آحمد صبحي منصور Ýí 2019-05-08
( وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ وَكِيلًا﴿٣﴾ الاحزاب )
1 ـ الأصل فى دين الاسلام أن الاستعانة لا تكون إلّا بالله جل وعلا . والدين وجهان : إيمان وعبادة ، أو بتعبير سورة الفاتحة عبادة وإستعانة ، والمؤمن يقول فى صلاته وقارءته الفاتحة ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) )، أى نعبد الله وحده ، ونستعين به وحده ، وندعوه وحده ، أى نتوكّل عليه وحده .
2 ـ ومن هنا يأتى توكل المؤمنين على الله جلّ وعلا وحده ، ويأتى الاسلوب بالقصر والحصر. والتقديم من وسائل التعبير بالقصر والحصر ، مثل ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) )، أى نعبدك وحدك ، ونستعين بك وحدك . ويختلف الحال لو قيل ( نعبد إياك ونستعين بك ) لأنها هنا تفتح المجال للشركاء أو لآخرين ،أى يسمح التعبير بقولك ( نعبد اياك وغيرك ونستعين بك وبغيرك ). هذا ممنوع لغويا حين تقول ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) ) فضمير المفعول المنفصل ( إيّاك ) والذى يشير الى رب العزة بالخطاب جاء مقدما على الفعل ( نعبد ) و ( نستعين ) ليفيد الحصر والقصر . ومنه أيضا قوله جلّ وعلا ( وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ (122)آل عمران) ، فقد تقدم الجار والمجرور الذى يخص رب العزة :( وَعَلَى اللَّهِ) ، على الفعل والفاعل ( فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ )أى فعليه وحده يجب أن يتوكل المؤمنون . ومثله قوله جل وعلا أيضا : ( وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ (11)المائدة ).
ـ المؤمنون المتقون هم المتوكلون على الله وحده
1 ـ وقالها النبى يعقوب عليه السلام لأبنائه : ( وَقَالَ يَا بَنِي لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنكُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنْ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُتَوَكِّلُونَ (67) يوسف ) وقالها كل نبى لقومه متوكلا على الله الذى عليه فقط يتوكل ( المتوكلون ): ( وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ (11) وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُتَوَكِّلُونَ (12) ابراهيم ) . فالمؤمنون هم الذين على الله جل وعلا وحده يتوكلون ، وهؤلاء يحظون بحب الله جل وعلا ، وهذا ما قاله رب العزة لخاتم النبيين بأن يتوكل على الله جل وعلا إذا عزم على تنفيذ أمر : ( فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) آل عمران ) وإذا أعرض عن أذى وتآمر المنافقين فعليه أن يتوكل على الله جلّ وعلا : ( فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً (81) النساء ).
2 ـ ولأن التوكل على الله وحده من صفات المؤمنين فقد جعله رب العزّة من سمات الايمان الحقيقى والمؤمنين الحقيقيين فقال رب العزة : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَاً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) الانفال ). ، وهذا ما قيل لبنى اسرائيل حين جبنوا عن دخول الأرض المقدسة : ( قَالَ رَجُلانِ مِنْ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمْ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (23) المائدة )
ـ التوكل على الله جل وعلا عند الشّدة وغلبة الخوف
1 ـ والمؤمن عند الشدة وغلبة الخوف يستعين بالله جل وعلا ، فحسبه ربه جل وعلا . وحدث أن تعرض المؤمنون بعد هزيمة أحد الى حرب تخويف نفسية ولكنهم اعتمدوا على الله جل وعلا وتوكلوا عليه وطاردوا عدوهم. كان أولئك المؤمنون مثقلين بالجراح ، ولكن لم تمنعهم جراحهم الجسدية والنفسية من ملاحقة المشركين الذين خطفوا النصر ثم فروا ، فطاردهم أولئك المؤمنون وقد تغلبوا على الخوف والجراح ، فرجعوا بنعمة من الله جل وعلا وفضل ، وفى ذلك يقول جلّ وعلا عنهم يعطينا درسا فى أن نخافه وحده ونخشاه وحده ونتوكل عليه وحده : (الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175) آل عمران ). أى إنهم حين قالوا بصدق وإخلاص ( حسبنا الله ونعم الوكيل ) فقد تغلبوا على مخاوفهم ، واستحقوا النعمة والفضل .
ـ المتوكل على الله حسبه الله ، ويكفيه الله جل وعلا
ومن هنا فكل مؤمن حين يكون الله جل وعلا حسبه وكيلا ونصيرا فلن يخاف من أحد ،وسينجيه الله جل وعلا من كيد أعدائه ، فالله جل وعلا يقول لخاتم النبيين عليهم جميعا السلام عن أعدائه :( وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61) وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ ..(62) الانفال ) وإذا تخلى عنه انمؤمنون فإن الله جل وعلا يأمر رسوله أن يقول : ( حَسْبِي اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129) التوبة )
الارتباط بين كون الله جل وعلا وكيلنا وكونه حسبنا لا نبتغى غيره وكيلا
1 ـ تعبير ( حسبنا ) أو ( حسبى ) أى يكفينا ويكفينى ، وبهذا يرتبط هذا المصطلح بكونه جل وعلا وكيلا لا شريك له ، وقد جاء فى هذا قوله جل وعلا للنبى ولنا :( وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ .. (62) الانفال )( حَسْبِي اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129) التوبة )( وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)( آل عمران ) (قُلْ حَسْبِي اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (38))( الزمر ).
2 ـ أن المظلوم يقول عند العجز عن مواجهة الظالم ( حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ )، وقد يقولها وعظا له وتخويفا له بقدرة المنتقم الجبّار الذى يمهل ولا يهمل . وهذا يعكس فهما لمعنى الوكيل الله جل وعلا الذى يستجير به المظلومون .
3 ـ ولكن ويبقى على أولئك المظلومين أن ينصفوا رب العزة فلا يؤمنون بحديث إلا حديث الله جل وعلا فى القرآن ( فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185)( الأعراف 185،المرسلات 50 ) (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6) وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (8) ( الجاثية ). عليهم أن يكفروا بأكاذيب الوحى السّنى والصوفى والشيعى ، وأن ألّا يظلموا رب العزة بالوقوع فى الشّرك ، والشرك ظلم عظيم: ( إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) ( لقمان ).
ـ الله جلّ وعلا هو الوكيل للنبى
1 ـ أمره ربه جلّ وعلا بتقوى الله واتباع الوحى وبالتوكل على الله ونهاه عن طاعة الكافرين والمنافقين ، وهذا ما جاء فى بداية سورة الآحزاب : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً (1) وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (2) وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً (3) )، أى كفى بالله جل وعلا وكيلا للنبى نفسه. وفى مكة كان المشركون يخيفونه بسطوة آلهتهم المزعومة ، فقال له ربه جل وعلا : ( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ (36) ( الزمر ) .أى فالله جل وعلا يكفيه ويكفى كل مؤمن يكتفى بالله جلّ وعلا وكيلا .
2 ـ وفى حوار المشركين معه وهم يعتقدون بمقدرة أوليائهم وأوثانهم على النفع والضرر أمر الله جل وعلا رسوله أن يحاورهم ويسائلهم ، فهم يؤمنون أن الله جل وعلا هو خالق السماوات والأرض وبالتالى فتلك الآلهة الوهمية لا تستطيع أن تمنع قضاء الله جلّ وعلا وقدره:( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَات ِوَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِي اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِي اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (38)( الزمر ) . وهو درس لكل من يتقى الله جل وعلا ، أن يتوكل على الله وحده ، وأن يكون حسبه هو الله وعندها يجد العون والرزق من حيث لا يحتسب : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً (3)( الطلاق )
النبى ليس وكيلا
1 ـ ولأن الله وحده هو الوكيل الذى عليه وحده يتوكل المؤمنون والمتوكلون بما فيهم النبى فإن النبى ليس وكيلا عن أحد .
2 ـ ليس وكيلا عن الصحابة ، فقد دافع عن بعضهم دون أن يعرف أنه ظالم فجاءه العتاب والتوضيح ، ومنه قوله جل وعلا : (هَاأَنتُمْ هَؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً ) ( النساء 109 ).
3 ـ ولن يحمل النبى عن أحد من أصحابه شيئا من حسابه، كما لن يحمل أحد من أصحابه شيئا من حساب النبى يوم القيامة : ( مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ ) ( الأنعام 52 ).
4 ـ وليس النبى محمد عليه السلام وكيلا عن قريش المكذبين للقرآن الكريم : (وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ )(الأنعام 65 ).
صلة هذا بالصبر الايجابى
1 ـ قال جل وعلا لخاتم النبيين عليهم جميعا السلام : ( وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّـهِ ۚ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ ﴿١٢٧﴾ إِنَّ اللَّـهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ ﴿١٢٨﴾ النحل ).
2 ـ كان عليه السلام صبره بالله جل وعلا متوكلا على الله جل وعلا . ومفروض أن نتأسى به عليه السلام ، نصبر إبتغاء مرضاة الله جل وعلا متوكلين عليه جل وعلا فى جهادنا الاصلاحى السلمى ، منتظرين الثواب والأجر الحسن من رب العزة الذى لا يُضيع أجر من أحسن عملا .
ما أحوجنا لدراسه هذا القرءان العظيم منهجا للحياة ( الدنيا و الآخرة ) .. فيه نتذكر أن هذه الحياة دار اختبار و امتحان ( قصير ) قصير بالعمر و لكن نتيجة هذا الاختبار ( أبدية ) ! إما جنة و إما نار هنا لا يجب الإستهانة بحجم ( هذا الاختبار القصير ) و لأنه قصير فمعدل الانحراف عن الإستقامة فيه كبير و كبير جدا . أسوا ما في هذا الاختبار - من وجه نظري - هو : ( يحسبون !! ) : ( ويحسبون انهم مهتدون ) ، ( وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا ) ، ( ويحسبون انهم على شيء ) .
الله جل و علا هو ( الوكيل ) و عليه ( التكلان ) و من يتوكل عليه جل و علا فهو حسبه و عندما يؤمن ( الإنسان ) إيمانا حقيقيا بأن الله جل و علا هو ( وكيله ) و هو ( حسبه ) فلا شك أن جبالا من الهم و الحزن ستنسف .
حفظكم الله جل و علا و أعانكم جل و علا على تبيان حقائق الإسلام العظيم من القرءان الكريم .
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5123 |
اجمالي القراءات | : | 57,057,437 |
تعليقات له | : | 5,452 |
تعليقات عليه | : | 14,828 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
الغزالى حُجّة الشيطان : ف 2 : الغزالى فى الإحياء يرفع التصوف فوق الاسلام ( 1 )
الغزالى حُجّة الشيطان ( 9) الغزالى والاسرائيليات ( جزء 2 )
دعوة للتبرع
الايجاز بالحذف: قرأت لك ان هناك إيجاز بالحذ ف فى القرآ ن ...
صيام رمضان من تانى: السلا م عليكم ورحمة الله وبركا ته ابي...
رحم الله تعالى والدك: نشأ والدى الذى يعرف القرا ءة والكت ابة فقط...
القلب السليم: ورد اصطلا ح « القلب السلي م » في القرآ ن ...
more
عزيزي الدكتور منصور
دائما ما اسمع كلاما عن التوكل على الله وكيف ان الله هو المتصرف فى كل شئ وكيف يجب علينا ان نؤمن ان الله هو مالك كل شئ وان علينا كما عبرت بمقالك ( يجب ان يكون الله وكيلك )
عزيزي الدكتور منصور ان حياة الانبياء كانت فى اغلب الاحيان معارك واضحة حول مسائل دينية واضحة فكان السجال بين الاطراف يحمل طابعا حديا اما هذا واما هذا وقد نقل القران الكريم هذه السجالات واكد على الاستمساك بعبادة الله الواحد لا شريك له ونبذ الشرك .
لكن الامور الان لا تجري على هذا النحو اننا كبشر عاديون فى هذه الحياة سواء كنا فى مصر او فى امريكا او فى الصين نباشر حياتنا الطبيعية نعمل ونتعامل مع الناس اجتماعيا وماليا ولا يسألنا احد عن ديننا ولا يطلب منا احد ان نعبد اله آخر غير الذي نعبده
لكننا فى ذات الوقت لا نتمتع بحرية كاملة فى تصرفاتنا نحن الى حد ما محكومين بثقافة العصر فى كل مجتمع فالامور لا تسير كما فى الرياضيات ان فعلت كذا وكذا سوف تحصل على كذا وكذا
بل تحكمنا شبكة معقدة من التعاملات واعذرنى عن عدم ضرب مثل فمن الصعب استيعاب نظام الحياة لكنى اتوقع انك تفهم ما اريد ان اقول
لا احد يقول لك مثلا اسرق او اشهد زور او اكتم الشهادة بالمعنى الواضح المذكور فى القران
الحياة اصبحت معقدة واصبحت التعاملات بين الناس اكثر تعقيدا بالطبع مازالت الصورة النمطية لهذه الاشياء محرمة لكنها اصبحت الاستثناء لا القاعدة وان انت جعلت على عاتقك ان تتحري الا تقع فى هذه الامور قد تتقوقع حول نفسك وترفض اشياء قد لا تكون فى جوهرها تشكل شيئا محرما وتتهم بالتعقيد والانغلاق وعدم مسايرة العصر
غالبا فضائل العصر هى من تحكم تصرفات الناس ولكن الان فضائل العصر اصبحت محل شك لم يعد بالامكان الوثوق بها وان اتبعت معاييرك فمن الصعب ان تثق فى نفسك فى قدرتك على فهم وتحليل فضائل العصر بدون افراط او تفريط
فى المقابل فإن تصرفاتك تشتبك مع رؤساءك فى العمل وخصومك ويترتب عليها نزاعا بينك وبينهم ساعتها لا يمكن ان تثق انك تحارب فى معركة الحق
ولا يمكن ان تصنف نفسك فى خندق الحق فلا انت تمسكت بفضائل العصر الواضحة للجميع ولا انت تثق فى قدرتك على استخلاصك الشخصي لفضائل العصر
يجعلك ذلك دائما فى حالة خوف بدلا من حالة الامان التى وعد بها المتقون يجعلك ذلك دائما تؤثر عدم خوض النزاعات لانك تخشى ان تتورط فى نزاع توهم نفسك فيه انك تدافع عن الحق وانت لست كذلك
تصور لنا الكتابات دائما ان المؤمنون يعرفون دائما اين الحق ويدافعون عنه
انا يا سيدي ازعم اننى احب الحق واحاول ان اكون مؤمنا لكننى لا اعرف دائما اين الحق ومقدار تشوشى اكبر من مقدار يقينى فهل انا لست مؤمن
واذا اردت ان اتوكل على الله فماذا افعل كيف اتوكل على الله ؟