قراءة فى رسالة نصايح ووصايا
قراءة فى رسالة نصايح ووصايا
مؤلف الكتاب كاظم الرشتي وهو عبارة رسالة لأخ له فى المذهب يعطى له العهد على رئاسة جماعتهم وفى هذا قال :
"أما بعد فيقول العبد الجاني والأسير الفاني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان هذه كلمات شريفة واشارات لطيفة وتلويحات منيفة تنبي عن الحقايق الربانية وتشير الي المبادي الحقيقية من المطالب الإلهية في القوانين الحقة من الأصولية والفروعية بوجه مختصر وطرز محبر كتبتها لأعز الأخوان و خالص الخلان وهو العالم العامل والفاضل الكامل والواصل الفاصل اللوذعي الألمعي جناب الأقا محمدشريف الكرماني وفقه الله بها وجميع المؤمنين وجعله ذخرنا يوم الدين ."
وهو يدعو الله لصاحبه أن يسير على الصراط المستقيم فيقول:
"اعلم يا أخى و قرة عيني بلغك الله منتهي آمالك و فرغ لذكره ومناجاته بالك واصلح لطاعته وعبادته حالك وجعل الي الرفيق الأعلي مالك وسلك بك بفضله وكرمه أحسن المسالك ونجاك بجوده وكرمه عن الوقوع في مهاوي المهالك ان الدنيا دار قد أذن الله لها بالدثور والاضمحلال وجعل أصلها ومبناها علي الفناء والزوال ولا بد لكل من فيها من الهجرة عنها والارتحال وهي دار جعلها الله تعالي للتمييز وتقلب الأحوال وغطاها بحجب العز والجلال وهي للأرواح والحقايق كبطن الأم للأشباح والأمثال "ثم قال :
"بل الأمر بالعكس عند ضرب المثال وأنت خبير بأن في بطن الأم يتميز الذكر من الأنثي وحسن الصورة من قبيحها ومعتدل الخلقة من معوجها وجيد التركيب من رديها فاذا خرج من بطن الأم دار الضيق والكثافة الي هذه الدنيا يبقي علي ما كان عليه في بطن الأم في الهيئة والكينونة والذكورية والأنوثية ولا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن اكثر الناس لا يعلمون "
وما ذكره الرشتى هنا فيه أخطاء كثيرة أولها وصف بعض الأجنة بالقبح بقوله وحسن الصورة من قبيحها وهو ما يناقض كون كل الأجنة وغيره حسنة كما قال تعالى:
الذى أحسن كل شىء خلقه" وقال:
" الذى صوركم فأحسن صوركم"
وثانيها بقاء الجنين فى الدنيا على هيئنه وكينونته وهو ما يخالف أن الهيئة تتغير من وضع الرقود إلى وضعية المشى والحراك والكينونة تتغير من الجهل كما قال" أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا" إلى العلم
ثم قال :
واعلم يا أخى ان الله سبحانه أنزلك الي هذه الدنيا في النزول ورقاك إليه ا في الصعود لتأخذ أهبتك واستعدادك للبقاء الأبدي والخلود السرمدي وتصاغ بهيئة عملك وتتصور بصورته فاذا خرجت من الدنيا فهو أول ولادتك من بطن أمك فتبقي في دار الخلود علي هيئة ما صاغتك يد القدرة بعملك وميولاتك وشهواتك واقتضاءاتك "
والكلام فيه خبل وهو اعتبار الوفاة ولادة من بطن الأم ثم قال :
"واعلم يا قرة عيني ان كل عمل من خير وشر جاذب روح حقيقي من المبدء الفياض ? ويقتضي صورة عين من الأعيان الوجودية لما صح عندنا وعند العارفين من ان الأعمال جواذب الفيض كالمراياء الجاذبة للصور وكالبلور الجاذب للنار من حرارة الشمس فشهوة النكاح من الحرام تقتضي صورة الدب وشهوة الغضب لغير الله تقتضي صورة الكلب وشهوة المكر والخديعة تقتضي صورة الثعلب وشهوة الرياسة تقتضي صورة السبع وشهوة التكبر تقتضي صورة الذر و له انياب اكبر من جبل أحد وشهوة العشق تقتضي صورة القرد وشهوة الدرهم والدينار تقتضي صورة الخنزير وشهوة الغناء تقتضي صورة بعض الطيور والجمال وشهوة المفعولية تقتضي صورة الفرس وشهوة النميمة تقتضي صورة العقرب وهكذا مجمل القول كل عمل لم يقصد فيه رضاء الله سبحانه فعامله ذلك الوقت علي هيئة بهيمة من البهايم منكس الرأس ظهره الي مبدئه و وجهه الي الأسفل إلا أنه يختلف اقتضاءاته فيختلف صوره"
كلام لم ينزل الله به سلطان فكل الأفعال السيئة المذكورة ليست من صفات الحيوانات لأنه ما فى شرع الله للإنسان محرم هو عندهم حلال وهذا الكلام هو سب للحيوانات بلا سبب وهو ذنب عند الله
ثم نصحه أن يعامل الناس ويقدرهم بأعمالهم فقال :
" فأنت اعرف قدرك وقدر غيرك بأعمالك وأعمالهم فان أمير المؤمنين يقول يقين المؤمن يري في عمله ويقين الكافر يري في عمله وعلي هذا يظهر لك معني قوله تعالي "ان هم إلا كالأنعام بل هم أضل واولئك هم الغافلون " و قول مولانا الباقر" الناس كلهم بهايم إلا المؤمن والمؤمن قليل والمؤمن قليل و ليس الإنسان حقيقة إلا من عمل الصالحات و داوم عليها واقبل علي ربه و خضع له في سره وعلانيته وهذا رأسه و وجهه الي جهة العلو ورجله واسفله الي جهة السفل"
ونجد الرجل يكرر وصف الحيوانية للناس مستشهدا بقوله تعالى "ان هم إلا كالأنعام" وهو يتناسى تفسير الله لذلك بقوله:
" والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام"
فالشبه فى التمتع والأكل وليس فى كونهم بهائم أى حيوانات ذوات أربع كما يزعم لأن الأنعام مسبحة لله كبقية الخلق كما قال سبحانه:
" تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شىء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم"
بينما الكفار لا يسبحون من ثم فالله لا يشتم أو يذم الأنعام وإنما التشبيه فى كون الأنعام تأكل ما يقابلها وتتمتع ذكورها بإناثها دون تفرقة وكله حلال فى شريعة الله المنزلة عليها وأما الإنسان فمحرم عليه بعض ألأطعمة ومحرم عليه زوجات ألاخرين وإناث أخريات
ثم قال :
"فمن كان في الباطن انسان يحشر يوم القيامة معتدل القامة حسن الصورة ومن كان غير ذلك لا يحشر إلا بصورة عمله علي ما فصلت بعضا منه وهو قوله تعالي وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد اي علي ما هو عليه من العمل الظاهري والباطني والحقيقي واللطخي والخلطي واعلم انك حال العمل تنصبغ بذلك الصبغ وهو الرحمة الواسعة ينصبغ الناس بها وهي قايدها إما الي الجنة أو إلي النار وأنت بعد ما صبغت بها تري علي ذلك الصبغ ويريك كل احد من الأنبياء والمرسلين وعباد الله الصالحين والملائكة الموكلين والمقربين والكروبيين و لايحتجب الأ بعض السفلة"
والخطأ هو حشر الناس بصورة أعمالهم الحيوانية قرود وأسود وخنازير...وهو ما يخالف أنهم يعودون كما كانوا بصورهم كما قال تعالى" كما بدأكم تعودون"
ويحذر الرجل صاحبه من الحشر البهائمى المزعوم فيقول:
"فانظر الأن بعين بصيرتك هل تحب ان تري بصورة بهيمة من البهائم وتطرد عن باب الرحمة المكتوبة وتبعد عن حضرة القرب وتفقد عن مجلس الأنس وتحرم عن تجرع كأسات المحبة وعن الورود علي شرايع المصافاة والمودة واعلم انك تنتقل من هذه الدار لا محالة و لا تبقي فيها البتة فهي منزل نزلت فيه ثم ارتحلت عنه فلا تجعلها اذن دار مسكن وخلود وانظر إليها بعين الراحل عنها واقعد فيها قعود المستوحش عنها فلا تفرح اذن اذا اقبلت عليك فإنها لا تبقي بل تزول وخف سوء عاقبة هذا الأقبال فانه يورث الكلال في حرم الكبرياء ولا تحزن اذا أدبرت عنك فإنك ستستغني عنها بل اجعل همك للباقي الذي لا يزول والدائم الذي لا يفني فلا تفزع عند شدايدها ونوائبها فإنها تمر مر السحاب ولا تفرح عند مسارها ومنافعها فإنها تنقطع وتزول ولا تدري استدامتها بعد تلك الساعة"
ثم نصحه بسؤال الله والطب منه والاستعانة به فقال :
: بل اجعل نظرك الي من بيده تلك الأسباب ومنه البدء وإليه الإياب اذ لا يخيب من قصده بالسؤال و لا ييأس من نزل بساحته رحال الأمال وتوجه الي حضرة عزه و حرم كبريائه بالغدو والأصال واعلم انه سبحانه أقرب اليك من حبل الوريد بل أقرب اليك منك بلا نهاية كما انه بعيد عنك كذلك فانت بين يديه حاضر لديه فاطلب منه ما تريد واسئل عن كريم بابه ما تشاء و لا تقصد سواه و لا تطلب غيره أليس الله بكاف عبده اللهم ان قلوب المخبتين اليك والهة وسبل الراغبين اليك شارعة واعلام القاصدين اليك واضحة فإذن ففروا الي الله اذ لا ملجأ و لا منجاء إلا إليه ولا استعانة الا منه و لا توكل الا عليه لأنه سند من لا سند له وعماد من لا عماد له و ذخر من لا ذخر له وكنز من لا كنز له و غياث من لا غياث له و سبب كل ذي سبب ومسبب الأسباب من غير سبب فاطرق بابه واسئل جنابه وتذلل لديه و لا تعتمد علي عمل و لا تخش اي لا تيأس عند الزلل واستعن منه تعالي في الأحوال كلها فانه تعالي يقول قل بفضل الله و برحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون من الأعمال الظاهرة والباطنة والحقيقية والمجازية والدنيوية والأخروية "
ثم يطلب منه أ، يجعل قلبه محل للنور فيقول:
واعلم يا حبيب قلبي ان الله سبحانه وتعالي جعل قلبك محلا للأنوار ومخزنا للأسرار وأودع فيه معاني جميع الأكوار والأدوار والأوطار والأطوار وجعلك أنموذجا للعالم العلوي والسفلي وصيرك كتابا لعلومه بالخط الواضح الجلي كما في كلام أمير المؤمنين إن الصورة الإنسانية هي اكبر حجة الله علي خلقه وهي الكتاب الذي كتبه بيده وهي الهيكل الذي بناه بحكمته وهي مجمع صور العالمين وهي المختصر من اللوح المحفوظ وهي الشاهد علي كل غائب وهي الحجة علي كل جاحد وهي الصراط المستقيم وهي الصراط الممدود بين الجنة والنار فكلما يريد منك وتريد منه فهو حاضر لديك موجود عندك "
والخطأ هنا هو ان كتاب الله هو الصورة ألإنسانية وهو إلغاء تام للوحى حيث يكون الإمام هو نفسه الوحى وهو كلام مجانين لأن أفعال الإمام أيا كان منها الصالح ومنها الطالح
ثم ذكر نفس المعنى شعرا فقال :
وقد ذكرت في بعض ما نظمت هذا المعني ،
كل الذي تهواه عندك حاضر ** * ** من كلما في عالم الإمكان
سر العلي في غيب ذاتك كامن ** * ** قد صرت عرشا مستوي الرحمن"
والرجل فى شعره جعل الإمام مساويا لله وهو الرحمن وكما سبق القول فهو كلام مجانين وجعل الإمام هو المتصرف حسب هواه بطلبه من الله فكيف يكون مساو لله وهو يطلب منه ؟
وهو يكرر نفس المعنى فيقول:
"فاذن كلما تريد تطلب عندك و لا تحصله منك الا بعد اجتماع الحواس وسكون الخواطر حتي تقابل مرآة ذاتك وحقيقتك وفوارة النور علي صد الغيور وتستقر بوادي طور في مجلس السرور فهناك تجد صحوا بلا غبار وشربا بلا أكدار ان في ذلك لذكري لأولي الأبصار"
وهذا كلام خبل لا شك فيه
ثم قال أن الأئمة الشيعة الحكام والنور ونجاة الخائفين ومنحى الهاربين لايفزع لهم الشدائد... فقال :
واعلم ان آل محمد صلي الله عليه وعليهم هم النهج القويم والصراط المستقيم والنور العظيم الواقفون علي الطتنجين الناظرون في المغربين والمشرقين والحكام في النشأتين وهم عصمة المعتصمين وكهف الفقراء والمساكين وملجاء الخائفين ومنجاء الهاربين فتمسك بهم واوالي كهف حمايتهم و ولايتهم واستمسك بعروة محبتهم وافزع في الشدايد إليه م فانك بمرئ منهم ومسمع لايخفي عليهم امرك و لايفقد عندهم ذكرك فاذا ناديتهم اجابوك واذا استنصرتهم نصروك وان استعنتهم اعانوك وان تعلمت منهم علموك لانهم سلام الله عليهم سر الوجود واصل الشاهد والمشهود مظاهر الرحمانية فلا تفقدهم حيث تطلبهم لانهم المقامات والعلامات التي لا تعطيل لها في كل مكان يعرف الله بهم ويعبد بهم ?"
والكلام كما سبق القول جنونى فالأئمة ماتوا ولم يقدروا على أن يدفعوا الظلم من تعذيبهم وسدجنهم وقتلهم عن أنفسهم فكيف يكونون حماة لغيرهم ولم يقدروا على حماية أنفسهم؟
إنها دعوة لعقيدة الكفر التى حاربها النبى ومن قبله من الرسل(ص)
ويخبره بسؤال الله له يوم القيامة عن أمور دينك من عقايدك وأعمالك فيقول:
"واعلم انك مسئول يوم القيامة عن أمور دينك من عقايدك وأعمالك فاستعد للجواب ليوم الحساب و لا تسامح فان الأمر عظيم والخطب جسيم و لا يسع للإنسان أن يعتقد أو يعمل إلا ما أراد الله منه بحيث اذا قيل له ?الله اذن لكم أم علي الله تفترون يقول بل الله أذن لي و لا سع لك ان تقول ذلك بمحض عقلك ومجرد فهمك وادراكك فان العقل وان كان نبيا باطنا معصوما مطهرا ولكنه قد يخفي امره ويستولي سلطان النفس الأمارة بالسوء وتخدع الحواس التي تتلقي من العقل وتخون وتوصل ما يخالف الواقع كالرواة الظاهرة حرفا بحرف اذ ما تري في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل تري من فطور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب اليك البصر خاسئا وهو حسير فاذن يجب عليك ان تعرض ما فهمته بصافي فطرتك من العقائد علي اهل البيت الذين قد حصر الله سبحانه الحق فيهم وزنها بميزانهم فان وافق الميزان القويم والقسطاس المستقيم فاحمد الله تعالي وكن من الشاكرين وان خالف فاضرب ما عندك علي عرض الحائط اذ ما بعد الحق الأ الضلال"
الرجل يناقض نفسه فبعد أن جعل الكرمانى معصوما بجعله مساو للرحمن أخبره أن عقله لن يعصمه فقال فى الفقرة السابقة " فان العقل وان كان نبيا باطنا معصوما مطهرا ولكنه قد يخفي امره ويستولي سلطان النفس الأمارة بالسوء وتخدع الحواس التي تتلقي من العقل وتخون"
والأغرب أن يطلب منه أن يعرض عمله وعقيدته على الأئمة وهم موتى أو لا وجود لهم وليس أن يعرض عمله على كتاب الله الذى هو غير الأئمة وقد كان جعل الكرمانى بصورته الإنسانية سابقا هو كتاب الله المعصوم
وعاد الرشتى لمطالبة الكرمانى باتباع كتاب الله وجعله مقياس معرفة صحة الروايات لغيبة الأئمة فقال :
"وأما في العبادات والأعمال والشريعة فتمسك في زماننا هذا الذي هو زمان الغيبة بكتاب الله المنزل علي نبيه المرسل (ص)واعمل بمحكمه و رد إليه متشابهه واعمل بعامه و خاصه ومطلقه ومقيده إلا ان العام والمطلق قد خصصه وقيده النبي والأمام باجماع أو بخبر متواتر أو محفوف بقرائن قطعية أو حد صحيح ليس له معارض لانهم شارحي القرآن ومبينيه ولا يغني القرآن عنهم وكذا اذا لم يكن صحيحا بحسب الأصطلاح إلا انه لا معارض له فانه ايضا عندنا صحيح لان الأمام صاحب المرءي والمسمع و ليس مغريا بالباطل وله مع كل ولي اذن سامعة والله سبحانه لا يخلي الأرض من حجة كيما ان زاد المؤمنون ردهم وان نقصوا اتمه لهم والجمع المحلي باللام يفيد العموم الاستغراقي الافرادي واذا تعارضت الأخبار في التخصيص والتعميم ولا مرجح في البين فالعمل علي ما وافق الكتاب لانه الأصل في مقام التعارض علي ما دل عليه الأخبار المتكثرة واقرءه بالقراءة السبع المتواترة إلا ان تختلف ويختلف المعني والحكم لأجل ذلك مثل قراءة مطهرن ويطهرن فتوقف حالا ان تجد بيانه من الأمام وإلا فتوقف فان الوقوف في الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات وتمسك ايضا بالسنة المعصومية علي قائلها الأف الثناء والتحية واعمل بالمتواترات المعنوية لأنه المتفق عليه وبالمتواترات اللفظية كما في القرآن حرفا بحرف وبالمحفوفة بالقرائن القطعية بلا كلام و بالأخبار الأحاد اما الصحاح منها فبالاتفاق ومن غير خلاف واما غيرها فعند عدم التعارض كذلك علي الصحيح لثبوت التقرير وقاعدة اللطف واما عند التعارض فعند عدم التكافؤ فالأقوي مقدم كما اذا عارض الصحيح مع الضعيف وحده واما عند التكافؤ كما اذا كانا صحيحين فارجع الي ما هو المشهور بين أصحابك واترك الشاذ النادر وإلا فارجع الي ما خالف القوم فان الرشد في خلافهم لانهم كانوا يأخذون عن علي ويعملون بخلافه فخلافهم دليل علي الوفاق فيخصص به عموم القرآن ويقيد به مطلقه وإلا فارجع الي ما وافق القرآن ان كان لأنه الأصل المحكم في هذا الشأن والا فارجع الي ما فيه الحائطة والقطع ببراءة الذمة فان شغل الذمة اليقيني يستدعي البراءة اليقينية و لقوله عليك بالحائطة في دينك والا فارجه حتي تلقي امامك بالبيان لا العيان وإلا أي لا يمكن التأخير والأرجاء وان كان من باب المعاملات فاعمل بالصلح مهما امكن وان كان من باب العبادات تخير والتحري عندي اقوي وتمسك بالأجماع اما الأجماع الضروري للدين والمذهب فلا شك في اعتبارهما و حجيتهما اما الأجماع المركب فكذلك ان حصل لك القطع بانحصار قول المعصوم في احد القولين فلايجوز اثبات قول ثالث قطعا لخروجه عن الحق المعلوم ثبوته و وقوعه فان حصل لك ترجيح كون المعصوم في احد القولين بالدليل القطعي فينقلب المركب بسيطا وان حصل لك دليل ظني وترجيح اعتباري فان كان مع احدهما نص فلتعمل غير مدع للاجماع والا فذلك من الاستحسان المحرم باتفاق الشيعة وان لم يحصل الترجيح فسبيله سبيل الخبرين المتعارضين عند فقد المرجح كما تقدم واما الأجماع المشهوري وهو المسمي بالمحقق العام فاعمل عليه ان حصل لك ذلك يقينا بدليل اللطف والتقرير واما الأجماع المحصل الخاص فكذلك لأجل ذلك واما الأجماع السكوتي فبان قال بعض الفقهاء و سكت الباقون فهو حجة ان كان بعد الفحص التام لأنه دليل علي سكوت الأمام وهو دليل علي تقريره واشتراط التقريربمشافهة المقرر له للمقرر أو اتحاد مجلسيهما او غير ذلك ممنوع بل باطل يقينا وتقية الأمام هي حكم شرعي لنا ايضا والقول بعدم تصرف الأمام هو القول بان يد الله مغلولة لأنه يد الله وعين الله وجنب الله ولسان الله واما الاجماع المنقول فان كان منقولا عن الاجماع المركب فلا حجية فيه اذ قد لا يحصل القطع بالانحصار لكل فقيه اذا نظر فيرجع القطع الي فهم بعض الفقهاء و لا حجية في فهمه وكذا المنقول عن المحصل الخاص لا حجية فيه لما ذكرنا بعينه وإلا لم يقع الاختلاف الشايع والمنقول عن الضروري لا يكون ابدا والمنقول عن السكوتي لا حجية فيه لاحتمال عدم الفحص التام البالغ اذ قد يكون لبعض العلماء كلام من باب دليل التنبيه والاشارة او الصريح ولا يلتفت إليه غيره والمنقول عن المحقق العام هو الحجة اذا لم يعارضه ما هو أقوي منه بشرط وثاقة الناقل واذا ادعي الأجماع فالظاهر انه المنقول عن المحقق العام الأ اذا شهدت القراين بنفيه وربما تجد في عباراتهم اجماع الأمامية واجماع الفرقة المحقة وهومن المحصل الخاص فوجه ح كلامهم ببعض الوجوه الصحيحة و لاتكن غافلا و لا تغتر بكل قول و لا بكل دعوي فان المعصوم من عصمه الله تعالي ولا نعتمد علي قول إلا بملاحظة الحديث ولا تبادر بالعمل بالحديث إلا بعد ملاحظة فهم الأصحاب فان له مدخلية تامة في هذا الباب واعلم انك انت المخاطب في كلام الله تعالي وكلام المعصومين ولا تقل ان الخطابات خاصة بالمشافهين في مجلس الخطاب فانك ايضا من المشافهين في مجلس الخطاب فان الله سبحانه ليس له زمان و لا حال و لا استقبال و لا مضي و لا ينتظر شيئا و ليس كمثله شئ واعمل بما اشتهر بين اصحابك واترك الشاذ النادر سواء كانت الشهرة في الفتوي او في العمل او في الحديث أو الجميع للنص القاطع والعبرة بعموم اللفظ إلا اذا عارضها ما هو أقوي منها فان العمل علي الأقوي اذ رب مشهور و لا اصل له واذا تتبعت و لم تجد دليلا من الشرع في حكم من الأحكام فالأصل براءة ذمتك عن ذلك لان الله يقول علي الله قصد السبيل ويقول ان علينا بيانه فاذا ما بين علمنا انه ما يريد منك والا لكان مغريا بالباطل فكل شئ لك مباح و حلال لقوله كل شئ لك مطلق حتي يرد فيه أمر أو نهي فما ورد من ان الأمور ثلاثة امر بين رشده فيتبع وامر بين غيه فيجتنب وأمر مشكل فيرد علمه الي الله و رسوله لا يكون الا عند تعارض الأدلة فاذا عدمت التراجيح من كل وجه هوالشبهة التي يجب الوقوف عندها وعند عدم التعارض وعدم نص خاص فالعبرة بقوله كل شئ لك مطلق والعام في جميع افراده حجة والعام المخصص حجة في الباقي وهذا لا اشكال فيه وهذا هو أصل الإباحة واذا ثبت حكم بالكتاب والسنة دون الإجماع فذلك الحكم ثابت مستصحب حتي يتغير الموضوع يقينا فعند الشك يرجع الي ما كان قبل ذلك بالقطع لقوله تعالي ان الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بانفسهم ، و قوله لا ينقض اليقين الا بيقين مثله و لا ينقض اليقين بالشك ابدا وهذا هو اصل الاستصحاب واذا دل العقل القاطع علي حكم فزنه بالميزان وهو قسمان ? احدهما معرفة العقول عدله والثاني مطابقته بالكتاب والسنة علي الوجه المقرر والا فلا تعتمد عليه و لا تركن لديه فان النكراء والشيطنة شبيهة بالعقل و ليس بعقل فاعقل وافهم و لا شك ان العالم يدور علي عالم ومتعلم وعالم وجاهل و بصير ومستبصر ومتبوع وتابع واصل و فرع وعلي ذلك بني الوجود و به يعبد المعبود وهو المجتهد والمقلد في الاصطلاح فإنكار التقليد جهل بهذا الأصل السديد مع دلالة الأخبار الكثيرة وكلام الله المجيد وما اشتهر عندهم ان في زمان غيبة الحجة انسد باب العلم فانفتح باب الظن لأجل الضرورة ان كان مرادهم بالعلم هو العلم بالحكم الواقعي الأولي فذلك ما كان مفتوحا و قد انسد حين خرج آدم من الجنة و قتل قابيل هابيل وان كان المراد الحكم الظاهري التكليفي فهو ما انسد أبدا لأن كل احد يقطع بان هذا الذي فهمه هو حكم الله سبحانه في حقه و حق مقلديه ويجب ان تعلم انك لو بذلت جهدك عرفت الحق من تكليفك بحيث لو فرضت مشافهة الأمام ما زادك علي هذا لأنك ما عرفت ما عرفت الأ بمدد وتسديد منه فان الله تعالي يقول وتحسبهم أيقاظا وهم رقود و نقلبهم ذات اليمين و ذات الشمال فالذي تفهمه سمه ما شئت ان شئت سميته علما بالحكم الثانوي المختلف لأنه المقصود من صاحب الشريعة ما دامت دولة الظالمين والفاسقين وان شئت سميته ظنا او غير ذلك ولا مشاحة في الاصطلاح فتفهم وكن من المهتدين "
والرشتى فيما سبق شرح للكرمانى قواعد استنباط الأحكام غير الظاهرة من خلال الاجماع والقياس والاستصحاب والاستحسان وكل هذا ما أنزل الله به من سلطان لأن كل الأحكام فى كتاب الله كما قال تعالى :
" ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء"
ثم حدثه عن كونه بين له الصدق والصواب فقال :
"واعلم يا أخى اني قد ارشدتك الي مخ الصدق والصواب وبينت لك حقيقة الأمر في كل باب ولا تنس نصيبك من الدنيا واحسن كما احسن الله اليك واحب ان لا تضيع اوقاتك وتتجنب مجانسة اهل الدنيا وكل من يشغلك عن الله تعالي واصبر فان الدنيا ايام قلائل تمضي عنها ويبقي معك عملك خيرا كان ام شرا وانظر الي ما كتبت لك في هذه الأوراق بنظر البصيرة و واظب علي تلاوة الكتاب الكريم والذكر الحكيم فانه نور للقلوب وشفاء للصدور وتأمل في معانيها ومبانيها فإنها مفتاح العلوم الحقيقية ومصباح القلوب المظلمة المدلهمة حفظك الله وايدك و رعاك الله و سددك انه علي كل شئ قدير و صلي الله علي محمد واله الطاهرين والحمد لله رب العالمين وكتب بيمناه الداثرة العبد الفاني الجاني الغريق في بحار الأمال والأماني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي عصر يوم الجمعة الخامس عشر من شهر محرم الحرام سنة 1243 حامدا مصليا مسلما ."
وبعد ذلك أنابه فى أن يمسك الحكم بعده فقال :
"وقد وكلت جناب المولي الأولي الفاضل الفاصل الكامل الأقا محمد شريف الكرماني علي تولية جميع ما تصح النيابة فيه مما يرجع الي حاكم الشرع من ولاية الأيتام والوكالة عن الغائب وغيرها وقد اذنت له اعلي الله شأنه ان يقبض عني مال الأمام المنتظر عجل الله فرجه وجعلني فداه ويرسل الينا لنعمل ما فيه رضاء الله و رسوله واله صلي عليه و وعليهم وكتب العبد كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي في غرة ربيع المولود سنة 1257"
اجمالي القراءات
2671