تلقيت دعوة من الناشطة المصرية الحقوقية -هالة جبره - في مجال حقوق الإنسان بالمملكة المتحدة ، والتي تجمعني بها علاقة صداقة حميمة ; كانت الدعوة عبارة عن العمل التطوعي بدون اجر (volunteer) مع خمسة وعشرين فردا آخرين تحت قيادة مديرة العمل ( Carrie Sant) في مؤسسة بنك الطعام الخيرية ، منذ اسبوعين تقريبا .
رحبت بالدعوة جدا لحبي بالانخلاط والاندماج مع المجتمع والناس بالإضافة لحبي للعمل ; الذي يشعرني بأنني كيان من المجتمع الذي اعيش به . بالفعل ذهبت مع فريق العمل في مكان العمل ، قدم كل فرد نفسه للتعارف والمودة ، كان مجال العمل خارج المدينة التي نعيش بها وكان عبارة عن تجمع كبير كملتقي ديني وثقافي للعائلات و الشباب من كل أنحاء المملكة ، وكان ما يقرب من ثمانية ألف فرد في هذا المؤتمر أو الملتقي أو التجمع (Nearly 8000 young people gathered to share their faith at The Norfolk show ground . It was amazing to see them gathered in a giant tent to worship ) ، وهذا المؤتمر أو الملتقي ينعقد كل عام في عدة أماكن مختلفة . كنت مندهشا من الفكرة ومن روعة وجمال ما رأيت ; إنه تطبيق عمليا حياَ وترجمة فعلية لنصوص وأيات القرآن الكريم التي تحدث علي التعارف والتقارب والاندماج مع المجتمعات بشكل إيجابي حيوي ، مصداقا لقوله تعالي ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) ، هذه الآية يطبقها ويحرص عليها المجتمعات الأوربية الذي يزعم المتأسلمين والمحمديين أنهم كفار جدا وفاسقين !!
بينما هم - المتأسلمين والمحمدين - كل فرد منهم يعيش في دويلات خاصة بهم ، منغلقين متقوقعيين علي أنفسهم زاعمين أنهم هم وحدهم محتكروا للحق والحقيقة وما دونهم باطل !!
مكثت مع فريق العمل أربعة أيام لهي اجمل أيام رأيتها في حياتي ، تجمعنا رابطة المحبة والاحترام المتبادل ، حريصين علي عمل الخير دون ملل أو ضجر ، كنت الفرد الوحيد المسلم بينهم ، وكلهم اصبحوا أصدقاء لي بالإضافة لمديرة العمل التي قالت لي " انت مسلم متفرد من نوعك " Uniqe Muslim ، واخبرتي أيضا أنها والدتي هنا في انجلترا وأي مشكلة حدثت أو ستحدث لي لا اتردد أن اسردها لها آملا ان تجد حل لها .
كنا -أي فريق العمل -نجمع الطعام الفائض من الأفراد والعائلات خشية ان يتبدد ويهدر في صناديق الزبالة ، ثم نعيد تغليفها مرة أخري مع الفرز الدقيق للطعام الصالح من الآخر الطالح أو الفاسد ، ثم نقوم بتوزيعه علي المستحقيين من ذوي الحاجات الخاصة ، ومن لا مسكن لهم (Homeless ) ، ومناطق الفقراء ، واللاجئيين .
كنت أثناء العمل انظر لحجم الطعام الفائض ومساعدة العائلات والشباب المتواجدين بالملتقي بأنفسهم لنا اثناء العمل وحرصهم علي أن لايتبدد شيئا أو يهدر شيئا من الطعام في صناديق الزبالة ، لأن هناك مستحقون لهذا الطعام بدلا من الاهدار والتبديد .
هذا المشهد التأثيري الذي رأيته قد جلب لي الفرح والحزن معا ; فرحة بما أري من روح طيبة مجتهدة جاهدة حريصة علي أن الفائض منهم يجب ان يصل إلي من يستحق ( الصدقات ) ، وأيضا فريق العمل الذي يعمل بدون كلل او ملل وبدون أجر فرحيين مسرورين بما يفعلون ولفعل الخير هم له عاملون ساعون .
وحزنا ; علي فقراء مصر خاصة ، والشرق الأوسط - بلاد المسلمين جدا - عامة !! . إذ لا يجدون -أي الفقراء - من لا يرعاهم ويتصدق عليهم ويعطيهم حقوقهم المشروعة من أغنياء الشرق الأوسط الذين يعانون من التخمة والثراء الفاحش الذي يصحبه التبزير الشديد والبخل العظيم ، وهذا موجود علي صفحات الأنترنت وموثق علي اليوتيوب من حفلات وموائد السعوديين وآل سعود وكل أثرياء الشرق الأوسط إلا من رحم ربي جلا وعلا .
تجد علي صفات الانترنت فقراء لايجدون قوت يومهم وأمهات يبحثون لطعام لأولادهم من صناديق الزبالة ، وهذا من ملامح وسمات الفساد الديني والاخلاقي والاجتماعي ، وصدق ربي جلا وعلا إذ يقول "[الحج : 45] فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ " ، وأيضا قوله جلا وعلا " وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16) . وهذا هو واقع وحال مجتمعات المحمديين المتأسلمين .
بعد تجهيز الطعام من بِعد الفرز والترتيب والتغليف ، ذهبنا لمرحلة اخري من العمل وهي التوزيع وشحن السيارات بالطعام لتوزيعه علي المستحقين ، وقبل الانطلاق سمعت السيدة كاري تقول " قبل توزيع الطعام اناشد كل العاملين وفريق العمل أن يأخذوا ما يردونه دون تردد أو خجل " ، فإذ بيدي ترتعش ويسقط ما كان فيها ، وتخدرت أعصاب جسدي التي كات في أوج نشاطها من روعة ما سمعت ، ورحت أقول لنفسي نعم .. نعم إنه التطبيق العملي لأيات الذكر الحكيم في القرآن الكريم الذي يقول " إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ " .
نعم نحن فريق العمل العاملين عليها ، ها هي تطبق سيدة أوروبية التي لم تقرأ القرآن قط ولم تعرف آيات توزيع الصدقات ، ها هي تطبق آية محكمة من آيات الذكر الحكيم في توزيع الصدقات دون علم مسبق . تراكمت الدموع في عيني وارتعشت أوصالي وخبئت حالتي وجاش صوت في صدري يقول وأسلاما واقرآناه ، قد هجرك بلاد المتأسلمين عمدا فصرنا كالأوس والخزرج نولي الجاهلين عليا وننتظر من الغباء مخرج !!
واأسلاما وقرأناه ; ها هو يطبقك آياتك الغرب دون ان يعرفوا عنك شيئا !!
وكان أثناء العمل كنت اتحدث معهم وأقول لهم أن ما تفعلونه هو التطبيق الحي لآيات الصدقات بالقرآن الكريم ، ورحت اشرح لهم معني قوله جلا وعلا " " إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ " ، وإنكم تطبقونها بحذافيرها بدون علم مسبق ، وأن الأسلام الحقيقي مختلف تماما عن أديان المتأسلمين ، علي العكس بل هم أعدائه الحقيقيين . كانوا يستمعون لي والابتسامات تملئ وجوههم بآذان صاغية ، أنهم نعم الصحبة هم .
قمنا بتحميل السيارات بالطعام وانطلقنا للاماكن المعنية وأثناء الطريق كانت السيدة Carrie Sant تعلمنا انه يجب ان تكون ابتسماتنا سباقة قبل أيدينا ، وأن نكون صبوريين حالمين ، وأن لايشعر من مستحقي الصدقات أننا نعطيه منحة ، بل هو حقه المستحق .
هذه المرة لم استطع اقاوم الدموع التي انهالت علي جفوني ألما وحرقا من روعة ما اسمع ومن جمال الخلق والأخلاق ، نعم ، " إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا " ، وأمة الميار والنصف مسلم ذهبوا ويبقي باب الأمل مفتوح للرجوع للاحتكام للقرآن الكريم والأيمان القلبي الخالص بالله العزيز الحكيم .
انهينا عملنا علي اكمل وجه ورأينا الفرحة علي وجه الناس المعنيين بالصدقات وأطفالهم أيضا ، ولم يبقي أي طعام بالمخازن .
أيام عظيمة لاتنسي وصحبة جميلة مع اصدقاء لاتنسي في بلد عظيم ، رأيت فيه الخلق القويم ، واحترام الإنسان ورعايته .
عمار يابلد .. والله عمار يابلد !!
life as it should to be ,helping ,love ,morality great goals and those who have, giving to those who have not .this is what happened to me when I volunteered for three days with my English mum Carrie and the organisation she leads called City Saints In Action .
Nearly 8000 young people gathered to share their faith at The Norfolk show ground . It was amazing to see them gathered in a giant tent to worship .
Carrie hates to see food wasted when some are hungry so 25 volunteer Christians and Muslim working together collected nearly £7000 worth of left over food and distributed it to those in need and to those that care for them.
We met so many wonderful people those attending camp, those volunteering, and those to whom we took food. I now have many more friends.
هذا الكلام باللغة الانجليزية مع الصور مع فريق العمل منشور علي صفحة الفيس بوك الخاصة بي .
https://www.facebook.com/salah.elngar.7
اجمالي القراءات
7611
وحمدا لرب العزة أن أنجاك من القوم الظالمين فى مصر ، وأتاح لك الهروب من اضطهادهم وجبروتهم . وأعرف أنه كلما تعاملت مع المجتمع البريطانى ستجد السمو فى الأخلاق والنُّبل فى التعامل والتحضر كما ينبغى أن يكون . أرجو أن تُتاح لك الفرصة لكى تخدم وطنك الجديد بكل ما تستطيع .