مالك ورضاعة الكبير
مقدمة :
1 ـ كنا أول من فجر موضوع رضاعة الكبير فى التسعينيات فى مصر ، وتبعنا الصديق الاستاذ عبد الفتاح عساكر متحديا شيوخ الأزهر ، فتسابقوا الى تأكيدها بكل ما يملكون من حُمق وجهل ، فأثاروا سخرية فى الداخل والخارج ، وكيف إنهم يحرّمون كشف الوجه للمرأة ويبيحون لرجل غريب أن يمص تدييها . لم يعرف مواشى الأزهر أن ( مالك بن أنس ) هو أول من إخترع هذه الاسطورة المضحكة الباكية ، وأن الشافعى تابعه بعدها ، ثم بعده البخارى ومسلم . إهتموا بالدفاع عن إلاههم البخارى لأنه ذكر هذه الرواية نقلا عمّن سبقه . ظنوا أنه البادىء بها .
2 ـ ننقل ما قاله مالك فى الموطأ فى رواية يحيى عن ( رضاعة الكبير) ، بعد ما قاله عن ( رضاعة الصغير ) ونعلق عليه .
قال عليه اللعنة :
2 - باب مَا جَاءَ فِي الرَّضَاعَةِ بَعْدَ الْكِبَرِ
1287 – ( حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَضَاعَةِ الْكَبِيرِ، فَقَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَكَانَ، مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا وَكَانَ تَبَنَّى سَالِمًا الَّذِي يُقَالُ لَهُ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ كَمَا تَبَنَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَأَنْكَحَ أَبُو حُذَيْفَةَ سَالِمًا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ ابْنُهُ أَنْكَحَهُ بِنْتَ أَخِيهِ فَاطِمَةَ بِنْتَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ وَهِيَ مِنْ أَفْضَلِ أَيَامَى قُرَيْشٍ فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ فِي زَيْدِ بْنِ حارثة ، قَالَ رُدَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أُولَئِكَ إِلَى أَبِيهِ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ أَبُوهُ رُدَّ إِلَى مَوْلاَهُ فَجَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ وَهِيَ امْرَأَةُ أَبِي حُذَيْفَةَ وَهِيَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَىٍّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنَّا نَرَى سَالِمًا وَلَدًا وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَىَّ وَأَنَا فُضُلٌ وَلَيْسَ لَنَا إِلاَّ بَيْتٌ وَاحِدٌ فَمَاذَا تَرَى فِي شَأْنِهِ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " أَرْضِعِيهِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ فَيَحْرُمُ بِلَبَنِهَا " . وَكَانَتْ تَرَاهُ ابْنًا مِنَ الرَّضَاعَةِ فَأَخَذَتْ بِذَلِكَ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ فِيمَنْ كَانَتْ تُحِبُّ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا مِنَ الرِّجَالِ فَكَانَتْ تَأْمُرُ أُخْتَهَا أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَبَنَاتِ أَخِيهَا أَنْ يُرْضِعْنَ مَنْ أَحَبَّتْ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا مِنَ الرِّجَالِ وَأَبَى سَائِرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَقُلْنَ لاَ وَاللَّهِ مَا نَرَى الَّذِي أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلٍ إِلاَّ رُخْصَةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَضَاعَةِ سَالِمٍ وَحْدَهُ لاَ وَاللَّهِ لاَ يَدْخُلُ عَلَيْنَا بِهَذِهِ الرَّضَاعَةِ أَحَدٌ فَعَلَى هَذَا كَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي رَضَاعَةِ الْكَبِيرِ .).
التعليق
هنا فيلم كوميدى يجعل سهلة بنت سهيل إمرأة أبى حذيفة تّرضع شابا يافعا من ثدييها خمس رضعات ليكون ابنها من الرضاعة ، ويدخل عليها مثل إبنها . هنا جعل مقدار الرضاعة خمس رضعات فقط ، وبه يكون الرجل إبنا لأى إمراة لو إرتشف هذا منها . وحتى يكتسب هذا صُدقية ( لا تقل مصداقية ) جعلوا هذا الإفك يمرُّ على عائشة التى قالوا فيها بعدئذ : ( خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء ) ، والنصف الآخر ربما من حميراء ( أخرى : بضم الهمزة أو بفتحها ) . وزعموا أن عائشة جعلته تشريعا عاما لكل من أحبّت أن يدخل عليها من الرجال : ( فَكَانَتْ تَأْمُرُ أُخْتَهَا أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَبَنَاتِ أَخِيهَا أَنْ يُرْضِعْنَ مَنْ أَحَبَّتْ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا مِنَ الرِّجَالِ ) . وبهذا تأكيد على تشريع آخر : أن من رضع من إمرأة تحرم عليه عمتها وخالتها . ويأتى التناقض فى نفس الحديث ، لأن بقية نساء النبى أبين ذلك . يقول مالك : ( وَأَبَى سَائِرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَقُلْنَ لاَ وَاللَّهِ مَا نَرَى الَّذِي أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلٍ إِلاَّ رُخْصَةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَضَاعَةِ سَالِمٍ وَحْدَهُ لاَ وَاللَّهِ لاَ يَدْخُلُ عَلَيْنَا بِهَذِهِ الرَّضَاعَةِ أَحَدٌ فَعَلَى هَذَا كَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي رَضَاعَةِ الْكَبِيرِ ). لم يقل لنا مالك رأى النبى فى هذه المسألة ، وهو مذكور فى أول الرواية وأنه الذى أباح هذه الرضاعة .
1288 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، أَنَّهُ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَنَا مَعَهُ عِنْدَ دَارِ الْقَضَاءِ يَسْأَلُهُ عَنْ رَضَاعَةِ الْكَبِيرِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ إِنِّي كَانَتْ لِي وَلِيدَةٌ وَكُنْتُ أَطَؤُهَا فَعَمَدَتِ امْرَأَتِي إِلَيْهَا فَأَرْضَعَتْهَا فَدَخَلْتُ عَلَيْهَا فَقَالَتْ دُونَكَ فَقَدْ وَاللَّهِ أَرْضَعْتُهَا . فَقَالَ عُمَرُ أَوْجِعْهَا وَأْتِ جَارِيتَكَ فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ رَضَاعَةُ الصَّغِيرِ .
تعليق
1 ـ هنا فيلم عن رجل مجهول لم يشأ مالك أن يعطيه إسما ولا نسبا ، جاء هذه الرجل يسأل عبد الله بن عمر عن رضاعة الكبير . والكبير هنا جارية لهذا الرجل ، وكان ينام معها ، ومن كيد النساء أن زوجة الرجل أرضعتها لتكون الجارية إبنة زوجها من الرضاعة فتحرم عليه . وعندما أراد الرجل أن يباشر جاريتها أخبرته الزوجة بأنها أرضعتها ، وهنا وصلت الحبكة الدرامية الى ذروتها فذهب الرجل الهائج جنسيا يشكو الى عبد الله بن عمر الذى ذهب بدوره الى أبيه عمر ــ وواضح أن زمان هذا فى خلافة عمر . وحكم عمر بما يريح الزوج الهائج جنسيا ، حكم عمر بأن يضرب الزوج زوجته عقابا لها على فتواها ، وأن يبادر بالنوم مع جاريته كيدا لزوجته . وانتهى هذا الفيلم البورنو .
2 ـ لم يقل لنا مالك كيف أرغمت الزوجة الجارية على أن ترضع منها ، وكم عدد الرضعات ، وأين كان الزوج الولهان وقتئذ . طبعا لا تتساءل عن التناقض بين هذا الحديث الذى ينفى رضاعة ( الكبيرة ) وما سبقه الذى يبيح رضاعة ( الكبير ). وكما يقول المثل المصرى : كله عند العرب صابون .!، وابتسم فشرٌّ البلية ما يُضحك .!!
1289 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ رَجُلاً، سَأَلَ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ فَقَالَ إِنِّي مَصِصْتُ عَنِ امْرَأَتِي، مِنْ ثَدْيِهَا لَبَنًا فَذَهَبَ فِي بَطْنِي فَقَالَ أَبُو مُوسَى لاَ أُرَاهَا إِلاَّ قَدْ حَرُمَتْ عَلَيْكَ . فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ انْظُرْ مَاذَا تُفْتِي بِهِ الرَّجُلَ فَقَالَ أَبُو مُوسَى فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ لاَ رَضَاعَةَ إِلاَّ مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ . فَقَالَ أَبُو مُوسَى لاَ تَسْأَلُونِي عَنْ شَىْءٍ مَا كَانَ هَذَا الْحَبْرُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ .
التعليق
1 ـ هنا تناقض بين رأيين : أبو موسى الأشعرى يجعل رضاعة الكبير تحرّم ، وعبد الله بن مسعود يخالفه . وفى النهاية يستسلم أبو موسى ويعترف برأى ابن مسعود . هذا يعنى أن الحديث المنسوب للنبى فى رضاعة الكبير لا قيمة له .
2 ـ جدير بالذكر أن مالك ـ قبل هذا ـ ذكر أحاديث تنفى رضاعة الكبير . هى :
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، كَانَ يَقُولُ لاَ رَضَاعَةَ إِلاَّ لِمَنْ أُرْضِعَ فِي الصِّغَرِ وَلاَ رَضَاعَةَ لِكَبِيرٍ .
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنِ الرَّضَاعَةِ، فَقَالَ سَعِيدٌ كُلُّ مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ قَطْرَةً وَاحِدَةً فَهُوَ يُحَرِّمُ وَمَا كَانَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ فَإِنَّمَا هُوَ طَعَامٌ يَأْكُلُهُ . قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُقْبَةَ ثُمَّ سَأَلْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ .
1285 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ، يَقُولُ لاَ رَضَاعَةَ إِلاَّ مَا كَانَ فِي الْمَهْدِ وَإِلاَّ مَا أَنْبَتَ اللَّحْمَ وَالدَّمَ .
1286 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ الرَّضَاعَةُ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا تُحَرِّمُ وَالرَّضَاعَةُ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ تُحَرِّمُ . قَالَ يَحْيَى وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ الرَّضَاعَةُ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا إِذَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ تُحَرِّمُ فَأَمَّا مَا كَانَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ فَإِنَّ قَلِيلَهُ وَكَثِيرَهُ لاَ يُحَرِّمُ شَيْئًا وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ .
أخيرا
1 ـ وصلتالمهزلة بمالك إلى " رضاع الكبير " وإمكانية ان يمتد التحريم من الصبي الوليد إلى الشيخ صاحب اللحية إذا ارتشف لبن الرضاع من ثدي المرضعة فتكون امّه ، ويحرم عليه اخواتها وبناتها وعماتها وخالاتها . والأصل فيها خلاف بين الفقهاء الأوائل حول امتداد تحريم الرضاع للطفل إذا رضع بعد الحولين ، وحاول كل فريق ان يعضد وجهة نظره باختراع الأحاديث ، وبدأ بهذا مالك ، فنقل ما يقال من خلاف وجعل له إسنادا . ونقل اللاحقون عن مالك وأضافوا له ما شاء لهم جهلهم وقدرتهم على الكذب والافتراء . ليس فقط الشافعى بل ابن سعد في الطبقات الكبرى ثم البخارى ومسلم ، حتى أصبحت من المعلوم فى دينهم بالضروطة ( أقصد بالضرورة )!.
2 ـ بدأ مالك هذا الزيغ عن الاسلام فيما يخص المحرمات فى الرضاع ، وسار من جاء بعده فى تفصيل وتفريع لهذا الضلال . إذا كان الله جل وعلا قد حرّم من الرضاع حالتين فقط هما الأم من الرضاع والأخت من الرضاع ، فقد بدأ مالك فى الموطأ بجعل التحريم عامّاً في الرضاع مثل النسب تماما، وأرسى قاعدة أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ، ونسبها حديثا للنبى محمد عليه السلام . وسار على أثره الشافعى وغيره .
3 ـ وتصدرت لديهم قضية "لبن الفحل" أو زوج المرضعة الذي أعطوه ما للأب في التحريم على البنت ، باعتباره السبب في جعل المرضعات تدر اللبن ، وفي هذه القضية وملابساتها نزوع واضح لتذويب الفوارق بين الإنسان والحيوان ، وعلى ذلك فإن اخ "الفحل" يكون عماً للبنت من الرضاع ، وأخت "الفحل" ... ويقاس "الفحل" على الأب في النسب في كل شئون التحريم ، وإذن فما الداعي لأن يحصر الله جل وعلا المحرمات في التشريع بهذا التفصيل ، ثم يحل للزواج من عداهن ..؟ وما فائدة ان يقول رب العزة بعد حصر المحرمات (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ) ، طالما يضعون قواعد تتسع بها دائرة التحريم لتشمل أقارب المرضعة وأقارب زوجها (الفحل) ..؟
4 ـ ولا يشعر مالك بالحرج وهو يروى المتناقضات في موضوع رضاعة الكبير . و في عدد الرضعات يأتي برواية عن ابن عباس تجعل المصّة الواحدة في الرضاع تحرم وفي رواية أخرى لسعيد ابن المسيب أن قطرة واحدة ترحم ، ثم يأتي بروايات أخرى ــ غير تلك الرواية الشنيعة ــ تؤكد انها عشر رضعات ، وفي رواية سهلة الذي رضع ــ بزعمهن ــ من زوجة أبي حذيفة يقال لها : أرضعيه خمس رضعات .ولا يشعر من جاء بعده ونقل عنه بأى حرج . ( مسلم ) فى ( صحيحه ) ينقل ذلك الخلاف في الروايات ، يذكر بعضها تحت باب " في المصة والمصّتين" وفيه احاديث تؤكد أن المصة والمصتين لا تحرّم في الرضاعة ، خلافا لحديث مالك ، ثم باب "التحريم بخمس رضعات" ينقل حديث مالك ذلك الحديث الشنيع الذى يطعن فى القرآن الكريم : " كان فيما انزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرّمن .... إلخ .. " ويأتي له بروايات مختلفة حرصا منه على الطعن فى القرآن الحكيم ..
5 ـ وينعكس هذا الشقاق على الحياة الاجتماعية ، فمن السهل ان تدعي إحداهن أنها أرضعت فلانا لتعطل مشروع زواج ، وقد قال الفقهاء بأن شهادة المرضعة مقبولة ، ويجب العمل بها ، فقد روى البخاري تحت عنوان " شهادة المرضعة" أن النبي ــ فيما يزعم ــ قام بالتفريق بين زوجين لأن امرأة سوداء ادعت أنها أرضعتهما ، وتقول الرواية أن الزوجين اتهما المرضعة بالكذب ، واكدا ذلك للنبي، ولكن النبي ــ فيما يزعم البخارى ــ أخذ بقولها وأمر بالتفريق بينهما ، وإذن هي دعوة لكل امرأة لكي تخرب البيوت السعيدة بدعوى انها ارضعت الزوجين . والشافعي أكد على قبول شهادة المرضعة واوجبها ، وتنازع الفقهاء في تفصيلات هذا الموضوع ، وزرعوا بابا للشقاق ، ليس فقط في إجهاض مشروع زواج بل في تقويض زواج قائم .
6 ـ وقد أرّقت هذه الآراء الشيخ شلتوت في الفتاوى حين تحدث عن الرضاع ، واقترب أحيانا مما نقول ، ولكنه تردد .
اجمالي القراءات
2387
كانت العامة من الناس تصدق ما جاء به هؤلاء الرجال مثل مالك وغيره، وتعتبر الرواة ثقة، فتبقى الكرة عند النبي، إذ يقول اليوم هذا وغدًا ذاك، ويعتقدون بذلك جوازًا لتعدد الآراء، والأمر متروك لذوي العلم ولأولياء الأمر. بقي عندي سؤالان مع الرجاء بعدم الإجابة:
لقد جاء في نصوصهم تعبير "رضاعة" و "مصة"، فكم مصة ياترى تعتبر رضاعة؟
جاء عن بعضهم في "رضاع الكبير" أن المصة تحرم. كيف كان بالإمكان التفريق بين مصة الرضاعة ومصة "الولهان والمثار جنسيًا"، فالاولى تحرم وتسمح للكبير بزيارة الست، والثانية هي مشروع للزنى عندهم؟ بعضهم اعتبرة طعام...