آحمد صبحي منصور Ýí 2020-11-14
( إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنْ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38) الحج )
مقدمة :
جاءتني هذه الرسالة من أحد الأحبة ، يقول : ( عزيزي د منصور ، مر ّ عام علي سؤالي لك هل سينقذني الله ؟ اعتقد انه أنقذني لكنه لم ينصرني ....... كنت وقتها خائفا اترقب ولما بلغ بي الخوف منتهاه قلت في نفسي فأي الفريقين احق بالامن فخرجت اليهم شاعرا سيف الحق في وجوههم ادعوهم لمبارزتي الحجة بالحجه والبرهان بالبرهان ولم استسلم لدعاوي تخويفي وقفت في الميدان وحيدا عدة أشهر حتي أبلغوني بإبعادي عن المكان الذي كنت فيه مع مكافأة . وقالوا لم نعد بحاجه الي وجودك هنا لأمور لا تتعلق بك شخصيا يمكنك العودة الي عملك القديم . وهم من خلف ظهري يطعنوني بكل نقيصه وكل جريمه ارتكبوها . لم يواجهني احد ، لكن طرق مسامعي بهتانا عني يجعل مني شيطانا . عدت الي عملي وقد استقبلت في مكان عملي القديم الجديد بحفاوة ، فقد اتيت من الملأ الاعلي ، الكل يحسدني ، فمازلت شابا نحيفا رغم تقدمي في العمر ، املك اموالا من عملي تجعلني من طبقه المستريحين ماديا ، وأملك أطفالا تملؤهم البهجة ، كنت مثار إعجاب الجميع لكني من داخلي كنت ارغب ان لا اكمل حياتي . دعني اوضح لك شيئا يا سيدي، كنت قد قلت لك انني منذ سنوات اربع قلت (لا ). وقتها لم يكن هناك ما يخيفني ان أقول (نعم ) ، فقد كنت في كنف الأقوياء اختاروني ولم يتوقعوا ان أخالفهم ، فلعلهم توسموا في الخنوع والخضوع لأنني مسالم. لا اعلم دعني أحدثك عن قصتي مع الأقوياء هؤلاء الأقوياء يا سيدي أشبه بالأرباب ، الكل يخضع لهم طوعا وكرها ، الكل يطيعهم خوفا وطمعا ، وقد كنت الشيطان في قصتهم. كنت انا من تمرد واستكبر ، وقال لأوامرهم : لا . فبت ملعونا رجيما تصحبني اللعنه أينما كنت، وتكاثرت عليّ رسلهم ينصحونني : " أنه في النهايه هم من سيكسبون ، ان العاقبة دائما للأقوياء ، انك مجرد عبد يملكون روحك فلا تعاند ، انك لن تستطيع ان تهرب منهم ، فنفوذهم في كل مكان . " كانوا يدعونني الى الطاعة والخضوع ويمنّوني بجنتهم واموالهم ونفوذهم لو اطعت . كان هؤلاء الأقوياء يحرمونني من رزق هو لي ، وتأتي رسلهم فيقولون : " ما منعوك الا لتعود اليهم فان عدت فلك ذلك وأكثر. " كانوا يخوفونني ويختبرونني املا في ان اخضع لهم ، لكنني كنت شيطانا في قصتهم ، فلم ينفعني نصح ولم تخيفني عاقبه واستبد بي الامر علي معصيتهم، بل زدت في ذلك فكنت اغوي عبيدهم ان العاقبه للتقوي وان الارض سيرثها عُبَّاد الله الصالحون وإني كافر بما يؤمنون . كنت امنيهم واعدهم ان ما عند الله خير وابقي ، لكني كنت عندهم شيطانا فاشلا لم استطع ان اغوي أيا منهم ، فقد كان إيمانهم اقوي من ان تهزه كلماتي ، وكان خوفهم اكبر من ان تكسره وعودي. والحق ــ و الحق أقول ــ كانوا علي قلب رجل واحد ، حسبتهم جميعا ولم اطلع علي قلوبهم، كانوا يتنافسون ويتسارعون في إرضاء أربابهم. اما انا فلم اري هؤلاء الأقوياء . كنت اتعامل مع المؤمنين بهم ورسلهم فقط .. ماذا حدث في نهاية قصتي ؟ لقد ازاحوني كفأر علق في كعب أربابهم بهدوء تام وبابتسامة الواثقين ، وتم لهم ما كانوا يصنعون؛ استكملوا مسيرتهم ، تحقق لهم النصر و العاقية كانت لهم . وعدت انا كشيطان بائس يعض علي أنامله من الغيظ ، فقد فشل في إغواء المؤمنين وبات يندب حظه ويصرخ حقا ان كيد الشيطان كان ضعيفا . عزيزي د منصور لقد آمنت حقا بما جاء بالقران وأردت ان اعمل به لا يضرني من ضَل اذا اهتديت فإذا بي في آتون معركة لا ناقة لي فيها ولا جمل فشمرت عن ساعدي وراهنت بكل ما املك لكنني خرجت من المعركة خاسرا مدحورا ، ومازالت أذنابهم من يؤمنون بمنطق الضباع يحسبون ان مجرد خروجي ببضعه أموال وخروجي سالما من بين أنيابهم نصرا مؤزرا ، ومازالوا يقولون لي : " ما ضر سمعتك قول عليك في محيط ضيق ، وقد جنيت ما جنيت ، وقد قيل في الأنبياء اكثر من ذلك " يا سيدي لقد نصر الله الأنبياء فلماذا لم انصر ؟ لماذا لا نجد الانتصارات الا في القصص! ؟ لعلي قليل الصبر ولعلي جاهل بسنته في الارض . لكن ما خبرته من هذه التجربه ان العالم بأسره يسير علي هذه الخطي ؛ اقوياء لهم عبيد يتحكمون في مصير العباد يسحقون او يحيّدون من يخالفهم حتي يأتي من هو اقوي منهم فيرثهم ويرث عبيدهم هذا ما ظهر لي فهل اجد عندك قول آخر . ؟ ). انتهت الرسالة . وأقول :
أولا :
1 ـ شكرا لك أخى الحبيب إذ استودعتني قصتك ، ولأنها تعبّر عن كثيرين من أمثالك من النبلاء الذين يحاولون الإصلاح في محيط فاسد فإننى أنشر رسالتك ليستفيدوا منها ، وليعلموا أنه مهما تكاثف الظلام فهناك نبلاء يناضلون في سبيل التنوير والإصلاح ويدفعون الثمن . أزعم أن هناك مئات من أمثالك يدفعهم شدة الفساد الى الاقتراب من نقطة اليأس ، وهذا ما أحذّر منه ، فلا بد من الصبر مهما طال الأمر .
2 ـ الوصول الى الايمان الحقيقى يعنى التعرّض للابتلاء ، قال جل وعلا : ( أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) العنكبوت) النجاح في هذا الابتلاء ثمرته الخلود في الجنة ، قال جل وعلا : ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142) آل عمران )
ثانيا :
1 ـ أرجو أن تكون قد تابعت أزمة الكاتب الاسلامى رضا عبد الرحمن الذى يقبع الآن في السجن من أغسطس الماضى ، وهذا هو الاعتقال الثالث له . كان نشطا في الكتابة والتعليق في موقع أهل القرآن وفى مدونة له عن السلام ، بعد إعتقاله الثانى إعتزلنا إيثارا للسلامة ، ولكن ذنبه الأكبر أنه من أقرب أقاربى ، ولأن مقالاتى في الهجوم على السيسى أزعجت السيسى فانتقم من أقاربى المستضعفين الأبرياء الذين أتخذهم السيسى رهائن عنده ، ودفع رضا عبد الرحمن الثمن . كتبت في الموضوع ناصحا محذرا من سوء عاقبة الظالمين ، ثم تبيّن أنه لا فائدة ، فتوقفت رافعا يدىّ للرحمن جل وعلا الذى لا نصير غيره للمؤمنين المستضعفين المظلومين .
2 ـ أزمتك أخى الحبيب أهون كثيرا من أزمة رضا عبد الرحمن ، وأدعو الله جل وعلا أن يثبّت قلوبنا على الحق وأن ينصرنا على القوم الظالمين .
ثالثا :
لمجرد التذكرة أقول للمؤمنين بالله جل وعلا وحده إلاها وبالقرآن الكريم وحده حديثا ، ويواجهون الاضطهاد والفتنة في الدين ـ أن :
1 ، أن يتمسكوا بالصبر والصلاة : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153) البقرة )
2 ـ قد يطول الأمر في موضوع الصبر ويزحف اليأس للنفس ، وقع في هذا بعض الأنبياء فقالوا : ( متى نصر الله ) وجاءتهم الإجابة بأن نصره جل وعلا قريب : ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214) البقرة ). دخول الجنة ليس مجّانا ، للجنةهى مهرُّ الصبر في الجهاد .
3 ـ أن يلتزموا بالتقوى ليجعل الله جل وعلا لهم مخرجا ، ويرزقهم من حيث لا يحتسبون . قال جل وعلا : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) (3) الطلاق ).
4 ـ المؤمن المسالم المُجاهد المُستضعف قليل الحيلة ليس عليه سوى الاعتصام بربه جل وعلا والتوكل عليه ، فهو جل وعلا القائل :
4 / 1 :( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً (3) الطلاق )
4 / 2 : ( إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنْ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38) الحج )
4 / 3 : ( إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ (51) يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمْ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (52) غافر )
4 / 4 : ( وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الحج )
أخيرا :
1 ـ المفترض في المؤمن المسالم المجاهد أن يؤمن إيمانا حقيقيا باليوم الآخر ، بالتالى فهو يعلم أن كل نعيم الدنيا لكل البشر لا يساوى لحظة نعيم في الجنة . فما بالك بالخلود في الجنة ؟ ، وأن كل عذابات الدنيا لكل البشر لا يعدل لحظة عذاب في الجحيم ، فما بالك بالخلود في النار .؟
2 ـ هذا يدفع المؤمن المجاهد المُسالم أن يعفو ــ ما إستطاع ـ عمّن يظلمونه ، فيكفيهم ما ينتظرهم من عذاب الجحيم . قال جل وعلا : (وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43) وَأَنذِرْ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعْ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44) وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمْ الأَمْثَالَ (45) وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46) فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ (47) يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ (49) سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ (50) لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (51) هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (52) إبراهيم ).
ودائما : صدق الله العظيم ..
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5123 |
اجمالي القراءات | : | 57,056,926 |
تعليقات له | : | 5,452 |
تعليقات عليه | : | 14,828 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
الغزالى حُجّة الشيطان : ف 2 : الغزالى فى الإحياء يرفع التصوف فوق الاسلام ( 1 )
الغزالى حُجّة الشيطان ( 9) الغزالى والاسرائيليات ( جزء 2 )
دعوة للتبرع
رؤية: والدي رحمه الله إنه كانا رجلا مؤمنا متصدق ا ...
سحر وشعوذة: عندي سؤال لو تكرمت لو شخص ساحر قام باذيه زوج...
مضطر فعلا .!!: استاذ ي العزي ز د. احمد منصور السل ام ...
فى قلوبهم مرض: أسعد الله مسارك دكتور نا الفاض ل .تحية طيبة...
دعوة ابراهيم للحج: كيف كان نبي الله إبراه يم عليه السلا م يؤذن...
more
يفقد ( الإنسان ) الأمل حين لا يتحقق ما يأمله و يعيش في صراع داخلي رهيب يصل به إلى مرحلة الشك التي ( قد ) تغير ما كان يؤمن به !! كل ذلك بسبب ( ضعف في الإيمان ) فالإيمان الراسخ بـ ( لا إله إلا الله ) هو الغاية و هو الهدف الذي به يصبح ( الإنسان ) فائزا رغم خسارته لكل شئ في هذه الدنيا فلا مقارنة إطلاقا بين : ( فمن زحزح عن النار و أدخل الجنة فقد فاز ) و بين ( و ما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ) .
المقاييس مختلفة تماما بين ( الدنيا ) و ( الآخرة ) فهنا حياة بسيطة و قصيرة و حقيرة هي صفر زمني مقارنة بالأبدية فعن أي خسارة أو ظلم أو قهر أو مرض أو فقر ( المال و البنون ) طالما نأتيه جل وعلا بقلب سليم : ( يوم لا ينفع مالا و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ) .. مرحلة الشك مرحلة طبيعية جدا مر بها الأنبياء و الرسل عليهم السلام فهذا خاتم النبيين عليه السلام يقول له ربه جل و علا : ( فما يكذبك بعد بالدين ) و هو النبي الذي يوحى إليه و يبقى الثبات و الصبر على الإيمان بالله جل و علا و باليوم الآخر و عمل الصالحات هو الذي يجعل القلب سليما .
حفظكم الله جل و علا و جازاكم على صبركم في الدنيا و الآخرة .