مشاركة المرأة فى صنع القرار

آحمد صبحي منصور Ýí 2011-01-13


 

أولا:

1 ـ مجتمعنا لا يزال يسير بقدم واحدة ، بسبب انفراد الرجل بالهيمنة على صنع القرار وتغييب فعالية المرأة .ويرجع هذا ضمن اسباب اخرى الى ثقافة دينية تنتمى الى العصور الوسطى ، وتخالف فى أغلبها التعاليم الآسلامية الحقيقية ،وهذه الثقافة   تؤكد على حجاب المرأة ليس فى الزى فقط ولكن ايضا حجبها عن المشاركة وعن العلم والأستنارة العقلية. وحتى اذا تخطت هذه الحواجز وشاركت مع الرجل فى العمل فانها لا تحصل على نفس فرصته فى العمل الميدانى وفى الترقى وف&igravى المسئولية الادارية وصنع القرار مهما بلغت كفاءتها ومهما بلغ اخلاصها وتفوقها .

 2 ـ وهذا يخالف الاسلام . فالله تعالى قد حرم الظلم وتوعد الظالمين بجهنم ،وجعل القسط والعدل المقصد من أرسال الرسل وأنزال الشرائع السماوية:(لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ )(الحديد:25 ).كما جعل رب العزة جزاء الرجل مساويا لجزاء المرأة فى العمل الصالح : (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)(النحل 97)(وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ )( غافر 40 ). وعليه فليس من الإسلام فى شىء ان تحرم إنسانا كفئا متفوقا فى عمله لمجرد انه إمرأة . وأشد من ذلك ظلما لله تعالى ورسوله ودينه ان تمارس ذلك الظلم معتقدا ان ذلك هو الاسلام .

ثانيا : جذور ظلم المرأة قبل القرآن وتأثر المسلمين بها.

1 ـ وهذا الظلم للمرأة والاسلام له جذور تحريفية فى التوراة تأثر بها المسلمون، وتلونت بها نظرتهم المتدنية للمرأة ،وليس المجال هنا للتوقف مع التشريعات الاسرائيلية التى تهين المرأة ، فهذا موضوع شرحه يطول ، ولكن نتوقف مع الفكرة الشائعة التى أرستها تحريفات التوراة حين جعلت حواء مسئولة وحدها عن خروج آدم من الجنة . تلك الاشاعة التى صدقها المسلمون ـ أو الذين دخلوا فى الاسلام من أبناء أهل الكتاب . مع أنها تخالف القرآن الكربم .

فالشائع أن إبليس هو الذي خدع حواء ، وأن حواء هي التي أثــّرت على آدم ، وهي السبب في خروج آدم من الجنة..

ولكن القرآن (البقرة 36،الأعراف23:20 ) يؤكد على أن المسئولية مشتركة بين آدم وحواء، ولا تتحملها حواء وحدها ، بل يتحملانها معاً ، وربما يتحمل آدم النصيب الأكبر.

ففى سورة البقرة يقول تعالى (وَقُلْنَا يَآءَادَمُ ٱسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلْظَّٰلِمِينَ  فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّيْطَٰنُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا ٱهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَٰعٌ إِلَىٰ حِينٍ فَتَلَقَّىٰ ءَادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَٰتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ ) (البقرة: 37:35. ).

ونلاحظ أن الأوامر و النواهي جاءت لآدم وحواء بالتساوي وجاءت بصيغة المثنى " وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً " حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا ". ونلاحظ أن الشيطان خدعهما معاً وتسبب في إخراجهما معاً ، وجاء حديث القرآن أيضا بصيغة المثنى ليؤكد أن المسئولية تلحق الاثنين معاً " فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّيْطَٰنُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ".بل قد نلاحظ أن نصيب آدم من المسئولية أكبر ، فالخطاب جاء له رأساً وبصيغة مباشرة " وَقُلْنَا يَآءَادَمُ ٱسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ " بل إن اسم حواء لم يرد في القرآن مطلقاً.

ولأن المسئولية تقع على كاهل آدم أكثر فانه هو الذي قال عنه القرآن "فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه". وطبعاً تابت معه حواء ، فالقرآن يذكر الكلمات التي تعلمها آدم في التوبة ، وأن حواء رددتها معه ، بقوله تعالى في سورة الأعراف (قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ)الأعراف:23.

أي أن القرآن يذكر توبة آدم في موضع ، ويذكر توبة آدم وحواء في موضع آخر لنفهم أن مسئولية آدم فى الذنب أكبر وأشد من حواء.وبالتالي فإن حواء ليست وحدها المسئولة عن إخراج زوجها من الجنة .. بل هو المسئول الأكبر ولا يزال.

 

ثالثا : ـ

ولم يستفد المسلمون بالقصص القرآنى الذى تعرض للمرأة بصورة واقعية دون إجحاف بحقها.  

1 ـ فلم يستنكر القصص القرأنى تولى إمرأة سلطة الملك ، ولم يستنكر أن تكون هناك ملكة سبأ . وأنما أستنكر أن يعبدوا الشمس من دون الله .وأورد القرأن ما يدل على كفاءة ملكة سبأ وحسن سياستها وكيف انتهت الى الإيمان الصحيح فى تعاملها مع النى سليمان . وفى المقابل استنكر القرآن أستبداد فرعون وظلمه وادعاءه الألوهية . وكيف انتهى تعامله مع موسى وهارون بأن اهلك نفسه وقومه .أى كانت بلقيس اكفأ من فرعون فرعون مصر وكل منهما حاكما على قومه.

2 :والبطولة الحقيقية فى قصة موسى للنساء ، وكل منهن قامت بدورها فى منتهى الكفاءة من أم موسى الى أخت موسى الى أمرأة فرعون ووصيفاتها ، الى الفتاتين العاملتين فى الرعى أبنتى الرجل الصالح فى مدين ، وقد تزوج موسى احداهن وفى كل الأحوال نرى أمرأة متميزة ومختلفة من الأم الى الأخت الى الزوجة ، من العاملة الى الوصيفة الى المرضعة الى الملكة . من الفتاة الى العروس الى الزوجة التى توشك على الوضع ...شخصيات فاعلة مؤثرة ايجابية تمثل كل احوال المرأة .

 3 : ونرى نفس التفاعل تقريبا فى قصة يوسف إمرأة العزيز والنساء المترفات فى مصر القديمة الى أم يوسف ونساء أسرته .

4 :وفى النهاية يجعل القرأن الكريم المثل الأعلى للمؤمنين فى كل زمان ومكان أمرأتين : السيدة مريم ، وزوجة فرعون . كما يجعل المثل الأسوأ للأشرار فى كل مكان وزمان ومكان امرأتين :زوجة نوح وزوجة لوط ..أى أن كفاءة المراة فى الخير لا يعدلها الا تفوقها فى الشر . وفى كل الأحوال فهى عنصر مؤثر وفعال فى عالم الرجال .

 

رابعا : وتجاهل الفقهاء منهج القرآن التشريعى ، ومنه أجحفوا بحق المرأة .

 

1ـ الاحكام في التشريعات القرآنية هي اوامر ليست مطلقة ولكن تخضع فى تطبيقها لمقاصد تشريعية كالعدل والتقوى والسمو الخلقى و التيسير ورفع الحرج .

وهناك من التشريعات الخطيرة كالقتال ، يأتى فيها الأمر التشريعى بالقتال خاضعا لقواعد تشريعية ،وهذه القواعد التشريعية تخضع بدورها لمقاصد او اهداف ،او غايات عامة .

ونعطى أمثلة :

فالامر بالقتال له قاعدة تشريعية وهوان يكون للدفاع عن النفس ورد الاعتداء بمثله او بتعبير القرآن (في سبيل الله )،ثم يكون الهدف النهائي للقتال هو تقرير الحرية الدينية ومنع الاضطهاد في الدين ،كي يختار كل انسان ما يشاء من عقيدة وهو يعيش في سلام وامان حتي يكون مسئولا عن اختياره امام الله تعالي يوم القيامة .

يقول تعالي(وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) (البقرة195) فالامر هنا (قَاتِلُواْ)  والقاعدة التشريعية هي (فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ).وهى الحاكمة و المسيطرة على الأمر بالقتال .

وتتكرروتتأكد القاعدة التشريعية في قوله تعالي (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ )( :البقرة 194).

كما تتأكد أكثر فى حصر القتال باستمرار الطرف الآخر فى الاعتداء، فإذا انتهى عن الاعتداء وجب على المسلمين وقف القتال، وتكرر هذا فى قوله جل وعلا (فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (فَإِنِ انتَهَوْا فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ )( البقرة 191 / 192 ).

والقاعدة التشريعية بدورها تدور فى إطار المقصد التشريعى للقتال فى الاسلام، وهى في قوله تعالي (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ) (البقرة 193)أي ان منع الفتنة هي الهدف الاساسي من التشريع بالقتال . والفتنة في المصطلح القرآني هي الاكراه في الدين أوالاضطهاد في الدين ،وهذا ماكان يفعله المشركون في مكة ضد المسلمين، يقول تعالي (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ)( البقرة 217).

وقد أوجز رب العزة هذا كله فى دعوة الكفار المعتدين للكف عن عدوانهم فقال : (قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّه فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ  ) (الانفال 38 : 39 )

وبتقرير الحرية الدينية ومنع الفتنة او الاضطهاد الديني يكون الدين كله لله تعالي يحكم فيه وحده يوم القيامة فيما يختلف فيه الناس فى عقائدهم وشعائرهم . وذلك حتى لا يغتصب احدهم سلطة الله في محاكم التفتيش واضطهاد المخالفين في الرأي ، ويجعل الدين مطية لأغراضه السياسية و الدنيوية.

وذلك معني أن يكون الدين كله لله جل وعلا وحده لأنه وحده الذى يحكم بين البشر المختصمين فى ربهم ، فيقيم لهم يوم الحساب محكمة تنتهى ببعضهم الى الجنة وبالبعض الآخر الى النار:(هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ )( الحج 19 : 23). أى يتنوع البشر يوم القيامة الى خصمين ، كل منهما له فكرة وعقيدة عن رب العزة ، ولا يصح للخصم أن يكون حكما وقاضيا على خصمه ، بل لا بد من الاحتكام الى صاحب الشأن ـ الله جل وعلا ـ وهو الذى له الدين واصبا خالصا (وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ)(النحل 52). ويكفى ما ينتظر الفائز من نعيم أبدى فى الجنة أو عذاب أبدى فى النار.

 هذه القواعد والمقاصد التشريعية الاسلامية فى القتال تمّ  إهمالها لأنهم ركزوا على الأمر فقط وهو: (قَاتِلُواْ) فصار أمرا مفتوحا ومطلقا بالقتال ، فتحول القتال عند المسلمين الى اعتداء ثم الى ارهاب وصلت وتصل ضحاياه الى الملايين من المسلمين وغيرهم وكل ذلك تحت راية ( الجهاد ).

2 ـ والأغلب فى تشريعات المرأة فى الاسلام أن تخضع الأوامر مباشرة للمقاصد التشريعية .

 فالأوامر التشريعية ـ مثل الاحكام الخاصة بالزى والزينة وشهادة المرأة والميراث..الخ ـ  تخضع مباشرة  للمقاصد تشريعية،من العدل والتقوى والسمو الخلقى والتيسير والتوسط والأعتدال . ومثلا فالأمر بغضّ البصر للمؤمنين مقصده التشريعى هوالتزكية الخلقية والتقوى:( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ )( النور 30 )، فالأمر هنا (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ  ) يخضع للمقصد التشريعى وهو التزكية (ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ ) ومعه التقوى وخشية الله جل وعلا وهو الخبير بما نصنع (إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ).وبإهمال التقوى تتحول النظرات البريئة والعفوية الى تلصص وخيانة بالعين ، قد لا يدركها الناس ولكن يعلمها رب الناس جل وعلا وهو الذى (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) ( غافر 19 )

تتجلى الخطورة أكثر فى موضوع الزى فالتركيز على الأمر بالحشمة ـ التى نعنى فقط ارتداء الخمار الذى يغطى الصدرـ تطور ليتحول الخمار بالمفهوم القرآنى الى حجاب يغطى كل الرأس والعنق ، ثم تطرف الى نقاب يعبىء المرأة داخل كيس ، وهذا التركيز على الأمر التشريعى أو التطرف فيه يضيع مباشرة  المقاصد الأساسية من التشريع ،وهى هنا  التقوى والسمو الخلقى والتيسير ورفع الحرج،وبالتالى نقع فى التشدد والغلو والتطرف والظلم والانحلال الخلقى .أى ننسى التركيز على عفة المرأة وتقواها ، لنتشدّد فى المظهر الخارجى ، فيتحول النقاب مشجعا على الانحلال الخلقى لأن النقاب هو الوسيلة المثلى لأخفاء شخصية المرأة وأكبر مشجع لها فى الأنفلات الخلقى .

ومن أسف فإن ثقافتنا الدينية السلفية لا تزال تتطرف بالأخذ بالأوامر التشريعية وتهمل مقاصدها التشريعية ، فيقع الظلم والتعصب والأرهاب .

 

خامسا :

إهمال الفقهاء مساواة المرأة بالرجل  فى النسق القرآنى:-

المساواة بين الرجل والمرأة واضحة فى المصطلح القرأنى ، ونعطى لذلك بعض الأمثلة

1 ـ فكلمة " الزوج" فى القرأن تدل على الرجل أو على المرأة ، والسياق هو الذى يحدد ما إذا كان الزوج المقصود فى الأية هو الرجل المرآة (راجع كلمة زوج ومشتقاتها فى المعجم المفهرس لألفاظ القرأن الكريم). ولم يرد فى القرآن الكريم على الاطلاق لفظ ( الزوجة )

2ـ   وكلمة " الوالدين " أو  أباؤكم "تدل على الرجل والمرأة معا ، كما أن كلمة "ابناء"و " أولادكم " تطلق على الذكور والإناث ( النساء 11،12،26،والأسراء 23)

3ـ  وكلمة "الذين " فى الخطاب القرآنى تشمل الرجل والمرآة إلا إذا جاء فى السياق ما يؤكد اقتصار الخطاب على الرجل –فالقرآن مثلا حين يأمر الذين أمنوا بالصيام فأن الأمر للنساء والرجال معا. ومثلها ألفاظ أخرى مثل ( الناس ) ( بنى آدم ) ( الإنس )

4 ـ وهناك مساواة بين الرجل والمرأة فى المسئولية والحساب والثواب والعقاب فى الأخرة ، فالذى يعمل صالحا من ذكر أو انثى له الأجر فى الدنيا والأخرة (آل عمران 195،النساء 124،النحل 97 غافر 40) أى أن تشريع الله تعالى يقوم على أساس تكافؤ الفرص بين كل البشر ، كل انسان وما يختارة لنفسه اذا كان ذكرا او انثى .

سادسا :

إهمال الفقهاء التوازن بين المساواة والعدل فى التشريع القرآنى ، وفهموه خطأ على أنه تفضيل للرجل على المرأة .

المساواة المطلقة فى كل الأحوال قد تكون ظلما . فمن الظلم أن يتساوى فى الأجر موظفان بنفس الدرجة ولكن ، ولكن أحدهما مجتهد والأخر كسول . وعلى سبيل المثال فلو أردت أن توزع بالمساواة المطلقة ألف دينار على تلاميذ فصل فذلك يكون ظلما ،لأن بعض التلاميذ غنى غير محتاج وبعضهم غاية فى الفقر ، والمساواة المطلقة بينهم ظلم.

زمن هنا راعى التشريع القرآن التوازن بين العدل والمساواة ، فهناك مساواة من حيث الأصل والجزاء ، ولكن لا بد من العدل حسب الاستحقاقات وتغير الظروف . ولم يفهم الفقهاء تلك المزازنة إلا فى ضوء ثقافتهم الذكورية ، فحسبوها تييزا مطلقا للذكر على الأنثى.

وعلى سبيل المثال فالرجل هو الذى يدفع المهر وهو الذى يحمى البيت وينفق عليه ، ولذلك فهو صاحب القوامة فى الزواج ، وهى قوامة مشروطة بالانفاق والرعاية ومسئولية الزوج على زوجته .والمرأة إذا كانت مستغنية عن مال زوجها فمن حقها أن تكون العصمة بيدها وتنص على ذلك فى العقد ، والعقد شريعة المتعاقدين ، والمرأة لها حق أن "تفتدى " نفسها من زوج تكرهه اذا تنازلت له عما دفعة لها من مهر ، والزوج اذا لم يكن ينفق على زوجته ضاع منه حق القوامة (النساء 34،البقرة 229،المائدة 1)

ولأن الرجل هو الذى يعول البيت ويدفع المهر بينما لا تتحمل المرأة شيئا فى هذا أو ذاك ، بل يكفل الرجل نفقاتها شرعا فمن العدل أن يكون حق الابن والأخ ضعف حق البنت والأخت فى الميراث، وإلا كان ظلما للابن والأخ أن يتحمل كل منهما مسئولية مالية شرعية ثم لا يحصل على تشريع يعينه على هذا . ولكن لأن الأب و الأم معا يشاركون فى عبء تربية الأولاد ، فأنه اذا مات الابن فأن الام والاب يتساويان فى نصيبيهما فى تركته . لكل واحد منهما السدس أو الثلث (النساء 11).

  وشهادة إمراتين التى تساوى شهادة رجل واحد تأتى فى موضوع محدد ، وهو الاشهاد على الديون فقط (البقرة282) ، وذلك وفقا للسياق القرأنى وتطبيقه الذى سار ،فقد كان يتم تعيين شهود فى الأسواق تكون شهادتهم مثل الختم الرسمى المعتمد ،ولأن هذا العمل فى الأقتصاد والماليات والأسواق كانت أغلبيته للرجال –ولا تزال- فقد جاء تخصيص هذه النسبة للمرأة بأن تكون نصف الرجل فى الشهادة فى الديون المالية ، ولو حصرنا نسبة العاملات فى هذا المجال بالذات لوجدنا نسبتهن أقل بكثير مما اعطاه القرأن للمرأة .على ان هذه النسبة لا تسرى على شهادة المرأة فى العقوبات وغيرها .إذا أن شهادة المرأة فيما عدا الديون تساوى شهادة الرجل .

وواضح أنها استثناءات ولكن الفقهاء عمموها فجعلوا للمرأة نصف الرجل فى كل الأحوال فى الميراث وفى كل التعاملات .

والمقصود أن المساواة قائمة فى شريعة الله تعالى بين الرجل والمرأة فى إطار العدل ولابد فى كل تشريع من أقتران المساواة بالعدل ، وإلا تحولت الى مأساة .

 

سابعا : إنكار حق المرأة فى السفر وحدها ، وإلزامها بولى أمر يصحبها فى السفر

فالفقهاء السنيون الحنابلة انكروا حق المرأة فى السفر دون ولى أمر أو ( محرم ) ، وتناسوا الحقائق القرآنية الآتية :

 

1 ـ حق المرأة فى السعى فى الرزق والسفر فى مناكب الأرض ، وهو أمر جاء عاما للجميع ،لأن كل موارد الأرض مباحة لكل من يسعى ويطلب الرزق دون تخصيص للرجل على المرأة ، يقول جل وعلا عن الأرض ومواردها الاقتصادية : (وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِّلسَّائِلِينَ ) ( فصلت 10) فهى بالتساوى وتكافؤ الفرص لكل السائلين من رجال ونساء .

بل إمتن الله جل وعلا على البشر أن جعل لهم الأرض ذلولا ميسّرة للسعى وأمرهم ـ جميعا من رجال ونساء ـ أن يمشوا فى مناكبها ويأكلوا من رزقه جل وعلا (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) ( الملك  15 ) لم يأت إستثناء هنا يمنع النساء من السعى للرزق .فالسعى فرض على الجميع ، والنشور و البعث مصير الجميع .

2 ـ بل أنكروا حق المرأة فى الهجرة بدينها ، بل وجوب هجرتها كالرجل عند المقدرة ، وإلا كانت من أهل النار، يقول جل وعلا : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِقَالُواْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ) والحديث هنا عام يشمل الجميع من رجال ونساء طالما كانوا قادرين على الهجرة ولكن تثاقلوا عنها . لذا جاء الاستثناء فى الآية التالية ليشمل المستضعفين من الرجال والنساء والصغار:( إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا)( النساء 97 : 99)

وفى المقابل فإن الأجر الحسن ينتظر المهاجرين والمهاجرات ، والتعبير القرآن يستعمل أيضا لفظ ( الذين ) ليدل على الجميع ، يقول جل وعلا :(وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)( النحل 41 : 42 ).

وكما قلنا،فالسياق القرآنى يستعمل لفظ ( الذين ) ليدل على المؤمنين ذكورا وإناثا  طالما لم يرد فيه تخصيص للرجل أو المرأة ، كقوله جل وعلا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ )،( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ )( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ  )( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) ) ( البقرة 153 ، 159 : 160 ، 172 ، 183).

والسياق القرآن يخصّص الرجل أو المرأة إذا كان هناك ما يستدعى التخصيص ، وفى موضوع هجرة المرأة نجد تشريعات للمؤمنات اللاتى هاجرن للمدينة وتركن أزواجهن ، وللرجال المؤمنين الذين هاجروا وتركوا خلفهم نساءهم الكافرات ، وينزل التشريع القرآنى يحكم فى الفصل بين هؤلاء وهؤلاء : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُم مِّثْلَ مَا أَنفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ  ). ويهمنا من هذا التشريع أن المرأة المؤمنة لها حق الهجرة كالرجل تماما ، بل يترتب على هذا الحق تشريعات شخصية فيما يخص العلاقة الزوجية الماضية والتى تأثرت بالهجرة والانفصال بين زوجين فرقت بينهما إنتماءاتهما الدينية و العقيدية .

بل يترتب على ذلك ما هو أكثر بالنسبة للمرأة ، وهو حقها السياسى فى أن تكون جزءا متفاعلا فى الدولة الاسلامية .

ثامنا :

إنكار الفقهاء حق المرأة فى المشاركة السياسية

1 ـ وقد عرضنا لهذا بالتفصيل فى استعراض لسورة الممتحنة سبق نشره ، قلنا فيه فيما يخص حقوق المرأة فى الاسلام :

( بعدها انتقلت الآيات الكريمة لتضع تشريعات اجتماعية فى مشاكل الزواج والطلاق التى حدثت بعد الهجرة من مكة الى المدينة وما حدث من انقطاع تام بين أهل المدينة وأهل مكة، وترتب على هذه القطيعة تفكك بعض الأسر بين زوج كافر استمر فى مكة وزوجة مؤمنة تركت زوجها لتلحق بجماعة المؤمنين ، أو العكس ؛ زوجة تمسكت بدين أهلها المتوارث وظلت فى مكة رافضة أن تتبع زوجها الذى أسلم وهاجر.ثم هناك مشكلة أخرى ، فقد تأتى احداهن تزعم الايمان وهى فى حقيقة الأمر أتت لتتجسس على المؤمنين وتساعد المشركين فى اعتداء يعدون له ، حيث عزموا على ملاحقة المؤمنين الفارين بالقتال فى موطنهم الجديد الذى لجأوا اليه. وبالتالى لا بد أن يرسلوا جواسيس للتمهيد للعدوان. والنساء أفضل من يقوم بهذه المهمة. ومن السهل أن تأتى نساء كثيرات كل منهن تزعم الايمان ، ولا يعلم حقيقة ما فى القلب الا الله تعالى. لذا نزلت الآيات مقدما تطرح الموضوع وتضع له التشريع المناسب  : يقول سبحانه وتعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ )( الممتحنة 10  )
 هذه الآية تخاطب المؤمنين أنه إذا جاءتهم إمرأة مهاجرة فعليهم امتحانها ،أى سؤالها عن سبب مجيئها واختبار حالها حتى لا تكون عينا للعدو، وحتى يتأكدوا حسب الظاهر من حالها ، أما حقيقة ما فى القلب فمرجعه الى الله. وإذا عرفوا صدقها فلا يجوز ارجاعها الى الكفار الذين هربت منهم. إذ لا يحل لها أن تتزوج من كافر ولا يصح لكافر أن يتزوجها. وبالهجرة تحدد من اختار الايمان ومن اختار الكفر. واذا كانت المرأة المهاجرة زوجة تركت زوجها الكافر ولجأت للمؤمنين فعلى المؤمنين دفع المهر الذى دفعه من قبل الزوج الكافر تعويضا له ، ويمكن لها أن تتزوج مؤمنا فى موطنها الجديد ، وعليه أن يدفع لها مهرها. وبالعكس ، إذا اختارت الزوجة الكفر والبقاء فى مكة رافضة أن تصحب زوجها الى المدينة فعلى زوجها المؤمن فى المدينة أن يطلقها تماما ويفارقها حتى تتزوج من كافر مثلها مقيم فى نفس الموطن، وعلي الكفاردفع المهر الذى دفعه المؤمن من قبل.

ويقول جل وعلا : (وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُم مِّثْلَ مَا أَنفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ ) ( الممتحنة 11)ولآن الكفار لا عهد لهم ولا ذمة ، وليس منتظرا منهم تطبيق هذا الحكم الالهى بدفع ما عليهم من مهور للأزواج المؤمنين الذين تركوا أزواجهم فإن تعويض هؤلاء الأزواج المؤمنين بالعدل يمكن أن يتم إذا تمكن المؤمنون فى المستقبل من الحصول على غنائم من الكفار.
وبعد استجواب المرأة المهاجرة واختبارها والتأكد من صدقها عليها أن تقوم بمبايعة النبى على الايمان والتمسك بالاخلاق الحميدة والطاعة فى المعروف، وهذا ما جاءت به الآية التالية: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
 ) ( الممتحنة :12)، أى يقول سبحانه و تعالى للنبى أنه إذا جاءته المؤمنات للمبايعة فعليه أن يبايعهن على الامتناع عن : الوقوع فى الشرك والسرقة والزنا وقتل الأولاد والبهتان والكذب والزوروعصيان الأمر المعروف. واذا حدث وبايعن النبى على هذا فعلى النبى أن يدعو لهن ويطلب من الله تعالى الغفران لهن . والله تعالى غفور رحيم.
2 ـ أنكر الفقهاء حق المرأة الفردى لإى أن تكون عضوا مؤسسا فى دولة الاسلام . وهذا أيضا ما تم تفصيله فى نفس البحث فى استعراض سورة الممتحنة . وقد توقفنا مع الآية 12 بالتحليل ، وقلنا :

( سبق الإسلام فى تعريف الدولة بأنها عقد بين الفرد والنظام الحاكم، وأن هذا العقد يستلزم التزامات معينة من الفرد مقابل قيام الدولة برعاية الفرد وحمايته .

وردت فى السور التى نزلت فى المدينة إشارات إلى وجود عقد أو ميثاق أو عهد بين افراد المسلمين والنبى يتضمن تعهد كل فرد بطاعة القائد وهو النبى محمد عليه السلام ؛ ليس طاعته كشخص وفرد ولكن طاعة القيم الأخلاقية المنبثقة عن إلايمان الحق بالله تعالى واليوم الآخر، تلك هى البيعة العامة . ثم هناك بيعة خاصة طارئة مؤقتة تستلزمها ظروف المواجهة العسكرية حين يتعرض المجتمع المسلم إلى هجوم لابد من صده ، وحينئذ يتطلب الأمر بيعة خاصة للإلتزام بالدفاع عن الدولة.وفى كل الأحوال ( البيعة العامة والبيعة الخاصة ) فإنها بيعة لله تعالى ؛ فمن يبايع النبى – أو القائد – إنما يبايع الله ، أى يلتزم أمام الله تعالى بالوفاء بالعهد والميثاق . وبالتالى فإن ضميره الشخصى هو الرقيب عليه فى مدى هذا الإلتزام بهذا العهد، أى أنه مسئول أمام الله تعالى يوم القيامة فقط فى مدى وفائه بهذا العقد أو العهد أو الميثاق أو البيعة.وفى كل الأحوال أيضا فإن تلك البيعة العامة والخاصة تشمل الرجال والنساء معا بما يعنى المساواة بين الرجل والأنثى .

ذكرت روايات السيرة النبوية أن النبى محمدا عقد معاهدة سرية مع وفد من المدينة قبل الهجرة ،وعقد معاهد أخرى مع وفد أخر فى العام التالى إلا أنها لم تذكر عقد معاهد عامة مع أهل المدينة . القرآن الكريم فى تعليقه على تباطؤ أو تخاذل بعض المؤمنين فى الوفاء بهذا العقد كان يذكرهم بالعهد الذى التزموا به .

الإيمان له معنى عقيدى هو الإيمان بالله تعالى ورسوله وله معنى سلوكى هو اختيار السلام والأمن والسكون والإبتعاد عن المشاكل ،وقد كان معظم من آمن من المستضعفين الذين اختاروا الأمن والأمان سلوكا مع بقاء عقيدتهم على المعتقدات المتوارثة بشكل مخالف للعقد الذى عقدوه مع الله تعالى . تلك المعتقدات المتوارثة المخالفة للإسلام كانت تؤثر على التزاماتهم فى الجهاد بالنفس والمال، إذ كانوا مطالبين بالإنفاق فى سبيل الله فيبخلون ، وكانوا مطالبين بالدفاع ضد عدو يعتدى فيتثاقلون تمسكا بالهوان وبالسلام السلبى مع عدو لا يجدى معه إلا دفع إعتدائه بالدفاع الصلب .

فى أوائل السور المدنية نجد القرأن الكريم ينهى المؤمنين عن خيانة الله ورسوله ، وخيانة العهد والأمانة ، ويأمرهم بالإستجابة وطاعة رسول الله ( 8 / 24 : 27 ) وتعبير الخيانة للعهد يعنى وجود عهد قائم بين الله تعالى والمؤمنين وأنهم لم يقوموا بالإلتزام بهذا العهد .

وفى أواخر السورة المدنية يتكرر الأمر للمؤمنين بطاعة الله ورسوله وأن يواجهوا إعتداء المشركين ، ليس بالوهن والإستسلام والحرص على حياة ذليلة وإنما بالدفاع البدنى والإنفاق المالى فى المجهود الحربى ، وإن لم يفعلوا فمصيرهم إلى الإستئصال ،وعندها يأتى رب العزة بمؤمنين آخرين خيرا منهم ( 47 / 32 : 38 )

كان البخل شائعا بين هذه النوعية من المؤمنين وترتب عليه أن توعد الله تعالى بالعذاب اولئك الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل وذلك بعد أن كررلهم أوامر العهد والميثاق وهى عبادة الله وحده لا شريك له والإحسان للوالدين والأقارب واليتامى والجيران وأصحاب وأبناء السبيل والرقيق ( 4 / 36 : 37 ) وفى مواجهة ذلك البخل ونسيان العهد والميثاق والبيعة ينزل القرآن يذكر المؤمنين بالإيمان بالله تعالى ورسوله والإنفاق فى سبيل الله ثم يعيب عليهم أنهم لا يؤمنون قلبيا وعقيديا بالله تعالى وحده ، مع استمرار دعوة الرسول محمد عليه السلام لهم بأن يكون إيمانهم بالله تعالى وحده إلها، وبرغم أنهم عاهدوا الله تعالى ورسوله على ذلك الا أنهم كانوا ينسون مما يستدعى تذكيرهم وتأنيبهم ( 57 /7 : 8 )

وفى أواخر ما نزل من القرآن يتكرر نفس الموضوع فى تذكيرهم بالميثاق الذى عقدوه يوم بيعتهم ، وكيف أنهم قالوا سمعنا وأطعنا مع أن قلوبهم لم تكن مخلصة . ويحذرهم الله تعالى بأنه يعلم خفايا الصدور . ( 5 /7 )

هذا العهد والميثاق أو البيعة العامة كانت لكل فرد يدخل فى إطار الدولة الإسلامية . وخلافا لما اعتاده العرب وما اعتادته ثقافة العصور الوسطى أعطيت المرأة نفس حق المواطنة الايجابية وحق المشاركة السياسية فى الدولة الإسلامية، فقد كان عليها أن تبايع نفس المبايعة ، وتضع يدها على يد النبى تعطيه البيعة. وهذا ما جاء فى سورة الممتحنة ( 60 /12 ) .

ولأنه أمر جديد لم يكن معروفا من قبل فإن الخطاب نزل للنبى محمد يوضح كيفية بيعة النساء للنبى ، فالمؤمنات إذا أتين مهاجرات ليصبحن مواطنات فى الدولة الجديدة فعليه أن يبايعهن على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يقعن فى بهتان ولا يعصين النبى فى معروف ، فإذا بايعن النبى على هذه البنود فعليه أن يستغفر لهن الله على ما سبق من ذنوبهن، لأنهن قد دخلن فى مرحلة جديدة من حياتهن. وهذا ما ينطبق على الرجال أيضا. .

والواضح أن كل بنود البيعة للمؤمنين والمؤمنات تتلخص فى تطبيق الإسلام والإيمان فى العقيدة وفى السلوك . تطبيق الإسلام فى العقيدة بعدم الوقوع فى الشرك والكفر ،أى بعدم الإعتقاد فى إله إلا الله الذى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، والإيمان والإسلام سلوكا بمعنى طاعة الله تعالى فى التعامل مع البشر بعدم الإعتداء على حياة الأخرين وأعراضهم وأموالهم أى التمسك بالقيم العليا المتعارف عليها من العدل ومنع الظلم .

إذن بنود البيعة تتلخص فى طاعة الله تعالى ، وهنا تكون المساواة بين المسلمين جميعا بما فيهم النبى نفسه، فهم مأمورون جميعا بطاعة الله الواحد عز وجل الذى لا شريك له فى الملك. وعليه فإن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر هو تناصح بالتمسك بالقيم العليا المتعارف عليها والإبتعاد عن الرذائل المستنكرة من جميع الناس، وهذا التناصح يعنى أن ينصح كل مؤمن أخاه أو أخته ، وأن تنصح كل مؤمنة أخاها أو أختها. وهنا مساواة المؤمنين جميعا رجالا ونساء ؛ كلهم يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ( 103 / 3 ) ،أى ليست هناك طائفة تأمر الأخرين ولا يأمرها أحد.ليس فى الاسلام طائفة تحتكر إصدار الأوامر وتضع نفسها فوق القانون أو فوق الجميع بقوة القانون.

وبالتالى فليس هناك طاعة لشخص أو لحاكم حتى لو كان النبى نفسه . فالأية تقول عن أحد بنود البيعة عن النساء " ولا يعصينك فى معروف " لو قالت الأية " ولا يعصينك " فقط لكان ذلك فرضا بطاعة النبى طاعة مطلقة. ومصطلح النبى يعنى شخص النبى محمد وعلاقاته بمن حوله، لذا كان العتاب واللوم يأتى بصفة النبى بينما الطاعة تأتى مرتبطة بالرسول والذى يعنى أيضا الرسالة والقرآن. ولأن النبى هنا هو شخص النبى محمد فإن طاعته كشخص مرتبطة بأن تكون فقط فى "معروف "، والمعروف هو المتعارف عليه من القيم العليا التى جاء بها القرآن والتى تجلت فى سائر بنود البيعة . وإذا كانت طاعة النبى محمد – وهو القائد – مرتبطة بالمعروف وليست له طاعة كشخص ، فإنه لا يجوز لأى شخص أن يطلب من المؤمنين طاعته دون قيد أو شرط. ولذلك فقد اشتق الفقهاء المسلمون الأحرار قاعدة سياسية تقول " لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق " أى لا يصح الطاعة إلا فى إطار طاعة الله تعالى وحده ، فالمطاع هو الله تعالى وحده، ومن يطع القرآن ـ أو الرسالة الالهية الخاتمة بعد موت الرسول محمد ـ فقد أطاع الله تعالى ( 4 /80 ) وكل من يأمر بما جاء فى القرآن فيجب طاعة ما ينطق به من القرآن ، وليس طاعته هو كشخص. وهذا معنى الأمر بطاعة الله ورسوله وأولى الأمر، ( 4 / 59 ) ليس هنا تثليث ،أو عبادة لله والرسول واولى الأمر، بل أن طاعة ولى الأمر وطاعة الرسول فيما يقال من أوامر جاءت من الله تعالى فى كتابه الكريم ونطق بها الرسول وبلغها ، ثم يقوم على رعايتها أولو الأمر. وإذا زاغ أحد منهم عن أوامر الله تعالى فلا طاعة له ، بل يجب اعلان العصيان لأمره وتوضيح أنه يأمر بما يخالف القرآن ، حتى نبرىء دين الله تعالى من استغلال دينه العظيم من سوء الاستغلال والفساد والاستبداد. باختصار : إن البشر عليهم أن يطيعوا الله تعالى وحده ويحرم عليهم طاعة أمر يخالف تشريع الله تعالى ومبادئه .

يسرى هذا على البيعة العامة فى الدخول فى مواطنة الدولة الإسلامية كما يسرى على البيعة الخاصة التى تفرضها ظروف الحرب .

ليس فى الإسلام إكراه على فعل الطاعة . وليس فيه عقوبة يوقعها الحاكم المسلم فيما يخص حقوق الله تعالى من ايمان قلبى وعبادة . العقوبة لا تكون إلا فيما يخص حقوق الأفراد . وليس فى الإسلام إكراه على الجهاد أوالتجنيد. إن الجهاد بالمال واللسان والدعوة والنفس فريضة على كل مؤمن، وهو مسئول عن تأديتها أمام الله تعالى وحده يوم القيامة، وليس من سلطة الدولة المسلمة تجنيد الناس قسراأو سخرة كما تفعل بعض النظم فى عصرنا. وحين تثاقل المنافقون عن الدفاع عن المدينة واعتذروا بحجج واهية كان عقابهم الوحيد منعهم من الانضمام الى الجيش مستقبلا ( 9/83 ).

ولأنه ليس هناك تجنيد إجبارى للأفراد فإن مواجهة العدو المعتدى كان يحتاج إلى عقد أو عهد أو ميثاق أو بيعة بالإختيار الفردى . ولأن من بايع طوعا عليه أن يلتزم بما عاهد الله تعالى عليه إلا أن بعضهم كان فى وقت الشدائد يفر وينسى العهد والميثاق . فى غزوة الأحزاب حوصرت المدينة من كل الجهات بقيادة جيوش من عدة قبائل يقودها أبو سفيان الأموى ، فى مواجهة هذا الحشد والحصار كان لابد من المبايعة على الدفاع عن النفس والقوم والوطن والعقيدة ، وعندما اشتد الحصار ظهرت المواقف على حقيقتها ، منهم من ظهر نفاقه وجبنه فتخلى عن مواقعه الدفاعيه وبدأ ينشر التشكيك وهو يفر من مواقع المعركة ، وقد جعلهم الله تعالى مسئولين أمامه يوم القيامة على نكثهم للعهد،ولكن ليست عليهم مساءلة فى الدنيا وليست للدولة أن تعاقبهم ( 33 / 15 ). فى المقابل هناك من المؤمنين من وقف موقفا بطوليا رجوليا. وجزاؤهم الحسن ينتظرهم يوم القيامة. ( 33 / 23 : 24 ) .

فى موقف أخر خرج النبى محمدا بأصحابه للحج فى البيت الحرام ، ليس معهم سلاح إلا سلاح المسافر، كأنهم يرفعون الراية البيضاء دليل المسالمة؛ خرج عليه السلام مسالما ، فمنعته قريش من الدخول ، وتأهبت لحربه وأرسل النبى بعض أصحابه للتفاوض فاحتجزوهم ، وأشيع أن قريش قتلتهم وأنها على أهبة الإستعداد على الهجوم على المسلمين واستئصالهم . كان موقفا دقيقا استدعى من النبى أن يطلب من المؤمنين معه أن يبايعوه على القتال والمواجهة والصمود ، فليس أمامهم طريق آخر. وتحت الشجرة جلس وجاء كل فرد يبايعه على الصمود والقتال ،وكالعادة تكون البيعة لله ورسوله . هذا الموقف البطولى أخاف قريش فأحجمت عن هجومها ولجأت للتفاوض السلمى . ونزلت آيات القرآن تعتبر ذلك نصرا ، وتؤكد أن أولئك الذين بايعوا النبى محمدا إنما كانوا يبايعون الله تعالى ، وكل منهم مسئول عن تنفيذ ما التزم به أمام الله تعالى ، ومن يوفى منهم ببيعته فسيكون جزاؤه عظيما عند الله تعالى ، وتؤكد آية أخرى أن الله قد رضى عن الذين بايعوا النبى تحت الشجرة ، وقد اطلع على الإخلاص الذى عم قلوبهم فى هذه اللحظة الحرجة فزادهم سكينة وثقة وكافأهم بنصر قادم آت ، وكان هذا النصر هو فتح مكة سلميا بعدها. ( 48 / 10 ،18 )
هذا هو مفهوم البيعة فى الاسلام، وذلك كان تطبيقه فى عهد النبى محمد عليه السلام. وكان يشمل الرجال والنساء .تغير هذا كله بالتدريج فى تاريخ المسلمين بعد وفاة النبى محمد عليه السلام .
حوصر المسلمون بعد وفاة النبى بحركة الردة، حيث تجمع الأعراب ( أشد الناس كفرا ونفاقا )حول المدينة يريدون الهجوم عليها فى ذلك الوقت الحرج ، فكان لابد من القيام بالبيعة لقائد يقوم بالأمر فتم اختيار أبى بكر وما لبث أن مات أبو بكر وقد دخل المسلمون فى حرب جديدة ضد الفرس والروم . واستلزم الوضع الجديد البيعة لقائد جديد بعد ابى بكرفكان عمر . وبالفتوحات دخل المسلمون فى عهد جديد تناسوا فيه جوهر الإسلام ( العدل وحرية الرأى والفكر ) فكان لابد من نسيان البيعة بالمفهوم القرآنى فتتحول من بيعة لله تعالى تقوم على أساس طاعته وتنفيذ أوامره ويكون تطبيقها منوطا بضمير المسلم نفسه إلى بيعة خضوع لحاكم مستبد ليحكم مستبدا طيلة عمره دون رقيب أو حسيب ، وطبقا لتلك البيعة تجب طاعته طاعة مطلقة ، مهما استأثر بالحكم والسلطان والثروة . وهذا ما بدأ فى الدولة الأموية ولا يزال ساريا فى بعض دول المسلمين حتى الأن .  
مكانة المرأة :-
فى هذه السورة ملمح واضح يدل على مساواة المرأة بالرجل فى الحقوق والواجبات فى الإسلام حيث يحق لها المشاركة السياسية وحقوق المواطنة كالرجل إذ عليها أن تبايع الحاكم شأن كل رجل .مشاركة المرأة السياسية أكدها القرآن الكريم ليس فقط على المستوى التشريعى ولكن أيضا على المستويين التطبيقى والتاريخى .
على المستوى التطبيقى كان للمرأة ان تجادل النبى وتشكوله ولا تقتنع باجاباته فتدعو الله تعالى ان ينزل لها وحيا يحل مشكلتها فينزل الوحى يقول : (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ 58 /1). وكان مجتمع المدينة فى عصر نزول القرآن خلية نحل تموج بالحركة والنشاط، حيث أباحت حرية الفكر والعقيدة والتعبير والحركة السلمية المعبرة عن العقائد أن تتألف جماعات من المنافقين والمنافقات يتحركون معا يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف فتقابلهم جماعات أخرى من المؤمنين والمؤمنات للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. (9 / 67 ، 71 )هذا والدولة الاسلامية فى عصر النبى محمد لا تتدخل فى منع هذا او تاييد ذاك لأن مهمتها هى كفالة الحرية فى العقائد والتعبير عنها بالطرق السلمية دون أن يقوم طرف باكراه الآخرين أو اضطهادهم فى الدين.
على المستوى التاريخى فقد جعل الله تعالى المثل الأعلى للمؤمنين فى كل زمان ومكان إثنتين من النساء هما السيدة مريم العذراء وزوجة فرعون ، كما جعل المثل الأسفل لكل الكافرين فى العقيدة والسلوك امرأتين أيضا هما زوجة نوح وزوجة لوط .( 66 / 10 ـ 12) . كما قص الله تعالى قصة ملكة سبأ ( 27 / 22 ـ 44)، وتكررت فى القرآن قصة فرعون موسى. والتدبر القرآنى ـ وهو فريضة منسية ـ يحمل المسلم على المقارنة بين إثنين من الحكام كلاهما تعامل مع نبى من الأنبياء بطريقة مختلفة، وفازت الحاكم الأنثى وخسر الحاكم الذكروأضاع عرشه وقومه. ليس المقصد هنا أن المرأة أفضل من الرجل فى مجال الحكم، ولكنها إشارة تاريخية الى أن إمرأة حكمت فكانت راشدة فى وقت يضل فيه أغلب الحكام الذكور.

المقارنة هائلة هنا بين الاسلام والدين السنى . الدين السنى يجعل المرأة مخلوقا من ضلع أعوج يستحيل اصلاحه ، ويجعلها "ناقصة عقل ودين ".!! هل يصح أن يقال عن السيدة مريم عليها السلام أنها ناقصة عقل ودين بعد كل هذا المدح الذى قاله الله تعالى عنها فى القرآن الكريم؟
فى الحضارة الغربية لم يتم إعطاء المرأة حقوقها السياسية إلا مؤخرا ، ولكن الإسلام سبق الجميع فى ذلك. الإسلام لم يحرم على المرأة أى عمل حلال يقوم به الرجل ، ويسرى ذلك على الجهاد ، والدليل أن الأعذار المبيحة للتخلف عن الجهاد هى أعذار تحدث للمرأة والرجل على حد سواء، فليس هنا حرج على الأعمى أو الأعرج أو المريض فى موضوع القتال الدفاعى فى الإسلام (48 / 17 ). هذه الأعذار تسرى هذا على الجنسين فى الذكر والأنثى . وحتى فى الصيام والحج كانت الشروط عامة للذكر و الأنثى ، بل أن الأمر يأتى بلفظ "الذين آمنوا " ، " يا بنى آدم " ، " يا أيها الناس " ليخاطب المرأة والرجل معا، وكل أمراة يشملها الأمر والنهى كالرجل تماما ، أكثر من هذا فإن النسق القرآنى فى تشريع الأحوال الشخصية من زواج وطلاق لا يذكر مطلقا لفظ زوجة وإنما يقول " زوج " دلالة على الزوج والزوجة ويأتى السياق يحدد المقصود بها. والمقصود هنا هو المساواة الكاملة من حيث التكوين بين الزوج الرجل والزوج الأنثى فكلاهما واحد من حيث الأصل والنشأة ، وكلاهما لهما نفس الحقوق وعليهما نفس الواجبات طبقا للعدل . وهناك تفصيلات أخرى تأتى فى موضعها، وقد فصلنا القول فيها فى كتاب لنا لم ينشر عن تشريعات المرأة بين القرآن والفقه السنى.
هناك شيىء هام فى سياق آيات سورة الممتحنة يستلزم الإيضاح . هو حق المرأة فى السفر والهجرة وترك موطنها إلى حيث تريد طبقا لإختيارها العقيدى شأن الرجل تماما ، وهذا ما حققته المرأة فى عهد النبى محمد عليه السلام إذ هاجرت المؤمنات إلى الحبشة مرتين ثم مرة ثالثة إلى المدينة ، بعضهن كن عذاراى وبعضهن كن متزوجات هاجرن مع أزواجهن المؤمنين أو كن أزواج تركن أزواجهن المشركين . أى أن من حق المرأة فى الإسلام أن تهاجر إذا شاءت ، والهجرة أصعب أنواع السفر لأنه سفر يحتمل المطاردة والملاحقة . وبالتالى فان من حقها السفر العادى بمفردها ،وليس لزوجها الحق فى منعها إلا إذا كان هذا الحق للزوج منصوصا عليه فى عقد الزواج .هذا فى الإسلام .ولكن فى دين السنة تم حرمان المرأة من هذا الحق فمنعوها حتى من السفر إلا بإذن زوجها ، بل وجعلوا لها كفيلا – إذا لم تكن متزوجه ـ هو" المحرم " أى الذى يحرم عليها أن تتزوجه كالأب والابن والأخ والعم والخال ، أى اعتبروها شخصا غير كامل الأهلية، حتى لو كانت أما. وتخيل أن تربى الأم ابنها فاذا كبر أصبح آمرا ناهيا لها، يبلغ مبلغ الأهلية بينما تظل أمه مخلوقا ناقص الأهلية.

الدين السنى بذلك لم يظلم المرأة فقط بل ظلم معها الرجل ، فهى له الأم والأخت والزوجة والبنت . واذا كانت المرأة ناقصة الأهلية اجتماعيا ودينيا فليس من حقها المشاركة السياسية وليس لها من حق فى المواطنة المساوية للرجل. وبالتالى يكون من العبث الحديث عن حقها فى تولى الرئاسة فى الدولة. )
 
 .

أخيرا : والخلاصة :

ان المرأة تتساوى مع الرجل فى أطار العدل والقسط .

وليس من العدل انتقاص اى حق للمرأة فى بيتها او فى عملها .

ان الكفاءة  ليست قصرا على الرجل ، لأن القصص القرأنى ووقائع التاريخ تثبت كفاءة للنساء وتفوقا لهن على الرجال .

ان من الظلم للأمة أن تحرمها من كفاءة المرأة ، وهى نصف المجتمع . ويكفى ان الرجل يعيش عمره الأول فى أحضان المراة يتشرب منها كيف يعيش بقية عمرة التالى . فاذا كانت جاهلة خامدة فأن الجهل والتخلف سينعكس على المجتمع كله .واذا كانت مؤثرة فعالة فسيتحول بها المجتمع الى طاقة من الحيوية والأنطلاق .

وأخيرا فان دين الله برىء من كل قول أو ثقافة تحوى الظلم  والتخلف. والله تعالى أنزل القرأن وفيه كل القيم السامية ، وعلينا ان نفهم القرآن بمصطلحاته وأن نتفهم تشريعاته من أوامر وقواعد ومقاصد ، ونحتكم الى القرأن فى كل مالدينا من ثقافات وتراث وقيم وتقاليد وعادات .     

اجمالي القراءات 15062

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (8)
1   تعليق بواسطة   إياد اديب     في   الخميس ١٣ - يناير - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[55032]

وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ

 السلام عليكم دكتور احمد 


 


1- ما هو المقصد التشريعى من قوله تعالى ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) ما هى  الدرجه التى للرجل على المراءه


2- وما معنى قوله تعالى (  فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة) لماذا قال يشترون الحياه الدنيا و الثمن هو الاخره كيف هذا؟ الم يامرنا الله بان نحب الاخره اكثر من الدنيا فلماذا نشترى الدنيا


3- لى تدبر فى ايه المداينه اتمنى ان اعرف رايك فيه .


-هو ان الجميع يتسائل لماذا قال امراتين امام رجل و لم يقل رجل و امراءه  متناسين بهذا ان الله عندما امر بشهاده الرجل امر بجلب ربجلين وليس واحد ولم يتسائل احد لماذا اثنيين بالذات فهل هناك عيب فى الرجل حتى ياتى واحد اخر ويكمله لم يستنكر احد الامر برجلين دون واحد ولو سالنا عن السبب فلن يجدوا سبب غير سبب واحد وهو حتى اذا نسى واحد الاخر ذكره وهو نفس السبب فى وجود امراتين اى لساوا بين الرجل و المراءه  اى لوكان الامر بوجود امراتين هو عيب فى المراءه  لاصبح بالضروره الامر بوجود رجلين عيب فى الرجل وهو ما لا يرضوه ولا نرضاه لا يرضاه القران ولكن السبب هو نفس السبب فى الامر بوجود امراتين اى المساواه.


2   تعليق بواسطة   عبدالمجيد سالم     في   الجمعة ١٤ - يناير - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[55045]

ما هي الدرجة ؟؟

وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228)  البقرة ..


الأخ العزيز دكتور احمد صبحي ..


الأخ العزيز الاستاذ اياد اديب ..


الأخوة الأعزاء كتاب وقراء الموقع ..


سأحاول الأجابة داعيا الله سبحانه وتعالى أن يلهمني الصواب  ..


يقول الله سبحانه وتعالى عن النساء " وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ  " ..


ويقول سبحانه وتعالى عن الرجال  " وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ   " ...


فما معنى ( " وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوف  )أي أن النساء لهم لهم حقوق وعليهم في المقابل مسئوليات ..


والرجال مثلهم تماما فيما لهم وما عليهم .. . ولكن الرجال يقع عليهم مسئوليات أكثر بدرجة من النساء ( وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ  ) ..


إذن الدرجة القرآنية التي للرجال على النساء .. مسؤلية اكثر لا تلغي مسئولية المرأة ..!! ولكنها تدعمها ..


ليست درجة تحكم واستغلال وخلافه .


 


3   تعليق بواسطة   عبدالمجيد سالم     في   الجمعة ١٤ - يناير - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[55046]

لقد قال الله سبحانه وتعالى يشرون ولا يشترون ..!!

يقول الأستاذ أياد بارك الله فيه


"  "2- وما معنى قوله تعالى ( فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة) لماذا قال يشترون الحياه الدنيا و الثمن هو الاخره كيف هذا؟ الم يامرنا الله بان نحب الاخره اكثر من الدنيا فلماذا نشترى الدنيا ...


وأقول : 


لقد قال الله سبحانه وتعالى ( فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (74) النساء  )..


وهناك فارق بين شرى واشترى في الفاظ القرآن .. فشرى عكس اشترى .. فشرى تعني " باع " واشتري تعني أبتاع ..


وللتوضيح من داخل القرآن الكريم .. ففي سورة يوسف يقول الله تعالى "  وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (19) وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنْ الزَّاهِدِينَ (20) وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (21)   يوسف  "


 فيكون معنى الآية "  فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ   "أي أن الذين يقاتلون في سبيل الله هم الذين يبيعون الحياة الدنيا بالآخرة .. أي بيعون الحياة الدنيا ويشترون بها الآخرة ..


4   تعليق بواسطة   عبدالمجيد سالم     في   الجمعة ١٤ - يناير - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[55047]

وبالنسبة لآية المداينة ..؟؟

وبالنسبة لآية المداينة والرجل وامرأتان ..


فأرجو منك توضيح وجهة نظرك وتدبرك فيها .. فلربما تكون وجهة نظرك  هي الأقرب للصواب ..


لذلك أرجو ان أقرأ للأستاذ أياد بشكل مفصل في هذا الموضوع المهم ..


أشكر الجميع وأرجو ان أكون قد أفدت مثلما استفدت ..


فتلك هي رسالة الموقع .


5   تعليق بواسطة   نورا الحسيني     في   السبت ١٥ - يناير - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[55094]

دلالة المساواة بين الأب والأم في الميراث

من المسائل التي كنت أفكر فيها وفي الحكمة من تشريعها هى مسألة ميراث الأب والأم من الابن أو الإبنة دون أن يرث الأخوة أوالأخوات من أخوهم المتوفى . قد أخبرنا الله تبارك وتعالى أنهم هم الوحيدون الذين يرثون مع الأبناء والزوجة لحكمة تظهر لنا  أنها تعويض لهم عن مساعدة الابناء الواجبة عليهم في حياتهم للأباء عند تقدمهم في السن ، فهم الذين تعبوا في تربية الأبناء وكانوا في شبابهم وضحوا من أجل أبنائهم .

وكما علل بذلك الدكتور منصور أن الأب والأم يتساويان في الميراث من الإبن لأن الأب و الأم معا يشاركون فى عبء تربية الأولاد ، فأنه اذا مات الابن فأن الام والاب يتساويان فى نصيبيهما فى تركته . لكل واحد منهما السدس أو الثلث عند عدم وجود أبناء للمتوفي كما جاء في سورة النساء(ُ... وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً (11) وَلَكُمْ (النساء 11

من خلال آية توريث الأب والام في الابن يتبين أن الله سبحانه وتعالى ساوى بين الرجل والمرأة في التمويل المادي تمهيدا لتحميلهما المسئولية بالتساوي  .


وهذا يدل على أن المشاركة في مسئولية الحياة متساوية بينهما وبالتالي تساوي المسئولية في صنع القرار داخل الأسرة وداخل المجتمع والدولة بأسرها .


6   تعليق بواسطة   محمد عبدالرحمن محمد     في   السبت ١٥ - يناير - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[55136]

الدكتور صبحي منصور ومعه القرآنيون وإعادة تفعيل تعاليم القرآن.!

الدكتور صبحي منصور السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .. هكذا يكون المقال التأصيلي لقضية من أخطر قضايا المجتمعات المسلمة والعربية ,,

إنه إرث ثقيل من العبودية للمرأة وقهرها من جانب الرجل العربي والمسلم ,, كانت الثقافة البدوية العربية عاملا فاعلا فيه وسوء الأخلاق هذا قبل الاسلام ,, وأما بعد نزول القرآن انضبط العرب في عهد الرسول محمد ثلاث وعشرون عاما بين مكة والمدينة وحصلت المرأة على قدر كبير من كرامتها ومشاركتها للرجل في جميع شئون الحياة ..

ففي الهجرة الأولى للحبشة كان من بين المهاجرين النساء فرارا بدينهم من الظلم والاضطهاد القريشي .! وكانت المرأة مشاركة مشاركة قديرة وندية مع قرينها وتوام مشوار حياتها في هذه الهجرة المبكرة .

في المعارك التي دارت بين الرسول والمؤمنين من جانب وبين مشركي مكة من جانب آخر كانت المرأة حتى في الجانب القريشي على خط  النار أو الصفوف الأمامية للقتال ..

ولا أدل من ذلك من موقف نساء المسلمين من شد  أزر  المحاربين وتضميد جراح المقاتلين و الطبخ لهم وقت المعارك ..

ولاأدل من ذلك من موقفق هند إمرأة أبو سفيان في غزو أحد وما قامت به مكن شحذ همم جيش قريش .!!

إذن لماذا لم يفهم الفقهاء هذه الأسس أم  هو تعمد تضليل للمسلمين والرجوع بهم الى قرون وعصور الظلام ..

اليوم الدكتور صبحي منصور ومعه القرآنيون يعيدون تفعيل نصوص الآيات المباركات في كامل مشاركة المرأة للرجل في صنع القرار والاختيار بين الحريات والعدالة وبين القهر والانكسار..

أقول لكم سيروا على بركة الله دكتور صبحي أنت وكُتاب أهل القرآن .. وفقكم الله وأتمنى ان أكون معكم في هذا المشوار الاصلاحي الكبير.

 


7   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   السبت ١٥ - يناير - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[55140]

يجب وضع خطوط لا حصر لها على نقاط الاختلاف بين القرآن والمفهوم التراثي

شكرا أستاذنا الفاضل مرة لأننا نتعلم من مقالاتك كيف نتدبر القرآن ، ومرة لأن تدبرك للقرآن يثبت أن القرآن فيه كل شيء و لا نحتاج لاستيراد مبادئ حرية العقيدة وحقوق المرأة من قوانين الغرب ودساتيرهم ، ، يأتي القرآن ليعطي فيها حكما منذ نزوله منذ أربعة عشر قرنا من الزمان ، إلفى عصرنا هذا لا زلنا نحارب لنحصل عليه من المجتمع الذكوري ، ومن الفقيه السني الذي ينتصر لأبناء جنسه ، موافقتة لشريعة الغاب والصحراء التي تعامل المرأة ككم مهمل . ولا زال الأغلب ينظر لآيات تشريع القتال على أنها جواز للاعتداء على العزل المسالمين لمجرد أنهم لهم تسمية في ورثوها مكتوب بها أقباط أو مسيحيين أو يهود !! مع أن القرآن يأمر بنقيض ذلك تماما وعكسه عندما يكرر على ان القتال فقط لرد الاعتداء ، والقتال فقط للقضاء على الفتنة وما هي الفتنة ؟ هي الإكراه في الدين وعدم ترك الحرية للمسالمين من الناس الاختيار أو التعبد بحرية وفق اختيارهم لدين معين أو مذهب معين . يحق لنا أن نبروز هذه الآيات إذن وأن نرفض المفهوم التراثي لها الداعي للإرهاب والتطرف الموروث الوهابي الذي ابتلينا به ونصرخ بأعلى أصواتنا يا ناس اقرأوا القرآن وفق مصطلحاته وليس مصحوبا بتفاسير تراثية تناقض تشريعاته ،ويكفي أن نقرأ هذه الآيات : (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ) (البقرة 193)أي ان منع الفتنة هي الهدف الاساسي من التشريع بالقتال . والفتنة في المصطلح القرآني هي الاكراه في الدين أوالاضطهاد في الدين ،وهذا ماكان يفعله المشركون في مكة ضد المسلمين، يقول تعالي (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ)( البقرة 217).


حتى في حالة الحرب إن كف الكفار عن الاعتداء وجب وقف القتال ، يتكرر الأمر بالقتال لنفس السبب وهي الإكراه في الدين :


قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّه فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) (الانفال 38 : 39 )

 


8   تعليق بواسطة   الشيماء منصور     في   الثلاثاء ١٣ - سبتمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[60137]

لقد كرم المولي عز وجل المراة تكريما عظيما

هذا المقال الرائع لابد ان يتم تدريسه في الجامعات و المدارس و ذلك لتغيير و جهة النظر السيئة عن المرأة  فالمرأة ليست فقط نصف المجتمع بل اكثر من هذا فهي الزوجة و الاخت  و الام  . فلقد اختلطت الامور في المجتمع المصري و العربي و  فلقد امرالمولي عز وجل ان يكون نصيب الرجل في الميراث ضعف نصيب المرأة و ذلك لسبب واحد و هو ان الرجل هو المسؤول عن القوامة ليس لاي سبب اخر فهذا ليس مفاضلة بين الرجل و المرأة فهما متساويان تماما في الحقوق و الواجبات  فالرجل  و المرأة وجهان لعملة واحدة.


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5118
اجمالي القراءات : 56,904,004
تعليقات له : 5,451
تعليقات عليه : 14,828
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي