قراءة فى كتيب ابتسم
مؤلفة الكتيب أو المقال هى غالية عبد الله وقد استهلته بذكر بعض الروايات فى البشاشة فقالت:
"قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( أنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق ) رواه مسلم
وقال – صلى الله عليه وسلم ( لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق ) رواه الحاكم والبيهقي في شعب الإيمان
وعن جرير بن عبدالله رضى الله عنه قال : ( ما حجبني النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا رآني إلا تبسم في وجهي ) رواه البخاري"
والحديث الأول باطل فسعة الناس وهى مرضاتهم تتم بالمال وبالبشاشة وغيرها والحديث ينفى أن رضا الناس يكون بالمال وهو ما يخالف قوله تعالى :
"ومنهم من يلمزك فى الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون"
كما أن بسط الوجه وحسن الخلق لا يؤثر فى بعض الناس ومن ذلك المنافقون فقد أحسن المسلمون معاملتهم ومع هذا كانت تبدو البغضاء من أفواههم كما قال تعالى :
"يا أيها الذين أمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر "
وتحدثت غالية عن فوائد الابتسام ومظاهره فقالت:
"الابتسامة لها رونق وجمال ، وتعابير تضفي على وجه صاحبها الراحة والسرور ، بل رتب النبي صلى الله عليه وسلم أجر عليها وقال صلى الله عليه وسلم ( تبسمك في وجه أخيك صدقة ) وقال صلى الله عليه وسلم ( أنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق ) والإمام البخاري جمع أحاديث كثيرة للرسول صلى الله عليه وسلم وبوب لها باب : ( باب التبسم والضحك ) دليل على الابتسامة التي كان يحرص عليها الرسول صلى الله عليه وسلم ، والإمام مسلم كذلك في صحيحه أحاديث بوب لها الإمام النووي فقال في كتاب الفضائل .. (باب تبسمه وحسن عشرته ) وبوب الشيخ الغماري الاحاديث التي فيها ( ضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه ) في مؤلف سماه (شوارق الانوار المنيفة بظهور النواجذ الشريفة )، كل هذا وغيره بيان لجوانب تبسمه صلى الله عليه وسلم .
وهكذا كان الصحابة رضى الله عنهم فقد قيل لعمر رضى الله عنه هل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحكون . قال : نعم والإيمان والله اثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي .
ويقول الأستاذ محمد قطب : ( لا يكفي المال وحدة لتأليف القلوب ولا تكفي التنظيمات الاقتصادية والأوضاع المادية ، لابد أن يشملها ويغلفها ذلك الروح الشفيف ، المستمد من روح الله ، ألا وهو الحب ، الحب الذي يطلق البسمة من القلوب فينشرح لها الصدر وتنفرج القسمات فيلقي الإنسان أخاه بوجه طليق )
يقول الشاعر :
هشت لك الدنيا فمالك واجما *** وتبسمت فعلام لا تتبسم
إن كنت مكتئبا لعز قد مضى *** هيهات يرجعه إليك تندم"
ثم تحدثت عن موانع الابتسام فقالت:
"موانع الابتسامة :
لنقف أخي الكريم على أهم أسباب موانع الابتسامة عند البعض ..
1. الظن أن ذلك من الجدية : يظن البعض أن عدم الابتسام هو جزء من الجدية التي لابد منها في شخصية الإنسان وهي من كمال الدين ، وهذا ظن ليس في محله حيث إن الناس جبلوا على الميل والمحبة لمن يبش في وجوههم ، وأما ما يتعلق بالجدية فإنه لا يوجد أكثر من جدية الرسول – صلى الله عليه وسلم - وعن سماك بن حرب قال : قلت لجابر بن سمرة : أكنت تجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : ( نعم كثيرا ، كان لا يقوم من مصلاه الذي يصلى فيه الصبح حتى تطلع الشمس ، فإذا طلعت قام ، وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية ، فيضحكون ، ويبتسم ) رواه مسلم
ولم يكن هذا التبسم لينقص من مكانته – صلى الله عليه وسلم – وإنما هو اللطف الذي ما خالط شيئا إلا زانه ، ولا نزع من شيء إلا شانه ."
وهذا الحديث باطل لأن معناه أن الرسول (ص) كان يتركهم يتحدثون فى محرمات الجاهلية ويكتفى بالابتسام دون أن يأمرهم بمعروف أو ينهاهم عن منكر مما يقولون
كما أنه يتعارض مع تخصيص المساجد لذكر الله وحده فما بالنا بأمور الجاهلية وقد قال الله :
"فى بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه"
والحديث المبتسم لا يستشهد به على المنع وإنما على الإباحة
وقالت فى المانع الثانى من الابتسام:
2. الخوف من قسوة القلب : يخلط بعض الناس بين الإكثار من الضحك والذي أخبر به الرسول صلى الله عليه أنه سبيل لموت القلب وبين أهمية وضرورة الابتسام والضحك المعتدل لتقويم النفس وإزالة الهم وكسب الآخرين .. وعلينا الانتباه جيدا إلى شاطحات الزهاد فإنها كثيرة كقولهم : ( ما ضحك فلان قط ) أو ( ما رأي فلان إلا مهموما ) فهذا خلاف الفطرة والسنة النبوية . وما جاء في نص الحديث الذي رواه ابن ماجه بإسناد صحيح ( لا تكثر الضحك ، فإن كثرة الضحك تميت القلب ) فلم ينه عن الضحك إنما نهى عن كثرته ."
وكثرة الضحك المنهى عنها هى الكفر وليس الضحك المعروف إلا أن يكون الضحك الذى يجلب الفواق وهو الزغطة باللغة العامية فمن الممكن أن يؤدى للوفاة نتيجة توقف احتشاء عضلة القلب
وتحدثت عن المانع الثالث فقالت:
3. ظروف النشأة : لها دور كبير في حياة الإنسان ، فمن يولد بين أبوين غضوبين تقل الابتسامة على محياه ، فلا تراه مبتسما أبدا ، وهذا تبعا للظروف البيئية التي تحيطه .
4. طبيعة الإنسان العصبية ، وكثرة سوء الظن عنده ، وتعامل الصعب كلها عوامل تدفع الإنسان إلى قلة التبسم ."
وطرحت سؤالا عن عدم الاستسلام للموانع فقالت مجيبة عليه بنقول:
"هل نستسلم للموانع؟
تحدث عن هذا السؤال عبد الحميد البلالي قائلا:
كلا فلا بد أن تكون لنا إرادة قوية تتعالي على الهم والمصيبة، ولنتذكر أننا لن نغير شيئا مما قدره الله تعالى علينا بغضبنا وهمنا وعبوسنا، وأننا سنخسر الكثير من صحتنا عندما نغضب ونخسر الآخرين عندما نعبس وقد نخسر الدين عندما يتجاوز الهم والغضب الى الاحتجاج على قدر الله تعال. ولنستيقين دائما بالقاعدة التي أخبرنا بها رسولنا صلى الله عليه وسلم (إنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم) فإذا لم تكن البشاشة من طبعنا فلنتعلم كيف نبتسم ولنحاول أن يكون ذلك من طبيعتنا بعد أن نتذكر ثمار الابتسام والضحك) كتيب ابتسم، عبد الحميد البلالي ص 60
فاحرص أخي الكريم على الابتسامة الصادقة الصافية التي تعكس ما في القلب من محبة وتآلف ولتحذر من الابتسامة المصطنعة التي تخفى وراءها الأحقاد."
ونقلت عن ابن القيم فوائد البشاشة فقالت:
"يقول ابن القيم في أهمية البشاشة:
(إن الناس ينفرون من الكثيف ولو بلغ في الدين ما بلغ، ولله ما يجلب اللطف والظرف من القلوب فليس الثقلاء بخواص الأولياء، وما ثقل أحد على قلوب الصادقين المخلصين إلا من آفة هناك، وإلا فهذه الطريق تكسو العبد حلاوة ولطافة وظرفا، فترى الصادق فيها من أحبى الناس وألطفهم وقد زالت عنه ثقالة النفس وكدورة الطبع)
ويقول الإمام ابن عيينه:
(والبشاشة مصيدة المودة، والبر شيء هين: وجه طليق وكلام لين)"
وقد ورد الابتسام فى موضع واحد فى المصحف وهو :
" فتبسم ضاحكا من قولها"
فهنا بين الله لنبيه (ص)أن سليمان (ص)تبسم ضاحكا من قولها والمراد قهقه مسرورا من حديث النملة وهذا يعنى أنه فرح لمعرفته بقول النملة وهو لغة النمل
اجمالي القراءات
1611