح لأنصاف الآذان يوم القيامة ويخالف هذا أن المسلمون آمنون من الفزع مصداق لقوله تعالى "وهم من فزع يومئذ آمنون "كما أن الشمس غير موجودة فى القيامة لتبديل السموات والأرض بغيرهم كما أن الإنسان لو صفى كل ما فى جسمه من ماء لن يبلغ ركبتيه إطلاقا فكيف يبلغ العرق أنصاف الآذان
ثم تحدث عن مانعى الزكاة فقال :
حال مانعي الزكاة:
"ثم يقف الناس خمسين ألف سنة لا يجلسون فيها ولا يضطجعون ولا يأكلون ولا يشربون، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص)«ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي منها زكاتها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر تنطحه بقرونها وتطؤه بخفافها، كل ما نفدت عليه أخراها عادت عليه أولاها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضي بين العباد ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار» [رواه مسلم] وهو اليوم الذي يقف فيه العباد
وعنه أن رسول الله (ص)قال: «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها زكاتها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فيكوى بها جبينه وجنبه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضي بين العباد ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار» [رواه مسلم]"
والخطأ هو أن الإبل والبقر تضرب صاحبها غير المزكى يوم القيامة ويخالف هذا أن وسائل التعذيب فى يوم القيامة هى الضريع والحميم والكى بالذهب والفضة ومقامع الحديد ولم يذكر الله إبلا ولا بقرا كما أن الإنسان يأتى وحده ليس معه أحد فى يوم القيامة وفى ذلك قال تعالى "ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم"
ثم تحدث عن لجوء أهل المحشر للأنبياء(ص) فقال :
لجوء أهل المحشر للأنبياء:
فإذا وقف الناس خمسين ألف سنة رغبوا إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في الشفاعة لهم عند الله في المجيء لفصل القضاء بين العباد وصرف أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار، فكلما أتوا نبيا من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في الشفاعة لهم يقول: لست لها لست لها، حتى إذا أتوا نبينا محمدا (ص)يقول: «أنا لها أنا لها»
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (ص)«إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم إلى بعض فيأتون آدم فيقولون: له اشفع لذريتك، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بإبراهيم - عليه السلام - فإنه خليل الله، فيأتون إبراهيم فيقول: لست لها، ولكن عليكم بموسى - عليه السلام - فإنه كليم الله، فيؤتى فيقول: لست لها، ولكن عليكم بعيسى - عليه السلام - فإنه روح الله وكلمته، فيؤتى عيسى فيقول: لست لها، ولكن عليكم بمحمد (ص)فأوتي فأقول: أنا لها»[رواه البخاري ومسلم]فيسجد النبي (ص)تحت العرش سجدة واحدة لا يرفع فيها رأسه حتى يأتيه الإذن بالشفاعة، فيقال: يا محمد ارفع رأسك واشفع تشفع وسل تعطه
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (ص)«فأنطلق فأستأذن على ربي فيؤذن لي، فأقوم بين يديه فأحمده بمحامد لا أقدر عليها الآن يلهمنيه الله، ثم أخر له ساجدا، فيقال: يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعطه، واشفع تشفع» [رواه البخاري ومسلم]
لأن الشفاعة لا تقبل إلا بشرطين:
الأول: الإذن للشافع، قال تعالى: {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه}
الثاني: الرضا عن المشفوع له، قال تعالى: {ولا يشفعون إلا لمن ارتضى} والله لا يرضى إلا عن الموحدين
عن أبي هريرة قال: قلت: يا رسول الله: من أحق الناس بشفاعتك، قال: «من قال لا إله إلا الله مخلصا من قلبه» [رواه البخاري]، وهذه الشفاعة هي الشفاعة الكبرى التي خص بها نبينا (ص)عن سائر الأنبياء وغيرهم
بعدها يجيء الله عز وجل لفصل القضاء بين عباده، قال تعالى: {وجاء ربك والملك صفا صفا} فيجيء مجيئا يليق بجلاله ليس كمجيء المخلوق، قال تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} "
وكل ما سبق من احاديث لا يصح لأن الشفاعة وهى الشهادة على أهل العصر تكون من كل الرسل(ص) ومنهم من دعاهم أى عبدهم القوم كعيسى(ص) وعزرا كما قال تعالى :
"ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم لا يعلمون"
وتحدث عن عرض الكتب فقال :
"حال الناس حين عرض الكتب:
فيجيء بالكتب التي كتبت فيها أعمال العباد ويجيء بالرسل والشهداء، وتستشهد الجوارح، حتى يقر كل عامل بعمله، قال تعالى: {وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون}
فيقرر الله عباده بأعمالهم عن طريق الكتب التي سجلت فيها أعمالهم، {هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون} "ثم قال :
حال الناس حين الشهادة عليهم:
ثم يشهد الشهود من الملائكة الرقيب والعتيد، قال تعالى: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} والكرام الكاتبين قال تعالى: {كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون} ، وشهادة الأعضاء قال تعالى: {اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون} وغيرها حتى يقر كل عامل بعمله، ثم يعطي الله عز وجل كل إنسان كتابه بنفسه ليقرأه، والذي لا يعرف القراءة يعلمه الله إياها
قال تعالى: {وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرا كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا}
فيقرأ الإنسان كتابه قراءة يعرف جميع ما فيه، فيجد ذنوبه ومعاصيه وغدراته وفجراته، فيخاف من عذاب الله خوفا شديدا قال تعالى: {ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها} " ثم قال :
"حساب لا يفرط في شيء:
ثم بعد معرفة الإنسان لحسناته وسيئاته عن طريق الكتب التي سجلها عليه الكرام الكاتبون والرقيب والعتيد من الملائكة الذين قال الله فيهم: {كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون} وقال تعالى: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد}" ثم تحدث عن شهادة أعضاء الإنسان عليه فقال:
"شهادة أعضاء الإنسان عليه:
فإذا عرف الإنسان أعماله عن طريق الكتب التي سجلت فيها أعماله وشهادة الملائكة عليه يبدأ الجدل مع الله عز وجل وصدق الله يوم قال: {وكان الإنسان أكثر شيء جدلا}، فيقول: أي ربي أنت العدل، وعدتني بأن لا تظلمني، فلا أقبل اليوم شاهدا إلا من نفسي، فيختم الله على فمه فتشهد عليه جوارحه كل جارحة بما عمل بها، قال تعالى: {اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون} العين تشهد بما رأت والأذن بما سمعت، واليد بما بطشت، والرجل بما خطت، واللسان بما تكلم، والجلد بما لمس، والفرج بما اقترف
قال تعالى: {حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء}فإذا عرف أعماله عن طريق شهادة جوارحه عليه تحول إلى الجدل مع جوارحه، فيقول كما قال الله عز وجل: {وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا}، فيعتذر إليه جلده بأن الله هو الذي أنطقه وأنه لم يشهد وحده بل شهدت معه جميع الأعضاء فيقول كما قال عنه: {قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء}، بعدها يقول الإنسان لجوارحه وأعضائه: بعدا لكن وسحقا، عنكن كنت أناضل"
وتحدث عن عدم الاستتار عن الله بالكفر فقال :
"لن تستتر بمعصيتك عن ربك:
والإنسان يستطيع أن يستتر بمعصيته عن كل مخلوق، إلا عن أعضائه لا يمكنه الاستتار
قال الله تعالى: {وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين}
فإذا خلا الإنسان بمعصيته عن المخلوقين فأغلق الأبواب ووضع الحجاب وأرخى الأستار وأطفأ الأنوار رآه اللطيف الخبير الغفار، قال تعالى: {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير}
وقال تعالى: {ألم يعلم بأن الله يرى} وقال تعالى: {أيحسب أن لم يره أحد}
فإذا قرر العباد بأعمالهم عن طريق الكتب وشهادة الشهود من الملائكة والجوارح نصب الله عز وجل الميزان ووزن به أعمال العباد، قال تعالى: {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين}"
ثم تحدث عن حال الناس بعد التقرير بالأعمال فقال:
"حال الناس بعد التقرير بالأعمال:
أما من رجحت حسناته على سيئاته أخذ كتابه بيمينه وقال كما قال الله تعالى عنه: {فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه}فإذا أخذ كتابه بيمينه فرح فرحا شديدا لأنه نجح فيه فهو (ناجح في التوحيد، ناجح في الإيمان، ناجح في الصلاة، ناجح في الزكاة، ناجح في الصيام، ناجح في الحج، ناجح في السمع لأنه لم يسمع به إلا ما أحل الله، ناجح في طاعة الله وطاعة رسوله (ص)بعدها ينادي مناد يسمعه كل من في المحشر باسم ذلك الإنسان واسم أبيه اللذين كان يعرف بهما في الدنيا رجلا كان أو امرأة فيقال: لقد سعد فلان بن فلان سعادة لا يشقى بعدها أبدا، وإن كانت امرأة يقال: لقد سعدت فلانة بنت فلان سعادة لا تشقى بعدها أبدا
ثم ينصرف إلى حوض النبي (ص)الذي قال الله فيه: {إنا أعطيناك الكوثر}والذي قال فيه النبي (ص)«بأن عرضه شهر وطول شهر أوانيه كعدد نجوم السماء، وماؤه أبيض من اللبن، وأحلى من العسل، من شرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبدا»"
ولا وجود للحوض المذكور والخطأ هو وجود حوض واحد للنبى (ص) ويخالف هذا أن كل مسلم له حوضان أى عينان وفى هذا قال تعالى "ولمن خاف مقام ربه جنتان فبأى آلاء ربكما تكذبان ذواتا أفنان فبأى آلاء ربكما تكذبان فيهما عينان تجريان"
ثم تحدص عن الجسر وهو الصراط المزعوم فقال :
"الظلمة التي تكون على الجسر:
فإذا وصل الظلمة التي على الجسر أضاء له إيمانه فمشى في تلك الظلمة، قال الله تعالى: {يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم}
ونور كل مؤمن على قدر عمله، ثم يمر على الجسر بقدر عمله إلى الجنة، لأن الجنة بعد النار، والنار قبلها وليس للجنة طريق إلا عن طريق الجسر الذي نصب على وسط النار، أدق من الشعرة، وأحد من السيف، وأروغ من الثعلب
عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله (ص)يقول: «يعطون نورهم على قدر أعمالهم، فمنهم من يعطي نوره على إبهام قدمه يضيء مرة وينطفئ مرة فإذا أضاء قدم قدمه وإذا انطفأ قام، قال: فيمرون على الصراط كحد السيف، دحض مزلة، فيقال لهم: امضوا على قدر نوركم، فمنهم من يمر كانقضاض الكوكب، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كالطرف، ومنهم من يمر كشد الرحال، يرمل رملا فيمرون على قدر أعمالهم حتى يمر الذي نوره على إبهام قدمه تخر يد وتعلق يد، وتخر رجل وتعلق رجل، وتصيب جوانبه النار، قال: فيخلصون فإذاخلصوا قالوا: الحمد لله الذي نجانا منك بعد أن أرناك، لقد أعطانا الله ما لم يعط أحدا» [رواه الحاكم والبيهقي مطولا]
حال الناس على الصراط:
يمر عليه المؤمن والكافر، فينجي الله المؤمن ويهلك الكافر والعاصي، قال تعالى: {وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا} قال ابن القيم :
وينصب ذاك الجسر من فوق متنها فهاو ومخدوش وناج مسلم
وعن أبي هريرة وحذيفة قال: قال رسول الله (ص)«يجمع الله تبارك وتعالى الناس وترسل الأمانة والرحم، فتقومان على جنبتي الصراط يمينا وشمالا، فيمر أولكم كالبرق، ثم كمر الريح، ثم كمر الطير، وشد الرحل، تجري بهم أعمالهم، ونبيكم قائم على الصراط يقول: ربي سلم سلم، حتى تعجز أعمال العباد، حتى يجيء الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفا، وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة بأخذ من أمرت به، فمخدوش ناج، ومكدوس في النار» [رواه مسلم]
فإذا اجتاز المؤمن الصراط دخل الجنة، فيجعل الله طوله ستين ذراعا، وعرضه سبعة أذرع، ولونه أبيض، وعينيه مكحلة، وشعره مجعدا، ويجعل له لباسا وكراسي وفرشا ووسائد وخياما وغرفا وطعاما وشرابا وزوجات وخدما ويحرم عليه الموت فلا يموت، والمرض فلا يمرض، والهرم فلا يهرم، والحزن فلا يحزن، ويحرم عليه البول والغائط والنوم وكل أذى وقذى"
وكل أحاديث الصراط وهو الجسر تخالف كتاب الله فى عدم وجوده حيث دخول النار يكون من أبوابها وكذلك الجنة وليس قفزا من فوق الجسر والخطأ المشترك هو وجود الجسر وهو الصراط على النار وهو يخالف أن دخول النار يكون من الأبواب مصداق لقوله تعالى "وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها " .
ثم تحدث عن الحسنات والسيئات فقال:
"أما الذي ترجح سيئاته على حسناته فيأخذ كتابه بشماله، ويقول كما قال الله عنه: {وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه يا ليتها كانت القاضية ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه}، يقول: {يا ليتني لم أوت كتابيه}، لا يرد الكتاب لأنه راسب فيه، فهو راسب في التوحيد، راسب في الإيمان، راسب في الصلاة، راسب في الزكاة، راسب في الصوم، راسب في الحج، راسب في السمع لأنه سمع به ما حرم الله من الغيبة والنميمة والكذب والسب والشتم والغناء، راسب في النظر لأنه نظر به فيما حرم الله من النساء، سواء في الطرقات أو الأسواق أو الشاشات أو غيرها، راسب في اللسان لأنه تكلم به فيما حرم الله عز وجل من الغيبة والنميمة والسب والشتم والكذب والغناء وغير ذلك
فلا يريد الكتاب ولا معرفة النتيجة لرسوبه، يقول: {يا ليتني لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه يا ليتها كانت القاضية} ثم يتحسر على ماله وسلطانه اللذين طالما شغلاه عن طاعة الله وطاعة رسوله (ص)فيقول: {ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه}، بعدها ينادي مناد سمعه كل من في المحشر باسم هذا الإنسان واسم أبيه رجلا كان أو امرأة اللذين كان يعرف بهما في الدنيا، فيقول: لقد شقي فلان بن فلان شقاوة لا يسعد بعدها أبدا، فيصرف عن حوض النبي (ص)"
قطعا لا ينادى باسم أب لأن الأنساب تنتهى يوم القيامة كما قال تعالى:
" فلا أنساب بهم يومئذ ولا يتساءلون" ثم قال:
"ثم يمشي في الظلمة بدون نور، قال تعالى: {يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم }
ثم يجثو في النار قال تعالى: {ونذر الظالمين فيها جثيا} ثم يجعل ضرسه مثل جبل أحد ومقعده في النار مثل ما بين مكة والأحساء، ثم يسجن في النار فراشه من نار، ولحافه من نار، ولباسه من نار، وطعامه من نار، وشرابه من نار كلما أكلته النار خلقه الله من جديد لتأكله النار، قال تعالى: {كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب} وهذه حياتهم "
والمفترض فيما ألف الكتاب أن يذكر الأحداث حسب القرآن وليس حسب الروايات التى معظمها مخالف للقرآن
اجمالي القراءات
2687