أشوفه .!! أشوفه .!!
أولا :
1 ـ كانت فى السوق فجاءها النبأ بوفاة زوجها فجأة . عادت تلطم وتصرخ ، ودخلت غرفته وهى تقول ( أشوفه .. أشوفه ) ، تريد أن تراه لتتأكّد من موته . نفترض هذا مشهدا دراميا فى قصة تتآمر فيها الزوجة لتتخلص من زوجها فيموت وهى بعيدة عنه . ليس هذا مهما . المهم هو قولها فى صراخها ( أشوفه .. أشوفه ).
2 ـ ( شاف ) كلمة عربية فصحى ، تعنى ( رأى ) بالعين أو بالعقل . وهى مستعملة كثيرا فى اللهجة المصرية . وهناك من إسمه ( الشوّاف ) من المصريين ، وهناك قرية الى جوار قريتنا فى محافظة الشرقية اسمها ( الشوافين ). ويستعملها المصريون فى الرؤية العينية الحسية فيقولون ( أشوفه ) ، وهناك تنوع فى ( شاف / يشوف ) بمعنى الرؤية العقلية، ، منه التعجب كقولهم :( شوف إزاى )، والحسرة كما فى قول عبد الحليم حافظ :( شوف بقينا فين يا قلبى ) .. وهو حديث صحيح متفق عليه صحّحه الألبانى الساعاتى .( الألبانى لأنه من ألبانيا ، والساعاتى لأن مهنته الأصلية كانت تصليح الساعات فأصبح يصلّح الأحاديث ) ، ومنها الفخر كما فى قول أم كلثوم أيام الهبل الناصرى : ( طوف ..وشوف ) .. وهذا أيضا حديث صحيح متفق عليه وصححه الأألبانى الساعاتى .( الألبانى لأنه من ألبانيا ، والساعاتى لأن مهنته الأصلية كانت تصليح الساعات فأصبح يصلّح الأحاديث ).
3 ـ لم تأت الكلمة العربية الفصحى ( شاف / شوف ) فى القرآن الكريم ، فليس كل الكلمات العربية الفصحى فى الكتاب الحكيم . ولكن معنى ( شاف / شوف ) جاء فى مصطلحات هى : ( رأى / نظر / بصر ) . ومنه قوله جل وعلا : ( قُلْ أَرُونِي الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ ) (27) سبأ ). .
4 ـ قوله جل وعلا للنبى محمد عليه السلام : ( قُلْ أَرُونِي الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ )(27) سبأ ) يعنى أمرا للنبى محمد عليه السلام أن يقول لقومه متحديا أن يرى أو أن ( يشوف ) الأولياء الموتى المقبورين المقدسين والذين جعلوهم شركاء للخالق جل وعلا فى ملكه فى الدنيا وفى يوم الدين ، ومستحيل رؤيتهم بالعين ماديا لأنهم أوهام وخرافات لا وجود لها إلا فى عقول المؤمنين بها ، والعادة أن عقولهم مستقرة فى مؤخراتهم . كانت ولا تزال .
5 ـ وطالما أن قوله جل وعلا ( قُلْ أَرُونِي الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ )(27) سبأ ) هو أمر للرسول محمد عليه السلام فهو أمر لكل داعية يدعو الى ( لا إله إلا الله وحده لاشريك له ) ونبذ عبادة البشر والحجر . وعليه ، فحيث توجد قبور يزعمون أن تحتها ( ولى ) أو ( إله ) يشارك الله جل وعلا فى مُلكه وحكمه فيجب على المؤمن الداعية أن يقول لمن يعبدها ويقدسها : ( أرونى هؤلاء الذين تعبدونهم وتقدسونهم وجعلتموهم شركاء لله جل وعلا يملكون النفع والضرر والمدد . ! ). إن تعذّر عليه أن يقول هذا بالعربية الفصحى فيمكن أن يقولها بالعربية الفصحى وباللهجة المصرية الشعبية ايضا : ( أشوف هؤلاء الذين تعبدونهم وتقدسونهم وجعلتموهم شركاء لله جل وعلا يملكون النفع والضرر والمدد . ! ). إن تعذّر عليه ان يقول هذه الجملة الطويلة يمكن أن يكتفى بكلمة واحدة هى ( اشوفه ) . ولا بأس أن يكررها للتأكيد فيقول ( أشوفه .. اشوفه ) ، ويجب أن يرفع بها صوته ما شاء . هذا يعنى أن يكون شجاعا الى درجة الجنون ، يذهب الى القبر المقدس حيث يتجمع العابدون والعاكفون والقائمون والرُّكّع السجود ، فيصرخ فيهم ( أشوفه .. اشوفه ) ، فلعلّ وعسى أن ينتبهوا من غفلتهم ويرجعوا الى فطرتهم .. إن ظلت عقولهم فى مؤخراتهم فليصرخ فى صاحب القبر المقدس : " اشوف وشك .. إظهر وبان عليك الأمان " . وربما ساعتها سيتصور أولئك الذين يحتفظون بعقولهم فى مؤخراتهم أن الاله المقدس سيخرج من تحت الأرض ، عندها سيولون الأدبار هلعا ورعبا .! .
6 ـ اشهر القبور الرجسية على الاطلاق هو ذلك المنسوب للنبى محمد عليه السلام زورا وبهتانا . تاريخيا فانهم لم يدفنوا جثة أو ( سوأة ) النبى محمد فى قبر ، بل فى حجرة (عائشة ) والتى كانت تسكن فيها وتعيش . ولا أحد من الأحياء يعيش فى قبر ، أى إنه لم يكن قبرا أو مقبرة . ولكن الذين وضعوا عقولهم فى مؤخراتهم يؤمنون أن النبى يعيش تحت الأرض حيا سجينا الى يوم الدين ، ويتم عرض أعمال أُمّته عليه ، أى جعلوه خادما عندهم يقوم بعمل شاقُّ ، بل يقوم به وحده بلا سكرتارية وبلا موظفين و مساعدين ، ثم جعلوه يخدم ليس شخصا واحدا بل كل المحمديين من بعد وفاته الى يوم الدين ، وهؤلاء المحمديون يحجون الى قبره يقفون بأقدامهم فوقه ، وهم يعرفون أنه ( تحت الأرض ).. ما علينا .. بل علينا . علينا أن نتساءل : إذا كان حيا وقت أن كانت عائشة ( تعيش ) فى هذا ( القبر ) ؟ ، وهل هى إستأذنت منه حين خرجت من حجرتها لتقوم بقيادة جيش يشعل أول حرب أهلية فى تاريخ المحمديين وتتسبب فى قتل عشرة آلاف شخص ..فقط ؟ . وهل أعطاها تصريحا مكتوبا بهذا ؟ إذا كان هناك ( تصريح ) إذن : (أشوفه ) . كانت حجرة عائشة بجوار مسجد المدينة ، ثم حدثت تجديدات للمسجد فأضيفت اليه أراض حوله منها حجرات نساء النبى بعد هدمها ، ولم يكن وقتها أحد يعرف أين مكان حجرة عائشة بالتحديد ، ولم يهتم أحد فلم يكن تقديس النبى محمد قد تحكّم بعد ، ثم توالت التجديدات والاتساعات . وحين إستشرى تقديس النبى واحتاجوا الى تعيين وتحديد قبر له هم الذين حددوا وهم الذين عينوا المكان ، وليست للنبى محمد عليه السلام أى علاقة بهذا ، فقد رجعت نفسه الى البرزخ الذى أتت منه شأن كل نفس بشريه تموت ، وقد قال له ربه جل وعلا حين كان حياّ يُرزق ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) الزمر ). أى مثله مثل خصومه مات ، ومعنى موته أن تحوّل جسده الى سوأة وجيفة ما لبث أن تحللت ، بينما رجعت نفسه الى برزخها . من يستفظع هذا فلا يزال فى قلبه تقديس للبشر . نتذكر المتعاركين للوصول الى أقرب مكان للقبر الرجسى هذا ، ونتخيل داعية مسلما شقّ طريقه بينهم صارخا ( أشوفه .. أشوفه ) . ونتخيل أنه قال لهم : أريد بالتجربة العملية أن ( اشوفه ) ، فرفضوا ، فقال لهم : ألا تريدون أن ( تشوفوا الحبيب المصطفى ) ؟ الذى يحب شخصا يتمنى أن ( يشوفه ) . ستعجز عقولهم المستقرة فى مؤخراتهم عن التفكير . قد يقول لهم : " هيا بنا نحفر لنعثر عليه ونراه ونتمتع ونتشرف برؤيته وتقبيله وضمّه ".. هل سيتركونه يحفر ليكتشف الحقيقة ؟ مستحيل لأنهم يعيشون الوهم .
الحقيقة أن المخدرات الدينية هى الأفظع ، لأنها من ( عمل الشيطان ). فهكذا وصف الله جل وعلا الأنصاب أى القبور المقدسة فقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) المائدة ).
7 ـ دعنا نشوف ( قبور) الحسين الرجسية .
7 / 1 : أهمها ذلك الموجود فى كربلاء ( كرب وبلاء ) . حين قتلوا الحسين فصلوا رأسه عن جسده . وتركوا الجسد فى العراء الى أن مرّ بعض الأعراب فدفنوا جسد الحسين والآخرين . ثم أقيم على جسد الحسين قبر ما لبث أن أصبح مقدسا . مع أنه جسد بلا رأس ، أى ذراعان وساقان ومؤخرة وصدر وبطن ، ثم تحولت الى جيفة ، وذابت فى الأرض . سينكرون هذا .. حسنا .. دعنا ( نشوف ) . إحفر يا أخ ودعنا ( نشوف ) .
7 / 2 : ثم هناك قبور مقدسة أخرى بنوها على ( رأس الحسين ) .! مع معرفتهم أن للحسين رأسا واحدة ، ولا توجد أكثر من رأس لأى شخص ، حتى لو كان إسمه ( أبو الروس ) ، وبالمناسبة فهذا الاسم ( أبو الروس ) منتشر فى مصر ، بين المصريين وليس بين ( الروس ).
7 / 3 : ما علينا. بل علينا .. علينا أن نسأل عُبّاد الحسين فى مصر العاكفين على قبر ومسجد رأسه فى القاهرة :
7 / 3 / 1 : إذا كانت لرأس الحسين كرامة فكيف قطعها السيف ؟ وإذا كان الحسين إلاها فكيف هزموه وقتلوه ؟
7 / 3 / 2 : لنفترض أن لرأس الحسين تصريفا إلاهيا ، فما أدراكم أنها مدفونة هنا ؟ هل من رآها وجدها بنفس ملامحها الأصلية ؟ وهل يعرف ملامح الحسين الأصلية ؟ هل لديه الحمض النووى ( DNA) للحسين ؟. وهل الوزير الفاطمى طلائع بن رزيك الذى أقام هذا المسجد لرأس الحسن عام 548 كان حيا مع الحسين من أربعة قرون ويعرفه جيدا ؟
7 / 3 / 3 : من الآخر .. دعنا ( نشوف ) . إحفر يا أخ ودعنا ( نشوف ) .
8 ـ هناك مئات الألوف من الأنصاب المقدسة للمسيحيين والبوذيين والمحمديين ..الخ . وهناك البلايين من المزدحمين عليها فى الموالد والأعياد وفى غير الموالد والأعياد ، لأن تجارتها ــ البليونية ــ مضمونة المكسب ، ولأن مخدراتها مضمونة المفعول ، وتحظى بحماية الدول ما كان منها ديمقراطيا أو ديكتاتوريا أو ديموقكتاتوريا . ولهذا فلو ذهب داعية وقال متحديا ( اشوفه .. أشوفه ) فلن ( يشوف ) شيئا بعدها ..!
أخيرا :
آه يا بقر.!!