( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )
( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )
السؤال يقول : إنشغل العلماء بمعنى الاستواء على العرش ما بين التجسيم وغيره ، وأنت لم تتعرض للموضوع ، ويهمنا أن نعرف رأيك .
أقول : فى البداية
1 ـ بينما كانوا يتشاجرون قرونا فى هذا كانت أوربا تنهض وتكتشف العالم . ولا زال الغرب فى نهضته يقود العالم فى العلم والاختراع والاكتشاف بينما كوكب المحمديين يعيش فى مناخ الاستبداد والاستعباد والتخلف والتفرق والجهل والفساد .
2 ـ فى إختلافاتهم فى موضوع الاستواء على العرش تعددت واختلفت الآراء حتى فى داخل الدين السُنّى ، ومنها : ( قال السَّمعانيُّ: (أهلُ السُّنَّةِ يَقولُون: إنَّ الاستواءَ على العَرْشِ صِفةٌ لله تعالى بلا كَيفٍ، والإيمانُ به واجِبٌ، كذلك يُحكى عن مالِكِ بنِ أنَسٍ وغَيرِه مِنَ السَّلَفِ أنَّهم قالوا في هذه الآيةِ: الإيمانُ به واجِبٌ، والسُّؤالُ عنه بِدعةٌ) ، وقال البَغَويُّ: (ثمَّ استوى على العَرْشِ، قال الكَلبيُّ ومُقاتِلٌ: استقَرَّ. وقال أبو عُبَيدةَ: صَعِدَ. وأوَّلت المُعتَزِلةُ الاستواءَ بالاستيلاءِ، فأمَّا أهلُ السُّنَّةِ يَقولُون: الاستواءُ على العَرْشِ صِفةٌ لله تعالى بلا كَيفٍ، يجِبُ على الرَّجُلِ الإيمانُ به، ويَكِلُ العِلمَ فيه إلى اللهِ عَزَّ وجَلَّ. وسأل رجُلٌ مالِكَ بنَ أنَسٍ عن : كيف استوى؟ فأطرَقَ رأسَه مَلِيًّا وعَلاه الرُّحَضاءُ ثمَّ قال: الاستواءُ غيرُ مجهولٍ، والكيفُ غيرُ معقول ، والإيمانُ به واجِبٌ، والسُّؤالُ عنه بِدعةٌ، وما أظنُّك إلَّا ضالًّا، ثمَّ أمَرَ به فأُخرِجَ. ورُوِيَ عن سُفيانَ الثَّوريِّ، والأوزاعيِّ، واللَّيثِ بنِ سَعدٍ، وسُفيانَ بنِ عُيَينةَ، وعبدِ اللهِ بنِ المبارَكِ، وغَيرهِم من عُلَماءِ السُّنَّةِ، في هذه الآياتِ التي جاءت في الصِّفاتِ المتشابِهاتِ: أَمِرُّوها كما جاءت بلا كَيفٍ. والعَرشُ في اللُّغةِ: هو السَّريرُ. وقيل: هو ما علا فأظَلَّ، ومنه عَرشُ الكُرومِ ) ( وقال ابن كثير : للناس مقالات كثيرة جدا فى هذا المقام ، ليس هذا مَوضِعَ بَسْطِها، وإنما يُسلَكُ في هذا المقامِ مَذهَبُ السَّلَفِ الصَّالحِ: مالِكٍ، والأوزاعيِّ، والثَّوريِّ، واللَّيثِ بنِ سَعدٍ، والشَّافعيِّ، وأحمَدَ بنِ حَنبلٍ، وإسحاقَ بنِ راهَوَيهِ، وغَيرِهم مِن أئِمَّةِ المسلِمينَ قديمًا وحديثًا، وهو إمرارُها كما جاءت مِن غيرِ تكييفٍ ولا تشبيهٍ ولا تعطيلٍ ) ( ومِن أقوالِ العُلَماءِ في إثباتِ صِفةِ الاستواءِ للهِ عزَّ وجَلَّ : قال أبو حنيفةَ: (نُقِرُّ بأنَّ اللهَ تعالى على العَرْشِ استوى من غيرِ أن يكونَ له حاجةٌ) ، وقال الشَّافعيُّ في وصيَّتِه: (هذه وصيَّةُ محمَّدِ بنِ إدريسَ الشَّافعيُّ، أوصى أنَّه يَشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وَحدَه لا شريكَ له، وأنَّ محمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَبدُه ورَسولُه... وأنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ يُرى في الآخرةِ، يَنظُرُ إليه المؤمنون عِيانًا جِهارًا، ويَسمَعونَ كَلامَه، وأنَّه فوقَ العَرشِ...) ، وقال أيضًا: (القَولُ في السُّنَّةِ التي أنا عليها، ورأيتُ أصحابَنا عليها أهلَ الحديثِ الذين رأيتُهم فأخذتُ عنهم؛ مِثلُ: سُفيانَ ومالكٍ وغَيرِهما: الإقرارُ بشَهادةِ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنَّ محمَّدًا رَسولُ اللهِ، وأنَّ اللهَ على عَرْشِه في سمائِه يَقرُبُ مِن خَلْقِه كيف شاء) ، وقال أحمدُ بنُ حَنبَلٍ: (وقد عَرَف أهلُ العِلمِ أنَّه فوقَ السَّمَواتِ السَّبعِ: الكُرسيِّ، والعَرشِ، واللَّوحِ المحفوظِ، والحُجُبِ، وأشياءَ كثيرةٍ لم يُسَمِّها) .. وقد روى مسلِمٌ البطينُ، عن سعيدِ بنِ جُبَيرٍ، عن ابنِ عَبَّاسٍ في الكُرسيِّ خِلافَ ما ادَّعَيتَ على ابنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَنا يحيى وأبو بكرِ بنُ أبي شَيبةَ، عن وكيعٍ، عن سُفيانَ، عن عَمَّارِ الدهنيِّ، عن مسلمٍ البطينِ، عن سعيدِ بنِ جُبَيرٍ، عن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عنهما قال: (الكرسيُّ مَوضِعُ القَدَمينِ، والعَرشُ لا يَقدُرُ قَدرَه إلَّا اللُه) ، فأقرَّ المرِّيسي بهذا الحديثِ وصَحَّحه، وزعم أنَّ وكيعًا رواه، إلَّا أنَّ تفسيرَ القَدَمينِ هاهنا في دعواه: الثَّقَلينِ، قال: يضَعُ اللهُ عِلْمَه وقضاءَه للثَّقَلينِ يومَ القيامةِ، فيَحكُمُ به فيهم، فهل سَمِع سامِعٌ من العالَمينَ بمِثلِ ما ادَّعى هذا المِرِّيسي؟ وَيْلَك! عَمَّن أخَذْتَه؟ ومن أيِّ شيطانٍ تلقَّيْتَه؟ فإنَّه ما سبقك إليها آدميٌّ نَعلَمُه. أيحتاجُ الرَّبُّ عزَّ وجَلَّ أن يَضَعَ محاسبةَ العبادِ على كِتابِ عِلْمِه وأقضِيَتِه يحكُمُ بما فيه بينهم؟ ولا أراك مع كثرةِ جَهْلِك إلَّا وستَعلَمُ أنَّك احتجَجْتَ بباطِلٍ جعَلْتَه أغلوطةً تغالِطُ بها أغمارَ النَّاسِ وجُهَّالَهم ..)، وقال أبو حاتمٍ الرازيُّ: (مَذهَبُنا واختيارُنا اتِّباعُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابِه والتَّابعين ومَن بَعْدَهم بإحسانٍ، وتَرْكُ النَّظَرِ في موضِعِ بِدَعِهم، والتمسُّكُ بمذهَبِ أهلِ الأثَرِ؛ مِثلُ أبي عبدِ اللهِ أحمدَ بنِ حَنبَلٍ، وإسحاقَ بنِ إبراهيمَ، وأبي عبيدٍ القاسِمِ بنِ سَلَّامٍ، والشَّافعيِّ، ولُزومُ الكتابِ والسُّنَّةِ، والذَّبُّ عن الأئمَّةِ المتَّبِعةِ لآثارِ السَّلَفِ، واختيارُ ما اختاره أهلُ السُّنَّةِ مِن الأئمَّةِ في الأمصارِ؛ مِثلُ: مالكِ بنِ أنَسٍ في المدينةِ، والأوزاعيِّ بالشَّامِ، واللَّيثِ بنِ سَعدٍ بمصرَ، وسُفيانَ الثَّوريِّ وحمَّادِ بن زيادٍ بالعراقِ... أنَّ اللهَ على عرشِه بائنٌ ( وقال ابنُ عبدِ البَرِّ في شرحِ حديثِ النُّزولِ: (فيه دليلٌ على أنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ في السَّماءِ على العَرشِ مِن فوقِ سَبعِ سَماواتٍ، كما قالت الجماعةُ، وهو من حُجَّتِهم على المعتَزِلةِ والجَهميَّةِ في قَولِهم: إنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ في كُلِّ مكانٍ، وليس على العَرشِ) .
3 ـ لو آمنوا بالقرآن الكريم لأعطوه حقه فى التدبر . ولكن كل منهم تكلم فى آيات القرآن الكريم بهواه ، وبجهله بلا علم ولا هدى ولا كتاب منير .
نعطى تدبرا سريعا فى معنى الاستواء على العرش :
أولا : ( إستوى ) بمعنى ( خلق ): قال جل وعلا :
1 : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (البقرة 29 )
2 ـ (ثمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) (فصلت 11 ) .
ثانيا : ( إستوى على العرش ) بمعنى تحكم وسيطر وهيمن .
1 ـ الملاحظ فى الآيتين السابقتين أنه لم تأت كلمة ( العرش ) . لأنه فى هذه المرحلة كان خلق العرش . والعرش للرحمن جل وعلا ( أو الكرسى ) هو كناية عن العوالم التى خلقها . بخلق العرش يكون تحكمه فيه وجل وعلا وممارسة سلطاته .
2 ـ الاستواء العرش جاء معناه بدون هذا المصطلح فى :
2 / 1 : آية الكرسى ووصفه جل وعلا بالقيوم ، فهو جل وعلا قيوم السماوات والأرض :( اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255) البقرة ) .
2 / 2 : هو جل وعلا لم يخلق العرش / الكرسى أو العوالم ويتركها ، فهو جل وعلا المسيطر المهيمن حتى على كل دابة ( مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ) (56) هود ).
2 / 3 : وهو القائم على كل نفس بما كسبت ( أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ) (33) الرعد )،
2 / 4 : وهو العليم بكل شىء:
2 / 4 / 1 : ( وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (61) ) يونس ) (عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (3) ( سبأ ) ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنْ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً (12) الطلاق ).
3 ـ وجاء الاستواء على العرش بمعنى الهيمنة والسيطرة والتحكم . قال جل وعلا :
3 / 1 ـ ( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5) طه ) جاء بعض الشرح فى الآيتين التاليتين : ( لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (6) وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7) طه ). هنا ملكيته جل وعلا لكل شىء وعلمه بكل شىء .
3 / 2 ـ (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ) جاء بعض الشرح فى تكملة الآية الكريمة : ( يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (الاعراف 54). هنا تحكمه جل وعلا فى الليل والنهار وما يعنيه هذا من دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس ، وتسخير النجوم والمجرات ، أما قوله جل وعلا : ( أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ ) فهو يستلزم بحثا كاملا . والمستفاد أنه ( تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ).
3 / 3 ـ (إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ) معنى الاستواء فى بقية الآية الكريمة : ( يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (3)) (يونس 3) . الذى استوى على العرش هو الذى يدبر أموره . والمستفاد أنه جل وعلا هو وحده المستحق للعبادة ، ولا شفيع سواه . تكرر هذا فى الآيتين التاليتين :
3 / 4 ـ (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ) الشرح فى بقية الآية الكريمة : ( يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ) (الرعد 2) (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ) (السجدة 4). مع ذلك فالمحمديون يعبدون الأولياء ويتخذون الشفعاء .!
3 / 5 ـ (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) الشرح فى بقية الآية الكريمة : ( يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (الحديد 4) . هنا تمام علمه وإحاطة علمه بكل شىء وبنا وبما نعمل . لا نستطيع أن نخرج عن علمه جل وعلا . لا نستطيع أن نستخفى منه .
3 / 6 ـ فى كل ما سبق نلاحظ أن البدء بخلق السماوات والأرض ثم يكون التحكم والهيمة فى السماوات والأرض ، أى الاستواء على العرش . ومنه ايضا قوله جل وعلا : (الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا) (الفرقان 59)
أخيرا
ينطبق على ائمة المحمديين قوله جل وعلا فى احسن الحديث : ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (52) سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54) فصلت ).
ودائما : صدق الله العظيم .!!
اجمالي القراءات
4314
بارك الله فى عُمرك وعلمك استاذنا دكتور منصور وجزاك عنه خير الجزاء فى الدنيا والآخرة .
لم يكتف التراثيون ولم يتوقفوا فى شرح (عرش الرحمن ) عند التجسيم والكيفية ،وتصويره بالكرسى وجلوس الرحمن جل جلاله عليه ،ولكنهم وضعوا فيه رواية تقول (إهتز عرش الرحمن بموت سعد بن معاذ) فرحا وسرورا بمقدمه . وكأن عرش الرحمن كان مُنتظرا لقدوم سعد بن مُعاذ لعله (والعياذ بالله ) يُخفف من حُكم وهيمنة رب العالمين عليه ..... بالتاكيد هى رواية مكذوبة على النبى عليه السلام مثل كل الروايات ،وضعوها فى مناقب (سيد الأوس وكبير قبيلتهم فى المدينة ) غلى غرار روايات مناقب الصحابة ،وعلى غرار الألقاب التى أطلقوها على بعض الصحابة مثل (سيف الله وأسد الله ،والطيار ،وأمين هذه الأُمة ،وحوارى رسول الله ،ووصى رسول الله ،وذو النورين ) وهكذا ... ولهجرهم وجهلهم للقرءان لم يسألوا أنفسهم سؤالا هل (سعد بن معاذ ) يُضاهى انبياء الله ورسله ،فلماذا إهتز عرش الرحمن لموته ولم يهتز لموت إبراهيم ونوج وإدريس ومحمد وعيسى وموسى والنبين جميعا عليهم السلام ؟؟؟
((وما قدروا الله حق قدره والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون ))