محب الدين الخطيب ناشرا للوهابية فى مصر

آحمد صبحي منصور Ýí 2017-05-17


أولا : فكرة عامة عنه

موجز حياته

محب الدين الخطيب مولود فى دمشق عام 1886 من أسرة سنية متدينة ، تعلم على أيدى علماء سنيين فى دمشق ثم واصل تعليمه فى بيروت واستاتبول ، وتأصلت لديه إهتمامات بالعروبة والسُنّة ،  وأسس فى استانبول جمعية النهضة العربية مع ( كرد على ) و ( عارف الشهابى ) ، فتعرض لاضطهاد الاتحاديين المسيطرين على تركيا فهرب الى دمشق وانتقل الى اليمن ثم عاد الى دمشق مطالبا بحقوق العرب التى هضمها حكام تركيا ( الاتحاد والترقى ) فطاردته السلطات التركية الحاكمة فى دمشق ثم فى  بيروت ، فانتقل الى القاهرة وتعرف فيها بالشيخ رشيد رضا . وبدءا معا مرحلة جديدة من التعاون فى نشر الوهابية تحت مسمى السنة والسلفية .استمر فى دعوته الى ان مات فى القاهرة فى30 ديسمبر من عام 1969م

قبيل الاستقرار النهائى فى مصر

شارك في جريدة المؤيد، وفي سنة 1913م ، وحين أسس رشيد رضا مدرسة الدعوة  والإرشاد قام  الشيخ محب الدين بالتدريس فيها . فى الحرب العالمية الاولى وثورة الشريف حسين على تركيا إنضم محب الدين الى الشريف حسين وسافر الى مكة وأسس فيها المطبعة الاميرية وأصدر للشريف جريدة ( القبلة ) الناطقة باسمه . وعمل مستشار للشريف حسين . ولما دخل الجيش العربى دمشق بقيادة فيصل ابن الشريف حسين عام 1918 عاد محب الدين الى دمشق وعمل لدى الأمير فيصل فأصدر له جريدة ( العاصمة ). هرب محب الدين من دمشق حين دخل الفرنسيون سوريا عام 1920 ، ووصل الى مصر واستقر فيها .

 محب الدين الخطيب ينشر الوهابية فى مصر

1 ـ عمل في تحرير ( الأهرام ) خمس سنوات. وأسس المكتبة السلفيّة ومطبعتها، حيث قام بطباعة الكتب السلفيّة، ونشر كثيراً منها، وأصدر  جريدة الفتح   ثمّ تولّى تحرير مجلة الأزهر ست سنوات، ثمّ ساهم في إنشاء جمعية  الشبان المسلمين فى القاهرة . إستخدم كل هذا فى نشر الوهابية فى مصر ، وبوهابيته وقف موقفا متعصبا معاديا لغير المسلمين ولغير السنيين .

2 ـ مواجهة غير المسلمين :حمل الخطيب وهابيته معه الى مصر التى كانت ليبرالية فى هذا الوقت تتفاعل وتتحرك فيها سائر التيارات الفكرية . لم يعجب هذا محب الدين الخطيب ، فهاجم  في مجلة المؤيد الجهود الخيرية التى يقوم بها البروتستانت. واجه الملحدين والعلمانيين ،وأدى الصراع بينه وبينهم الى إحالته الى النيابة ، فقبض عليه وحكم عليه بالسجن لمدة شهر.

3 ـ هجومه على دعوة التقريب بين الشيعة والسنة : جاء لمصر الشيخ  الشيعى «محمد القمي» عام 1947 داعية للتقريب بين السنة والشيعة وأصدر مجلة"رسالة الإسلام" ، واسس ( ار التقريب ) . هاجم محب الدين الخطيب هذه الدعوة بضراوة ، وسماها  ( دار التخريب  ) وهاجم المنضمين اليها بأنهم منتفعون ماليا . ونسى أنه نفسه عميل للسعودية ووهابيتها . وربما كان قدوم هذا الشيخ الشيعى رد فعل لما قام وكان يقوم به رشيد رضا ومحب الخطيب . وبسبب دعوة التقريب نشأ خلاف بين حسن البنا ومحب الخطيب . حسن البنا إعتنق سياسة النفاق وتجميع كل التيارات الدينية خلفه طلبا للهدف السياسى وهو الوصول الى الحكم . لذا رحب بدعوة التقريب ، هذا مع أنه كان   يتردد على مكتبة محب الخطيب ويكتب في صحيفته " الفتح " : وثار جدل بين البنا والخطيب فى هذا الشأن ، شأن الجدل الذى يحتدم أحيانا بين الاخوان المسلمين والسلفيين ، مع كونهم جميعا وهابيين .  

