نقد كتاب قنوت النوازل
نقد كتاب قنوت النوازل
المؤلف يوسف بن عبدالله بن أحمد الأحمد والكتاب يدور حول موضوع القنوت بمعنى الدعاء عند المصائب والكوارث وهو كلام لا أساس له فالمطلوب عند ذلك هو علاج ما نتج عن تلك المصائب والكوارث من أضرار وليس مجرد لعن محدثيها أو صرف كرب المصابين بالكلام وفى المقدمة قال :
"أما بعد فقد أصيبت الأمة الإسلامية بجراحات غائرة ، في مشارق الأرض ومغاربها ، فكان الواجب الشرعي هو : نصرة إخواننا المسلمين على عدوهم الكافر ، و رفع الظلم عنهم ، وإغاثتهم ، وتعليمهم ما يجب عليهم في دينهم ، والدعاء لهم ؛ ومما يشرع من الدعاء قنوت النوازل"
وغرض الأحمد من الكتاب بيان أحكام القنوت كما في قوله:
"ونظرا لأهمية هذا الموضوع ، وحاجتنا إليه ، وخفاء بعض أحكامه على كثير من الناس ، أردت بيان أحكامه بإيجاز وفق ما ثبت في سنة النبي (ص)مرتبا في الآتي :"
وأول ما تحدث عنه شرعيته في الصلوات المفروضة فقال :
أولا : يشرع القنوت في النوازل في الصلوات الخمس كلها وقد ثبت في ذلك نصوص كثيرة منها :
1 عن أنس بن مالك : " أن النبي (ص)قنت شهرا يلعن رعلا وذكوان وعصية عصوا الله ورسوله " متفق عليه واللفظ لمسلم
2 عن أنس بن مالك رضي الله عنه : " أن رعلا وذكوان وعصية وبني لحيان استمدوا رسول الله (ص)على عدو فأمدهم بسبعين من الأنصار كنا نسميهم القراء في زمانهم كانوا يحتطبون بالنهار ويصلون بالليل حتى كانوا ببئر معونة قتلوهم وغدروا بهم فبلغ النبي (ص)فقنت شهرا يدعو في الصبح على أحياء من أحياء العرب على رعل وذكوان وعصية وبني لحيان قال أنس فقرأنا فيهم قرآنا ثم إن ذلك رفع ( بلغوا عنا قومنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا) " أخرجه البخاري "
والخطأ الأول في الأحاديث دعاء النبى (ص)فى الصلاة بصوت سمعه الناس يسمى دعاء القنوت وهو يخالف نهى الله عن الجهر فى الصلاة بقوله "ولا تجهر بصلاتك "والخطأ الثانى وجود قرآن منسوخ لم يسجل فى المصحف وهو تخريف لأن كل ما أنساه الله لنبيه (ص)من القرآن أنساه للناس لقوله تعالى "سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله "ولو كان ذلك القرآن حقيقيا لكتب فى المصحف لأن الكتبة لو لم يفعلوا لكان الوحى ناقصا غير تام وقد وصفه الله بأنه كامل بقوله "اليوم أكملت لكم دينكم "ثم قال :
3 عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : " كان القنوت في المغرب والفجر " أخرجه البخاري
4 عن البراء قال : " قنت رسول الله (ص)في الفجر والمغرب " أخرجه مسلم"
هنا القنوت في المغرب والفجر وهو ما يناقض كونه في العشاء في الحديث التالي:
5 عن أبي هريرة : " أن النبي (ص)كان إذا قال سمع الله لمن حمده في الركعة الآخرة من صلاة العشاء قنت اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة اللهم أنج الوليد بن الوليد اللهم أنج سلمة بن هشام اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين اللهم اشدد وطأتك على مضر اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف "أخرجه البخاري "
ويناقض ما سبق من كونه في المغرب والفجر فقط أو في العشاء فقط كونه في العشاء والظهر والصبح في قول الحديث التالى :
6 عن أبي هريرة قال : " لأقربن صلاة النبي (ص)فكان أبو هريرة رضي الله عنه يقنت في الركعة الآخرة من صلاة الظهر وصلاة العشاء وصلاة الصبح بعد ما يقول سمع الله لمن حمده فيدعو للمؤمنين ويلعن الكفار " متفق عليه "
والكل يناقض أنه في كل الصلوات في الحديث التالى:
7 عن ابن عباس قال : " قنت رسول الله (ص)شهرا متتابعا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء وصلاة الصبح في دبر كل صلاة إذا قال سمع الله لمن حمده من الركعة الآخرة يدعو على أحياء من بني سليم على رعل وذكوان وعصية ويؤمن من خلفه " أخرجه أحمد وأبو داود وسنده جيد قال النووي : " رواه أبو داود بإسناد حسن أو صحيح " (المجموع3/482) وقال ابن القيم : " حديث صحيح " (زاد المعاد 1/280 ) وحسنه الألباني ( انظر صحيح سنن أبي داود ح1443 ) "
والروايات متناقضة لأن معظمها في حادثة واحدة فلو كانت في حوادث متعددة لكان بالإمكان قبولها
ويتبين من هذه الأحاديث أمور :
1 مشروعية القنوت في النوازل قال ابن تيمية : " القنوت مسنون عند النوازل ، وهذا القول هو الذي عليه فقهاء أهل الحديث ، وهو المأثور عن الخلفاء الراشدين "( مجموع الفتاوى 23/ 108 )
2 أن النبي (ص)قنت في النوازل في الصلوات الخمس كلها ، وثبت في صحيح البخاري منها : الفجر والظهر والمغرب والعشاء أما العصر فقد ثبت عند أحمد وأبي داود بسند جيد كما سبق
3 أن أكثر ما رواه الصحابة في قنوت النبي (ص)ـ فيما يظهر من هذه الأحاديث وغيرها ـ كان في الفجر، ثم المغرب والعشاء، ثم الظهر ، ثم العصر
قال ابن تيمية : " فيشرع أن يقنت عند النوازل يدعو للمؤمنين ويدعو على الكفار في الفجر وغيرها من الصلوات ، وهكذا كان عمر يقنت لما حارب النصارى بدعائه الذي فيه ( اللهم العن كفرة أهل الكتاب )" ( مجموع الفتاوى 22/270 )
وقال أيضا: " وأكثر قنوته ـ يعني النبي (ص)ـ كان في الفجر " ( مجموع الفتاوى 22/269 )
وقال ابن القيم : " وكان هديه (ص)القنوت في النوازل خاصة ، وتركه عند عدمها ، ولم يكن يخصه بالفجر ، بل كان أكثر قنوته فيها " ( زاد المعاد 1/273 )
4 أن قنوت النوازل إنما يكون في الركعة الأخيرة ، و أن محله بعد الرفع من الركوع "
كا ما رتبه ونقله الأحمد في المسألة خطأ كبير للتالى :
الخطأ العام في الأحاديث سماع الناس صوت النبى (ص)فى الصلاة وهو يدعو دعاء القنوت وهو ما يخالف وجوب عدم الجهر فى الصلاة فى قوله تعالى :
"ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها "
ونلاحظ هنا تناقضا فى عدد صلوات القنوت فمرة 5 كما بالحديث 7 ومرة 3 كما بحديث62 ومرة 1 كما بحديث 1 ومرة 2 كما بحديث 3و4 ونلاحظ تناقضا فى مكان القنوت فى الصلاة فهناك دبر الصلاة مرة ومرة فى الركعة الأخيرة دون تحديد ومرة بعد الركوع
وتحدث عن كون القنوت مدته قليلة فقال :
ثانيا : المشروع أن يكون القنوت يسيرا فيبتعد عن الإطالة لحديث أنس لما سئل : هل قنت رسول الله (ص)في صلاة الصبح ؟ قال : " نعم بعد الركوع يسيرا " أخرجه مسلم وقد ظهر لنا من الأحاديث السابقة أن قنوت النبي (ص)كان جملا قليلة والسعيد من وفق لسنة النبي (ص)
ثالثا : الاقتصار في الدعاء على النازلة فلا يزيد في قنوته أدعية أخرى ، وإنما يقتصر على النازلة كما فعل النبي (ص)"
والذي يظهر من الأدلة السابقة وغيرها أن النبي (ص)كان يكرر الدعاء نفسه في قنوته حينما قنت شهرا ، وربما كان بينها اختلاف يسير "
أما الدعاء في النوازل فلا شك في إباحته وأما كونه في الصلاة فمحرم لأن الصلاة قراءة للقرآن أى ذكر لله والدعاء المخصص بكارثة ما ليس من ضمن قراءة القرآن ثم قال :
رابعا : القنوت مشروع عند وجود سببه ( وهو النازلة بالمسلمين ) فإذا زال السبب ترك القنوت أما قنوت النبي (ص)شهرا فليس مقصودا منه التحديد ؛ لأن النبي (ص)ترك القنوت لما زال سببه بقدوم من قنت لهم ، كما يدل على ذلك حديث أبي هريرة : " أن النبي (ص)قنت بعد الركعة في صلاة شهرا إذا قال سمع الله لمن حمده يقول في قنوته اللهم أنج الوليد بن الوليد اللهم نج سلمة بن هشام اللهم نج عياش بن أبي ربيعة اللهم نج المستضعفين من المؤمنين اللهم اشدد وطأتك على مضر اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف قال أبو هريرة ثم رأيت رسول الله (ص)ترك الدعاء بعد فقلت أرى رسول الله (ص)قد ترك الدعاء لهم قال فقيل وما تراهم قد قدموا" أخرجه مسلم
قال ابن القيم : " إنما قنت عند النوازل للدعاء لقوم ، وللدعاء على آخرين ، ثم تركه لما قدم من دعا لهم ، وتخلصوا من الأسر ، وأسلم من دعا عليهم و جاؤوا تائبين ، فكان قنوته لعارض ، فلما زال ترك القنوت " (زاد المعاد 1/272 ) "
الغريب في تلك الحكايات هو أن النبى(ص) اكتفى بالدعاء على القوم دون ان يقوم بتجهيز جيش بقتالهم وهزيمتهم وهو أمر مخالف تماما لقوله تعالى :" فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم"
ثم تحدث عن عدم وجود صيغة معينة لدعاء القنوت فقال :
"خامسا : قنوت النوازل ليس له صيغة معينة ، وإنما يدعو في كل نازلة بما يناسب تلك النازلة
أما الدعاء الذي علمه النبي (ص)للحسن : " اللهم اهدنا فيمن هديت الخ " فإنما هو في قنوت الوتر ، ولم يثبت عن النبي (ص)في قنوت النوازل
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " فالسنة أن يقنت عند النازلة ويدعو فيها بما يناسب القوم المحاربين " (مجموع الفتاوى 21/155 )
وقال أيضا : " وينبغي للقانت أن يدعو عند كل نازلة بالدعاء المناسب لتلك النازلة وإذا سمى من يدعو لهم من المؤمنين ومن يدعو عليهم من الكافرين المحاربين كان ذلك حسنا "( مجموع الفتاوى 22/271 )
و قال أيضا : " عمر قنت لما نزل بالمسلمين من النازلة ، ودعا في قنوته دعاء يناسب تلك النازلة ، كما أن النبي (ص)لما قنت أولا على قبائل بني سليم الذين قتلوا القراء ، دعا عليهم بالذي يناسب مقصوده ، ثم لما قنت يدعو للمستضعفين من أصحابه (ص)دعا بدعاء يناسب مقصوده فسنة رسول الله (ص)وخلفائه الراشدين تدل على شيئين :
أحدهما : أن دعاء القنوت مشروع عند السبب الذي يقتضيه ، ليس بسنة دائمة في الصلاة
الثاني : أن الدعاء فيه ليس دعاء راتبا ، بل يدعو في كل قنوت بالذي يناسبه ، كما دعا النبي (ص)أولا وثانيا ، وكما دعا عمر لما حارب من حاربه في الفتنة ، فقنت ودعا بدعاء يناسب مقصوده " ( مجموع الفتاوى 23/109 )
ومن دعا بدعاء النبي (ص)؛ لأنه يناسب نازلة المسلمين كأن يقول في مثل مصابنا هذه الأيام : ( اللهم أنج إخواننا المسلمين في كوسوفا ، اللهم انصرهم ، اللهم اشدد وطأتك على الصرب النصارى ومن شايعهم وأعانهم ، اللهم العنهم ، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف ) فقد أحسن ؛ لأن دعاء النبي (ص)أفضل وأجمع ما يدعى به "
كما سبق القول الدعاء يكون عند حدوث الكارثة وأما بعدها بدقائق فينبغى التحرك لدفع الكارثة بالقتال أو بانقاذ المكروبين أو مساعدة الناس كما قال تعالى:
" وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان"
وتحدث عن الجهر بالدعاء في الصلاة فقال :
"سادسا : يسن جهر الإمام في القنوت للنازلة لحديث أبي هريرة : " أن رسول الله (ص)كان إذا أراد أن يدعو على أحد أو يدعو لأحد قنت بعد الركوع فربما قال إذا قال سمع الله لمن حمده اللهم ربنا لك الحمد اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها سنين كسني يوسف يجهر بذلك " أخرجه البخاري
قال النووي : " وحديث قنوت النبي (ص)حين قتل القراء - رضي الله عنهم - يقتضي أنه كان يجهر به في جميع الصلوات ، هذا كلام الرافعي والصحيح أو الصواب استحباب الجهر " ( المجموع 3/482 )
قال ابن حجر : " وظهر لي أن الحكمة في جعل قنوت النازلة في الاعتدال دون السجود مع أن السجود مظنة الإجابة كما ثبت ( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ) وثبوت الأمر بالدعاء فيه أن المطلوب من قنوت النازلة أن يشارك المأموم الإمام في الدعاء ولو بالتأمين ،ومن ثم اتفقوا على أنه يجهر به " (فتح الباري 2/570 ) "
والجهر في الصلاة محرم لقوله تعالى:
" ولا تجهر بصلاتك"
ثم تحدث عن ـامين المأموم على دعاء أفمام في القنوت فقال:
سابعا : يسن تأمين المأموم على دعاء الإمام في قنوت النازلة لحديث ابن عباس في قنوت النبي (ص)وفيه : " يدعو على أحياء من بني سليم على رعل وذكوان وعصية ويؤمن من خلفه " أخرجه أحمد ، و أبو داود بإسناد جيد كما سبق "
وكما سبق القول لا يصح الجهر ولا يصح الدعاء في الصلاة
وتحدث عن رفع اليدين عند دعاء القنوت فقال :
"ثامنا : يسن رفع اليدين في دعاء قنوت النازلة لحديث أنس قال " فما رأيت رسول الله (ص)وجد على شيء قط وجده عليهم ـ يعني القراء ـ فلقد رأيت رسول الله (ص)في صلاة الغداة رفع يديه فدعا عليهم " أخرجه أحمد بإسناد صحيح وقال النووي : " رواه ـ البيهقي ـ بإسناد له صحيح أو حسن " ( المجموع 3/479 )
وعن أبي رافع قال : " صليت خلف عمر بن الخطاب فقنت بعد الركوع ، ورفع يديه ، وجهر بالدعاء " أخرجه البيهقي وقال " هذا عن عمر صحيح " ( سنن البيهقي 2/212 )
قال النووي : " وعن أبي عثمان قال : كان عمر يرفع يديه في القنوت وعن الأسود أن ابن مسعود كان يرفع يديه في القنوت رواها البخاري في كتاب رفع اليدين(1) بأسانيد صحيحة ، ثم قال في آخرها ـ يعني البخاري ـ : هذه الأحاديث صحيحة عن رسول الله (ص)وأصحابه " ( المجموع 3/490 ) "
ورفع اليدين في الدعاء أيا كان كلام خاطىء لأنه يجعل لله جهة وهو ما يخالف أنه ليس له جهة كالخلق وفى هذا قال تعالى:
" ليس كمثله شىء"
ثم تحدث قائلا :
"تنبيهات :
أولا : لا يشرع مسح الوجه بعد دعاء القنوت لأن ما ورد في المسح ضعيف لا يحتج به
قال البيهقي ـ ـ : " فأما مسح اليدين بالوجه عند الفراغ من الدعاء فلست أحفظه عن أحد من السلف في دعاء القنوت ، وإن كان يروى عن بعضهم في الدعاء خارج الصلاة ، وقد روي فيه عن النبي (ص)حديث فيه ضعف وهو مستعمل عند بعضهم خارج الصلاة ، و أما في الصلاة فهو عمل لم يثبت بخبر صحيح ولا أثر ثابت ، ولا قياس فالأولى أن لا يفعله ويقتصر على ما فعله السلف - رضي الله عنهم - من رفع اليدين دون مسحهما بالوجه في الصلاة وبالله التوفيق " ( سنن البيهقي 2/212 )
وبين النووي ـ ـ ضعف ما ورد في مسح الوجه بعد الدعاء في الصلاة و قال : " وله ـ يعني البيهقي ـ رسالة مشهورة كتبها إلى الشيخ أبي محمد الجويني أنكر عليه فيها أشياء من جملتها مسحه وجهه بعد القنوت " ( المجموع 3/480 )
وقال ابن تيمية : " وأما مسح وجهه بيديه فليس عنه فيه إلا حديث أو حديثان لا يقوم بهما حجة " (مجموع الفتاوى 22/519 )
ثانيا : مما يلحظ على بعض الناس في الدعاء قوله : ( اللهم اشدد وطأتك على الصرب النصارى المجرمين برحمتك يا أرحم الراحمين ، أو يا عفو يا غفور ) لأن التوسل بصفة الرحمة والمغفرة لا يناسب الدعاء عليهم باللعن وأخذهم بالشدة
ثالثا : من الخطأ التزام الصلاة على النبي (ص)في ختام دعاء قنوت النوازل ، لأنه لم يثبت عن النبي (ص)فيه شيء و الأصل في العبادات التوقيف ، فلا يلتزم ذكر أو دعاء عند سبب أو زمن معين إلا بدليل أما ما ورد عن بعض الصحابة فإنما هو في قنوت الوتر
رابعا : الذي ثبت هو القنوت في الصلوات الخمس في الجماعة
أما القنوت في صلاة الجمعة ، والنوافل ، وللمنفرد فلم أقف للقنوت فيها للنازلة على حديث أو أثر صريح
وقد بوب عبد الرزاق في مصنفه ( 3/194 ) : " باب القنوت يوم الجمعة " ، و ابن أبي شيبة في مصنفه (2/46) بقوله : " في القنوت يوم الجمعة " ، وابن المنذر في الأوسط ( 4/122 ) بقوله : " ذكر القنوت في الجمعة " وذكروا آثارا عن بعض الصحابة والتابعين عامتها في ترك القنوت وذمه في الجمعة ولكن لم يرد في شيء منها أن القنوت المتروك أو المذموم فيها هو قنوت النوازل فدلالتها على منع قنوت النوازل في صلاة الجمعة ليست صريحة
قال المرداوي : " وعنه يقنت في جميع الصلوات المكتوبات خلا الجمعة ، وهو الصحيح من المذهب ، نص عليه اختاره المجد في شرحه ، وابن عبدوس في تذكرته ، والشيخ تقي الدين ، وجزم به في الوجيز ، وقدمه في الفروع ، وقيل : يقنت في الجمعة أيضا اختاره القاضي ، لكن المنصوص خلافه " ( الإنصاف 2/175 ) واختار ابن تيمية مشروعية القنوت للمنفرد ( انظر الإنصاف 2/175 )
والأصل في العبادات هو المنع حتى يتبين وجه المشروعية وهذه المسألة ( أي القنوت في صلاة الجمعة ، والنوافل، وللمنفرد ) بحاجة إلى مزيد من البحث والنظر ، والله أعلم
خامسا : قال ابن تيمية : " ينبغي للمأموم أن يتابع إمامه فيما يسوغ فيه الاجتهاد ؛ فإذا قنت قنت معه ، وإن ترك القنوت لم يقنت ، فإن النبي (ص)قال (إنما جعل الإمام ليؤتم به ) وقال : ( لا تختلفوا على أئمتكم ) وثبت عنه في الصحيح أنه قال : ( يصلون لكم ، فإن أصابوا فلكم ولهم ، وإن أخطأوا فلكم وعليهم ) " ( مجموع الفتاوى 23/115ـ116 )
سادسا : قال بعض الفقهاء : إن قنوت النوازل إنما يفعله إمام المسلمين ، أما عامة المسلمين فلا وهذا القول فيه نظر ؛ لأمور :
الأول : أن الأصل في أفعال النبي (ص)العموم لجميع المسلمين ، إلا إذا دل الدليل الصريح على التخصيص ولم يثبت في ذلك دليل ، فنبقى على الأصل وهو مشروعيته لجميع المسلمين
الثاني : حديث مالك بن الحويرث مرفوعا : " صلوا كما رأيتموني أصلي " أخرجه البخاري فهذا الحديث صريح في أن أفعال النبي (ص)في الصلاة أنها لعموم المسلمين
الثالث : أن أبا هريرة قنت وهو ليس بإمام للمسلمين ، كما ثبت في الصحيحين ـ وقد سبق ـ أن أبا هريرة قال : " لأقربن صلاة النبي (ص)فكان أبو هريرة رضي الله عنه يقنت في الركعة الآخرة من صلاة الظهر وصلاة العشاء وصلاة الصبح بعد ما يقول سمع الله لمن حمده فيدعو للمؤمنين ويلعن الكفار "
وكل هذا الكلام يعتمد على الأحاديث التى ذكرها الرجل ولا يصح منها شىء بل إن بعض أئمة الحديث قال أنه لا يصح في باب القنوت شىء
اجمالي القراءات
2602