حوار لم تنشره ( ساسة بوست )، لذا ننشره هنا :
آحمد صبحي منصور
Ýí
2018-12-22
حوار لم تنشره ( ساسة بوست ) . لذا ننشره هنا .!
أجرت الحوار : ناهد زكى
حوار المفكر الإسلامي أحمد صبحي منصور حول العنصرية ضد المسيحيين في مصر
في الآونة الأخيرة اتخذ التعصب الديني ضد المسيحيين محنى خطيرًا، قد قرأت الأبحاث الخاصة بسيادتكم، وما تناولته من موضوعاتٍ شائكة، أهمها كان العنصرية واضطهاد الأقباط المصريين عبر التاريخ، وهو موضوع التقرير الخاص الذي أعكف على كتابته، وقد أبهرني ما جاء في كتابتكم من فكرٍ منفتح ومستنير قلما نجده؛ وفي السطور التالية الأسئلة الخاصة بالتقرير:
( س 1 )
هل تعتقد أن العنصرية الدينية الحالية ضد المسيحيين والتي يشهدها المجتمع المصري لها جذورًا تاريخية تمتد إلى عهد اضطهادهم خلال سنوات حكم الخلافات الإسلامية المتعاقبة؟
إضطهاد المصريين الأقباط فى العصر الأموى كان باعثه عنصريا ، فالأمويون تعصبوا للعرب ضد المصريين ( الأقباط ) وضد (الموالى ) فى العراق وضد ( الأنباط ) فى الشام وضد الأمازيغ ( البربر ) فى شمال أفريقيا . ووصل إحتقار الأمويين لغير العرب الى حد حرمان أفضل ابناء عبد الملك بن مروان من تولى العهد ، وهو مسلمة ابن عبد الملك لأن أمه كانت جارية بيزنطية . وعوقب أحد الموالى فى العراق فى ولاية الحجاج بن يوسف لأنه تزوج إمرأة عربية وتم التفريق بينهما . وكان الشاعر العربى الأخطل نصرانيا ، ولم تمنعه نصرانيته من أن يكون شاعرا مفضلا عند الأمويين ، وكان يدخل على الخليفة الأموى بالصليب على صدره . فرض الأمويون الجزية على أهل البلاد المحتلة ( المفتوحة ) ، وإذا أسلم أحدهم كانوا يجبرونه على دفع الجزية. اسقط هذا الخليفة عمر ابن عبد العزيز فى حكمه القصير ، قتله أهله بالسُّم وعادت الأمور الى نفس التعصب ونفس الظلم .
جاء العباسيون بتعصب جديد ، ليس عرقيا بل دينيا . أى إضطهدوا غير (المسلمين ) إضطهدوا الأقباط ليس لأنهم مصريون ولكن لأنهم مسيحيون ، وضموا الى المضطهدين بقية أهل الكتاب. ولذا إتخذوا موقفا ضد بيوت العبادة لأهل الكتاب لم يكن معروفا فى الدولة الأموية . وبربط الاضطهاد بالدين وصياغة أحاديث تعززه إستمرّ مرتبطا بالدين الأرضى العباسى الذى حمل إسم ( السُنّة ) .
عبد الناصر كان اشبه بالأمويين فى ثقافته القومية ( العروبية )، جاء السادات فتحالف مع السعودية والاخوان المسلمين وبعث التعصب الدينى من مرقده ، وأعاد سطوة الكهنوت الدينى من خلال الأزهر فدخلت مصر فى نفق التعصب الدينى ضد الأقباط المصريين . ولم يكن هذا صعبا فقد إنتشر التعليم الأزهرى خلال عصر السادات ووصل الى عُمق الريف المصرى ، ينشر الفساد الدينى والذى تأسس عليه المصريون ( المسلمون ) خلال نصف قرن ، وعاد الأقباط الى الاحتماء بالكنيسة وكهنوتها . وأصبح التلاعب بحياة الأقباط وكنائسهم لعبة سياسية تستهدف الداخل والخارج .