4 ـ كان التصوف السُنى هو السائد والمسيطر حتى وقتها . لم يجرؤ محب الخطيب على مهاجمة الطرق الصوفية المصرية العريقة كالأحمدية والشاذلية والدسوقية فهاجم طريقة صوفية جديدة وافدة من السودان ، وهذا فى كتاب (  حقائق عن الفرقة الصوفيّة التيجانيّة).

5 ـ  كما إجتهد فى نشر الوهابية والهجوم على أعدائها تحت مسمى (عقيدة أهل السنة والجماعة ) بمؤلفاته ودار النشر التى كان يملكها :

5 / 1 ـ مؤلفاته ، ومنها : توضيح الجامع الصحيح للإمام البخاري، شرح صغير. هجومه على الشيعة فى كتابه : الخطوط العريضة التي قام عليها دين الشيعة الاثنى عشريّة. هجومه على البهائية فى كتابه ( البهائية ). كتب فى مناقب الصحابة : ( مع الرعيل الأول )، وكتاب ( حملة رسالة الإسلام الأولون) وكتاب ( رسالة الجيل المثالي ) . الدفاع عن عثمان فى كتاب ( ذو النورين عثمان بن عفان ) ترجمة كتاب ( الغارة على العالم الإسلامي ) .

 5 / 2 ـ طبع ونشر أشهر كتب السنة ، مثل : رسائل وكتب  ابن تيمية. دفاعه عن الصحابة ورد الشبهات عنهم ويتجلى ذلك في نشره كتاب« العواصم من القواصم» لابن العربى ، السنى المتعصب الذي حاول فيه تكذيب الروايات التي تتحدث عن ما حصل بين الصحابة من فتن وانشقاق. نشره كتاب فتح الباري بشرح البخارى ) لابن حجر، مع تعليقات الإمام ابن باز. ( الأدب المفرد للبخارى ) . 

 6 ـ تأسيس ( جمعية الشبان المسلمين ) الوهابية التى كانت دعوة حركية تتنقل بها الوهابية وتتحرك بين الشباب المصرى في القاهرة وغيرها .   

ثانيا : محب الدين الخطيب يتكلم عن نفسه فى مذكراته :  

1 ـ مذكراته منشورة بعد وفاته فى  كتاب ( محب الدين الخطيب ) . كتب الناشر عنه وعنها  فى مقدمة  الكتاب : ( هذه  صفحات كتبها الأستاذ محب الدين بنفسه وصل بها إلى هذه المرحلة وامتد به العمر بجهاده على هذه الوتيرة إلى ما كان من تأسيس جمعية الإخوان المسلمين ورياسة تحرير جريدتهم وما تولاه بعد ذلك من رياسة تحرير مجلة الأزهر .. وبقي على خدمته للعروبة والإسلام ونشره وتحقيقاته العلمية في الفتح والأزهر ومطبوعاته إلى يوم وفاته ، تغمده الله برحمته ونرجو أن نوفق إلى استكمال هذه السلسلة من سيرته وأثرها في عصره وحركاته . )، وننقل عنها هذه المعلومات :

صلته المبكرة بعمودى الوهابية عبد العزيز إبن سعود ورشيد رضا :

1 ـ يقول صفحة 57 : تحت عنوان ( في الخليج العربي ) : ( ولما كانت الأقطار العربية التي لها صلة بالدولة العثمانية ينبغي أن يؤخذ رأيها في ذلك الموقف العربي ، فقد قررت إيفاد مندوبين إلى زعماء العرب لمفاوضتهم في هذا الأمر وأخذ رأيهم .وقد أُختير محب الدين للسفر إلى الخليج العربي في محاولة الاجتماع بأمير نجد والإحساء الأمير عبدالعزيز آل سعود وطالب بالسيد بك النقيب زعيم العراق الجنوبي ، وغيرهما من الزعماء العرب إن أمكن .وكان في مقدمة المهتمين بهذا الأمر جماعة (الوحدة العربية ) التي كان من أركانها السيد رشيد رضا ورفيق بك العظيم .وفي أواخرذي القعدة 1332 تشرين الأول  ( أكتوبر ) 1914 )

2 ـ صفحة 62 ينقل عن أحدهم قوله : ( عدت يوما  الى داري فوجدتُ بطاقة ،(اي بطاقة بريد ) ، باسم الأستاذ محمد رشيد رضا ( صاحب مجلة المنار المصرية ) وكُتب على ظهرها ما يأتي : "إن محب الدين الخطيب وعبدالعزيز العتيقي قد توجها إلى البصرة بمهمة سياسية فأرجو أن تروج مهمتهما " . أسرعتُ إلى محل  إقامتهما ، فعلمتُ أن الشرطة قد أوقفتهما.) كان الخطيب فى مهمة يقف خلفها رشيد رضا .

3 ـ تحت عنوان : (غرض الرحلة والعودة : يقول : ( كان الغرض من الرحلة توحيد الجهود مع الإمام عبد العزيز آل سعود في الشؤون العربية العامة المشتركة " ومفاوضته فيما كان ينبغي للعرب أن يقوموا به لوقاية بلادهم من شرور الحرب العالمية الأولى ونتائجها ، ولكن لم يتمكن صاحب الترجمة من إتمام مهمته ورحلته في سبيل العروبة والإسلام . ) .

ثالثا : محب الدين الخطيب فى مذكراته يتكلم عن تأسيسه جمعية الشبان المسلمين

1 ـ تحت عنوان ( تعريب مصر الفكري والثقافي وموازينه المختلفة ) يتحدث عن تأسيسه جمعية الشبان المسلمين ، ليواجه بها الآخرين من المصريين الذين لا يعتبرهم مسلمين ، محتكرا الاسلام لنفسه وأقرانه طبقا لدينه الوهابى المتعصّب . يقول فى صفحة 78 : ( وكان جو القاهرة الفكري والثقافي في ذلك الحين متشبعا برطوبة الأخذ بثقافة الغرب بكل ما فيها من خير وشر وجد وهزل " وأكثر القائمين على الأندية والعاملين في الصحافة والمترددين على الأندية والمجتمعات يعدون كل نزعة إسلامية رجعية وجموداً وكان العالم الإسلامي قد أُصيب حينئذ بظهور الدعوة الكمالية ( كمال أتاتورك ) إلى الفصل بين الدين وشؤون الدنيا  وتردد صدى ذلك في مصر على صفحات كتاب " الإسلام ونظام الحكم " لعلي عبدالرازق وأنصاره الكثيرين في ( حزب الأحرار الدستوريين ) (جمعية الرابطة الشرقية )(ونادي القلم ) وفي ،  ( كلية الآداب التي أعلن زعيمها طه حسين) أن للقرآن أن يقول  وللتوارة أن تقول .. والعلم غير مقيد بما يقولان ....)

2 ـ عن الطابع التآمرى فى تأسيس جمعية الشبان المسلمين . يقول: ( كانت الدعوة إلى تأسيس جمعية الشبان المسلمين مهددة من كتاب الصحف ورجال هذه الهيئات الثقافية بحملات التشكيك والتنفير لو وصل خبر تأسيسها إلى ألسنتهم وصفحائهم وأجوائهم ، فتقرر من الساعة الأولى أن تكون الدعوة إلى هذا العمل الجدي منطوياً في مسار الكتمان ، وأن تكون عملاً متواضعاً بعيداً عن الثرثرة والتشدق ، واستمر الحال على ذلك إلى أن صار للشبان المسلمين نحو ثلاثمائة عضواً ، وكلهم لا يعرفون جهة يترددون عليها " ويصلون خيوطهم بخبالها إلا المطبعة السلفية في شارع الاستئناف بباب الخلق .) . اى كان الأعضاء لا يعرفون ماهية الجمعية التى ينتسبون اليها . وكان لا بد من عقد أجتماع لهم . يقول : ( ومست الحاجة إلى عقد اجتماع ابتدائي لهؤلاء الأعضاء لتوضيح الأغراض التي جمعتهم والأهداف التي يرمي إليها عملهم فكان أقرب مكان لهذا الاجتماع في المبنى رقم 30 شارع (غيط العبد ) بباب الخلق وفي صبح اليوم المقرر أن يتم الاجتماع الأول في مسائه لقى ( أحد دعاة الشباب المسلمين ) عبدالفتاح كيرشاه الشيخ عبدالعزيز جاويش فأخبره بخبر الجمعية وما فيها من خطوات إلى ذلك اليوم ، وبمكان ووقت الاجتماع ، فحضر الشيخ شاويش ( عبد العزيز جاويش ) ، وبعد أن خطب السيد محمد الخضر ( الشيخ الخضر حسين الذى أصبح شيخا للأزهر ) ومحب الدين الخطيب ببيان الجمعية وأهدافها ، قام الشيخ عبدالعزيز شاويش فقال : إن العمل الذي مضيتم فيه كنت أنا أفكر فيه ، ولكن اختلفتُ معكم في الطريق ، فأنتم صعدتم السلم من درجاته الدنيا ، وأنا فكرتُ أن أبدأ من درجاته العليا ، زرتُ الأمير محمد طوسون وفلانا ـ وشتم الاثنين ـ فطلبتُ منهم التبرع لإنشاء دار محترمة للشبان المسلمين ثم ندعو الشباب إلى الالتحاق بها ، فلم يجيبا طلبي ، وأنتم بدأتم بتكوين الجمعية من الشباب على أن يتعاون معكم فيما بعد في إنشاء درا لهم ، فنجحتم من حيث فشلتُ أنا ، لذلك  أتيت لأهنئكم وأتعاون معكم .) .

3 ـ وتحت عنوان ( طلعت حرب وأمير الشعراء  ) يقول محب الدين الخطيب : ( ولما وصل المشروع إلى هذه المرحلة التي لا يخشى عليها من دسائس الملاحقين الذين يرون أن كل عمل إسلامي رجعية وجمود ، بدأ التفكير في عقد إجتماع عام يتلى فيه مشروع قانون الجمعية وتُجرى فيه الانتخابات لمجلس الإدارة الأول . واقترح بعض الأعضاء أن يكون ذلك في مسرح الأزبكية الذي يشرف عليه (طلغت حرب باشا ) والطلب منه بأن يسمح بذاك لبضع ساعات يُعقد فيها اجتماع تاريخي يكون من مفاخر المكان الذي يتم فيه . ولما كاشف الوفد طلعت حرب باشا بذلك ، اعتذر لأنه يقوم بأعمال اقتصادية يتعاون فيها مع عناصر غير إسلامية من إسرائيلية ومسيحية ، وأنه لا يستطيع أن يتعامل في عمل له صبغة إسلامية لا تسر العناصر التي  يتعاون معها . فخرج الوفد من عنده يجر أذيال الخذلان. ولما حضر الوفد إلى موفديه ليبلغهم ما لقي وكان ( أمير الشعراء شوقي بك )حاضراً يسمع ، فقال اختاروا أي مكان آخر يمكن الحصول عليه بأجر ما وأنا مستعد لدفع أجره من جيبي ، فوقع الاختبار على دار سينما  كوزمو ، وبالفعل ذهب شوقي بك مع بعض أعضاء الجمعية إلى تلك الدار السينمائية واتفق على استئجارها في يوم معين ودفع الأجر مقدماً .)

4 ـ وعن إختيار رئيسها يقول محب الدين الخطيب تحت عنوان ( عبدالحميد سعيد الرئيس الأول للجمعية ): وكان من المطالب المهمة اختيار رئيس للجمعية فحددتُ صفات معينة له ، كأن يكون مثقفاً قوياً وذا مكانة في المجتمع وأن لا يكون معمماً لئلا توصف الجمعية بأنها ذات نزعة خاصة . فقال السيد محمد الخضر أنه تعرف في تركيا وأوربا بعبدالحميد سعيد ، ولعله أجمع من غيره لهذه الصفات المطلوبة . وحينئذ نهض محب الدين إلى  سماعة التليفون واتصل بعبدالحميد سعيد في منزله وأخبره بأن جمعية للشبان المسلمين في دور التأسيس ، وأنهم يقترحون أن يعرضوا عليه رئاستها إن لم يكن عنده مانع من ذلك ، فطلب أن يزوره بعض ممثلي الجمعية ليزداد معلومات عنها ، وبالفعل زاره بعض الأعضاء وأطلعوه على مشروع القانون وذكروا له بعض أسماء القائمين بالعمل ، وأخبروه أن شوقي بك استأجر لهم دار سينما كوزمو ليكون انتخاب إدارة الجمعية في اجتماع يُعقد هناك . وتم الاتفاق على كل شيء .)

5 ـ وعن ( المجلس الإداري الأول ) يقول محب الدين الخطيب : ( وفي مقدمة لمحب الدين الخطيب كتبها في أول كتاب  " الطريق " للدكتور يحيى الدرديري ( الذي كان عضواً في مجلس إدارة الجمعية  والمراقب العام لها سنوات ) تفصيل عن كيفية اختيار أعضاء مجلس الإدارة الأول للجمعية ، وكيف أقصى من كانوا يتزاحمون على عضويته ومناصبه ، وكيف أُختير غيرهم بغير علم منهم ، وهذه المقدمة جديرة بأن يطلع عليها من يحب أن يقف على الاتجاهات في مثل هذه المواقف .وتم انتخابات الإدارة الأول للجمعية برئاسة عبدالحميد سعيد على أن يكون الشيخ شاويش وكيلاً ـ وكان حريصاً جداً على أن يكون رئيساً ـ وأُختير أحمد تيمور باشا لأمانة الصندوق زمحب الدين الخطيب كاتم السر للجمعية .)

6 ـ ويقول فى صفحة 81 : ( واستؤجرت للجمعية دار كبيرة في شارع قصر العيني تجاور مجلس النواب وساهم أحمد تيمور باشا بدفع اجرة هذه الدار .)

7 ــ وعن تأثير تأسيس هذه الجمعية من وجهة نظره الوهابية التى تحتكر الاسلام يقول :  ( كان تأسيس هذه الجمعية في مصر حادثاً عيظيما من أحداث الحركة الإسلامية ، وكان ذلك مفاجأة لدعاة الإلحاد والتضليل ، ولدعاة التبشير بالمسيحية ، لأنهم بعد تأسيس كلية الآداب وتكوين الكليات الجامعية ، وبعد ظهور الحركة الكمالية في تركيا ، وطبع كتابي الإسلام وأُصول الحكم وفي الشعر الجاهلي وتأييد الأحرار الدستوريين لما يُنشر في جريدة السياسة من الآراء المنحرفة ، وظنوا أن قيادة الراي العام أفلتت من أيدي ممثلي الإسلام من أزهريين وغيرهم  وانتقلت إلى أيديهم ، فما ليثوا أن رأوا شتات أنصار الإسلام من  شباب وشيوخ يجتمعوا حول هذه الجمعية التي ظهرت لهم على حين فجأةولم يشعروا بها في دور التكوين ليقضوا عليها قبل أن تولد .

8 ـ وعن ( ردة الفعل واستعداء القضاء) يقول : ص 81  : ( رأى دعاة الإلحاد والتضليل والقائمون على بيئات التبشير وأكثرهم من الأجانب ، أن هذه الجمعية جاءت ضربة لهم لم تكن في الحسبان ، فأخذوا يتربصون الدوائر بصاحب الترجمة ويراقبون ما ينشر في صحيفة الفتح على الخصوص ، إلا أن عثروا له فيها على مقال افتتاحي في العدد 119 الصادر في 11 جمادى الأول سنة 1347 ـ 5 تشرين 1928 بعنوان ( الحرية في بلاد الأطفال ) حمل فيه صاحب الترجمة على الملك (أمان الله خان ملك الأفغان لقتله (بير صاحب ) وهو أكبر علماء الأفغان العاملين وتناولت الحملة في هذا المقال (كمال أتاتورك ) أيضاً لأن أمان الله كان يقلده في مراحل حركة نحو التفرنج والابتعاد عن الأنظمة الإسلامية والروابط الثقافية بالشرق الإسلامي فتلقت النيابة بلاغاً يقول فيه كاتبه أن صاحب  الفتح ارتكب جناية يؤاخذ عليها القانون المصري في المادة 152 عقوبات لاتهامه بالعيب اثنين من رؤساء الدول الصديقة لمصر وهما الجلالة أمان الله خان ملك الأفغان ومصطفى كمال أتاتورك  رئيس الجمهورية التركية ، فقُبض على صاحب الترجمة وقُدم للتحقيق معه أمام رجال النيابة العمومية يومئذ وهو الأستاذ ( أحمد زكي سعد ) وبعد اعتراف صاحب الترجمة  بأنه هو كاتب المقال وأنه لم يشاركه أحد أودع سجن مصر في إحدى زنزنات المتهمين بالجناية  وعُين موعد للنظر في القضية أما محكمة الجنايات ، وانتُدب للدفاع عن الأستاذ (أحمد بك رمزي ) وكان وقتئذ وكيل مجلس النواب ، وهو صديق لصاحب الترجمة من أيام تحريره في جريدة المؤيد لصاحبها " الشيخ علي يوسف " وانضم إليه في الدفاع  " الأستاذ عبده المويلحي " المحامي لتنوير الجانب الإسلامي في هذه القضية . وقد بذلت  "النيابة " أقصى أدلة القانون والقضاء للإدانة ورافع ممثلوا الدفاع بأن الحكومة ترى في هذه المادة أن الملوك ورؤساء الجهوريات  غير مسؤلين عن الحكم لأن الحكم في النظام المصري يُناط بالوزارات المسؤولة دون الملوك والرؤساء ، ولكن ملك الأفغان ورئيس جمهورية تركيا تنازلا عن هذا الامتياز بأخذهما على عهدتيهما مسؤلية أعمالهم ، فإن كانت معرفة نسب الشرف إليهما لا إلى المسؤلين من أتباعهما ، وإن كانت عكس ذلك كان عليها لا على حكومتيهما . وقدم الأستاذ أحمد رمزي المحامي  مجموعة من مجلة " الزهراء " التي كان يصدرها صاحب الترجمة إلى هيئة المحكمة دليلا على مكانة المتهم في الصحيفة الاجتماعية والأدبية وذكر ماضيه في خدمة المجتمع من أيام كان محرراً في جريدة " المؤيد " إلى أن صار بعد ذلك من محرري الأهرام .وكانت جلسة المحاكمة خاصة بالطبقة العليا من الرجال الإسلاميين وفي طليعتهم أحمد تيمور باشا وعبدالحميد سعيد ورجال الأزهر ، والطبقة العليا من أضدادهم الذين أرادوا إذلال الحركة الإسلامية بإدانة صاحب الترجمة والحكم الجنائي عليه . وكانت نتيجة المرافعة من جانبي النيابة والدفاع النيابة والدفاع الحكم بالحبس شهراً واحداً مع وقف التنفيذ ، فضجت دار المحكمة بتصفيق أعضاء جمعية الشبان المسلمين والطلبة الأزهريين وأمثالهم ، واعتبروا الحكم فوزا ، لأن المادة صريحة ولم يكن ممكناً النجاة من عقوبتها بأقل من ذلك . وكان من رأي بعض طيبي القلوب من أصدقاء صاحب الترجمة ومحبيه أن يستأنف الحكم ، وكان رئيس الاستئناف يومئذ  " عبدالعزيز فهمي " باشا وهو كمالي أكثر من كمال اتا تورك نفسه ، لذلك أبى صاحب الترجمة أن يستأنف الحكم عليه ، ورضي بهذه النتيجة . )  

اجمالي القراءات 12018

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5123
اجمالي القراءات : 57,058,827
تعليقات له : 5,452
تعليقات عليه : 14,828
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي