آحمد صبحي منصور Ýí 2016-09-29
مقدمة :
1 ـ جاءنى هذا السؤال : ( يذكر القران الكريم أن الكعبة بنيت منذ زمن ابراهيم عليه السلام و دعا الناس للحج إليها و نحن نعرف بأن اليهود و النصارى و أنبيائهم موسى و عيسى يؤمنون بابراهيم , و السؤال هنا لماذا انفرد المسلمون بتقديس البيت الحرام و لم نسمع مرة أن اليهود و النصارى يقدسونه و يرغبون بالحج إليه بينما اتفق اصحاب الديانات الثلاث على قدسية مدينة القدس في فلسطين ؟ )
2 ـ فى البداية أرجو أن تقرأ كتاب (الحج بين الاسلام والمسلمين ) , ومع هذا أقول سريعا :
أولا :
1 ـ الكعبة بيت الله الحرام هى أول بيت لرب العزة وضعه الله جل وعلا للناس ، منذ أن كان هناك على كوكب الأرض ناس ، أى منذ الجيل الأول من أبناء آدم . لذا هو (البيت العتيق ): (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29) (ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (33) الحج ) . ( العتيق ) أى القديم. فهو البيت العتيق الذى جعله الله جل وعلا قياما للناس منذ كان هناك (ناس )، يقول جل وعلا : ( جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ ) (97) المائدة )
2 ـ وقبل ابراهيم عليه السلام مرت على البيت الحرام عصور غطته الأوثان والأصنام والقبور المقدسة ، ثم أوضح الله جل وعلا لابراهيم مكان البيت : (:( وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ ) 26 الحج ) وأمره وابنه اسماعيل برفع قواعده: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) البقرة ) ، وتطهيره مما أحاط به من أوثان : ( وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125) البقرة ). ( وَطَهِّرْ بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) الحج ). ثم أمره بالدعوة العامة الى الحج الي البيت الحرام من كل فج عميق ،وجعل البيت الحرام سواء للناس جميعا ، المقيم فى مكة والذى يقطع البوادى حجا اليه يقول جل وعلا :( وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِي ) (25) الحج ) الشرط فى الحج هو الأمن للجميع داخل بيت الله الحرام ، فقد فرض الله جل وعلا الأمن لمن يدخل في بيته (وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً ) (97) آل عمران ) بل والأمن للمسافر اليه والأمن لما يكون معه من حيوانات الهدى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَاناً ) (2) المائدة )، وجعل الحج اليه للناس جميعا المسالمين منهم الذين يحترمون كون البيت الحرام مثابة للناس وأمنا ، يقول جل وعلا (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً ). وفى حرم الرحمن حيث الأمن والطمأنينة ينسون فيه خلافاتهم وشقاقاتهم ويتفرغون أياما يتطهرون فيها من المعاصى .
3 ـ ومعلوم أن هذه هى أوامر الله جل وعلا . ومعروف أن تنفيذها يقع على البشر ، وهم مسئولون عن هذا التطبيق يوم الدين ، ومعروف أيضا أن اكثرية البشر ضالون مُضلون عُصاة فاسقون: (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ) (116) الانعام ) . ويظهر هذا فى تطبيق شرع الرحمن جل وعلا سواء فى العبادات أو فى السلوكيات . منهم من لا يؤدى العبادات أصلا ، ومنهم من يؤديها بخلاف شرع الرحمن جل وعلا .
4 ـ لقد تلاعب الشيطان بالبشر قبل ابراهيم ثم تلاعب بذرية ابراهيم وغيرهم . منهم من إستمر يحج الى البيت الحرام من العرب وأهل الكتاب ، ولكن مع تحريف وتقديس للبشر والحجر . النتيجة المؤسفة أنه لم يعد حجا للبيت الحرام بل حجا فى سبيل الشيطان .
5 ـ الدليل الساطع أنه لا يمكن لأحدهم أن يتصور نفسه يحج للبيت الحرام دون زيارة (الحبيب ) و ( الروضة الشريفة ). هنا يكون حجه هذا فى سبيل الشيطان ، لأنه يقدس رجسا من عمل الشيطان .!!
ثانيا :
1 ـ نزل القرآن الكريم فى إصلاح ما أفسده العرب وأهل الكتاب فى ملة ابراهيم . كان العرب يحجون طيلة الشهر الحرم ولكن مع ابتداعات وإعتداءات ونسىء ومظالم وانتهاك لحُرمة البيت الحرام ، و الحج للأوثان والقبور المقدسة وملء البيت الحرام بأوثانهم وما كان يعرف بطواف العراة وإستغلال قريش للبيت الحرام وسيطرتها على مناسك الجج فى سلب العرب أموالهم . نزل القرآن الكريم فى إصلاح ملة ابراهيم ومنها فريضة الحج . ولكن ما لبث أن عادت التحريفات القديمة وتحصنت بأحاديث شيطانية ما أنزل الله جل وعلا بها من سلطان ، وبتشريعات شيطانية تنسب نفسها للاسلام بالزور والبهتان . وبها تتم مناسك الحج اليوم ، ويعود منها (الحاج ) يحمل لقب (الحاج ) يختال به يفخر بأنه (زار الحبيب ) و شاهد الروضة ووضع يده على شباك النبى ، وأن النبى شعر به وإستعرض أعماله فأصبح مغفورا له، فرجع (عاريا ) من الذنوب كيوم ولدته أمُّه . والحقيقة أنه رجع جالسا على خازوق أكبر من برج أيفل .!! .
2 ـ يكفى من سخرية الشيطان بهم أنه جعلهم يعتقدون أن الاحرام للرجال هو فى لبس لباس يكشف عوراتهم ويظهر مؤخراتهم . ولو قيل لهم غير ذلك ثاروا وغضبوا . إن الاحرام هو نية التبتل لرب العزة طيلة تأدية المناسك ، حيث يجتمع وقتها ( الحرم المكانى والحرم الزمانى والحرم القلبى الايمانى ) ، ونرى هذا فى الحج الى البيت الحرام ( الحرم المكانى ) الذى شرعه الله جل وعلا لنؤديه فى الأشهر الحُرُم ( الحرم الزمانى )( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِي يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ (197) البقرة) ، ويكون الاحرام بتطهير القلب من الشرور وإخلاص العبادة وتأدية المناسك وقت الحج ( وهذا هو معنى الإحرام ، وهو إجتماع الحُرُمات الثلاث : القلب المؤمن الخاشع الذى يؤدى المناسك فى ( الزمان ) الحرام أو الشهر الحرام ، وفى (المكان الحرام ـ) البيت الحرام ). لو قلت لأحدهم إن الاحرام ليس مجرد لباس للرجال يكشف العورة، لاتهمك بالكفر مصمما على كشف عورته فى البيت الحرام . ناسيا إن رب العزة جل وعلا يقول : (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) (31) الاعراف ) ، فإذا كان التزين واجبا عند كل مسجد ، فكيف بالمسجد الحرام ؟ لو قلت له إنه يمكنه أن يحج خلال الأشهر الأربعة الحُرم من ذى الحجة الى ربيع الأول وقرأت له قول رب العزة :( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ) لاتهمك بالكفر لأن هذا يخالف ما وجد عليه آباءه . ثم إبتداع آخر أفظع وهو ذكر ابليس فى الحرم الالهى بزعم رجمه ، وإقامة أنصاب على ذكرى ابليس ، والتصارع فى رجم هذه الأنصاب . أى إصرار على ذكر ابليس فى المسجد الحرام . ومن يخالف هذا فهو مرتد حلال الدم . ثم إستغلال البيت الحرام للأغراض السياسية ، والصّد عنه ، وتحويله الى ساحات حرب وقتال ، وهو الذى جعله رب العزة مثابة للناس وأمنا . ولنتذكر أن الله جل وعلا توعّد صاحب الارادة السيئة القلبية ـ فى الحرم ـ بالعذاب الأليم ، يقول جل وعلا : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِي وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25) الحج ) .
3 ـ وخلال قرون طويلة كان الاعراب يهاجمون قوافل الحجاج ، بل وكان الأشراف المسيطرون على مكة ينهبون الحجاج ويقتلونهم . على أن إستمرار الهجوم على قوافل الحج حتّم تسيير جيش مع القوافل وحصر الحج فى موسم بداية الحج فى الاسبوع الأول من شهر ذى الحجة ، وصار هذا شريعة أرضية مستمرة حتى اليوم . بالاضافة الى الحج الى الرجس المنسوب للنبى وإعتبار زيارة (الحبيب ) أهم من الحج للبيت الحرام ، وإعتبار الكعبة نفسها وثنا والصراع حول لمسها عند الطواف وتقديس ما يسمى بالحجر الأسود .
4 ـ هذه لمحة عن العصيان والابتداع فى الحج ممّن لا يزالون يقومون بالحج . إن ما يحدث الآن فى الحج هو عصيان للخالق جل وعلا ، و مخالف لشرع الرحمن فى عبادة الحج . وكل هذا التحريف والعصيان والقتل والقتال يجعل الحج الذى يقومون به ليس الى بيت الرحمن ولكن فى سبيل الشيطان ،
ثالثا :
1 ـ كان أهل الكتاب فى المنطقة يحجون الى البيت الحرام ضمن معرفتهم بملة ابراهيم ـ مع تحريفهم فى ملة ابراهيم . ونتوقف مع قوله جل وعلا : (كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (93)آل عمران ) هنا دليل على وجود التوراة الحقيقية لدى بنى اسرائيل وقتها ، حيث تحداهم ب العزة جل وعلا أن يتلوها . وفى الآية التالية يقول جل وعلا : ( فَمَنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (94) آل عمران ) هنا تحذير لهم من الافتراء على الله كذبا . وهو تحذير يعنى معرفتهم بالله جل وعلا . وفى الآية التالية يقول جل وعلا : ( قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (95) آل عمران ). هنا دعوة لهم للتمسك بملة ابراهيم التى تعنى أنه لا إله إلا الله . وفى الآية التالية يقول جل وعلا : ( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ (97) آل عمران ) هنا تذكير لهم ولغيرهم بالحج الى البيت الحرام .
2 ـ إستغلت قريش البيت الحرام وفريضة الحج للإستفادة السياسية والاقتصادية ، ومن أجل مصالحها عارضت الاسلام ثم دخلت فى الاسلام . ثم إقترفت الفتوحات العربية من عهد أبى بكر وعمر ومن جاء بعدهم . ومن البداية قام عمر بن الخطاب بطرد أهل الكتاب من الجزيرة العربية ومنعهم من الحج ، فتوالت أجيال تناست الحج الى البيت الحرام . وتقع المسئولية على ( عمر بن الخطاب ) ومن جاء بعده . هذا بالنسبة لأهل الكتاب من غير الأوربيين . بالنسبة للأوربيين تقع المسئولية أيضا على قريش ، بالفتوحات التى بدأها العرب إنقسم العالم الى معسكرين متحاربين كل منهما يرمى الآخر بالكفر ، ويشن عليه حربا دينية . ولم يكن منتظرا فى هذه الحالة والتى إستمرت قرونا أن يحج الأوربيون الى البيت الحرام فى مكة .
3 ـ على أنه حتى بدون هذه الحرب بين العرب والأوربيين فلم يكن منتظرا أن يحج الأوربيون الى الكعبة . إن الروم البيزنطيين قد صنعوا من البداية (مسيحية ) تتفق مع تراثهم الأوربى بقدر ما تخلو من ملامح ملة ابراهيم التى كانت تتجلى لدى العرب وأهل الكتاب فى الجزيرة العربية وما يعرف الآن بالشرق الأوسط . وبينما عرف أهل الكتاب فى الجزيرة العربية الانجيل الحقيقى والتوراة الحقيقية فإن البيزنطيين كانوا قد حرموا الانجيل الحقيقى وأناجيل أخرى وأقروا أناجيل مصنوعة تكرّس الثالوث المعتمد لديهم . ثم لا ننسى مشاعر الاستعلاء الأوربى البيزنطى نحو العرب ، وقد كان البيزنطيون إحدى القوتين العظميين قبل نزول القرآن ، ثم إستمروا فى مواجهة العرب بعد سقوط القوة العظمى الفارسية .
4 ـ ولكن تستمر مسئولية العرب القرشيين فى تحريف مناسك الحج فى ناحية أخرى . لقد جعل الخلفاء القرشيون العالم معسكرين : ( معسكر السلام : دار السلام ) مقابل ) معسكر الحرب والكفر ) أى معسكر اوربا والبيزنطيين خصوصا . وبينما دارت الحرب بين المعسكرين فإن الحرب لم تتوقف ولم تهدأ بين ( المسلمين ) داخل (دار السلام أو معسكر السلام ) ,هذا ما نشرحه فى مقالات كتاب عن مسلسل الدماء فى عصر الخلفاء . وقبله سبق أن توقفنا مع (الفتنة الكبرى ) الثانية بعد مقتل الحسين الى مقتل عبد الله بن الزبير . وأشرنا الى أن عبد الملك بن مروان قد أسّس المسجد الأقصى حين سيطر خصمه عبد الله بن الزبير على مكة والكعبة وتحكم فى الحج وإستغله فى الدعاية ضد الأمويين وفى إثارة الحجاج من أهل الشام على عبد الملك بن مروان . لذا دعا عبد الملك الى الحج الى المسجد الأقصى بديلا عن المسجد الحرام . وبعد القضاء على ابن الزبير إستمر تقديس ما اسموه بالمسجد الأقصى ، وزعموا أنه المشار اليه فى أول سورة الاسراء . وقد كتبنا فى كتاب ( ليلة الاسراء هى ليلة القدر ) أن المسجد الأقصى هو المقصود هو ما كان فى جبل الطور فى سيناء .
5 ـ ومع دخول أبناء أهل الكتاب فى (الاسلام ) فقد دخلوا فيه بثقافتهم المتوارثة ، وبعضها مختلط بكراهية الاسلام نفسه والرغبة فى تدميره من الداخل ، فهم لم يعرفوا عن الاسلام إلا ما عاناه أجدادهم من الفتوحات العربية من سلب ونهب وسبى واسترقاق ومذابح وإحتلال . الاسلام الحقيقى فى القرآن الكريم وجدوه مهجورا بالأحاديث التى إفتراها أئمة السنيين العرب ( مالك والشافعى ) فإتسعت الساحة لهم لكى ينشئوا هم أيضا مصانع أخرى لافتراء الأحاديث تحمل الثقافات الدينية المنتشرة والسائدة ، لذا تضاعف عدد الأحاديث منذ القرن الثالث الهجرى ، مع إتساع دخول القاعدة العريضة الى (الاسلام ) فى نفس التوقيت .
6 ـ ومن وقتها بدأ معروفا تقسيم (المسلمين ) الى شيعة وسُنّة و صوفية ، ولكل منهم أئمته وأسفاره المقدسة . ومع إختلافاتهم فى كل شىء إلا أنهم يتفقون فى عداء الاسلام الحق وفى إتخاذ القرآن مهجورا .
7 ـ والله جل وعلا يجعل التفرق ملمحا اساسا من ملامح الكفر والشرك العقيدى ، قال جل وعلا يأمر المؤمنين بالاعتصام بالقرآن الكريم وحده ( حبل الله ) وينهاهم عن التفرق فى الدين : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا )(103) آل عمران ) ثم ينهاهم ثانيا عن التفرق فى الدين كما حدث لأهل الكتاب من قبلهم : ( وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) آل عمران ). وقال جل وعلا أيضا يأمرهم بإتباع القرآن الكريم الصراط المستقيم وينهاهم عن إتباع السُّبُل : (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)الانعام ) . وقال جل وعلا ينهاهم عن الشرك وأنه التفرق فى الدين : ( وَلا تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32) الروم ) . وقال جل وعلا لرسوله بالبراءة ممّن فرّق دينه : ( إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (159) الانعام ). الرسول محمد عليه السلام برىء من أولئك الذين فرقوا دينهم الى سنة و شيعة وصوفية وإتخذوا القرآن مهجورا . الرسول محمد عليه السلام برىء من أولئك ( المحمديين ) .!!
أخيرا
1 ـ إستشهدنا بهذه الآيات الكريمة لصلتها الوثيقة بموضوع الحج لدى المحمديين . ففى العصور الوسطى كان الحجاج ينقسمون شيعا وأحزابا ، ليس فقط بين السنة والشيعة والصوفية ، وليس فقط بين حجاج بلد كذا وبلد كذا ، ولكن على مستوى المذاهب . فقد كان للحجاج الشافعية إمام وللمالكية إمام وللحنفية إمام وللحنابلة إمام ، ويصلى أتباع كل مذهب بإمامهم حول الكعبة . وكان العداء بينهم شديدا وكان الخلاف بينهم حول هيئات الصلاة مثل رفع اليد عند التكبير أو وضع اليد أو عدم وضعها ، أو رفع الصوت بالبسملة أو عدم قولها .. وبالتالى كانت مناسك الحج مناسبة للجدل الفقهى مع أن الجدال محرم فى الحج . نقصد الحج فى الاسلام وليس فى أديانهم الأرضية .
2 ـ وليس ما يحدث اليوم منفصلا عن الأمس . الأسرة السعودية تسيطر على البيت الحرام وتفرض إتاوة على من يحج ، والايرانيون غاضبون من هذا بسبب المنافسة السياسية ، ولقد تحول الحج والبيت الحرام الى ساحة للصراع السياسى على هامش المعارك الحربية بين السنة والشيعة من اليمن الى الشام والعراق وووو..
فقرية السجدةهذه، أو قرية حطة هي موضع السجود عند قوم موسى ع.س. أي هي المسجد المشار إليه في قوله تعالى: (وليدخلوا المسجد(أي "مسجد الحطة" الذي عبارة عن "قرية السجدة")، كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا)[الإسراء: 7]. المراد بالمسجد هنا هو "قرية السجدة"التي أمر الله سبحانه وتعالى موسى وقومه أن يدخلوها سجدا. وتلك القرية المعروفة ب"أورشليم" هي "المسجد" أي محل و مقام سجود موسى ومن معه. فهو منسك بني إسرائيل (أي قبلتهم ومعبدهم)، ابتداء من موسى عليه سلام. وقبل مجيء موسى ع.س، كان يحج إبراهيم وبنيه إلى الكعبة ببكة.
فالمراد بدخول المسجد في "آية التتبير"، هو دخول القرية؛ وليس الدخول في بناء. إذ لم يكن المسجد بناء بعد. وﻷن الجيش لا يسع الدخول في بناء. هذا من جهة. ومن جهة ثانية، لا يوجد داخل بناء(أو مسجد) ما يعلوا حتى يتبر تتبيرا. وعليه، فالمعنى هو تتبير ما يعلوا في" قرية السجدة" تتبيرا. أي وليدخلوا "القرية المقدسة" المسماة بالمسجد (لكونها مكان سجدة الحطة) كما دخلوه أول مرة، وليتبروا ما علوا فيها من البناء تتبيرا.
غير أن بني إسرائيل حددوا، فيما بعد، موضع سجود موسى ومن معه "بالضبط"، واتخذوه مسجدا، اي محل السجود الوحيد في القرية، وأحاطوه بحيطان، فأصبح المسجد (أو الهيكل). بدلا من القرية لكها. وذلك "مسجد الحطة" في محل سجود موسى ومن معه بقرية السجدة، هو" المسجد الأقصى" الأصيل الذي أمسى يحج إليه بنو إسرائيل، بدﻻ من الكعبة، ابتداء من موسى ع.س.
.
إن إبراهيم عليه سلام وبنيه كانوا، من قبل مجيء موسى، يحجون إلى البيت الحرام؛ ثم جُعل لموسى من معه (بعد ما اجتازوا البحر) منسكا خاصا بهم: "قرية السجدة" (قرية ألأكل والشرب والسجود) التي بورك حولها. قال تعالى: (وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية وكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة؛ نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين)[البقرة: 58]
وذلك القرية أو المسجد هو "المسجد الأقصىالعتيق" الذي أُسري إليه النبي محمد. وهو "الحرم المكاني والزمني"الثاني (إذا استعرنا العبارة من د. احمد صبحي ) في ملة إبراهيم. ومنسك بني إسرائيل. قال تعالى:(لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه. فلا ينزعنك في الأمر!…)
تابع
لم يعد المسجد الأقصى موجودا أيام أُسرى بالنبي ص، وإنما أسري إلى "قرية السجدة"، أي "قرية حطة" المشارة إليها في آية: (وقلنا أدخلوا هذه القرية، وكلوا منها حيث شئتم رغدا؛ وادخلوا الباب سجدا، وقولوا حطة، نغفر لكم خطاياكم...) وهي القرية التي تحتضن مكان سجود موسى ومن كان معه. وهي المسجد (اسم مكان) كما نقول: مسكن أو مبيت. وكذلك نقول مسجد، (أي المكان الذي سُجِدَ فيه). وهي القرية المعروفة ب "أورشليم".
ثم حُدد فيما بعد موضع سجود موسى وقومه "بالضبط" وبُني؛ فأمسى المسجد بناء؛ بعد ما كان قرية.
والمسجد الأقصى، في مصطلح القرآن، هو تلك القرية التي أُمر موسى وقومه أن يدخلوها ويسجدوا فيها شكرا لله س.ت، ويَطّعمون ويُطعمون، ليُغفر لهم خطاياهم.
والمسجد قد هُدم مرتين، مرة على يد البابليين بقيادة نبوخذنصر عام 586 قبل الميلاد. ثم أعيد بنائه؛ وهُدم مرة ثانية على يد الرومان، عام 70 ميلادية.
أما "المسجد الأقصى" الموجود حاليا في مدينة القدس (أورشليم) بفلسطين، ما هو إلا المُصلى الذي بناه عمر بن الخطاب (عند فتح المدينة في عام 236 ميلادية)، في مقربة من مكان البناء القديم. ثم أعاد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان بناء ذلك "المسجد العُمَري"، عام 685، وزاد فيه قبة الصخرة. وهو "المسجد العمري المرواني" المسمى حاليابمسجد القدس. ولا علاقة له بالمسجد الأقصى القرآني، الذي يُعنى به "قرية السجدة" أو "قرية حِطةٌ" المعروفة الآن ب (أورشليم)، والتي كانت مسجد (أي مكان سجود) موسى وقومه. وهي المسجد أو القرية الذي أُسري إليه النبي ص.
إضافة:
كان عندنا قديما في إفريقيا، مواسم تقام بعد الحصاد وجمع المحاصيل الزراعية. و"أميل إلى الاعتقاد" ان أصلها كان دينيالقوله تعالى: (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير.)وقوله: (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا؛ أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت. فمنهم من هدى الله، ومنهم من حقت عليه الضلالة)أي أنه كان منسكا (أي موسم شكر عند القوم) ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من المحاصيل الزراعية الوافرة. فكان موسم الأكل والشرب والرقص والتسامح وعدم الاعتراض. فكان، بموجب عدم الاعتراض ذاك، إذا رأى رجل أخته أو زوجته مع رجل آخر فإنه يلزم عدم الاعتراض والتسامح. وهو كذلك يمشي مع من يشاء من النساء أو بنات اﻵخرين. فكان موسم الأكل والشرب والرقص والشيوع الجنسي الجماعي. بدعوى التسامح وعدم الاحتجاج. (Do not argue)
وذلك يذكرني بقوله تعالى: (فلا الرفث ولا الفسوق ولا الجدال في الحج). فكأنهم حذفوا "فلا الرفث ولا الفسوق"، وأبقوا "ولا الجدال". ففسروه ب(لا احتجاج ولا تخاصم).
تابع
وأخيرا:
"أميل إلى الاعتقاد" أن جميع "سبل الغي"من ديانات الوثنيين، كانت في البداية "سبل رشد". فشوّهها لهم الشيطان فأصبحت من السبل الجائرة. مصداقا لقوله تعالى: (وعلى الله قصد السبيل. (دائما في البداية)ومنها جائر. (أي ضال فما بعد)ولو شاء لهداكم أجمعين.)[النحل: 9]؛وقوله تعالى: (تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم؛ (أي فشوّه لهم شريعتهم)فهو وليهم اليوم؛ ولهم عذاب أليم)[النحل: 63]. وينطبق ذلك على أصحاب الأديان الأرضية تماما!. أسفا! لم يعد هناك نبي يأتي ليبين شيئا ﻷحد! والحمد لله! هناك كتاب الله (القرآن) يبقى معنا إلى قيام الساعة، هدى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
وأومن أن الله سبحانه وتعالى كان قد جعل لكل أمة منسكا. ثم مع الزمن، بدلها الشيطان إلى مهرجانات بهلوانية، مثل "العاب الأولومبية"وغيرها من المواسم التي تقام وتحتفل عند جميع الشعوب.
وحتى " كارناوال" في براسيليا، يبدو أنه كان، في البداية، عيدا دينيا لشكر الله بعد الحصاد، كما كان الحال عند كثير من شعوب العالم. مصداقا لقوله تعالى: (ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام.)أو من المحاصيل الزراعية.[الحج: 24] فشوهها لهم الشيطان، كعادته، فأصبحوا يرقصون فيها عراة، كما كان العرب يطوفون بالبيت حفاة عراة، هم كذلك!فبعْدا لشياطين الإنس والجن. كما بعُد إبليس.
والله أعلم.
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5118 |
اجمالي القراءات | : | 56,903,594 |
تعليقات له | : | 5,451 |
تعليقات عليه | : | 14,828 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
تدبر آيات 32 : 34 من سورة الشورى
جريمة الإبادة الجماعية بين ( إسرائيل ) والعرب والمحمديين
القاموس القرآنى : ( البشر والانسان )
( من مات قامت قيامته ) تلك الأُكذوبة السلفية الكافرة بالقرآن الكريم
دعوة للتبرع
البقرة 190 : 191 : الآي ة 190 من سورة البقر ة تقول : (...
التدبر وليس الحفظ: أخوكم في الله نوفوي ابري خريج...
الشذوذ من تالت: ( وَالل َّذَا نِ يَأْت ِيَان ِهَا ...
مسجد الضرار: بالنس بة لتحري م الصلا ة بمسجد الضرا ر ....
معنى الاخلاص : ماهو الإخل اص في العبا دة و كيف تكون عبادت ي ...
more
رأيي في الموضوع.
يبدو أنه من اﻵيات المنسوخة (المنقولة) من الصحف اﻷولى (صحف إبراهيم) الآية التالية: (ولكل أمة جعلنا منسكاليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام. فإلهكم إله واحد فله أسلموا وبشر المخبتين)فكان سببا لدعوة نبي الله إبراهيم حين دعا قائلا:(ربنا واجعلنا مسلمين لك. ومن ذريتنا أمة مسلمة لك.وأرنا مناسكنا...)
وقال تعالى:(وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت، (المنسك المطلوب)، أن لا تشرك بي شيئا! وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود.(
والكعبة كانت منسك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وبنيه، إلى مجيء موسى عليه سلام.
فلما جاوز موسى ببني إسرائيل البحر، طلبوا منه منسكا، لما راوا أقواما يعكفون على أصنام لهم. فقالوا: (اجعل لنا إلها كما لهم آلهة!)(وجاوزنا ببني إسرائيل البحر؛ فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم؛ قالوا يا موسى اجعل لنا إلـها كما لهم آلهة. قال إنكم قوم تجهلون!.) فقيل لهم ادخلوا هذه القرية فإن لكم ما سألتم. (وإذ قلنا ادخلوا هـذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا{أي عيد طعام للجميع، لا حجز فيه}،وادخلوا الباب سجداوقولوا حطة، نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين) "المحسنون" هم الذين جهزوا الطعام للجميع. بعد السجود (الصلاة) والقول ما قيل لهم.
إذ موسى والذين آمنوا د معه خلوا القرية، واحتفلوا فيها النجاةَ، بالأكل والشرب والسجود كما أمروا، وقالوا ما قيل لهم؛ أي "حطة".
ثم علموا أن الاحتفال والصلاة ، بتاريخ ذلك اليوم ، داخل تلك القرية ، هو منسكهم. حيث اشتمل اﻷمر اﻹلهي: زمنا ومكانا، وكيفا. اما الذين ظلموا من قوم موسى فإنهم سجدوا، لكن الشيطان زين لهم قولا غير الذي قيل لهم، فزين لهم أنه أحسن أقوم قيلا. فأطاعوه وبدلوا. فأنزل عليهم ، وحدهم ، رجس من السماء. على صورة وباء.
ومع موسى عليه سلام، أصبح لبني إسرائيل منسكا خاصا بهم؛ وهو "قرية السجدة":(لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه. فلا ينازعنك في الأمر! ...)[الحج:67]. أي أهل الكتاب.ولم يحج موسى وعيسى وقومهما إلى الكعبة. بل أمسوا يحجون إلى المنسك الذي جعل لهم (ابتداء من موسى) في قرية السجدة. (أورشليم)
وقال كذلك: (ولكل أمة جعلنا منسكاليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام. فإلهكم إله واحد فله أسلموا وبشر المخبتين)[الحج: 34]
تابع