(س 2 ) هل يمكنك توضيح بعض التأثيرات ذات الجذور التاريخية والتي شكلت النظرة العنصرية ضد أقباط مصر في الثقافة الشعبية؟.
أى إحتلال أجنبى لا بد أن يتبع سياسة التفرقة بين ابناء الوطن الواحد. وأى مستبد لا بد أن يفعل ذلك ، وفرعون موسى إضطهد الأقلية الاسرائيلية ( المصرية ) والتى وصفها رب العزة جل وعلا بأنهم طائفة من أهل مصر ، أى مصريون قال جل وعلا : (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴿٤﴾ القصص).
قريش وصفها رب العزة جل وعلا بأنها تسير على داب فرعون ( آل عمران 11، الأنفال 52 ، 54 ). والخلفاء (الفاسقون ) من أبى بكر وعمر وعثمان وعلى ومن بعدهم هم الذين شوّهوا الاسلام ونشروا الكفر بالاسلام بجريمة الغزو والاحتلال . ومنشور لنا فى موقع أهل القرآن مقال بهذا العنوان ، وأيضا كتاب ( المسكوت عنه من تاريخ الخلفاء الراشدين ) ومقالات أخرى عن الصلاة الشيطانية للخلفاء الفاسقين وهم يقومون بالغزو الباغى مستحلين ما حرم الله جل وعلا ، بل مستخدمين إسم الله ودينه فى هذا البغى والاعتداء الحربى على من لم يقم بالاعتداء عليهم. الخلفاء الفاسقون فى غزوهم قتلوا مئات الألوف من الأبطال المدافعين عن أوطانهم وسلبوا أموالهم وسبوا وإغتصبوا بناتهم ونساءهم وإسترقوا ذراريهم ، وفرضوا على الباقين الجزية والخراج ، ونظروا بالاحتقار لأبناء الأمم المفتوحة ، كل هذا البغى والفجور باسم الاسلام دين السلام .
وبنفس النظرة الاستعلائية تعامل العرب مع المصريين ، وتعامل من أسلم مع الأقباط المصريين . وهو نفس ما فعله الأتراك العثمانيون مع المصريين وغيرهم. أورث هذا حقدا تجذّر بين المصريين المسلمين والمصريين الأقباط . أظهرت بعض الأمثال الشعبية هذا . ( المسلمون ) المصريون يقولون فى أمثالهم : (اللى فيكى فيكى يا كنيسة )، والأقباط إذا قيل لأحدهم ( تسلم إيدك ) بمعنى (سلمت يدك ) يقول : اقطعها ، بمعنى إذا اسلمت يده يقطعها .
( 3 ) ـ ذكر المقريزي ما تعرض له أقباط مصر من اضطهاد في عهد الخليفة الحاكم بأمر الله، وقد سبق وقرأت ما ذكرته في كتاباتك الخاصة من إجبارهم على ارتداء ثيابًا سوداء قاتمة، وحمل صلبانًا ثقيلة حول أعناقهم، حدثني عن بعض الأثار الباقية في الثقافة الشعبية تجاه هذا الإضطهاد، مثلًا وليس حصرًا، مناداتهم: «عضمة زرقا».
الخليفة المتوكل العباسى هو أول من سنّ إضطهاد أهل الكتاب وربطه بالدين السنى وعمّمه فى الولايات ومنها مصر ، وهو ايضا الذى جعل السُّنة الدين الرسمى للدولة وبعث دعاتها الى الآفاق كما يذكر ابن الجوزى فى تاريخ المنتظم . بعده كان الاضطهاد يخفت أو يشتد فى مصر وهى المشهورة بتسامحها بإعتبارها بيئة زراعية .
ولكن الخطير فى الموضوع هو ربط هذا الاضطهاد بالدين السنى وبأحاديث مصنوعة تجعله فريضة دينية ، وبالتالى كانت مسوغا للمسلم العادى أن يضطهد أهل الكتاب لو أراد . وكانت تلك هى البيئة السّامة التى تولدت فيها الكراهية المتبادلة بين الجانبين .
الأقباط صبروا وتحملوا لأنهم يعجزون عن المقاومة ورفعوا شعار ( الصبر حرق الدكان ) و ( إصبر على الجار السوء حتى يموت أو تاخذه داهية ) ، ولكن يقرنون هذا السكون والسكوت بكراهية هائلة للاسلام والمسلمين ، ولا نلومهم فلم يعرفوا من الاسلام سوى الدين السُنّى وتعصبه. وحتى فى الدولة الفاطمية الشيعية وتقربها الى الأقباط ــ الى حد دخول كثيرين منهم فى التشيع ـ فإن الخليفة الفاطمى الحاكم بأمر الله أدمن إضطهاد الأقباط ضمن جرائم أخرى ، وقد نسيها المسلمون المصريون ، وأزعم أن الأقباط لم ينسوها لأن رهبانهم هربوا من الحاكم الفاطمى الى الصحراء وأقاموا أديرة فيها اصبحت دليلا دائما على حمق الحاكم بأمر الله الفاطمى.
المتعصبون ( المسلمون ) يبررون كراهيتهم بأن ( الأقباط ) : (عضمة زرقه )، وهو تعبير عن الغل الدفين والمقترن بالمكر الهائل ، ولكن يحمل فى طيّاته شعور المسلمين المصريين أن الأقباط مظلومون ومقهورون ولا يملكون سوى الحقد على من ظلمهم .
(4 ) هل تعتقد أن تصاعد أصوات الإسلام السياسي، والتيار المتشدد في مصر خاصة في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات من القرن الماضي له يد في ترسيخ بعض الأفكار العنصرية المغلوطة عن مسيحي مصر
الوهابية هى التى يدللونها بتسمية التيار المتشدد ، وبسببها يظلمون الاسلام دين الرحمة ( وما ارسلناك إلا رحمة للعالمين ) الأنبياء 107 ) فيسمون حركاتها بالاسلاميين ، وهم وهى ( الوهابية ) أعدى أعداء الاسلام ورب العالمين جل وعلا.
الوهابية هى الصيغة الأكثر تطرفا من المذهب الحنبلى السنى المتشدد الذى رعاه من قبل الخليفة المتوكل العباسى . وقد أدى تدخل الحنابلة بحديثهم المصنوع ( من رأى منكم منكرا فليغيره ) الى خراب العراق فى العصر العباسى الثانى. وقد شرحنا هذا فى كتابنا ( الحنبلية أم الوهابية وتدمير العراق فى العصر العباسى الثانى ) .
إبن عبد الوهاب أحيا الحنبلية فظهرت ( الوهابية ) أشد تخلفا وتعصبا من الحنبلية القديمة. وفى عام 1745 تحالف مع ابن سعود وقامت الدولة السعودية الأولى التى نشرت الدمار والقتل فى الجزيرة العربية والعراق والشام ، وإحتلت الحجاز وعجزت الدولة العثمانية عن مواجهتها فقام محمد على بالمهمة وقضى على الدولة السعودية الأولى عام 1818 . ثم قامت الدولة السعودية الثانية وسقطت.
ثم أقام عبد العزيز بن عبد الرحمن الدولة السعودية الثالثة الراهنة عن طريق شباب الأعراب الذين علمهم الوهابية وأقنعهم بإستمرار حياتهم بالقتل والغارات والسلب والنهب تحت شعار دينى هو الجهاد وتكقير غيرهم، وأطلق عليهم ( الإخوان ) . إستطاع عبد العزيز بجنوده الإخوان أن يكوّن ما يعرف الآن بالسعودية. ثم إختلف معهم وحاربهم وهزمهم وأعطى اسم دولته ( السعودية ) نسبة لعائلته عام 1932 . ولكنه مع بداية الصراع بينه وبين الاخوان عمل على خلق بديل ( إخوانى ) خارجى فى مصر ليحولها من دينها الصوفى المسالم الى الوهابية لتكون مصر عُمقا له ضد الشيعة داخل وخارج دولته . وهكذا فإن عبد العزيز آل سعود منشىء الدولة السعودية الثالثة الراهنة هو الذى أنشأ الاخوان المسلمين فى مصر عن طريق عملائه فيها ( رشيد رضا ) و( حافظ وهبة ) و ( محب الدين الخطيب ) وشرحنا هذا فى كتاب فى موقعنا عن ( نشأة الوهابية وانتشارها فى مصر) .
