الفقيه الدستورى إبراهيم درويشالدستور الحالى دمر السلطات الثلاث

اضيف الخبر في يوم الإثنين ٢٨ - ديسمبر - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: المصري اليوم


الفقيه الدستورى إبراهيم درويشالدستور الحالى دمر السلطات الثلاث

الفقيه الدستورى إبراهيم درويش فى حوار مع «المصرى اليوم»: (١-٢) الدستور الحالى دمر السلطات الثلاث

حوار   الشيماء عزت    ٢٨/ ١٢/ ٢٠٠٩

 

مقالات متعلقة :

 

 

 

 

الحديث يدور الآن حول دستور مصر.. خاصة مع اقتراب الانتخابات البرلمانية التى ستجرى خلال العام المقبل سواء لمجلس الشعب أو الشورى وبعدها الانتخابات الرئاسية فى ٢٠١١.. ومعظم الرموز المصرية تطالب بتعديل دستورى جوهرى من أجل إصلاح حقيقى.. الدكتور البرادعى طرح عدداً من التعديلات الدستورية التى تحتاجها مصر لكى يأتى رئيس الجمهورية بانتخابات حرة حقيقية..

 

 

 

وكذلك عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية عندما صرح فى حديثه لـ«المصرى اليوم» بضرورة وضع الدستور تحت مجهر البحث بموضوعية ومناقشة وطنية لمدى حاجة البلاد لدستور جديد أو معدل، الأمر مختلف لدى الدكتور إبراهيم درويش الفقيه الدستورى المعروف، أحد أبرز واضعى «دستور ١٩٧١» والذى يطالب بتغيير كامل له، ويقول: «مصر يلزمها دستوراً جديداً حقيقياً وليس (مزورا)»،

 

 

 

 

 

ويضيف أن مشاركته فى صياغة دستور ١٩٧١ حقيقة لا يمكن إنكارها.. ولكن جرى تزوير له على يد السادات وترزية القوانين، محذرا من تكرار السيناريو مستقبلاً.

وفى بداية حوارنا الممتد معه حول «الدستور» سألناه:

■ التزوير معروف فى مصر.. ولكن كيف تم تزوير دستور ١٩٧١ بأكمله؟

- لجنة إعداد الدستور شكلها السادات فى عام ١٩٧١بعد أن انتصر على مراكز القوى، قلت له وقتها إن الثورة لم تحقق أى شىء فى مجال «حكم القانون»، وأن المبدأ الوحيد الذى لم تقترب منه هو إقامة حياة دستورية، واقترحت عليه عمل دستور جديد ووافق، وقرر بعدها إنشاء لجنة من ١٢٠ عضواً، ٨٠ منهم من مجلس الأمة، خصوصاً من الذين أيدوه فى معركته ضد مراكز القوى، و٤٠ من القضاء وأساتذة القانون الدستورى.

بدأت اللجنة أول اجتماعاتها فى مايو١٩٧١، واجتمعت بكامل تشكيلها أى بـ ١٢٠ عضوا مرتين.. كان كل واحد من الأعضاء يقول «اللى فى دماغه»، وانتهى الاجتماعان إلى تشكيل ٣ لجان، الأولى تختص بمواد السلطة التنفيذية فى الدستور برئاسة أستاذ أساتذة القانون الدستورى المرحوم عبد الحميد متولى، والثانية تختص بالسلطة التشريعية، وتوليت أنا رئاستها، وأخيراً لجنة السلطة القضائية وتولاها المستشار بدوى حمودة الذى كان وزيراً للعدل وقتها، وكنت مساعده أيضا فى هذه اللجنة.

■ كيف سار العمل داخل تلك اللجان؟

- بدأنا بـ١٢٠ عضواً ثم تقلص العدد بعد تخلف عدد كبير من الأعضاء، خصوصاً ممن كانوا نوابا فى مجلس الأمة، وانتهت اللجان إلى وضع تصور لكل من السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية، واختيرت لجنة للصياغة العامة وكنت أنا مقررها، وكنت آخر من سلم الدستور فى صياغته النهائية إلى رئاسة الجمهورية للموافقة عليه، فوجئنا بعد ذلك فى سبتمبر بدستور جديد مختلف تماماً عما عملنا فيه صباحا ومساء، كان محوره الأساسى تركيز كل السلطات فى يد رئيس الجمهورية، ويحوى تغييرا لكل المفاهيم التى عملنا عليها، كان توجهنا فى اللجان ينصب على نظام سياسى يقوم على أساس سلطة تنفيذية تتميز بالكفاءة وليست متوحشة كما هى الآن، وسلطة تشريعية قادرة وليست تابعة وواهنة كما كانت طيلة حياتها، وسلطة قضائية مستقلة.

■ ماذا كانت أبرز الاختلافات بين الدستورين؟

- كان السادات يجتمع بمقررى اللجان كل فترة، وكان لى الحظ الأكبر من تلك الاجتماعات، وكانت المبادئ العامة للثورة تقوم على أساس وجود الاتحاد الاشتراكى لحين وضع دستور، ونحن رفضنا ذلك وقلنا سننظر للمستقبل على أنه سيأتى يوم ونأخذ بنظام الأحزاب، فقلت للسادات «نلغى الاتحاد الاشتراكى لأنه أسوأ ما حدث فى تاريخ مصر قال لى موافق لا تضعوا أى بند عليه»، ثم فوجئنا بأن الدستور الجديد يتضمن الاتحاد الاشتراكى، وقلت له «يا ريس مجلس الشعب لابد أن يكون بالانتخاب، لأنه إذا تم تعيين واحد فيه تبطل ديمقراطيته، قال لى ماشى» ولم يحدث تغيير، وقلت له «حكاية الـ٥٠% عمال وفلاحين انتهت، لأنه عملياً من يأتى منهم هو الذى يجيد تجارة الكلام والنفاق ويدفعه التنظيم السياسى»، فوافق وبعدها فوجئت بأن كل ما اتفقنا عليه لم يطبق، بل إن الدستور الجديد تضمن كل البنود التى اتفقنا على إلغائها.

■ ولكن من الذين وضعوا الدستور الآخر؟ هل كانت هناك لجنة أخرى فى الظل؟

- نعم كانت هناك لجنة من محمد عبد السلام الزيات الذى كان نائباً لرئيس الوزراء فى هذا الوقت، وتم تقديمه للمحاكمة بعد فترة بتهمة الخيانة العظمى هو وشقيقته وحكم عليهما بالإعدام ثم تم تخفيف الحكم، وضمت اللجنة أيضاً جمال العطيفى، ومحمد فتح الله الخطيب وآخرين لا أذكر أسماءهم.

والتاريخ يؤكد أنه منذ قيام الثورة ظهر المستشارون القانونيون والدستوريون، ممن يطلق عليهم الآن «ترزية القوانين»، وكان عليهم أن يفهموا ما يريده النظام ويصيغونه فى قالب قانونى، وكان النجم الأول فى ذلك المجال هو سليمان حافظ الذى كان وقتها نائب رئيس مجلس الدولة لقسمى الرأى والتشريع، وبعده ظهر عدة نجوم أقوياء كانوا ضمن التنظيم الطليعى للقضاة، وعلى رأسهم محمد أبونصير، لكن النجوم أصبحوا أكثر الآن.

■ مثل مَنْ؟

- النجم الكبير والحريف الذى فهم اللعبة السياسية وتماشى مع النظام، هو فتحى سرور، فهو لا يفصل القوانين فقط بل يوحى للأعضاء بالتصويت لصالح القانون الذى يريده النظام، ولقد كان ضمن لجان إعداد الدستور فى ١٩٧١، وأذكر أنه الوحيد الذى كان مصراً على إنشاء جهاز المدعى العام الاشتراكى بينما رفضه الـ٥٠ عضواً الباقون فى لجنة نظام الحكم، ومن قبله كان الدكتور رفعت المحجوب لكنه اشتهر بكونه تصادمياً، فلم يكن أحد يقف فى طريق ما يريده، أما الجيل الأكثر حداثة فهو جيل مفيد شهاب وعبد الأحد جمال الدين، وأخيراً محمد الدكرورى الذى قال عن نفسه أنه يفخر بكونه ترزيا.

■ لكن الدكتور مفيد شهاب معروف بخبرته القانونية؟

- مفيد شهاب لم يكن يوماً استاذاً جامعياً بل هو مدرس وتركيبته النفسية جعلته يتشدد بشكل كبير فى اتجاهاته وآرائه، وهذا واضح فى تصريحاته وكان آخرها عن الدكتور البرادعى، وفى العالم كله لا يوجد ما يسمى وزير الشؤون القانونية، لأن مجلس الشعب يختص بتلك الشؤون، لكن النظام أعطاه اختصاصات هلامية وجعلته مشرعا لتنفيذ رغبات الحكومة، بما يتجاوز القانون والدستور.

■ كيف؟

- المادة ٦٢ من قانون مجلس الدولة توجب على الحكومة أن تعرض التشريع الجديد على قسم التشريع بمجلس الدولة قبل عرضه على مجلس الشعب، لكن خلال الـ٢٠ سنة الماضية لم تعرض أغلب المشاريع على مجلس الدولة وما رفضه القسم أقرته الحكومة بعد ذلك، وكل القوانين التى تم إقرارها غير دستورية، مثل قانون الضريبة العقارية الذى سأطعن عليه أمام المحكمة الدستورية.

■ كيف ترى السلطة التنفيذية فى ظل الدستور المعمول به حاليا؟

- السلطة التنفيذية بأكملها فى الدستور الحالى فى يد رئيس الجمهورية، فهو من يقيل ويعين الوزراء فى مصر، أى أن رئيس الوزراء وفقا للنصوص الدستورية القائمة ابتداء من المادة ١٥٣ حتى المادة ١٦٠ لا يملك أى شىء، وكل اختصاصاته هى تنفيذ ما يكلفه به رئيس الجمهورية، رئيس الوزراء فى مصر خيال مآتة، فهو لا يملك إصدار أى قرار، والوزراء خدام لرئيس الجمهورية، ولذلك نحن فى مصر ليس لدينا الوزير السياسى على الإطلاق إنما كلهم وزراء إداريون والمادة ١٥٧ فى الدستور تنص على أن الوزير هو الرئيس الإدارى الأعلى فى وزارته أى أنه موظف بدرجة وزير، وقد كان لدينا وزير سياسى فى يوم من الأيام وكان أنجح وزير للداخلية هو فؤاد سراج الدين وكان خريج كلية الحقوق، ودعينى أشرح كيف أن رئيس الوزراء بدون سلطات فى مصر.. فوفقا للتعديلات الدستورية الجديدة سنة ٢٠٠٧، نصت على إن رئيس الجمهورية هو من يعين رئيس الوزراء، ورئيس الوزراء يختار الوزراء، وهذا كلام عشوائى لأن هناك نصا آخر يقول أن رئيس الجمهورية يختار ويعين الوزراء ويقيلهم، وإذا فرضنا جدلا أنه أخذ رأيه فى اختيار بعض الأسماء فلا يؤخذ برأيه فى الإقالة، وهذه عيوب دستورية.

■ والسلطة التشريعية؟

- السلطة التشريعية المفروض أن تكون قادرة على وظيفتين أساسيتين التشريع والرقابة وهى لا تقوم بهذه ولا تلك، وإنما تقوم بوظيفة «التصفيق»، لأن رئيس الجمهورية هو رئيس السلطة التنفيذية وهو رئيس الحزب الحاكم، والحزب هو من يختار مرشحيه الذين لابد أن يكونوا فى غرفة الطاعة إلى الأبد، ولذلك فإن السلطة التشريعية منذ ١٩٥٤ وحتى الآن لم تمارس دورها بشكل حقيقى.

■ وماذا يفعل مجلس الشعب إذن؟

- ما يحدث فى مجلس الشعب الآن مكلمة، استقواء أعضاء الحزب الحاكم بحزبهم لوأد المعارضة، تقدم استجوابات معظمها صحيح ولا تؤدى لنتيجة، والفساد انتشر تحت الأرض وفوق الأرض وفى سماء مصر، والكلام الذى يردده البعض داخل المجلس عن استقلال السلطة التشريعية غير مستقيم، لأن دور المجلس هو ممارسة الرقابة، ومناهضة الفساد والجهاز المركزى للمحاسبات يقدم تقاريره للمجلس لكنه دائما ينتهى بالتغطية على الحكومة.

■ هل تقصد أن مجلس الشعب يمارس دور المحلل للحكومة؟

- أخطر من المحلل لأن النظام السياسى يعيش مسرحية كبيرة فعندما يقول زكريا عزمى قبل سنوات إن الفساد فى المحليات وصل للركب، فهو الآن وصل إلى الأعناق، ويتم اكتشاف المئات والآلاف من قضايا الفساد، ثم يتم التستر عليها أو تهريب أصحابها، مثل حادثة العبارة التى كانت تسقط نظام هيئة الأمم وليس النظام السياسى فى مصر فقط، ومع ذلك يتم تأخير رفع الحصانة عن صاحبها ويقف زكريا عزمى فى مجلس الشعب ويقول نعم وقفت جانبه لأنه صديقى، وهذا مثبت فى مضبطة المجلس.

■ تعنى أن هناك من ساعده على الهرب؟

- النظام كله ساعده عندما تباطأ فى رفع الحصانة عنه ولم يضع اسمه على قوائم الممنوعين من السفر، وكان يجب على النائب العام السابق أن يفعل ذلك، لكنه سافر بسعادة وهناء، والتليفزيون المصرى أرسل له إعلاميا على نفقته ليجرى معه حواراً.

■ هل معنى ذلك أن السلطة التشريعية فى مصر لا تعمل بشكل حر؟

- البناء الدستورى للسلطة التشريعية، يتحتم معه أن يتم انتخابها بشكل حر مباشر، حتى تعمل بشكل حر، وهذا لا يتم ولا يحدث، والنسب التى يتم تسريبها تحت بند الإخوان والأحزاب محسوبة بدقة متناهية، والحزب الوطنى يمارس ذلك بشكل مكشوف وواضح، وبدأ فى عام ٢٠٠٠، وباقتراح من أحمد عز باختيار المجمع الانتخابى، ونجح وقتها ٣٧% من المجمع الانتخابى، وفى ٢٠٠٥ نجح ٣٦% والباقى ممن رفضهم عز داخل الحزب رشحوا أنفسهم كمستقلين ونجحوا ثم قام الحزب بضمهم مرة أخرى، وهذا فساد دستورى.

■ لماذا؟

- لأن المادة ٩٦ من الدستور تنص على أنه «لا يجوز إسقاط عضوية أحد أعضاء المجلس إلا إذا فقد الثقة أو الاعتبار أو فقد أحد شروط العضوية أو صفة العامل والفلاح الذى انتخب على أساسها»، هذا النص تم وضعه قبل نظام الأحزاب فى سنة١٩٨٠، وعن طريق القياس يكون المستقل كالعامل والفلاح إذا فقد الصفة التى تم انتخابه عليها تسقط عضويته، لأن الانتخاب عقد بين الناخب والمرشح إذا انتخبته كمستقل لا يجوز له إطلاقا أن يغير صفته بعد أن ينجح.

■ معنى ذلك أن حوالى ٧٠% من أعضاء الحزب الوطنى (أى الذين غيروا صفاتهم الحزبية) مشكوك فى عضويتهم؟

- يجب أن تسقط عضويتهم مؤكدا، ولقد نشرت ذلك فى مقال بالأهرام عام ٢٠٠٥ فجاءنى رد من كمال الشاذلى وقتها يقول: «يا أخى دول ولادنا وزعلوا مننا ورجعولنا فأخذناهم فى حضننا وقعدناهم على رجلينا»، وتلك كانت تعبيراته بالضبط.

■ وما الجهة المنوط بها إثبات ذلك؟

- المحكمة الدستورية العليا، وقد حكمت ٤ مرات ببطلان تشكيل مجلس الشعب سواء بسبب فساد الانتخابات أو لعدم وجود رقابة قضائية كاملة أو بسبب الجمع بين الانتخابات بالقائمة والفرد، أى أن ٤ تكوينات لمجلس الشعب كانت مجرد تجارب وحكم بعدم دستوريتها.

■ ماذا عن السلطة القضائية؟

- السلطة القضائية يجب أن تكون مستقلة.

■ وهى الآن مستقلة؟

- لا ليست مستقلة لأن هناك ٢٢ مادة فى قانون السلطة القضائية القائم تجيز وتبيح لوزير العدل أن يتدخل فى كل شىء فى إدارة القضاء.

■ لكن الوضع تغير بعد التعديلات الأخيرة فى القانون؟

- التعديلات الأخيرة للقانون زادته تشوها.

■ كيف؟

- السلطة القضائية تتكون من ٣ أفرع، القضاء العادى والقضاء الإدارى والقضاء الدستورى، والنظام السياسى عندما قرر أن يضم له قلم قضايا الدولة وتصبح هيئة قضائية ثم النيابة الإدارية، جمع بين ما هو إدارى وقضائى، لأن هيئة قضايا الدولة هذه مثلها مثل نقابة المحامين فهم محامو الحكومة، والنيابة الإدارية لا تملك سوى سلطة التحقيق مع موظفى الدولة فى المسائل الإدارية ولا تتخذ أى قرار، وبالتالى فإنه عندما يجتمع رئيس المحكمة الدستورية العليا ورئيس النقض ورئيس مجلس الدولة ورئيس هيئة قضايا الدولة فى مجلس الهيئات القضائية ثم يقف أمامهم فى الصباح مدافعا عن الحكومة يصبح ذلك عدوانا على استقلال القضاء.

■ فى رأيك ماذا كان الهدف من ضمها؟

- لإنهاء ما بقى من استقلال القضاء، وعندما تقضى على القضاء تكون قضيت على أى ملجأ للشعب، وهيئة قضايا الدولة أو النيابة الإدارية ليست هيئات قضائية على الإطلاق، ولكن تم ضمها وفقا للقانون ١٩٢لسنة ٢٠٠٨ لكى تستخدم فيما يسمى الإشراف القضائى على الانتخابات.

■ وماذا عن المادة ٨٨ من الدستور؟

- المادة ٨٨ كان فيها بعض الأمل رغم أن الحكومة ركزت على أن يكون رؤساء اللجان من هيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية، وعندما حدثت الفضائح الكبرى فى انتخابات ٢٠٠٥، قررت الحكومة التخلص من ذلك «الصداع» فعدلتها، لتنص على أن يجرى الاقتراع فى يوم واحد وليس على يومين، لأن ذلك ليس فى مصلحة الحكومة، وأن «تتولى لجنة عليا تتمتع بالحيدة والاستقلال الإشراف على الانتخابات»، كيف تكون تلك اللجنة حيادية والحكومة هى التى تعينها، وبالتالى يكون ولاؤها لمن عينها، كما نصت على أن تشكل اللجان العامة من أعضاء من هيئات قضائية كى تحشر فى الموضوع هيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية، أما اللجان الفرعية فيتولاها موظفون من وزارة التضامن الاجتماعى.

■ فى الفترة الأخيرة ظهرت بعض المطالبات من قطاعات مختلفة فى وزارة العدل بأن تصبح هيئات مستقلة أسوة بهيئة قضايا الدولة ما رأيك؟

- هيئة قضايا الدولة ليست هيئة ولا سلطة قضائية، لأن الصفة القضائية لا تمنح ولا تعطى إلا لمن يفصل فى منازعة قضائية بحكم يعد ترضية قضائية، وهم قضاة المنصة فقط، ومفهوم السلطة القضائية لا يطبق إلا عليهم فقط.

■ وماذا عن دور المحكمة الدستورية العليا؟

- المحكمة الدستورية العليا أصابتها أزمات عديدة، وانتهى دورها ككعبة يحج إليها المصريون للانتصاف لحقوقهم منذ سنة ٢٠٠١.

■ ما السبب فى ذلك؟

- عندما تم تعيين المستشار محمد فتحى نجيب الذى كان مهندسا لجميع القوانين سيئة السمعة، رئيسا لها دون الرجوع إلى جمعيتها العمومية، وكان التقليد والعرف قد جرى أن يعين أقدم نوابها، ومن بعده جاء ممدوح مرعى من خارج المحكمة أصلا، ثم ماهر عبد الواحد الذى لا علاقة له بها، ولم يسبق له إطلاقا حتى دراسة القضاء الإدارى.

■ تقصد القضاء الدستورى؟

- القضاء الإدارى هو الذى يراقب شرعية القرار الإدارى الصادر طبقا للقانون واللائحة، وهو نوع من القضاء الدستورى الذى يراقب شرعية القانون واللائحة طبقا للدستور، وبالتالى فإن القاعدة تقول إنه بدون دستورية لا شرعية وبدون شرعية لا مشروعية وبدون مشروعية لا وجود للدولة القانونية وهذا ما يحدث الآن.

ليس ذلك فقط الذى مس استقلال القضاء وإنما إنشاء قضاء استثنائى هو القضاء العسكرى الذى أصبح يحال إليه المدنيون بطريقة غير قانونية، وهذا أكبر ما يصيب المرء فى حريته، وليس مقبولا إطلاقا فى أى نظام سياسى فى العالم.

■ ماذا بقى إذن فى الدستور؟

- فى الفترة الأخيرة ظهرت موجة من المقالات بالصحف القومية تحت عنوان دفاعا عن الدستور، أى دستور يتحدثون عنه؟! نحن مدمنو التزوير، وتتجلى قمة التزوير عندما نكتشف أن الوثيقة الأساسية القائم عليها النظام السياسى وهو الدستور تم تزويره بالكامل.

■ لكن ذلك الدستور تم الاستفتاء عليه؟

- نقول مجازا إنه تم تزويره لأن المشروع القومى الذى وضعته اللجنة وقتها تم تغييره والدكتور عبد الحميد متولى شاهد عيان على تغيير الدستور، وهو قال فى كتاب له إن ما حدث للدستور فى ١٩٧١ كان بمثابة حركة انقلابية جرت للدستور، ومع ذلك ظل يوصف بالدستور المصرى وكان الأصح والأدق أن يطلق عليه دستور السادات، لأنه حتى الدستور الملكى الذى صدر فى ١٩٢٣ ثبت تاريخيا أن الملك لم يتدخل لتعديل بعض النصوص أو إضافة بعضها على المشروع الذى قدمته لجنة الدستور، وما فعله السادات فى الدستور أنه وضع نظاماً رئاسياً متطرفاً لايميل إلى النظام البرلمانى ولا الرئاسى النموذجى.

فى الجزء الثانى من الحوار:

■ «الأسود القدامى» مع مبارك.. و«الثعالب الجدد» فى صف جمال.. والصراع بينهما يحدد مستقبل مصر

■ نفتقد الرئيس السياسى والوزير السياسى.. ومصر لا تحتاج «مجلس الشورى»

 

 

اجمالي القراءات 3733
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   ايناس عثمان     في   الإثنين ٢٨ - ديسمبر - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[44473]

في البدء كان التزوير

التزوير حسب ما جاء به  الفقيه الدستوري في حواره مع  المصري اليوم بدأ مبكرا جدا فبعد صياغته من قبل  120 عضوا  الذين تم تكليفهم  اتضح أنه قد تغير كلية ولم يعد فيه  مادة واحدة  بصورتها ؟!!! يقول الفقيه :
 "وكنت آخر من سلم الدستور فى صياغته النهائية إلى رئاسة الجمهورية للموافقة عليه، فوجئنا بعد ذلك فى سبتمبر بدستور جديد مختلف تماماً عما عملنا فيه صباحا ومساء، كان محوره الأساسى تركيز كل السلطات فى يد رئيس الجمهورية، ويحوى تغييرا لكل المفاهيم التى عملنا عليها، كان توجهنا فى اللجان ينصب على نظام سياسى يقوم على أساس سلطة تنفيذية تتميز بالكفاءة وليست متوحشة كما هى الآن، وسلطة تشريعية قادرة وليست تابعة وواهنة كما كانت طيلة حياتها، وسلطة قضائية مستقلة.

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق