نقد كتاب المحدّث في الإسلام
رضا البطاوى البطاوى
Ýí
2020-09-08
نقد كتاب المحدّث في الإسلام
الكتاب تأليف عبد الحسين الأميني والكتاب يدور حول المحدث وهو من تكلمه الملائكة بلا نبوة ولا رؤية صورة كما يزعمون وفى هذا قال الأمينى:
"أصفقت الأمة الإسلامية على أن في هذه الأمة كما لدى الأمم السابقة أناس محدثون " على صيغة المفعول " وقد أخبر بذلك النبي الأعظم كما ورد في الصحاح والمسانيد من طرق الفريقين: " العامة والخاصة " والمحدث من تكلمه الملائكة بلا نبوة ولا رؤية صورة، أو يلهم له ويلقى في روعه شئ من العلم على وجه الالهام و المكاشفة من المبدأ الأعلى، أو ينكت له في قلبه من حقائق تخفى على غيره، أو غير ذلك من المعاني التي يمكن أن يراد منه، فوجود من هذا شأنه من رجالات هذه الأمة مطبق عليه بين فرق الاسلام، بيد أن الخلاف في تشخيصه، فالشيعة ترى عليا أمير المؤمنين وأولاده الأئمة من المحدثين، وأهل السنة يرون منهم عمر بن الخطاب"
وساق الأمينى أدلة القوم من الفريقين من الروايات فقال:
"وإليك نماذج من نصوص الفريقين:
نصوص أهل السنة:
أخرج البخاري في صحيحه في باب مناقب عمر بن الخطاب ج 2 ص 194 عن أبي هريرة قال: قال النبي (ص): لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال يكلمون من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يكن من أمتي منهم أحد فعمر قال ابن عباس رضي الله عنهما: من نبي ولا محدث
قال القسطلاني : ليس قوله " فإن يكن " للترديد بل للتأكيد كقولك: إن يكن لي صديق ففلان إذ المراد إختصاصه بكمال الصداقة لا نفي الأصدقاء، وإذا ثبت أن هذا وجد في غير الأمة المفضولة فوجوده في هذه الأمة الفاضلة أحرى وقال في شرح قول ابن عباس " من نبي ولا محدث ": قد ثبت قول ابن عباس هذا لأبي ذر وسقط لغيره ووصله سفيان بن عيينة في أواخر جامعه وعبد بن حميد بلفظ: كان ابن عباس يقرأ: وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث
وأخرج البخاري في صحيحه بعد حديث الغار ج 2 ص 171 عن أبي هريرة مرفوعا: إنه قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم محدثون إن كان في أمتي هذه منهم فإنه عمر بن الخطاب
قال القسطلاني في شرحه 5 ص 431: قال المؤلف: يجري على ألسنتهم الصواب من غير نبوة وقال الخطابي: يلقى الشئ في روعه، فكأنه قد حدث به يظن فيصيب ويخطر الشيئ بباله فيكون، وهي منزلة رفيعة من منازل الأولياء وقال في قوله " إن كان في أمتي ": قاله (ص) على سبيل التوقع وكأنه لم يكن اطلع على أن ذلك كائن وقد وقع، وقصة: يا سارية الجبل مشهورة مع غيرها
وأخرج مسلم في صحيحه في باب فضائل عمر عن عايشة عن النبي (ص) قد كان في الأمم قبلكم محدثون، فإن يكن في أمتي منهم أحد فإن عمر بن الخطاب منهم قال ابن وهب: تفسير محدثون: ملهمون
ورواه ابن الجوزي في " صفة الصفوة " 1 ص 104 وقال: حديث متفق عليه وأخرجه أبو جعفر الطحاوي في " مشكل الآثار " 2 ص 257 بطرق شتى عن عايشة وأبي هريرة، وأخرج قراءة ابن عباس: وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث قال: معنى قوله محدثون أي ملهمون، فكان عمر ينطق بما كان ينطق ملهما، ثم عد من ذلك ما قد روي عن أنس بن مالك قال قال عمر بن الخطاب: وافقني ربي أو وافقت ربي في ثلاث: قلت: يا رسول الله! لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت: واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وقلت: يا رسول الله إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر فلو أمرتهن أن يحتجبن، فنزلت آية الحجاب واجتمع على رسول الله (ص) نساؤه في الغيرة فقلت: عسى ربي إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن، فنزلت كذلك"
انتقد الأمينى الروايات والمفهوم منها فقال:
" إن كان هذا من القول بإلهام فعلى الاسلام السلام، وما أجهل القوم بالمناقب حتى أتوا بالطامات الكبرى كهذه وعدوها فضيلة، وعليهم إن عقلوا صالحهم إنكار مثل هذا القول على عمر، وفيه حط لمقام النبوة، ومسة على كرامة صاحب الرسالة (ص)"
وذكر الأمينى اختلاف الفقهاء فى معنى المحدثون فقال :
"قال النووي في شرح صحيح مسلم: اختلف تفسير العلماء للمراد بمحدثون فقال ابن وهب: ملهمون، وقيل: مصيبون إذا ظنوا فكأنهم حدثوا بشئ فظنوه وقيل: تكلمهم الملائكة، وجاء في رواية: مكلمون وقال البخاري: يجري الصواب على ألسنتهم وفيه إثبات كرامات الأولياء
وقال الحافظ محب الدين الطبري في " الرياض " 1 ص 199: ومعنى محدثون والله أعلم أي يلهمون الصواب، ويجوز أن يحمل على ظاهره وتحدثهم الملائكة لا بوحي وإنما بما يطلق عليه اسم حديث، وتلك فضيلة عظيمة وقال القرطبي في تفسيره ج 12 ص 79: قال ابن عطية: وجاء عن ابن عباس إنه كان يقرأ: وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث ذكره مسلمة بن القاسم بن عبد الله ورواه سفيان عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال مسلمة: فوجدنا المحدثين معتصمين بالنبوة - على قراءة ابن عباس - لأنهم تكلموا بأمور عالية من أنباء الغيب خطرات، ونطقوا بالحكمة الباطنة، فأصابوا فيما تكلموا، وعصموا فيما نطقوا كعمر بن الخطاب في قصة سارية وما تكلم به من البراهين العالية
وأخرج الحافظ أبو زرعة حديث أبي هريرة في طرح التثريب في شرح التفريب 1 ص 88 بلفظ: لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال مكلمون من غير أن يكونوا أنبياء فإن يكن في أمتي أحد فعمر وأخرجه البغوي في " المصابيح " 2 ص 270، والسيوطي في " الجامع الصغير "، وقال المناوي في شرح الجامع الصغير 4 ص 507: قال القرطبي: " محدثون " بفتح الدال اسم مفعول جمع محدث بالفتح أي ملهم أو صادق الظن، وهو من القي في نفسه شئ على وجه الالهام والمكاشفة
وقال القرطبي: قوله " فإن يكن " دليل على قلة وقوعه وندرته، وعلى أنه ليس المراد بالمحدثين المصيبون فيما يظنون لأنه كثير في العلماء بل وفي العوام من يقوى حدسه فتصح إصابته فترتفع خصوصية الخبر وخصوصية عمر، ومعنى الخبر قد تحقق ووجد في عمر قطعا وإن كان النبي (ص)لم يجزم بالوقوع، وقد دل على وقوعه لعمر أشياء كثيرة كقصة: الجبل يا سارية! الجبل وغيره، وأصح ما يدل على ذلك شهادة النبي (ص)له بذلك حيث قال: إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه قال ابن حجر: وقد كثر هؤلاء المحدثون بعد العصر الأول وحكمته زيادة شرف هذه الأمة بوجود أمثالهم فيها ومضاهاة بني إسرائيل في كثرة الأنبياء، فلما فات هذه الأمة المحمدية كثرة الأنبياء لكون نبيهم خاتم الأنبياء عوضوا تكثير الملهمين"
(تنبيه)
قال الغزالي: قال بعض العارفين سألت بعض الأبدال عن مسألة من مشاهد النفس فالتفت إلى شماله وقال: ما تقول رحمك الله؟ ثم إلى يمينه كذلك، ثم أطرق إلى صدره فقال: ما تقول؟ ثم أجاب فسألته عن التفاته؟ فقال: لم يكن عندي علم فسألت الملكين فكل قال: لا أدري فسألت قلبي فحدثني بما أجبت فإذا هو أعلم منهما قال الغزالي: وكأن هذا معنى هذا الحديث "ويجد الباحث في طي كتب التراجم جمعا من كلمتهم الملائكة منهم: عمران بن الحصين الخزاعي المتوفى سنة 52، أخرج أبو عمر في " الاستيعاب " 2 ص 455: إنه كان يرى الحفظة وكانت تكلمه حتى اكتوى وذكره ابن حجر في الإصابة 3 ص 26وقال ابن كثير في تاريخه 8 ص 60: قد كانت الملائكة تسلم عليه فلما اكتوي انقطع عنه سلامهم، ثم عادوا قبل موته بقليل، فكانوا يسلمون عليه و في شذرات الذهب 1 ص 58: إنه كان يسمع تسليم الملائكة عليه، ثم اكتوي بالنار فلم يسمعهم عاما، ثم أكرمه الله برد ذلك وذكر تسليم الملائكة عليه الحافظ العراقي في " طرح التثريب " ج 1 ص 90، وأبو الحجاج المزي في " تهذيب الكمال " كما في تلخيصه ص 250، وقال ابن سعد وابن الجوزي في " صفة الصفوة " 1 ص 283: كانت الملائكة تصافحه وذكره ابن حجر في " تهذيب التهذيب " 8 ص 126ومنهم: أبو المعالي الصالح المتوفى 427، أخرج الحافظان ابنا الجوزي وكثير أن أبا المعالي أصابته فاقة شديدة في شهر رمضان فعزم على الذهاب إلى رجل من ذوي قرابته ليستقرض منه شيئا قال: فبينما أنا أريده فنزل طائر فجلس على منكبي وقال: يا أبا المعالي أنا الملك الفلاني، لا تمضي إليه نحن نأتيك به قال: فبكر إلي الرجل " صف 2 ص 280، ظم 9 ص 136، يه 12 ص 163 م وقال أبو سليمان الخطابي: قال النبي (ص): " قد كان في الأمم ناس محدثون، فإن يكن في أمتي فعمر " وأنا أقول: فإن كان في هذا العصر أحد كان أبو عثمان المغربي " طب 9: 113 " ومن هذا القبيل تكلم الحوراء مع أبي يحيى الناقد، أخرج الخطيب البغدادي وابن الجوزي عن أبي يحيى زكريا بن يحيى الناقد المتوفى 285 " أحد أثبات المحدثين " قال اشتريت من الله حوراء بأربعة آلاف ختمة، فلما كان آخر ختمة سمعت الخطاب من الحوراء وهي تقول: وفيت بعهدك فها أنا التي قد اشتريتني "
هذه النصوص قطعا لا قيمة لها فرواية ابن عباس تخالف المصحف الموجود فلا وجود فيه لكلمة محدث ومن ثم يكون ثبت كذبها وإلا كانت وضعت فى مكانها
وأما روايات تحديث الملائكة فهو من ضمن الخبل فالملائكة لا تحدث أحدا لعدم نزولها الأرض لعدم اطمئنانها فيها كما قال تعالى "" قل لو كان فى الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا"
ولو افترضنا أنها نزلت فهى لن تكلم واحد أو اثنين من المؤمنين وإنما ستكلم كل من قال الله فيه " رضى الله عنهم ورضوا عنه" لأنه لا يوجد موجب للتفرقة بين المؤمنين من الصحابة
ثم نقل الأمينى نصوص الشيعة فقال:
"هذا ما عند القوم وأما نصوص الشيعة"
فأخرج ثقة الاسلام الكليني في كتابه " أصول الكافي " ص 84 تحت عنوان باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدث " أربعة أحاديث منها بإسناده عن بريد عن الإمامين الباقر والصادق في قوله عز وجل [ في سورة الحج ]: وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث [ قال بريد ]: قلت: جعلت فداك ليست هذه قراءتنا فما الرسول والنبي والمحدث؟ قال: الرسول الذي يظهر له الملك فيكلمه، والنبي هو الذي يرى في منامه، وربما اجتمعت النبوة والرسالة لواحد، والمحدث الذي يسمع الصوت ولا يرى الصورة قال: قلت أصلحك الله كيف يعلم أن الذي رأى في النوم حق وأنه من الملك؟ قال: يوفق لذلك حتى يعرفه، ولقد ختم الله عز وجل بكتابكم الكتب وختم بنبيكم الأنبياء وحديث آخر أيضا فصل بهذا البيان بين النبي والرسول والمحدث، وحديثان بالتفصيل المذكور غير أن فيهما مكان لفظة المحدث، الإمام أحدهما عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عن قول الله عز وجل: وكان رسولا نبيا ما الرسول؟ وما النبي؟ قال: النبي الذي يرى في منامه ويسمع الصوت ولا يعاين الملك، والرسول الذي يسمع الصوت ويرى في المنام ويعاين الملك قلت: الإمام ما منزلته؟ قال: يسمع الصوت ولا يرى ولا يعاين الملك، ثم تلا هذه الآية: وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث
والثاني: عن إسماعيل بن مرار قال: كتب الحسن بن العباس المعروف إلى الرضا عليه السلام: جعلت فداك أخبرني ما الفرق بين الرسول والنبي والإمام؟ قال: فكتب أو قال: الفرق بين الرسول والنبي والإمام: إن الرسول الذي ينزل عليه جبرئيل فيراه ويسمع كلامه وينزل عليه الوحي، وربما رأى في منامه نحو رؤيا إبراهيم والنبي ربما يسمع الكلام وربما رأى الشخص ولم يسمع، والإمام هو الذي يسمع الكلام ولا يرى الشخص
هذا تمام ما في هذا الباب من الكافي وأخرج في ص 135 تحت عنوان " باب أن الأئمة محدثون مفهمون " خمسة أحاديث منها عن حمران بن أعين، قال: قال أبو جعفر: إن عليا كان محدثا فخرجت إلى أصحابي فقلت: جئتكم بعجيبة: فقالوا: وما هي إلا؟ فقلت: سمعت أبا جعفر يقول: كان علي محدثا، فقالوا: ما صنعت شيئا إلا سألته: من كان يحدثه؟ فرجعت إليه فقلت: إني حدثت أصحابي بما حدثتني فقالوا: ما صنعت شيئا إلا سألته: من كان يحدثه؟ فقال لي: يحدثه ملك قلت: تقول إنه نبي؟ قال: فحرك يده هكذا، أو كصاحب سليمان، أو كصاحب موسى، أو كذي القرنين، أو ما بلغكم أنه قال: وفيكم مثله؟
وحديث آخر ما ملخصه: إن عليا أمير المؤمنين كان يعرف قاتله ويعرف الأمور العظام التي كان يحدث بها الناس بقول الله عز ذكره وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث وحديثان آخران أحدهما: أن أوصياء محمد (ص)محدثون والثاني: الأئمة علماء صادقون مفهمون محدثون والحديث الخامس في معنى المحدث وإنه يسمع الصوت ولا يرى الشخص وليس في هذا الباب من كتاب الكافي غير ما ذكرناه
وروى شيخ الطائفة في أماليه ص 260 بإسناده عن أبي عبد الله قال: كان علي محدثا، وكان سلمان محدثا قال: قلت: فما آية المحدث؟ قال: يأتيه ملك فينكت في قلبه كيت كيت وبالإسناد عن أبي عبد الله قال: منا من ينكت في قلبه، ومنا من يقذف في قلبه، ومنا من يخاطب
وبإسناده عن الحرث النصري قال: قلت لأبي عبد الله: الذي يسأل عنه الإمام وليس عنده فيه شئ من أين يعلمه؟ قال: ينكت في القلب نكتا، أو ينقر في الأذن نقرا، وقيل لأبي عبد الله: إذا سئل كيف يجيب؟ قال: إلهام وسماع وربما كانا جمعا وروى الصفار بإسناده في " بصائر الدرجات " عن حمران بن أعين قال: قلت لأبي جعفر ألست حدثتني إن عليا كان محدثا؟ قال: بلى قلت: من يحدثه؟ قال: ملك قلت: فأقول: إنه نبي أو رسول؟ قال: لا بل مثله مثل صاحب سليمان، ومثل صاحب موسى، ومثل ذي القرنين، أما بلغك أن عليا سئل عن ذي القرنين؟ فقالوا: كان نبيا؟ قال: لا بل كان عبدا أحب الله فأحبه، وناصح الله فناصحه وبإسناده عن حمران قال: قلت لأبي جعفر ما موضع العلماء؟ قال: مثل ذي القرنين، وصاحب سليمان، وصاحب داود وبالاسناد عن بريد قال: قلت لأبي جعفر وأبي عبد الله: ما منزلكم؟ بمن تشبهون ممن مضى؟ فقال: كصاحب موسى، وذي القرنين، كانا عالمين ولم يكونا نبيين وبالاسناد عن عمار قال: قلت لأبي عبد الله ما منزلتهم؟ أنبياء هم؟ قال: لا ولكن هم علماء كمنزلة ذي القرنين في علمه، وكمنزلة صاحب موسى، وكمنزلة صاحب سليمان
هذه جملة من أخبار الشيعة في الباب وهي كثيرة مبثوثة في كتبهم وهذه رؤوسها، ومؤدى هذه الأحاديث هو الرأي العام عند الشيعة سلفا وخلفا، وفذلكته: أن في هذه الأمة أناس محدثون كما كان في الأمم الماضية، وأمير المؤمنين وأولاده الأئمة الطاهرون علماء محدثون وليسوا بأنبياء وهذا الوصف ليس من خاصة منصبهم ولا ينحصر بهم، بل: كانت الصديقة كريمة النبي الأعظم محدثة، وسلمان الفارسي محدثا نعم: كل الأئمة من العترة الطاهرة محدثون، وليس كل محدث بإمام، ومعنى المحدث هو العالم بالأشياء بإحدى الطرق الثلاث المفصلة في الأحاديث المتلوة، هذا ما عند الشيعة ليس إلا"
الروايات عند الشيعة مثل روايات السنة اتفقا على قراءة الآية بزيادة ولا محدث وكما قلنا طالما لم يثبت فى المصحف فهو كذب
وأما روايات التفرقة بين الرسول والنبى والمحدث فهى من أوهام الفريقين فلا يوجد فرق بين النبى والرسول فكل الأنبياء نزل عليهم الوحى وهى الكتاب من الملائكة كما فى هذه الآيات :
"كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب"وقارنها بقوله "رسلا مبشرين ومنذرين"
"وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما أتيتكم من كتاب وحكمة"
"إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده"
وأما كون ذو القرنين(ص) ليس نبيا ولا رسولا فيتنافى مع وحى الله أى كلام الله المباشر له :
"حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب فى عين حمئة ووجد عندها قوما قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا"
فكلما قلنا تدل على الله ومن ثم يكون الوحى ينزل عليه
وكذلك العبد الصالح(ص) رسول لأن الله أتاه الرحمة وهى الوحى وهو نفسه العلم فقال " فوجدا عبدا من عبادنا أتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما "
وكما جاز وجود رسل فى بلاد مختلفة فى عصر واحد كإبراهيم(ص) ولوط(ص) جاز أن يكون العبد الصالح(ص) وموسى(ص) بعثا فى عصر واحد لبلاد مختلفة
وقد بين الأمينى اتفاق المذاهب فى هذه المسألة عدا جزئية كون عمر من المحدثين التى أنكرها الشيعة فقال:
"هذا منتهى القول عند الفريقين ونصوصهما في المحدث وأنت كما ترى لا يوجد أي خلاف بينهما، ولم تشذ الشيعة عن بقية المذاهب الإسلامية في هذا الموضوع بشئ من الشذوذ إلا في عدم عدهم عمر بن الخطاب من المحدثين، وذلك أخذا بسيرته الثابتة في صفحات التاريخ من ناحية علمه ولسنا في مقام البحث عنه فهل من المعقول أن يعد هذا القول المتسالم عليه في المحدث لأمة من قائليه فضيلة رابية، وعلى الأخرى منهم ضلالا ومنقصة؟ لاها الله"
وبناقش المينى القصيمى فى كون الشيعة يعتقدون بنبوة أئمتهم فيقول:
هلم معي نسائل كيذبان الحجاز عبد الله القصيمي جرثومة النفاق، وبذرة الفساد في المجتمع كيف يرى في كتابه الصراع بين الاسلام والوثنية إن الأئمة من آل البيت عند الشيعة أنبياء وإنهم يوحى إليهم، وإن الملائكة تأتي إليهم بالوحي، وإنهم يزعمون لفاطمة وللأئمة من ولدها ما يزعمون للأنبياء؟ ويستند في ذلك كله على مكاتبة الحسن بن العباس المذكور ص 47 نقلا عن الكافي، هلا يعلم هذا المغفل؟ إن هذه المفتريات والقذائف على أمة كبيرة [ أطلت آرائها الصالحة على أرجاء الدنيا ] إن هي إلا مآل القول بالمحدث الوارد في الكتاب العزيز وتكلم الملائكة مع الأئمة من آل البيت وأمهم فاطمة البتول كما هو مقتضى استدلاله، وأهل الاسلام كلهم شرع سواء في ذلك أو للشيعي عندئذ أن يقول: إن عمر بن الخطاب وغيره من المحدثين على زعم العامة عندهم أنبياء يوحى إليهم، وإن الملائكة تأتي إليهم بالوحي؟ لكن الشيعة علماء حكماء لا يخدشون العواطف بالدجل والتمويه وقول الزور، ولا يسمع لأحد من حملة روح التشيع، والنزعة العلوية الصحيحة، ومقتفى الآداب الجعفرية أن يتهم أمة كبيرة بالطامات، وحاشاها أن تشوه سمعتها بالأكاذيب والافائك، وتقذف الأمم بما هي برئية منه، أما كانت بين يدي الرجل تلكم النصوص الصريحة للشيعة على أن الأئمة علماء وليسوا بأنبياء؟ أما كان صريح تلك الأحاديث بأن الأئمة مثلهم كمثل صاحب موسى، وصاحب سليمان، وذي القرنين؟ أما كان في " الكافي " في الباب الذي قلبه الرجل على الشيعة قول الإمامين الباقر والصادق: لقد ختم الله بكتابكم الكتب وختم بنبيكم الأنبياء؟ نعم: هذه كلها كانت بمرأى من الرجل غير أن الإناء ينضح بما فيه، ووليد الروح الأموية الخبيثة وحامل نزعاتها الباطلة سدك بالقحة والسفالة، ولا ينفك عن الخنى والقذيعة، ومن شأن الأموي أن يتفعى ويمين ويأفك، ويهتك ناموس المسلمين، ويسلقهم بألسنة حداد، ويفتري على آل البيت وشيعتهم اقتداء بسلفه، وجريا على شنشنته الموروثة، ونحن نورد نص كلام الرجل ليكون الباحث على بصيرة من أمره، ويرى جهده البالغ في تشتيت صفوف الأمة، وشق عصا المسلمين بالبهت وقول الزور، قال في " الصراع " ج 1 ص 1:
الأئمة يوحى إليهم عند الشيعة، قال في " الكافي ": كتب الحسن بن العباس إلى الرضا يقول: ما الفرق بين الرسول والنبي والإمام؟ فقال: الرسول هو الذي ينزل عليه جبرئيل فيراه، ويسمع كلامه، وينزل عليه الوحي، والنبي ربما يسمع الكلام، وربما رأى الشخص ولم يسمع، والإمام هو الذي يسمع الكلام ولا يرى الشخص وقال: والأئمة لم يفعلوا شيئا ولا يفعلونه إلا بعهد من الله وأمر منه لا يتجاوزونه وفي الكتاب نصوص أخرى متعددة في هذا المعنى، فالأئمة لدى هؤلاء أنبياء يوحى إليهم، ورسل أيضا لأنهم مأمورون بتبليغ ما يوحى إليهم
وقال في ج 2 ص 35: قد قدمنا في الجزء الأول: أن القوم يزعمون أن أئمة أهل البيت يوحى إليهم، وأن الملائكة تأتيهم بالوحي من الله ومن السماء، وتقدم قولهم: أن الأئمة لا يفعلون شيئا ولا يقولونه إلا بوحي من الله، وتقدم: إن الفرق عندهم بين محمد رسول الله وبين الأئمة من ذريته: إن محمدا كان يرى الملك النازل عليه بالوحي، وأما الأئمة فيسمعون الوحي وصوت الملك وكلامه ولا يرون شخصه، و هذا هو الفرق لديهم بين النبي والإمام، وبين الرسل والأئمة، وهو فرق لا حقيقة له، فالأئمة من آل البيت عندهم أنبياء ورسل بكل ما في كلمة النبي والرسول من معنى، لأن النبي الرسول هو إنسان أوحى الله إليه رسالة، وكلف تبليغها ونشرها، سواء أكان وحي الله إليه بواسطة الملك أم بلا واسطة، وسواء رأى شخص تلك الواسطة أم لم يره، بل سمع منه وعقل عنه، هذا هو النبي الرسول ورؤية الملك لا دخل له في حقيقة معنى النبي والرسول بالاجماع، ولهذا يقولون: الرسول هو إنسان أوحي إليه وأمر بالبلاغ، والنبي هو إنسان أوحي إليه ولم يؤمر بالبلاغ ولم يجعلوا لرؤية الملك دخلا في حقيقة النبي وحقيقة الرسول، وهذا لا ينازع فيه أحد من الناس، فالشيعة يزعمون لفاطمة وللأئمة من ولدها ما يزعمون للأنبياء والرسل من المعاني والحقايق، فهم يزعمون أنهم معصومون، وأنهم يوحى إليهم، وأن الملائكة تنزل عليهم بالرسالات، وأن لهم معجزات أقلها إحياؤهم الأموات، كما يقولون في أفضل كتبهم إنتهى
إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله
وأولئك هم الكاذبون"
هذا هو دفاع الأمينى عن زعم القصيمى كون الأئمة أنبياء فهو ينفى ذلك نفيا تاما
وحتى نكون قد أوفينا المسألة حقها من البيان نقول:
لا يوجد شىء اسمه المحدث فكل الموجود هو البشر الدنيوية وهى رؤيا أى حلم أى منام يقال فيه للمسلم شىء يسعده كدخول الجنة أو تعريفه أن مهمته فى الدنيا هى اظهار العلم للناس فيرى مثلا شخص منير وهو الرسول ويقول له أنت وارث علمى أو يا وارث الوحى أو يقال له مثلا أن المكان المقدس الحقيقى الذى فيه الوحى كاملا فى مكان كذا ... وهو ما ذكره الله باسم البشرى الدنيوية فى قوله تعالى :
"ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى فى الحياة الدنيا وفى الآخرة"
فالحلم يتعلق بمصير المسلم أو اظهار الحق فقط للناس ولكنه ليس وحيا يوحى فيه كتاب الله أو يوحى فيه أخبار الغيب
وإصرار الناس على كون النبى ليس مبلغا للرسالة هو خبل يتعارض مع عداوة الناس لكل الأنبياء(ص) فالعداوة تنتج من إبلاغ الرسالة كما قال تعالى :
"وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الإنس والجن يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا "وقال "وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا من المجرمين ".
كما نزول الكتاب عليهم والحكم به بين الناس كما قال تعالى:
"فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ".
يعنى أنهم يبلغون الوحى فعندما يحكم النبى بين الناس فى أى مسألة فهذا يعنى أنه يبلغهم أن حكم الله هو كذا
كل المؤمنين هم أولياء الله جميعا ومن ثم الحديث عن أولياء الصالحين كفريق من المسلمين هو ضرب من الجنون فكل مسلم لابد أن يكون صالحا وإلا كان كافرا وفى هذا قال تعالى ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا"
اجمالي القراءات
2450