كان فى مصر حركة تجديد دينى قام بها الإمام محمد عبده ، أجهضها تلميذه السورى رشيد رضا وتحالف مع ابن سعود . بتكوين الاخوان المسلمين فى مصر توسعوا فيها وشاركوا فى حركة العسكر ثم إختلفوا مع عبد الناصر .
جاء السادات فتحالف مع السعودية وسلّم العقل المصرى للوهابية ، وإنقلبوا عليه وقتلوه . ولكن إستمرت الوهابية يتشربها المصريون المسلمون من خلال التعليم والاعلام والمساجد والأزهر معتقدين أن هذا هو الاسلام.
وقمت مذ كنت مدرسا مساعدا بالبناء على فكر الامام محمد عبده فعصف بى الأزهر ، وبسبب الإضطهاد تكون تيار أهل القرآن وتيارت أخرى تقترب منه. ولم أقتصر على الكتابة بل كنت فى مصر ناشطا سياسيا. حين واجهت مصر حركة مسلحة تحترف قتل الأقباط فى أوائل التسعينيات قمت مع بعض المستنيرين بتكوين الحركة الشعبية لمواجهة الارهاب ، وكنت مقررها الفكرى والدينى ، وآزرنا نظام مبارك مع أن معظمنا من ضحاياه. وساعدنا النظام وهو فى محنته ، وبمجرد أن إسترد النظام عافيته تخلى عنا ، وعاد للتحالف مع الأزهر ناسيا أن الأزهر تخلى عنه محتفظا بمشاعر الود مع الارهابيين . ، وكنا نتوقع هذا وسميناه ( سياسة الاستدعاء والاستغناء ) . برغم الاضطهاد واصلت طريقى دفاعا عن التنوير والديمقراطية وحقوق الانسان وحقوق الأقباط . وفى عام 1998 واثناء عملى فى مركز ابن خلدون شاركت فى مشروع لاصلاح التعليم المصرى ليكون أكثر تسامحا مع الأقباط ، وتوليت إصلاح مادة التربية الدينية ، وكتبت ( دليل المعلم ) ومقترحات بديلة لمادة التربية الدينية ، وقمت بتأليف فيلم تسجيلى عن التسامح فى الشعب المصرى ، وسيناريو عن قصة تسامح لمصرى قبطى عاش فى عصر الخليفة المتعصب المتوكل العباسى ، وتم إنتاجهما ضمن المشروع. أعلن الأزهر الحرب علينا وآزرته أجهزة الدولة وكانت النتيجة غلق مركز ابن خلدون وسجن سعد الدين ابراهيم وسجن بعض أهل القرآن ، وهروبى الى امريكا لأواصل المسيرة . تعلمت منها أن الاصلاح فى مصر ــ وغيرها ــ ممكن لو أراد الفرعون المستبد .
