نبيل هلال Ýí 2011-12-19
يصطنع الفقيه السلطاني حديثا ينسبه إلى النبي يقول فيه:" لا تسبوا الولاة فإنهم إن أحسنوا كان لهم الأجر وعليكم الشكر, وإن أساءوا فعليهم الوزر وعليكم الصبر, وإنما هم نقمة ينتقم الله بهم ممن يشاء فلا تستقبلوا نقمة الله بالحمية والغضب , واستقبلوها بالاستكانة والتضرع " . والعيب في الذات الملكية هي الخطوة التي تسبق الاجتراء على الملك , فكان تصنيف هذه التهمة ضمن الكبائر التي يتعين على الميت في مصر الفرعونية أن يدفعها عن نفسه أمام محكمة الآخرة مؤكدا : " إنني لم أعب الذات الملكية , كما لم ألوث ماء النيل " .
وكم خسر أقوام وهم يظنون أنهم رابحون , وكم من ميتة علتها طلب الحياة . يقول ابن القيم :" إن النبي شرع لأمته إيجابا إنكار المنكر, ليحصل بإنكاره من المعروف ما يحبه الله ورسوله , فإذا كان إنكار منكر يستلزم ما هو أنكر منه وأبغض إلى الله ورسوله , فإنه لا يسوغ إنكاره , وإن كان الله يبغضه ويمقت أهله - وهذا كالإنكار على الملوك والولاة بالخروج عليهم - فإنه أساس كل شر وفتنه إلى آخر الدهر".
ونسبوا إلى النبي حديثا يقول :"من كانت عنده نصيحة لذي سلطان , فلا يكلمه بها علانية , وليأخذ بيده , وليخل به , فإن قبِلها قبِلها , وإلا كان قد أدى الذي عليه والذي له . وكلنا يعلم أن الناس أيام الراشدين كانوا يتناصحون علانية وفي الجوامع على رءوس الأشهاد , وماذا عن الشورى - وهي من التناصح - هل يتناصح الناس على استحياء وخفية ؟
وماذا عن تقاعس الناس عن استخدام حقهم - بل واجبهم - في ممارسة فعاليات المعارضة المسماة في المعجم الإسلامي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟
إن الأمر بالمعروف مبدأ أساسي في الإسلام وليس مجرد وسيلة اختيارية للتناصح , بل هو فرض عين يؤديه الجميع : فرادى وجماعات ومؤسسات مدنية وأحزاب ووسائل إعلام , لا أن يقتصر على المشايخ ووعاظ المساجد , وعليه يكون من المعطل لتفعيل هذا المبدأ الأساسي تكميم الأفواه وحظر ممارسة السياسة في الجامعات ومنع تشكيل الأحزاب وتجميد أنشطة النقابات المهنية ومنع التظاهر, فعادة لا يُسمح للشعب بالتظاهر أو التجمع إلا للهتاف بحياة الملك , أو بمناسبة زواج ابنته أو ختان ابنه أو التهنئة بميلاد جِِراء كلابه .
ودائما كان الفرعون مقدسا ولا يجوز المساس به , فله ما لله والدين من قداسة وهيبة , ذلك ما نص عليه دستور دولة إسلامية معاصرة, فللملك قدسية الله والدين ! ولله الأمر من قبل ومن بعد .
وحق النقد وحريته يقعان في دائرة النهي عن المنكر. والإحجام عن التناهي عن المنكر كبيرة تستوجب اللعن , فقد لعن اللهُ بني إسرائيل لما اقترفوها :" لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ{78} كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ{79} المائدة 78-79 . كما أقر الله حق الاعتراض على الظلم :{لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعاً عَلِيماً } النساء 148 , أي على المظلوم أن يجهر بشكواه ممن ظلمه ولا يخنع ويستكين .
والمسكِّنات "الدينية" التي يصطنعها الكاهن تعوض "المؤمنين"عن بؤس الواقع , فتثنيهم عن تغييره ويفقدون المبرر والحماسة لفعل ذلك . ولا يتحقق عدل الأديان إلا عن طريق السلطة الجماعية , أي إسناد الدور الأساسي إلى الناس لإحداث هذا التغيير, ومبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من وسائل تفعيل سلطة الأغلبية في تحقيق غايات الدين , ولكن فقيه السلطان ابتدع حدودا لهذه الأدوار فرَّغتها من مضمونها وأبطلت مفعولها , إذ أسند دور التغيير" بالفعل" إلى السلطان وملَئه , وأسند دور التغيير" بالقول" إلى الفقيه! وجعل دور الناس في الإنكار بالقلب ! وبذلك مُنحت بلا ثمن آليات التغيير الحقيقية للسلطان بمباركة من الفقيه الذي منح السلطان- وحده - سلطة تغيير السلطان !
أشكرك أخي الكريم الأستاذ محمود مرسي على رأيكم في المقال جعلني الله دائما عند حسن ظنكم ,وبارك الله فيكم وأمثالكم من المستنيرين أمل هذه الأمة .أخوكم نبيل هلال
سحب البساط بالتعبير الشعبي ضرورة من وجهة نظري أستاذ نبيل ، وهذا بالضبط ما قرأته في مقالكم إذ أن الأمر بالمعروف كان حكرا على رجال الدين من عصور مضت ، ورأينا تصادمات كثيرة بينهم وبين المصلحين الحقيقين ، وخاصة في مجتمعنا الحالي على سبيل المثال :رجال المجتمع المدني والحقوقين .. هذا مع العلم ان التعارض يعني أن أحدهما كان على خطأ ! لأن المصلحين ليس بينهم تنافر ، ودائما كان المخطئ هو الحقوقي ، لأن رجل الدين يتحدث من مرجعية في نظره لا تخطئ أبدا حتى وغن كان في التطبيق !! لكن في المقال قد تم سحب البساط من تحت أرجل رجال الدين وجعلهم جنبا غلى جنب مع ألمصلحيين الاخرين وفي رأيي هذا ما ينبغي عمله في الفترة القادمة شكرا لك على هذه اللفتة الكريمة .
يعجبنى تركيزك على فقه الخضوع للمستبد ، والذى يقوم عليه الدين السّنى ، ونرجو منك المزيد .
والكتابة فى السياسة فى الفقه السّنى ليست غزيرة ـ فهناك مئات الالوف من الصلفحات الفقهية كتبوها فى فقه الطهارة والاستنجاء والغسل والنكاح والتقاء ( الختانين ) مقابل صفحات قليلة فى السياسة ، تركز معظمها على طاعة ولى الأمر. ومنها استقت محاكم السعودية قانونها الجنائى فى معاقبة من يتجرأ على ولىّ الأمر ، أى المستبد السعودى ، وتركز فى الثقافة الوهابية تحريم النصح أو الوعظ العلنى لولى الأمر ، هذا مع انهم بالغوا فى موضوع الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وجعلوه أساس دينهم الوهابى الى درجة معاقبة صاحب المنكر بالقتل بعد تكفيره ، وهنا يتابع ابن عبد الوهاب مقالة ابن تيميه فى قتل من لا يرتدع عن المنكر ، واستخدم ابن عبد الوهاب وابن سعود ( الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ) وسيلة لاتهام جيرانهم بالكفر ، واستباحوا الاعتداء عليهم واحتلال بلادهم ، وبذلك تكونت الدولة السعودية الأولى . ثم سقطت ثم أعيد قيامها ثم سقطت ، ثم أعاد عبد العزيز اقامتها للمرة الثالثة ، ويحكمها أولاده من بعده .ويقوم المطوعة أو (هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ) بملاحقة أفراد الشعب والأجانب الزائرين بالجلد والضرب والحبس ، دون الاقتراب من قصور الملك والأمراء التى تمتلىء بكل الفجور والفسق والعصيان. والمبدأ الدستورى هناك أن الملك هو مصدر السلطة ، وهذا هو المكتوب فى دستورهم . أما غير المكتوب فهو قولهم ( الشيوخ أبخص ) :( الشيوخ ) يعنى الملك والأمراء من الأسرة الحاكمة ..( ابخص ) يعنى هم الأعلم بالأمر ، وبالتالى فلا مجال لأحد من الرعية أى رقيق الأسرة السعودية أن يتفلسف أو يتحذلق ..وإلا فالسياف ينتظره فى ساحة المسجد بعد صلاة الجمعة .. ثم يزعمون أن هذا هو الاسلام ..!!! عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
يسعدني ويثلج صدري أن تروق مقالاتي أستاذنا الكبير الدكتور أحمد صبحي منصور وهو أحد كبار الرواد المنافحين عن الإسلام الحقيقي الغائب ..شكرا لكم
أشكرك كثيرا على تعليقك على المقال ,شكرا جزيلا
بارك الله فيك
أعجبني المقال وبعد إذنك فقد نشرته في الفيس بوك
تحياتي
شكرا أ خي الكريم الأستاذ عز الدين نجيب لقراءتك المقال وسرنى كثيرا أن أعجبكم , وشكرا مرة أخرى لتفضلكم بنشره على الفيس بوك .
كتاب ( القرآن بين المعقول واللامعقول ) - الأنوناكي- ج14
كتاب ( القرآن بين المعقول واللامعقول ) - عربة حزقيال - ج13
كتاب ( القرآن بين المعقول واللامعقول ) - سلالة الآلهة- ج12
كتاب ( القرآن بين المعقول واللامعقول ) - هذا ما تقوله الأساطير - ج11
دعوة للتبرع
زينة الفراعنة: حينما دعا موسى على فرعون وملإه وقال: بنا ...
عن المصايف والعُرى: نعيش في منطقة ساحلي ة قريبة جدا من الشوا طئ ...
أرغب فى الزواج : اعلم ان هذا الموق ع ليس موقع للزوا ج ولكني...
سؤالان : السؤا ل الأول ( أواجه مشكلة أنا عايش في...
هذه استطاعتنا : ارجوا اتاحة تحميل المحا ضرات والكت ب بصيفه...
more
الاستاذ العزيز / نبيل هلال ... سلمت يداك وبارك الله في قلمك وتوجهك التنويري .. لأبناء مصر والعرب لو ارادوا ان يقيموا القسط ..والقسط لا يقوم إلا بشاركة جميع الناس وليس فقيه واحد او سلطان واحد بل كل المجتمع بجميع طوائفه وأطيافه كما يقولون وحتى الأقليات..
الهدف من ارسال الرسل وتنزيل الكتب السماوية أن يعرف الناس الميزان الذي يقيمون به العدل في معرفة الله تعالى وعبادته هو وحده لا شريك له في حكمه ولاتقديس لبشر سواء من الفقهاء او السلاطين.. بهذا يكون ميزان التوحيد..
وأيضا ميزان الحياة الذي يقوم على القسط .. فلا يتسيد فرد واحد على أمة ويستعبدها بمعنى يطلب عبادتها له مشاركا لله تعالى في هذا الحق..
بمعنى ألا يسأل عما يفعل .. فالله تعالى وحده هو الذي لا يُسأل عما يفعل .. وهذا ميزان الحياة بان نسأل كل انسان مثلنا عما يفعل,, إن شرا فنحاسبه بما أنزله الله لنا تعليما ان نمنعه من الشر وأشر الشرور هو الاستبداد الديني الذي يحرم على الانسان ان يعرف الله بدون فقيه.. أو ان يعرف الحياة في مجتمع بدون سلطان..!
ولا يتحقق العدل في الدنيا إلا بالحديد وهو رمز للقوة اللازمة للثبوت في وجه الشر ( الفقيه والسلطان)
يقول تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ }الحديد25
شكرا لك والسلام عليكم ورحمة الله