ف 9 : المرأة فى ( الزكاة المالية والانفاق )( 4 / 2 ) المستحقون : السائل والمحروم
ف 9 : المرأة فى ( الزكاة المالية والانفاق )( 4 / 2 ) المستحقون : السائل والمحروم
القسم الأول من الباب الثالث : عن تشريعات المرأة التعبدية بين الاسلام والدين السنى
كتاب ( تشريعات المرأة بين الاسلام والدين السنى الذكورى)
ف 9 : المرأة فى ( الزكاة المالية والانفاق )( 4 / 2 ) المستحقون : السائل والمحروم
مقدمة
إرتبطا فى موضوع الصدقة فى قوله جل وعلا :
1 ـ ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلاً مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19) الذاريات )
2 ـ ( وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) المعارج ).
هنا تقسيم لحق الزكاة المالية على السائل والمحروم . نتوقف معهما بالتوضيح :
السائل / السائلون :
أولا : معانى ( السائل / السائلين ) المختلفة فى القرآن الكريم
هناك من يسأل سؤالا عن شىء يريد الإجابة . قال جل وعلا :
1 ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ) 1 ) المعارج )
/ 2 : ( لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ ) 7 ) يوسف )
. / 3 : ومنها ( يسألونك ) وتكررت كثيرا فى القرآن الكريم ، بذكر السؤال والاجابة الالهية عنه بما يؤكد أن النبى محمدا عليه السلام لم يكن حق الاجتهاد ، وأنه كان إذا سئل انتظر الاجابة من ربه عز وجل . وفصلنا هذا فى كتابنا ( القرآن وكفى ).
2 ـ السائلون بمعنى الباحثين عن أرزاقهم فيما خلق الله جل وعلا من موارد فى الأرض ، وجعلها حقا متاحا لكل من يسعى . قال جل وعلا : ( وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ ) 10 ) فصلت ).
ثانيا : السائلون للصدقة :
1 ـ هناك مستحقون للصدقة ويتعفّفون عن سؤال الناس . قال جل وعلا فى الحث على النفقة عليهم :( لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحْصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ) 273 ) البقرة ).
2 ـ فى موسم الحج حيث توزيع الهدى من لحوم الأضاحى ، هناك فقراء قانعون ، وهناك بؤساء ، وهناك من يتعرض للسؤال بإلحاح . ويجب إطعام الجميع . قال جل وعلا :
2 / 1 : ( وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) 36 ) الحج ). ( المعترّ ) هو الذى يسأل ، عكس القانع .
2 / 2 :( لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ) 28 ) الحج ). هنا الحث على إطعام الفقير البائس، سواء سأل أم لم يسأل .
3 ـ الحق المعلوم للسائلين فى الصدقة مرتبط بمستحقى الصدقة أنفسهم . قال جل وعلا :
3 / 1 : ( وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ ( 24) لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) 25 ) المعارج )
3 / 2 : ( وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) 19 ) الذاريات )
3 / 3 : ( لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ ) 177 ) البقرة ).
4 ـ وفى كل الأحوال ، فإذا لقيت متسولا يسألك مالا :
4 : / 1 يحرم أن تنهره . قال جل وعلا :( وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ ) 10 ) الضحى ).
4 / 2 : له حق :بمجرد سؤاله ، تعطيه ولو أقل قدر من المال . إذا توسمت فيه الفقر والحاجة والبؤس فعليك أن تعطيه ما تستطيع من الحق الذى جعلته معلوما فى مالك .
4 / 3 : لو أخطأت وأعطيت سائلا محترفا إبتغاء مرضاة الله جل وعلا ، أفضل من أن تمنع صدقة عن سائل قد يكن محتاجا فعلا .
4 / 4 : كان الوالى أحمد بن طولون يوزع صدقات على الناس ، فقال له بعض أعوانه المكلفين بالتوزيع إن بعض النساء المتنقبات يمددن أيديهن لأخذ الصدقات ، وفى أيديهن أساور الذهب ، أى لسن محتاجات ، يسألن بدون حق ، فقال لهم : إنهم المستورون من أهل البيوتات العريقة ، الذين قد لا يجدون ما ينفقون . وهم من بين المحرومين ويحسبهم الناس من الأغنياء ، وأمر أتباعه باعطاء الصدقة لكل سائل أو سائلة ، بمجرد السؤال .
4 / 5 : فى عصرنا البائس بدأت الطبقة المتوسطة فى الذوبان ، منهم من لحق بالأثرياء راكبا قطار الفساد ، ومنهم من قبض بيده على الجمر متمسكا بالعفاف ، فسقط الى طبقة الفقراء . هؤلاء هم المستورون فى عصرنا الذين يحسبهم الجهلاء أغنياء بسبب التعفف ، وهم مضطرون الى الحفاظ على مظهرهم ، ويكتمون حرمانهم وفقرهم . لا بد من الالتفات اليهم ، وإعطائهم سرّا مع المحافظة على كرامتهم .
المحروم
1 ـ هو الفقير والمسكين واليتيم وابن السبيل والغارم .
تختلف المسميات وتتفق فى الاحتياج والحرمان . هناك المحروم المحتاج للطعام ( المسكين ) وبالتالى فهو محروم محتاج لما بعد الطعام من ملبس ومسكن ودواء . الأقل حرمانا هو (الفقير ) ، قد يكون محتاجا للمال لينفق على أولاده ونفسه أو ليسدد ديونه ، وقد يكون مريضا محتاجا للدواء ( محروما من الصحة ) ، وقد يكون يتيما غنيا ولكنه ( محروم من الحنان والاهتمام ) محتاجا لمن يسأل عنه . وقد يكون إبن سبيل محروما من المأوى ، سواء من المسافرين أو أبناء الوطن المشردين المحرومين من سقف يسترهم ، من أطفال الشوارع ، أو الأطفال الذين تضطرهم ظروف حرمانهم للعمل وهم فى سنّ التعليم ، وهناك مئات الألوف من الأسر والعائلات يكتظُّون فى حجرة ضيقة كعلبة السردين ، وقد يكون شيخا أو إمرأة عجوزا أو أرملة محرومة من الأهل والصحة والمال والعناية والاهتمام . وقد يكون هناك من يبتغى الزواج ذكرا أو انثى ولا يقدر على تكلفته ، أى محروم من تكوين اسرة . ولا يقول قائل إن عهد الرقيق وملك اليمين قد إنتهى ، فلم ينته بل إزداد بصور أخرى .
2 ـ نتدبر قوله جل وعلا : ( وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (33) النور ) .
2 / 1 : هنا غير القادرين على الزواج ، وعليهم التمسك بالعفة الجنسية الى أن يغنيهم الله جل وعلا من فضله . هذا يتحقق بصدقات المؤمنين والمؤمنات .
2 / 2 : قوله جل وعلا : ( وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ). كان هناك ما يُعرف بالرقيق ( المُكاتب ) ذكرا وأنثى ، وهو يعقد إتفاقا أن يشترى حريته بمال محدد ، ويكتب بذلك كتابا أو عقدا . هذا مستحق العطاء ، سواء من المالك أو غيره .
2 / 3 : هناك من يدفعها الفقر لامتهان الدعارة . لو وجدت عملا شريفا أو زواجا مستقرا لأقلعت عن هذا . هذه تحتاج الى مساعدة .
2 / 4 : فى عصرنا البائس هناك عصابات تهريب البشر والرقيق الأبيض ، وهم يحكمون سيطرتهم على ضحاياهم بطرق شتى ، منها تكبيلهم بأموال . ويستخدمون الرجال فى السخرة والنساء فى الدعارة . هناك منظمات تساعد هؤلاء ، وتحتاج الى تبرعات .
أخيرا
الأسوأ حالا هم الملايين من العائلات والأُسر ضحايا المستبد الشرقى فى كوكب المحمديين . هؤلاء ( محرومون ) من حقوقهم الانسانية والسياسية ، وإذا طالبوا بها عسف بهم وبعائلاتهم المستبد الفاسد ، قتلا وسجنا وتعذيبا وأضطهادا . لا يتورع عن سجن الناشط السياسى بل يتفنّن فى إضطهاد أهله . إذا عجز عن ملاحقته وسجنه إتخذ أهله رهائن . وفى كل الأحوال فإن قطع الأرزاق مستمر ، وإرهاق أهل السجين المظلوم مستمر وهم يحاولون زيارة الضحية المظلوم المسجون ، يتنقلون خلفه من سجن لآخر ، ومن محكمة لأخرى . عذاب ما بعده عذاب . لذا قال جل وعلا باسلوب التأكيد الثقيل : ( وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43) وَأَنذِرْ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعْ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44) وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمْ الأَمْثَالَ (45) وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46) فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ (47) ابراهيم ). .!
اجمالي القراءات
2431
مقال الدكتور احمد صبحى يوضح من خلال ايات القرآن الكريم انه لايوجد اى تمييز" حتى لو كان دينيا" فى مسالة الزكاة الماليه والانفاق , فالخطاب موجه لكل الناس ولكل الطوائف سواء المانحين للزكاه اوالمستحقين لها. فقط احب ان اهدى هذا المقال للمتطرفين الوهابيه والداعشيين المرتزقه ليعرفوا الفرق بين ديننا الاسلامى ودينهم المحمدى وليتاكدوا انهم هم المفسدون ولكن لايشعرون .