آحمد صبحي منصور Ýí 2009-04-11
1 ـ أؤكد مجددا إعجابى بما يكتبه الاستاذ محمود دويكات فى مقالاته وتعليقاته ، فهو يجمع بين الاسلوب العلمى المنهجى فى تدبر القرآن الكريم ، واستخلاص حقائقه ، وتقديمها فى صورة مبسطة منظمة ، وهو فى تعليقاته عالى الخلق رفيع الاسلوب.
وفى مقاله الأخير أبدع فى تحليل قصة السامرى و موقف موسى عليه السلام منه ، وجاءت تعليقات جيدة وممتازة عليه ، وأحببت أن أشارك فيها ، ولكن قررت أن أجعلها مقالا ، ليس فقط احتفالا بالاستاذ دويكات ـ وهو يستحق هذا ـ ولكن أيضا لنتدرب معا على كيفية توليد أفكار جديدة من خلال التعليقات، خصوصا إذا كان الموضوع فى تدبر القرآن الكريم ، وهناك درجات فى فهم النّص القرآنى ، وبالتعليقات يمكن أن نقوم بعصف عقلى وذهنى يتفتق عنه أن يرزقنا الله جل وعلا ببعض كنوز القرآن الكريم.
../.. تابع
و أما من الامور غير الواضحة عندي فهي الايات التي تتحدث عن اختيار 70 رجلا و الذين أهلكهم الله.. فلست أدري على أي أساس و لماذا حصل ذلك! ... دعني أعصر ما عندي من أفكار بخصوص تلك الحادثة.. فإن تتبعنا الايات المتعلقة بالحادثة لوجدنا هناك تقاطع واضح مع آيات سورة البقرة التي تتحدث بشكل مختصر حول تلك الاحداث المتتابعة لما حصل مع قوم موسى ، و ترتيبها هو الاتي (وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ ، ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُمِ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ، وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ، وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ، وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ ،ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) بقرة51-56 .. فالايات تحدثت عن قصة العجل و أن الله قد عفا عنهم و من ثم جاء ذكر طلب بني إسرائيل من موسى أن يريهم الله جهرة ، دعنا نرجع لأيات سورة الأعراف .. فنقرأ (إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ ، وَالَّذِينَ عَمِلُواْ السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِهَا وَآمَنُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ، وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ ، وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء وَتَهْدِي مَن تَشَاء أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ) أعراف152-156 ، فنلاحظ نفس التسلسل القصصي ، فنستطيع أن نقول أن السبب الذي من أجله أخذ الله أولئك السبعين بالرجفة فأهلكهم هو أنهم طالبوا من موسى أن يريهم الله جهرة! و يبدو أن الله قد أحياهم بعد موتهم ليكون شهداء على قومهم بصدق موسى .. الخ من تفاصيل. .. و من الواضح أن مسألة المطالبة برؤية الله هي من الامور الكبيرة عند الله .. الله أعلم طبعا!
و أما مسألة تدمير و إحراق الصنم العجل .. فمن الواضح أن القرار بإحراق العجل كان قراراً جماعياً و لم يكن قرار موسى الفردي. و الدليل هو أن الخطاب تحول من مفرد في بداية الاية الى الجمع ..نلاحظ (قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا )طه.. فالمتكلم في البداية مفرد: قال! و هو موسى ناقلا قرارا من رب العزة بان للسامري موعدا لن يخلفه.. و من ثم أصبح الخطاب باسم الجماعة..و هو القول لنحرقنه. ... وأن كان هذا صحيحا فهو يقود الى مسألة أعوص و هي: هل يجوز للجماعة الغالبة (بالتصويت او غيره) أن تمتلك الحق بالتدخل في معتقدات أفراد ضمن مجتمع؟ لاأظن ذلك ..و لهذا لا بد من إعادة نظر في هذه المسألة. و الله اعلم
كختام فانا أرى أن الحرية الفكرية لم يتم خدشها أبدا مع بني إسرائيل .. و لكن الذي حصل هو أن الله سبحانه قد عجل لهؤلاء الممترين و المفترين عليه عذابهم في حياتهم الدنيا. فكما قلت أنت دكتوري العزيز أن الله وحده هو الذي تكفل بعذابهم في الدنيا ، فلم يكن حتى موسى يملك حق إصدار عقوبات عليهم.. بل صرح موسى برأيه (حسب ما فهمته أنا في الاية) ..
و الله تعالى أعلم
أشكر الأخ الكريم الدكتور أحمد على جهده في توجيه الأخوة الى التدبر القرآني ,وأعطى للأخوة مثلاً ,هو بحث الأخ محمود .وارجو من الأخوة أن يستوعبوا هذه الرسالة الموجهة إلينا جميعاً.
في هذا المقام أحببت أن أناقش موضوع تدمير وإحراق الصنم.وأستعير ماجاء في رد الأخ محمود .
و أما مسألة تدمير و إحراق الصنم العجل .. فمن الواضح أن القرار بإحراق العجل كان قراراً جماعياً و لم يكن قرار موسى الفردي. و الدليل هو أن الخطاب تحول من مفرد في بداية الاية الى الجمع ..نلاحظ (قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا )طه.. فالمتكلم في البداية مفرد: قال! و هو موسى ناقلا قرارا من رب العزة بان للسامري موعدا لن يخلفه.. و من ثم أصبح الخطاب باسم الجماعة..و هو القول لنحرقنه. ... وأن كان هذا صحيحا فهو يقود الى مسألة أعوص و هي: هل يجوز للجماعة الغالبة (بالتصويت او غيره) أن تمتلك الحق بالتدخل في معتقدات أفراد ضمن مجتمع؟ لاأظن ذلك ..و لهذا لا بد من إعادة نظر في هذه المسألة. و الله اعلم
أعتقد والله أعلم أن هذه الحالة استثنائية,ولا يمكن أن نبني عليهل مفهوم الجماعة الغالبة ,أي الأكثرية والأقلية.والسبب هو أن الله عز وجل قد أختار هذه الفئة من بني البشر ,وفضلهم على العالمين(وهنا لابد من الاشارة أن التفضيل على العالمين أنذاك,وليس له صفة الاستمرارية).وهذا التفضيل مثله مثل تفضيل وأصطفاء الانبياء,فهل يجوز للنبي أو الرسول بعد أصطفائه أن يعبد الأصنام,هذا لايستقيم أبداً.لهذا والله أعلم أن تحطيم العجل هو عمل مشروع مئة بالمئة .ولا يمكن تصوير الأمر على أنه تدخل في معتقدات الأخرين .فالأخرين هم من أعطوا العهد بعد تفضيلهم على أن ينشروا عقيدة التوحيد ,ونشر الحب في العالمين .لكن مع كل أسف خالفوا ما عاهدوا عليه.
بداية : الله سبحانه وتعالى له الأمر من قبل ومن بعد ولا معقب لحكمه
خلق الإنسان ليختبره في هذه الحياة الدنيا وهو وحده الذي يقرر متى تنتهي مدة هذا الاختبار ومتى يحل العذاب
من ناحية أخرى فقد ترك رينا عز وجل للإنسان مهلة ليتذكر وليعلم أنه الحق من ربه وهذا ما ذكره القرآن صراحة ( أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير )
الله سبحانه وتعالى كان قبل بعثة النبي الكريم يعذب الأقوام الذين كانوا يكفرون بآيات الله من خلال صاعقة أو غرق أو صيحة أو خسف أو غير ذلك
ونزول العذاب يوازي تماما انتهاء مدة الاختبار وهو الموت بالنسبة لنا .
وقد يسلط الله نوعا من العذاب إما عقابا وإما تذكرة للناس وقد تطول مدة العقاب
بعد بعثة النبي الكريم بدأ يأخذ عذاب الله أشكالا كثيرة ولكن جعله كله ضمن ناموس محدد وهو النظام الذي خلق الله عليه الكون والبشر
كأن يعاقب الله المعتدين على المسلمين بالقتال ( قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ) أو يعذبهم بالذلة والمهانة أو المرض أو تسليط أقوام تسومهم سوء العذاب ( وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب ) ( وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم ) العذاب لم ينقطع أبدا في هذه الحياة الدنيا ( وهل هناك شك أن ذلنا واستعبادنا هذا هو نوع من العذاب سلطه الله علينا ونفذناه نحن بأيدينا )
لو أسقطنا ما حدث في قصة السامري على ما نعيشه نحن لوجدنا أنفسنا نسخة مطابقة لما حدث معهم
ألم نتخذ من مالنا إلها نحج إليه ونسقط أمامه كل إيمان بالله ألم تغرنا زينتنا في هذه الحياة الدنيا فاتخذناها إلها نحج إليه (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَىٰ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ ۚ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا ۘ اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ) وكلما سقط في أيدينا إلها اتخذنا غيره
ألم نستضعف المصلحين منا فأبحنا دماءهم وكدنا نقتلهم إن لم نكن قتلناهم حقا (قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)
وبهذا قد حق علينا قول ربنا ( وإذ تأذن ربكم ليبعثن عليكم إلى يوم القيامة من يسومكم سوء العذاب إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم ) ولكن لم يكن هذا العذاب إلا بكسب من أنفسنا وبمباركة منا نحن
نحن رضيناهم قوامين علينا يسوموننا سوء العذاب
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى
حين حرق موسى ذلك العجل ونسفه نسفا فهو أمر طبيعي تماما والسبب هو الآتي
أن العجل صنع من حلي القوم فهو ملك لهم يفعلون به ما يشاءون ومن هنا أكرر ما قاله الأستاذ دويكات ( لنحرقنه) أتت بصيغة الجمع فهو قرار جماعي بإحراقه فقد صنع من حليهم التي يملكون فهم أحرار يفعلون بملكهم ما يشاءون
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن العجل كان يمثل لقوم موسى الأساس الفكري لعبادتهم
حين تطرح عليك فكرة ما تدحضها بالفكرة ولا بد من دليل قاطع لا يقبل الجدال
وبما أن قوم موسى اعتبروا هذا العجل هو إله موسى الذي لا يفنى ولدحض هذه الفكرة التي آمنوا بها كان لا بد من نسفه ليذهب ولو مجرد الشك عنهم أن هذا العجل ليس بإله ولا يمكن ينسب إليه أي شيء من صفات الإله فنسف العجل هو الحجة الدامغة التي بادر بها موسى قومه لنسف الفكرة من جذورها ( كما فعل إبراهيم عليه السلام بآلهة قومه)
وأما عقاب السامري فهو عقاب قرره الله عز وجل ولا شأن لموسى به كما يعذبنا نحن بأيدينا فقد عذب السامري بعذاب من عنده هذا ما استيقته من الآيات والله أعلم
أن يتم تحطيم الأصنام (آلهة الشرك) بيد الأنبياء أمر يمكن أن يقوم به النبي طالما أنه أداة غواية البشر وهو بذلك يتحدى الطغاة الذين صنعوه أنه لن يغني عنهم شيئاً ولن يستطيع هذا الإله أن ينصر نفسه من التحطيم لضعفه وهوانه.
قام موسى عليه السلام بحرقه ونسفه؟ وهل يحترق الذهب؟ ولماذا لم يقم موسى بصهره وتوزيع ذهبه على بني إسرائيل؟ وأخيرا ما حكاية اليم مع موسى عليه السلام؟ مرة تلقيه أمه في اليم ومرة يشقه بعصاه فينجو هو وبنو إسرائيل ويغرق فرعون وهامان وجنودهما؟ وأخرى يرمي فيه رفات أو رماد عجل بني إسرائيل؟ والأهم ... هل اليم هو ذات اليم في كل مرة؟ ما رأيكم دام فضلكم (السؤال موجه للدكتور منصور والأساتذة الأفاضل زهير قوطرش وأبو علي محمد ومحمد الشامي و كل الإخوة الكرام طبعا بإستثناء كل شخص سبق له أن فقد المصداقية عند عمار نجم ولو لساعة واحدة) إلى اللقاء
نلاحظ ان نبي الله موسى عليه السلام علم من الله عز وجل بان قومه قد فتنوا من الله سبحانه وتعالى لاختبارهم وقد اضلهم السامري باخراجه العجل لهم ، (قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ)-طه 85 . فرجع غاضبا جدا واسفا وقال لقومه بئسما خلفتموني من بعدي ، و انه القى الالواح المقدسة التي نزلت من السماء وفيها كلام الله ، القاها ورماها ارضا وتوجه الى اخية النبي هارون واخذ براس اخيه يجره ويلومه ، وهارون عليه السلام كان بريئا ،( َلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) – الاعراف 150 . ولكن الامر اختلف مع السامري الذي اضل القوم ، حيث انه خاطبه بكلام لين ،علما انه يعلم مسبقا من الله تعالى بانه هو الذي اضل القوم ، كما جاء بالاية 85 من سورة طه . فان موسى عليه السلام يخاطب السامري بهدوء ويقول له ما خطبك يا سامري والسامري يشرح له الحالة (قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ ) طه – 95 ، (قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي ) طه – 96 . نرى من سياق الايات ان السامري عنده قدرات تختلف عن الباقين من قوم موسى حيث انه ابصر بما لم يبصروا به وقبض قبضة من اثر الرسول ، ولا نعلم ماهي القبضة ومن هو الرسول ولكن يتبادر الى اذهاننا بانها قد تكون تراب من اثر جبرئيل عليه السلام ، فالقاها على العجل الذي صنعه لهم من زينة القوم التي اخذوها من اهل مصر ، والقوها ارضا بعد ان شعروا بوزرها (ثقلها او ذنبهم بانهم اخذوها بغير حق من اهل مصر ، الله اعلم ) ، القى هذا التراب على العجل فصيره عجلا حيا له خوار او بقى من الذهب ولكن صار له خوار فقط . وهذه القدرات لم يعطها رب العزة الى لمن شاء من الانبياء ( ابراهيم او عيسى عليهما السلام ). فما هو سر السامري في هذه المسالة ؟
يتبع
تابع
كما انا نرى بان موسى عليه السلام لم يعاقب السامري بل قال له اذهب (قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَّنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً ) – طه 97 ز. وهذه نفس الكلمة التي قالها الله سبحانه وتعالى لابليس (قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاء مَّوْفُوراً) الاسراء – 63 اي ان موسى عليه السلام قال له اذهب فان لك في الحياة ان تقول لامساس ، اي لن يستطع احد ان يمسك باي اذى في الدنيا ، وكما قال الله لادم (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى) طه – 118 ، او ان السامري عوقب بمرض جلدي مثلا ، اون انه عوقب بان يكون وحيدا هائما على وجه لايتقرب الى احد او لا احد يمسه ، الله اعلم .ولكن انا حسب فهمي البسيط بان السامري نال عقوبة جراء فعلته هذه في الدنيا والاخرة . كما ان موسى قال له (وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَّنْ تُخْلَفَهُ ) ، كذلك قال الله لابليس (قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ . إِلَى يَومِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ) الحجر -37،38 ، فهل يجوز ان لا يعاقب السامري على فعلته ، ويعاقب هارون البريئ مع علم موسى عليه السلام المسبق بان السامري هو الذي اضل القوم ، كذلك يعاقب القوم الذين عبدوا العجل بان يقتلوا انفسهم ؟ (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) البقرة – 54 ، وسينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا (إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ ) الاعراف -154 . وهل (لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً )هي احراق العجل بالنار ؟ اذا كان من ذهب سينصهر ولا يصير رماد . ولكن اذا كان عجل حي اي من دم ولحم يمكن ان يصير رماد بعد حرقه . او كما ذهب بعض المفسرين بان كلمة نحرقنه بضم النون وفتح الراء هي بمعنى نبردة بالمبارد ومن ثم تنثر البرادة في اليم والغرض من هذا العمل هو بان موسى عليه السلام يامر قومه بالشرب من اليم ، فمن علقت به البرادة فقد عبد العجل ويستحق العقاب ، وهذا ما امر الله بها نبيه موسى كما في قصة ذبح البقرة . نرجوا من استاذنا الجليل الدكتور احمد توضيح هذه الاسئلة . وبارك الله فيكم وبالاخ محمود دويكات وسدد خطاكم .
بالاضافة لما قلت فى المقال عن الفارق بين شريعة القرآن وما حدث لقوم موسى ..أضع بعض هذه الملاحظات :
1 ـ لاشك فى أن هناك محاكمة عقدت للسامرى ، قال له موسى ( ما خطبك يا سامرى ) ورد السامرى مدافعا عن نفسه ، ثم جاء القرار بالابعاد وتحريق الصنم. وهذه المحاكمة لم تحدث فى عهد النبى محمد حين كان يتآمر عليه المنافقون ـ بل كان الأمر يأتى بالاعراض عنهم ،بل إنهم حين أقاموا مسجد الضرار اقتصر العقاب على نهى النبى محمد من ان يفوم فيه ،( التوبة 107 ـ ) بل لم تحدث لهم محاكمة كانوا حين يتآمرون على المؤمنين فى حالة الحرب ويتربصون بهم ( النساء 141 ).
2 ـ السبب فى تصورى يرجع الى خصوصية وضع بنى اسرائيل ، فقد فضّلهم الله تعالى على العالمين ، وكانت الرحمة الالهية تتدخل لانقاذهم من فرعون فغرق أمام أعينهم ، ثم رزقهم بالمن والسلوى ، و وفجّر لهم 12 عينا ، وغيرها ..وهذا كله ليس انحيازا من الله تعالى لهم ،بل التفضيل هنا مسئولية ، وعليه فان التفربط فى المسئولية يستلزم العقاب ، ومن هنا كان التدخل الالهى بعقابهم حين أخذتهم الرجفة ، وحين حكم الله تعالى عليهم بالتيه والتشرد أربعين عاما ، بل حين عاقب العصاة من القرية البحرية الذين اعتدوا فى السبت فخسفهم قردة وخنازير.
3 ـ يبقى القول بأن العصاة لم يكونوا كل بنى اسرائيل بل بعضهم ، إذ كان من قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ( الأعراف 159 ) واستمر وجود هذا الصنف المؤمن . وعموما هم بين مقتصد وظالم وسابق بالخيرات كما سبق تفصيله فى مقالات سابقة .
واختلف الحال مع المؤمنين بالقرآن الكريم وخاتم الأنبياء عليهم السلام .
فليست للنبى محمد معجزة حسية ، وليس معه عصا موسى . معجزته أو آيته هى القرآن الكريم التى تحدى بها العالم ـ وهى آية عقلية . وعليه فعلى النبى محمد وعلى المؤمنين معه أن يتصرفوا بجهدهم البشرى فى كل شىء ، من تحمل للأذى و الاضطهاد الى هجرتين الى الحبشة ثم هجرة الى المدينة ، ثم قتال دفاعى لرد الاعتداء. و إقامة دولة لها علاقات و فى داخلها منافقون وعلى حدودها أعداء فى الصحراء .
كل تلك التحديات واجهها المؤمنون بقيادة النبى بأنفسهم بدون عصا موسى أو معجزات الاهية توفر عليهم المعاناة. من هنا كان تقرير الحرية للجميع وسئولية كل انسان على اختياره امام الله جل وعلا يوم القيامة.
هذا تصورى ، ولعلى لا أكون مخطئا.
والله تعالى يهدى الى سواء السبيل.
في أعتقادي أن سبب هذا يعود إلى الرسالة الألهية التي نزلت على بني اسرائيل حيث نزلت إليهم خاصة .. في حين ان القران الكريم نزل رسالة للعالمين .. كما انه بالإضافة لذلك فقد منى الله على بني اسرائيل وفضلهم على العالمين .. ووهبهم الكثير من الرسل والأنبياء عبر اجيالهم و الذين اتى كل منهم بمعجزات خارقه للطبيعة .. وفوق ذلك كانو يكفرون بها وقد طلبوا من موسى أن لا يؤمنوا به مالم يروا الله جهرة فاعوقبوا بالصاعقة من ربهم وقتلوا ثم بعثوا من جديد بعد موتهم لعلهم يشكرون الله على منحهم حياة اخرى .. بذلك نفهم من هذا أن الله تعالى وضع لبني اسرائيل منهج خاصة في الدعوة .. وهي أنك طالما ثبت امامك صدق المرسلين وصدق الشواهد والمعجزات الخارقه لطبيعة .. يكون مقابل ذلك انتفاء الحرية في القرار الأيمان او الكفر .. أي تكون مجبراً على الأيمان ويكون مصيرك الهلاك ان لم تؤمن .. وليس لك حق في أن تجادل او تعرض بعد ان تبين لك الحجة .. اي يصبح حالك أشبه بوقوفك يوم الحساب .. وقد قالها سبحانه انه ما انزل المعجزات الا كذب بها الأولون وانه قد انزلها تخويفاً {وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَن كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ ۚ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا ۚ وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا} .. ولا يخفى علينا ايضاً الفضل الكبير الذي منى به الله على بني اسرائيل حين انجاهم من طغيان وبطش فرعون بأنه اغرقهم وأورثهم الأرض بنعيمها وثمارها وزينتها التي اخذوها وصنعوا منها العجل .. والأكثر من هذا أنهم هم انفسهم كانو شاهدين بتلك الحادثة حين قالها سبحانه { وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ}
.. فاكيف ان يكون جزاء الإحسان هو أتخاذ العجل مقابل ذلك ؟؟! .. ان هذا حمق وجهل و ظلم عظيم بحق الله تبارك وتعالى وتقدس سبحانه
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5118 |
اجمالي القراءات | : | 56,904,344 |
تعليقات له | : | 5,451 |
تعليقات عليه | : | 14,828 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
تدبر آيات 32 : 34 من سورة الشورى
جريمة الإبادة الجماعية بين ( إسرائيل ) والعرب والمحمديين
القاموس القرآنى : ( البشر والانسان )
( من مات قامت قيامته ) تلك الأُكذوبة السلفية الكافرة بالقرآن الكريم
دعوة للتبرع
رائع ..ولكن .!!: هل فكرتم بأن يكون لكم تطبيق على الهوا تف ...
المراهنات: أستاذ نا الفاض ل عندى سؤال أعتبر ه ضمنا...
الحج باختصار هو :: أريد باختص ار شديد ـ لو سمحت ـ ان توضح لى كيف...
شكرا عمّار السامرائى: الدكت ور احمد صبحي منصور المحت رم تحية طيبة...
أنا فى حيرة: أستمع الى برنام ج (فضح السلف ية ) فأقتن ع أو...
more
أشكرك دكتور أحمد على هذا التشجيع الطيب ، و أرجو من الله التوفيق لكم و لبقية الاخوة الكرام و لي في ان نقترب أكثر نحو فهم القرءان العظيم. .. و أعلم أن مقالتي تلك لم تكن تفصيليةً بحيث تغطي كافة تفاصيل تلك القصة لسببين أولهما أني لم أكن أعلم أو ألمّ بكل تلك التفاصيل و هنا جاءت تعليقات الاخوة تشحذ الفهم أكثر فأكثر فأفادوني و افادوا غيري فشكرا لهم جميعا، و ثانيهما أني قد استوقفتني تلك الجملة من الاية أثناء قراءة القرءان: قال فما خطبك ياسامري؟ السائل هو موسى عليه السلام المعروف عنه بقوة طبعه و شخصه ، و المسؤول هو رجل قد أضل الكثير من قوم بني أسرائيل ، فلم ياتِ رد موسى بنفس مستوى القسوة كما حدث مع أخيه هارون مثلا ً ... فطرحت مادار لي من أفكار حول تلك اللقطة على شكل مقال مختصر سريع .
و الحقيقة قرأت مقالتك هذه و التي أردت أنت من خلالها أن يحدث عصف فكري بخصوص ما حصل مع قوم موسى . و لكن حسب ما فهمت فانت ترى أن الحرية الفكرية قد حدث لها خدش بسيط (لأسباب قد خاصة) مع بني إسرائيل . و حسب فهمي السطحي فأنك ترجع ذلك التشديد بخصوص الحرية الفكرية لمعتقدات بني إسرائيل الى عصيانهم و تمردهم و قتلهم للأنبياء.. الخ..
بالنسبة لي .. دعنا نرجع لبعض الأسس في القرءان: الذي يملك وحده حق عقاب الناس بناءَ على معتقداتهم هو الله تعالى وحده ، من الاسس الاخرى أن الله قد أجل مسائل الاختلاف العقائدي ما بين الناس الى يوم الدين حين يجمعهم جميعا. لكن بالنظر الى ما تستنتنجه من مقالك هنا فإن الاساس الثاني قد يختلف ، أي قد يعاقب الله بعضا من الكفار أو ممن لم يسيروا حياتهم وفق عقيدة السلام المختارة إلهيّا فيعاقبهم الله في الدنيا ، تماما مثلما اختار الله العقاب لبني اسرائيل في الدنيا على بعض أفعالهم. إذن: بما أن الله وحده هو الذي يملك حق عقاب اولئك القوم ، فلا أجد مشكلة في أن عاقبهم الله في حياتهم الدنيا أو أخّرهم الى الاخرة طالما حدث إنذار لهم ، و هو ماحدث مع بني إسرائيل و قبلهم من الاقوام كقوم نوح.. الخ ... فمفهوم الحرية الفكرية هو أن لا يتدخل أحد من البشر بقوة أو سطوة ضد معتقدات آخرين بأن يجبرهم على اتخاذ أفكار معينة .. أما مع الله تعالى فلا نستطيع سحب هذا التعريف ببساطة لأن الله هو المرجع الذي يحدد مصير الاقوام و هو اعلم بهم.
و أما قولك أن العقوبة بخصوص عبادتهم للعجل كانت أن يقتلوا انفسهم فهذا الكلام فيه نظر ، فحسب وجهة نظري فإن الاية تفيد أن الذي صدرت منه تلك الفكرة بان يقتلوا أنفسهم هو موسى عليه السلام و ليس رب العالمين سبحانه. لنقرأ قوله تعالى ( إِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) البقرة 54.. فالمتحدث هنا هو موسى عليه السلام ، و بغياب الادلة أستطيع أن افترض أن موسى قد رأى أن فعلتهم تلك كانت عظيمة و شنيعة و لن يمحوها شيء سوى أن يقدموا أنفسهم قرابين (و هذا قد يكون تأثراً بالثقافة الفرعونية التي تربى فيها موسى وقتها) لله جل و علا عسى أن يتوب عليهم!! .. و لكن الاية تخبر أن الله تعالى كان أرحم بهم مما ذهب موسى بفكره اليه.. فتاب عليهم! و اية (وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ ، ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُمِ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)بقرة تصرح بذلك باختصار أكثر.
تابع ../..