نسخ ما فات وقت تدمير الموقع:
من الأكثر رُعبا : الفرعون المستبد أم الشعب الخانع المستضعف ؟

آحمد صبحي منصور Ýí 2021-09-26



من الأكثر رُعبا : الفرعون المستبد أم الشعب الخانع المستضعف ؟


أحمد صبحى منصور
 
الحوار المتمدن-العدد: 6804 - 2021 / 2 / 2 - 22:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

مقدمة :
1 ـ ( س ) قتل ( ص ) . أهل ( ص ) يحملون ثأرا . ( س ) عليه تُار . ( س ) يسير خائفا يترقب ، ينام في أحضان الكوابيس . هذا عن شخص واحد قتل شخصا واحدا . فماذا عمّن قتل وعذّب وظلم عشرات الملايين !؟
2 ـ المستبد يحتكر القوة والسُّلطة والسلاح ، وحوله الجيش والأمن والمخابرات والقضاة والنيابة والاعلام والصحابة وجيوش من البلطجية . ومع هذا فهو خائف . يرتعب من كلمة نقد تبغى الإصلاح ، يسجن قائلها ، وإذا كان القائل يعيش في الخارج يسجن أقاربه . يرتعب من كلمة النقد لأنها قد توقظ الشعب الخانع الخاضع . المستبد يرتعب أيضا من كبار الملأ المحيطين به ، خشية أن يتآمروا عليه . المستبد لا يثق في أحد . وفى تاريخ المستبدين هناك من قتل إبنه وأخاه وأقرب الناس اليه .
3 ـ لأن المستبد يسيطر عليه شيطانه فلا بد أن يرتكز المستبد على دين أرضى ، لا بدله من كهنوت يركبه أو أن يكون هو نفسه الكهنوت والإله الذى يرهبه ويعبده شعبه وقومه . إذا كان كهنوت الدين الأرضى السائد عدوا له فهو يؤسس دينا جديدا ، كما فعلت الشيوعية وهى في السُّلطة، إعتبرت الدين الأرضى أفيون الشعوب، وفرضت الإلحاد الشيوعى دينا بديلا .
4 ـ يظل فرعون موسى اصدق مثل لنفسية المستبد ، ونعرض له هنا في ناحية الخوف . فرعون موسى كان أكثر خوفا من موسى ، هذا مع أن موسى أكثر رسول في القصص القرآنى يتكرر وصفه بالخوف بسبب الإرهاب الفرعونى . ماذا عن فرعون المذعور ؟
أولا : دين فرعون
1 ـ كان هو الاله الأكبر في دينه ، وبه تأسّست رهبته وسيطرته ، وبمقياس التمسك بهذا الدين كانت نظرته الى الولاء السياسى له . سبب وحشيته في ذبح الأطفال الذكور من بنى إسرائيل إنه كان يتشكّك في إيمانهم به وحده إلاها ، إذا كانوا يتوارثون عبادة الله جل وعلا ، فهم أحفاد يعقوب ( إسرائيل ) بن إسحاق بن إبراهيم . وطالما لا يؤمنون بالفرعون إلاها وحده فولاؤهم له مشكوك فيه ، لذا تطرّف في عقابهم ليستأصل نسلهم .
2 ـ جاءته دعوة موسى تحديا للدين الفرعونى أرعب الفرعون :
2 / 1 : في أول لقائه بموسى هدّده بالسجن لو إتّخذ إلاها غيره : ( قَالَ لَئِنْ اتَّخَذْتَ إِلَهَاً غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنْ الْمَسْجُونِينَ (29) الشعراء ).
2 / 2 : ثم إشتدت سطوته على بنى إسرائيل بعد مجىء موسى ، وقد قال له الملأ : ( وَقَالَ الْمَلأ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ ) ردّ عليهم : ( قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِ نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ (127) الاعراف ). وشكى بنو إسرائيل لموسى فأوصاهم بالصبر والاستعانة بالرحمن جل وعلا : ( قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128)) وردُّوا عليه:( قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا ) وردّ عليهم: ( قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129)الأعراف ) . وتحقّق ما توقّعه موسى عليه السلام .
2 / 3 ـ ثم نقرأ : ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ (26) غافر ) . الغريب هنا أن فرعون الذى يأتمر قومه بأمره ويتخذونه الإله الأعلى ـ يطلب منهم أن يدعوه يقتل موسى ، فهل يحتاج الى إذن منهم ؟!. والسبب الأغرب إنه ( يخاف ) أن ( يبدّل دينهم )، وهذا يعنى من وجهة نظره أن يضيع ( الاستقرار ) ويسود في أرض مصر ( الفساد ). تبديل الدين الفرعونى يعنى الفساد لدى فرعون ، وأيضا لدى قوم فرعون ، نتذكر قولهم لفرعونهم : ( أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ ).
4 ـ ومع هذا فبسبب خوفه لم يجرؤ على قتل موسى .!!
خوف فرعون دفعه للتطرف الدينى بزعم أنه الاله الوحيد والرب الأعلى
1 ـ فرعون كانت له آلهة يعبدها، ولكنه زايد على آلهته تلك بأن أعلن نفسه الرب الأعلى ( النازعات 24 ) ، وطلب من هارون أن يبنى له صرحا لكى يطّلع الى إله موسى لأنه لا يعلم لهم إلاها غيره ( القصص 38 غافر 36 : 37).
2 ـ ودفعه خوفه بعد مجىء موسى الى أن يعقد مؤتمرات يحشر فيها قومه ، يعزّز فيها :
2 / 1 : دعوته الى أنه الإله الوحيد لهم : ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلأ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنْ الْكَاذِبِينَ (38) القصص )، ( فَحَشَرَ فَنَادَى (23) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمْ الأَعْلَى (24) النازعات )
2 / 2 ـ دعوته أنه وحده الذى يملك مصر وأنهارها التي تجرى من تحته أي تحت سلطانه : ( وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ (51) الزخرف ) . قال هذا مستخفّا بعقولهم ، وأطاعوه لأنه بالنسبة لهم دين واجب الطاعة : ( فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ (54) الزخرف ) .
خوف فرعون عندما آمن السحرة .
1 ـ السحرة لم يكونوا قوة عسكرية يخاف منها الفرعون ، فهو الذى أمر بحشرهم وإحضارهم اليه في موعد محدد ومكان ، وأطاعوا ، وجىء بهم فلم يكونوا يملكون ترف الرفض ، بل طلبوا منه أجرا ووعدهم بأن يكونوا من الملأ المقربين له . إنقلب الحال حين أعلن السحرة جميعا ـ وأمامه ـ إيمانهم : ( وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (122) الأعراف ) . لم يكن الأمر مجرد إحراج علنى لهيبة الفرعون ، بل كانت كلماتهم تحديا علنيا لقدسيته وألوهيته ، وعبّر فرعون عن رؤيته لألوهيته حين قال لهم : ( قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ) أي يتصور نفسه مالكا لقلوبهم ، فلا تؤمن بغيره إلا باذنه .
2 ـ وقال : ( إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (123) الأعراف ). خوفه الذى بلغ الهوس جعله يتصور أن السحرة قد تآمروا مع موسى ضده ، وتوعّدهم بأبشع عقاب : ( لأقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لأصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (124) الأعراف ). كل هذا بسبب كلمات قالوها أرعبت الفرعون ..!!
3 ـ وأتهمهم أيضا بأن موسى هو الذى علمهم السحر، وهو يعلم إنه إتهام كاذب : ( قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمْ الَّذِي عَلَّمَكُمْ السِّحْرَ) (71) طه ) .( قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمْ الَّذِي عَلَّمَكُمْ السِّحْرَ) (49) الشعراء) . هذا يذكّرنا باتهامات الفرعون المصرى الحالي : ( الإنضمام الى جماعة محظورة )..!! هو أيضا أنها اتهامات كاذبة.
4 ـ والملأ المترفون لفرعون مصر الحالي يعتبرون أنفسهم ( الأسياد ) وأن مصر هي أرضهم وملكية خاصّة لهم ، ومن يجرؤ على إنتقادهم إنما يريد إخراجهم من أرضهم . وهذا ما عبّر الملأ من قوم فرعون موسى ، إذ إعتبروا دعوة موسى تعنى تدمير مُلكهم : ( قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى (57) طه ). فكيف لدعوة سلمية تريد خروج بنى إسرائيل من مصر تعنى إخراج فرعون وقومه من مصر ؟ هو الخوف الذى تملّكهم .!
فرعون الذى قهر بنى اسرائيل كان الخوف يقهره :
1 ـ ( وَقَالَ الْمَلأ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِ نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ (127) الأعراف ). هكذا بكل بساطه أعلن إنه وقومه فوقهم قاهرون .
2 ـ وعظا للملأ المُترف المسيطر على مصر الآن يظن أنه (قاهر للمصرين ) نقول إن وصف ( القاهر ) لا يكون إلا لرب العزة جل وعلا ، فهو جل وعلا :
2 / 1 : ( وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (18) الانعام )
2 / 2 : ( وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ) (61) الانعام) .
3 ـ والله جل وعلا هو ( وحده ) ( الواحد القهّار ). قال جل وعلا :
3 / 1 : ( قُلْ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16) الرعد )
3 / 2 : ( وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (65) ص )
3 / 3 : ( سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (4) الزمر )
3 / 3 : وسيرى أكابر المجرمين هذا يوم القيامة . قال جل وعلا :
3 / 4 : ( يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) إبراهيم )
3 / 5 : ( يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنْ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16) غافر ) . وليعتبروا بمصير فرعون موسى وقومه ، فهو عبرة لمن يخشى .
4 ـ وهذا الفرعون الذى وصف نفسه بالقاهر قهره خوفه ، بحيث أنه إستدعى كل قواته وقومه وكل أتباعه ليطارد بهم ( شرذمة قليلة ) تهرب من سطوته . قال جل وعلا : ( فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53) إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (56) الشعراء ). إذا كانوا حسب قوله شرذمة قليلة فلماذا يخاف منهم الى هذا الحدّ ؟ ولماذا لا يتركهم يهربون منه ؟ ويكفيه أنه معه جنده وقومه وسطوته وسيطرته ؟ التفسير الوحيد إنهم كانوا يمثّلون له كابوسا مخيفا ، كان في الحقيقة ـ لا يطارد موسى وهارون وبنى إسرائيل ، كان يطارد خوفا تمكن من قلبه رُعبا . هذا الخوف المُرعب كان يغيظه .!! ( وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55)).!
5 ـ لم يكن الفرعون يخاف من الشعب المصرى الخانع الخاضع الذى يعمل في الحقول ( في الجنات ) حول النيل وفى الصحراء حيث العيون . ترك فرعون المذعور كل هذا وهو يطارد هواجسه . وبغرقه وسائر قومه وجنده أصبحت مصر بجناتها وعيونها بلا مالك يملكها ، فعاد بنو إسرائيل وتملّكوها الى حين . قال جل وعلا : ( فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (57) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (58) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (59) الشعراء ).
لمحات سريعة عن الفراعنة بعد فرعون موسى
1 ـ سار على دينه الخلفاء الفاسقون في فتوحاتهم . كانوا يستأصلون الجيوش التي تدافع عن أوطانها ، وتأسر ذريتهم ونساءهم ، ويستبقون الفلاحين والحرفيين والقائمين بالإدارة والحسابات .
2 ـ والويل للفلاحين إذا تبرموا. العسكر المملوكى تفنّن في تعذيب الفلاحين المصريين إذا تكاسلوا في عملهم ، والإشارات قليلة عن التعذيب الذى كانه يوقعه بالفلاحين ( الكاشف ) أي ما يعنى الآن ( المحافظ للإقليم ). ومنه أن يأمر برمى الفلاح من فوق نخلة ليسقط فوق خازوق مُعدُّ لاستقباله . وربما كان السلطان المملوكى قايتباى أشهرهم في الورع ، كانت له أوراد ويقوم الليل ، كما يذكر المؤرخ القاضي ابن الصيرفى في تاريخه ( إنباء الهصر بأبناء العصر ) . مع هذه ( التقوى ) فقد سجن قايتباى جمعا من الفلاحين ممن ( إنكسر عليهم مال للسلطان) على حد قول ابن الصيرفى ، أي عجزوا ن دفع الضرائب والرشاوى التى يفرضها عليهم أعوان السلطان . وقد جاءوا للقاهرة متشجعين بما يُشاع عن قايتباى من ورع فاشتكوا له ، فأمر بسجنهم وبسلخ أربعة منهم بحضور الباقين فسُلخوا ، وأرسلوا إلى البلاد فاشهروا بها ( ليرتدع بها أمثالهم )، على حد ابن الصيرفي الذى يعلق على هذه المأساة قائلاً عن السلطان " فنصره الله نصراً عزيزاً". أى يدعو له بالنصر ..!!
خوف الفراعنة من كلمة نقد
1 ـ إرتكب الأمويون جرائم كبرى مثل مقتل الحسين وآله وانتهاك البيت الحرام وقتل أهل المدينة، وإحتاجوا لتبرير دينى في تسويغ جرائمهم ، لذا أشاعوا أن الله جلّ وعلا شاء أن يقتل الحسين وآله في كربلاء وأن مشيئته جل وعلا أقتضت أن تنتهك حرمة البيت الحرام والمدينة المنورة، وأن الاعتراض على ذلك اعتراض على مشيئة الرحمن وخروج على إرادته ، وأنه لا شيئ يخرج عن قدر الله ومشيئته، وأنّ من أنكر ذلك فقد كفر واستحق القتل. وكان (الأوزاعي ) عالم الشام هو أكبر بوق للدعاية الأموية في هذا الشأن . وعارض ( معبد الجهني ) فأعلن شعار ( لا قدر والأمر أنف ) أي لا دخل للقدر الالهى في جرائم الأمويين ، وأن تلك الجرائم تجري بالإكراه رغم أنوف المسلمين ، أي "والأمر أنف" . وانضم ( معبد الجهنى ) الى ثورة محمد بن الأشعث على الحجاج بن يوسف والأمويين ، وانهزم ابن الأشعث ، وسجن الحجاج (معبد الجهنى ) وكان يتلذذ بتعذيبه والسخرية منه ، فقد جئ للحجاج بمعبد مقيداً فقال له : ( يا معبد كيف ترى قسم الله لك ) ؟ أي يذكره الحجاج بأن إرادة الله قسمت لمعبد أن يكون أسيراً للحجاج ، فقال له معبد (: يا حجاج خلِّ بيني وبين قسم الله فإن لم يكن لي قسم إلا هذا رضيت به ) ، أى أن إرادة الله لا دخل لها بسجنه وأن الحجاج لو تركه حراً فلن يضع نفسه بمحض اختياره في السجن ، فقال له الحجاج (يا معبد أليس قيدك بقضاء الله ؟) فقال له : ( يا حجاج ما رأيت أحداً قيدني غيرك ، فأطلق قيدي فإن أدخله قضاء الله رضيت به ).وأمر الحجاج بالاستمرار في تعذيبه حتى مات بعد سنة 80 هـ .
2 ـ ثم ظهر غيلان الدمشقى بنفس الدعوة ، واستجاب له الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز ، وقد عرض عمر بن عبد العزيز للبيع في المزاد ما صادره الأمويون من أموال الناس ومتاعهم ، وأوكل إلى غيلان أن يبيعها لصالح بيت المال ، فوقف غيلان في سوق دمشق يبيع حوائج الأمويين قائلاً : ( تعالوا إلى متاع الخونة، تعالوا إلى متاع الظلمة، تعالوا إلى متاع ما خلف الرسول في أمته بغير سنته وسيرته . ) . ورأى الأمير هشام بن عبدالملك ذلك فنذر إن تولى الخلافة ليقطعن يدي غيلان ورجليه . وتولى هشام الخلافة فهرب غيلان الى أرمينيا يدعو للثورة على هشام ، فقبض عليه أعوان الأمويين وجئ به إلى هشام فقال لغيلان : ( زعمت أن ما في الدنيا ليس هو عطاء من الله لنا ؟ )، فقال له غيلان : ( أعوذ بجلال الله أن يأتمن خواناً أو أن يستخلف الخلفاء من خلقه فجاراً ).! فسجنه هشام ، وجعل الأوزاعى يناقشه ، وأفحم غيلان الأوزاعى ، فأفتى الأوزاعى بقتله ، وأمر هشام بقطع يدى غيلان ورجليه ،وظل غيلان حياً ، فتوافد عليه الناس ، فاستمر يعظهم ويهاجم الأمويين ، فأمر هشام بقطع لسانه ، فأرسل إليه من يقطع لسانه فقيل له : ( أخرج لسانك )، فقال : ( لا أُعين على نفسي ).! . فكسروا فكيه واستخرجوا لسانه ليقطعوه فمات . !!
3 ـ أبو حنيفة كان عدوا للأمويين وقد ضربوه وهرب منهم الى مكة ، ثم قامت الدولة العباسية فأصبح مقرّبا من أبى جعفر المنصور. ولكن أبا حنيفة لم يؤمن بالأحاديث التي يشيعها فقهاء السلطان مثل الأوزاعى فقيه السلطان الذى علا نجمه في العصر الجديد ، وكان الى جانب أبى جعفر المنصور فقهاء آخرين يفترون له أحاديث ، يعارضها أبو حنيفة وينكر إسنادها للنبى محمد عليه السلام . ثم استمرت معارضة أبى حنيفة لآبى جعفر ، ثم لاحظ أبو جعفر المنصور أن بعض القادة بدأ يقتنع بأبى حنيفة فقتله أبو جعفر بالسُّم عام 150 هجرية . أبو جعفر المنصور أول من زعم الكهنوت السياسى ، وأنه سلطان الله ( جل وعلا ) في أرضه .
أخيرا :
1 ـ ليس هناك جديد في كوكب المحمديين حتى الآن : مستبد مذعور يخاف حتى من كلمة نقد ، مع إنه يحتكر السلطة والسلاح والجيش والشرطة والمخابرات والقضاء والنيابة والإعلام والبلطجية .
2 ـ يموتون كل يوم خوفا ورُعبا ، ثم لا مهرب من الموت ، وسيأتون يوم القيامة يحملون أوزارهم على ظهورهم . قال جل وعلا : ( قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (31) الانعام ) .!!
ودائما : صدق الله العظيم .!!

اجمالي القراءات 2720

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5118
اجمالي القراءات : 56,905,042
تعليقات له : 5,451
تعليقات عليه : 14,828
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي