استطلاع: الفضائيات الدينية الإسلامية والمسيحية وسيلة لإلهاء الشعوب عن قضاياهم وتؤجج التطرف

اضيف الخبر في يوم الثلاثاء ٠٤ - يناير - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الشروق


استطلاع: الفضائيات الدينية الإسلامية والمسيحية وسيلة لإلهاء الشعوب عن قضاياهم وتؤجج التطرف

دخلت القنوات الفضائية الدينية، سواء الإسلامية أو المسيحية بالمجتمعات العربية والإسلامية في الشرق أو الغرب مرحلة جديدة، من الدعوة للتشدد والتطرف والفتنة الطائفية، ومن ثم العنف والإرهاب، حيث ارتكزت في خطاب شيوخها وقساوستها غير المؤهلين دينيا وعلميا وتربويا على التزمت، وغرس بذور الفتنة والفرقة، ومناهضة تطورات العصر.



وقد دفع غياب العدالة الاجتماعية، وانتشار الفقر والبطالة، وتفشي الأمية، واضطهاد الأقليات، وغياب دولة القانون والأزمات والمشكلات الاجتماعية في العديد من البلدان العربية إلى انتشار هذه القنوات، والتفاف الشباب حولها، الأمر الذي مكن هذه القنوات من توظيف طاقات الشباب المتحلق حولها، وتوجيهها نحو العنف ومواجهة الآخر، وها هم يمثلون وقودا لأفكارها المتطرفة.

الاستطلاع الذي أجراه موقع "ميدل إيست أونلاين" حول مجموعة من آراء نخبة من المثقفين والمبدعين يكشف أن هذه القنوات تتغذى على الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي العربي الراهن، وما يشهده من جهل، وبطالة، وفقر، وأمية، ومن التدخل الأميركي في المنطقة المساند للسطوة الإسرائيلية.

المفكر اللبناني والوزير الأسبق د.جورج قرم صادق، يؤكد خطورة الجو الديني الذي تبثه الفضائيات العربية الدينية أو غير الدينية، وقال "هي تعكس الجوّ العام، حيث يتمّ تحليل كل الأمور الدنيوية من منظور هويات طائفية ومذهبية وإثنية ضيقة، وقد يتحمل العديد من المثقفين والإعلاميين العرب مسؤولية كبيرة في هذا الوضع الذي يكرس الطروحات الاستعمارية الأميركية-الأوروبية، بأن الغرب والمسلمين في حالة حرب بينهما، وكما في كل حرب يقوم الطرفان باستنفار شعور متأجج لتبرير المواقف العدائية المتبادلة: تعميق الشعور بالانتماء إلى عروبة إسلامية عندنا أو إلى يهودية-مسيحية غربية صهيونية الهوى في أمريكا وأوروبا".

ويرى قرم أن المعالجة "طويلة الأمد تتطلب مزيدا من جهود العقلاء العلمانيين ونشر الثقافة النقدية ليس فقط لما يحصل في الغرب، إنما أيضا لما يحصل في وطننا العربي".

ويرى الباحث في علم الاجتماع السياسي د.عمار على حسن خارطة القنوات، ويرى أن هناك العشرات من الشاشات التي تطل على عيون المشاهدين العرب، وتسكب في آذانهم العقيدة والفريضة والتعاليم والطقوس والقيم الدينية، عبر برامج عديدة، "بعضها تقدمه قنوات دينية صرف، وبعضها تجود به القنوات العامة والمنوعة، التي لا يمكنها أن تهمل هذا الصنف من البرامج الذي تنجذب إليه جماهير غفيرة من المحيط إلى الخليج".

ويرصد عمار القاسم المشترك بين الأغلبية الكاسحة من هذه البرامج، ويقول "يدور حول أمرين أساسيين، الأول هو استخدام التلفزيون بوصفه مجرد إذاعة مسموعة، حيث يطل على الناس من الشاشة رجل واحد، يتحدث إليهم بصوت جهير، أو يخطب فيهم بلغة حماسية، أو يتلقى أسئلتهم وملخص مشكلاتهم، ثم يجيب عليها حسب رؤيته وتقديره ووفق ما تسعفه به الذاكرة من أسانيد (شرعية)، ويطلق أحكامه من طرف واحد، وليس أمام السائل والمستفسر الذي يرى شفتي الواعظ ويسمع الحروف الخارجية منهما سوى أن يهز رأسه، أو يصمت، أو ينصرف إلى واعظ آخر، في بحث نهم عن الفتاوى. والثاني هو اعتماد من يقدمون هذه البرامج على إعادة طرح ما هو موجود على صفحات الكتب القديمة، بحيث يتحول الشيخ أو الواعظ إلى مجرد ببغاء يردد ما قرأ وحفظ، فتأتي لغته قديمة مهجورة، وأفكاره وتصوراته بعيدة عن مجريات واقع يتجدد باستمرار".

ويرى عمار أنه "رغم رسوخ أقدام بعض القنوات الإسلامية والمسيحية، ومع ظهور برامج دينية ثابتة في فضائيات كثيرة، فإن الأغلب الأعم يفضل التقليد على التجديد، وإرضاء العوام على إيقاظهم، والنيل من المخالفين في الرأي وتجريحهم بدلا من الدخول في حوار بناء معهم. ومن ثم، فإن الطاقة الإعلامية الجبارة التي تضخها الشاشات الزرقاء تبدو وكأنها حرث في ماء، لا تربي نفسا، ولا تبني عقلا، ولا تشبع ذائقة، لينحصر دورها الأساسي في جذب المشاهدين واصطيادهم، ليتحولوا إلى زبائن أو مستهلكين للبضائع التي ينتجها شيوخ وقساوسة، ينظر كثير منهم إلى الأمر برمته على أنه تجارة بحتة".

ويؤكد د.عمار أن الأغلبية الكاسحة من هذه البرامج تهمل القضايا الأساسية والملحة التي يجب على الدين أن يتصدى لها، ويخوض غمارها، ويجيب عن أسئلتها كافة، ويقدم في هذا ردودا شافية كافية، لا تغادر سقما. و"هذه القضايا جديرة بأن يلتفت إليها شيوخ وقساوسة الفضائيات بدلا من تكرار ما قيل آلاف المرات من قبل، وإلا سنظل نحرث في ماء، وسنجني ربما من غير دراية ولا قصد على الدين. لكن هؤلاء لا يستجيبون لهذا التوجه، ومن ثم تظهر أهمية وجود برامج بديلة، تضيف وتنير وتهدي وتطلق الحوار حول المسائل الدينية من منظور عصري، بعيدا عن إنتاج التزمت الذي يقود إلى العنف".

ويثير الكاتب العراقي سمير عبيد وجهة نظر مختلفة، فهو بعد التأكيد على أنه من الأقلام والحناجر التي تحارب الطائفية، والإسلام الأمريكي ومشروع الصهيونية، تساءل "بعيدا عن الغلو وبعيدا عن التشدد، هل سأل أحد الخبراء في الإعلام أو السياسة نفسه سؤالا: لماذا جميع المخرجين والفنيين والمصورين والمشرفين من المسيحيين المنفلتين المرتبطين بالدوائر الأمريكية والصهيونية؟".

وأضاف "هؤلاء هم الخطر والبنية التحتية للإعلام العربي الممول أمريكيا وصهيونيا، فبسبب الفضائيات الدينية وبرامج الفن والعري والجمال والميوعة أصبحنا أمة (مهند) ولم نبق أمة (محمد)، ومهند نسبة للفنان التركي الذي كان سببا بارتفاع نسبة الطلاق في العائلات الإسلامية". وقال "هناك وكالة التنمية الأميركية هي التي تمول الإعلام العربي وتحديدا الخليجي، وهناك مكتب إقليمي خاص في البحرين، وتشرف عليه وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة أولبرايت، فالمخطط كبير للغاية ولن يتوقف بعد أن أصبح السفراء الأمريكان في بلداننا هم الحكام الفعليون وما الأنظمة إلا عصابات يرعاها السفراء الأمريكان، وبالتالي نحن مجتمعات عبارة عن عينات لمختبرات وكالة التنمية الأمريكية".

الكاتب المصري فرانسوا باسيلي، أكد أن ظاهرة الفضائيات الدينية في العالم العربي، هي امتداد وإفراز طبيعي لظاهرة أوسع وأقدم هي ظاهرة الدروشة الدينية التي اجتاحت المجتمعات العربية منذ السبعينيات بتشجيع أو لا مبالاة من الحكام لأسباب سياسية، وقال "الدروشة الدينية هي الاستغراق في الانشغال بشؤون الدين على حساب شؤون الدنيا والتوسع في ذلك الانشغال حتى يلتهم جل فكر ووقت وجهد الفرد، الذي يتحول من مواطن منتج مالك لأمر نفسه يدفع بعجلة تطور مجتمعه إلى درويش مجذوب يتطوح مذهولا عن الدنيا لا ينتج شيئاً ينفع به نفسه أو غيره، فيزداد فقرا على فقر، وإحباطاً فوق إحباط مما يجعله مستعدا أن يفرغ إحباطه في شكل كراهية للآخر المختلف دينياً يصل في النهاية إلى حد قبول العنف والإرهاب".

وأضاف "فضائيات التطرف الديني جاءت كفائض حاجة بعد أن استغرق الشأن الديني مساحات كبيرة من برامج القنوات الرسمية والعامة بما لم يعد يسمح بالمزيد. وإبعاده عن مصادر الحضارة والعلم والقوة".

وقال باسيلي "قد لا يعلم الكثيرون أنه في الستينيات في بدء التلفزيون المصري لم يكن يقطع الإرسال وقت الصلاة، إذ كانت مصر في عهد عبد الناصر دولة مدنية تطمح لأن تدخل عصر العلم بكل قوة، وضعت الدين في مكانه الصحيح بعيداً عن الغلو أو التوغل فيما ليس من الدين من شؤون الدنيا، كان (العلماء) هم أصحاب الدكتوراه في العلوم وليس أدعياء العلم من دعاة القنوات المهووسين بفتاوى الحرام والحلال التي يريدون بها التحكم في كل ما يفكر فيه ويفعله العباد".

وشدد باسيلي على أن القنوات العامة -قبل الفضائيات الدينية، هي جزء من الكارثة التي تعانيها المجتمعات العربية اليوم، إذ هي تزايد على موجات الدروشة الدينية التي تجتاحنا بدلا من خوض المعركة الفكرية والحضارية الضرورية لخلاصنا ونهضتنا.

ورأى أنه من المدهش أن هذا يحدث في دول تتحكم فيها النظم الحاكمة في كل شيء في البلاد، وهناك من يرى أن هذه سياسة مقصودة لإلهاء الشعوب عن حقوقها السياسية، وكان هذا صحيحا في مصر السادات، أما اليوم فلا أرى أنها بالضرورة سياسة مقصودة، وإنما هي مزيج من البلادة الفكرية والسياسية وخمول الإرادة وقصورها عن أية رؤية حضارية، بل وقصورها عن رؤية خطر هذه الدروشة الدينية على المجتمع والدولة نفسها، والحل هو في قيام إعلام عصري بديل له توجه حضاري علمي أساسي، يقدم ما يفيد العقل والروح من فكر وفن وعلم وإبداع، والامتناع عن الجرعات الدينية الزائدة التي تقتل الإرادة الحرة والفكر الخلاق، ولكن هذا لن يحدث في ظل القيادات الحالية التي أفرزت ما نحن فيه اليوم من انحدار نحو الخروج من العصر.
 

اجمالي القراءات 3679
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   عبدالمجيد سالم     في   الثلاثاء ٠٤ - يناير - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[54687]

التعميم ..!!

التعميم ظلم في هذه الحالة .. والمساواة في التأثير ظلم أشد .. فالقنوات المسيحية رغم تجنيها في بعض الأوقات لم .. نراها تقود عمليات لهدم المساجد وتفخيخ السيارات ..
الدكتور عمار على حسن من خيرة ابناء مصر ..

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق