نكاح المحلل فى قصة ، وسؤال وجواب
آحمد صبحي منصور
Ýí
2023-05-19
نكاح المحللفى قصة ، وسؤال وجواب
أولا : القصة :
1 ـ لم تكن الحياة الزوجية على ما يرام بين السيدة نعمات وزوجها عبده بيه، شجارهما وصراخهما ملأ الآفاق المحيطة بالقصر وأصبح مثار السخرية بين الخدم والجيران. كانت أعصاب عبده بيه تثور دائما على أتفه الأسباب بسبب تسلط الست نعمات عليه وغرورها بمالها وقصرها. فى احدى نوبات غضبه طلقها فقام المأذون بارجاعها اليه ، فى مرة أخرى القى عليها الطلاق للمرة الثانية فجاء المأذون وقام برد يمين الطلاق وأعاد الزوجة لزوجها للمرة الثانية. فى المرة الأخيرة صرخ عبده بيه فى وجهها بأنها طالق بنت طالق . بعد الهدوء والعتاب المعتاد استدعيا المأذون لارجاعهما كالعادة الا انه تمرد عليهما وأعلن أنه –أى عبد بيه – قد أوقع الطلقة الثالثة فلا يمكن أن ترجع الست نعمات له الا عن طريق محلل. "أى أن تتزوج من شخص جديد يدخل بها وتدخل به ، ويذوق عسيلتها وتذوق عسيلته طبقا للحديث النبوى " هذا ما قاله المأذون الذى أردف قائلا : " ثم يطلقها هذا الشخص ، وبعد تمام عدتها منه يمكن أن يتزوجها عبده بيه". تعقدت المشكلة، وانتهت الى حل هو:” أن تتزوج الست نعمات من السائق بخيت، وبعد ليلة واحدة من الزواج يقوم بخيت بتطليقها وهو لا يستطيع عصيان الأوامر.”
تم عقد الزواج ودخل الأخ بخيت بسيدته الست نعمات ، فلما ذاقت عسيلته انبهرت وأكتشفت أنها أضاعت عمرها هباء مع ذلك الرجل الطرى الألمس المسمى عبده بيه والذى يعيش على خيرها ولا يعترف بجميلها عليه ، ثم يكون الاكتشاف الأخير وهو ان عبده بيه (لا هنا ولا هناك ولا يباع فى سوق الرجالة بنص ريال ). وهكذا طبقا لعشرات الأفلام المصرية تمسكت الست نعمات بزوجها الشاب واعطت لعبده بيه صابونة تزحلق عليها الى خارج القصر .. ولا يزال..!!
2 ـ تلك قصة خيالية بالطبع تشرح معنى المحلل ، الا انها قصة تتكرر كثيرا فى حياتنا الاجتماعية وفى الأعمال الدرامية. البطل فيها ليس الست نعمات أو عبده بيه أو المأذون ، وحتى ليس الفتى بخيت .. البطل هو ذلك الحديث الكاذب ذو المعنى الجنسى الفاضح ، والذى ينص على وجوب أن يذوق الزوج – المحلل – عسيلة زوجته الجديدة وان تذوق هى عسيلته لكى يصح زواجه وطلاقه.
ثانيا : السؤال والجواب
بعد هذا الفاصل الفكاهى ندخل فى الموضوع اصوليا وتاريخيا لتقعيد موضوع زواج المحلل ، ونضعه على شكل سؤال وجواب لتسهيله على القارىء.
س 1 : نعرف أن موضوع المحلل مرتبط بالطلاق – أى طلاق الزوجة ثلاث مرات . فأين صالح الأسرة فى هذا الموضوع ؟
ج 1 - أن تشريع الزواج والطلاق فى الإسلام هدفه الحرص على الأسرة ومعالجة الخلافات الزوجية او الشقاق بين الزوجين ، فإذا تعذرت الحياة بينهما جاء تشريع الطلاق ليحاول بقدر الإمكان إسترجاع الوئام بينهما وذلك بجعل الطلاق على مرحلتين ؛ وفى كل مرحلة تظل الزوجة فى بيت زوجها ينفق عليها .؛ فإذا اتصل بها جنسيا أو تصالحا قبل العدة بطل الطلاق ؛ فإذا ظلا هكذا إلى العدة- وهى نهاية فترة الطلاق - يتم تخيير الزوج المطلق بين الإمساك بها بالمعروف أو تسريحها وفراقها بالمعروف؛ وفى كل الأحوال فلابد من وجود شاهدى عدل يمثلان المجتمع لحفظ كيان الأسرة وحقوق المرأة. وهكذا يعطى الزوجان فى حالة الطلاق فرصتين ؛ فإذا عادا وتم الطلاق الثالث استحالت العودة بينهما إلا بعد أن تنكح زوجا غيره ؛ فإذا طلقها الزوج الجديد عادت إلى الزوج الأول إذا أرادا ذلك.
س 2 : من الواضح انه اذا تم تطبيق التشريع القرآنى فى الطلاق بحيث يكون وسيلة للاصلاح بين الزوجين فسيكون من النادر اللجوء للطلاق الثالث والمحلل .اذن ما هو السبب فى انتشار هذه الظاهرة؟
ج 2- الطلاق فى تشريع الدين السنى هو السبب لمخالفته للقرآن الكريم . ومع الأسف فأنه هو الذى لذى تم ويتم تطبيقه حتى الآن.
الطلاق عندهم يقع بمجرد أن ينطق الزوج كلمة الطلاق أو ما يدل عليها ولو بالاشارة ، وعليه يطرد زوجته من البيت .ويقع الطلاق بدون شهود وبدون أى حماية للزوجة وحقوقها. وبسبب هذه السهولة وبسبب تطبيقه عمليا منذ أكثر من ألف عام أسهم الدين السنى فى خراب ملايين البيوت و تشريد ملايين الأطفال وتطليق ملايين الأمهات الزوجات لأدنى خلاف عادى بين الزوجين وبمجرد النطق بكلمة الطلاق أو ما يدل على معناها سواء كان الزوج عابثا أو جادا . من هنا كان سهلا أن يتم تطليق الزوجة مرات ثلاثة وتحتاج الى محلل كى تعود للزوج الأول . بل أن أغلب الفقهاء السنيين يجعل قول الزوج لزوجته : أنت طالق بالثلاثة يوقع س 3 – اذن فقد احدث تطبيق هذا الفقه السنى فى الطلاق فوضى وخرابا للحياة الأسرية فى المجتمع ، فكيف اصلحوا هذا الفساد ؟
ج 3 - لعلاج هذا الموضوع – جزئيا – قام الفقه السنى نفسه باختراع موضوع المحلل ليسهل عودة الزوجة المطلقة ثلاث مرات الى زوجها الأول بالاتفاق والتراضى بين الأطراف على عمل تمثيلية الزواج من شخص آخر ليقوم بتحليل عودة الزوجة الى زوجها الأول. وحتى يستفيد الشخص القائم بدور المحلل من هذه المهمة الطارئة فقد روعى تشجيعه على الموضوع باشتراط الدخول بالزوجة ومعاشرتها جنسيا ، وزيفوا ذلك الحديث القائل حتى تذوق عسيلته ويذوق عسيلتها.
س 4 ما الذى دفع الفقه السنى الى انتقاص حقوق المرأة التى جاءت فى القرآن فيما يخص الطلاق ؟
ج 4 – لأنه دين ذكورى.
س 5 : ألم تكن هناك طريقة أخرى غير المحلل ؟
ج 5 - بانكارهم الشهادة فى الطلاق أتيح للرجل ان يطلق زوجته كيف يشاء وبلا رقيب من المجتمع . ومع اشتراط الشهود فى الطلاق فى التشريع القرآنى " وأشهدوا ذوى عدل منكم : الطلاق 2" إلا أن الفقه السنى أغفل ذلك تماما ؛ بل إن فقيها مصلحا سلفيا مثل ابن القيم تعرض لموضوع الطلاق واجتهد فى الإفتاء بأن الطلاق بلفظ الثلاثة لا يقع إلا طلقة واحدة ؛ ومع أنه استشهد بسورة الطلاق ؛ وتحدث فى موضوع الطلاق فى أكثر من خمسين صفحة فى كتابه (إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان(1/283:338 ) مع ذلك فقد تجاهل شرط الشاهدين فى الطلاق.
س 6 : معنى هذا أن ابن القيم يرى أن التطليق بالثلاثة لا يقع الا مرة واحدة وبالتالى لا يحتاج الى محلل. هذا تطور هام وان كان قد أغفل سبب المشكلة وهو عدم وجود شاهدى عدل كما جاء فى القرآن . الا أن موقف ابن القيم يثبت وجود خلاف بين أئمة الفقه السنى أنفسهم . السؤال هنا عن ذلك الخلاف ، متى بدأ؟ وما صلته بموضوع الطلاق وزواج المحلل ؟
ج 6- الفقه السنى انقسم الى : اتجاه محافظ بدأ به مالك فى المدينة وتابعه الشافعى فى العراق ومصر، ثم برز أكثر فى المذهب الحنبلى ، وهو يعتمد على الأحاديث أساسا يصنعها ليقيم عليها فتاويه وآراءه ، ثم اتجاه عقلى بدأت به مدرسة الرأى فى العراق وتزعمها أبو حنيفة ، وتطور استعمال العقل لديها ليصل الى فقه الحيل أى التحايل على الشرع بفتاوى تعطل التشريع القرآنى .
وفى هذه الظروف تشعبت مشكلة المحلل واختلف فيها الفقهاء السنيون حسب اتجاهاتهم المذهبية ومرجعياتهم التى لم يكن من بينها الاحتكام للقرآن الكريم..
مدرسة الرأى العقلية التى تطرفت إلى القول بالحيل الفقهيه اخترعت موضوع المحلل؛ فقابلتها المدرسة المحافظة الحنبلية باحاديث تصطنعها تطعن المحلل وتلعنه. فلم تستنكف المدرسة العقلية عن صنع أحاديث تبرر موضوع المحلل وتجيزه.دخلت المدرستان معا فى مبارزة بالآحاديث ؛ فمدرسة الرأى تضع أحاديث تجيز موضوع المحلل الذى اخترعته وتوجب أن يدخل المحلل بها ويذوق عسليتها وتذوق عسليتة .. ومدرسة الآحاديث تصنع آحاديث تلعن المحلل والمحلل له . ثم تطور الصراع بين مدرسة الحيل الحنفية ومدرسة الحديث الحنبلية فى القرن الثامن الهجرى خلال الصحوة التى أحدثتها مدرسة ابن تيمية فى عصر التقليد ؛ حيث يكتب زعيم المدرسة السلفية الحنبلية ابن تيمية احاديث تطعن فى موضوع المحلل وتحرمه فى رسالته :"إقامة الدليل على إبطال التحليل". ومع أنه يعترف فى نفس الكتاب بأن نكاح المحلل لم يعرفه عصر النبى ولم يعرفه الصحابة إذن فكيف يلعن النبى شيئا لم يعرفه عصره وهو الذى لا يعلم غيب المستقبل ؟ ويقول المزنى تلميذ الشافعى أن نكاح المحلل كانوا يسمونه فى الجاهلية التيس المستعار، وقد نقل عنه ابن القيم هذا القول فى كتابه ( اغاثة اللهفان 1/274) ثم يتناقض ابن القيم مع نفسه فيما بعد حين يذكر طبقا لحديث فى البخارى أن نكاح المحلل لا يشبه نكاح الجاهلية( 1/279) ويقول ابن القيم " ومن العجائب معارضة هذه الآحاديث بقوله تعالى " فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره " والذى أنزلت عليه هذه الآية هو لعن المحلل والمحلل له " أى أنه يفترض بأن النبى عليه السلام لعن فعلا المحلل وأبطل نكاحه ؛ ويعتبر ذلك لاغيا لحكم الآية القرآنية. ويقول " وأعجب من هذا قول بعضهم : نحن نحتج بكونه سماه محللا فلولا أنه أثبت الحل لم يكن محللا ".أى أنه "حلال" لكونه "محللا". وهى حجة وجيهة الا ان ابن القيم يتعجب منها ولا يأخذ بها.فى المقابل نجد المدرسة الحنفية فى الحيل تقابل مدرسة ابن تيمية السلفية الحنبلية بتطورجديد فى فن الحيل الفقهية يمكن بها إسترجاع المرأة المطلقة ثلاثا باستعمال المحلل؛ بإن يجعل الزواج مؤبدا فيقول لها عند النكاح إذا طلقتك فأنت طالق قبل ثلاثا ... أو أن يجعل الزواج فاسدا من أساسه بالطعن فى عدالة الوالى أو عدالة الشهود، أو جعل الطلاق خلعا ؛ أو يشترى غلاما دون البلوغ ثم يزوجة بها ؛ ويدخل بها فإذا دخل بها ظاهريا وهبه لها وانفسخ نكاحه بملكها له ؛ أو أن يستأجر محللا ويشترط عليه أنه متى وطأها فهى طالق أو بمجرد أن تخبر المرأة بذلك يقع طلاقها.
وأضاف العوام حيلا أخرى لإسترجاع المطلقة ثلاثا ؛ أن يأمروا المحلل بوطئها بقدمه وهى قاعدة أو مضجعة بديلا عن الدخول بها جنسيا؛ وأضافوا تخاريف أخرى ذكرها ابن القيم فى كتابه السالف الذكرمثل أن تكون حاملا وتلد ذكرا فطالما ولدت ذكرا فكأنما دخل بها رجل ذكر، أو أن يصب المحلل عليها دهنا يتشربه جسدها ؛ أو أن يفترقا بالسفر ؛ أو أن يجتمعا على عرفات ويقف بها هناك فى الجبل . أى وصل فقه الحيل الى التخريف كما وصل فقه السلف الى التحريف والتزييف.المهم أن هذا الرواج فى الفتاوى الفقهية وصل الى العوام ، مما يعنى أنه كان تعبيرا عن الحياة الاجتماعية التى تأثرت بالطلاق السنى وطبقته بسهولة فانتشر الطلاق السهل وعمّ خراب البيوت ، وصار زواج المحلل صنعة رائجة يحترفها بعض الناس فى العصر المملوكى.
س 7 : هذا كلام خطير يستدعى دليلا تاريخيا
ج 7 : شهد العصر المملوكى فى مصر والشام والحجاز التطبيق الحقيقى للفقه السنى وشريعته. كان فيه القضاة الأربعة كل منهم يمثل مذهبا من المذاهب السنية ، وكان من آليات القضاء تعيين كتبة للقاضى وحاجبا وموقعا – بتشديد القاف وكسرها – وحراسا وغير ذلك. الأهم من ذلك كله تعيين شهود رسميين ، يقوم الشاهد بالشهادة الرسمية وتعتمد شهادته على الحدث امام القاضى. أى أن الشاهد فى ذلك العصر كان يقوم مقام الختم الرسمى فى عصرنا. وكان لكل شاهد ( حانوت ) أو مكتب معروف يقصده الناس ليوقع لهم على العقود أو ليسجل شهادته فيما يحتاجون لاثباته. وهذا ينهض دليلا على سوء النية لدى أئمة الفقه السنى وهم الذين كانوا يشرعون ويطبقون التشريع ، اذ أنهم استعملوا الشاهد فى كل شىء ما عدا موضوع الطلاق الذى أوجبه الله تعالى فى كتابه الكريم . عصى أئمة الفقه السنى أمر الله تعالى فلم يستعملوا الشاهد فى موضوع الطلاق ليؤكدوا على حق الرجل فى طلاق زوجته بمجرد كلمة أو لفتة أو بالمزاح او بمجرد النية وبدون شهود!!لكنهم فى موضوع المحلل احتاجوا للشهود اذ لا بد من شاهدين فى عقد الزواج. وفى العصر المملوكى كان المحلل وظيفة يتفرغ لها بعض الرجال يقفون على أبواب الشهود أو مكاتبهم فى الشوارع ، فيأتى الذى طلق زوجته ثلاثا الى مكتب الشاهد ومعه طليقته ، فيدله الشاهد على أحد الرجال الواقفين ببابه ليكون المحلل ، فيتفق المطلق – الزوج السابق – مع المحلل على الأجرة ويدفعها له ثم يدخل الثلاثة مع ولى الأمر على الشاهد وأعوانه فيعقد قران المطلقة على المحلل ، ويأخذ المحلل المرأة الى خلوة قد أعدت خصيصا لهذا الغرض فيلتهم الزوجة جنسيا ، ويجلس فى انتظارهما الزوج السابق وولى الأمر وبقية الشهود .وبعد اتمام اللقاء الجنسى يأتى المحلل بالمرأة للشاهد ومن معه ليشهد أنه ( حللها )، فيشهد المحلل والزوجة باللقاء الجنسى الذى حدث بينهما ، ويقوم المحلل بطلاقها ، وتعود الى البيت تنتظر انتهاء العدة ليعيدها الزوج السابق.
هذا ما كان يحدث فى العصر المملوكى وذكره ابن القيم نفسه فى كتابه ( اغاثة اللهفان من مكائد الشيطان ) يقول وهو يكاد يبكى يصف ما يحدث فى حوانيت الشهود والرجال القائمين بوظيفة المحلل : " فلو شاهدت الحرائر المصونات على حوانيت المحللين مبتذلات .. حتى إذا تشارطا( أى الزوج السابق والمحلل ) نهض ( المحلل ) واستتبعها ( أى الزوجة ) خلفه بلا زفاف ولا إعلان ؛ فلا جهاز ينقل ولا مهر مقبوض ؛ والزوج يبذل المهر ؛وهذا التيس ( أى المحلل) يطأ بالأجر . حتى إذا خلا بها وأرخى الحجاب والمطلّق والولى واقفان على الباب . حتى إذا قضيا عرس التحليل فإن كان قبض أجره سلفا وتعجيلا وإلا حبسها حتى تعطيه الأجر ... فإذا طهرها وطيبها قال لها اعترفى بما جرى بيننا ليقع عليك الطلاق ... فتأتى إلى حضرة الشهود فيسألونها .. هل كان ذاك ؟ فلا يمكنها الجحود فيأخذون منها أو من المطلق أجرا) . كان المحلل فى العصر المملوكى يمارس مهنته كبائعة الهوى – اى يتزوج بدون تمييز، حسب التساهيل والأرزاق، ومع كثرة التطليق وكثرة زواج المحلل فقد كان المحلل يتزوج امراة كان قد سبق له الزواج من أمها بنفس الطريقة، أو أن يجمع فى زواجه بين أختين دون أن يدرى. يقول ابن القيم فى ذلك : ( وكثير من هؤلاء المستأجرين يحلل الأم وابنتها فى عقدين ؛ ويجمع ماءه فى أكثر من أربع ؛ وفى رحم أختين) ..... ( إغاثه اللهفان 1/ 268).
س 8- لكن هل لهذا علاقة بتشريع القرآن الكريم ؟
ج 8 - لم يرد مصطلح المحلل فى القرآن الكريم حتى فى تشريعات الزواج والطلاق فيما يخص تلك الحالة. يقول تعالى عن الطلاق الثالث " فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) البقرة/ 230 ) أى فإن طلقها الطلاق الثالث فلا يحل له أن يرجعها إلا بعد أن تخرج من بيته بعد تمام عدتها ؛ ثم تنكح زوجا أخر فإذا طلقها الزوج الأخر وأصبحت حرة أمكن للزوج الأول أن يعيدها زوجة له بعقد جديد.
س 9- الفقه السنى يشترط أن يدخل المحلل بالزوجة كى يكون الزواج صحيحا . فهل يتفق ذلك مع القرآن الكريم ؟
ج 9 - ليس فى القرآن الكريم مصطلح المحلل ولكنه الحديث عن (زوج) يتزوج زواجا طبيعيا عاديا من زوجة تم طلاقها ثلاث مرات من زوج سابق، ثم يطلقها الزوج الأخيروينفصل عنها فتختار الرجوع الى الزوج السابق.
أما الفقه السنى فيتحدث عن (محلل) يدخل بالزوجة ويروى فى ذلك حديثا يقول ( حتى تذوق عسيلته ويذوق عسيلتها ) . و( النكاح ) فى الدين السنى يعنى الدخول بالزوجة . وكل تشريعاتهم الفقهية فى الأحوال الشخصية تدخل تحت باب ضخم يطلق عليه " باب النكاح"،أى يفهمون قوله تعالى " حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ " أى حتى تتزوج رجلا آخر يدخل بها ، ومن هنا كان إشتراط الدخول بالزوجة وتزييف حديث " حتى تذوق عسيلته ويذوق عسيلتها". وهذا يخالف التشريع الاسلامى ويخالف معنى النكاح فى القرآن الكريم الذى يعنى عقد الزواج فقط ،وليس الدخول بالزوجة. هذا واضح فى قوله جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا) : الأحزاب 49" . بالتالى لا يتحتم على المحلل الدخول بالزوجة. فلو طلقها بعد العقد مباشرة جاز ان ترجع لزوجها السابق فى نفس المجلس . و لنعد الى قصة الست نعمات والأخ بخيت التى بدأنا بها الموضوع لنحكيها بطرقة أخرى ،نتخيل فيها ان هناك مأذونا يفهم تشريع الاسلام ، جاء بعد انتهاء العدة وتمام فترة الطلاق الثالث بين نعمات وعبده بيه ليعلن تحول الطلاق الى سراح وفراق تام وانفصال بينهما وحرية الست نعمات فى أن تتزوج من تشاء، وفى الجلسة يتقدم بخيت يطلب الزواج منها ، فيقوم المأذون بعقد قران نعمات على بخيت ، وبعد دفع المهرواتمام العقد فان عقد الزواج هو مفهوم النكاح المذكور فى القرآن الكريم ، ويكون الأخ بخيت قد ( نكح ) الست نعمات فعلا بعقده زواجه عليها ، ولا حاجة لدخوله بها ولا حاجة لأن تنبهر بعسيلته أو أن يتذوق عسيلتها. وعليه فانه فى نفس المجلس ايضا يمكن أن يتم طلاق بخيت ونعمات، ويطلقها المأذون . ولأن الأخ بخيت لم يدخل بالست نعمات فليس لها عدة ، أى يمكن للمأذون – أيضا – وفى نفس المجلس - أن يعقد قران محاسن على عبد بيه . كل ذلك فى جلسة واحدة يتم فيها : اعلان الانفصال بين عبده بيه ونعمات أولا ، ثم عقد زواج نعمات و بخيت ثانيا، ثم طلاق بخيت ونعمات ثالثا ، ثم زواج نعمات وعبد بيه رابعا.
وكل عام وانتم بخير!!
اجمالي القراءات
2857
كعادة الدكتور أحمد ينتصر انتصارا هادئا في معركة استمرت لعقود طويله ففهم الدكتور أحمد لكلمات القرآن الكريم و مصطلحاته مكنته من حل لغز هذه المعضلة و التي مردغت جبهه المسلم و حطت من سمعته و رجولته بسبب كلمة!! و هناك جانب لم يدركه أرباب الدين الأرضي و هو كرامة المسلم و حبه و وفائه لزوجته و شتان ما بين الحل القرآني الذي حفظ للمسلم المتسرع كرامته و وفائه لزوجته و أم أولاده.. الحل الذي أتى به الدكتور أحمد هو معرفته لكلمة ( تنكح ) و أن هذه الكلمة لا تعني الدخول جنسيا بل تعني العقد و من ثم فأصبحت الآية الكريمة واضحة و بينة لمن تدبر القرآن و عمل به.