( 5 ) هناك فصلً كاملً تم حذفه من رسالة سيادتكم لنيل شهادة الدكتوراه وهو الفصل الخاص بالتعصب الديني، وذلك بعد صراع طويل مع شيوخ الأزهر، هل يمكنك أن تحدثني عن هذا الفصل تحديدًا، خاصةً مخالفة هذه المظاهر العنصرية للإسلام. ؟
رسالتى للدكتوراة كانت عن أثر التصوف فى مصر العصر المملوكى ، كتبتها فى 1500 صفحة ، تفضح أثر التصوف المدمر سياسيا ودينيا وأخلاقيا وثقافيا وحضاريا، وإعتمدت على الوثائق وكتب التصوف والمؤرخين المعاصرين . وأوضحت تناقض التصوف مع الاسلام . فزع منها شيوخ الأزهر حين قدمتها للمناقشة عام 1977. وبعد ثلاث سنوات من التهديد والوعيد إتفقنا على حذف ثلثى الرسالة والاقتصار على الأثار السياسية والاجتماعية والثقافية والمعمارية . ونوقشت الرسالة فى اكتوبر علم 1980 ، وحصلت على إمتياز مع مرتبة الشرف ، وترقيت من مدرس مساعد الى مدرس. ولكن لم أنس نشر المحذوف من الرسالة. فى أول كتاب لى صدر عام 1982 تحت عنوان ( السيد البدوى بين الحقيقة والخرافة ) فضحت حقيقة السيد البدوى وهو أنه كان متآمرا شيعيا تسّر بالتصوف للاسترجاع الحكم الفاطمى الشيعى. ونشرت فيه فصلا عن آثار تلك الحركة بعد فشلها فى الإحراق العام للكنائس المصرية من الاسكندرية الى اسوان وفى وقت واحد . والكتاب منشور بموقعنا. وفى عام 1984 نشرت كتاب ( شخصية مصر بعد الفتح الاسلامى ) وقررته على الطلبة فى قسم التاريخ كلية اللغة العربية ، وأدخلت فيه فصلا عن إضطهاد الأقباط بعد الفتح فى الدولة الأموية. وضجّ الشيوخ غضبا من هذا الكتاب ، وأسفر الصراع بيننا عام 1985 عن تحويلى للتحقيق ثم الفصل من الجامعة ودخولى السجن عام 1987. أثناء النضال فى التسعينيات أصدرت بحثا بعنوان ( إضطهاد الأقباط فى مصر بعد الفتح الاسلامى ) وهو أيضا منشور بموقعنا ، ناقشت فيه هذا الاضطهاد من حيث تناقضه مع الاسلام وآثاره السياسية داعيا لاحلال ثقافة التسامح الدينى. وكل هذه الكتب متاحة فى موقعنا لمن يريد الاطلاع أو النشر .
(6 )
بصفتك باحثًا إسلاميًا ومفكرًا، هل هناك بعض الخطوات التي يجب اتخاذها لتجديد الخطاب الديني في مصر بما يضمن تصحيح بعض الأفكار المتوارثة المغلوطة عن مسيحي مصر؟
عبارة ( تجديد الخطاب الدينى ) عملية تجميل فاشلة .
لا بد من إصلاح دينى فى مصر لانقاذ ما يمكن إنقاذه .
يرتكز الاصلاح الدينى إسلاميا على المبادىء الآتية :
1 ـ الاسلام فى معناه السلوكى هو السلام، وكل إنسان مسالم فهو مسلم بغض النظر عن ملته وإعتقاده ودينه المُعلن . وعلى أساس المسالمة تكون المواطنة الكاملة والمتساوية لجميع سكان مصر مهما إختلفت أديانهم وعقائدهم ، فكل مواطن مسالم فهو مسلم . على النقيض من ذلك فإن الذى يرفع السلاح يقتل الناس ويقوم بالإكراه فى الدين فهو بسلوكه كافر محارب لله جل وعلا ورسوله مستحقا أقصى العقوبة إن لم يتب ، ( المائدة 33 : 34 )
2 : الاسلام بمعناه القلبى هو التسليم بأنه لا إله إلا الله جل وعلا دون تقديس لبشر حتى الأنبياء . الله جل وعلا هو الذى سيحكم على الناس يوم القيامة فيما يخص الاسلام القلبى ، وبالتالى فليست وظيفة الدولة هداية الناس وإدخالهم الجنة لأن الهداية مسئولية شخصية ومن إهتدى فالنفسه ومن اساء فعليها ، قال جل وعلا :(مَّنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ) ﴿١٥﴾ الاسراء ) (فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ ﴿٩٢﴾ النمل )
3 : يترتب على هذا :
3 / 1 : أن تقتصر وظيفة الدولة على ضمان العدل والأمن والحرية الدينية والسياسية والاقتصادية للمواطنين وكفالة الفقراء والمحتاجين. وألا تكون فى مصر مؤسسة رسمية تتحكم فى الدين على انهم وكلاء الله جل وعلا لهداية الناس . وبعض الأيات التى تؤكد المسئولية الشخصية فى الهداية أو الضلال تؤكد أن النبى محمدا عليه السلام ليس وكيلا مفوضا من رب العزة جل وعلا ، قال جل وعلا: (فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ ) ١٠٨﴾ يونس ) ( فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَلِنَفْسِهِ ۖوَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ ) ٤١﴾ الزمر). (قَدْ جَاءَكُم بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا ۚ وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ ﴿١٠٤﴾ الانعام ) . إذا كان هذا هو حال النبى نفسه فكيف بغيره ؟.
3 / 2 :وبالتالى إرجاع الأزهر ما كان عليه من تأسيسه عام 972 وحتى 1920 تقريبا ،مجرد مسجد للعبادة تقوم عليه جمعية أهلية تتعيش من التبرعات وخاضعة للإشراف الحكومى ، وإلحاق التعليم الأزهرى قبل الجامعى بوزارة التعليم وتحويل جامعات الأزهر الى جامعة مدنية كباقى الجامعات ، وإلغاء كليات اصول الدين والشريعة والدراسات الاسلامية وإلغاء كل المؤسسات الدينية التابعة للأزهر من الفتاوى ومجمع البحوث ، وإشراف الدولة على المساجد لتتحول الخطبة فيها الى تعليم للأخلاق الحميدة ، وليس للإنشغال بالسياسة والحكم. هذا يوفر البلايين من ميزانية الدولة ويريحها من عبء حماية فكر دينى ظهر للعالم خطورته ودمويته ويهدد بإحراق مصر.
3 / 3 : أن تكون الحرية الدينية مطلقة للجميع ، يشمل حرية الاعتقاد وحرية العبادات وإقامة الشعائر وبناء دور العبادة ، بل وحرية الدعوة لأى دين أو ملة طالما لا إكراه فى الدين ولا دعوة لاستعمال العنف مثل أكذوبة حد الردة وتغيير المنكر .
4 ـ الاصلاح الدينى هو الأصل لكنه مرتبط بحزمة إصلاح تبدأ بإصلاح تعليمى مرتبط باصلاح تشريعى يؤهل مصر لتحول ديمقراطى سيستغرق أجيالا . هذا الاصلاح التشريعى يلغى كل القيود على الحرية الفكرية والأبداعية والدينية ويلغى الكثير من قانون العقوبات التى تطارد الأبرياء ، واهمها الحبس الاحتياطى . الاصلاح الدينى مرتبط أيضا بمحاربة الفساد والنظام القضائى والاقتصادى وتغول الجيش والشرطة إقتصاديا وإجتماعيا .
5 ـ المشكلة أن الفرعون المصرى يحتاج الى كهنوت دينى يركبه ، وهذا الكهنوت يركب الناس . وهنا لا فارق بين كهنوت الأزهر وكهنوت الكنيسة فى مصر. وهما معا أدوات للمستبد الفرعونى . وهذا المستبد الفرعونى يحتاج الى إرهاب الأقباط وإتخاذهم رهينة وأن يظهر أمام الغرب بشعار الحامى لهم ، لذا لا بأس من إجترار كلمات عن تجديد الخطاب الدينى مع إستمرار إضطهاد الأقباط وإستمر اضطهاد أهل القرآن والمستنيرين . المشكلة فى الاستبداد الفرعونى. لهذا فإن الله جل وعلا لم يرسل موسى الى الشعب المصرى المغلوب على أمره ولكن أرسله الى فرعون الذى علا فى أرض مصر ولم يلبث أن دمرها .
اجمالي القراءات
9569