ف 3 : لمحة تاريخية عن ( جهاد النساء فى عهد النبى محمد عليه السلام )
ف 3 : لمحة تاريخية عن ( جهاد النساء فى عهد النبى محمد عليه السلام )
القسم الثانى من الباب الثانى عن تفاعل المرأة فى التراث والدين السُنّى
كتاب ( تشريعات المرأة بين الاسلام والدين السنى الذكورى)
ف 3 لمحة تاريخية عن ( جهاد النساء فى عهد النبى محمد عليه السلام )
لمجرد التذكير
1 ـ ليس فى الاسلام إجبار على الجهاد تقوم به الدولة . ليس فى الاسلام ما يعرف الآن ب ( التجنيد ) وبه يتم إسترقاق الملايين لخدمة الفرعون وقومه .
2 ـ فريضة القتال في دولة الإسلام مرجعها للإنسان نفسه ، إذا شاء ألزم نفسه بها ، وإذا شاء تكاسل ، وذلك شأن اعتناق الإسلام نفسه ، ولقد كان النبي يحرض المؤمنين على القتال ليواجهوا الخطر المحدق بهم ، وكانوا أحيانا يتثاقلون ، فلا يتعرض لهم النبي بشيء ، وينزل الوحي يعاتب ويؤنّب (النساء 77 ، 71 ، 84 ، الأنفال 5 ، 65 ، التوبة 13 ، 37) ، وكان المنافقون أكثر تكاسلا في القتال والدفاع حتى أصعب المواقف ، وكل ما نزل للنبي بشأنهم هو حرمانهم مستقبلا من شرف الجهاد (التوبة : 83). إذن هو اختيار ذاتي واختبار حقيقي ، رسب فيه كثير من الرجال الذي ارتضوا لأنفسهم القعود مع العجائز من النساء والرجال وأصحاب الأعذار القهرية الذين يتخلفون في المدينة ، او بتعبير القرآن المنافقين " ... رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ .... التوبة 87 ، 93 " .
3 ـ على أن المرأة القادرة المؤمنة ــ فى دولة النبى محمد المدنية ــ لم تتخلف عن الجهاد بكل انواعه بالمال والنفس والجهد واللسان ، واضطرت مصادر التراث إلى تسجيل بعض جهودهن على استحياء ، وهذا مع أقاويل أخرى تصادر حقها في القتال الجهاد وتحصرها في البيت فقط ، وذلك حتى تعقد صلحاً بين كتابات التراث وواقع المرأة في العصر الذي كُتب فيه هذا التراث .
أولا : مشاركتها فى الحرب الاعلامية
1 ـ ولقد كانت هناك حرب دعائية بين المسلمين والمشركين ، كان مجالها الشعر ، ونبغ في هذا المجال حسان بن ثابت ليعوّض جُبنه وعجزه عن القتال الحربي ، واشتهر حسان ، ولكن شهرته غطت على شاعرات أخريات مؤمنات ، تطوعن بالرد على المشركين .
2 ـ بعد هزيمة قريش في معركة بدر أخذ اليهودي كعب بن الأشرف ينشيء قصائد شعرية يتباكى فيها على قتلى المشركين في بدر ويحرض قريشا على الانتقام من النبي ، فقامت بالرد عليه ميمونة بنت عبد الله . وثأرت قريش لنفسها في غزوة أحد ، وانطلقت هند بنت عتبه تعلن بالشعر شفاء أحقادها وغليلها من حمزة ، فقامت بالردّ عليها هند بنت أثاثة . ننقل هذا من :( سيرة ابن هشام 2/53 ــ ، 91 )
ثانيا : مشاركتها فى المجهود الحربى ( التمريض والرعاية والسقاية فى المعارك )
1ــ في غزوة أحد وغيرها من المعارك الحربية شاركت المرأة في المجهود الحربي بالسقاية وصنع الطعام وإسعاف الجرحى ومداواة المرضى ومساعدة المقاتلين حربياً ، بل واشتركن في القتال الفعلي .
2 ـ ويبدو ان التعبئة العسكرية في المدينة والتحفز الحربي لمواجهة الاستئصال من المحيط المشرك كان من عوامل تجهيز فرقة نسائية حربية تكون احتياطيا للجيش في الأزمات وتقوم في الظروف العادية بالإسعاف وخدمة المحاربين .
2 / 1 : يقول الصحابي أنس : " أن النبي كان يغزو ومعه أم سليم ونسوة من الأنصار فيسقين الماء ويداوين الجرحى " .
2 / 2 : وأم سليم هذه كانت أم انس ، وقد شهدت غزوة حنين وهي حامل بابنها عبدالله بن أبي طلحة ، وكانت تتسلح دائما بخنجر ، ووقفت بجانب النبي في حنين حين انهزم الناس من حوله.
2 / 3 : ومن هذه الكتيبة الحربية النسائية كانت أُم عطية وقد قالت " غزوت مع رسول الله (ص) سبع غزوات ، أخلفهم في رحالهم ، فأصنع لهم الطعام وأداوي الجرحى وأقوم على المرضى" . وقالت الربيع بنت معوذ " كنا نغزو مع النبي ، فنسقى القوم ، ونخدمهم ، ونرد القتلى والجرحى إلى المدينة".
3 ـ ويبدو أنهن تلقين تدريبات خصوصاً في الإسعاف والتمريض ، يدلنا على ذلك أن بعضهن أقيمت لها خيمة في المسجد في المدينة في ظروف السلم لمداواة المرضى ، وكان منهن رفيدة الأسلمية ، وكعيبة ، وكلاهما اشتركتا في مداواة سعد بن معاذ قبل موته وفي حرب الخندق ، واشتركت كعيبة في غزوة خيبر ضمن كتيبة ضمت مجاهدات جدداً جئن من قبيلة غفار ، وقد قابلن النبي في زحفه نحو خيبر فقلن له : أردنا ان نخرج معك فنداوي الجرحى ونعين المسلمين ما استطعنا ، فوافق النبي ، وأردف احداهن خلفه وكانت صبية لما تبلغ بعد ، وقد أعطاهن النبي الغنائم ، وكان منهن ام سنان وام عامر الأسهلية وأمية بنت قيس. ومن المهاجرات من كانت تقوم بمساعدة الجيش كأم أيمن حاضنة النبي وحمنة بنت جحش وأم سليط وعائشة زوجة النبى ، وقد حضرن معركة احد.
4 ـ أما أم عمارة فقد كانت نموذجاً فريداً . كانت إحدى امرأتين في بيعة العقبة الثانية ، وفي غزوة احد خرجت مع زوجها وابنيها تريد إسعاف الجرحى ، ولما اشتدت الحرب وانهزم المسلمون من حول النبي تحركت بأولادها وزوجها نحو النبي تفتديه ، وكان يقاتل وحيداً ، والكافر ابن قميئة من فوق فرسه يكُرّ على النبي يريد قتله ، فظلت تحاور ابن قميئة وهي مترجلة ، فضربته وضربها ، ويروى ان النبي قال عنها :" ما التفتُّ يمينا ولا شمالا إلا وأنا أراها تقاتل دوني " وخرجت من المعركة بجرح ظل غائرا في عاتقها ، وما استراحت إلا بنجاة النبي .ثم شهدت معه الغزوات كلها ، وشهدت الحديبية وعمرة القضاء. وكان أبنها رسولا إلى مسيلمة الكذاب حين ادعى النبوة ، فقتله مسيلمة لأنه رفض الاعتراف بنبوته ، وكان يقطّعه عضوا عضوا . وعلمت بما جرى لابنها فخرجت مع الجيش إلى حرب مسيلمة ، وقاتلت بنفسها ورأت مصرع مسيلمة ، وعادت من المعركة بيد واحدة واثنى عشر طعنة ... وبضمير مستريح . هذه الأخبار ننقلها من : ( الطبقات الكبرى لابن سعد 8/292 ، 163 ، 175 ، 214 ، 234 ، 210 ، 213 ، 334 ، وقبله : ابن هشام 1 / 466 ، 467 ، 2/ 82 ــ ، 342 ، ونقل عنهما البخاري 2/150 ــ ، 3/34 ، ثم مسلم 5/196 ).
ثالثا : المرأة المؤمنة فى هذا الوقت ضحية لمنهج السيرة فى التأريخ
1 ـ منهج القرآن فى القصص ( عن الماضى ووقت النزول فى الحاضر ) التركيز على ما فيه العبرة دونما إهتمام بتحديد الزمان والمكان واسماء الأشخاص . التأريخ يتتبع الأحداث من البداية ويصحبها الى النهاية بالزمان والمكان والأشخاص دون إهتمام بالعبرة .
2 ـ هناك فجوات من الأحداث لم ترد فى القصص القرآنى عن النبى محمد عليه السلام ومن معه من المؤمنين والكافرين والمنافقين . المفترض أن يقوم التأريخ بملء هذه الفجوات ، وهذا ما لم يحدث بصورة متكاملة .
3 ـ هناك أحداث ذكرها القرآن الكريم فى هذه الفترة وأهملها التأريخ . ومنها :
3 / 1 : نعلم وجوب القتال على النساء والرجال ، ومشاركة النساء فى القتال . ومع ذلك فإن الروايات عن مشاركة المؤمنات شحيحة وقليلة وقاصرة .
3 / 2 : هناك فترات تاريخية أشار اليها القرآن الكريم وأهملها التأريخ ، منها الفترة الأولى فى المدينة بعد الهجرة ، حيث تابعت قريش المؤمنين بالغارات الحربية ، قال عنها جل وعلا : ( وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ ) 217 ) البقرة ) . وقتها كان الأمر بعدم مواجهة هذه الهجمات أو ( كفُّ اليد وإقامة الصلاة )، وحين فُرض القتال إعترض بعضهم ، قال جل وعلا عنهم : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ ) 77 النساء ). ثم كان من أسباب الإذن بالقتال هو تعرض المؤمنين لهجمات قوتلوا فيها دون أن يدافعوا عن أنفسهم ، قال جل وعلا : ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ) ( 39 ) الحج ). لا نجد تفصيلا تاريخيا لهذا الموضوع ، مع إن المفهوم أن للمرأة مشاركة فى هذا .
3/ 3 : فى هذه الفترة ـ فترة كفّ اليد ـ كان هناك تدريب عسكرى مكثّف للمؤمنين ، ومعظمهم كانوا مستضعفين لا علم لهم بالحروب . هذا التدريب العسكرى أشار اليه رب العزة جل وعلا فى قوله سبحانه وتعالى ( وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ ) 60 ) الأنفال ). كيف تم هذا التدريب والإعداد ، وكيف حدث بكل ما فى إستطاعتهم ، لا تجد ذكرا لذلك فى التأريخ لهذه الفترة ، مع إن المفهوم أن للمرأة مشاركة فى هذا .
3 / 4 : بعد فتح مكة وعقد الصلح حدث نقض للعهود وإعتداء كانوا فيه على وشك طرد النبى من مكة ، ونزلت فى ذلك الآيات الأولى من سورة التوبة ، لكن سكتت عن ذلك روايات السيرة ، مع إن المفهوم أن للمرأة مشاركة فى هذا .
رابعا : خطايا أخرى
1 ــ قبل الإسلام كان مجتمع الجزيرة العربية قسمين : أقلية هم الملأ واغلبهم في قريش أقوى قبائل العرب وأعزها مكانة ، ثم الأكثرية في بقية القبائل ، وفي بداية الإسلام وقبل فرض القتال كان المؤمنين أقلية مستضعفة ، وحتى حين هاجروا للمدينة ظلوا فيها أقلية مستضعفة تخاف أن يتخطفها الناس (الأنفال 26) . ثم تغير ميزان القوى شيئا فشيئاً بفضل جهد هائل من الاستعداد الحربي والتدريب شاركت فيه النساء ، لا ندري ــ مع الأسف ــ عنه شيئا ، وإن كنا نعتقد أنه جعل المدينة المنورة خليّة تتفجر بالحيوية ، تشارك فيها المرأة إلى جانب الرجل ، وكان هدفهم هو رفع الظلم عن كل المستضعفين المقهورين من الرجال والنساء والصبيان خارج دولة المدينة ، ولذلك كان القرآن الكريم يحثهم على قتال الملأ المستكبرين الذين يضطهدون المستضعفين " وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا ...... النساء :75 " ، ولقد فرض الله تعالى الهجرة على كل قادر واستثنى غير القادر من الرجال والنساء والصبيان كما فرض القتال واستثنى منه المستضعفين وهم الأعمى والأعرج والمريض ، فقال " لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ...... الفتح : 17 " وهؤلاء هم المستضعفون من الرجال والنساء ، ولكن الفقه جرى على حرمان المرأة من الجهاد اكتفاء بأداء فريضة الحج وبطاعة زوجها ، وترددت هذه الفتاوى في ثوب أحاديث تشوش على بعض السطور التي أشارت إلى بعض جهود المرأة في الكفاح المسلح في سبيل المولى عز وجل.
2 ـ بتولى أبى بكر الخلافة دخلوا فى الفتوحات ، بالاعتداء على من لم يعتد عليهم ، وهذا ظلم هائل لشعوب قاتلوها وقتلوا المدافعين الأبطال عن أقوامهم ، وسلبوا أموالهم واسترقوا نساءهم وأولادهم ، واحتلوا بلادهم ، وفرضوا عليهم الجزية والخراج، وعاملوهم بالتحقير . ثم نسبوا هذا الى تشريع الاسلام مع تناقضه مع تشريع الاسلام . ثم إختلفوا حول الثروات المنهوبة فدخلوا فى حروب أهلية طاحنة ، أطلقوا عليها إسما دبلوماسيا :( الفتنة الكبرى ) . ولا يزال المحمديون فى نفق الفتنة الكبرى حتى الآن لم يغادروه . الذى يهمنا هو مشاركة المرأة فى هذه الفتوحات الشيطانية ، وكانت البطولة لقادة من قريش ، وشاركت فيها نساء مّن قريش ، صاحبات تاريخ سابق من العداء للاسلام . ثم كانت ( عائشة ) قائدة أول حرب أهلية فى تاريخ المحمديين . المقصود من هذا أن الثقافة الجديدة التى جاء بها الاسلام فى تفاعل المرأة ومشاركتها ونشاطها إستمر بعد موت النبى محمد عليه السلام فى عهد الخلفاء ( الراشدين / الفاسقين ) ولكن بصورة عكسية ، ليس قتالا فى سبيل الله ولكن إعتداءا فى سبيل الشيطان .
3 ـ وفى عصرنا ظهرت داعش حيث قام أبو بكر البغدادى يجدّد سيرة أبى بكر ( الصديق / الزنديق ) ، وإبتدعت داعش للنساء ( جهاد المناكحة ).
4 ـ وبعض أنواع الماعز يعتقد أن الشيطان قدم إستقالته مسببة ومباشرة بعد أن جاء نصر الله والفتح .
اجمالي القراءات
2772