الطلاق فى الدين السنّى
الطلاق فى الدين السنّى
مقدمة حزينة
1 ـ بكفرهم بالتشريع الاسلامى فى الطلاق وبإصرارهم على أن يكون الطلاق بمجرد كلمة يقولها أو يشير بها الزوج أصبحت تشريعاتهم غابة إستوائية من الخبل العقلى والاختلافات فى داخلها .
2 ـ حرصا على القارىء سنتعرض لبعض ما إفتروه ، ونتمنى من القارىء العزيز أن يلعنهم قبل الأكل وبعده .
أولا :
الطلاق باللفظ وبالاشارة
1ــ بدأ مالك يضيف إلى ألفاظ الطلاق ما يدل عليه او يشبهه كأن يقول احدهم انت خليه ، أي أصبحت خالية من الزواج ، او أنت بريّة ، أي برئت من عصمة الزوجية ، أو يقول لأهلها : شأنكم بها .
2 ـ إعتبر أبوحنيفة هذه الألفاظ كافية في التطليق إذا نوى بها الطلاق ، فإذا نوى بها الطلاق ثلاثا فهو طلاق بالثلاث ، وإذا أراد بها طلقة واحدة بائنة أي لا يجوز له إرجاعها فهي طالقة بائن ..
3 ـ وتوسع الشافعي في مبحث الفاظ الطلاق والكناية ، والكلام الذي يقع به الطلاق والذي لا يقع ، وتوقف مع لفظي الخلية والبرية ، وقد جعل من ألفاظ الطلاق الصريحة : الطلاق والفراق والسراح لأنها مذكورة في القرآن ، ولم يفهم الفروق بين الطلاق وبين الفراق والسراح ، وقال انه إذا تلفظ بإحدى هذه الصيغ لامرأته فقط أصبحت طالقاً . أما إذا قال بألفاظ الكناية فلا تقع الا بالنيّة .
4 ـ وضع البخاري بابا للإشارة في الطلاق أو الطلاق بالإشارة ، دون يذكر احاديث كأنه من المعلوم عندهم بالضروروة .
5 ـ ولهم أقاويل مضحكة في الطلاق بالإشارة أي أن يشير الزوج بالطلاق فتصبح طالقا ، والطلاق الصريح وأقسامه ، والطلاق بالكناية وأقسامه ، والطلاق بالكتابة والطلاق بالتوكيل ، والصيغ الأخرى في الطلاق كأن يضيف الطلاق إلى جزء المرأة كقوله طلقت كذا منك ، او ان يصف الطلاق بشيء مثل طلقتك طلاق كذا ، أو طلقتك طلاقا شديداً او نصف طلاق ، واختلفوا فيما بينهم في كل ذلك .
ثانيا
فى الطلاق بالثلاث :ــ
1 ـ لو قال لها : انت طالق بالثلاث. هل تُطلّق مرة واحدة ؟ أم ثلاث طلقات بحيث إذا أراد أن يستعيدها لابد أن تنكح زوجاً غيره ..؟اختلفوا.
2 ـ منهم من قال أنه يقع طلاق واحد ، وقال آخرون أنه يقع ثلاث طلقات .
3 ـ واختلفت الأحاديث في البخاري ومسلم وغيرهما ، إذ رويت احاديث تؤكد غضب النبي من ذلك ، وأحاديث تجعلها طلقة واحدة ، وتجيز إرجاعها ، وأفتى البخاري بناءً على رأي لابن عمر بأنه إذا طلقها ثلاثا فقد حرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره ، أما مسلم فقد وضع عنوانا يقول " باب طلاق الثلاث " وروى فيه أن طلاق الثلاث كان يعد طلقة واحدة ، فلماء جاء عمر جعله عليهم كما يقولون أي ثلاث طلقات .
ثالثا :
الطلاق قبل الزواج :
1 ـ ــ إذا قال : إذا تزوجت فلانة فهي طالق .. فتزوجها بعد ذلك ، هل تكون طالقاً ..؟
2 ـ اختلفوا . فإذا قال : إذا تزوجت فهي طالق ثلاثا ، فهل يقع الطلاق بالثلاث إذا تزوجها أم لا ، هل يقع الطلاق قبل الزواج أم لا ..؟ وهل يقع بالثلاث أم لا ..
3 ـ بدأ مالك مناقشة هذه الفزورة : يزعم فتوى ينسبها لابن مسعود ، بأن الرجل إذا قال : إذا نكحت فلانة فهي طالق فهي طالق إذا نكحها ، وان كان طلقها واحدة أو اثنتين أو ثلاثا فهى طالق ثلاثا بعد أن يتزوجها . وروى مالك حديثا آخر حكى أن رجلا طلق امرأة ثلاثا قبل أن يدخل بها ، فلما أراد أن ينكحها فأفتى له أبوهريرة وابن عباس انه لا ينكحها حتى تنكح زوجا غيره ،
4 ـ ووافقه أبوحنيفة فيما يزعمون .
5 ـ إعترض الشافعي فزعم حديثا بأنه لا طلاق فيما لا يملك ، أو: ( لا طلاق قبل النكاح ) .
6 ـ ، ووافق أبوحنيفة على هذه الفتوى ، كما يزعمون .
7 ـ الأحاديث في البخاري وغيره ، تؤكد عدم وقوع الطلاق قبل النكاح . بذلك كسب الشافعي لأنه صاغ رأيه في حديث .
رابعا :
طلاق السكران
1 ـ يرى الشافعي أنه يلزمه الطلاق .
2 ـ ، وروى آخرون أن عثمان في خلافته أفتى بعدم وقوع طلاق السكران ، وهذا ما رواه البخاري .
3 ـ وتشاجروا كالعادة ، ورأى ابن تيمية أن الأرجح أن طلاق السكران .
خامسا :
طلاق الغضبان :ـ
1 ـ ـ قسموا الغضب إلى درجات حسب الحدّة ، وقال بعضهم ان الغضب الشديد لا يوقع الطلاق إذا نطق به ، وهذا رأى ابن تيمية .
سادسا :
طلاق المُكره
رأى الأحناف أن طلاقه يقع . وقال ابن تيمية أن المكره بغير حق لا يصح طلاقه ، ورأى بقية الفقهاء ، وعلى رأسهم الشافعي أن طلاقه لا يقع .
سابعا : طلاق الهزل
رأت الأغلبية أن طلاق الهازل يقع ، ورووا حديثا يقول : " ثلاث جدهن جد ، وهزلهن جد : النكاح والطلاق والرجعة "
وبعضهم قال أنه لا يقع .
ثامنا :
الشك في الطلاق
1 ـ ناقش الشافعي هذه القضية بأسلوب جدلي وفرغ منه إلى أن اليقين هو الذي يزيل الشك وقال : إذا شك في الطلاق لم يُزل اليقين إلا باليقين .وهي عبارة غامضة في جدل أكثر غموضاً .
تاسعا :
الطلاق عند الموت والميراث :
1 ـ زعم مالك أن عبد الرحمن بن عوف طلّق امرأته وهو مريض ، فورّثها عثمان منه أي جعل لها ميراثا منه .
2 ـ واختلفوا فيه ، فقيل لا يقع ، وقيل يقع طلاقه ولكن ترثه إذا مات وهي في عدتها ، وقيل ترثه ما لم تتزوج غيره ، وكان بعضهم يقوم بتطليق المرأة كي لا ترث منه ، وروى مالك أن ابن مكحل طلّق نساءه وهو مريض حتى لا يرثن منه ، فجعل عثمان بن عفان لهن ميراثا .
3 ـ وحكى البخاري فيها أراء مختلفة للشعبي وابن شبرمة وابن الزبير .
4 ـ أورد الشافعي الروايات المتعارضة في الموضوع وأفتى انه لا ترث المرأة زوجها إذا طلقها مريضا طلاقا لا يملك فيه الرجعة ثم انقضت عدتها وتزوجت .
عاشرا :
طلاق السنة والطلاق البدعة :
1 ـ طلاق السنة هو ألا يطلق زوجته إلا بعد أن تطهر من الحيض ، حتى لا يطيل فترة العدة عليها ، واعتبروا ان طلاق البدعة هو أن يتلفظ بالطلاق وهي أثناء الحيض ، فيطيل عليها العدة بإضافة أيام الحيض إلى المدة .
2 ـ زعم مالك أن إبن عمر طلق امرأته وهي حائض فأمر النبي أن يراجعها ويُمسكها أي يحتفظ بها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم تحيض ثم إذا شاء أمسكها بعد وان شاء طلقها قبل أن يمسها ، والحديث مضطرب ، ولكن الفقهاء اعتمدوه ، واختلفوا في فهمه وفي تفسيره ، خصوصا وقد لحقته روايات أخرى ولها صيغ مختلفة ، وازداد اختلافهم حول وقوع الطلاق البدعي ، هل يقع أم لا .
الحادى عشر :
الطلاق المعلق والمشروط :
تحتهما أقسام مختلفة ، وفي كل منها اختلافات.
1 : هناك طلاق معلق بشرط لا يُلزم الزوجة ، كأن يقول لها أنت طالق ان لم أحضر إليك يوم كذا ، أو إن رأيت فلان عندك ، أو إن لم أضربك بالعصا ، أو ان ولدتى بنتا فأنت طالق ، أو حلف بالطلاق من امرأته ان لم ينتقل من بيته (أي تكون طالقاً حينئذ) أو أقسم بالطلاق ليفعلن كذا .... وهذا باب تفصيلاته كثيرة وإختلافاته أكثر.!. وناقشها الشافعي في الأم والبخاري في أحاديثه ، وسئل ابن تيمية عن كثير من تفصيلاتها .
2 : وهناك طلاق معلق بالزوجة .. كأن يحلف عليها بالطلاق ألا تخرج من البيت ، أو أن تتحدث مع أهلها ، فإذا فعلت فهي طالق مرة واحدة أو طالق بالثلاثة . وناقش الشافعي والبخاري وابن تيمية هذه الحالات ، وفيها تفصيلات كأن تعتذر الزوجة بكذا أو تكون نية الزوج كذا .
الثانى عشر :
الطلاق المعلق بالاستثناء
كأن يقول لها أنت طالق إلا إذا فعلت كذا ، أو إن شاء الله . وفيها خلاف بين الفقهاء ، الحنفية والشافعية والمالكية والحنبلية ، رواه ابن تيمية بالتفصيل في حالة إذا كان ينوي الاستثناء .
الثالث عشر :
الطلاق المرتبط بالزمان والمكان
كأن يقول لها أنت طالق في شهر كذا أو يوم كذا ، او سنة كذا ، او أن تطالق في مصر ، أو في البلدة الفلانية ، وتفريعات أخرى في الزمن الماضي والحاضر والمستقبل ، أو أن يقول أنت طالق قبل موتى بشهرين أو عندما أتزوج فلانة ، أو أنت طالق بالأمس او منذ الأسبوع الماضي ، أو أنت طالق كل يوم أو كل جمعة ، وأقسام كثيرة من هذا الخبل تشاجر فيها فقهاء المذاهب وملأوا بها الكتب .
الرابع عشر :
الطلاق بالحساب
ناقشه الشافعي بالتفصيل كأن يقول لها انت طالق واحدة ، وقبلها واحدة أو واحدة بعدها واحدة ، فهل تكون طلقة واحدة او طلقتين ، أو أن يقول انت طالق نصف تطليقه او ثلاثة أرباع تطليقه ، أو أنت طالق واحدة لا يقع عليك إلا واحدة ، أو يقول لنسائه قد أوقعت بينكن خمس تطليقات أو عشر تطليقات ، وهن أربع نسوة او أقل ، إلى آخر ما أفاض الشافعي في تفريعاته .
الخامس عشر :
الوعد بالطلاق :
كأن يقول لها سأطلقك ، او ربما اطلقك .
السادس عشر :
المسألة السريحية
وهي منسوبة للفقيه ابن سريح ، وصورتها أن يقول لها إذا طلقتك فأنت طالق قبل ذلك ثلاثا ، وقد ذكر ابن تيمية هذه المسألة وقال انها محدثة في الإسلام ولم يُفت بها أحد من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة ، ونسى أن تفريعات الشافعي أكثر غرابة من المسألة السريحية .
السابع عشر :
الطلاق بالتفويض ( العصمة ):
1 ـ ذكره مالك موضوع العصمة عندما تكون بيد المرأة ، أو حسب تعبيره : " الرجل يجعل أمر امرأته بيدها او بيد غيرها " وحكى أن أحد أحفاد أبي بكر جاء إلى زيد بن ثابت يبكي يقول له أنه جعل امر امرأته بيدها ، أي أوْكَـلَ لها امر الطلاق ، إن شاءت طلقت نفسها منه ، وان شاءت استمرت تعيش معه ، فما كان منها إلا أن طلقت نفسها منه .. وقال له زيد بن ثابت : " ارتجعها ان شئت فإنما هي واحدة وأنت املك بها " أي انه يملك إرجاعها وله أن يسترجعها . ولم يقل لنا مالك ماذا لو أرجعها فطلقت نفسها مرة ثانية ، ثم أرجعها فطلقت نفسها منه مرة ثالثة .
2 : وكالعادة اختلفوا واطلقوا عليها مصطلح الطلاق بالتفويض ، وتشابك الطلاق بالتفويض مع القضايا الأخرى ، كالطلاق ثلاث ، والطلاق البائن والرجعي ، وتشعب الخلاف .
الثامن عشر :
رأى الشيخ سيد سابق الإخوانى الوهابى :
1 ـ فى كتابه المشهور{فقه السنة }أعاد الخبل السُنّى ، ومنه قوله أنه قد أجمع الفقهاء من الخلف الى السلف على أن الطلاق يقع بدون إشهاد ، لأن الطلاق من حقوق الرجل ، والرجل لا يحتاج إلى بيّنة كى يباشر حقه ،وقال انه لم يرد عن النبى (ص) ولا عن الصحابة ما يدل على مشروعية الإشهاد فى الطلاق .( فقه السنة 2 / 220) .
2 ـ الا أنه يتناقض سريعا مع نفسه فى نفس الصفحة فيذكر أن هناك من الصحابة من اشترط الإشهاد فى الطلاق ؛ ومنهم الإمام على بن ابى طالب ؛ وعمران بن الحصين ؛ ومن التابعين الإمام محمد الباقر وجعفر الصادق وبنوهما أئمة آل البيت وعطاء وابن جريح وابن سيرين، كما روى احاديث منسوبة للنبى تفيد إشتراط الإشهاد فى الطلاق (فقه السنة 2/220:221) .
3 ـ الواضح هنا انه يتكلم على الفقه الشيعى الذى يشترط الاشهاد فى الطلاق. وعموما فالفقه الشيعى أكثر انصافا للمرأة ، نظرا لأنهم يؤلهون فاطمة الزهراء .
أخيرا :
أراء للمصلحين في الطلاق :ــ
1 ـ فى الفصل بين الاسلام والدين السُّنّى نشرنا وجهات نظرنا في محاضرات وندوات ومؤلفات . وقد اقتنع بها الشيخ محمد الغزالي في كتابيه "السنة بين أهل الفقه وأهل الحديث " ، "تراثنا الفكري" . وفي الكتاب الأخير أشاد بنا ، ونقل مقالا لنا سبق نشره فى جريدة الأخبار ، واستصدر فتوى من الشيخ المشد رئيس لجنة الفتوى بالأزهر تؤكد أن منكر السنّة ليس كافرا .
2 ـ يهمنا أنه فى هذا الكتاب نادى بوجود ضوابط للطلاق ، ودعا إلى ان يقرأ المسلمون سورة الطلاق ، وهو نفس ما دعونا إليه .
اجمالي القراءات
2315