آحمد صبحي منصور Ýí 2013-01-27
كتاب الحج بين الاسلام والمسلمين
الباب الأول : منهج القرآن الكريم فى التأكيد على التقوى غاية ومقصدا لفريضة الحج :
الفصل السادس : الاحرام تجسيد للتقوى فى الحج : ( الحج هو الاحرام )
مقدمة :
1 ـ التقوى تتجسّد فى الحج بالاحرام . لا تتجسّد بالزى كما يفعل حجاج المسلمين اليوم حين يتحوّل الاحرام بالحج الى زىّ يكشف عورة الرجل ويعرقل حركته فى الطواف والصلاة وسائر المناسك . الإحرام بالحج يعنى أن تجتمع الحرمات الثلاث فى نفس الزمان ونفس المكان ومع خشوع قلب الانسان . هذه هى حكمة الحج الذى تجتمع فيه الحرمات الثلاثة : الحرم المكانى وهو بيت الله الحرام ، والحرم الزمانى هو الشهر الحرام ، والحرم الانسانى وهو القلب محل التقوى ، أو بالتعبير القرآنى ( تقوى القلوب ) وجاء هذا فى سياق تشريعات الحج فى سورة الحج (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32).
2 ـ و" حرم الإنسان " هو ما يحميه الإنسان وما يقاتل دفاعا عنه، و" الحُرمة " بضم الحاء مالا يحل انتهاكه، و" حرمك " بفتح الحاء أي نساؤك وما تحمي ، وهي (المحارم) ، والواحدة منها (محرمة) ، وكما للإنسان "حرم" يدافع عنه ويحميه فالله تعالى ثلاث من "الحرم ": زمانى ومكانى وقلبى إنسانى، وبالحج تجتمع الحرمات الثلاث فى الزمان والمكان والانسان.وهذا هو معنى (الاحرام )، إذ يؤدي الحاج مناسك الحج للبيت الحرام في الأشهر الحرم بقلب ملىء بالتقوى حيث الحرم الثالث داخل الإنسان. ومن هنا تأتى عالمية الحج ، فالدعوة من الله جل وعلا خالق الكون لكل البشر أن يقوموا بالحج في الأشهر الحرم إلى بيت الله العتيق أول بيت وضع للناس ببكة مباركاً وهدى للعالمين. ونتوقف مع بعض التفصيل. أولا : الحرم الزمانى : الاحرام والأشهر الحرم:
1 ـ حرم الله الزمانى وهو الأشهر الحرم الأربعة التي منع الله فيه الإنسان من أن يظلم أخاه ، وبالتالي فلا قتال إلا في حالة الدفاع . وهذا تشريع عام لكل البشر فى أى زمان وأى مكان:( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ )(36) التوبة). والحج للبيت الحرام ( الحرم المكانى ) يكون خلال هذه الأشهر الحرام . ويأتى التعبير القرآنى عنها بالأشهر الحرم وبالشهر الحرام . ويتم الحج فى أى وقت خلال الأشهر الحرم الأربعة ، حيث يستمر حج الفرد بضعة أيام ، يقضى فيها المناسك ثم يعود الى بيته. ويظل موسم الحج مفتوحا من بداية إفتتاح موسم الحج فيما يعرف بالحج الأكبر فى الاسبوع الأول من شهر ذى الحجة الى أن تنتهى الأشهر الأربعة الحرم مع نهاية ربيع الأول . ثم يأتى التيسير الالهى بجواز البدء بالحج بيومين قبل بدء شهر ذى الحجة ،وجواز التأخر يومين بعد إنتهاء الأشهر الحرم الأربعة فى ربيع الأول ، أى أول يومين فى ربيع الثانى .
2 ـ عن الأشهر الحرم التي يجوز الحج خلالها يقول رب العزة: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ )(البقرة /197 ) . إذن هناك أشهر معلومة للحج يعلمها العرب، ومن أدى فريضة الحج في هذه الأشهر فعليه ان يلتزم بواجبات الحج والإحرام عند بيت الله. ومدة الحج خلال هذه الأشهر تستغرق أياماً معدودات معلومات لمن ادى الفريضة فيهن. وهذه الأيام المعدودات تكفي كل مناسك الحج من طواف ووقوف بعرفة والسعي بين الصفا والمروة وتقديم الهدي .والله تعالى يبيح للمضطر أن يبدأ الحج قبل بدايته بيومين او ان يتأخر بعده بيومين:( وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ.(203) البقرة). والشرط هنا هو مراعاة التقوى لمن يتقدم قبل الموعد ولمن يتأخّر بعده:( وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنْ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (203) ( البقرة ). والتعبير عن الحج هنا بذكر الله ، وسبق التعرّض لارتباط ذكر الله بالتقوى فى فريضة الحج . والمدة التى تتم فيها مناسك الحج هى (أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ) يتم فيها ( ذكر الله ) فى مناسك الحج ،و يكون فيها تنفيذ (الاحرام) فى الحج .هى معدودات لأنه يتم فيها حساب التقوى أو تطبيق الاحرام بالدقيقة والساعة واليوم ، أى معايشة للتقوى خلال أيام معدودات محسوبات يستيقظ فيها ( ضمير المؤمن ) ذاكرا الله جل وعلا مستشعرا تجربة التقوى، أو حسب التعبير المعاصر ( تجربة روحية ). فيها يجتمع الحرم الزمانى (الشهر الحرام) بالحرم المكانى (البيت الحرام) مع قلب المؤمن ( الحرم الانسانى) الذى يتنفس التقوى ويسمو بالنفس .
3 ـ والنسق القرآني يجمع بين الحرمات الثلاث في قوله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا)(2)المائدة). فالناس يحجون إلى البيت الحرام في الشهر الحرام. وقد نهى الله تعالى عن استحلال شعائر الله والشهر الحرام والهدي والقلائد وحجاج البيت الحرام . فجمع هنا بين الحرم الزماني والحرم المكاني وما يتصل بهما. والحرم الانسانى أى القلب مفهوم وجوده فى السياق ضمنا ، لأنّ الله جل وعلا يخاطب قلوب المؤمنين يأمرهم بعدم إستحلال شعائر الله والشهر الحرام والهدى المقدم للبيت الحرام ، وحتى القلائد التى يتم بها تزيين وتمييز الحيوانات المقدمة هديا للبيت الحرام ، وعدم إستحلال حقوق وحياة القادمين للحج الذين يؤمون أو يقصدون أو يسافرون للبيت الحرام ، وعدم الاعتداء على من كان عدوا فى الأشهر الحرم ، ويأتى ختم الآية الكريمة بالتقوى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2).وهنا أيضا إشارة للإحرام أو تجسيد وتطبيق التقوى وقت الاحرام الذى يختلف عن الأوقات الأخرى حين يكون ( الحلّ) ( بكسر الحاء وتشديد اللام )، أى بعد انتهاء فترة ( الاحرام ) يعود الانسان الى ( الحلّ) ، ويمكن له حينئذ أن يصطاد : (وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ).
ويقول سبحانه وتعالى:( جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ )(97) المائدة) فالكعبة هي الحرم المكاني والشهر الحرام هو الحرم الزماني . وأيضا فالحرم الانسانى موجود هنا بالأمر بالتقوى وخشية الله جل وعلا :(جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِوَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (97) اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (98) مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (99) قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (100)المائدة ) .
وعن تحريم القتال في الشهر الحرام (الحرم الزمانى ) وعند البيت الحرام (الحرم المكانى ) يقول سبحانه وتعالى عن المشركين المعتدين البادئين بالعدوان على المسلمين المسالمين : ( وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ )(191) البقرة ). وتأتى التقوى فى نهاية التشريع فى الحديث عن الحرم الزمانى: (الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ)(194) البقرة )، ثم بعدها تفصيلات الحج:( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) إلى ان يقول الله جلّ وعلا :(الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ) (البقرة 196: 197 ).
4 ــ ويبدأ موسم الحج بشهر ذي الحجة. والقرآن يؤكد أن الأشهر الحرم أربعة:( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ )(36) التوبة)، والآية التالية يبيّن فيها رب العزّة جل وعلا كيف حرّف العرب في الأشهر الحرم فقال: ( إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَاماً يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (37) التوبة).
5 ـ وعاد التحريف في الأشهر الحرم بعد نزول القرآن ، فقد جعلوا شهر "رجب " أحد الأشهر الحرم ، وهو شهر منفصل عن بقية الأشهر التى إعتمدوها أشهرا حرما بالمخالفة لشرع الله جلّ وعلا. يروى البخارى حديث ابن عمر " أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشرة أيام من ذى الحج " وقال ابن عباس " ومن السنة أن لا يحرم بالحج إلا فى أشهر الحج " ( البخارى 2/173 ) .وأشهر الحج عند الشافعى هى شوال وذو القعدة وذوالحجة ( الأم 2/132 ) ويؤكد نفس المعنى ابن كثير بحديث يقول :( الحج أشهر معلومات : شوال وذوالقعدة وذوالحجة ).ويقول ابن كثير عن إختلاف المذاهب فى وقت الحج " بعضهم يرى بصحة الأحرام بالحج فى جميع شهور السنة ، وهذا مذهب مالك وأبو حنيفة وابن حنبل وإسحق بن راحوين والنخعى والثورى والليث بن سعد . وذهب الشافعى إلى أنه لا يصح الحج إلا فى أشهره واستدل بقوله سبحانه وتعالى " الحج أشهر معلومات "وبحديث جابر" لا ينبغى لأحد أن يحرم بالحج إلا فى أشهر الحج " ( تفسير ابن كثير 1/236 ، 235 ) .هذا فى الدين الأرضى السّنى.
6 ـ ومن خلال سورة التوبة نتعرف على الأشهر الحرم الحقيقية فى الاسلام . فالرسول حج حجة الوداع في شهر ذي الحجة الحرام سنة 10 هجرية وفيه نزل إعلان البراءة من كل المشركين المعتدين ناكثى العهود . وأذيع ذلك الاعلان يوم الحج الأكبر ـ أو بداية موسم الحج ـ وأعطى المشركين مهلة أربعة أشهر هي الأشهر الحرم ليدخلوا في السلام أو الاسلام السلوكى بالكف عن الاعتداء وحفظ المواثيق . يقول الله سبحانه وتعالى : ( بَرَاءَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (1) فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (2) التوبة). إذن هو إعلان بمهلة أربعة أشهر. فمتى تبدأ هذه المهلة ؟، يقول جلّ وعلا : ( وَأَذَانٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ) (3) التوبة". إذن تبدأ المهلة من يوم الحج الأكبر في شهر ذي الحجة . واسمه الحج الأكبر لأنه إفتتاح موسم الحج .ويستمر موسم الحج طيلة الأشهر الأربعة التالية . والمفهوم أن يسرى ويستمر ويتتابع مفعول الآذان ـ او الانذار ـ في الشهور التالية لتكون الأشهر الحرم هي:( ذو الحجة ، محرم ، صفر ، ربيع أول ) فليس معقولاً ان ينذرهم الله بأشهر سابقة هي شوال وذو القعدة.! ثم يقول الله تعالى : (فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ )(ٌ 5)التوبة). يقول سبحانه وتعالى:( فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ ) والانسلاخ فى اللسان العربى وفى اللسان القرآنى يفيد التتابع، أي ان الأشهر الأربعة الحرم تأتي متتابعة متلاحقة . وعن مفهوم الانسلاخ بالتتابع يقول سبحانه وتعالى : ( وَآيَةٌ لَهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ (37)يس )، فالله سبحانه وتعالى يسلخ النهار عن الليل فيحل الظلام ،والنهار ينسلخ بالتتابع ومرة واحدة ،ولا تبقى أجزاء من النهار تأتي بعد الظلام. إذن كيف يكون رجب من الأشهر الحرم ؟وكيف يكون شوال وذو القعدة منهما ؟؟.
7 ــ ومن رحمة الله جلّ وعلا أن جعل مدة تأدية مناسك الحج أياما معدودات وقرنها بتيسير أكثر، فقال : (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ)َ(203) البقرة) . أي ان الله تعالى أجاز لمن يبدأ المناسك قبل ذي الحجة بيومين أو بعد أنتهاء ربيع الأول بيومين طالما إتقى الله .وقد قال تعالى " الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ )( 197) البقرة )، ذلك يعني بوضوح ان للمسلم أن يؤدي مناسك الحج في أي وقت خلال الأشهر الحرم الأربعة التي تبدا بذي الحجة فالمحرم فصفر فربيع الأول ، وله أن يتعجل قبلها بيومين او يتاخر بعدها بيومين إذا اتقى الله .وهذا تيسير من الله جلّ وعلا ، علاوة على أنه يحقق الحكمة من الحج حين يقترن الشهر الحرام بالبيت الحرام بالاحرام القلبى في موسم الحج . ولكن الذي حدث أن الناس حصروا الحج في بداية ذي الحجة إلى يوم الحج الأكبر . أي أقتصروا في الحج على موسم الافتتاح وحده ، ونسوا الباقي ، وتناسوا قوله تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ). وترتب عليه في عصرنا الراهن أن أصبح الحج عذاباً حين يتكدس الملايين في وقت واحد في مكان واحد يؤدون مشاعرهم معاً في وقت واحد ..
8 ـ هنا يبدو الفارق بين التيسير والتسهيل والتخفيف فى الدين الالهى عكس الدين الأرضى الذى يقوم دائما على التعسير والحظر والتعقيد والتزمت والتطرف . يقول جل وعلا عن رفع الحرج : ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا (78) الحج ) (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ (6) المائدة)، ويقول جل وعلا عن التخفيف ( يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً (28 )( النساء )ويقول:(ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ )(178) البقرة ) ويقول (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ) (185) البقرة ).
ويتجلّى التيسير فى فى تشريع الحج أكثر، فهو على المستطيع فقط أى لمن إستطاع اليه سبيلا وخلال أربعة أشهروليس فى اسبوع واحد ، وتيسيرا على المحصور نزل له تشريع خاص. وبالتالى فإن تكدس الناس بالملايين فى اسبوع واحد يجعل الحج غير واجب فى هذا التكدس لأن فيه حرجا ومشقة وعدم إستطاعة ، وبالتالى أيضا فأمام الناس متسع لتأدية مناسك الحج فى أى اسبوع خلال الأشهر الحرم الأربعة من ذى الحجة الى نهاية ربيع الأول . بل يأتى التخفيف بيومين قبل وبعد الأشهر الحرم . وإذا منع آل سعود الحج فى هذه الأشهر الحرم فيمكن لمن يريد الحج تطبيق شريعة الاحصار ، أى يظل فى بيته ويرسل ما تيسّر من الهدى الى البيت الحرام ، ويلتزم الإحرام فى بيته ولا يحلق شعره الى أن ينتهى الوقت الذى حدده لأداء المناسك. والآن توجد الرفاهية مؤكدة فى الحرم ولم يعد يحتاج الناس هناك للذبائح كما كان من قبل، بل قد يصبح تكدس الذبائح مشكلة، وقد يتم إلقاء بعضها فى الزيالة كما يقال ، لذا يمكن للحاج المحصور أن يرسل بالهدى الى المناطق التى تعانى من المجاعات ، ويخلص لله جل وعلا قلبه وييعمّر قلبه بالتقوى ، فهذا هو الغرض الأسمى من الحج .
9 ـ ولكن كيف حدث أن نسى الناس الأشهر الحرم ونسوا الحج خلالها ؟ وكيف قصروا تأدية الحج فى اسبوع واحد هو أول اسبوع من ذى الحجة ؟ . السياسة هي السبب ، فقد أنتقلت حركة الأحداث بعد الخلفاء الراشدين إلى العواصم الجديدة في الكوفة ثم في دمشق ثم في بغداد والفسطاط والقاهرة وبالتدريج تحولت الجزيرة العربية منذ القرن الثالث إلى الجاهلية فبدأت الغارات على قوافل الحجاج، مما استلزم ـ منذ بداية عصر التدوين ـ ان يتجمع الحجاج في مسيرة واحدة في وقت واحد ويقوم على حمايتهم جيش يقوده أمير الحج . وبذلك كانت وفود الحجيج من كل مكان تأتي في شكل حملات عسكرية لتحمي الحجاج من غارات البدو ، خصوصاً حين كانت الغارات على الحجاج تأخذ تشريعا أرضيا كما كان يفعل الخوارج ثم فى حركة الزنج ثم القرامطة . كانت تلك الأديان الأرضية تنتشر بين قبائل العرب فى منطقة نجد وغيرها. ومعلوم ما فعله القرامطة بالحجاج وبيت الله الحرام ، وقفزت غارات القرامطة إلى سطور التاريخ لارتباطها بحركات سياسية ، اما الغارات العادية للقبائل فقد كانت من الأنشطة العادية ، مما استلزم تجميع الوفود القادمة للحج لتكون في موسم الأفتتاح فقط . ولأن ذلك حدث مواكباً لبداية التدوين المنظم منذ القرن الثالث فقد صار تشريعاً بالأحاديث التي راجت في العصر العباسي . ويضاف إلى ذلك أن الخلفاء الأمويين وغيرهم ـ حرصوا على استغلال موسم الحج للدعاية السياسية في عصر لم يكن الاتصال فيه بين الولايات ميسوراً لذا كان موسم الحج فرصة سياسية ودعائية للخليفة ، سرعان ما استثمره العباسيون ، وغيرهم ، وصار الحج من الأدوات السياسية التي تستلزم حشد الجماهير في وقت محدد . وبذلك ترسب في الشعور أن الحج هو في تلك الأيام القليلة في بداية شهر ذي الحجة فقط .
ثانيا : الحرم المكانى والاحرام فى البيت الحرام " الكعبة ":
1 ـ تاريخ حرمتها مرتبط ببداية الوجود البشرى على هذه الأرض :(إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96) آل عمران)،فهي اول بيت لله في هذه الأرض ، وأول بيت وضعه الله جل وعلا للناس مذ كان على الأرض ناس ، لذا فهو البيت العتيق أى المغرق في القدم .وقد اظهر الله مكان البيت لإبراهيم وأمره بإقامة قواعده، أي كان البيت الحرام معروفاً قبل إبراهيم،ولكن أمر الله إبراهيم أن يطهره من مظاهر الشرك التي أقامها القدماء حول البيت:( وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) الحج). وإستمرت حرمتها في الجاهلية فامتنّ الله جلّ وعلا على قريش أن عاشت آمنة منعّمة حول الكعبة فقال تعالى:( فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4) قريش) وقال عنهم:( أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا)(57) القصص).وقال جلّ وعلا:(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ )(67) العنكبوت) وأمر الله جل وعلا رسوله الكريم أن يقول:( إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا )(91) النمل).ولا تزال حرمتها قائمة برغم تحريف أديان المسلمين الأرضية .
2 ـ ومن مظاهر حرمة (البيت الحرام ) أنّ من دخله كان آمنا ( وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً )(97) آل عمران )، وهو مقصد ومثابة للناس وموضع الأمن لهم: ( وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً )(125) البقرة ). ومن قصد البيت حاجّا فلا بد أن يتمتع بالأمن ، ليس هو فقط ، بل يتمتع بالأمن ما يحمله الحجاج من حيوانات الهدي والقلائد التى تميّزها وترافقهم ليقدموها هديا وهم في طريقهم للبيت:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَاناً )(2) المائدة ) . ويتمتع بالأمن الحيوان البرى والطير في داخل الحرم: (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ)(1) المائدة)،(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ )(95) المائدة )، ( أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (96) المائدة ) . ويحرم قتل الأحياء من الهوام والحشرات حتى فى الرأس ، ولذا يجب الحلق والتقصير قبل الدخول فى الاحرام . ويحرم القتال في مكة إلا للدفاع عن النفس :( وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (191) البقرة). قال (فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ) ولم يقل فإن (قاتلوكم فقاتلوهم ) وهى تفيد القصاص العادل ،لأنّ (قاتلوهم) تفيد مواصلة القتل،ولكن (فَاقْتُلُوهُمْ) تحصر القتل فى المعتدين المهاجمين المصممين على القتال الى النهاية وتستثنى من يغيّر رأيه منهم ويكفّ عن القتال. ومع ذلك فقد أقتتل المسلمون حول البيت الحرام في ثورة ابن الزبير في القرن الأول الهجري واحترقت بينهم الكعبة وكل ذلك بسبب حطام الدنيا ..!! وسيأتى تفصيل ذلك فى أوانه .
3 ــ وتحيط مكة بالكعبة أو الحرم الالهى المكانى . ومن الحرم المكاني خرجت الرسالة الخاتمة للعالم إلى قيام الساعة ، وإلى الحرم المكاني يتوجه المسلمون نحو الكعبة للصلاة خمس مرات كل يوم ، وإلى الحرم المكاني يتوجهون كل عام في الأشهر الحرم للحج .وإسم مكة في القرآن الكريم هو(أم القرى ) ، ويرتبط هذا الإسم بالحديث عن القرآن الذي جاء عاماً لكل البشر إلى قيام الساعة، وأشرق نوره من مكة أم القرى للعالم ليكون الرسالة الالهية العالمية الأخيرة للبشر جميعا قبيل قيام الساعة، والتى تنبع من مكة أم القرى (مركز العالم) :(وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ) (7) الشورى).إذن من مكة مركز الكرة الأرضية جاء الإنذار بالقرآن الرسالة الالهية الخاتمة إلى كل العالم : (وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا ) (92) الأنعام ). فأم القرى هى مكة مركز العالم ، وما حولها هو العالم كله شمالا وجنوبا وشرقا وغربا . ويقول سبحانه و تعالى عن عن العالم وما فيه من قرى وتجمعات بشرية:(وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا)( (59) الأنعام ).
إذن مكة التي هي حرم الله المكاني هي في نفس الوقت أم القرى ، وإليها يتجه المسلمون في الصلاة وفي الحج ومنها خرج القرآن للعالم كله .. وفيها اول بيت وضع للناس منذ أن كان على الكوكب ناس ..
4 ــ وحوائط الكعبة ليست مقدسة فقد بنيت هذه الحوائط وهدمت أكثر من مرة ، بناها إبراهيم وإسماعيل وبنتها قريش في حياة النبي عليه السلام ، وبناها ابن الزبير وغيره، ولم تكن احجار الكعبة من السماء وإنما من الأحجار التي تغطي أرض مكة ، والتي لا تختلف عن أي أحجار أخرى ، والذي يطوف بالبيت يجب أن يعى هذا ،وأن يغمر قلبه بتقوى الله لا بتقديس الأحجار. فليس فى الاسلام تقديس لبشر أو حجر. إنّ الشيئ الهام في الكعبة هو ما تحيط به جدرانها الأربعة ، أى ذلك المكان الذي أرشد الله إبراهيم إليه ، وذلك المكان هو المهم ، إنّه الذي تحدده وتحيط به جدران الكعبة والذى هو نقطة الارتكاز لبيت الله الحرام أو المسجد الحرام والذى قامت حوله مكة أم القرى. ذلك المكان هو نقطة الارتكاز للكرة الأرضية الذى يقع فى منتصفها تماما وفق ما نفهمه من وصف مكة بأم القرى. والذي اختاره الله حرماً مكانياً له تعالى ، والذى يجب أن يتجه إليه البشر من كل انحاء العالم شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً في الصلاة والحج .
ثالثا : الحرم الانسانى : القلب المتقى الذى يمارس الإحرام فى الحج تقربا لله جل وعلا .
1 ـ طبقا لنظرية النسبية فالمكان هو ( الكتلة) بأضلاعه الثلاثة ،والزمن هو البعد الرابع الذي يكمل الأضلاع الثلاثة للمكان ، ونحن نرى المكان ولا نرى الزمن الذي يغلّف المكان .والجسد الإنساني من نفس المواد التي تنتمي إليها كتلة الكون المادي، والزمن هو الذي يغلف جسد الانسان ويعيش من خلاله راكبا قطار الزمن الذى يسير بسرعة 60 ثانية فى الدقيقة و60 دقيقة فى الساعة و24 ساعة فى اليوم . تدخل النفس فى جسد الجنين الخاص بها وهو فى رحم الأم ، ويركب الانسان قطار الزمن لحظة مولده ويغادره بالموت حين تفارق النفس جسدها . كتلة الانسان المادية تتخللها النفس التي تنتمي إلى عالم البرزخ الذي لا نراه ولا نراها، وأعمال النفس خلال حياتها فى هذا العالم يتم تسجيلها فى كتاب عملها، وعلى أساسه سيكون حسابها بعد البعث والنشور. ومن تلك الأعمال تأدية العبادات ـ وهى وسائل لتقوى النفوس، ومنها الحج . وبالاحرام فى الحج تتألّق التقوى،وبالتقوى يمكن للنفس أن تدخل الجنة .
2 ـ والكعبة هي الحرم المكاني كما ان الأشهر الحرم هي الحرم الزماني،وذلك أمر مقرر سلفاً منذ خلق الله الكون، يقول جلّ وعلا:(إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ )(36) التوبة ). وموضوع الزمن من أشد موضوعات العلم تعقيداً . والله جلّ وعلا وحده هو الأعلم لماذا اختار الأربعة أشهر الحرم ( ذو الحجة محرم صفر ربيع الأول ) من دون أشهر السنة القمرية ، وربما تكون السنة القمرية التي تحسب على أساسها الأشهر الحرم هي الأنسب حيث يتنوع المناخ خلال الفصول فلا يكون موسم الحج في خلال الصيف كل الأعوام. وعند الحج للبيت الحرام في الشهر الحرام ينبغي ان يتوحد الزمان الحرام والمكان الحرام في شخص الحاج الذى يتقى الله جل وعلا بالغيب . وشخص الحاج يتكون من جسد ونفس ، وعند الاحرام يتوحد الحرم المكاني والحرم الزماني في جسد الحاج ونفسه . فلا حلق ولا تقصير في جسده ولا لغو ولا رفث ولا جدال في حواسه ولا على لسانه ولا إرادة للشرّ في قلبه . أي يكون ـ أو ينبغي أن يكون ـ في نفس المستوى اللائق أن يكون عليه وهو في بيت الله الحرام وشهر الله الحرام ، ما يكون حلالاً له في غير الإحرام يكون محظوراً عليه وهو محرم . وهذا هو معنى الاحرام .
3 ـ إن الذرة هي اصغر وحدة ـ معروفة ـ في المادة ، وهي تتكون من الكترونات " تطوف " حول النواة طوافاً أبدياً . وهي الطاعة التي ألزمها الله جلّ وعلا بها . ولكل كائن طريقته التي جبله الله عليها في التسبيح لله : (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ )(44) الإسراء ).والإلكترون مجبور على الطاعة . ولكن الإنسان لديه الحرية في ان يطيع وان يعصي ، وهو يختار إذا كان مؤمناَ ان يطيع الله بإرادته ، وحين الإحرام فى الحج وحين الطواف حول البيت ، فإنه ـ ذكرا كان أو أنثى ـ يجب أن يكون محايدا كالإلكترون ، ينسى غرائز الجنس ويكون نقيا ساميا ، بلا شرور في قلبه ولا شهوة في جسده ولا آثام على جوارحه . وكما يطوف الإلكترون حول النواة في الذرة طاعة لله كذلك يطوف الحاج حول حرم الله في مكة ام القرى مركز الكرة الأرضية . فمكة بالنسبة للأرض كالنواة للذرة ، وهنا طواف وهناك طواف ، والدعوة في ذلك عامة لكل الناس في كل الكرة الأرضية . وكما ان لله جلّ وعلا حرماً مكانياً وحرماً زمانياً لا ينبغي ان يشاركه فيها احد ، فلله أيضا حرم في داخل كل إنسان، وهو القلب الذي لا يعلم ما فيه إلا علام الغيوب : ( يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) (19) غافر)، لا يستطيع بشر ان يعلم ما في سريرة الآخرين، ولقد قال الله تعالى لرسوله الكريم عن بعض الصحابة: ( وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنْ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ )(101) التوبة). وهذا القلب الإنساني الذي لا يعلم ما فيه إلا الله ينبغي ان يكون في الحج خالصاً لله صافياً من نوازع السوء ، يتعامل مع الله جل وعلا مباشرة ، يخشاه وحده ويتقيه وحده . لذلك فإن الله تعالى يعاقب على إرادة السوء فى قلب الحاج وهو فى حالة الاحرام : ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25) الحج ). وإذا نجح المؤمن فى إختبار الاحرام فاز بالتقوى، وتحقّق هدف الحج.
أخيرا
1 ـ في الإسلام إله واحد هو رب العزة سبحانه وتعالى هو خالق المكان والزمان والانسان، وله جل وعلا حرم مكاني واحد هو الكعبة، وحرم زماني واحد هو الأشهر الحرم ، والله وحده هو الذي يعلم ما في القلوب، وهو الأعلم بمن إتّقى .ولكن فى أديان المسلمين تتعدّد الآلهة وتتكاثر من صحابة وأئمة وأولياء ، ومن هذا الرجس العقيدى ينبع رجس فى العبادة بتقديس هذه الآلهة الأرضية،من حج للأنصاب والأضرحة ، أشهرها ذلك الرجس المسمى بقبر النبى ، وهو رجس من عمل الشيطان،وقد إخترعوا له حديثا شيطانيا يزعم أنه ( من حج ولم يزرنى فقد جفانى )( وما بين قبرى ومنبرى روضة من رياض الجنة ).
2 ــ وحيث يوجد هذا الشرك العقيدى وهذا الرجس فى تقديس القبور فلا محلّ أصلا للإحرام ، فكيف يصلح قلب ملىء بالرجس لأن يطهر ويسمو ؟ إن هؤلاء الحجاج يطوفون بالبيت ـ وقلوبهم متعلقة بذلك الرجس المسمى بقبر النبى فى المدينة ، وهم أصلا يحجون على أمل الذهاب للتبرك بهذا الرجس والتمسّح به تبركا . ولا يتصوّر أحدهم أن يحج الى بيت الله الحرام دون الحج الى ( الحرم الثانى ) أو الرجس الذى فى المدينة أو ما يعرف بالمسجد النبوى . ورئيس الكهنوت السّنى لقبه الرسمى ( خادم الحرمين ) أى حرم الله وبيته الحرام ، وحرم آخر لمن جعلوه الاها مع الله جل وعلا، ونسبوا ذلك ظلما وزورا لخاتم المرسلين وجعلوه سنّة ، كما لو أنّه عليه السلام كان يحج الى قبره فى حياته .!!. هذا هو الشأن فى أى دين أرضى يقوم على خرافات تكتسب تقديسا لأن أحدا لا يجرؤ على مناقشتها ، فإذا تجرأ مفكر مسلم ونقدها لاحقته الاتهامات بالكفر من كل الرعاع.!
3 ــ وبعد الرجس العقيدى نراهم قد غفلوا عن المعنى الحقيقى للإحرام ، والذى شرحنا حكمته هنا . إذ جعلوا الاحرام مظهرا سطحيا ، هو لباس ( الاحرام ) العارى الذى يعيد ما ساد فى الجاهلية من ( طواف العرى ) وهذا للتشجيع على الفسق . ( ولا ننسى شهرتهم فى مجال الشذوذ الجنسى والزنا ) .وموعدنا مع هذا فى الباب الخاص بالشرع السّنى الذى أضاع فريضة الحج الاسلامية .
4 ـ ولكن علينا أن نتذكر : إنّ الاحرام ليس بهذا الزى المضحك الهزلى والذى يتكون من قطعتى قماش يكشفان العورة للرجل ، وفق ما كان البدو يلبسون . الاحرام هو إخلاص القلب لله جل وعلا فى تأدية مناسك الحج فى الحرم المكانى ( مكة ) وقت تأدية الحج فى الحرم الزمانى ( أيام معدودات خلال أشهر الحرم ). هذا الاخلاص محلّه الحرم الانسانى أى قلب الانسان ونفسه ، بطاعة اوامرالله جلّ وعلا حتى بالامتناع عن الحلال ( الرفث مع الزوجة ) و تصفية القلب من كل نوازع الشر فلا إرادة بالحاد أو ظلم ، والمحافظة التامة على كل كائن حىّ فى بيت الله الحرام حتى إن من يأتى للحج يحلق أو يقصّر شعر رأسه حتى لا يقتل القمل أو الحشرات فى رأسه . الاحرام هو تجربة للتطهر القلبى وممارسة أعلى درجات التقوى بالحج خلال الأشهر الحرم فى بيت الله الحرام . ويبدأ الحاج الاحرام بمجرد دخول الحرم المكانى وهو يتزين بملابسه طاعة لقوله جل وعلا (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ (31)( الاعراف ). وبالتالى فمن العبث تحديد أمكنة مختلفة لللحجاج القادمين لبدء الاحرام كما يقول الدين السنى حين يجعل المكان الفلانى لبدء إحرام أهل مصر والمكان الفلانى للحجاج القادمين من العراق ..الخ . والطريف أن أئمة الدين السّنى الذين حددوا هذه الأماكن للناس فى عصرهم لم يحددوا أماكن للحجّاج القادمين من استراليا والامريكيتين وأوربا ، لأنهم صنعوا دينا على حسب مقاسهم ومدى معرفتهم . ويكفى أنهم تجاهلوا القرآن الكريم فجعلوا الحج فريضة محلية مقصورة على من جعلوهم من المسلمين فقط .
ونرد عليهم فى الفصل القادم :( التقوى وعمومية الحج على كل البشر).
لم يخطر على البال رأيك هذا ، وأعتقد أنه رأى وجيه . وهو يدخل أيضا ضمن شرع الله جل وعلا فى التيسير فى الحج ، وأنه جل وعلا ما جعل علينا فى الدين من حرج كما أشار جل وعلا فى سورة الحج .
أما موضوع ( منى والمزدلفة ) فسيأتى الكلام عنها فى مقال قادم عن مناسك الحج فى الاسلام فى نفس هذا الباب .
ويا حبذا لو كتبت لنا مقالا توضح لنا من رؤية عيانية ما يحدث بالفعل فى أداء المناسك العملية فى الحج فى مكة وفى المدينة ، نقلا عما شاهدته أو سمعت عنه لأننى لم أقم بالحج حتى الآن ، ومعروف أن وصولى هناك يعنى إعدامى بلا مناقشة. نحتاج فعلا الى من يكتب عن الواقع الفعلى للحج بعيدا عن التقعيدات النظرية التى كتبها ويكتبها السنيون . وننتظر منك هذا المقال استاذ أحمد . وشكرا .
يكفي أن أقول لك أنّي قد بلغت من العمر مبلغي ومكّة على بعد فراسخ منّي ليست بالبعيده
ولم أحج إلى الوقت الحالي المعاصر نظراً للجهاد الكبير الذي يبلغ مبلغه لكل حاج يريد الحج
ونظراً للمبالغ الطائلة التي لا يستطيعها أهل الطبقه المتوسطه فضلاً عن الفقيرة..!
والقصّه طويله لعلّي أسردها بمقال كما تفضّلت.
وبالنسبه لفكرة اليومين أنّها هي المكوث في الحج فأنا أرى أنّها غاية التيسير لدرجة لم تخطر على بال بشر..
كيف يكون الحج الذي من صعوبته في الإسلام البشري يسمّون الذي أتمّه عندكم في مصر (الحاج فلان) هههههههههه
في يومين ..!!!
دمت لي سيّداُ وأستاذاً أخي أحمد
خاطبتك بابنى العزيز ، وأعتذر لك يا أخى العزيز .. وعذرى أننى لا أعرف عنك إلا من خلال ما تكتب ، وعموما ، لقد كسبت أخا عزيزا ، وعالما نرجو أن نتعلم منه ، وأنتظر مقلاتك لتخبرنا عن الواقع الذى يتنفس بالتدين السطحى المظهرى .
أقول لك ، إن د عثمان كان قد نشر فى الاخبار عن ذلك الامام فى المسجد الأمريكى الذى يعترف بشذوذه ، وقد إعترض بعض الأحبة على إيراد هذا الخبر ، وردّ عليه د عثمان . ولكن المستفاد هنا فى أمريكا والغرب عموما هو الصراحة والشفافية حتى فى الفسوق والعصيان ، لأنه مجتمع لا يسيطر عليه التدين السطحى وما يعنيه من نفاق ورياء ، وأن يستخفى بعضهم من الناس ولا يستخفى من الله. فى السعودية ومجتمعات السلفية فى مصر يظهر لك الشيخ زاعما التقوى وكأنه ملاك ، وإذا خلا بعضهم الى بعض صاروا شرا مركبا . من هنا يكون مهما جدا تلك الكتابات التى تفضح هذا الواقع ، وإذا كنا ننشر ما ينشره الاعلام الأمريكى عن انحرافات رجال الدين فنحن نحتاج الى فضح السلوك العملى للسلفيين . ولهذا ندعوك وندعو كل الأحبة الى تسجيل هذا ، فسيكون ما تكتبون تأريخا لعصرنا يستفيد منه من سيأتى بعدنا .
مجتمع السلفيّه الغلاة عندنا فاحت رائحته النتنه ولا يحتاج لإثبات
وأنا كنت من مرتادي حلقات القرآن والتجويد أعاذكم الله منها وأعرف عنهم الكثير جداً جداً
ولن أنقل لكم إلا من كتبهم بإذن الله تعالى أو توثيق تصويري أقوم عليه بنفسي
ليتبيّن الناس من هم هؤلاء المتاجرين بعقول العوام الفنّانون بالديكور الشكلي.
استاذنا الحبيب احمد
لقد من الله علي بان حججت قبل 4 سنوات وطبعا لقد كلفني الحج انا وزوجتي حوالي 25 الف دولار بسبب غلاء الحملات النظيفة التي لا تريد ان تسكن فيها في بيوت كلها صراصير وجرذان في منطقة العزيزية التي تتجمع فيها كل الشقق الفندقية ...
اولا الحج السريع الذي يمكن فيه للمسلم ان يتعجل في يومين هو فقط مسموح به للعرق الخليجي الطاهر وما دون ذلك فهم مسلمون من الدرجة الثانية ، لذلك فانت لا يسمح لك الا بالذهاب عن طريق حملة رسمية وهؤلاء هم زعماء الحرامية ...
تبدأ الحملة بمدة قسرية 14 يوما يجب ان تبدأ من المدينة قبل اسبوع من وقوف عرفة وهنا طبعا ترى مئات الآف من الحجيج يصَلون كل يوم في مسجد النبي ويتبركون قبل ان يأتي موعد الحج الحقيقي ...
هدف هذه المدة هي الاستغلال المادي البشع وممارسة عبادة النبي ...
طبعا في هذه المدة فقد مكثت في فندقي اقضي اوقاتي واتسكع في الاسواق ورفضت تماما ان اصلي الفروض في المسجد حتى لا تنازع نفسي اي هواجس بانني بدأت الحج منسكا بصلاتي في مسجد النبي ...
ثم ذهبنا الى الحج كما تعلم ووقفنا في عرفة .... الخ
وهنا اريد ان اؤكد بانني لم اقم في معسكرات منى المقامة ل 3 ايام بهدف رمي الجمرات لانني غير مقتنع بانها من شعائر او مناسك الحج ... ولدى سؤالي شيخ الحملة في عرفة عن سر اخفاء ذلك في القرآن فلم يجبني خوفا من نقاشي المفتوح امام الحجيج ...
ان قضية التعسكر في منى لثلاث ايام واقامة مآدب الطعام ثم رمي الجمرات على الحائط لهو من الاشياء المحيرة ... فكيف يغفل سبحانه وتعالى هذا الفضل عن نبيه ابراهيم في القرآن ؟؟ ان هذا ابتلاء وفتنة كبيرة نجح فيها عليه السلام بان لم يسمع لابليس بان يرجع عن ذبح ابنه اسماعيل ؟؟؟
ان الله تعالى قد اعلمنا بانه جنب الشيطان رسله وعصمهم منه ... لقد كانت القصة الحقيقية هي رؤيا ابراهيم لانبه في المنام ... الخ اما ان تكون هناك حبكة درامية خطيرة اخرى من مواجهة الرسول ابراهيم لابليس ومنها يتم ابتداع رمي الجمرات فهذا ما لا يمكن للعقل ان يقبله ..
لذلك فانني رجعت الى فندقي مختما الحج وتركت الناس ترمي الجدران كما آلفت عليه آباءها
فلا حول ولا قوة الا بالله
وأعبّر لهما عن سعادتى وإمتنانى بما أتعلمه مما قالاه ..
وأرجو من بقية الأحبّة ممّن سبق له تأدية فريضة الحج أن يكتب لنا عن تجربته ، وما فيها من إيجابيات وسلبيات ، وما يراه من إصلاح . لا أريد أن يقتصر الموضوع على مقالاتى التنظيرية الأصولية ولكن أتمنى منكم تكملتها بتعليقاتكم عن الواقع المُعاش فى تأدية مناسك الحج ، حتى نغطى الموضوع .
بورك للفاضل استاذ صبحي منصور، على هذا الجهد الجهيد.
ولانّ موضوع الحج له أهمية خاصة في تشريعات القرءان الكريم وهو غاية في الأهمية، وفي نفس الوقت اختلط الغث والرث بالثمين والنفيس في مناسك الحج، لذا ارتأيت وضع (رابط خاص) حول صنع المباني الشاهقة في العالم والمغزى الخطير وراءها ــ المباني الشاهقة ــ، خصيصا تلك التى تطل على الكعبة والبيت الحرام. وقد وضع صورة البرج الشاهق المطل على بيت الله الحرام، استاذ دادي العزيز في متصفحه. ودندن دادي الفاضل حول الساعة (التي تنبعث منها أضواء الليزر). لمشاهدة تلك الصورة انقر على هذا الرابط:
http://www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=10099
الموضوع له ارتباط وثيق بتلكم المباني المنشأة في دول العالم والتي ستجدونها في الرابط ادناه. انها (حقا) معركة طاقة تمهيدا لظهور "الأعور الدجال" كما أكد التقرير والا فحقيقة الدجال الأعور كذبة عظيمة وفرية كبرى ليس الا وهذا ما نعتقده انه حق. هذه الفكرة (فكرة الماسونية) وانشاء المباني الشاهقة، هي شديدة الارتباط بإحياء الوثنية وعبادة الفراعنة في الحج، فللوثنية أحكامها! اذن لأهمية الموضوع وشدة ارتباطه بالذي طرحه الدكتور، ألفيت أن أضع لكم رابط اليوتيوب أدناه تاركاً لكم التعليق على التقرير حول المباني الشاهقة في العالم وتلك المطلة على الكعبة والبيت الحرام في مكة. ثم ركزوا على رمز الماسونية "المِسلّة" المثبتة أعلا المباني.
فأرجو من جوات قلبي من العزيز الدكتور أحمد صبحي منصور، أن يقتطع جزءا يسيرا من وقته الثمين للتطلع على ما جاء في تقرير اليوتيوب (الخطير) ان لم يكن للدكتور الفاضل والمعلقين الأجلاء رأي آخر حول الفيديو المذكور.
تنويه! بخصوص (رجم الشيطان في مناسك الحج) كما يظهر في مقطع الفيديو على اليوتيوب فلا أساس له من الصحة في شعائر الحج وطقوساته ومناسكه البتة. والذي أراه أنا أقرب الى الصواب في موضوع الرجم هو ما جاء في كتب التأريخ، فالمرجوم هو (أبو رغال) الذي تقدم جيش أبرهة لتدمير الكعبة كما قرأناه في التراث، والذي أصبح في ما بعد رمزا للخزي والعار ومثلا للشنار والخيانة ثم شرعت قريش في رجم ذلك الخائن حتى صار شعيرة في أركان الحج ومناسكه الوثني الشيطاني! فالمرجوم ليس هو ابليس الشيطان كما يعتقد الملايين من المسلمين وانما هو أبو رغال، الذي أصبح مثلا للخيانة في أوساط العرب وقتها! اذن ابو رغال هو الذي دفع ضريبة خيانته وليس إبليس اللعين! حيث طرد هو الأخير من رحمة الله تعالى وبقي أن يدفع كامل جزاء عصيانه العظمى يوم الحسرة! يوم يعض الظالم على يديه.
الوهابية وآل سعود يوصلون الماسونية الى قلب مكة المكرمة ــ هاكم رابط الفيديو:
http://www.youtube.com/watch?v=mHvJ1zKIUgQ&feature=share
أخوكم/ وداد وطني
5/1
وتعليقاتك دائما تاتى بالجديد والنافع . جزاك الله جل وعلا خيرا .
وموضوع رمى الجمرات فى الحج سنتعرض له فى الباب الثانى من الكتاب حول الصناعة السّنية للحج ، وأنتظر منك المزيد من الاضافات فى موضوع الرمى ، وغيره .
بارك الله فيك يا أستاذي الحبيب وجزاك خيرا على مجهودك المحمود في إظهار حقيقة الحج الذي تم تشويهه وتحريفه من صناع الدين الأرضي.
لقد طال انتظاري لكتاب الحج ولكنه جاء بالغيث بعد طول العطش
لك مني كل الحب والتقدير والاحترام
أمين رفعت
مع خالص الحب والتقدير أخى الحبيب الأمين رفعت نريد منك ألا تغيب بقلمك عن موقعك ( أهل القرآن) معلقا وكاتبا .
أعرف أن لك تجربة إنسانية رائعة ، وأن لك خلفية ثقافية ثرية ، ونتمنى أن تكتب لنا عن خبراتك ، وعن الراحل ( خالك ) الكاتب المفكر القرآنى الذى لم نسعد بلقائه . كما أن رؤيتك السياسية عما يدور فى مصر مهمة جدا لنا . ننتظر قلمك بأسرع ما يمكن .
بارك الله فيك استذي الحبيب وجزاك عني كل خير فأنت وخالي الدكتور محمود علي مراد أصحاب الفضل علي في إخراجي من ظلمات الدين الأرضي إلى نور الدين الحق.
كثير من الموضوعات تدور في رأسي وأرجوا الله عز وجل أن يقدرني على كتابتها ونشرها على الموقع في أقرب وقت.
كتاب الحج بين الاسلام والمسلمين
الباب الأول : منهج القرآن الكريم فى التأكيد على التقوى غاية ومقصدا لفريضة الحج :
الفصل السادس : الاحرام تجسيد للتقوى فى الحج : ( الحج هو الاحرام )
مقدمة :
1 ـ التقوى تتجسّد فى الحج بالاحرام . لا تتجسّد بالزى كما يفعل حجاج المسلمين اليوم حين يتحوّل الاحرام بالحج الى زىّ يكشف عورة الرجل ويعرقل حركته فى الطواف والصلاة وسائر المناسك . الإحرام بالحج يعنى أن تجتمع الحرمات الثلاث فى نفس الزمان ونفس المكان ومع خشوع قلب الانسان . هذه هى حكمة الحج الذى تجتمع فيه الحرمات الثلاثة : الحرم المكانى وهو بيت الله الحرام ، والحرم المكانى هو الشهر الحرام ، والحرم الانسانى وهو القلب محل التقوى ، أو بالتعبير القرآنى ( تقوى القلوب ) وجاء هذا فى سياق تشريعات الحج فى سورة الحج (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32).
اعتقد انك يا والدنا العزيز قصدت الحرم الزماني
عذرا ولكن انت من شجعني على البحث عن الاخطاء
ان وافقت على ذلك ساجمع كتاب الحج في ملف واحد واحوله الى صيغة pdf ليسهل نقله ( كأن اهديه لاحد الاشخاص)
او اي كتاب اخر تفضلون ان ابدا به
انت تعلم اننا والله نحبك انت والقائمين على هذا الموقع كثيرا ونقدر كل ماتبذلون من مجهودات وامنيتنا ان نساعد.
التقوى تتجسّد فى الحج بالاحرام . لا تتجسّد بالزى كما يفعل حجاج المسلمين اليوم حين يتحوّل الاحرام بالحج الى زىّ يكشف عورة الرجل ويعرقل حركته فى الطواف والصلاة وسائر المناسك . الإحرام بالحج يعنى أن تجتمع الحرمات الثلاث فى نفس الزمان ونفس المكان ومع خشوع قلب الانسان . هذه هى حكمة الحج الذى تجتمع فيه الحرمات الثلاثة : الحرم المكانى وهو بيت الله الحرام ، والحرم الزمانى هو الشهر الحرام ، والحرم الانسانى وهو القلب محل التقوى ، أو بالتعبير القرآنى ( تقوى القلوب ) وجاء هذا فى سياق تشريعات الحج فى سورة الحج (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32)، و" حرم الإنسان " هو ما يحميه الإنسان وما يقاتل دفاعا عنه، و" الحُرمة " بضم الحاء مالا يحل انتهاكه، و" حرمك " بفتح الحاء أي نساؤك وما تحمي ، وهي (المحارم) ، والواحدة منها (محرمة) ، وكما للإنسان "حرم" يدافع عنه ويحميه فالله تعالى ثلاث من "الحرم ": زمانى ومكانى وقلبى إنسانى، وبالحج تجتمع الحرمات الثلاث فى الزمان والمكان والانسان.وهذا هو معنى (الاحرام )، إذ يؤدي الحاج مناسك الحج للبيت الحرام في الأشهر الحرم بقلب ملىء بالتقوى حيث الحرم الثالث داخل الإنسان. ومن هنا تأتى عالمية الحج ، فالدعوة من الله جل وعلا خالق الكون لكل البشر أن يقوموا بالحج في الأشهر الحرم إلى بيت الله العتيق أول بيت وضع للناس ببكة مباركاً وهدى للعالمين. ونتوقف مع بعض التفصيل. أولا : الحرم الزمانى : الاحرام والأشهر الحرم: حرم الله الزمانى وهو الأشهر الحرم الأربعة التي منع الله فيه الإنسان من أن يظلم أخاه ، وبالتالي فلا قتال إلا في حالة الدفاع . وهذا تشريع عام لكل البشر فى أى زمان وأى مكان:( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ )(36) التوبة). والحج للبيت الحرام ( الحرم المكانى ) يكون خلال هذه الأشهر الحرام . ويأتى التعبير القرآنى عنها بالأشهر الحرم وبالشهر الحرام . ويتم الحج فى أى وقت خلال الأشهر الحرم الأربعة ، حيث يستمر حج الفرد بضعة أيام ، يقضى فيها المناسك ثم يعود الى بيته. ويظل موسم الحج مفتوحا من بداية إفتتاح موسم الحج فيما يعرف بالحج الأكبر فى الاسبوع الأول من شهر ذى الحجة الى أن تنتهى الأشهر الأربعة الحرم مع نهاية ربيع الأول . ثم يأتى التيسير الالهى بجواز البدء بالحج بيومين قبل بدء شهر ذى الحجة ،وجواز التأخر يومين بعد إنتهاء الأشهر الحرم الأربعة فى ربيع الأول ، أى أول يومين فى ربيع الثانى .
(الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ )(البقرة /197 ) . إذن هناك أشهر معلومة للحج يعلمها العرب، ومن أدى فريضة الحج في هذه الأشهر فعليه ان يلتزم بواجبات الحج والإحرام عند بيت الله. ومدة الحج خلال هذه الأشهر تستغرق أياماً معدودات معلومات لمن ادى الفريضة فيهن. وهذه الأيام المعدودات تكفي كل مناسك الحج من طواف ووقوف بعرفة والسعي بين الصفا والمروة وتقديم الهدي .والله تعالى يبيح للمضطر أن يبدأ الحج قبل بدايته بيومين او ان يتأخر بعده بيومين:( وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ.(203) البقرة). والشرط هنا هو مراعاة التقوى لمن يتقدم قبل الموعد ولمن يتأخّر بعده:( وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنْ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (203) ( البقرة ). والتعبير عن الحج هنا بذكر الله ، وسبق التعرّض لارتباط ذكر الله بالتقوى فى فريضة الحج . والمدة التى تتم فيها مناسك الحج هى (أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ) يتم فيها ( ذكر الله ) فى مناسك الحج ،و يكون فيها تنفيذ (الاحرام) فى الحج .هى معدودات لأنه يتم فيها حساب التقوى أو تطبيق الاحرام بالدقيقة والساعة واليوم ، أى معايشة للتقوى خلال أيام معدودات محسوبات يستيقظ فيها ( ضمير المؤمن ) ذاكرا الله جل وعلا مستشعرا تجربة التقوى، أو حسب التعبير المعاصر ( تجربة روحية ). فيها يجتمع الحرم الزمانى (الشهر الحرام) بالحرم المكانى (البيت الحرام) مع قلب المؤمن ( الحرم الانسانى) الذى يتنفس التقوى ويسمو بالنفس . والنسق القرآني يجمع بين الحرمات الثلاث في قوله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا)(2)المائدة). فالناس يحجون إلى البيت الحرام في الشهر الحرام. وقد نهى الله تعالى عن استحلال شعائر الله والشهر الحرام والهدي والقلائد وحجاج البيت الحرام . فجمع هنا بين الحرم الزماني والحرم المكاني وما يتصل بهما. والحرم الانسانى أى القلب مفهوم وجوده فى السياق ضمنا ، لأنّ الله جل وعلا يخاطب قلوب المؤمنين يأمرهم بعدم إستحلال شعائر الله والشهر الحرام والهدى المقدم للبيت الحرام ، وحتى القلائد التى يتم بها تزيين وتمييز الحيوانات المقدمة هديا للبيت الحرام ، وعدم إستحلال حقوق وحياة القادمين للحج الذين يؤمون أو يقصدون أو يسافرون للبيت الحرام ، وعدم الاعتداء على من كان عدوا فى الأشهر الحرم ، ويأتى ختم الآية الكريمة بالتقوى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5117 |
اجمالي القراءات | : | 56,883,068 |
تعليقات له | : | 5,451 |
تعليقات عليه | : | 14,828 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
جريمة الإبادة الجماعية بين ( إسرائيل ) والعرب والمحمديين
القاموس القرآنى : ( البشر والانسان )
( من مات قامت قيامته ) تلك الأُكذوبة السلفية الكافرة بالقرآن الكريم
دعوة للتبرع
الطلاق: ذكر الطلا ق في القرا ن في قوله تعالى الطلا ق ...
بلغت الحلقوم : مامعن ى الآية 83 من سورة الواق عة ؟ ...
اهلا بك وسهلا: بسم الله الرحم ن الرحي م السلا م عليكم...
سؤالان : زواج المتعة: السؤا ل الأول : ی ا دکتور ، ما رأی ;ک ...
اربعة أسئلة : السؤ ال الأول هل التنب ؤ فى الارص اد ...
more
أليس المقصود باليومين (فمن تعجّل في يومين ..) أنّها أيام المكوث في الحج ..؟
لأنّ الحج نفسه عملياً (أيام معدودات) وأنت تحدد كم يوم تمكث .. وأسرع الحج للمتعجّلين يومان ..؟
س/ما رأيك في منى والمبيت ومزدلفه..؟
تحياتي لك يا دكتور