ب 2 : تفاعل المرأة فى المجتمع. كتاب ( تشريعات المرأة بين الاسلام والدين السنى الذكورى) :
ف 1 : تفاعل المرأة في القصص القرآني عن السابقين
آحمد صبحي منصور
Ýí
2022-05-16
ف 1 : تفاعل المرأة في القصص القرآني عن السابقين
ب 2 : تفاعل المرأة فى المجتمع. كتاب ( تشريعات المرأة بين الاسلام والدين السنى الذكورى)
ف 1 : تفاعل المرأة في القصص القرآني عن السابقين :
مقدمة
1 ـ هناك ثلاثة أنواع من القصص القرآنى حسب الزمن : قصص عن الماضى ( تاريخ السابقين ) وقصص لبعض ما كان يحدث وقت نزول القرآن ( تاريخ معاصر ) . ثم يتميز القرآن الكريم بقصص مستقبلى أنبأ بحدوثه ثم تحقق فيما بعد ، منه ما تحقق حدوثه فى حياة النبى محمد عليه السلام بعد سنوات مثل إنتصار الروم على الفرس بعد هزيمتهم. قال جل وعلا : ( غُلِبَتْ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (6) الروم )، وهزيمة الأحزاب التى جاءت الاشارة عنها فى سورة مكية . قال جل وعلا : ( جُندٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنْ الأَحْزَابِ (11) ص ) ، ثم تحققت هزيمة الأحزاب ونزلت سورة ( الأحزاب ) . ومنه ما تحقق حدوثه بعد موت النبى محمد وانتهاء الوحى القرآنى نزولا . وأوله ما وقع فيه صحابة الفتوحات من كفر جاء النبأ عنه سابقا فى التنزيل المكى فى قوله جل وعلا للنبى محمد عليه السلام ولقومه : ( قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65) وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (66) لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (67) الانعام )، وحدث النبأ المستقر وتحقق وعلموه . وجاء فى أواخر ما نزل إشارة عن اولئك الذين مردوا على النفاق فى قوله جل وعلا : ( وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنْ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101) التوبة ) ، فهؤلاء الذين كتموا نفاقهم ومردوا عليه سرعان ما أظهروا كفرهم ــ بعد موت النبى محمد عليه السلام ــ بالاستيلاء على السلطة وإلزام الأعراب الثائرين عليهم بالانصياع لحكمهم ( حرب الردة ) ، ثم الدخول بهم فى جريمة الفتوحات ، ثم الخلاف بينهم وبين الأعراب حول الغنائم ، وما ترتب عليه من حروب أهلية وتفرقهم شيعا يذيق بعضهم بأس بعض . ويدخل في التاريخ المستقبلى ما جاء عن علامات الساعة وأحداثها واليوم الآخر وأحداثه .
2 ـ وفى كل هذا التفاعل بالخير أو بالشّر شاركت فيه المرأة .
3 ـ وفى هذا الفصل نبدأ بمشاركة المرأة وتفاعلها قبل نزول القرآنى فى القصص القرآنى .
أولا : بداية التفاعل مع آدم وزوجه
1 ـ لقد كانت المرأة عنصرا في القصص القرآني الذي أعطاها دورها الذي ماثل ما فعلته في دنيا الواقع ، فهناك فارق بين تركيز القرآن على دور أم موسى ودور السيدة مريم وبين تعرض القرآن بإشارة ضمنية لامرأة أيوب التي لم تقم بدور فعّال في مرض زوجها ومحنته .
2 ـ وفي بداية الاجتماع الإنساني والأسرة الأولى آدم وحواء قبل الهبوط للأرض نرى حديث القرآن عنه غاية في الإعجاز والإبهار ، خصوصا وأننا لم نعطه حقه من التدبر. فلقد استراح الرجل ــ والمتدين خصوصا ــ إلى الفكرة القائلة بأن حواء هي التي عصت أوامر الله تعالى وأكلت من الشجرة المحرمة فكانت السبب في الطرد من الجنة ، وأننا بسبب خطئها وحدها لا زلنا ندفع فاتورة الحساب على هذا الكوكب الأرضي. هذا يخالف ما ذكره رب العزة جل وعلا ، إذ أن آدم وحواء معاً تلقيا الأوامر والنواهي: ( وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنْ الظَّالِمِينَ )الأعراف :19 ). لقد كانت حواء في ذلك الوقت نصف المجتمع ، وشاركت في تلقي الأوامر بالتساوي مع آدم ، وتقاسمت معه التجربة إذ وسوس لهما الشيطان معا وأغراهما معا ، وجرى النسق القرآني بصيغة المثنى لتشمل آدم وحواء معاً ، فى الانخداع بالشيطان والعصيان بالأكل من الشجرة المحرمة . يقول جل وعلا فى سورة الأعراف :( فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنْ الْخَالِدِينَ( 20) ( وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنْ النَّاصِحِينَ ( 21) فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ ) . لاحظ التعبير بالمثنى فى : ( فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ) ، أي أنه وسوس (لهما) ليبدي (لهما) ، وتتوالى ضمائر المثنى (عنهما) (سوءاتهما) (نهاكما) (ربكما) (ملكين) (قاسمهما)( لكما ). وكانت النتيجة أنهما معا أكلا سوياً من الشجرة الملعونة : ( فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22). إذن هما معا (ذاقا الشجرة ، وبدت (لهما سوءاتهما) ونادهما ربهما يذكرهما بانه نهاهما وحذرهما معا من الشيطان .... لذلك أعلنا معا توبتهما : ( قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ ) 23 ). اننا لا نستفيد فقط أن آدم وحواء اشتركا معاً في الخطأ ، ولكننا نستفيد أيضاً ان نصف المجتمع المتمثل في حواء كان عنصرا إيجابياً في أول مجتمع بشري تحدث عنه القصص القرآني لكي نتعلم ونتعظ ونهتدي. خصوصا وأن الهبوط للأرض إرتبط بعداوة بين بنى آدم ، كانت مع بداية قتل ابن آدم لشقيقه ، واستمرت ، ولا تزال بين الأخوة على مستوى الأسرة الى المدى الأكبر فى الحروب العالمية . وجاء النّصُّ عليه صريحا : ( قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (24). ووعظهم رب العزة جل وعلا فقال : ( يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26) يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (27)الأعراف ).
وبعد ان هبط آدم وحواء إلى الأرض وحدثت أول تجربة حمل وولادة بشرية تقاسم الزوجان مشاعر الخوف والرجاء نحو أول مولود بشري في هذا الكوكب ، وتقاسما أول وقوع فى الشّرك . قال جل وعلا عنهما بصيغة المثنى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنْ الشَّاكِرِينَ (189) فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا )(190)الأعراف).
ثانيا : فى قصص الأنبياء
ثم تكاثر البشر وتقلّبوا بين الهداية والضلال ، وبعث الله سبحانه تعالى لهم الأنبياء ، وحكى القرآن طرفا من قصص الأنبياء أعطى فيه المرأة حقها حسب إسهامها الحقيقي والواقعي ..
1 ــ ففي قصة إبراهيم شاركته البطولة زوجته التي بشرتها الملائكة بابنها اسحق وحفيدها يعقوب ، وذلك في موضوع مرور الملائكة بإبراهيم عليه السلام . قال جل وعلا : ( وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلاماً قَالَ سَلامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (69) فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ (70) وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَقَ يَعْقُوبَ (71) قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72) قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (73) هود ).
2 ـ وبعده مرت الملائكة بالنبي لوط ، ونفهم تآمر زوجة لوط ، وأنها أفشت لقومها المرضى بالشذوذ خبر وجود ضيوف لدى زوجها لوط ، مما حفزهم للهجوم على بيت لوط ، وكانت نهايتها مع قوم لوط في الهلاك . قال جل وعلا : (وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ (77) وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِي فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (78) قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ (79) قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ (80) قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنْ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمْ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (81) هود ) ..
3 ـ وفي قصة يوسف تكاد تلمس ملامح الواقعية الإنسانية ، فامرأة العزيز تربي طفلا جميلا لا يمتّ لها بصلة ، ولكنه يكبر أمام عينيها ليصبح شابا يافعاً فائق الوسامة والجمال ، ولا تملك نفسها فتقع في حبه وتعذّب نفسها وتعذّبه وتعذّب من حولها بسبب هذا الغرام ، وقد يتحرج بعض الفقهاء الحنابلة إذا رويت هذه القصة خارج القرآن ، وربما كانوا يطالبون بتحريمها وتجريمها ومصادرتها لأنها تتعرض لشخصية نبي من انبياء الله ، ولكن رب العزة جل وعلا أوردها بأكملها في سورة واحدة تبدأ بقوله تعالى : ( نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ ) ، وقال في نهايتها : ( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى). وفي السورة نرى البطولة للمرأة ، فإمرأة العزيز هى البطلة على حساب زوجها ، وكذا النساء المترفات فى المدينة على حساب أزواجهن ، وهذا مع مختلف المواقف ، من محاولة الاغواء الجنسي إلى استعراض جمال يوسف أمام النسوة المترفات في القصر إلى أن ينتهي دور امرأة العزيز بالتوبة وصحوة الضمير ، ثم تنتهي القصة باستقبال يوسف لأبيه وأُمّه . هى قصة إنسانية حقيقية واقعية تكاد تلمح شخوصها حولك ، إلى درجة أن رب العزة جل وعلا لم يتعرض لدور يوسف في النبوة والرسالة إلا في بعض إشارات قليلة (يوسف 37 : 40) بينما حفلت بتفصيلات ثمينة تاريخية واجتماعية وإنسانية ، وبرز فيها دور المرأة بقدر إسهامها في القصة الحقيقية .
4 ـ وفي قصة موسى نرى البطولة المطلقة للمرأة في الجزء الأول منها والذي أفاضت فيه سورة (القصص) وذلك يبدو منطقيا ، فمنذ البداية نجد أم موسى وقلقها على أبنها ، ثم الوحي الإلهي لها لتُلقيه في اليم ، ثم نجد أُخته تتابعه ، وامرأة فرعون تستقبله ، ثم المرضعات يحاولن إرضاعه وهو لا يستجيب ، ثم أخت موسى تعرض عليهم مرضعة للوليد يمكن ان يقبلها ، ثم رجوع الوليد إلى صدر أمه ليتربى في حضنها ، في هذا الجزء من القصة لا نرى دوراً للأب ، فالأم هي البطلة ، وهي التي تصنع المهد لتضع فيها وليدها ، وهي التي تأمر ابنتها بمتابعة المهد في النيل ، حتى إذا وصل التابوت إلى قصر فرعون وجد امرأة فرعون وجواريها والمرضعات ... ثم تدخل القصة مرحلتها التالية ، وقد أصبح موسى رجلا قوي البنيان ، وفي هذه المرحلة تتقاسم البطولة مع موسى فتاتان رآهما عند ماء مدين ، وتزوج إحداهما ورجع بها على مصر .. وفي الطريق جاءه الوحي ، وبدأت المرحلة الثالثة ، ودخلت القصة في منعطف جديد توزعت فيه البطولة بين الزعامات ، موسى زعيما لشعبه وفرعون والملأ يتزعمون الشعب المصري ، وتنزوي امرأة فرعون المؤمنة في مخدعها تدعو على فرعون وجبروته وأن ينجيها الله تعالى منه ومن عمله ..( اقرأ سورة القصص 1: 30 ، التحريم 11) ، (طـه 38 : 41) ..
5 ــ ثم ملكة سبأ وأنها تملك قومها : ( إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) النمل ) . وتتقاسم البطولة فى القصة مع سليمان عليه السلام .
6 ـ وميلاد المسيح عليه السلام يبدأ بامرأة عمران التي تنذر ما في بطنها لله تعالى ، ثم تلد مريم التي يكفلها زكريا ، الذي بلغ من الكبر عتيا وزوجته عاقر ، ولكن الله يستجيب لأمنيته فيهبه منها (يحيي) ، وتكبر مريم في محرابها إلى ان يدخل عليها جبريل بالأمر الإلهي فتحمل بالمسيح بدون أب . ويحكي رب العزة جل وعلا موقفها ومشاعرها ونطق ابنها الوليد في المهد دفاعا عن أمه وبرّه بها ، أي كانت البطولة المطلقة لهذه البتول العظيمة التي جعلها الله تعالى وابنها آية للعالمين (الأنبياء 91) (اقرأ قصة ميلاد المسيح في سورة (آل عمران 32 ــ 49) وسورة مريم (16 ــ 34)
اجمالي القراءات
3296
لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى .. لم يكن حديثا يفترى حاشا و كلا بل كان عبرة لأولي الألباب و حيث أن المقال مخصص للمرأة و دورها فحري بنا البحث و التعليق عن دور المرأة بعد نزول القرآن و مقارنة دورها بدور نظيراتها اللآتي ذكرهن الحق جل و علا .. ذكر القرآن الكريم نساء رسل و أنبياء .. ذكر أمهات رسل و أنبياء .. ذكر بنات العبد الصالح .. ذكر إمرأة العزيز تلك المرأة العاقلة الرزينة ذات الشخصية الجميلة الصادقة .. و عندما تبحث في التاريخ ما بعد نزول القران تجد إحتقارا للمرأة و تسبى و تغتصب !! كيف كان تأثير بطولات النساء في القران الكريم على صحابة الرسول ؟ هل سمو بناتهم مثلا بأسماء تلك النساء دلالة على تأثرهم بهن ؟