الحلف:( 12 ) (لهو الحديث ) :
(لهو الحديث ) من قريش الى الوهابيين والسلفيين والاخوان المسلمين

آحمد صبحي منصور Ýí 2012-02-03


هو خصم لله جل وعلا من يستخدم الدين فى طموحه الدنيوى

أولا : الأمويون ولهو الحديث من مكة الى دمشق :

1 ـ  للقرآن الكريم إعجاز فريد يأسر السامعين حتى لو كانوا كفّارا مشركين،يقول رب العزّة :(كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهِ )(الحجر 12 ـ )(كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهِ )(الشعراء 200 ـ ).أى إن الكافر بالقرآن حين يقرؤه أويستمع اليه ينفذ الى قلبه رغما عنه ، فيأخذه العناد فيزداد كفرا وعتوا وإستكبارا ليعاند بصيص الايمان الذى نبت فى أعماقه.وهى حالة فريدة أن يزداد المؤمن بالقرآن إيمانا ويزداد الكافر به ضلالا ، كل حسب إختياره،يقول فيها رب العزة:(وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً)(الاسراء 82 ). ويقول عن معاندى أهل الكتاب:(وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً)(وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ )(المائدة 64،68). وفى المقابل كان مؤمنو اهل الكتاب يزدادون إيمانا حين كان يتلى عليهم القرآن،فيسجدون باكين خاشعين،يقول جل وعلا : (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً) (مريم58). وكان هذا حجة على مشركى قريش، فأمر رب العزة رسوله أن يقول لهم : (قلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً)(الاسراء 107: 109).

2 ـ وكان كفار قريش ينفجرون غضبا بمجرد تلاوة القرآن حتى كانوا يدعون الله جل وعلا على أنفسهم بالهلاك لو كان القرآن كلام الله:(وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ وإذ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنْ السَّمَاءِ أَوْ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)(الأنفال 31 : 32 )، أو يملأ الغيظ وجوههم حتى  يهم بعضهم بالاعتداء على من يتلو عليهم القرآن:( وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا )(الحج 72 )،أو تملىء نظراتهم بالكراهية للرسول محمد عليه السلام وهو يتلوه عليهم وتنطلق ألسنتهم بإتهامه بالجنون :(وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ وَمَا هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ)( القلم 51 : 52).

3 ـ ولهذا طالب كفار قريش النبى محمدا عليه السلام بأن يأتى لهم بقرآن آخر يتصالح مع ثوابتهم الدينية ونزل الرفض فى قوله جل وعلا:(وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (يونس15).وبسبب رفض تبديله أوجد كفار قريش حلولا لالهاء السامعين عن الاستماع للقرآن ، منها الصخب والشوشرة عند تلاوة القرآن:(وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ)(فصلت 26) ولكن أهم وسيلة فى حربهم للقرآن كانت شراء تدوينات لأساطير الأقدمين وروايتها قصصا وحكايات جذّابة تستهوى السامعين وتصرفهم عن الاستماع للقرآن ،بل وتشجعهم على إتخاذه هزوا .وهذا ما جاء فى قوله جل وعلا:( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ)(لقمان 6 ).

4 ـ لم يكن للعرب ( الأميين ) تراث دينى سوى تحريفهم لملة ابراهيم ، ولقد إشتهروا بالشعر وأيام العرب وحروبهم ، ولكنها لم تنفع فى صرف إهتمام السامعين للقرآن . لذا كان لا بد من بديل مواز يحكى القصص الدينى وحكايات السابقين ، وهى نفس الموضوعات تقريبا التى تعرّض لها القرآن مع الفارق فى الصدقية وفى المنهج الوعظى الاصلاحى للقصص القرآنى. هدف القصص التى يريدها كفار قريش لصرف الناس عن القرآن أن تكون مشوّقة مؤثرة تلهى المستمع عن الحق بل حتى عن نفسه وواقعه ، وتأخذه الى عالمها الخاص ، أى لا بد أن تمتلىء بالخرافات والتهويلات ، خصوصا مع عقليات الناس وقتها. ووجدت قريش ضالتها فى التراث المدون والشفهى لأحبار ورهبان وكهان أهل الكتاب،. ويذكر رب العزة تحالفا بين كفار مكة وكفار أهل الكتاب الذين أفتوا لقريش أن دينهم أفضل من الاسلام : فقال جل وعلا عنهم :(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنْ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنْ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً)(النساء  51 : 52).

5 ـ الأمويون كانوا مبتكرى هذه الحرب الفكرية ضد القرآن . تزعّم الأمويون فى مكة معارضة  الاسلام حرصا على مصالحهم،إذ كانوا قادة القوافل فى رحلتى الشتاء والصيف ،وكانت لهم علاقات تجارية بقبائل كلب المسيحية التى تسيطر على طرق الشام التجارية.ورأوا فى الاسلام تهديدا لزعامتهم ومكانتهم فعارضوه، وسجّل هذا رب العزّة عليهم فقال عن القرآن الكريم : (أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ)(الواقعة81:82 )، أى جعلوا رزقهم فى تكذيب القرآن فكفروا بالقرآن بسبب عوامل إقتصادية بحتة . أى لم يكفروا بالقرآن لذاته وإنما لأنه يهدد سيطرتهم وجاههم وثرواتهم.إعترفوا بالقرآن هدى، ولكن رأوا فيه خطرا على تجارتهم فى رحلتى الشتاء والصيف . طبقا للايلاف كانت قريش مسئولة عن حماية أصنام العرب المقامة حول الكعبة مقابل حماية القبائل العربية للتجارة القرشية التى تتقاتل فيما بينها ولكنها تحافظ على قوافل قريش. ودعوة القرآن ضد الأصنام تهدد بقاءها، وبالتالى فلن تكون تجارة قريش آمنة بين الشام واليمن، بل ربما تتوحد القبائل العربية ضد قريش لو اعتنقت  الاسلام وهدمت أصنام العرب فى الحرم . هذا ما تخيله الأمويون زعماء قريش الذين اعترفوا بأن القرآن هدى ولكنه خطر عليهم :(وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعْ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا)(القصص 57 ).

6 ـ الأمويون بعقليتهم التجارية وإنفتاحهم على الشام واختلاطهم بأهل الكتاب وتعاونهم معا ضد القرآن تفننوا فى مكة فى حرب القرآن بشرائهم من الشام الأقاصيص الدينية،فقال رب العزّة:(وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا) . وكانوا يعقدون لها جلسات سمر يخلطون فيها الاستماع لتلك الأقاصيص بالاستهزاء بالقرآن مع الصّد عنه،ويوم القيامة سيقال لهم توبيخا:(قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِراً تَهْجُرُونَ)(المؤمنون66  :67 ).

7 ـ وفشلت هذه الوسيلة فى الحرب الفكرية ، بل فشلت مواجهتهم الحربية للمسلمين ، بل أدى كل هذا الى انتشار الاسلام بين القبائل العربية ، فالقرآن باسلوبه المعجز الساحروبحواره المقنع أيقظ عقول العرب وفضح لهم عبثية عبادة الأحجار وخرافات تقديسها وتأليهها ، وبالتالى أبان لهم كيف خدعتهم قريش واستغلتهم فى فريضة الحج واستخدمتهم فى حراسة قوافلها وزيادة ثرواتها مقابل خرافة الأنصاب والأصنام . ووجد العرب فى الاسلام وسيلة للقضاء على تميّز قريش وانفرادها بالسيطرة على البيت الحرام وقيادة العرب دنيا ودين ، فالاسلام يؤكد العدل والحرية والمساواة بين الناس ويمنع تعالى قبيلة على أخرى . نجح القرآن الكريم فى هذه الحرب الفكرية ضد خرافات الكفر وومزاعم قريش بالهيمنة والسيطرة ، خصوصا مع عجز قريش عن مواجهة المسلمين حربيا بعد هزيمتهم فى الأحزاب. ونشأ وضع جديد مقلق لقريش هو تجرؤ العرب المسلمين خارج المدينة على الاعتداء على قوافل قريش فلم تعد للأصنام حول الكعبة حرمة ولا قيمة ، وزاد من هذا ما نتج عن صلح الحديبية  من زيادة عدد المعادين لقريش والمعتدين على قوافلها ، فرأت قريش أن مصلحتها التى كانت من قبل تحتّم عليها الوقوف ضد الاسلام ، أصبحت الآن تحتم عليها الدخول سلميا فى الاسلام . ومن الطبيعى أن يكون الأمويون بحنكتهم السياسية ومركزهم القيادى فى مكة هو المرجّح لهذا الاختيار ، وبه تم فتح مكة سلميا . ولكن بين سطور القرآن نفهم وجود معارك تلت فتح مكة ، ونقض للعهود ومحاولة ثانية لاخراج النبى والمؤمنين من مكة ،وهذا ما دارت حوله آيات سورة التوبة (1: 28 ).

8 ـ واعطت سورة التوبة خريطة للعقائد القلبية لسكان المدينة ومن حولها ، من السابقين ومن خلط عملا صالحا وآخر سيئا ،وأصناف المنافقين الظاهرين ،والأعراب الذين هم أشد الناس كفرا والأعراب المحاربين على تخوم المدينة . ولكن أخطر فريق هم من كتم نفاقه من أهل المدينة ومن الاعراب حولها مخافة أن يفضحه الوحى القرآن (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنْ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ)(التوبة ـ 101 ـ ). توعدهم الله جل وعلا بعذاب مرتين فى الدنيا وعذاب عظيم فى الآخرة ، بمعنى أنهم سيموتون كفارا وسيسببون فى المستقبل بعد موت النبى مصائب للمسلمين ولغيرهم باسم الاسلام . أى إنهم صبروا الى أن يموت النبى وينقطع الوحى ثم تحركوا بعدها. فى حياته كمنوا بلا حراك يؤكدون ولاءهم للنبى ويتقربون منه ويعلو شأنهم بين المسلمين. ثم بعد موت النبى وانتهاء القرآن نزولا ويقينهم بأن لا وحى بعدها يفضحهم تحركوا ضد الاسلام فأوقعوا المسلمين فى حركتى ردة تم التخطيط لهما جيدا. حركة الردة الأولى الصغرى معروفة وبدأت بهجوم القبائل المتاخمة للمدينة على المدينة ، وهم قد أشارت اليهم سورة التوبة من قبل (123). وانتشرت حركة الردة هذه وتم أخمادها بتوحّد قريش من المهاجرين والأمويين الداخلين ف الاسلام بعد طول عداء للاسلام ، ومعهم الأنصار الذين تم تهميشهم لصالح قريش والأمويين . أدى الانتصار الى استعادة الأمويين ( الطلقاء ) مكانتهم ، وإلى حركة الردة الكبرى،أى الفتوحات العربية.  

9 ـ أقنع الأمويون قادة المهاجرين بتوجيه قوة الأعراب الحربية الى فتوحات خارجية تحت لواء الاسلام ، حتى لا يعودوا للردة وحرب قريش والمسلمين . وهكذا أعاد الأمويون استغلال الأعراب فى الفتوحات ، وخرج منها الأعراب مخدوعين فقد استولت قريش والأمويون على معظم الغنائم . الفتوحات هى المرحلة الأولى من الردة الكبرى للصحابة ، ثم تبعتها المرحلة الثانية وهى الفتنة الكبرى،والتى لا زلنا فيها حتى الآن. إستغل الصحابة إسم الاسلام وخالفوا تشريعاته حين اعتدوا فيها على أمم لم تعتد عليهم ، فقاتلوها واحتلوا بلادهم وسبوا نساءهم ونهبوا أموالهم باسم الاسلام والجهاد الاسلامى ، ثم اختلفوا فى توزيع المسروقات فاقتتلوا فيما بينهم فى الفتنة الكبرى ، فى حروب أهلية أشهرها مواقع الجمل وصفين والنهروان .

10 ـ هذه الردة الكبرى بالفتوحات والحروب الأهلية تعتبر كفرا سلوكيا لأنها تتمسح بالدين وتستغله فى تحقيق مطامح سياسية واقتصادية . الكفر السلوكى هو استخدام دين الله جل وعلا القائم على السلم والعدل والحيرة فى الاعتداء والظلم والطغيان . وهذا الكفر السلوكى يستلزم تبريرا وتسويغا ، يتحول بمرور الوقت الى إختراع تشريع ومزاعم بوحى الاهى، أى يوقع فى الكفر الفكرى والعقيدى بتشريعات تبرر الظلم والعدوان وتنشىء أحكاما ما أنزل الله جل وعلا بها من سلطان . تلك الفتوحات نجحت حربيا وسياسيا بمقياس الدنيا ، إذ إنتصر المسلمون فانهارت أمامهم عروش واحتلوا فيها بلادا واسترقوا فيها شعوبا فى مدة قياسية . ولكن هذه العظمة الدنيوية تتناقض مع الاسلام ، وبالتالى كان أمام الصحابة الاختيار بين الاسلام وبين هذه العظمة الدنيوية ، فاختاروا العظمة الدنيوية ، وانتهوا الى الفتنة الكبرى و الحروب الأهلية. لو إختاروا الاسلام فقد كان عليهم التوبة والرجوع الى جزيرتهم العربية وترك تلك البلاد لأصحابها بعد تحريرهم من استبداد حكامهم ، خصوصا وقد عاش المسلمون حرية وديمقراطية وعدلا فى دولة النبى محمد منذ عدة سنوات مضت على وفاته. أى كان عليهم أن يسيروا على سنته الحقيقية. لم يحدث هذا، فقد أختاروا أن يسيروا على سنّة كسرى وهرقل وسائر المستبدين . لم يحدث الانتقال فجأة ، فقد استلزم بعض الوقت وبعض الحروب الأهلية التى أسفرت عن فوز الأمويين بالسلطة والثروة.

11 ـ إضطررنا لهذه التفصيلات ( الموجزة السريعة ) لنخلص الى أن الأمويين ـ على هامش الحروب المسلحة بينهم وبين (على ) الذى كان يمثّل مدرسة النبى محمد ـ عادوا الى سيرتهم الأولى حين كانوا يحاربون الاسلام والمسلمين فى مكة وقبيل دخولهم فى الاسلام . عادوا الى استعمال الحرب الفكرية ، أى بشراء ( لهو الحديث ) تحت مسمى القصص .برز الأمويون فى    اختراع الأحاديث عن طريق أبى هريرة وغيره ، وفى إختراع وظيفة القاصّ ، الذى يجلس فى المسجد يقصّ حكايات السابقين ويفترى أحاديث ينسبها للنبى ، ثم ينتهز فرصة إصغاء الناس له ليستميلهم الى الخليفة الأموى ويؤلف الأكاذيب عن (على ) وآله بقدر مدحه فى الأمويين . أى استعمل الأمويون ( لهو الحديث ) ضد القرآن مرتين ، الأولى وهم كفار معادون صرحاء ، والثانية وهم منافقون يستخدمون اسم الاسلام فى سبيل الثروة و السلطة . وفى الحالتين كان الأمويون عباقرة فى خلط السياسة بالدين ، سواء فى مكة أم فى دمشق ، لا فارق بين أبى سفيان ومعاوية ومروان بن الحكم وعبد الملك بن مروان ، الذى كان قبل خلافته من كبار الفقهاء فى المدينة معتكفا فى مسجدها مع رفيقه سعيد بن المسيب، ثم حين جاءه موت أبيه المفاجىء وتوليه الخلافة بعده أقفل المصحف وقال ( هذا فراق بينى وبينك ) ، وتولى الخلافة وعذّب رفيقه سعيد بن المسيب .

ثانيا:الحديث فى الدين نوعان : لهو الحديث وأصدق الحديث:أيهما تختار أخى المسلم ؟

1 ـ :يقول ربّ العزّة :( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) ( لقمان 6 : 7). من الآيتين الكريمتين نستخلص حقيقتين: 1/ 1 : الحقيقة الأولى : قوله جل وعلا هنا :(وَمِنَ النَّاسِ)، يعنى إنها عادة إنسانية سيئة توجد فى كل مجتمع فيه ناس، أن يحترف بعض الناس سرد ( لهو الحديث ) ليصرف الناس عن الحق ولاضلالهم بغير علم ،أى بالخرافات مع إستهزائهم  بآيات الله عزّ وجلّ. كان هذا قبل الأمويين ، فى كل مجتمع فيه ناس ، واستمر بعد الأمويين فى كل مجتمع فيه ناس .ولا يزال فى عصرنا البائس فأعلى المبيعات هى كتب التراث ،إذ (يشترى) الناس (لهو الحديث) فى ملايين النسخ من كتب الحديث والسّنة والفقه والتصوف والتشيع ، ويستمع الناس الى لهو الحديث فى المساجد الضرار وفى القنوات الفضائية الدينية وفى البرامج الدينية وفى المواقع على الانترنت، والتى بلغ من انتشارها وسيطرتها أن هزمت مواقع وأفلام البورنو .  (لهو الحديث ) الأموى كان بسيطا ، مجرد واعظ فى مسجد ، ولم تكن المساجد بهذا الانتشار . ومجرد روايات شفهية فلم يكن هناك تدوين . وحتى فى عصر التدوين لما شاع وانتشر من روايات شفهية للهو الحديث فقد كان التدوين يدويا بخطّ اليدّ ، حرفة للورّاقين . الآن الطباعة الاليكترونية بالملايين والسماجد بالملايين والمستمعون بمئات الملايين. هذا هو الفارق الكمّى فى انتشار لهو الحديث بين الأمويين والوهابيين من سعوديين وسلفيين وأخوان مسلمين.

1/ 2 :الحقيقة الثانية:أنه فى مجال (الدين) يوجد نوعان فقط من الحديث كل منهما يناقض الآخر :(لهو الحديث) و(أصدق الحديث) . ولأنهما متناقضان فلا يمكن أن تؤمن بهما معا ، فإذا آمنت بأصدق الحديث فلا بد أن تكفر بلهو الحديث ، ولو آمنت بلهو الحديث فلا بد أن تكفر بأصدق الحديث . ولقد آمن كفار قريش بلهو الحديث وكفروا بالقرآن وهو أصدق الحديث. ومنافقو الصحابة أعلنوا إيمانهم خداعا بأصدق الحديث مع كفرهم سرا به.

2 ـ ونتوقف مع ( أصدق الحديث ) وهو القرآن الكريم، ونعطى الحقائق القرآنية التالية :

2/ 1 : الحديث هو القول ، والله جل وعلا هو الأصدق حديثا: (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ حَدِيثاً)،  وهو جلّ وعلا أيضا الأصدق قيلا : ( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ قِيلاً )(النساء 87 ، 122). والله جلّ وعلا يقول لأهل الكتاب :( قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً) (آل عمران 95 ). والمسلمون متبعو الأديان الأرضية يقولون بألسنتهم بحكم العادة عند سماع القرآن :( صدق الله العظيم ). وهذا يخالف مكنون قلوبهم ، والدليل إنه لو أستشهدت لهم بمائة وخمسن آية قرآنية تنفى شفاعة النبى والبشر فسيكذبونها تمسكا بايمانهم بلهو الحديث البخارى . ولو استشهدت لهم بألف ( 1000 ) آية قرآنية تؤكد الحرية الدينية فهم يكذّبون رب العزة تمسكا بحديث (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا ..) وبحدّ الردّة .ولو استشهدت لهم بعشرات الآيات التى تؤكد أن النبى محمدا عليه السلام كان لا يعلم الغيب تراهم يسارعون فى تكذيب ربالعزّة . أى أنهم حين يقولون ( صدق الله  العظيم ) فهم منافقون. وهم حين يقولون آمنا بالله وباليوم الاخر فهم لا يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون .

2/ 2 : أصدق الحديث هو أيضا أحسن الحديث : (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) (الزمر:23). وهناك أحاديث حسنة كثيرة قالها حكماء وفلاسفة ومصلحون ، منهم فولتير و طاغور وتشرشل وابن سينا وفلان وعلاّن . وهى أقاويل وأحاديث وتصريحات حسنة صدرت من بشر ، ولكن يظل حديث الله جل وعلا فى القرآن هو (أحسن الحديث ).وهو (أحسن الحديث) لسببين :إنه هو(أصدق الحديث ) وهذا ما سبقت الاشارة اليه ، والثانى لأنه لا إيمان بحديث إلا بحديث الله جل وعلا فى القرآن الكريم ، بمعنى أنه فى مجال الايمان لا محل لأحاديث فولتير وطاغور وتشرشل وابن سينا وابن فلان وابن علان ، ولكن تنحصر المنافسة بين نوعين فقط كل منهما يناقض الآخر ، وكل منهما يدعو الناس للايمان به،وهما حديث الله جل وعلا فى القرآن (أصدق الحديث) وحديث الشيطان وهو(لهو الحديث).

2/ 3 : الله جل وعلا يوجب على المؤمن الايمان بحديث وحيد هو حديثه جل وعلا فى القرآن الكريم . يقول جل وعلا يتوعّد مّن يكذّب بآياته :( وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) ثم يدعوهم الى التفكر والتعقل قبل الموت حتى يؤمنوا بحديث الله فى القرآن وحده : (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ  ) (الاعراف 182 : 185  )

2/ 4 : وقوله جل وعلا فى الآية السابقة (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ)(الاعراف185 ) تكرّر فى نهاية سورة المرسلات (أية 50 ) بعد تكرار الويل للمكذّبين بآيات الله : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ)(المرسلات49: 50 ).أى لا إيمان إلاّ بحديث الله تعالى فى القرآن . وأحاديث البخارى وغيره ليست محل الايمان ، وطالما هى منسوبة للوحى الالهى وللرسول فيجب إنكارها وتكذيبها والكفر بها ، مع الاعلان عن هذا طلبا لاصلاح المسلمين بالقرآن .

2/ 5 : بل يأتى نفس المعنى (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) بصورة أخطر يقرن الله جل وعلا فيها حديثه فى القرآن بذاته هو جل وعلا ، ففى مجال الايمان لا يوجد اله مع الله ولا يوجد حديث مع حديث الله جل وعلا . وتأتى صياغة الآية الكريمة بصورة محكمة هائلة.تبدأ الآية بالحديث عن القرآن وآياته:(تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ) ثم يأتى التساؤل الاستنكارى يقرن رب العزة فيه بين ذاته وحديثه القرآنى:(فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ )؟. بعدها يتوعد رب العزة أرباب ( لهو الحديث ) فيقول :( وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ مِن وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلا يُغْنِي عَنْهُم مَّا كَسَبُوا شَيْئًا وَلا مَا اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مَّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ)(الجاثية 6: 11 ) .

أخيرا : الأفّاك الأثيم فى عصرنا يريد ان يركب ظهورالمصريين باسم الاسلام ، مع أن الله جل وعلا يصفه بأنه أفّاك أثيم ..ألا تعقلون ؟

اجمالي القراءات 16843

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (3)
1   تعليق بواسطة   محمد عبدالرحمن محمد     في   الخميس ٠٩ - فبراير - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[64416]

الأمويون أجداد الوهابيون والسلفيون وأصدقاء اهل الكتاب في الماضي وحتى اليوم..

  الأمويون زعماء قريش في الماضي وتجار العالم العربي القديم وأصحاب الهيمنة الاقتصادية.. وقتها في الجزيرة العربية.. هم الآباء الروحيين للوهابيين الذبن كان منشأهم نجد .. وهم أجداد القريشيين المقيمين بمكة منذ فتح مكة ..وحتى الآن وفي الرياض..


 وكانوا بالماضي البعيد أصدقاء أهل الكتاب من قبائل كلب المسيحية المسيطرة على طريق التجارة.. في الجزيرة بين اليمن والشام..


 وهذا يفسر لنا سر الصداقة الاقتصادية والتجارية والعسكرية بين احفاد الامويين اليوم من المكيين السعوديين  والصداقة القائمة بينهم وبين اقوى امم من أهل الكتاب الامريكيين والأوربيين .. والتعاون التجاري التام .. فالبترول والمعادن خالصة مخلصة لأوربا وامريكا .. من السعوديين.. وفي المقابل السلام والدواءو الحماية من جانب أمريكا والأوربيين .. للعائلة السعودية التي غزت أاٍسرت المسجد الحرام بيت الله العتيق..


 هو حلف قديم جديد ببين أحفاد الأمويين  (السعوديين والخليجيين) وبين أحفاد قبائل كلب المسيحية (أوروبا وأمريكا).. ولو حتى من الجانب العقائدي..


 شكرا لك دكتور صبحي وإلى لقاء..


2   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   الأحد ١٨ - ديسمبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً
[83958]

هو خصم لله جل وعلا من يستخدم الدين فى طموحه الدنيوى


 الأمويون ولهو الحديث من مكة الى دمشق ،  للقرآن الكريم إعجاز فريد يأسر السامعين حتى لو كانوا كفّارا مشركين،يقول رب العزّة :(كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهِ )(الحجر 12 ـ )(كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهِ )(الشعراء 200 ـ ).أى إن الكافر بالقرآن حين يقرؤه أويستمع اليه ينفذ الى قلبه رغما عنه ، فيأخذه العناد فيزداد كفرا وعتوا وإستكبارا ليعاند بصيص الايمان الذى نبت فى أعماقه.وهى حالة فريدة أن يزداد المؤمن بالقرآن إيمانا ويزداد الكافر به ضلالا ، كل حسب إختياره،يقول فيها رب العزة:(وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً)(الاسراء 82 ). ويقول عن معاندى أهل الكتاب:(وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً)(وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ )(المائدة 64،68). وفى المقابل كان مؤمنو اهل الكتاب يزدادون إيمانا حين كان يتلى عليهم القرآن،فيسجدون باكين خاشعين،يقول جل وعلا : (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً) (مريم58). وكان هذا حجة على مشركى قريش، فأمر رب العزة رسوله أن يقول لهم : (قلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً)(الاسراء 107: 109). وكان كفار قريش ينفجرون غضبا بمجرد تلاوة القرآن حتى كانوا يدعون الله جل وعلا على أنفسهم بالهلاك لو كان القرآن كلام الله:(وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ وإذ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنْ السَّمَاءِ أَوْ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)(الأنفال 31 : 32 )، أو يملأ الغيظ وجوههم حتى  يهم بعضهم بالاعتداء على من يتلو عليهم القرآن:( وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا )(الحج 72 )،أو تملىء نظراتهم بالكراهية للرسول محمد عليه السلام وهو يتلوه عليهم وتنطلق ألسنتهم بإتهامه بالجنون :(وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ وَمَا هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ)( القلم 51 : 52).



3   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   الأحد ١٨ - ديسمبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً
[83959]

ولهذا طالب كفار قريش النبى محمدا عليه السلام بأن يأتى لهم بقرآن آخر يتصالح مع ثوابتهم الدينية


ولهذا طالب كفار قريش النبى محمدا عليه السلام بأن يأتى لهم بقرآن آخر يتصالح مع ثوابتهم الدينية ونزل الرفض فى قوله جل وعلا:(وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (يونس15).وبسبب رفض تبديله أوجد كفار قريش حلولا لالهاء السامعين عن الاستماع للقرآن ، منها الصخب والشوشرة عند تلاوة القرآن:(وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ)(فصلت 26) ولكن أهم وسيلة فى حربهم للقرآن كانت شراء تدوينات لأساطير الأقدمين وروايتها قصصا وحكايات جذّابة تستهوى السامعين وتصرفهم عن الاستماع للقرآن ،بل وتشجعهم على إتخاذه هزوا .وهذا ما جاء فى قوله جل وعلا:( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ)(لقمان 6 لم يكن للعرب ( الأميين ) تراث دينى سوى تحريفهم لملة ابراهيم ، ولقد إشتهروا بالشعر وأيام العرب وحروبهم ، ولكنها لم تنفع فى صرف إهتمام السامعين للقرآن . لذا كان لا بد من بديل مواز يحكى القصص الدينى وحكايات السابقين ، وهى نفس الموضوعات تقريبا التى تعرّض لها القرآن مع الفارق فى الصدقية وفى المنهج الوعظى الاصلاحى للقصص القرآنى. هدف القصص التى يريدها كفار قريش لصرف الناس عن القرآن أن تكون مشوّقة مؤثرة تلهى المستمع عن الحق بل حتى عن نفسه وواقعه ، وتأخذه الى عالمها الخاص ، أى لا بد أن تمتلىء بالخرافات والتهويلات ، خصوصا مع عقليات الناس وقتها. ووجدت قريش ضالتها فى التراث المدون والشفهى لأحبار ورهبان وكهان أهل الكتاب،. ويذكر رب العزة تحالفا بين كفار مكة وكفار أهل الكتاب الذين أفتوا لقريش أن دينهم أفضل من الاسلام : فقال جل وعلا عنهم :(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنْ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنْ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً)(النساء  51 : 52).



أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5117
اجمالي القراءات : 56,881,027
تعليقات له : 5,451
تعليقات عليه : 14,828
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي