الشيخ الشعراوي رؤية اقتصادية

آحمد صبحي منصور Ýí 2010-09-25


كلما ارتقى شخص في أفئدة الناس إلى مرتبة التقديس أصبحت مناقشته وبحث شخصيته من الجرأة بمكان ، فالذين يقدسون ذلك الشخص يتخيلونه أصبح فوق مستوى النقد والمراجعة والبحث ولا يتسامحون مع ذلك الباحث الذي جرؤ على التعامل مع إمامهم المحبوب باعتباره إنسانا يصيب ويخطيء ويتأثر بالظروف الاجتماعية والاقتصادية .

    دارت في عقلي هذه المعاني وأنا أقرأ كتاب الدكتور محمد أبو الإسعاد عن " الشيخ الشعراوي : رؤية اقتصادية " فالشيخ الشعراوي أصبح قضية ترمز لحقبة بأكمله&CcedCcedil; ارتدت زى التدين المظهري الشكلي  السطحي الوهابي.

   بدأ المؤلف كتابه عن الشيخ الشعراوي برؤية تاريخية عرض فيها لحياة الشعراوي من القرية إلى الأزهر إلى الوظائف وعلاقاته بالسعودية والدعوة والسادات والأخوان والمتطرفين والإرهابيين ..

    وأوضح المؤلف أن ارتباط الشعراوي بالسعودية يتجلى في مواقفه السياسية ، و فى أنه بعد أن مدح السادات ورأى أنه لا يسأل عما يفعل تأكيدا لمنهجه في تقديس الحكام فإن الشعراوي سرعان ما هجر السادات بعد اتفاقية  الصلح مع إسرائيل تأييدا للموقف السعودي بعد اتفاقية كامب ديفيد .. أما تأييد الشعراوي للسعودية فقد ظهر في مجالات عديدة تبدأ من رفع شعار تطبيق الشريعة والحدود إلى المشاركة في الاقتصاد السعودي الذي يقال عنه " إسلامي " وظاهرة توظيف الأموال والموقف من الفن واحتجاب الفنانات .

   وفي سبيل انحيازه للسعودية فهو يتفق مع جماعات التطرف في نفس الشعار المرفوع عن الإسلام والشريعة والأمر بالمعروف ، ولكن يختلف معهم في احتكار أولي الأمر للتطبيق والتنفيذ ، حتى لا يرتد السلاح إلى العرش السعودي .

   ومن نفس أرضية الانحياز للسعودية يرصد المؤلف رؤيته الإقتصادية للشعراوي . فالشعراوي يدعو لنفي أسباب السعي طلبا للرزق ويستدل بأن البترول ظهر في السعودية بدون سعي ، ويدعو الفقراء للرضي  بالفقر وعدم تغيير أوضاعهم وعدم الطموح إلى ما يتمتع به المترفون ويعتبر ذلك وفقا لقضاء الله وإرادته ، وهو هنا لا يكرس التفاوت المزعج في مستوى الدخل فحسب بل يضفي على الترف مشروعية إسلامية وينسى أن القرآن الكريم دعا إلى ألا يكون المال حكرا على الأغنياء فقط يتداولونه بينهم .

    وكنت أتمني أن يناقش المؤلف الشيخ الشعراوي في رؤية اقتصادية جريئة ومباشرة .. هي زكاة الركاز، فالركاز هو المعدن المدفون في باطن الأرض، مثل الحديد والفحم والبترول ، وقد سارت شريعة الفقهاء ومنهم ابن تيمية على أن زكاة الركاز هي الخمس ويجب توزيعه في مصارفه الشرعية على فقراء المسلمين ..

    وإذا طبقنا هذا المبدأ الذي يعتمده ابن تيمية نفسه – لما حدثت مجاعات في دول إسلامية متاخمة للسعودية ، في السودان واريتريا والصومال .. ولكن الذي حدث أن المساعدات كانت "ولا تزال" تأتي للمسلمين الذين يموتون جوعى في الصومال من هيئات الصليب الأحمر واليونسكو واليونيسيف والإغاثة الدولية .. أما الحكم السعودي فيعتبر نفسه المالك الوحيد للبترول ومنتجاته ، وإذا تفضل وأعطى أنواعا من المساعدات المشروطة أوجع روؤس الناس بالدعاية والمن والأذى ..

   ثم إذا سألت الشيخ الشعراوي عن حكم من يرفض إخراج حق الله تعالى في الركاز لمستحقين من الجوعى .. وجدت الشيخ الشعراوي يدخل بك في متاهات عن اللحية والحجاب والنقاب وقصير الثياب والنصارى وتطبيق الشريعة وأهل الذمة .. الخ .. وعندها ستلعن اليوم الذي عرفت فيه الركاز .. وفقهاء الجاز ..

ثانيا

نشرت هذا المقال فى الأحرار بتاريخ 18 / 5 /1994 وقت سطوة الشعراوى . وقد مات الشعراوى ، ومات صديقى الاستاذ الجامعى والمفكر اليسارى د . محمد أبو الاسعاد . ولكن المناخ لا يزال هو هو بكآبته وبكلاحته ووقاحته ، بل إزداد كآبة وكلاحة ووقاحة ، فالعروش الشيطانية الاستبدادية لا تزال تقبع على صدور الناس ولا تزال تكتم فيهم الأنفاس ، ولا يزال أطفال الشعراوى واتباعه يتراقصون فى القنوات الفضائية ينشرون جهلهم ، ولا يزالون يتزاحمون على الموائد السلطانية ينشدون قصائد نفاقهم ، ولا يزال فقراء المسلمين وجياعهم يستجدون المنظمات الدولية ( الصليبية ) بينما لا يزال مترفو المسلمين يملأون أرصدتهم فى البنوك الدولية ( الصليبية ) وينفقون ملايينهم فى اللهو والمجون ، بينما يسأل المسلمون المصلحون  : متى نصر الله ؟

اجمالي القراءات 23190

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   عثمان محمد علي     في   السبت ٢٥ - سبتمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[51457]

مواقف الشعراوى السيئة كثيرة .

مواقف الشعراوى السيئة كثيرة ومتعددة وفى كل الإتجاهات .ومنها موقفه المُعطل لعلاج الأمراض المُزمنة ،وطلبه بعدم علاجها وإعتبارها من قضاء الله على المريض ، مثل الفشل الكلوى أو الغسيل الكلوى .... ورفضه القاطع لعلاجها ، وموقفه اللئيم من الأطباء الأقباط ... ومع ذلك عندما شعر بمرض من امراض الشيخوخة فى آخر سنواته ،هرع وهرول وطار إلى (بريطانيا) للعلاج ،والغريب أن مُرافقه الطبى ومُعالجه كان طبيباً مصريا قبطيا . وبعدما عاد إلى مصر تظاهر بأنه تراجع عن أراءه السابقة ، ولكنه لم يوثقها ويترأ مما سبقها من اراء سقيمة لئيمة بخصوصها ، ولم يعتذر لأهالى الضحايا والمرضى الذين ماتوا بسبب فتواه الخاطئة عن علاج الأمراض المزمنة .....


فكيف لمثل هذا الشيخ أن يتحدث عن الركاز أو عن الزكاة أو عن نُصح الحكام ؟؟؟


فشكرا لك استاذنا الكبير على نقدك له فى حياته ،وتحذير البسطاء منه ومن فتاويه .... ورحم الله الدكتور أبو الإسعاد  وجزاه خيرا على كتابه موضوع المقالة .


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5118
اجمالي القراءات : 56,903,416
تعليقات له : 5,451
تعليقات عليه : 14,828
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي