تقد كتاب الرجعة

رضا البطاوى البطاوى Ýí 2019-07-03


نقد كتاب الرجعة أو العودة الى الحياة الدنيا بعد الموت

الكتاب تأليف مؤسسة الرسالة والكتاب صادر عن مركز الأبحاث العقائدية فى العراق

الرجعة يقصد بها العودة الى الحياة الدنيا بعد الموت وقالت مقدمة المركز فيها:

"والرجعة التي تعدُّ واحدة من أُمور الغيب وأشراط الساعة، استدلّ الإمامية على صحة الاعتقاد بها بالأحاديث الصحيحة المتواترة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وآله المعصومين عليهم السلام المروية في المصادر المعتبرة، فضلاً عن إجماع الطائفة المحقّة على ثبوتها حتى أصبحت من ضروريات المذهب عند جميع الأعلام المعروفين والمصنفين المشهورين، وهذان الدليلان من أهمّ ما استدلّ به الإمامية على صحة الاعتقاد بها"

وقبل الخوض فى استعراض ما جاء فى الكتاب نقول :

إن الكثير من عقائد المذاهب لا أساس لها فى وحى الله والغريب أن الكثير منها لا يوجد عليه دليل مما ينسب للنبى(ص) والصحابة والأئمة وإنما هى استنتاجات خاطئة

مقدمة المركز هنا تجعل الرجعة من ضروريات المذهب وهو ما يعنى خروج من لا يؤمن بها من أفراد المذهب ومع هذا نجد فى أحد فصول الكتاب أن من لا يؤمن بالرجعة ليس بخارج عن المذهب وهو قولهم:

"تعتقد الشيعة الإمامية بالرجعة من بين الفرق الإسلامية طبقاً لما ورد وصح من الأحاديث المروية عن أهل بيت الرسالة عليهم السلام، وليس هذا بمعنى أنّ عقيدة الرجعة تعدُّ واحدة من أُصول الدين، ولا هي في مرتبة الاعتقاد بالله وتوحيده أو بدرجة النبوة والمعاد، بل هي من ضروريات المذهب كما تقدم ولا يترتب على الاعتقاد بالرجعة إنكار لأي حكم ضروري من أحكام الإسلام، وليس ثمة تضاد بين هذا الاعتقاد وبين أُصول الإسلام"

وأيضا قالوا :

"وقد ذكر هذا الاختلاف الشيخ أبو زهرة حيثُ قال: ويظهر أنّ فكرة الرجعة على هذا الوضع ليست أمراً متّفقاً عليه عند إخواننا الاثنى عشرية، بل فريق لم يعتقده  إذن هناك متأولون للرجعة من بين الشيعة الإمامية، فهؤلاء ينكرون الرجعة بالمعنى الذي ذهبت إليه أكثر الشيعة الإمامية أخذاً بالأخبار والروايات الواردة فيها، ولم يصرّح أحد بكفر هؤلاء أو خروجهم من الإسلام، لاَنّهم لم ينكروا أصل الاعتقاد بالرجعة والروايات المتكاثرة الواردة فيها على أنَّ المحققين من أعلام الطائفة قد أجابوا هؤلاء عن قولهم بما لا مزيد عليه، قال السيد المرتضى علم الهدى مجيباً على سؤال بهذا الخصوص، وهو من جملة المسائل التي وردت عليه من الري: فأمّا من تأول الرجعة من أصحابنا على أنّ معناها رجوع الدولة من دون رجوع الأشخاص وإحياء الأموات ، فانّ قوماً من الشيعة لمّا عجزوا عن نصرة الرجعة وبيان جوازها وأنها تنافي التكليف عوّلوا على هذا التأويل للأخبار الواردة بالرجعة، وهو منهم غير صحيح، لاَنَّ الرجعة لم تثبت بظواهر الأخبار المنقولة فتتطرق التأويلات عليها، وكيف يثبت ما هو مقطوع على صحته بأخبار الآحاد التي لا توجب العلم، وإنما المعول في إثبات الرجعة على إجماع الإمامية على معناها، بأنَّ الله يحيي أمواتاً عند قيام القائم عليه السلام من أوليائه وأعدائه على ما بيناه، فكيف يتطرق التأويل حكم متأولي الرجعة"

والسبب هو اختلاف الشيعة فى تفسير الرجعة وقد نقلوا عن المفيد التالى:

"وقال الشيخ المفيد رحمه الله: اتفقت الإمامية على رجعة كثير من الأموات  إلى الدنيا قبل يوم القيامة، وإن كان بينهم في معنى الرجعة اختلاف"

ونجد أن عقيدة الرجعة عندهم مرجعها للآثار الصحيحة المتواترة التي حفلت بها كتب أصحابهم طبقا لقولهم:

"إنَّ اعتقادنا بعودة بعض الناس إلى الحياة بعد الموت لم يكن اعتباطياً، وإنّما كان تبعاً للآثار الصحيحة المتواترة التي حفلت بها كتب أصحابنا، واحتلت مساحة واسعة من أحاديث النبي وعترته الطاهرة عليهم السلام الذين ندين بعصمتهم من الكذب"

وهو ما يناقض أن الرجعة ثابتة بإجماع الإمامية وليس بالروايات وهو ما نقلوه عن المرتضى علم الهدى بقولهم:

"لأنَّ الرجعة لم تثبت بظواهر الأخبار المنقولة فتتطرق التأويلات عليها، وكيف يثبت ما هو مقطوع على صحته بأخبار الآحاد التي لا توجب العلم، وإنما المعول في إثبات الرجعة على إجماع الإمامية على معناها، بأنَّ الله يحيي أمواتاً عند قيام القائم عليه السلام من أوليائه وأعدائه على ما بيناه، فكيف يتطرق التأويل حكم متأولي الرجعة"

ومع ذلك كرر الكتاب ثبوتها بالروايات فقال :

"مما لا ريب فيه أنّ صحة الأحكام والعقائد تتوقف على ورود أحاديث شريفة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته المعصومين عليهم السلام سيما ما يتعلق بالاعتقاد بالأمور الغيبية وحوادث المستقبل، روى الشيخ الكليني قدس سره في باب الضلال، بالإسناد عن هاشم صاحب البريد، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: «أما والله إنّه شر عليكم أن تقولوا لشيء ما لم تسمعوه منّا»، والأحاديث في ذلك أكثر من أن تحصى وأوفر من أن تستقصى"

فإننا لا نجد فى الكتاب كله ما يتجاوز عدد أصابع اليدين من الروايات  

والرجعة عند أكثرية الشيعة كما يقول الكتاب:

"وملخص الاعتقاد بالرجعة هو أنّ الله تعالى يعيد في آخر الزمان طائفة من الأموات إلى الدنيا ممّن محضوا الإيمان محضاً أو محضوا الكفر محضاً، فينتصر لأهل الحق من أهل الباطل، وعلى هذا إجماع الشيعة الإمامية الاثني عشرية، وقد علم دخول المعصوم في هذا الإجماع بورود الأحاديث المتواترة عن النبي وأهل بيته المعصومين عليهم السلام الدالة على اعتقادهم بصحة الرجعة"

ومع هذا لا نجد شيئا من تلك الآثار فى الكتاب إلا النذر اليسير وليس فيه دليل على الرجعة مثل:

روى سعد بن عبد الله الاَشعري بالإسناد عن بريدة الاَسلمي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «كيف أنت إذا استيأست أُمتي من المهدي، فيأتيها مثل قرن الشمس، يستبشر به أهل السماء وأهل الأرض ؟ فقلت: يا رسول الله بعد الموت ؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: والله إنّ بعد الموت هدىً وإيماناً ونوراً قلت: يا رسول الله، أي العمرين أطول ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: الآخر بالضعف»
وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: «أيُّها الناس، إنّا خلقنا وإياكم للبقاء لا للفناء، لكنكم من دار إلى دار تنقلون، فتزوّدوا لما أنتم صائرون إليه»

النص السابق ضحك على العقول فالشمس ليس لها قرن
وإلا شاهدناه فى أى يوم تشرق فيه ولو اعتبرنا النص صادقا فهو لا يتكلم عن الرجعة لأنه تكلم عن دار ودار أى دارين فقط بينما الرجعة تستلزم ثلاث دور الدنيا والرجعة والقيامة

وكون عمر الراجعين الأخر ضعف عمرهم الأول يناقض كون عمرهم يوم الاقتصاص وثلاثين شهرا فى الرواية التالية:

روي عن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام أنّه قال: «لترجعنَّ نفوس ذهبت، وليقتصنَّ يوم يقوم، ومن عُذّب يقتصّ بعذابه ومن أُغيظ أغاظ بغيظه، ومن قُتِل اقتصّ بقتله، ويردّ لهم أعداؤهم معهم حتى يأخذوا بثأرهم، ثم يعمّرون بعدهم ثلاثين شهراً، ثم يموتون في ليلة واحدة قد أدركوا ثأرهم، وشفوا أنفسهم، ويصير عدوّهم إلى أشد النار عذاباً، ثم يوقفون بين يدي الجبّار عزَّ وجل فيؤخذ لهم بحقوقهم»

والرواية الآتية:

روي عن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال: «كنت مريضاً بمنى وأبي عليه السلام عندي، فجاءه الغلام فقال: هاهنا رهط من العراقيين يسألون الإذن عليك فقال أبي عليه السلام: أدخلهم الفسطاط، وقام إليهم ودخل عليهم، فما لبثت أن سمعتُ ضحك أبي عليه السلام قد ارتفع، فأنكرت ذلك ووجدت في نفسي من ضحكه وأنا في تلك الحال ثم عاد إليَّ فقال: يا أبا جعفر، عساك وجدت في نفسك من ضحكي ؟ فقلتُ: وما الذي غلبك منه الضحك، جعلت فداك ؟ فقال: إنَّ هؤلاء العراقيين سألوني عن أمرٍ كان مَن مضى مِن آبائك وسلفك يؤمنون به ويقرون، فغلبني الضحك سروراً أنَّ في الخلق من يؤمن به ويقرُّ فقلت: وما هو، جعلت فداك ؟قال: سألوني عن الأموات  متى يبعثون فيقاتلون الأحياء على الدين»

ما يعارض الرجعة بتعريفها عند الشيعة هو أن الأموات يحاربون الأموات مثلهم العلويين والأمويين بينما هى أموات الشيعة يحاربون ألحياء الكفار وليس أموات الأمويين وغيرهم من أعداء العلويين

الرواية التالية:

روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أنّه قال: «العجب كلّ العجب بين جمادى ورجب» فقام رجل فقال: يا أمير المؤمنين، ما هذا العجب الذي لا تزال تعجب منه؟ فقال: «وأيّ عجب أعجب من أموات يضربون كلّ عدو لله ولرسوله ولأهل بيته، وذلك تأويل هذه الآية (يا أيُّها الَّذينَ آمنُوا لا تتولَوا قَوماً غضبَ اللهُ عليهِم قد يَئسُوا مِنَ الآخرةِ كما يئسَ الكُفّارُ مِن أصحابِ القُبُورِ)»

نلاحظ الخبل فى القول بين جمادى ورجب فلا يوجد شىء بين الشهرين فأولهما مجاور للثانى وليس يوجد شىء بينهما فبعد أخر يوم من جمادى أول يوم من رجب ولا يوجد يوم فاصل بينهما

والرواية التالية عند القوم :

"روي أنّ ابن الكوّاء الخارجي سأل أمير المؤمنين عليه السلام عن الرجعة ـ في حديث طويل ـ قال عليه السلام في آخره: «لا تشكّنَّ يا ابن الكواء في قدرة الله عزَّ وجلَّ»

والرواية ليس فيها ذكر للرجعة بالمعنى المذكور فى اعتقاد القوم ولا لغيرها بدليل أنهم لم يذكروا النص كاملا

والرواية التالية هى:

"وسأل أبو الصباح الإمام الباقر عن الرجعة، فقال عليه السلام: «تلك القدرة، ولا ينكرها إلاّ القدرية، تلك القدرة فلا تنكرها»وبمثل ذلك أجاب عليه السلام عبد الرحمن القصير"

الرواية لا تتحدث عن الرجعة فى اعتقاد القوم فهى مبهمة كما أن فيها قول يجعلنا نجن فكيف ينكر القدرية القدرة مع أنهم اكتسبوا اسمهم من إيمانهم بالقدر الذى هو من قدرة الله ؟

وأيضا ما رواه ابن أبي الحديد في شرحه لخطبة أمير المؤمنين عليه السلام: «حتى يظنَّ الظانّ أنّ الدنيا معقولة على بني أُمية» قال: وهذه الخطبة طويلة، وقد حذف الرضي قدس سره منها كثيراً، ومن جملتها: «والله والله، لا ترون الذي تنتظرون حتى لا تدعُون الله إلاّ إشارة بأيديكم وإيماضاً بحواجبكم، وحتى لا تملكون من الأرض إلاّ مواضع أقدامكم، وحتى يكون موضع سلاحكم على ظهوركم، فيومئذٍ لا ينصرني إلاّ الله بملائكته، ومن كتب على قلبه الإيمان، والذي نفس عليٍّ بيده لا تقوم عصابة تطلب لي أو لغيري حقاً، أو تدفع عنّا ضيماً، إلاّ صرعتهم البليّة، حتى تقوم عصابةٌ شهدت مع محمد صلى الله عليه وآله وسلم بدراً»

ورجعة أهل بدر مع على تناقض أن الرجعة مقصورة على المظلومين من على واهله ومعهم الرسول(ص)  وأهل بدر منهم من استشهد فيها ومنهم من استشهد فى أحد وبعدها ولم يعش حتى خلافة على فكيف يتم بعثهم وهم غير مظلومين ؟

واستشهد القوم على صحة عقيدة الرجعة بالقول التالى:

وقد دلَّ الكتاب الكريم على الحشر الخاص قبل يوم القيامة، وهو عودة بعض الأموات  إلى الحياة في قوله تعالى: (وَيومَ نَحشُرُ مِنْ كُلِّ أُمّةٍ فَوجاً مِمَّنْ يُكَذِّب بآياتِنا فَهُم يُوزَعُونَ) كما دلَّ على الحشر العام بعد نفخة النشور في نفس السورة بقوله: (وَيومَ يُنفَخُ في الصُورِ فَفَزعَ مَنْ في السَّماواتِ ومَنْ في الأرض) إلى قوله تعالى: (وكلٌّ أتوهُ داخرِينَ)
ويستفاد من مجموع الآيتين أنّ يوم الحشر الخاص هو غير يوم النفخ والنشور الذي يحشر فيه الناس جميعاً، وبما أنّه ليس ثمة حشر بعد يوم القيامة بدليل الكتاب والسُنّة، فلا بدَّ أن يكون الحشر الخاص واقعاً قبل يوم القيامة "

الغريب أن النص القرآنى لا يساعد القوم على رجعة الأئمة والرسل فالمذكور فيه هو مَّنْ يُكَذِّب بآياتِ الله ولا ذكر فيه لأحد سواهم

ولو راجعوا آيات القرآن لوجدوا أن تفسير  النص هو قوله تعالى :

"فو ربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليا وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجى الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا"

فالفوج المحشور هوأشدهم على الرحمن عتياوالكلام عن جهنم ويوم القيامة والبقاء فيها

والأغرب هو الاستشهاد على صحة الرجعة بالتالى:

"كما دلَّ الكتاب الكريم على رجعة بعض الناس في الأمم  السابقة إلى الحياة بعد الموت في عدة آيات صريحة لا تقبل التأويل، منها قوله تعالى: (ألَم تَرَ إلى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِم وَهُم ألوفٌ حَذَرَ المَوتِ فَقَالَ لهُم اللهُ مُوتُوا ثم أحياهُم)وهو يدل على إمكان الرجعة في هذه الأمة أيضاً لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لتركبن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع، حتى لو أنَّ أحدهم دخل جُحر ضَبّ لدخلتُم»

الرجعة المذكورة هنا هى آية أى معجزة لتعليم البشر درسا وهو حرمة الفرار من أسباب الموت كالمرض المعدى المهلك وقد منع الله الآيات وهى المعجزات من عهد النبى (ص) فقال :

"وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"

والأغرب هو الاستشهاد بالرواية على صحة الرجعة فالسنن المذكورة فى الرواية هى الأفعال الخاطئة التى فعلها من قبلنا ويفعلها الناس بعدهم فالسنن يفعلها الناس أى يسلكونها كما فى رواية بنفس المعنى ذكرها الكتاب«لتتبعنَّ سنن الذين من قبلكم شبراً بشبرٍ وذراعاً بذراع حتى لو سلكوا جُحر ضبّ لسلكتموه» قالوا: اليهود والنصارى ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: «فمن "

بينما الرجعة ليست من فعل الناس ولا يقدرون على فعلها لكونها فعل الله

والرواية التالية:

روى الشيخ الصدوق بالإسناد عن الحسن بن الجهم، قال: قال المأمون للرضا عليه السلام: يا أبا الحسن، ما تقول في الرجعة ؟فقال عليه السلام: «إنّها الحقّ، قد كانت في الأمم  السالفة ونطق بها القرآن، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يكون في هذه الأمة كل ما كان في الأمم  السالفة حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: إذا خرج المهدي من ولدي نزل عيسى بن مريم عليه السلام فصلى خلفه، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: إنَّ الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً، فطوبى للغرباء قيل: يا رسول الله، ثم يكون ماذا ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: ثم يرجع الحقّ إلى أهله»

الرواية هنا تكذب القرآن فى كون المهدى من ولد الرسول(ص) فالرسول ليس له ابن أى ولد بلغ مبلغ الرجال وأنجب حتى ينسب له كما قال تعالى "ما كان محمد أبا أحد من رجالكم " والأولاد ينسبون للآباء وليس للأمهات ولذا يقال الحسن بن على والحسيين بن على ولا يقال الحسن بن محمد ولا الحسين بن محمد

كما أن المسيح(ص) لا يرجع وحده ولن يرجع أحد فى الدنيا لأنه لو رجع لرجع يحيى (ص) بن زكريا(ص) لأن القول فى عيسى(ص):

"وسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم ابعث حيا" تكرر فى يحيى(ص):

"وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا"

روي عن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال: «أيام الله ثلاثة: يوم يقوم القائم، ويوم الكرة، ويوم القيامة»

هنا الرجعة وهى الكرة مرة واحدة فى يوم وهو ما يناقض رواية كون على صاحب كرات اى رجوعات عديدة «وإنّي لصاحب الكرّات ودولة الدول»

تناول الكتاب فى الفصل الأول تعريف الرجعة فقال :

"الرجعة في اللغة العودة إلى الحياة الدنيا بعد الموتقال الجوهري والفيروزآبادي: فلان يؤمن بالرجعة، أي بالرجوع إلى الدنيا بعد الموت
ويُطلق على الرجعة الكرّة أيضاً، وهو من الألفاظ المرادفة لها، قال الجوهري: الكرّ: الرجوع، يقال: كرّه وكرّ بنفسه، يتعدّى ولا يتعدّى
وفي حديث أمير المؤمنين علي عليه السلام: «وإنّي لصاحب الكرّات ودولة الدول» وجاء في زيارته عليه السلام: «السلام عليك يا صاحب الكرة والرجعة»

ونلاحظ فى النصوص التناقض فى كون على صاحب كرات أو كرة واحدة ونلاحظ أن على سمى الكرار لشجاعته فى الجهاد كما تقول الكتب التاريخية حيث كان يكر أى يهجم على العدو مرات كثيرة فى كل حرب اشترك فيها  ومع هذا تم تناسى هذا المعنى

ونلاحظ أن النصوص خاصة نص الزيارة هو شىء مبتدع فيما بعد

وعرف الكتاب الرجعة عند الشيعة الإمامية فقال:

"إنَّ الذي تذهب إليه الإمامية أخذاً بما جاء عن آل البيت عليهم السلام، هو نفس المعنى المحقّق في اللغة، وهو أنَّ الله تعالى يُعيد قوماً من الأموات إلى الدنيا قبل يوم القيامة في صورهم التي كانوا عليها، فيعزّ فريقاً ويذلُّ فريقاً آخر، ويديل المحقين من المبطلين، والمظلومين منهم من الظالمين، وذلك عند قيام مهدي آل محمد (عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام) الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن مُلئت جوراً وظلماً، ولذلك تعدُّ الرجعة مظهراً يتجلى فيه مقتضى العدل الإلهي بعقاب المجرمين على نفس الأرض التي ملأوها ظلماً وعدواناً ولا يرجع إلاّ من علت درجته في الإيمان، أو من بلغ الغاية من الفساد، ثم يصيرون بعد ذلك إلى الموت، ومن بعده إلى النشور، وما يستحقونه من الثواب أو العقاب، كما حكى الله تعالى في قرآنه الكريم تمنّي هؤلاء المرتجعين الذين لم يصلحوا بالارتجاع، فنالوا مقت الله، أن يخرجوا ثالثاً لعلهم يصلحون: (قَالُوا رَبنَا أمَّتنَا اثنَتينِ وأحييتَنَا اثنتينِ فاعتَرفنَا بِذُنُوبِنَا فَهَل إلى خُروجٍ مِنْ سَبِيلٍ)ولكن أنّى لهم ذلك وهم في عذاب مقيم ؟

الغريب هو أن الرجعة سببها مقتضى العدل الإلهى والله برىء من تلك الرجعة لكونها ظلما وهو تعالى عن الظلم فلو كانت صورة للعدل لبعث الجميع وليس الكبار هنا والكبار هنا فالعدل للجميع وليس لبعضهم فالصغار قتل بعضهم وجرح وأوذى بعضهم بسبب إيمانهم وليس من العدل ألا يأخذوا حقهم كالكبار

وفى الفصل الثاني إمكان الرجعة وأدلّتها استشهد الكتاب على أن أدلة المعاد تنفع فى الاستدلال على الرجعة المذكورة فقال :

"وبما أنَّ الرجعة والمعاد ظاهرتان متماثلتان من حيث النوع، فالدليل على إمكان المعاد يمكن أن يقام دليلاً على إمكان الرجعة، والاعتراف بإمكان بعث الحياة من جديد يوم القيامة يترتب عليه الاعتراف بإمكان الرجعة في حياتنا الدنيوية، ولا ريب أنّ جميع المسلمين يعتبرون الإيمان بالمعاد من أُصول عقيدتهم، إذن فجميعهم يذعنون بإمكانية الرجعة
يقول السيد المرتضى قدس سره: إعلم أنّ الذي يقوله الإمامية في الرجعة لا خلاف بين المسلمين ـ بل بين الموحدين ـ في جوازه، وأنّه مقدور لله تعالى، وإنّما الخلاف بينهم في أنّه يوجد لا محالة أو ليس كذلك"
وبالقطع المعاد هو نفسه الرجعة فقد أتى بهذا الاسم فى الكثير من الآيات مثل:

"كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون "

"واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون "

"إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون"

" ويوم يرجعون إليه فينبئهم بما عملوا والله بكل شىء عليم "

فالرجوع إلى الله هو للكل

وبعد هذا ذكر الكتاب ما يظنه كاتبوه هو أدلة الرجعة فقال :

"أورد الحر العاملي في الباب الثاني من كتابه (الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة) اثني عشر دليلاً على صحة الاعتقاد بالرجعة، وأهم ما استدل به الإمامية على ذلك هو الأحاديث الكثيرة المتواترة عن النبي والأئمة عليهم السلام المروية في الكتب المعتمدة، وإجماع الطائفة المحقة على ثبوت الرجعة حتى أصبحت من ضروريات مذهب الإمامية عند جميع العلماء المعروفين والمصنفين المشهورين، كما استدلوا أيضاً بالآيات القرآنية الدالة على وقوع الرجعة في الأمم  السابقة، أو الدالة على وقوعها في المستقبل إما نصاً صريحاً أو بمعونة الأحاديث المعتمدة الواردة في تفسيرها، وفيما يلي نسوق خمسة أدلة نبدأها بالأدلة القرآنية:

أولاً: وقوعها في الأمم السابقة:

لقد حدّثنا القرآن الكريم بصريح العبارة وبما لا يقبل التأويل أو الحمل عن رجوع أقوام من الأمم  السابقة إلى الحياة الدنيا رغم ما عرف وثبت من موتهم وخروجهم من الحياة إلى عالم الموتى، فإذا جاز حدوثها في الأزمنة الغابرة، فلم لا يجوز حدوثها مستقبلاً: (سُنَّةَ اللهِ في الَّذِينَ خَلَوا مِن قَبلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنّةِ اللهِ تَبدِيلاً)"

وقال:
"وفيما يلي نقرأ ونتأمل الآيات الدالة على إحياء الموتى وحدوث  الرجعة في الأمم  السابقة:

إحياء قوم من بني إسرائيل:

قال تعالى: (ألم تَرَ إلى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيارِهِم وَهُم أُلُوفٌ حَذَرَ المَوتِ فَقَالَ لَهُم اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أحيَاهُم إنَّ اللهَ لذُو فَضلٍ على النَّاسِ وَلَكِنَّ أكثَرَ النَّاسِ لايَشكُرُونَ)فجميع الروايات الواردة في تفسير هذه الآية المباركة تدل على أنَّ هؤلاء ماتوا مدة طويلة، ثم أحياهم الله تعالى، فرجعوا إلى الدنيا، وعاشوا مدة طويلة

إحياء عزير أو أرميا:

قال تعالى: (أو كالَّذي مرَّ على قريةٍ وهي خاويةٌ على عُرُوشِهَا قال أنَّى يُحيي هذهِ اللهُ بعدَ موتِها فأماتَهُ اللهُ مائةَ عامٍ ثُمَّ بعثهُ قال كم لَبِثتَ قال لَبِثتُ يوماً أو بعضَ يومٍ قال بل لَبِثتَ مائةَ عامٍ فانظُر إلى طعامِكَ وشرابِكَ لم يتسنَّه وانظُر إلى حمارِكَ ولنجعَلَكَ آيةً للنَّاسِ وانظُر إلى العِظَام كيفَ نُنشِزُها ثُمَّ نكسُوها لَحمَاً فلمّا تَبينَ لهُ قال أعلمُ أنَّ اللهَ على كُلِّ شيءٍ قدير ٌلقد اختلفت الروايات والتفاسير في تحديد هذا الذي مرَّ على قرية، لكنها متّفقة على أنّه مات مائة سنة ورجع إلى الدنيا وبقي فيها، ثم مات بأجله، فهذه رجعة إلى الحياة الدنيا
قال الطبرسي: الذي مرَّ على قرية هو عزير، وهو المروي عن أبي عبد الله عليه السلام وقيل: هو أرميا، وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام وروى العياشي بالإسناد  عن إبراهيم بن محمد، قال: ذكر جماعة من أهل العلم أنَّ ابن الكواء الخارجي قال لاَمير المؤمنين علي عليه السلام: يا أمير المؤمنين، ما ولد أكبر من أبيه من أهل الدنيا ؟قال عليه السلام: «نعم، أُولئك ولد عزير، حيث مرَّ على قرية خربة، وقد جاء من ضيعة له، تحته حمار، ومعه شنّة فيها تين، وكوز فيه عصير، فمرَّ على قريةٍ خربةٍ، فقال: (أنَّى يُحيي هذهِ اللهُ بعدَ موتِها فأماتَهُ اللهُ مائةَ عامٍ) فتوالد ولده وتناسلوا، ثمَّ بعث الله إليه فأحياه في المولد الذي أماته فيه، فأُولئك وُلده أكبر من أبيهم»

إحياء سبعين رجلاً من قوم موسى عليه السلام:

قال تعالى: (وإذ قُلتُم يا مُوسى لَنْ نُؤمنَ لكَ حتى نرى اللهَ جَهرَةً فأخَذَتكُم الصَّاعِقَةَ وأنتُم تنظُرُونَ * ثُمَّ بعثناكُم مِنْ بَعدِ موتِكُم لَعَلَكُم تَشكُرُونَ)هاتان الآيتان تتحدثان عن قصة المختارين من قوم موسى عليه السلام لميقات ربه، وذلك أنّهم لمّا سمعوا كلام الله تعالى قالوا: لا نصدّق به حتى نرى الله جهرة، فأخذتهم الصاعقة بظلمهم فماتوا، فقال موسى عليه السلام: «يا ربِّ، ماأقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم» فأحياهم الله له، فرجعوا إلى الدنيا ، فأكلوا وشربوا، ونكحوا النساء، وولد لهم الأولاد، ثم ماتوا بآجالهم فهذه رجعة أُخرى إلى الحياة الدنيا بعد الموت لسبعين رجلاً من بني إسرائيل، قال تعالى: (واختارَ موسى قَومَهُ سَبعِينَ رَجُلاً لِميقاتِنَا فَلَمَّا أخَذَتهُم الرَجفةُ قالَ ربِّ لو شِئتَ أهلَكتَهُم مِنْ قَبلُ وإيَّاي أتُهلِكُنا بِما فَعلَ السُّفَهآءُ مِنَّا)

المسيح عليه السلام يحيي الموتى:

ذكر في القرآن الكريم في غير مورد إحياء المسيح للموتى، قال تعالى لعيسى عليه السلام: (وإذ تُخرِجُ الموتى بإذني)، وقال تعالى حاكياً عنه: (وأُحيي الموتى بإذنِ اللهِ)

إحياء أصحاب الكهف:

هؤلاء كانوا فتية آمنوا بالله تعالى، وكانوا يكتمون إيمانهم خوفاً من ملكهم الذي كان يعبد الاَصنام ويدعو إليها ويقتل من يخالفه، ثم اتّفق أنّهم اجتمعوا وأظهروا أمرهم لبعضهم، ولجأوا إلى الكهف (وَلَبِثُوا في كَهفِهِم ثَلاثَ مائةٍ سِنينَ وازدادُوا تِسعاً)ثم بعثهم الله فرجعوا إلى الدنيا ليتساءلوا بينهم وقصتهم معروفة

إحياء قتيل بني إسرائيل:

روى المفسرون أنَّ رجلاً من بني إسرائيل قتل قريباً له غنياً ليرثه وأخفى قتله له، فرغب اليهود في معرفة قاتله، فأمرهم الله تعالى أن يذبحوا بقرة ويضربوا بعض القتيل ببعض البقرة، ليحيا ويخبر عن قاتله، وبعد جدال ونزاع قاموا بذبح البقرة، ثم ضربوا بعض القتيل بها، فقام حياً وأوداجه تشخب دماً وأخبر عن قاتله، قال تعالى (فَقُلنا اضرِبُوهُ بِبَعضِهَا كَذلِكَ يُحيي اللهُ الموتى ويُريكُم آياتِهِ لَعَلَّكُم تَعقِلُونَ)

إحياء الطيور لاِبراهيم عليه السلام بإذن الله:

ذكر المفسرون أنّ إبراهيم عليه السلام رأى جيفة تمزّقها السباع، فيأكل منها سباع البرّ وسباع البحر، فسأل الله سبحانه قائلاً «يا ربِّ، قد علمت أنّك تجمعها في بطون السباع والطير ودواب البحر، فأرني كيف تحييها لاُعاين ذلك» ؟ قال سبحانه: (وإذ قالَ إبراهيمُ ربِّ أرِني كيفَ تُحيي المَوتى قالَ أوَلَمْ تُؤمِنْ قالَ بلى ولكِن لِيطمئنَ قَلبي قَالَ فَخُذ أربعةً مِنَ الطيرِ فَصُرهُنَّ إليكَ ثُمَّ اجعل على كُلِّ جَبلٍ مِنهُنَّ جُزءاً ثُمَّ ادعهُنَّ يأتِينَكَ سعياً واعلم أنَّ اللهَ عزيزٌ حَكيمٌ)فأخذ طيوراً مختلفة الاَجناس، قيل: إنّها الطاووس والديك والحمام والغراب، فقطعها وخلط ريشها بدمها، ثم فرقها على عشرة جبال، ثم أخذ بمناقيرها ودعاها باسمه سبحانه فأتته سعياً، فكانت تجتمع ويأتلف  لحم كل واحدٍ وعظمه إلى رأسه، حتى قامت أحياء بين يديه

إحياء ذي القرنين:

اختلف في ذي القرنين فقيل: إنّه نبي مبعوث فتح الله على يديه الأرض، عن مجاهد وعبد الله بن عمر وقيل: إنّه كان ملكاً عادلاً
وروي بالإسناد  عن أبي الطفيل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: «إنّه كان عبد ا صالحاً أحبَّ الله فأحبّه وناصح الله فناصحه، قد أمر قومه بتقوى الله، فضربوه على قرنه فمات، فأحياه الله، فدعا قومه إلى الله، فضربوه على قرنه الآخر فمات، فسميَّ ذا القرنين» قال عليه السلام: «وفيكم مثله» يعني نفسه عليه السلام وفي رواية علي بن إبراهيم عن الإمام الصادق عليه السلام: «إنَّ ذا القرنين بعثه الله إلى قومه، فضربوه على قرنه الأيمن، فأماته الله خمسمائة عام ثم بعثه إليهم بعد ذلك، فضربوه على قرنه الأيسر، فأماته الله خمسمائة عام ثم بعثه إليهم بعد ذلك، فملّكه مشارق الأرض ومغاربها من حيث تطلع الشمس إلى حيثُ تغرب»

إحياء أهل أيوب عليه السلام:

قال تعالى: (وآتيناهُ أهلَهُ وَمِثلَهُم مَعَهُم) قال ابن عباس وابن مسعود: ردَّ الله سبحانه عليه أهله ومواشيه وأعطاه مثلها معها وبه قال الحسن
وقتادة وكعب، وهو المروي عن أبي عبد الله عليه السلام"

ما سبق من أقوال ليس دليلا على الرجعة المعتمدة عند الشيعة وهى رجوع الرسول(ص) وعلى والأئمة فكلها حدثت فى أزمان سابقة على النبى(ص) وكلها آيات أى معجزات وقد منع الله الآيات وهى المعجزات من عهد النبى(ص) فقال :

"وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"

ولو عدنا لكتب الشيعة لوجدنا أن المعجزة تكون تحديا من الناس لكل نبى ومن تلك التعاريف:

"المعجز هو الأمر الخارق للعادة المطابق للدعوى المقرون بالتحدى المتعذر على الخلق " المقداد بن عبد السيورى شرح الباب الحادى عشر للعلامة الحلى ط1 طهران وقال الشهيد المطهرى " الفعل الصادر من النبى لاثبات مدعاه اى يأتى به فى مقام التحدى" النبوة ص102و103 اصدار انتشارات صدرا ط 1

إذا تلك المعجزات بناء على تعريفات بعض فقهاء الشيعة تستلزم التحدى ويطلبها الكفار والرجعة المذكورة فى الكتاب ليست تحديا لأن الكفار لم يطلبوها ومن ثم لا يمكن تحققها بناء على تلك التعريفات وبناء على قول الله بمنع الآيات المعجزات

ورجعة ذو القرنين(ص) ليس فيها نص من القرآن

والدليل الثانى فى الكتاب كما يقولون:

"ثانياً: الآيات الدالة على وقوعها قبل القيامة

أولاً: قوله تعالى: (وإذا وقعَ القولُ عَليهم أخرَجنا لَهُم دابَّةً مِنَ الأرض تُكَلِّمُهُم أنَّ الناسَ كانُوا بآياتِنا لا يُوقِنُونَ ويومَ نَحشُرُ مِن كُلِّ أُمّةٍ فوجاً ممن يُكذِّبُ بآياتِنا فَهُم يُوزعُونَ حتَّى إذا جاءُوا قال أكذّبتُم بآياتي ولم تُحيطُوا بها عِلماً أمَّاذا كُنتُم تَعملُونَ)إلى قوله تعالى: (ويومَ يُنفخُ في الصُّورِ فَفَزِعَ من في السَّماواتِ ومن في الأرض إلاّ من شاءَ اللهُ وكلٌّ أتوهُ داخرينَ)

من أمعن النظر في سياق الآيات المباركة وما قيل حولها من تفسير، يلاحظ أنّ هناك ثلاثة أحداث مهمة تدلُّ عليها، وهي بمجموعها تدلُّ على علامات تقع بين يدي الساعة وهي:
1 ـ إخراج دابة من الأرض: (أخرَجَنا لَهُم دابَّةً من الأرض)
2 ـ الحشر الخاص: (ويومَ نَحشُرُ من كُلِّ أُمّةٍ فَوجاً)
3 ـ نفخة النشور ثم القيامة: (ويومَ يُنفخُ في الصُّورِ وكُلٌّ أتوهُ داخِرينَ)، وسوف نتحدث عمّا في تلك الآيات من دلالة واضحة على الاعتقاد بالرجعة وعلى النحو الآتي:

فالآية الاُولى تتعلق بالوقائع التي تحدث قبل يوم القيامة باتّفاق المفسرين، ويدلُّ عليه أيضاً ما أخرجه ابن مردويه عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ بين يدي الساعة الدجال والدابة ويأجوج ومأجوج والدخان وطلوع الشمس من مغربها»
وروى البغوي عن طريق مسلم، عن عبد الله بن عمرو، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إنَّ أول الآيات خروجاً طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة ضحىً»

ما هي دابة الأرض ؟

وقد ذكرت الدابة التي في قوله تعالى: (دابةٌ مِنَ الأرض) بشكل
مجمل، والوصف القرآني الوحيد المذكور لها بأنّها تكلّم الناس، أما سائر أحوالها وخصوصياتها وكيفية ومكان خروجها، فإنّها مبهمة في ظهر الغيب ولا يفصح عنها إلاّ المستقبل

والروايات الواردة بشأن تفسير هذه الآية كثيرة، ولا دلالة من الكتاب الكريم على شيءٍ منها، فإن صحّ الخبر فيها عن الرسول الاَكرم وآله عليهم السلام قبلت، وإلاّ لم يلتفت إليها، ...وفي بعض الروايات ما يدل على أنّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام هو مصداق لهذه الآية، فقد روي بالإسناد عن سفيان بن عيينة، عن جابر بن يزيد الجعفي، أنّه قال: دابة الأرض عليّ قدس سره
وروى الشيخ الكليني بالإسناد  عن الإمام الباقر عليه السلام قال: «قال أمير المؤمنين عليه السلام: وإنّي لصاحب الكرّات ودولة الدول، وإنّي لصاحب العصا والميسم، والدابة التي تكلم الناس»

وروى الشيخ علي بن إبراهيم بالإسناد  عن الإمام الصادق عليه السلام، أنّه قال: «قال رجل لعمار بن ياسر، يا أبا اليقظان، آية في كتاب الله قد أفسدت قلبي وشككتني قال عمار: أيّة آية هي ؟ قال: (وإذا وقعَ القولُ عليهِم أخرجنَا لهُم دابَّةً مِنَ الأرض تُكلّمُهُم أنَّ النَّاسَ كانُوا بآياتِنا لا يُوقنُونَ) فأيّة دابة هذه ؟قال عمار: والله ما أجلس ولا آكل ولا أشرب حتى أُريكها، فجاء عمار مع الرجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو يأكل تمراً وزبداً، فقال: يا أبا اليقظان، هلمّ، فجلس عمار، وأقبل يأكل معه، فتعجّب الرجل منه، فلمّا قام قال له الرجل: سبحان الله يا أبا اليقظان، حلفت أنّك لا تأكل ولا تشرب ولا تجلس حتى ترينيها قال عمار: قد أريتكها، إن كنت تعقل»وروي أيضاً عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «انتهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو نائم في المسجد، وقد جمع رملاً ووضع رأسه عليه، فحركه ثم قال له: قم يا دابة الأرض فقال رجل من أصحابه: يا رسول الله، أيسمي بعضنا بعضاً بهذا الاسم ؟ فقال: لا والله، ما هو إلاّ له خاصة، وهو الدابة التي ذكرها الله تعالى في كتابه: (وإذا وقعَ القولُ عليهِم أخرجنَا لهُم دابَّةً مِنَ الأرض)»وروي عن الاَصبغ بن نباتة، قال: دخلت على أمير المؤمنين عليه السلام وهو يأكل خبزاً وخلاً وزيتاً، فقلت: يا أمير المؤمنين، قال الله عز وجل: (وإذا وقعَ القولُ عليهِم أخرجنَا لهُم دابَّةً مِنَ الأرض تُكلّمُهُم) الآية، فما هذه الدابة؟ قال عليه السلام: «هي دابة تأكل خبزاً وخلاً وزيتاً»
ويقول أبو الفتوح الرازي في تفسيره: طبقاً للأخبار التي جاءتنا عن طريق الأصحاب، فإنَّ دابة الأرض كناية عن المهدي صاحب الزمان عليه السلام "

نلاحظ هنا أن كتاب الكتاب يفسرون الآيات دون أى دليل صريح أو حتى ضمنى ومع هذا يعتبرون هذا دليل رغم اعترافاتهم التالية فى الكلام السابق:

"والوصف القرآني الوحيد المذكور لها بأنّها تكلّم الناس، أما سائر أحوالها وخصوصياتها وكيفية ومكان خروجها، فإنّها مبهمة في ظهر الغيب ولا يفصح عنها إلاّ المستقبل"

فهنا يعترفون بكون معنى الدابة غامض وهم يعترفون الروايات المروية فيها لا يلتفت إليها لأنها لم تثبت عندهم  فى قولهم:

والروايات الواردة بشأن تفسير هذه الآية كثيرة، ولا دلالة من الكتاب الكريم على شيءٍ منها، فإن صحّ الخبر فيها عن الرسول الاَكرم وآله عليهم السلام قبلت، وإلاّ لم يلتفت إليه"

الغريب أن الروايات التى لم تصح عند القوم تقول بكون على هو الدابة المذكورة وكون المهدى هو الدابة وهذا الاختلاف يعنى انه لا يصح فى ذلك شىء

وما دام القوم يقرون بعدم وجود تعريف صحيح للدابة وعدم وجود رواية صحيحة فى المر فكلامهم عن كون الآيات كدليل لا تصلح كدليل على الرجعة المزعومة

ونجد الكتاب يجعل ما يلى دليل على الرجعة :

الحشر الخاص، قوله تعالى: (وَيَومَ نَحشُر من كُلِّ أُمّةٍ فَوجاً)سبق أن بيّنا أنَّ الآية الاُولى (أخرَجنَا لَهُم دابَّةً مِنَ الأرض) تتعلق بالحوادث التي تقع قبل يوم القيامة، وذلك باتّفاق المفسرين، وعليه تكون آية الحشر الخاص (ويومَ نَحشرُ مِن كُلِّ أُمّةٍ فوجاً) مكملة لها ومرتبطة بها من حيث التسلسل الزمني للأحداث فضلاً عن سياق الآيات وترتيبها، فقد وقعت آية الحشر الخاص بين علامتين من العلامات التي تقع قبيل الساعة وهي الدابة والنفخة (ويومَ يُنفَخُ في الصُورِ) ممّا يدلُّ على أنّ الحشر الخاص يقع قبل القيامة وأنّه من علاماتها، وعبّر تعالى عن الحشر العام بعد نفخة النشور بقوله: (فَفَزِعَ مَن في السَّماواتِ وَمَن في الأرض وكُلٌّ أتوهُ داخِرينَ)، إذن فهناك حشران حشر يجمع فيه من كلِّ أمة فوجاً وهو الرجعة، وحشر يشمل الناس جميعاً وهو يوم القيامة، وبما أنّه ليس ثمة حشر بعد القيامة إجماعاً فيتعين وقوع هذا الحشر بين يدي القيامة"

الخطأ فى الكلام هو وجود حشران حشر الرجعة المزعومة وهو حشر خاص يتفق مع دابة الأرض التى قالوا أنها أمر مبهم والروايات فيها لا يعتد بها كما سبق أن نقلنا عن كتبة الكتاب اعترافاتهم  والحشر الأخر هو حشر القيامة  وسبق أن قلنا أن حشر الفوج هو جزء من أحداث يوم القيامة وهو نزع الكفار الكبار كما قال تعالى :

"فو ربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليا وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجى الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا"

وكرر القوم نفس الكلام عن آية حشر الفوج فنقلوا كلاما يروى عن الأئمة وعن الفقهاء منه ما يلى:

"لقد استدل أئمة الهدى من آل البيت عليهم السلام بهذه الآية على صحة الاعتقاد بالرجعة، فقد روي عن أبي بصير، أنّه قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: «ينكر أهل العراق الرجعة ؟» قلتُ: نعم، قال: «أما يقرأون القرآن (ويوم  نَحشُرُ مِن كُلِّ أُمّةٍ فوجاً) ؟»وروى علي بن إبراهيم في تفسيره بالإسناد عن حماد، عن الصادق عليه السلام، قال: «ما يقول الناس في هذه الآية (ويومَ نَحشُرُ مِن كُلِّ أُمّةٍ فوجاً) ؟» قلتُ: يقولون إنّها في القيامة قال عليه السلام: «ليس كما يقولون، إنّ ذلك في الرجعة، أيحشر الله في القيامة من كلِّ أُمّة فوجاً ويدع الباقين ؟ إنّما آية القيامة قوله: (وَحَشَرناهُم فَلَم نُغادِر مِنهُم أحداً)»

استدلال أعلام الشيعة:

واستدل بها أيضاً جملة علماء الشيعة ومفسريهم على صحة عودة الأموات  إلى الحياة قبل يوم القيامة، قال الشيخ المفيد قدس سره: إنَّ الله تعالى يحيي قوماً من أُمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم بعد موتهم قبل يوم القيامة، وهذا مذهب يختص به آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وقد أخبر الله عزَّ وجل في ذكر الحشر الأكبر يوم القيامة (وَحَشَرناهُم فلم نُغادِر منهُم أحداً)، وقال سبحانه في حشر الرجعة قبل يوم القيامة: (ويومَ نحشرُ مِن كُلِّ أُمّةٍ فوجاً مِمن يُكذِّبُ بآياتِنَا) فأخبر أنَّ الحشر حشران عام وخاص وقال الشيخ الطبرسي قدس سره: استدل بهذه الآية على صحة الرجعة من ذهب إلى ذلك من الإمامية، بأن قال: أنّ دخول (من) في الكلام يوجب التبعيض، فدلّ ذلك على أنَّ اليوم المشار إليه في الآية يحشر فيه قوم دون قوم، وليس ذلك صفة يوم القيامة الذي يقول فيه سبحانه: (وَحَشَرناهُم فلم نُغادِر منهُم أحداً)وقد تظاهرت الأخبار عن أئمة الهدى من آل محمد عليهم السلام في أنّ الله تعالى سيعيد عند قيام القائم عليه السلام قوماً ممن تقدم موتهم من أوليائه وشيعته ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته، ويبتهجوا بظهور دولته، ويعيد أيضاً قوماً من أعدائه لينتقم منهم وينالوا بعض ما يستحقونه من العقاب في الدنيا من القتل على أيدي شيعته والذلّ والخزي بما يشاهدون من علوّ كلمته، ولايشكّ عاقل أنَّ هذا مقدور لله تعالى غير مستحيل في نفسه، وقد فعل الله ذلك في الأمم  الخالية ونطق القرآن بذلك في عدة مواضع مثل قصة عزير وغيره، وقد صحّ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «سيكون في أُمتي كل ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو أنَّ أحدهم دخل جُحر ضبٍّ لدخلتموه»

والكلام هو تكرار لما سبق ذكره من أدلة وروايات وبين الكتاب أن أغلب المفسرين من المذاهب الأخرى لا يمكثون كثيرا عند تفسير الآية فقال:

"أغلب المفسرين من غير الإمامية يمرون في تفاسيرهم بهذه الآية مروراً سريعاً، ويوجزون القول بكلمات معدودة، ويمكن إجمال حصيلة آرائهم في نقطتين:الأولى: إنّها إخبار عن يوم القيامة، وبيان إجمالي لحال المكذبين عند قيام الساعة بعد بيان بعض مباديها الثانية: إنّها من الأمور الواقعة بعد قيام القيامة، وإنّ المراد بهذا الحشر هو الحشر للعذاب بعد الحشر الكلي الشامل لجميع الخلق أي هو حشر بعد حشر
وهذا الكلام لا يستند إلى أساس علمي، وترتيب الآيات وارتباطها ببعضها ينفيه كما أسلفنا، ولاَنَّ تفسير الحشر الأول بيوم القيامة سيوقع التناقض في حقّ الله تعالى، فكيف يقول تعالى سنحشر من كلِّ أُمّة فوجاً يوم القيامة، وسنحشر الناس جميعاً يوم القيامة ؟ قال ابن شهر آشوب: لاخلاف أنَّ الله يحيي الجملة يوم القيامة، فالفوج إنّما يكون في غير القيامة"

ورد ابن شهر قد يكون صالحا لو راجع الآيات الأخرى مثل :

"يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا"

فهنا المؤمنون يحشرون وحدهم وهو حشر خاص هو الأخر فلماذا يعتبرون الآية الأخرى صالحة ولا يعتبرون هذه هل لأنها ذكرت كل المتقين فلم تبق منهم أحد؟

واستشهد الكتاب بالتالى :

"قوله تعالى: (وعدَ اللهُ الَّذينَ آمنُوا منكُم وعملُوا الصَّالِحاتِ ليستَخلِفَنَّهُم في الأرض كما استخلفَ الذينَ من قبلِهِم ولُيمكِنَنَّ لهُم دينَهُم الذي ارتضى لهمُ وليُبَدِلَّنهُم مِن بعدِ خَوفِهِم أمناً يعبُدونَني لا يُشرِكُونَ بي شَيئاً)روى الشيخ الكليني قدس سره بالإسناد عن عبد الله بن سنان، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله جل جلاله (وعدَ اللهُ الَّذينَ آمنُوا) الآية، فقال عليه السلام: «هم الأئمة عليهم السلام»
وقال الطبرسي: المراد بالذين آمنوا وعملوا الصالحات النبي وأهل بيته عليهم السلام، وتضمّنت الآية البشارة لهم بالاستخلاف والتمكين في البلاد وارتفاع الخوف عنهم عند قيام المهدي عليه السلام منهم، ويكون المراد بقوله تعالى: (كما استخلفَ الذينَ من قبلِهِم) هو أن جعل الصالح للخلافة خليفة مثل آدم وداود وسليمان عليهم السلام، ويدلّ على ذلك قوله تعالى: (إنّي جَاعِلٌ في الأرض خليفةً)وقوله (يا داود إنّا جعلناكَ خليفةً في الأرض) وقوله: (فقد آتينا آلَ إبراهيمَ الكتابَ والحكمةَ وآتيناهُ مُلكاً عظيماً)قال: وعلى هذا إجماع العترة الطاهرة، وإجماعهم حجة لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض» وأيضاً فإنّ التمكين في الأرض على الاطلاق لم يتّفق فيما مضى فهو منتظر، لاَنّ الله عزَّ اسمه لا يخلف وعده"

الغريب أن القوم اعتبروا الذين أمنوا فى آية الاستخلاف الأئمة مع أن الآية صريحة وواضحة فى كونهم كل المؤمنين بلا استثناء

كما ان حديث الثقلين ليس صحيحا فى أمر الحوض فلا يوجد حوض واحد للنبى (ص) وإنما لكل مسلم حوضان أى عينان أى نهران كما قال تعالى :

 "ولمن خاف مقام ربه جنتان فبأى آلاء ربكما تكذبان ذواتا أفنان فبأى آلاء ربكما تكذبان فيهما عينان تجريان"

واستشهد القوم بالتالى:

"قوله تعالى: (قَالُوا رَبنَا أمَّتنَا اثنَتينِ وأحييتَنَا اثنتينِ فاعتَرفنَا بِذُنُوبِنَا فَهَل إلى خُروجٍ مِنْ سَبِيلٍ) إذن فالمراد بالموتتين موتة عند انتهاء آجالهم، والموتة الثانية بعد عودتهم إلى الحياة، وتفسير منكري الرجعة بأنَّ الموتة الثانية قبل خلقهم حين كانوا عدماً لا يستقيم، لاَنّ الموت لا يكون إلاّ للحي، ويلزم هذا وجودهم أحياء وهم في العدم، فلا يبقى إلاّ ما بيّناه للخروج من هذا التناقض"

هذا الدليل هو قول من الكفار وقول الكفار لا يصلح كدليل فى الاستشهاد فلابد ان يكون قول الله نفسه أو حتى قول رسول ولو راجعنا الوحى لوجدنا ثلاث حيوات كما فى قوله تعالى :

 "كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون "

1-فأحياكم 2-يحييكم 3- ترجعون

واستشهد القوم بالتالى :

"قوله تعالى: (وأقسَمُوا باللهِ جَهدَ أيمانِهِم لا يبعثُ اللهُ من يَموتُ) إلى قوله تعالى: (ليُبيّنَ لهُم الذي يَختلِفُونَ فِيه وليعلمَ الذينَ كفروا أنَّهم كانُوا كاذِبين)
روى الشيخ الصدوق والكليني وعلي بن إبراهيم والعياشي وغيرهم
أنّها نزلت في الرجعة، ولا يخفى أنّها لا تستقيم في إنكار البعث، لأنهم ما كانوا يقسمون بالله بل كانوا يقسمون باللات والعزى، ولاَنّ التبيين إنّما يكون في الدنيا لا في الآخرة"

الآيات هى :

"وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون ليبين لهم الذى يختلفون وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين"

وهو أمر غريب أن يتم الاستشهاد بالقول على الرجعة فالآيات تتحدث عن إنكار البعث وتتحدث عن علم الذين كفروا جميعا بكونهم كاذبين فكيف تدل على الرجعة الخاصة لبعضهم؟


والغريب أن يستشهد القوم بقوله تعالى: (كيفَ تكفُرونَ باللهِ وكُنتُم أمواتاً فأحياكُم ثُمَّ يُميتُكُم ثُمَّ يُحييكُم ثم إليه تُرجَعُونَ)فينقلون قول ابن شهرآشوب: (هذه الآية تدلُّ على أنَّ بين رجعة الآخرة والموت حياة أُخرى، ولا ينكر ذلك لاَنّه قد جرى مثله في الزمن الأول، قوله في قصة بني إسرائيل: (ألم ترَ إلى الذينَ خرجُوا من ديارِهم)، وقوله في قصة عزير أو أرميا: (أو كالذِي مرَّ على قريةٍ)، وقوله في قصة إبراهيم: (ربِّ أرِني كيف تُحيي الموتى)وقال الشيخ الحر العاملي: وجه الاستدلال بهذه الآية أنّه أثبت الإحياء مرتين، ثم قال بعدها (ثُمَّ إليهِ تُرجعُونَ) والمراد به القيامة قطعاً، والعطف ـ خصوصاً بثمّ ـ ظاهر في المغايرة، فالإحياء الثاني إما في الرجعة أو نظير لها، وبالجملة ففيها دلالة على وقوع الإحياء قبل القيامة"

فالآية تتعارض مع استشهادهم بقول الكفار فى سورة الزمر" رَبنَا أمَّتنَا اثنَتينِ وأحييتَنَا اثنتينِ فاعتَرفنَا بِذُنُوبِنَا فَهَل إلى خُروجٍ مِنْ سَبِيلٍ"

فآية البقرة فيها ثلاث حيوات ثالثها بعد الرجوع لله بينما قول الكفار فيه حياتين فقط

واستدل القوم فقالوا:

" قوله تعالى: (ونُريدُ أن نَمُنَّ على الَّذينَ استُضعفُوا في الأرض
ونَجعَلَهُم أئمةً ونجعلهُم الوارِثينَ) إلى قوله تعالى: (ما كانُوا يَحذَرُون)
روى الشيخ الكليني والصدوق بالإسناد عن الباقر والصادق عليهما السلام: «أنّ المراد بالذين استضعفوا هم الأئمة من أهل البيت عليهم السلام وأنَّ هذه الآية جارية فيهم عليهم السلام إلى يوم القيامة»
وروى السيد الرضي قدس سره بالإسناد عن الصادق عليه السلام، قال: «قال أمير المؤمنين عليه السلام: لتعطفنَّ علينا الدنيا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها، ثم تلا قوله تعالى: (ونُريدُ أن نَمُنَّ على الَّذينَ استُضعفُوا)»، وفي روايات عديدة أنَّ ذلك يكون إذا رجعوا إلى الدنيا وقتلوا أعداءهم وملكوا الأرض"

نلاحظ مدى الاستهبال فالآية التى تتحدث عن بنى إسرائيل أصبحت عندهم فى الأئمة بعد النبى(ص) وهى :

"إن فرعون علا فى الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبنائهم ويستحى نساءهم إنه كان من المفسدين ونريد أن نمن على الذين استضعفوا فى الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم فى الأرض ونرى فرعون وهامان وجنودهما ما كانوا يحذرون"

واستدل القوم بدليل أخر فقالوا:

"سابعاً: قوله تعالى: (وحرامٌ على قريةٍ أهلَكنَاها أنَهُم لا يرجِعُونَ)
روى علي بن إبراهيم والطبرسي وغيرهما بالإسناد عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «كلُّ قرية أهلك الله أهلها بالعذاب لا يرجعون في الرجعة، وأمّا في القيامة فيرجعون، ومن محض الإيمان محضاً وغيرهم ممن لم يهلكوا بالعذاب، ومحضوا الكفر محضاً يرجعون»وهذه الآية أوضح دلالة على الرجعة، لاَنّ أحداً من أهل الإسلام لا ينكر أنّ الناس كلهم يرجعون إلى القيامة، من هلك ومن لم يهلك، فقوله: (لا يَرجِعُونَ) يعني في الرجعة"

نفس طريقة الاستدلال الخاطئة فهنا كل القرى لا ترجع للحياة الدنيا لأنهم هلكوا لكفرهم ومع هذا أن من محضوا الكفر منهم محضاً يرجعون مع أن الآية ليس فيها أى استثناء

السنة والرجعة :

ذكر الكتاب اعتقاد بعض السنة فى الرجعة فقال نقلا عن مروان خليفات:

"وقد قال الحافظ جلال الدين السيوطي بالرجعة، لكن بمعنى مختلف عن الذي تقول به الإمامية، فقد ادعى إمكانية رؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم في اليقظة، وألّف رسالة في ذلك هي (إمكان رؤية النبي والملك في اليقظة) وادعى السيوطي رؤيته للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بضعاً وسبعين مرة كلها في اليقظة
واعتقاد السيوطي هذا شبيه باعتقاد الشيعة بالرجعة، وقوله برجوع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في اليقظة لا يختلف عن قول الشيعة برجوع بعض الأموات  إلى الحياة، فلماذا يشنّع على الشيعة لاعتقادهم الرجعة، ولا يشنع على السيوطي ؟!

وحين تكلم محمد بن علي الصبّان في «اسعاف الراغبين ص161» ـ وهو من العامّة ـ عن طرق معرفة عيسى الأحكام الإسلامية بعد نزوله، قال: ومنها ـ أي الطرق ـ أنّ عيسى إذا نزل يجتمع به صلى الله عليه وآله وسلم فلا مانع من أن يأخذ عنه ما يحتاج إليه من أحكام شريعته، واعتقاد الاجتماع برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعني رجوعه إلى الدنيا في زمان الظهور
أشراط الساعة"

ولا شك فى أن السنة يعتقدون فى رجعة عيسى (ص) ونادرا بعضهم يعتقدون فى رجعة عيسى (ص) والنبى(ص)ونجد أن الكتاب ذكر عن أبي محمد الفضل بن شاذان روايات عديدة في إحياء الموتى مروية بطرق العامّة ويقصد بهم أهل السنة
نقلا عن كتابه (الايضاح) حيث قال:

"من ذلك ما رويتم عن إبراهيم بن موسى الفرّاء، عن ابن المبارك، عن إسماعيل بن أبي خالد، قال: جاء يزيد بن النّعمان بن بشير إلى حلقة القاسم بن عبد الرّحمن بكتاب أبيه النعمان بن بشير إلى أُم عبد الله بنت أبي هاشم ـ يعني إلى أُمه ـ بسم الله الرحمن الرحيم، من النعمان بن بشير إلى أُم عبد الله بنت أبي هاشم، سلامٌ عليكم، فإنّي أحمد إليك الله الذي لا إله إلاّ هو أما بعد، فإنّي كتبت إليك بشأن زيد بن خارجة، وأنّه كان من أمره أنّه أخذه وجعٌ في كتفه، وهو يومئذٍ من أصحّ أهل المدينة حالاً في نفسه فمات، فأتاني آتٍ وأنا أُسبّح بعد الغروب فقال لي: إنَّ زيداً تكلّم بعد وفاته ورويتم عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي بن حراش، قال: كنّا أربع إخوة، وكان الرّبيع أخونا أصومنا في اليوم الحار، وأطولنا صلاة، فخرجت فقيل لي: إنّه قد مات، فاسترجعت، ثمَّ رجعت حتى دخلت عليه فإذا هو مسجّى عليه، وإذا أهله عنده، وهم يذكرون الحنوط، فجلست فما أدري أجلوسي كان أسرع أم كشف الثوب عن وجهه، ثمّ قال: السلام عليك، فأخذني ما تقدّم وما تأخّر من الذّعر، ثمَّ قلت: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، أبعد الموت ؟! قال: نعم، إنّي لقيت ربي بعدكم فتلقاني بروحٍ وريحانٍ وربّ غير غضبان، فكساني ثياب السندس والاِستبرق، وإنَّ الأمر أيسر ممّا في أنفسكم ولا تغترّوا، وإنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أقسم عليّ أن لا يسبقني حتى أُدركه، فاحملوني إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فما شبّهت موته إلاّ بحصاةٍ رمى بها في ماءٍ، ثم ذكرت ذلك لعائشة، فقالت: ما سمعت بمثل حديث صاحبكم في هذه الأمة، ولقد صدقكم ....وروى علي ابن أُخت يعلى الطنافسي ومحمّد بن الحسين بن المختار كلاهما عن محمد بن الفضيل، عن إسماعيل ابن أبي خالد، عن فراس، عن الشعبي، قال: أُغمي على رجل من جهينة في بدء الإسلام، كان اسمه المفضّل، فبينا نحن كذلك عنده وقد حفر له، إذ مرَّ بهم رجلٌ يقال له المفضّل، فأفاق الرجل، فكشف عن وجهه، وقال: هل مرَّ بكم المفضّل ؟ قالوا: نعم، مرَّ بنا الساعة، فقال: ويحكم كاد أن يغلط بي، أتاني حين رأيتموني أُغمي عليَّ آت، فقال: لاُمّك الهبل، أما ترى حفرتك تُنثل، وقد كادت أُمّك أن تثكل، أرأيت أن حوّلناها عنك بمحوّل، وجعلنا في حفرتك المفضّل، الذي مشى فاجتذل، إنّه لم يؤدّ ولم يفعل، ثمَّ ملاَنا عليه الجندل، أتشكر لربك وتصلّ، وتدع سبيل من أشرك وأضلَّ ؟
قال: قلت: أجل، قال: فأطلق عني، فعاش هو، ودفن المفضل مكانه ...من ذلك ما رواه عدّة من فقهائكم منهم محمد بن عبيد الطنافسي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر الشعبي: أنَّ قوماً أقبلوا من الدّفينة متطوّعين ـ أو قال: مجاهدين ـ فنفق حمار رجل منهم، فسألوه أن ينطلق معهم ولا يتخلّف، فأبى فقام فتوضأ ثمَّ صلى، ثم قال: اللهم إنك تعلم أني قد أقبلت من الدّفينة مجاهداً في سبيلك ابتغاء مرضاتك، وإني أسألك أن لا تجعل لأحد عليَّ منّة، وأن تبعث لي حماري؛ ثمَّ قام فضربه برجله، فقام الحمار ينفض أُذنيه، فأسرجه وألجمه، ثمَّ ركب حتى لحق أصحابه، فقالوا له: ما شأنك ؟ قال: شأني أنّ الله بعث لي حماري قال محمد بن عبيد: قال إسماعيل بن أبي خالد: قال الشعبي: فأنا رأيت حماره بيع بالكناسة...روى ابن سعد في الطبقات بسنده عن ابن عباس، أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ائتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده أبداً»، قال عمر: من لفلانة وفلانة ـ مدائن الروم ـ إنَّ رسول الله ليس بميت حتى نفتحها، ولو مات لانتظرناه كما انتظرت بنو إسرائيل موسى
وقال الطبري وابن سعد وغيرهما: لمّا توفّي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال عمر: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما مات، ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران، فغاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع بعد أن قيل قد مات، والله ليرجعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فليقطعنَّ أيدي رجالٍ وأرجلهم زعموا أنّه قد مات"
ما نقل من روايات كلها يناقض منع الله الآيات المعجزات فى عهد النبى(ص) بقوله  فى سورة الإسراء:

"وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"

والقول الحق فى الرجعة هو :

أنها كانت موجودة قبل عهد النبى الخاتم (ص) أعطيت للرسل(ص) كمعجزات تدل على صدقهم أو لتطمين قلوبهم أو للناس لتعليمهم درسا كعدم الفرار من الموت 

أن الرجعة من عهد النبى الأخير (ص) منعها الله بمنعه الآيات المعجزات بقوله  فى سورة الإسراء:

"وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"

وتحريمه عودة الموتى للدنيا بقوله بسورة الأنبياء:

"وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون"

"هل ترى لهم من باقية

"هل تحس منهم من أحد او تسمع لهم ركزا"

"ونضع الموازين القسط ليوم القيامة"

 

 

 


 

اجمالي القراءات 4724

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2008-08-18
مقالات منشورة : 2619
اجمالي القراءات : 20,813,915
تعليقات له : 312
تعليقات عليه : 512
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt