ف 6 : رعاية الطفولة في الإسلام:( 2 ) حق الطفل في الحياة قبل أن يولد
آحمد صبحي منصور
Ýí
2021-10-13
ف 6 : رعاية الطفولة في الإسلام:( 2 ) حق الطفل في الحياة قبل أن يولد
كتاب ( ضعف البشر في رؤية قرآنية )
الباب الأول : ضعف البشر الجسدى
ف 6 : رعاية الطفولة في الإسلام : ( 2 ) حق الطفل في الحياة قبل أن يولد
أولا :
تذكير بما سبق :
1 ـ أشرنا الى تعود العرب فى الجاهلية وأد البنات المولودات خشية العار ، وقتل الأولاد خشية الفقر. وقد استنكر القرآن الكريم قتل الطفلة البريئة ودفنها فى التراب حيّة فقال سبحانه وتعالى ( وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9) (التكوير )، وجاء ذلك فى سياق الحديث عن قيام الساعة وحساب الآخرة . ويصور القرآن الكريم حال أولئك المجرمين حين يعرف احدهم أنه رزق بمولود أنثى فيقول: ( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنْ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59) النحل ) . وقال جل وعلا : ( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ (17) الزخرف ). كانوا يفضلون الذكور على الإناث، والذى يرزق بأنثى كان شعوره بالعار يحيل لونه إلى سواد ويجعله يتوارى من القوم، ويحتار بين أن يبقى على حياة وليدته محتفظاً بها وبالعار أم يدفنها في التراب.
2 ـ وحرصاً على حق الأنثى في الحياة فإن القرآن يقرر أن الله سبحانه وتعالى هو وحده الذى يهب لمن يشاء إناثاً أطفالاً أو ذكوراً أطفالاً، أو يهب له إناثاَ وذكوراً معاً، أو يجعل من يشاء عقيماً . قال جل وعلا : ( لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50) الشورى ) وإذن فلا ذنب على الزوجة إذا أنجبت أنثى كما كان الاعتقاد في الماضي ، كما أن للطفلة الأنثى نفس الحق في الحياة الذي لأخيها الذكر.
3 ـ وقلنا إن الفقر كان يدفع بعضهم إلى قتل الأولاد بسبب الفقر أو تحسباً للفقر.. فقال سبحانه وتعالى يحذر من ذلك ضمن الوصايا العشر : ( وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ) (الأنعام151).فالوصية الثالثة من الوصايا العشر تنهى عن قتل الأولاد "من إملاق" أى بسبب حلول الفقر، لأن الله تعالى هو الذي يرزق الوالدين والأبناء معاً. ويتكرر نفس التشريع في قوله سبحانه وتعالى: (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً (31) الإسراء ). فالنهى هنا عن قتل الأولاد خشية فقر سيأتي ،لأن الله تعالى هو الذى يرزق الأولاد كما يرزق الآباء. وتقرر الآية أن قتل الأولاد خطأ كبير. وقلنا إن الله سبحانه وتعالى يساوى بين الآباء والأطفال في الحاجة للرزق، فيقول في سورة (الأنعام 151). ( نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ) ويقول في سورة (الإسراء31)( نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ) ، فالأب سبب لرزق الابن الطفل، والطفل سبب لرزق الأب، والأب والابن سواء فى الاحتياج لله تعالى الرازق. وذلك يلغى الفكرة السائدة التى تجعل رزق الأولاد مرتبطا بسعى الأب ، لأنه طالما أن الله تعالى هو الرازّق فإن سعى الأب في الرزق مهما سعى مرهون بالنجاح والفلاح والمكسب، وذلك في علم الله وتقديره ، وهو جل وعلا الذى يبسط الرزق لمن يشاء أو يقدره . والله تعالى يخبرنا بأنه يراعى في ذلك وجود الأبناء ، بل ويجعل وجود الأبناء سبباً إضافياً لزيادة الحصة في الرزق المقدر للإنسان.
4 ـ وأشرنا الى أن الله سبحانه وتعالى ينعى على أولئك الذين يقتلون أبنائهم بسبب الفقر أو خشية احتمال الفقر، فقال : ( قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمْ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (140)الانعام ) ، فالله سبحانه وتعالى يصف الذين يقتلون أبنائهم بأنهم خسروا، وبأنهم سفهاء مفترون على الله وضالون وغير مهتدين ، وأنهم حين قتلوا أولادهم قد حرموا ما رزقهم الله جل وعلا ، أى أن الذرية رزق من الله أو سبب من أسباب الرزق.
5 ـ وقد يقال أن قتل الأولاد خشية الفقر وقتل البنات خوف العار عادات سيئة انقرضت وأصبح التشريع القرآنى بشأنها يدخل ضمن التاريخ الماضى الذى لا شأن له بعصرنا الراهن. إلا أن معطيات عصرنا تؤكد أن ما سبق عادات إنسانية سيئة لا تزال موجودة ، بدليل الكراهية لإنجاب البنات وشيوع الإجهاض وخوف العار أو خوف الفقر، وخصوصاً إذا علم أن الجنين أنثى كما في الصين.
ثانيا :
الإجهاض : متى يكون الإجهاض حراما وقتلا للنفس ؟
خلق الأنفس ، ثم دخول كل نفس جسدها ( الجنين )
قال جل وعلا :
1 ـ ( وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ (11) الأعراف ). هنا خلق الأنفس كلها مرة واحدة قبل خلق آدم ، ثم أمر الملائكة بالسجود له . وفى هذا الخلق للأنفس كان تصوير كل نفس بملامحها .
2 ـ ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً) (1) النساء ). كانت نفسا واحدة ثم انبثقت منها كل الأنفس ، كل نفس لها ملامحها الخاصة.
3 ـ ( وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ ) (98) الانعام ). كل نفس بشرية فيها مستقر لما سبقها من أنفس ، وهى مستودع لما سيأتى بعدها من أنفس . وكل نفس بشرية تدخل الجنين المقدر لها سلفا في الموعد المحدد ، وفى موعد محدد تولد إنسانا بنفس تسيطر على جسدها ، وفى موعد محدد تفارق هذا الجسد نهائيا بالموت أو بالقتل .
4 ـ ( هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6) آل عمران ). الجنين في الرحم يأخذ صورة النفس بمشيئة الخالق جل وعلا .
5 ـ ( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37) عبس ) . لأن كل نفس تحمل ملامح جسدها فإن الأنفس في الآخرة تتعارف ، فيعرف الشخص أخاه ووالديه وبنيه وزوجته.
هذه النفس البشرية يحرم قتلها ظلما وعدوانا
تكرر تحريم قتل (النفس ) البشرية البريئة في قوله جل وعلا :
1 : في الوصايا العشر : ( وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) الانعام )
2 : في وصايا للمؤمنين : ( وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ) (33) الاسراء )
3 : في صفات عبد الرحمن ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ) (68) الفرقان )
في موضوع الجنين فهل فيه ( نفس ) أي دخلت فيه ( نفس ) أم لا يزال كتلة من الخلايا تتكاثر وتتشعب ولم تصل الى مرحلة دخول النفس فيها . يكون الإجهاض قتلا إذا كانت فيه نفس ، أي أصبح الجنين انسانا ، لكن لم يحن بعدُ خروجه الى النور .
متى تدخل النفس في الجنين ويصبح بها إنسانا ؟
يقول سبحانه وتعالى :
1 :( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ ) الحج 5 ).
2 : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) المؤمنون ).
نلاحظ :
1 ـ ( العلقة ) تكون في الأسبوع الرابع من الحمل حين تلتصق النطفة بجدار الرحم وتتعلق به. ثم تستمر الخلايا بالانقسام لتصبح قطعة لحم صغيرة ، أو ( مُضغة ) ويتكون حولها كيس الحمل ( المشيمة )، أو كما قال جل وعلا : ( ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ ) الحج 5 ). الجنين داخل هذا الكيس ينمو ، وتبدا أعضاؤه في الظهور مع الأسبوع الخامس الذى يبدأ فيه تكون العظام .( فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ) . أي تتَحَوّل قِطعَةِ المُضغَة وَهِيَ عِبارَة عَن قِطعَةِ لَحِم إلى هيكَل عَظمِي فِي الأسبوع السابعِ تَحديداً ليكُونَ على شَكلِ صُورَةٍ آدَميّة. في هذا الأسبوع السابع ، يتضاعف حجم الجنين ثلاث مرات، ويتشكل الدماغ ، بما يمكن تسجيل موجاته ، وينمو الدماغ بشكل أكثر تعقيدًا، وتتكاثر الخلايا العصبية بمعدّل مذهلٍ قد يصل إلى 100,000 خلية في الدقيقة، وينبض القلب بانتظام بمعدل 150 نبضة تقريبًا في الدقيقة أي بما يعادل ضعف متوسط معدل ضربات قلب البالغين، وتتطوّر ملامح وجه مميزة للجنين. وَيبقَى هذا الطور إلى نِهايَةِ الشهر الثاني (الأسبوع الثامن)، وَيبدأ بعدَها تَكوّن الجنين ونشأتهِ، وينتَهِي طَورِ الأجنّة بِحَسَبِ ما يَصِفَهُ العُلماء.
2 ـ ( ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ ). فِي بِدايَةِ الأسبوع التاسع تُصبِحُ الأعضاء جاهِزَةً بأن تَقُومَ بِوظائِفِها، وفي هذِهِ المَرحَلَة تدخل النفس في الجنين بَعدَ مرورِ أربعةِ أشهر من الحمل فيصبح إنسانا مختلفا ( خلقا آخر ) عن وضع الجنين الذى كان مجرد قطعة لحم حيّة ـ كأى كائن حى مثل الدودة أو الأميبا . هنا أصبح ذلك الكائن الحى داخل الرحم إنسانا داخله ( نفس ) . يكون الإجهاض هنا قتلا للنفس . الجنين قبل ذلك لم يكن إنسانا ذا نفس ، لذا لا يكون الإجهاض في هذه المرحلة قتلا للنفس. الإجهاض يكون قتلا بعد مرور أربعة أشهر من الحمل.
ثالثا :
تحديد أو ( تنظيم ) النسل
1 ـ زيادة النسل مرغوبة مطلوبة في مجتمع حُرّ ديمقراطى ونشاط اقتصادى تحكمه الشفافية والمُساءلة . الانسان هنا أساس التنمية والرقى ، فهو بالتعليم والتدريب والتأهيل يكون منتجا للثروة . هناك دول فقيرة في الموارد وفقيرة في عدد السكان مثل سويسرا وإسرائيل ودول اسكندنافيا ، ولكنها تحقق الدخل الأكبر بسبب ( جودة الانسان فيها ) ، وهناك دول كثيفة السكان وكبيرة في الموارد ولكن تعانى من الفقر والتخلف ، مثل دول المحمديين .!.
2ـ في دول الاستبداد التي تعانى من كثافة السكان وزيادة المواليد يعمل المستبد على تحديد النسل لأنه يراه عبئا عليه . إن المستبد يحتكر هو وقومه المترفون الثروة والسلطة ويتداولون الفساد فيما بينهم ، ولا ينفقون على التعليم والخدمات ، ويرون زيادة المواليد عبئا على الميزانية الدولة التي هي في جيوبهم . ينفقون البلايين بذخا وإسرافا ومشروعات وهمية ودعائية ، ولا ميزانية حقيقية للتعليم والرعاية الاجتماعية والصحية . المستبد هو أعدى أعداء الشعب ، وهو الأخطر على أطفال الشعب .
أخيرا
هذا فيديو عن تجميع أطفال الشوارع في مصر وقتلهم وبيع أعضائهم :.
https://www.youtube.com/watch?v=vtgXXBvRhBU
لو كان ما فيه صحيحا فإن عبد الفتاح السيسى قد تجاوز كل مستويات الاجرام .
اجمالي القراءات
2842