وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ :
الجزء الأخير من " نساء غير النساء "

محمد صادق Ýí 2011-11-28


 الجزء الأخير من " نساء غير النساء "

القصة تبدأ كما بدأت قصة يوسف عليه السلام .. طفل يولد ويرمى في اليم، ذاك يرمى في البئر وهذا يرمى في اليم، ثم يكون الأمر نهاية فرعون على يد موسى عليه السلام فيوسف عليه السلام ينهي الحكم في مصر، ويتولى هو حكم مصر، وقد خرج من البئر، أما موسى عليه السلام فيُلقى رضيعاً في تابوت في اليم، ثم بعد ذلك يسقط أكبر طغيان على وجه الأرض مرت عليه مدة طويلة من الزمن. إذاً: هذه حكمة الله عز وجل.

المزيد مثل هذا المقال :

 والخطر محدق به والموت يتلفت عليه، وها هي ذي أمه حائرة به خائفة عليه.  .لقد ولد موسى

هنا تتدخل يد القدرة  فتتصل بالأم الوجلة القلقة المذعورة وتلقي في روعها كيف تعمل وتوحي إليها بالتصرف:

وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (7)

من لطائف الآية: أمران ونهيان وبِشارتان

 

الأمرالأول والثانى: أَرْضِعِيهِ: وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ، فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ.

 

النهي الأول والثاني: لاَ تَخَافِي ولا تَحْزَنِي.

 

البشارة الأولى والثانية: إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ المُرْسَلِينَ.

 

فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ (8) وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ " 9

يا للقدرة ! يا أم موسى أرضعيه . فإذا خفت عليه وهو في حضنك . وهو في رعايتك . إذا خفت عليه وهو تحت عينيك . إذا خفت عليه (فألقيه في اليم... الله تعالى إنما أوحى لأم موسى أن ترضعه مع أن إرضاع الأم ولدها أمر طبيعي ، لكن أوحى الله لها ذلك حتى لا تلتمس له المراضع.

ولا تخافي ولا تحزني)إنه هنا . . في اليم . . في رعاية اليد التي لا أمن إلا في جوارها، اليد التي لا خوف معها، اليد التي لا يجرؤ فرعون الطاغية الجبار ولا جبابرة الأرض جميعا أن يدنوا من حماها الآ من العزيز الجبار.

 

إنا رادوه إليك). . فلا خوف على حياته ولا حزن على بعده . . (وجاعلوه من المرسلين). . وتلك بشارة الغد ووعد الله أصدق القائلين.

فالتقطه آل فرعون.... أهذا هو الأمن ؟ أهذا هو الوعد ؟ أهذه هي البشارة؟

وهل كانت المسكينة تخشى عليه إلا من آل فرعون ؟ وهل كانت ترجف إلا أن ينكشف أمره لآل فرعون ؟ وهل كانت تخاف إلا أن يقع في أيدي آل فرعون؟ فها هي ذي يد القدرة تلقي في أيديهم بلا بحث ولا كد بطفل ذكر . وأي طفل ؟ إنه الطفل الذي على يديه هلاكهم أجمعين ! ها هي ذي تلقيه في أيديهم مجردا من كل قوة ومن كل حيلة عاجزا عن أن يدفع عن نفسه أو حتى يستنجد !

ما نستنبطه من هذا المقطع، انها صدَّقت بالوحى وآمنت بربها ووعده فغلب صدقها وقوة إيمانها على عاطفة الأمومة التى هى غريزة طبيعية فى كل أم بالرغم من كل ما يحيط بهذا الطفل من مخاطر.

 

وَأَصْبَحَ فُؤَادُأُمِّ مُوسَى فَارِغاً إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (10) وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (11) وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ (12

 

لقد سمعت الإيحاء , وألقت بطفلها إلى الماء . ولكن أين هو يا ترى وماذا فعلت به الأمواج ؟ ولعلها سألت نفسها:كيف ؟ كيف أمنت على فلذة كبدي أن أقذف بها في اليم ؟ كيف فعلت ما لم تفعله من قبل أم ؟ كيف طلبت له السلامة في هذه المخافة ؟ وكيف استسلمت لذلك الهاتف ؟

فى هذه الآية، العاشرة، وَأَصْبَحَ فُؤَادُأُمِّ مُوسَى فَارِغاً إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ "

نلاحظ أن الله سبحانه إستخدم لفظ الفؤاد حين كان شعور وإحساس الأم وصل إلى ذروته خوفا على رضيعها، فالقرآن الكريم حين يتكلم عن الخوف والحزن والفرح والكره او الحقد والغيرة والحسد وما شابه ذلك من مجرد أحاسيس وأمنيات وشعور سواءا بالفرح أو بالحزن فيستعمل كلمة فؤاد، أحاسيس وشعور ولكن حين يتكلم القرآن عن الإيمان، يستعمل كلمة القلب ولنقرأ ما يؤيد ذلك من كتاب ربنا جل وعلا:

 

بالنسبة للفؤاد يقول سبحانه:

" وَلِتَصْغَىٰ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ " 6:113

القبول هنا جاء بعد الإصغاء وهوبمعنى القبول والإطمئنان لما يستمعون له وكل هذا عبارة عن شعور وإحساس بالراحة والرضى بما يتلقونه وكان ختام الآية بأنهم إرتضوا به وبدؤا يقترفوا ما هم مقترفون فالمحرك لكل هذه المشاعر هو الفؤاد.

 

  رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ " 14:37

ماذا نتوقع من أب مثل إبراهيم عليه السلام بعد أن ترك ذريته بمكان قفر لا يوجد فيه أى اساليب المعيشة، فأراد أن يستغل العاطفة والحب فى من يأتى إلى أهله بأفئدة تشفق وتحن على ذريته الذى تركهم فى واد قفر غير ذى ذرع فإستخدم كلمة أفئدة وهى جمع فؤاد، حتى يثير فىيهم الشفقة والحب والمعونة لذريته. فهذا هو الفؤاد موطن المشاعر والأحاسيس بكل معانيها.

 

بالنسبة للقلب يقول سبحانه:

قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (49:14

هنا يوضح الله سبحانه لنا أن الإيمان محله القلب وليس قولا باللسان لأنهم قالوا... آمنا... فلم يتقبل منهم ذلك وأخبرهم أن الإيمان محله القلب وهو سبحانه الوحيد الذى يعلم متى يدخل الإيمان القلب ويعلم إن كان هذا الإيمان صادق أم كاذب.

 

والتعبير القرآني يصور لنا فؤاد الأم المسكينة صورة حية:(فارغا). . لا عقل فيه ولا وعي ولا قدرة على نظر أو تصريف.

إن كادت لتبدي به). . وتذيع أمرها في الناس، وتهتف كالمجنونة:أنا أضعته . أنا أضعت طفلي . أنا ألقيت به في اليم اتباعا لهاتف غريب.

لولا أن ربطنا على قلبها). . وشددنا عليه وثبتناها وأمسكنا بها من الهيام والشرود،

لتكون من المؤمنين). . المؤمنين بوعد الله الصابرين على ابتلائه السائرين على هداه ، لذلك كان الربط على القلب والسبب وضح فى نهاية الآية الكريمة...لتكون من المؤمنين، إذا الإيمان محله القلب.

وقالت لأخته:قصيه). . ولم تسكت أم موسى عن البحث والمحاولة اتبعي أثره واعرفي خبره إن كان حيا أو أكلته دواب البحر أو وحوش البر . . أو أين مقره ومرساه؟

 

وذهبت أخته تقص أثره في حذر وخفية وتتلمس خبره في الطرق والأسواق . فإذا بها تعرف أين ساقته القدرة التي ترعاه وتبصر به عن بعد في أيدي خدم فرعون يبحثون له عن ثدي للرضاع.

"فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون . وحرمنا عليه المراضع من قبل . فقالت:هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون."

 

إن القدرة التي ترعاه تدبر أمره وتكيد به لفرعون وآله فتجعلهم يلتقطونه وتجعلهم يحبونه وتجعلهم يبحثون له عن من ترضعه،  وتحرم عليه المراضع لتدعهم يحتارون به وهو يرفض الثدي كلما عرضت عليه وهم يخشون عليه الموت ! حتى تبصر به أخته من بعيد فتعرفه وتتيح لها القدرة فرصة لهفتهم على مرضع فتقول لهم: (هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون)؟ فيتلقفون كلماتها وهم يستبشرون يودون لو تصدق فينجو الطفل.

وهنا يتضح تدبير الله سبحانه حين اوحى لها أمره بأن أرضعيه حتى يتعود على ثدى أمه ثم تكتمل القدرة الإلهية بأن يتم تحريم عليه المراضع وبذلك يعود إلى أمه كما وعدها ووعده سبحانه الحق.  

 

وقد عاد الطفل الغائب لأمه الملهوفة . معافى في بدنه مرموقا في مكانته يحميه فرعون وترعاه امرأته وتضطرب المخاوف من حوله.

 

فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (13) وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (14

فرددناه إلى أمه , كي تقرعينها ولا تحزن , ولتعلم أن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون.

 

لفتة سريعة، نستنبط من هذه الآيات الكريمات أن إذا أرادت مشيئة الله ان تحدث فسبحانه يستعمل أدوات من اللغة التى تفيد تحقيق هذه المشيئة وخصوصا إذا كان الموقف يستحق السرعة والحركة المستمرة لتحقيق هذه المشيئة.

فنلاحظ أن الله سبحانه إستخدم الكلمات: بدأ بالوحى فقال، أَوْحَيْنَا...ثم بدأ فى تنفيذ مشيئته فقال:فَـأَلْقِيهِ...،فــاقذفيه في اليم...، فـــليلقه اليم بالساحل....،  فــالتقطه.... ، فَــرَدَدْنَاهُ...، نلاحظ هنا حرف الفاء أضيف إلى الفعل، معنى ذلك فى لحظة معينة كانت تتم كل هذه الأفعال بسرعة وتتوالى الأحداث والتعقيب بدون فاصل زمنى بين الفعلين، مثلا الإلقاء ثم الإلتقاط تم بسرعة وبدون فاصل زمنى كبير، وعلى ذلك نقول انه إذا أضيف حرف الفاء إلى الفعل، ولابد أن يكون هناك فعلين وحرف الفاء يدل على عدم وجود زمنى بينهما ولنقرأ مثال من سورة المائدة، يقول سبحانه:

" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَـــاغْسِلُواوُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَــاطَّهَّرُواوَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَــتَيَمَّمُواصَعِيدًا طَيِّبًا فَـــامْسَحُوابِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ...... "5:6

إن الله سبحانه لم يقل إذا قمتم إلى الصلاة إغسلوا....ولكن قال فــإغسلوا، وهذا فى القرآن كثير.

فى هذه الآية الكريمة فعلين، هما نية القيام إلى الصلاة ثم يعقبها التحضير للصلاة، وهو الغسيل ( الوضوء) ، فبإضافة حرف الفاء للفعل الثانى وهو الشرط  الواجب، يدل على سرعة العمل بالفعلين ولا يوجد فارق زمنى بينهما. بمعنى أنه يتم الوضوء ثم إلى الصلاة مباشرة ولا فارق زمنى بينهما...  هذا والله أعلم.

 

فرعون يُمَثِّل قوة السلطان، وقارون يمثل قوة المال، وكيف أن الله سبحانه وتعالى هو القوة الكبرى التي لا قوة معها في الكون، فإذا كنت مع الله عزَّ وجل نَم مطمئناً، إذا أردت أن تكون أقوى الناس فتوكَّل على الله، وإذا أردت أن تكون أضعف الناس فتوكَّل على غير الله، والله سبحانه وتعالى يقول:

" فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آَخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ "

" وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى"... هذا الوحيُ وحي إلهام ؛ فالله عزَّ وجل أوحى إلى محمد عليه السلام فهذا وحي إرسال، وأوحى إلى أم موسى وحي إلهام، وأوحى إلى النحل ؛ وحيُ غريزة، هناك وحي غريزة، ووحي إلهام، ووحي إرسال..... والله أعلم.

" فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (91:8

 

فأين هو موجود ؟ الشعور أن الله معك شعور لا يقدر بثمن، طبعاً الله مع كل إنسان، هذه معيةٌ عامةٌ لا ميزة فيها للإنسان، وهو معكم أينما كنتم، لكنْ لمّا يقول اللهُ تعالى: اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ، ويقول: وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ.

هذه معيةٌ خاصة، معية الحفظ، معية التوفيق، معية العطف، والرعاية، والنصر والتأييد، فالإنسان هو الذي يجتهد ليستحقَّ أن يكون الله معه، العوام يقولون: الله معك، هذه العبارة، كلمة: (الله معك ) ليست قليلة، اجتهد كي تستحق أن يكون الله معك، فإذا كان معك فلا تخشَ بأساً.

 العناية الإلهية بموسى عليه السلام

دائماً الله عزَّ وجل يرخي الحبل، افعل ما تشاء، إلى أن يتوهَّم العبد أنه قادر على أن يفعل ما يشاء، ثم يشد الحبل فجأةً، هذا هو الابتلاء، هذا هو الامتحان بعينه: فَالْتَقَطَهُ آَلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً.

لِيَكُونَ لَهُمْ،  اللآم فى "ليكون" لام العاقبة والمآل، هي لام الصيرورة ، أي: سوف يصير الأمر إلى أن يصبح هذا الطفل الذي يتربى في حجر فرعون عدواً لهم وحزناً،  فمستحيل أن يلتقط إنسانٌ طفلاً، ويربيه عنده ليكون في النهاية عدواً له وحزناً، أنا أدرس لأنجح، النجاح واضح في ذهني، أما فرعون فالتقطه ليكون له عدواً وحزناً، مستحيل، المآل، فهو التقطه، وكانت النتيجة وآلَ المآل إلى أنّ هذا الطفل أصبح عدواً لهم وحزناً....... فَالْتَقَطَهُ آَلُ فِرْعَوْنَ.

أن أم موسى فهمت التوكل على الله فهما صحيحا

 

فهو لا يعني التواكل، وإنما يعني العمل مع الاعتماد على الله والثقة فيه.. ولذلك فأنها بعد أن ألقت رضيعها في النيل أمرت أخته بتتبع التابوت ومصيره "وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ" وجاءت لها الأخت بأخبار الرضيع، وأنه يرفض المرضعات، وذهبت الأخت لهم تخبرهم بمرضعة وأهل بيت يكفلون الرضيع: "وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ" القصص: 12). وهكذا عاد موسى لامه وبيته متمتعا بحماية الفرعون نفسه.

أي أن الله تعالى استخدم قوة فرعون ضد فرعون، وجعله في خدمة موسى وأم موسى.. ووعد أم موسى وصدق وعده.. ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

 

عناية الله سبحانه ورحمته وقدرته 


يقول الله عز وجل: وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا "28:9، وهذه أول رحمة تنزل على هذا الطفل الصغير؛ لأنه وصل إلى داخل بيت فرعون، أصبح الآن لا مناص له من القتل، فرعون يقتل الأبناء الذكور، وهذا ذكر، وقد تكون هناك علامات موجودة في موسى، وإرهاصات تدل على أنه هو الذي سيقضي على هذا الملك الجبار العنيد، إذاً: ما هو العلاج؟ ألقى الله تعالى من أول وهلة المحبة في قلب امرأة فرعون، فطلبت من زوجها الطاغوت أن يستبقي هذا الولد من بين كل الأطفال الذين يقتلهم في كل لحظة، ممن يولدون من بني إسرائيل في تلك الفترة إلا هذا الطفل؛ لأن الله تعالى يريد له أن يبقى، وهذه من قدرة الله عز وجل الغالبة التي يقول الله عز وجل: وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ " يوسف:21

 

إن فيما قصَّه الله علينا من نبأ موسى وفرعون تحدٍ صارخ للعقل المادي الذي ينظر إلى الأسباب والحوادث كقوانين أبدية جامدة طبيعية لا سلطان لأحد عليها . إن فيها دعوة إلى الإيمان بالله عز وجل وأنه تعالى الذي خلق الأسباب وهو مالكها والمتصرف فيها كيف يشاء. وإن معجزات النصر وعجائب القدرة الإلهية تتكرر.

 

كانت أم موسى عليه السلام نموذجاً للأم الصابرة المؤمنة الثابتة المتوكلة الطائعة لأمر ربها الراضية المطمئنة المستعينة دائماّ بالله.

قصة امرأة صالحة، مؤمنة صابرة، امتحنت في ابنها امتحاناً شديداً، فأعطت درساً عملياً لكل الناس رجالاً ونساءً، فلم نسمع عن امرأة مثلها في شدة يقينها بربها وثقتها به وتوكلها عليه، هكذا فلتكن الثقة بوعود رب العالمين، وهكذا فليكن اليقين، وهكذا فليكن التوكل على الله، موقف صعب محال لا تتحمله الجبال فكيف بالرجال، بل كيف بامرأة ضعيفة وأم حنون طار لبها وزاغ عقلها من هول الموقف، إنها: أم نبي الله موسى عليه السلام.

 

تدبروا أيها المسلمون في هذا السر العظيم .. تدبروا وأنتم تعيشون هذه الأيام أزمة وهجمة على عقيدتكم وإخوانكم المستضعفين ، انظروا إلى إيمانكم! اجعلوا قصص القرآن كلها نصب أعينكم، إنها الثقة بالله، واليقين بوعد الله، لكن متى؟! إذا كانت العبودية التامة لله، إذا كانت الطاعة والاستجابة لله ؟! فأين من يريدون النصر دون طاعة أو تضحيات؟ أو حتى مجرد ترك شهوات ومحرمات؟! ليس بيننا وبين الله نسب؟ بل بيننا وبينه " يعبدونني لا يشركون بي شيئاً "! بيننا وبينه الاستسلام له والاستجابة، إنه الإسلام فكن مستسلماً لربك في كل شيء" وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُور"  31:22

 

تأمل حين يصل الأمر منتهاه في التحدي لفرعون؟ ويكون الوفاء من رب الأرض والسماء لامرأة ضعيفة مسكينة، ماذا عساها أن تفعل أمام كل هذا الجبروت؟ ماذا بيدها أن تصنع مع كل هذه الإجراءات لقتل وليدها وفلذة كبدها؟! ما حالها حين أرضعته ثم وضعته في التابوت؟ ما هو شعورها حين سمعت أن صغيرها وقع بيد فرعون؟ آهٍ يا أم موسى؟! آهٍ لقلبك كيف صبرت؟! آهٍ لحالك كيف ثبت؟!

 

 أيها المؤمنون والمؤمنات: إنه قلب المؤمن مهما كانت الظروف؟ إنها الثقة بالله مهما كانت الأزمات؟ إنه اليقين بوعود رب العالمين يوم قال لها: " إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَـاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ" لم تتردد؟ لم تتراجع؟ لم تفكر؟ بل وضعته بالتابوت وألقته باليم؟ لأنها تعلم يقيناً أن الذي وعد هو: الله مالك الملك، ووعده وأمره حق، فكانت رعاية الله وعنايته بموسى وأمه؟ " وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمّ مُوسَى فَارِغاً إِن كَادَتْ لَتُبْدِى بِهِ لَوْلا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ" 28:10، سبحان الله! لو نطقت الأم لهلك موسى، لو فاضت مشاعرها فصرخت: (ولدي) لهلك ولدها، فسبحان من ثبت فؤادها، سبحان من ربط على قلبها.

 

ولا ننسى أن العوامل المحركة فى هذه القصة، العامل الأساسى المحرك والمدبر هو الله سبحانه، فكان العامل المحرك على أرض الواقع هى أم موسى عليه السلام، والعاملين المساعدين على تحقيق مشيئة الله سبحانه هن أخت موسى وإمرأة فرعون. نلاحظ هنا أن العوامل الثلاثة الذى سخرهن الله سبحانه هن ثلاث نساء وهن غير النساء.

ثلاث نساء غير النساء، لعبن دورا مُهِمَّا فيه الكثير من الرحمة والعاطفة والحنان والحكمة والإيمان والصبروقوة التحمل.

 

الدرس الأول: حسن الظن بالله سبحانه والثقة به.

الدرس الثانى: حاجة الإنسان إلى من يخفف عنه، ويُطَمئن قلبه.

الدرس الثالث: صوت الأمومة المستقيمة السليمة.

الدرس الرابع: التوكل على الله.

الدرس الخامس: الإيمان والتصدبق بأن وعد الله سبحانه حق.

الدرس السادس: تنمية القدرة على ضبط انفعالات النفس وتسرعها خاصة عند الشدائد والأزمات.

 هذا هو القدر الإلهى يظهر منه ومضات ليتيقن الناس أن خالق السَّماوات والأرض قادر على كل شيء:

" وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ" 12:21

فسبحان من بيده الأمر، يجعل لمن إتقاه من كل همٍّ فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا.

 

اجمالي القراءات 19855

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (18)
1   تعليق بواسطة   فتحي مرزوق     في   الأربعاء ٣٠ - نوفمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[62495]

الدرس الخامس .. الإيمان والتصديق بأن وعد الله سبحانه حق..

بارك الله تعالى في علمك ونفعنا به .. وسلمت اناملك؟؟ التي كتبت هذا المقال وتعلمنا تلك الدروس المستفادة من قصة أم موسى في مقالك.. نساء غير النساء..


أما عن الدرس الخامس الذي اخترته لأُعِقّب عليه .. وهو الإيمان والتصديق.. بأن وعد الله حق .. يقول تعالى .. (وكان حقا علينا نصر المؤمنين) لكن ربما يستعجل المؤمنون ذلك النصر الالهي.. وربما يكون قد حققه الله تعالى لهم وكتبه لهم وهم عنه لاهون .. أو غير فاهمين..!


ففي هذه الموعظة الحسنة والاعتبار من قصة ام موسى .. كان النصر الالهي بعد سنوات طويلة .. لبني اسرائيل عندما كبر موسى في قصر فرعون وصار رجلا.. وخرج هاربا بعد ان قتل نفس بالأمس .. فنصر الله تعالى لبني اسرائيل جاء بعد .. ما يقرب من اربعين عاما وهى عمر بدء النبوة.. لموسى عندما رجع رسولا بعد تركه أهل مدين.. عائدا رسولا إلى فرعون هو واخوه هارون..


أما عن أم موسى و أخت موسى .. فكانت البشارة لهما قريبة ..وقد جمع الله شمل الأم وابنها تحت حراسة جنود فرعون ... بإيعاز ورجاء من امرأة فرعون .. تلك المرأة المصرية .. التي صارت مثلا ضُرب في القرآن للذين آمنوا يقول تعالى {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }التحريم 11


2   تعليق بواسطة   محمد صادق     في   الخميس ٠١ - ديسمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[62559]

ألأستاذ فتحى مرزوق

أخى الحبيب الأستاذ فتحى مرزوق سلام الله عليك،


أشكرك من كل قلبى على مداخلتكم وكلماتك الطيبة بارك الله فيك وزادك علما.


أخى الحبيب، ما جاء فى تعليق سيادتكم قد أضاف إلى المقالة قوة وإيمانا والتصديق بوعود الله سبحانه ووعده الصدق. لقد اضاف تعليق سيادتكم أيضا نقط هامة فإزدادت المقالة تماسكا وأبرز تعليقكم قوة الإيمان والتصديق وهذا بالفعل هو ما أظهرته هذه الأم التى كادت تبدو به لولا أن ربط الله على قلبها لتزداد إيمانا وتصديقا.


بارك الله فيك أخى الحبيب وأرجو أن لا تبخل علينا بملاحظاتك إما بالموفقة أو عدمها لكى أستفيد من علم سيادتكم ونفيد غيرنا ونحن هنا فى موقعنا هذا نتعلم من بعضنا البعض ولعل وعسى أن يتقبل الله سبحانه هذا الجهاد فى سبيل إعلاء كلمة لا إلاه إلا الله.


كل التقدير والإحترام،


أخوكم محمد صادق


3   تعليق بواسطة   نجلاء محمد     في   الجمعة ٠٢ - ديسمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[62560]

لقد سبقتني أستاذي الفاضل.. في هذا الحديث...

 أستاذي الفاضل  .. محمد صادق  السلام عليكَ ورحمة الله وبركاته .. قرأتُ مقالك الممتاز .. عن أم موسى .. تحت عنوان .. نساء غير النساء.. والله وإنك سبقتني في الحديث عن تلك المرأة المؤمنة الصابرة قوية الإيمان  أكثر من مئات بل آلاف الرجال المؤمنين.. ولا أقول هذا تحيزا للمراة بل أقول ذلك وأنت  كأب تعلم عريزة الأبوة  وكما ان  غريزة الأمومة تزيد عندي عن غريزة الأبوة .. من ناحية الخوف على الطفل والابن  الوليد الرضيع..


 ولم يماثل هذا الاختبار الذي فرضه الله تعالى  على أم موسى إلا اختبار ابراهيم عليه السلام في اختبار وابتلاء (ذبح اسماعيل) .. وهى كانت رؤيا له .. لكنه أيقن أنها من عند الله تعالى واختبار له .


 فأم موسى قد جعل الله تعالى اختبارها في منزلة اختبار ابراهيم عليه السلام .


 وللعلم أستاذي .. أني كتبت سلسلة مقالات عن نساء مصريات وكان ممن كتبت عنهم ( إمرأة فرعون)  وكنت أنوي الكتابة عن أم موسى .. كــ امراة عاشت على أرض مصر فأصبحت امرأة مصرية وربما تكون قد ولدت على أرض مصر وتربت عليها ..  حتى ولو لم تكن جذورها مصرية .. إلا اني أعتبرها امراة مصرية ..


 ومحاورتي لك عن النساء المصريات المؤمنات التي ذكرن في القرآن الكريم وصرن مثلا لقوة الإيمان بالله تعالى الها واحدا خالقا للكون ومنزلا للهدي السماوي في التواراة والانجيل وآخر الهدي وأدومه  " القرآن العظيم " ..


 وعلى هامش مقالكم الرائع .. أقول .. أن قوة يقين وإيمان أم موسى  بالله تعالى .. تغلب على هلع الخوف عند الأم على وليدها الرضيع الذي تفديه بحياتها .. وخوفا من بطش فرعون وجيش فرعون استجارت بالوحي عن طريق الالهام او الرؤيا (الحلم)  الذي  قد زار وطاف بعقل وقلب أم موسى ..هذا الهلع والزعر من فرعون وجنود فرعون.. من أن يقتلوا أوان يذبحوا ابنها جعلها تلوذ بما ألهمها الله لها عن طريق الوحي ــ والله أعلم بكينونته ــ  فألقت بوليدها في اليم .. خوفا من جنود فرعون.. الذين يقتلون أبناء المصريين اليوم كما كانوا يذبحون أبناء بني اسرائيل الذكور بالأمس..


وفي هذه الأيام بميدان التحرير يقتل النظام المصري  أبناء المصريين  والالقاء بجثث الأبناء المقتولين رميا بالرصاص الحي والضرب بالهروات الخشبية الغليظلة على الرأس بعد الرمي بالرصاص للتأكد من قتل أبناء مصر  الأطهار الذين ينادون ويطالبون الحرية والكرامة والعدل لجميع المصريين ..


 فالفرعون الجديد   هو خليفة الفرعون القديم مبارك .. يقتل أبناء مصر  عن طريق الجيش المصري ( الشرطة بجهازها الأمني والشرطة العسكرية   ) ..


 أسفة أستاذنا الفاضل على الإطالة لكنها هموم وطن  يحترق ويٌقتل أبناءه الشرفاء بأيدي مصرية ..


 والسلام عليكم ورحمة الله.


 


4   تعليق بواسطة   محمد صادق     في   السبت ٠٣ - ديسمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[62623]

الأستاذة الفاضلة نجلاء محمد

أختنا الكريمة الأستاذة نجلاء محمد سلام الله عليك،

أشكرك شكرا جزيلا على هذه المداخلة الطيبة وكلماتك التى تنم عن قوة الإيمان والتمسك بكتاب الله العلى القدير.


" لقد سبقتني أستاذي الفاضل.. في هذا الحديث... " أقتبس هذه العبارة من تعليق سيادتكم وأقول، أولا آسف على إنى كتبت هذا المقال وسبقتك فيها، ولكن اقول لسيادتكم أن أهل القرآن دائما قلوبهم متفقة فى معظم الأحوال، فسيادتكم كنتى تنوى الكتابة عن نفس هذه المرأة المؤمنة الصادقة مع ربها وفى نفس الوقت كنت أجهز لمقالة جدة عيسى عليه السلام ومن بعدها هذه المقالة التى كانتا خطبتين لصلاة الجمعة الذى أقوم بأدائها هنا فى فيكتوريا، ولو كنت أعلم منك ذلك مسبقا ما كتبت هذه المقالة إلا بعد نشر ما تريدينه .




قلوب الموؤمنين والمؤمنات تترابط مع بعضها حتى ولو لم نرى بعضنا البعض إلا من خلال هذا الموقع المبارك، فالمؤمنون أخوة بنص القرآن الكريم. ولقد قرأت لك على ما أظن مقالتين عن نساء فى القرآن الكريم وقد أعجبت إعجابا شديدا ولو أنى لم أعلق وهذا خطأ كبير منى فأرجو السماح وسوف أعيد قراءة ما يخطه قلمك بإذن الله تعالى.




كل التقدير والإحترام

أخوكم محمد صادق


5   تعليق بواسطة   نجلاء محمد     في   الأحد ٠٤ - ديسمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[62641]

إذا حضر الماء بطل التيمم .

أستاذنا الفاضل / محمد صادق السلام عليكم ورحمة الله .


العفو يا سيدي الكريم فأنت أستاذنا ومعلمنا نتعلم مما خطت يداك ومما أفاض الله عليك به من العلم والتقوى والتواضع الكبير .


فأنا على ثقة من أنني لن أكتب نصف ما كتبت في مقال نساء غير النساء عن أم موسى عليهم جميعا السلام .


وكما يقولون في المثل إذا حضر الماء بطل التيمم ، فأنت بحر العلم ونحن قطرات فيه .


وهذا شرفاً لي  أنك قرأت مقالاتي المتواضعة  . وأسعدني ردكم الكريم على تعقيبي عليكم ، وأعانكم الله على مسئولياتكم بالمشاركة في إدارة الموقع  وفي الدعوة إلى الله وكتابه العزيز  .


6   تعليق بواسطة   محمد عبدالرحمن محمد     في   الإثنين ٠٥ - ديسمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[62667]

الخوف مرادف العيش في أرض الفرعون..!


 الأب العزيز  .. جزاك الله تعالى خير الجزاء على الدفاع عن القرآن وآياته الكريمة... فالتدبر هو من أسس التعبد.. وهذا يجعلنا  نحذو حذوك في هذا الشان الذي هو من شئون المؤمنين  والذين ينصرون الله تعالى وقرآنه العظيم ..


 وإذا نظرنا وتأملنا .. معنى الخوف الذي عاشته تلك الأم المؤمنة الصابرة  على وليدها الرضيع وهى تعيش على أرض الفرعون  ..و تحت بطش جنوده المستكبرين ..


 لعلمنا  سبب تكرار الخوف مرتين في الآية الكريمة .. مرة  كان الخوف سببا مباشرا في إلقاء الأم لوليدها باليم بناءا على أمر إلهي .... ومرة ثانية يامرها الله تعالى بألا تخاف ولا تحزن ..


 فالخوف والحزن من سمات العيش بأرض الفرعون .. لكن الله تعالى أراد أن يزيل الخوف والحزن من قلب الأم المؤمنة .. جزاءا دنيويا.. أما في الآخرة  فالجنة هى الجزاء الأوفى.. 


 كانت الابنة سفيرة النوايا الحسنة لأمها فقصت الأثر لأخيها وتتبعت مساره ومصيره .. .. ودلت البيت الفرعوني على من يكفله كفالة حسنة وهى تلك المرضعة  التي هى في الأصل أمه الحقيقة ..


 ووافقت إمراة فرعون المؤمنة .... ..


 يقول تعالى ..وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (7






7   تعليق بواسطة   محمد عبدالرحمن محمد     في   الإثنين ٠٥ - ديسمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[62668]

يتبع الخوف مرادف العيش .. على أرض الفرعون..


 أما عن موسى عليه السلام .. فقد كان  الخوف من مفاتيخ شخصيته العامة .. كنتيجة للعيش على أرض الفرعون والتربية في القصر الفرعوني ...
 فمع نوبات الخوف التي كانت تنتابه .. أن كانت إحدى النوبات .. سببا مباشرا في أنه قتل نفسا .. عندما استغاث به الذي هو من شيعته .. فالله تعالى يقول .. {وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ }القصص15 
 إذن الخوف الذي كان يعيش فيه موسى قبل البعثة  كنتيجة طبيعية للعيش في قصر وأرض الفرعون.. جعله يرتكب جريمة قتل .. لينصر الذي من شيعته....و جعله يعيش في غم كما شرحت ووضحت الآية الكريمة..
 ومشهد آخر بعد   اول تكليف لموسى بالنبوة والتبليغ والوقوف لفرعون وطغيانه.. يقول تعالى  يعلمنا ويفهمنا ..وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى{17} قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى{18} قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى{19} فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى{20} قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى{21}
 موسى يخاف .. من عصاه التي تحولت إلى  حية حقيقة .. ومع أنها عصاه التي صنعها المفروض أنها تزيل عنه الخوف إلا أنه يخاف .. صحيح أن المعجزة كبرى .. لكنها عصاه هو و هى التي  يأنس بها  وقد استفاض في وصفها عندما سأله  الله تعالى عنها ..

8   تعليق بواسطة   محمد عبدالرحمن محمد     في   الإثنين ٠٥ - ديسمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[62669]

يتبع الخوف مرادف العيش .. على أرض الفرعون..

 وفي اختبار آخر ,, ثقيل كبير خطير .. يأمر الله تعالى نبيه موسى في ثان تكليف أن يذهب إلى فرعون وينصحه ويدعوه  إلى الايمان وأن يتخلي عن تعذيب بني اسرائيل .. ويقلع عن تذبيح أبنائهم الذكور


  أن يطلب موسى من فرعون أن يرسل بني اسرائيل مع موسى  لانقاذهم من طغيان وجبروت فرعون.. فجاء الأمر لموسى بان يذهب ليواجه الفرعون المستكبر الطاغي ..


 موسى تربى في قصره ويعلم مدى تسلطه .. وهو يخاف من المواجهة .. ويقر لله تعالى بانه يخاف من فرعون . ومن إفراطه في العذاب والطغيان ..


 يأمره الله تعالى بعدم الخوف .. من فرعون فعنايته تعالى سوف تحرسه وتحيط به هو وأخيه والله يسمع ويرى كل ما يفعله فرعون وجنوده..


 يقول تعالىا{ذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى{24} قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي{25} وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي{26} وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي{27} يَفْقَهُوا قَوْلِي{28} وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي{29} هَارُونَ أَخِي{30} اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي{31} وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي{32} كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً{33} وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً{34} إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيراً{35} قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى{36} وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى{37} إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى{38} أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي{39} إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَن يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى{40} وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي{41} اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي{42} اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى{43} فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى{44} قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى{45} قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى{46}


9   تعليق بواسطة   محمد عبدالرحمن محمد     في   الإثنين ٠٥ - ديسمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[62670]

يتبع الخوف مرادف العيش في أرض الفرعون..


 ومع ذلك فالله تعالى يقول عن موسى .. أن الله تعالى قد صنع موسى بعنايته وقدرته .. وحفظه من القتل على أيدي جنود فرعون بان تحميه امراة فرعون المؤمنة .. حتى يصبح فتى شابا .. ويذهب في رحلى الاصطناع والتأهيل حتى يكون مستعدا  لمواجهة الفرعون .. والله  صنعه على قدر ولنفسه .. لمهمة هى من أعسر وأشق المهام التي واجهت النبيين المرسلين .. هى مواجهة الفرعون.. ودعوته للإيمان .. وتحرير بني اسرائيل من طغيانه..
 يقول تعالى : {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي} {41} طه
 وفي يوم الزينة .. ووصول سحرة فرعون وعلمائه الساحرين .. وعندما يأتي السحرة بسحرهم.. أيضا يخاف موسى .. ويأمره الله تعالى بألا يخاف  وأنه هو الأعلى من كل السحرة.. يقول تعالى ..{قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى{65} قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى{66} فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى{67} قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى{68} وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى{69} فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى{70}
 كل هذا الخوف ومع ذلك اختاره الله تعالى لأن يكون رسولا لفرعون .. ويواجهه ..  كل هذا الخوف نتيجة للعيش في قصر وأرض الفرعون .. ..
لكن الايمان بالله تعالى وحده ربا وإلها لهذا العالم .. وهذا الوجود خلص موسى كما خلص امه من قبل من الخوف ..  هذا الايمان يخلص المؤمنين الذين يعيشون على أرض الفرعون من الخوف .. لأن الأحق بالخشية وبالخوف  من عذايه وغضبه .. هو الله تعالى الواحد القهار.

10   تعليق بواسطة   محمد صادق     في   الثلاثاء ٠٦ - ديسمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[62750]

الأخ الكريم الأستاذ محمود مرسى

أخى الحبيب الأستاذ محمود مرسى سلام الله عليك،


أشكرك شكرا جزيلا على هذه المداخلة. فى الحقيقة أقر وأعترف ان تعليق سيادتكم لا يستحق أن نقول عليه مجرد تعليق، ولكن إنصافا للحق، فما خطه قلمك هو عبارة عن بحث ممتاز فى نقطة كنت أنوى التطرق إليها فى مقال منفصل وهو الخوف وبنى إسرائيل.


فقد قدمت أحسن وأفضل من ما كنت أنوى كتابته، فأتمنى أن يكون هذا التعليق كما هو فى مقالة لسيادتكم حتى تكتمل الصورة بين ما نشرته وما خطه قلمك، فقد أضفت إلى المقالة المتواضعة قوة وتماسك وترابط بين جميع جهات قصة أم موسى عليه السلام.


أخى الكريم، ليس لى بعد تعليق سيادتكم أى كلام أستطيع أن اعبر به عن مدى إعجابى بما كتبت، وهذا يدل على حسن التدبر والإيمان بالله سبحانه وبكتابه وتنفيذا لأمر التدبر فقمت سيادتكم بأحسن وأدق تدبر، وأدعو الله العلى القدير أن يزيدك من نعمائه ويشملك برحمته وهو القادر عليه.


لك منى كل التقدير والإحترام لشخصكم النبيل.


أخوكم محمد صادق


11   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   الجمعة ٠٩ - ديسمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[62847]

أعدت قراءة المقال مرات ، فشكرا لك

جزاك الله خيرا أستاذ محمد صادق ،مقال مملوء بمشاعر أم تتصرف  بمنطق بشري أحيانا و بغرابة أحيانا  ،  لكن بوحي إلهام كما قلت ، لكني أردت أن أتحدث عن وحي الله سبحانه لها  "بأن ترضعه " ، ليتعود على ثدي أمه ،ثم بعد يرفض الرضاعة من سواها ، هنا اتحدث عن الأخذ بالأسباب  البشرية أو المتعارف عليه ، فهناك منطق بشري  أو عادات قوية تصير قانونا بشريا،وهناك منطق إلهي فوق القدرة البشرية ولا يخضع لقوانينها : الذي يجعل من الأم من شدة خوفها على ابنها أن ترمي به في اليم ، وقد قامت أم موسى بالتصرفين في سرعة ،وفق تنظيم غاية في الدقة ، وهذا يذكرني بقصة مريم عندما جاءها المخاض إلى جزع النخلة  : " {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً }مريم25


ما أردت قوله : كان يمكن لمريم : أن ترى الرطب يتساقط دون أن تهز جزع النخل ، وكان يمكن لموسى أن يرفض المرضعين، دون ان تقوم أمه بإرضاعه ، لكن القرآن يعلمنا درس : وهو ضرورة الأخذ بالأسباب العقلية البشرية السليمة ، أو نعمل ما في وسعنا ،  وندع الباقي على الله سبحانه ، الذي بيديه التدبير والإحكام ، سعدت بقراءة هذا المقال الرائع،  وأشكرك شكرا جزيلا ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .


 


12   تعليق بواسطة   غالب غنيم     في   الأحد ١١ - ديسمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[62934]

"أَنْ أَرْضِعِيهِ"!

الحقيقة أن الله تعالى جعل في بداية الإرضاع سر لا يعلمه إلا هو سبحانه، وبداية إرضاع المرأة لطفلها ينشيء بينهما علاقة أقوى بكثير من علاقتهما إن لم تبدأ إرضاعه بثدييها، والحقيقة انني نفسي عشت مثل هذه التجربة كما تقص علي امي، فهي بدأت إرضاعي، ثم مرضت يوما ما، فاضطرت لحث ابي على شراء حليب لي، لأنها لم تكن قادرة على إرضاعي تلك الأيام، فقام أبي بشراء أفضل نوع حليب حينذاك، وقاموا بإرضاعي إياه، ولما صحّت أمي أرادت إرضاعي ثانية فلم أرض، ولم أتقبلها هي ولا غيرها من النساء المرضعات آنذاك، مما يعني اعتيادي على مصدر آخر، وهذا يحدث كثيرا مع الأطفال، ولذلك حرّم الله تعالى عليه المراضع، فلم يقبل شيء عرض عليه، حتى اشتم رائحة أمه ثانية،التي أرضعته أول الأمر،ومن رائحتها ما هو معروف عنده، فعاد اليها، ولو أن الله تعالى لم يحرمهم عليه، فربما تقبل نساء آخريات، وهنا لن يعود الى أمه،لأن الحليب عند المرضعات منه ما هو كثير ومنه ما هو قليل،والطفل يتأثر بالكمية ، أو أن فترة غيابه حينذاك كانت ستطول جدا، والله ينفذ ما يعد.


ولله في أمره شؤون




13   تعليق بواسطة   غالب غنيم     في   الأحد ١١ - ديسمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[62935]

"وَأَصْبَحَ فُؤَادُأُمِّ مُوسَى فَارِغاً "!

فإن افترضنا أن الفؤاد "وعاء" فأين هو من القلب؟ وهذا يحتاج الى بحث كامل ممن عندهم دراسة في الطب، ومن الإشارات المساعدة على البحث في هذا الإفتراض هو عمليات الطبع على القلوب، هل تتم عملية الطبع على غلاف القلب؟ والله أعلم، وهذا ظني، وبالتالي إن كانت على "غلاف" القلب - بحكم أن الطبعة تكون على السطح عادة- إذا التقى المعنيان بالطبع والفؤاد، فكلاهما محيط بالقلب، وبهذا يصبح الفؤاد هو الغشاء المغلف للقلب، والطبع يتم عليه، ولم يقل الله تعالى "طبعنا على أفئدتهم" لسبب بسيط، أن هذا الغلاف يحوي القلب في نفس الوقت، فهو كما قلنا "وعاء" ، والطبع عليه "قد" لا يؤثر فيه بل على ما يحتويه أو على ما يتصل به! فمن القرآن نفهم أن الفؤاد وعاء للقلب، وبالتالي هناك اتصال بينهما، وأن الفؤاد مربوط بالسمع (الأذن)، لأنه يربط بين ما "تصغي اليه الأفئدة"، وبالتالي يمكن اعتبار الفؤاد كمدخل للقلب بعد السمع والرؤية، أي أنه بعد حدوث السمع والرؤية يسمح الفؤاد بدخول الإيمان الى القلب أو يمنعه، ويسمح الفؤاد بحصول المشاعر في القلب من عدم حصولها، فهو الوعاء الذي من خلاله ينفذ الوعي الى القلب. وهذا كله يحتاج الى جمع كل الآيات التي تتحدث عن القلب والفؤاد وتمحيصها ودراستها، وأنا كلي ثقة بأننا سنجد أكثر مما قلت من معلومات وأسرار أشتر لنا بها الله تعالى.


14   تعليق بواسطة   غالب غنيم     في   الأحد ١١ - ديسمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[62936]

بعض التصحيح في "الرواية" أو "الرؤية"

أستاذي الغزيز،


أشكرك على هذا التدبر لهذه القصة القرآنية، والتي تحوي من العبر والمعلومات ما يحتاج الى بحوث فيها.


واقبلو من تلميذ لكم بعض ما يمكن أن نطلق عليه التصحيح لحضرتكم والذي يكمن في ذكركم للسوق وبحث أخته له هناك..وباعتقادي أن هذا من الإسرائيليات التي لا أثق بأغلبها! وأظن أن عملية اقتصاص أخته له في السوق وغيره إن هو إلا نوع من التحريف للقصة، فمن غير المنطقي البحث عن "مرضعات" في السوق..وكل هذا والوقت يمر على طفل رضيع جائع لا يقبل "المرضعات!" وأم يحترق فؤادها بمرور كل دقيقة من غيابه...


فمن هن هؤلاء "المرضعات" المعرفات ب "أل"؟ وأين يجب أن يكونن؟


وبإعادة النظر لتتابع الأحداث ، وأخذ مبدأكم في تتبع حروف الفاء والواو المستخدمة في توضيح الوقت المستهلك في كل هذه القصة، والذي لا بد وأنه قصير جدا بحكم أنه يحدث مع "طفل رضيع"، عادة ما يرضع كل ثلاث ساعات، وعلى فرض أن أمه أرضعته جيدا ثم مباشرة قذفته في اليم:


كان هناك تراخ في موقفين : الأول حين قالت امرأة فرعون "وَقَالَتِ امْرَأَتُ " وهذا يمكن فهمه أنه قد مرّ عليه ساعة لا أكثر، من رميه "ف" التقاطه "ف" الركض به الى فرعون وزوجه "ف" الحكم عليه بالقتل "ف" تدخل الزوجة الصالحة بقولها "قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ "..مما يعني وجودها مع فرعون حين أحضروه لهم، وهذا أول تراخ في الوقت من القصة، لما سبقه من أحداث فقط، فقوله تعالى "وقالت" لا يدل على طول الوقت لأنه ورد في الآية بعد "فألقيه" ثم "فالتقطه" والتراخي كان بعد الإلتقاط الى القول.


أما التراخي الثاني فكان حين أمرت أخته بتقصي أمره، ولي هنا نظرة خاصة بعيدة عن الإسرائيليات، وأن هذا لم يكن تراخيا (ليست واو الوقت) بل توازيا مع الحدث


، فالله تعالى يقول قبل هذه الآية في وصف صورة موازية لكل ما ذكرناه حتى قول امرأة فرعون قولها، "وَأَصْبَحَ .." وهذا الإستخدام ليس عبثا، فمن قوة حب الأم لولدها أن فؤادها "خلال ساعة من الزمن" الذي مضى على فراق ابنها أصبح فارغا..وهذه الساعة مهولة بطيئة جدا عليها ، حتى أن الله تعالى استخدم كلمة "وأصبح" من الصبح، وكأن هذه الساعة يوما كاملا مرّ وليلة عليه..وهي أكيد ومن المنطقي أنها ألقته نهارا أو صبحا وليس ليلا، فمن يلتقطه في الليل؟


ولكم تصور الساعة عند الأم التي قامت بنفسها القاء ابنها..!







15   تعليق بواسطة   غالب غنيم     في   الأحد ١١ - ديسمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[62937]

بعض التصحيح في "الرواية" أو "الرؤية" – تابع

ومن ملاحظة أن الآيات الثلاث الأخيرة (10،11،12) استخدم الله تعالى فيها "و" بشكل مواز لإستخدامه "وقالت"، فتوقف عن سرد الحدث وبدأ يصف الصور والحالات النفسية، فهو يصف أكثر من صورة ، صورة موسى وآل فرعون وأم موسى وأخته..كل هذه الصور تحدث بشكل متواز وليس متتابع، لقصر الوقت المنطقي الذي يصبر فيه طفل رضيع عن الطعام...!


ومن استخدام الله تعالى لكلمات تدل على أن أخته لم تفارقه قطعيا منذ القته أمه في اليم أو بعد إلقائها له بدقائق لا أكثر لأنها مباشرة بعد بدئها "اقتصاص" أثره بتتبع مسار الماء "ف" "بَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ " فهي بصرت به، أثناء سباحته في اليم أي تتبعته عن طرف من اليم حيث كانت تراه وهم لا يشعرون بها أنها تراقبه أو تلاحقه حتى لا "يشعرون" بعلاقتها به.. فالله تعالى يستخدم كل كلمة في محلها هنا، وأثناء بصر أخته له وقصها أمره حتى عرفت من التقطه وأخذه، أصبح فؤاد أمه وهي "وحيدة" في البيت تتآكلها الأفكار فارغا...


ولنا تصور الصورة الثالثة والموازية لما حدث منذ ترك أخته له وعودتها للبيت أو والله أعلم، وهذا أكثر ما هو مستنتج من القران ، من محاولتها الدخول الى القصر ومتابعة ما حدث معه، حيث أنه أثناء حدوث الصورة الثانية من التقاطه فالركض به...الخ ، كانت أخته قد وصلت الى الموقع بشكل أو بآخر،وهذا نستنتجه من استخدام كلمة "فَقَالَتْ " هل أدلكم مع الجملة العرضية التي تحرم عليه المراضع منذ قذفه(مِن قَبْلُ) حتى الحكم عليه بالبقاء حيا ابنا لهم، فهي كانت موجودة أثناء محاولتهم إرضاعه للمرة الأولى...وبهذا يكون قد مر على أمه "لوحدها" ما لا يقل عن ساعتين الى ثلاث...وهذا وقت ارضاعه..فبفراغ فؤادها ثم علمها بوقت إطعامه وخوفها من موته إن ليس على يدي فرعون فمن الجوع ..بلغ بها الحزن والخوف أنها كادت تستسلم لولا أن ربط الله تعالى على قلبها..


إذن شاهدت أخته فشل محاولات إرضاعه..وصبرت كيلا يكشف أمرها من لهفتها.. ومما يؤكد هذا أنه (حينما أرادو البحث عن مرضعة من خارج القصر) بدأ تتابع الأحداث من جديد باستخدام "فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ "...أي أنها لم تنتظر أن يبحثوا عن مرضعات أخر من خارج القصر فأجابتهم مباشرة بالنصح لهم، ومما يدعم وجهة نظر محاولتهم إرضاعه "في القصر" أنه في ذالك الوقت كانوا يقتلون الأطفال من خارجه وليس ممن ولدن داخله من قومهم، ففي داخل القصر ممن هم ليسوا من بني اسرائيل نساء مرضعات وكذلك استخدام الله تعالى كلمة "ال"مراضع، معرفة، مما يعني أنه كان هناك عندهم نساء معلوم عنهن أنهن يرضعن ...


وبهذا تكون أحداث كل قصتنا من ثلاث ساعات الى أربعة لا أكثر...وفي أثناء كل هذا الوقت كانت أمه لوحدها لا تعلم من أمره شيئا...حتى عادت ابنتها بالبشارة..." فَرَدَدْنَاهُ ..".. ولنلاحظ هنا استطراد لتتابع الأحداث بعد "فقالت" أخته لهم..


وهذا امتحان أطول وقتا بكثير من امتحان ابراهيم عليه السلام...


والله وحده أعلم




16   تعليق بواسطة   محمد صادق     في   الأحد ١١ - ديسمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[62962]

ألأخت الكريمة الأستاذة عائشة حسين

أختنا الكريمة الأستاذة عائشة حسين سلام الله عليك،


أشكرك شكرا جزيلا على قراءة هذه المقالة وحسن التعليق عليها. بارك الله فى علمك وأدعو الله أن يزيدك من فضله. إسمحى لى بإقتباس مقولة جائت فى تعليق سيادتكم:


لكن القرآن يعلمنا درس : وهو ضرورة الأخذ بالأسباب العقلية البشرية السليمة ، أو نعمل ما في وسعنا ، وندع الباقي على الله سبحانه ، الذي بيديه التدبير والإحكام .


صدقت فى ما ذهبت إليه وهو أهمية الأخذ بالأسباب وكثيرون لا يعلموا ما هو الأخذ بالأسباب، وفعلا الأخذ بالأسباب من أهم النقاط التى يجب على الدارس والمتدبر أن يراعى ذلك ويوضح للناس ما معنى الأخذ بالأسباب وكيف يتعامل معها.


الكل يعلم أن هناك إرادة وهناك مشيئة، وإذا رتبنا معادلة بسيطة نجد أن الإرادة + الأخذ بالأسباب = مشيئة ، من هنا يتضح أهمية الأخذ بالأسباب بطريقة مبسطة بعيدة عن التعقيدات، ونحن نتعلم من القرآن حيث يقول سبحانه: " وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ " 81:29


أختنا الكريمة بارك الله فيك وأدام عليك نعمائه وأشكرك مرة ثانية.


كل التقدير والإحترام،


أخوكم محمد صادق


 


17   تعليق بواسطة   محمد صادق     في   الأحد ١١ - ديسمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[62963]

ألأخت الكريمة الأستاذة عائشة حسين

أختنا الكريمة الأستاذة عائشة حسين سلام الله عليك،


أشكرك شكرا جزيلا على قراءة هذه المقالة وحسن التعليق عليها. بارك الله فى علمك وأدعو الله أن يزيدك من فضله. إسمحى لى بإقتباس مقولة جائت فى تعليق سيادتكم:


لكن القرآن يعلمنا درس : وهو ضرورة الأخذ بالأسباب العقلية البشرية السليمة ، أو نعمل ما في وسعنا ، وندع الباقي على الله سبحانه ، الذي بيديه التدبير والإحكام .


صدقت فى ما ذهبت إليه وهو أهمية الأخذ بالأسباب وكثيرون لا يعلموا ما هو الأخذ بالأسباب، وفعلا الأخذ بالأسباب من أهم النقاط التى يجب على الدارس والمتدبر أن يراعى ذلك ويوضح للناس ما معنى الأخذ بالأسباب وكيف يتعامل معها.


الكل يعلم أن هناك إرادة وهناك مشيئة، وإذا رتبنا معادلة بسيطة نجد أن الإرادة + الأخذ بالأسباب = مشيئة ، من هنا يتضح أهمية الأخذ بالأسباب بطريقة مبسطة بعيدة عن التعقيدات، ونحن نتعلم من القرآن حيث يقول سبحانه: " وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ " 81:29


أختنا الكريمة بارك الله فيك وأدام عليك نعمائه وأشكرك مرة ثانية.


كل التقدير والإحترام،


أخوكم محمد صادق


 


18   تعليق بواسطة   محمد صادق     في   الأحد ١١ - ديسمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[62964]

الأخ الكريم الأستاذ غالب غنيم

ألأخ الكريم الأستاذ غالب غنيم سلام الله عليك،


أشكرك شكرا جزيلا على قطع من وقتكم الثمين لتقرا هذه المقالة المتواضعة والتعليق عليها.


أخى الكريم بارك الله فيك وزادكم علما ومنكم نستفيد فجزاك الله كل الخير.


كل التقدير والإحترام،


أخوكم محمد صادق


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-10-30
مقالات منشورة : 443
اجمالي القراءات : 7,004,698
تعليقات له : 699
تعليقات عليه : 1,402
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Canada