حق الأقباط فى القتال الدفاعى طبقا للشريعة الاسلامية

آحمد صبحي منصور Ýí 2023-08-29


 حق الأقباط فى القتال الدفاعى طبقا للشريعة الاسلامية

 مقدمة

1 ـ فى مقال ( الاسلام و السلام : الدولة الاسلامية دولة مسالمة قوية ) نقلت من انجيل متى ( الأصحاح العاشر عدد 34  ــ ) قوله : ( لا تظنوا أنى جئت لألقى سلاما على الأرض ، ما جئت لألقى سلاما ، بل سيفا ، فأنى جئت لأفرق الأنسان ضد أبية والأبنة ضد أمها والكنة عن حماتها وأعداء الأنسان أهل بيته ، من أحب أبا أو أما أكثر منى ، فلا يستحقنى ، ومن أحب أبنا أو أبنة أكثر منى فلا يستحقنى ومن لا يأخذ صليبة ويتبعنى فلا يستحقنى ومن وجد حياته يضيعها ، ومن أضاع حياته من أجلى يجدها . ) ، ورد متعصب قبطى يقول لى ( أنت مُدلّس ). مع بذاءات أخرى . هذا مع أننى :

1 / 1 : إكتفيت بنقل النّصّ كما هو دون تعليق . وهو لا يستطيع أن ينكر وجوده .

1 / 1 : كان الاستشهاد بهذا النّصّ وما قبله من العهد القديم ضروريا لربط مقدمة المقال بنهايته .

1 / 3 : إنّ دفاعى عن الأقباط  لم يقم به شيخ أزهرى من قبل . بدأ فى رسالتى للدكتوراة عام 1977 ، ثم فى أول كتاب لى ( السيد البدوى بين الحقيقة والخرافة ) عام 1982 ، وفيما بعد فى مقالات منها ( بناء الكنائس والدفاع عنها حق مقرر فى الاسلام   ) وكتب منها : ( إضطهاد الأقباط فى مصر بعد الفتح ..) ( المقريزى وثقافة الفتوحات فى عصرنا ). هذا عدا : المشاركة فى تأسيس ( الحركة الشعبية لمواجهة الارهاب ) فى أوائل التسعينيات ضد الارهاب ضد الأقباط والكنائس وقتها ، وفى تأسيس مشروع إصلاح التعليم المصرى ليكون أكثر تسامحا مع الأقباط . وهو المشروع الذى تسبب فى قفل مركز ابن خلدون بعدها . ثم مؤتمرات ومظاهرات فى واشنطن وغيرها تضامنا مع الأقباط . وفى إنغماسى فى الدفاع عن الأقباط كنت أنسى أننا نتعرض لاضطهاد أشدّ دون ان يدافع عنا الأقباط  ، بل إنّ بعضهم يهاجمنا ظلما وعدوانا .

1 / 4 : أومن بالحرية الدينية المطلقة للجميع على قدم المساواة ، ومنها حرية إنتقاد أى دين ،  فمن حق غيرى أن ينتقد دينى كما أنتقد دينه . والأغلبية الساحقة من كتاباتى هى ضد ( المحمديين ) ، وفى النهاية فللدين يوم هو ( يوم الدين ) يحكم فيه مالك يوم الدين فيما نحن فيه مختلفون .!

2 ـ جاء سؤال آخر : هل للأقباط حق مشروع فى الشريعة الاسلامية بالقتال الدفاعى ؟ أبهجنى هذا السؤال ، وأرسل تحية لصاحبه على جرأته ، ويسعدنى أن أجيب عليه بهذا المقال :

أولا : قرآنيا :

1 ـ مدار التطبيق للشريعة الاسلامية هو سلوك البشر الظاهرى ، وليس مجالها على الاطلاق العلاقة بالرحمن جل وعلا وما فى القلوب . وايضا فالكافر المشرك ليس فى علاقته بالله جل وعلا ـ فمرجع ذلك له جل وعلا يوم الدين . الكافر المشرك هو الذى يعتدى على المُسالمين ، ويقاتلهم ويقوم بإكراههم فى الدين . وهناك تشريعات فى مواجهته بالصبر والهجرة والقتال عند تمام الاستعداد ، وكل ذلك حسب حالة من يقع عليه الاعتداء .

2 ـ آيات القتال الدفاعى فى القرآن الكريم تتحدث عن ( الذين ) لتنطبق على كل ( الذين ) يشملهم هذا الوصف وقت نزول القرآن وبعده . ليست خاصة بالنبى محمد وأصحابه . يقول جل وعلا : ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الحج ) ، فالذين يقع عليهم القتال ظلما مأذون لهم بالقتال الدفاعى ، لا فارق بين الصحابة والأقباط .

3 ـ بالتالى فإن الأقباط حين رفعوا السلاح ضد ظلم العرب بعد الفتح كانوا يقومون بفريضة إسلامية . وحين رضوا بالذل والاستكانة مع قدرتهم على الدفاع عن أنفسهم كانوا عُصاة لله جل وعلا . لا ننسى أن الأقباط حين حكم الخلفاء كانوا الأكثر عددا والأقوى وقت أن كانت الأسلحة فردية والغلبة للكثرة العددية .

ثانيا :

الأقباط أطاعوا الله جل وعلا حين قاتلوا العرب فى ثوراتهم ، وننقل بعضها من (الخطط ) للمقريزى :

1 ـ  عام 107 فى شرق الدلتا بسبب جشع الوالى عبد الله بن الحبحاب..

2 ـ عام 121 هجرية، فى الصعيد ، ثم انتقلت الثورة إلى سمنود سنة 132 بزعامة البطل المصرى بجنس الذى قُتل فى الحرب ومعه كثيرون ، ومع ذلك انتقلت الثورة إلى رشيد فى نفس العام .

3 ـ شهد عام 132 سقوط الدولة الأموية بعد هزيمة الخليفة مروان بن محمد فى موقعة الزاب ، وقد هرب الى مصر بما تبقى من جيشه ، وطارده الجيش العباسى . وجد الخليفة الهارب ثورات مصريةفقضى عليها . وحين لقى حتفه  فى أبو صير كان يحتجز عنده البطرك القبطى ومجموعة من كبار الرهبان وزعماء الأقباط ، فأفرج عنهم الجيش العباسى . يقول المقريزى : ( ثم خالفت القبط ( أى ثار المصريون) برشيد فبعث إليهم مروان بن محمد لما قدم مصر وهزمهم ..  وأحرق مصر وغلاتها .. وأسر عدّة من النساء المترهبات ببعض الديارات وراود واحدة منهنّ عن نفسها ، فاحتالت عليه ودفعته عنها ، بأن رغّبته في دهن معها إذا ادّهن به الإنسان لا يعمل فيه السلاح، وأوثقته بأن مكنته من التجربة في نفسها فتمت حيلتها عليه، وأخرجت زيتًا ادهنت به ثم مدّت عنقها فضربها بسيفه فأطار رأسها ، فعلم أنها اختارت الموت على الزنا ).!!.

4 ـ  ( خرج القبط بناحية سخا وأخرجوا العمال في سنة خمسين ومائة ، وصاروا في جمع ، فبعث إليهم يزيد بن حاتم بن قبيصة أمير مصر عسكرًا ...وهزموا باقيهم فاشتد البلاء على النصارى واحتاجوا إلى أكل الجيف ).

5 ـ  ( وفي أيامه خرج القبط ببلهيت سنة ست وخمسين فبعث إليهم موسى بن علي أمير مصر وهزمهم )‏.‏

4 ـ ثورة البشمويين فى عصر المأمون سنة 210 . عجز الجند العباسيون عن إخمادها فأرسل لهم المأمون قائده الافشين بجيش جرّار إستطاع هزيمة الثوار، ومن وقع منهم فى الأسر أمر المأمون بقتله وسبى نسائه وأولاده وبيعهم رقيقا.  يقوله المقريزى  :( انتقض القبط في سنة ست عشرة ومائتين ، فأوقع بهم الإفشين حتى نزلوا على حكم أمير المؤمنين عبد اللّه المأمون ، فحكم فيهم بقتل الرجال وبيع النساء والذرية ، فبيعوا،وسبى أكثرهم.).   

ثالثا :

الأقباط عصوا الله جل وعلا حين سكتوا عن ظلم العرب ، ومنها :

1 ـ ساعدوا عمرو بن العاص فهزم بهم البيزنطيين بجيشه القليل . وغدر بهم عمرو بن العاص ففرض عليهم الجزية وسبى نساءهم وسلب كنوزهم . وفصّلنا القول فى هذا . لم يثوروا عليه .!

2 ـ فى ولاية عبد العزيز بن مروان على مصر صودر البطرك مرتين، وأمر الوالى بإحصاء الرهبان وأخذ منهم الجزية، وهى أول جزية أخذت من الرهبان.

3 ـ الوالى عبد الله ابن الخليفة عبد الملك بن مروان ـ إشتد على النصارى، واقتدى به الوالى التالى قرة بن شريك فأنزل بالنصارى شدائد لم يبتلوا بمثلها من قبل على حد قول المقريزى.

4 ـ فى خلافة يزيد بن عبد الملك تطرف الوالى أسامة بن زيد التنوخى فى اضطهاد الأقباط، فصادر أموالهم ووسم أيدى الرهبان بحلقة من حديد، وكل من وجده منهم بغير وسم قطع يده، وفرض غرامات على الأقباط، وصادر الأموال من الأديرة، ومن وجده من الرهبان فى تلك الأديرة بلا وسم ضرب عنقه أو عذبه، وهدم الكنائس وكسر الصلبان.

5 ـ وفى خلافة هشام بن عبد الملك تشدد الوالى حنطلة بن صفوان فى زيادة الخراج، وأحصى الأقباط وجعل على كل نصرانى وشماً فيه صورة أسد ومن وجده بلا وشم على يده قطع يده.

6 ـ   ويقول المقريزى :( وقبض عبد الملك بن موسى بن نصير أمير مصر على البطرك ميخائيل ، فاعتقله ، وألزمه بمال ، فسار بأساقفته في أعمال مصر يسأل أهلها ، فوجدهم في شدائد ، فعاد إلى الفسطاط ، ودفع إلى عبد الملك ما حصل له ، فأفرج عنه ).!  

 7 ـ ويقول :( وفي الفتنة بين الأمين والمأمون فانتُهبت النصارى بالإسكندرية وأحرقت لهم مواضع عديدة وأحرقت ديارات وادي هبيب ونهبت فلم يبق بها من رهبانها إلاّ نفر قليل‏.‏).  

8 ـ فى عصر الخليفة الفاطمى ( الحاكم ) :

8 / 1 : عام ( خمس وتسعين وثلثمائة)  : ( قدم اليعاقبة زخريس بطركًا ، فأقام ثماني وعشرين سنة، منها في البلايا مع الحاكم بأمر الله...تسع سنين اعتقله فيها ثلاثة أشهر، وأمر به فألقي للسباع ، هو وسوسنة النوبي ).

8 / 2 :( نزل بالنصارى شدائد لم يعهدوا مثلها .. فقبض على عيسى بن نسطورس النصرانيّ وهو إذ ذاك في رتبة تضاهي رتب الوزراء وضرب عنقه،  ثم قبض على فهد بن إبراهيم النصرانيّ كاتب الأستاذ برجوان وضرب عنقه ، وتشدد على النصارى وألزمهم بلبس ثياب الغيار وشدّ الزنار في أوساطهم ، ومنعهم من عمل الشعانين وعيد الصليب والتظاهر بما كانت عادتهم فعله في أعيادهم من الاجتماع واللهو، وقبض على جميع ما هو محبس على الكنائس والديارات ( أى أوقاف الكنائس والأديرة ) وأدخله في الديوان وكتب إلى أعماله كلها بذلك ، وأحرق عدّة صلبان كثيرة ، ومنع النصارى من شراء العبيد والإماء ، وهدم الكنائس التي بخط راشدة ظاهر مدينة مصر ، وأخرب كنائس المقس خارج القاهرة ، وأباح ما فيها للناس فانتهبوا منها ما يجلّ وصفه ، وهدم دير القصير وانهب العامة ما فيه ، ومنع النصارى من عمل الغطاس على شاطئ النيل بمصر، وأبطل ما كان يُعمل فيه من الاجتماع للهو ، وألزم رجال النصارى بتعليق الصلبان الخشب التي زنة كل صليب منها خمسة أرطال في أعناقهم،  ومنعهم من ركوب الخيل ، وجعل لهم أن يركبوا البغال والحمير بسروج ولجم غير محلاة بالذهب والفضة، بل تكون من جلود سود ، وضرب بالحرس في القاهرة ومصر أن لا يركب أحد من المكارية ذمّيًا ولا يحمل نوتيّ مسلم أحدًا من أهل الذمة ، وأن تكون ثياب النصارى وعمائمهم شديدة السواد ، وركب سروجهم من خشب الجميز ، وأن يُعلق اليهود في أعناقهم خشبًا مدوّرًا زنة الخشبة منها خمسة أرطال وهي ظاهرة فوق ثيابهم . وأخذ في هدم الكنائس كلها ، وأباح ما فيها وما هو محبس عليها للناس نهبًا وإقطاعًا ، فهُدمت بأسرها، ونهب جميع أمتعتها ، وأقطع أحباسها ( أى أوقافها )، وبني في مواضعها المساجد ، وأذّن بالصلاة في كنيسة شنودة بمصر، وأحيط بكنيسة المعلقة في قصر الشمع ، وكثر الناس من رفع القصص ( أى الشكاوى ) بطلب كنائس أعمال مصر ودياراتها ، فلم يردّ قصة منها إلاّ وقد وقع عليها بإجابة رافعها لما سأل، فأخذوا أمتعة الكنائس والديارات وباعوا بأسواق مصر ما وجدوا من أواني الذهب والفضة وغير ذلك ، وتصرفوا في أحباسها . ووجد بكنيسة شنودة مال جليل ، ووجد في ( الكنيسة ) المعلقة من المصاغ وثياب الديباج أمر كثير جدًّا إلى الغاية . وكتب إلى ولاة الأعمال بتمكين المسلمين منهدم الكنائس والديارات ، فعمّ الهدم فيها من سنة ثلاث وأربعمائة ، حتَى ذكر من يوثق بهفي ذلك أن الذي هدم إلى آخر سنة خمس وأربعمائة بمصر والشام وأعمالهما من الهياكل التي بناها الروم نيف وثلاثون ألف بيعة . ونهب ما فيها من آلات الذهب والفضة وقبض على أوقافها وكانت أوقافًا جليلة على مبان عجيبة . وألزم النصارى أن تكون الصلبان في أعناقهم إذا دخلوا الحمام ، وألزم اليهود أن يكون في أعناقهم الأجراس إذا دخلوا الحمام . ثم ألزم اليهود والنصارى بخروجهم كلهم من أرض مصر إلى بلاد الروم ، فاجتمعوا بأسرهم تحت القصر من القاهرة ، واستغاثوا ولاذوا بعفو أمير المؤمنين حتى أعفوا من النفي . وفي هذه الحوادث أسلم كثير من النصارى‏.‏) .أى تنوع هذا الاضطهاد من قتل زعماء الأقباط الى هدم وسلب الكنائس والأديرة ، وتحقير الأقباط واليهود فى موضوع الزى ، ومنعهم من ركوب الخيل ، ومن أن يتاح لهم ركوب الحمير بالأجرة أو ركوب السفن بالأجرة إذا كان صاحب الحمار ( المكارى ) مسلما ، أو كان صاحب المركب مسلما.

أخيرا

1 ـ هل إنتهى إضطهاد الأقباط فى مصر ؟

2 ـ  قال الأمير المصرى المؤمن من آل فرعون :( وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبَادِ (31 )(غافر). 

اجمالي القراءات 2345

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5123
اجمالي القراءات : 57,057,992
تعليقات له : 5,452
تعليقات عليه : 14,828
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي