( وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ).!!

آحمد صبحي منصور Ýí 2018-02-19


( وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ).!!

 أولا : الأساس هو الايمان باليوم الآخر

1 ـ سرت إشاعة سامة فى أول مجتمع مسلم فى المدينة بعد هجرة النبى محمد عليه السلام والمهاجرين للمدينة . بسبب الوضع الجديد غير المسبوق فى الجزيرة العربية إختلفت ردود الأفعال ؛ بعض الأنصار كانوا يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ، وفى المقابل كان منافقون لا يطيق الوضع الجديد. بدأوا بنشر الاشاعات ، إذا أنفق إنصارى على إمرأة مهاجرة أو إذا تردد بعض المهاجرين على أخيه الأنصارى تناولوا هذه بعلاقة فاحشة بين الرجال والنساء . هو حديث الإفك الذى نزل توضيحه فى سورة النور ، وتوقفنا معه فى كتاب ( القرآن وكفى ) . يكفى منه فى موضوع مقالنا قول رب العزة جل وعلا للمؤمنين ( ولنا ) : ( إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) النور ) . فى عموم هذا التحذير ، فإننا نستسهل إرتكاب بعض الذنوب ، ونستهين بها ، ولا نعلم أنها عند الله جل وعلا من الكبائر ..

2 ـ الذى لا نعلمه أننا مؤاخذون بما يخطر على البال ، أو الفؤاد . ومؤاخذون بما نسمع ، وبما نبصر ونرى ، قال ربنا جل وعلا : ( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً (36) الاسراء ). بعض ما نفكر به من الشرور ، قد نحتفظ به فى القلب ـــ شرا  ــ دون تفعيل ، وقد نطرده ونتخلص منه ، وقد نجسده قولا وفعلا . ونحن فى أى حال تحت رقابة الرحمن الرقيب ، قال ربنا جل وعلا : ( وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284) البقرة ) . وهذه دعوة لنا لنطهّر سرائرنا مما قد يعرضنا لسخط الرحمن يوم يقوم الحساب .

3 ـ هناك من يفكر قبل أن يتكلم ويعرض كلامه قبل النطق به على عقله متقيا رب العزة جل وعلا فإن لم ير  به بأسا تكلم . وهناك من يتكلم ثم يفكر فى كلامه ، وهنا تكون الكلمة قد أصبحت مسجلة عليه . كان يملكها وهى فى جوفه ، فلما أطلق سراحها أصبحت هى التى تملكه ، وأصبحت مسجلة فى كتاب أعماله . وهناك من يتكلم ولا يفكر . لا فارق بينه وبين البهائم التى تطلق أصواتا لا تعيها . الذى يفكر قبل أن يتكلم يحاسب نفسه قبل يوم الحساب هو الذى يؤمن بقوله جل وعلا : (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنْ الْيَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) ق )

4 ـ ما سبق ينطبق أكثر على الكلمة المكتوبة والمذاعة ، فهى الأكثر ذيوعا وإنتشارا وتاثيرا فى القارىء والمستمع والمشاهد .

5 ـ المكتوب فى مجال الدعوة الدينية له ميزان حسّاس ، لا مجال فيه للتوسط . إما أن يكون قولا للحق ، وإما أن يكون دعوة للباطل . الداعية إما أن يقول الحق كاملا أو يقول زورا . أحدهم قد يقول بعض الحق دون أن يفضح ما يناقضه من الباطل الشائع بين الناس . هنا يكون كاتما للحق ، لأنه مهمة الحق أن يتم به زهق الباطل . هذا الذى يكتم الحق ملعون . قال جل وعلا : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ (159) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160) البقرة ) .

6 ـ وحيث لا توسط فإنه يوم القيامة سيكون الدُّعاة الدينيون فريقين :

6 / 1 : فريق ضال مُضلُّ كان يشترى بآيات الله جل وعلا ثمنا قليلا ، يكتم الحق وينشر الباطل. هذا الصنف قال عنه جل وعلا : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175) البقرة  ) . يوم الحساب سيكون الذى يقضى بين الناس بالحق هو رب العزة جل وعلا : (يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنْ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16) الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (17) وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذْ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ (18) يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19) وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ ) غافر ) . الله جل وعلا سيكون خصما لأولئك الذين إشتروا بآياته ثمنا قليلا .

6 / 2 : فريق ناضل فى حياته الدنيا مدافعا عن دين الاسلام الذى نزلت به كل الكتب الالهية . يوم الحساب سيكونون مع الأنبياء شهودا أو شهداء على أقوامهم وعصرهم ، وستكون شهادتهم شهادة خصومة موجهة ضد الفريق الضال المُضّل أصحاب النفوذ  فى الدنيا ، الذين ينشرون الإفتراء الكاذب ينسبونه الى رب العزة ورسله الكرام . أولئك الضالون المُضلُّون هم أظلم الناس ، قال رب العزة جل وعلا عن مشهد من مشاهد يوم القيامة : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (19) أُوْلَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمْ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ (20) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (21) لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمْ الأَخْسَرُونَ (22) هود ).

ثانيا : أين نحن أهل القرآن ؟!!

1 ـ أضطر للتكرار . وأرجو المعذرة . عام 1977 كانت العقائد السنية والصوفية والشيعية راسخة  فى بلادها ومواطنها ، لا يصل النقد إلا  الى بعض القشور التى تؤكد القاعدة العامة ولا تنقضها . وبدأت الاعتراض على التصوف ثم على السنة والتشيع . وخلال نضال زاد عن أربعين كنت أُطهّر قلبى وعقلى من أوزار التراث الدينى الذى عاش قبلى 14 قرنا . كتبت مؤلفات كان تعبر عن مراحل التطور هذه . وكنت صادقا فى التعبير عن نفسى وقتها ، ثم تخليت عنها بمنتهى الصدق ، وكتبت فى إلغائها . ولا زلت ــــ وأنا على مشارف السبعين وبعد خبرة بحثية أنتجت من المؤلفات ما لم يحدث فى تاريخ العرب والغرب ـــــ أقوم بتصحيح نفسى .

لا أزعم أن ما أقوله هو ( دين ) أو ( رأى الدين ) بل هو هو وجهة نظر شخصية تخطىء وتصيب ، ولا أتحرّج من الاعتراف بالخطأ ، بل أكون شاكرا لمن دلّنى على خطأ وقعت فيه . وتكرر هذا كثيرا فى الموقع . بل ربما يلاحظ القارىء الفطن تغييرا فى الاسلوب بين كتاباتى الحالية وكتاباتى فى الموقع من عشر سنوات . لا أخجل مما كتبت سابقا من هذه الأخطاء ، بل أفخر بأننى تراجعت عندما تبين لى بالقرآن الكريم بطلانها .  والفوارق أكبر بين مؤلفاتى فى الأزهر ( التى عانيت بسببها ) فى الثمانينيات من القرن الماضى والكتابات الحالية . فى أحد الكتب الخمسة التى بسببها بدأ إضطهادى فى جامعة الأزهر عام 1985 كان كتاب ( العالم الاسلامى بين عصر الخلفاء الراشدين وعصر الخلفاء العباسيين ) ورفعت فيه الخلفاء الراشدين الى أعلى عليين ، وكنت مقتنعا بهذا وقتها . أرفض الآن نشر هذا الكتاب . كتاب ( شخصية مصر بعد الفتح الاسلامى ) كان هذا عنوانه عام 1984 ، ومقررا على قسم التاريخ بجامعة الأزهر ، ثم نشرته فى الموقع بنفس العنوان . أنا ألان لا أوافق على وصفهم بالراشدين . هذه بعض نماذج للتحولات الاصلاحية .

2 ـ من أسف أن بعضهم يأتى الينا فى الموقع بدون خبرة بحثية كافية وقد إنتفخت ذاته لأنه رأى جهل الشيوخ ،وويرى نفسه أعلم منهم ، وهذا صحيح ، فالدواب ذوات الأربع أعلم منهم . ولكنهم ليسوا مقياسا .. هم مجرد كهنة السلطة .

3 ـ المقياس عندنا لتكون باحثا : أن لا تستشهد بحديث منسوب للنبى محمد عليه السلام إلا فى معرض نفيه وأنه لا صلة للنبى عليه السلام به ، ثم أن تلتزم بمنهج التدبر القرآنى ، وأساسه ألا تدخل على القرآن الكريم بفكرة مسبقة تريد إثباتها ، بأن تلوى عنق بعض الايات لتخدم وجهة نظرك ثم تتجاهل الآيات الأخرى . لا بد أن تدخل على القرآن الكريم بقلب مفتوح للهداية ، تتعرف على موضوعك بتحديد اللفظ من خلال السايق الخاص والسياق العام ، وتبحث عن السياقات القريبة ، وتضع كل الآيات مع بعضها وتبحثها معا بموضوعية تجعل القرآن الكريم إماما لك ( بكسر الهمزة ) وأماما لك ( بفتح الهمزة ) ثم بعد أن تكتب بحثك تراه مجرد وجهة نظر ، تقبل التصويب .

4 ـ الفارق بين هذا وذاك : أن الذى يتدبر القرآن طالبا الهداية يجعل القرآن الكريم فوق رأسه ، وبنفس القدر يتهم إجتهاده ، ويطلب الغفران من رب العزة جل وعلا إن أخطا ، حتى لا يأتى يوم القيامة مؤاخذا وأنه أضل الناس . أما هذا الذى يدخل على القرآن الكريم منتفخة ذاته يريد أن يُخضع الآيات لهواه فهو ــ وأستغفر الله العظيم ـ يضع القرآن الكريم تحت قدميه ليثبت أنه شىء .. وما هو بشىء .!

5 ـ لقد مللت من هذه النوعية . أمامهم فضاء الانترنت يكتبون ما يشاءون ـ بعيدا عنا . نحن نعطى فرصة لمن يريد أن يتعلم منا ويتعلم معنا ، يستفيد من علمنا ونستفيد من علمه.  

أخيرا

1 ـ أفخر بإبن عزيز من أبنائى ، يلاحقنى بتعليقاته ، وقد سبق أن نبهنى الى كتاباتى السابقة عن ( شخصىة مصر بعد الفتح الاسلامى ) وغيرها مما لا تصبح موافقة لما نحن عليه الآن . وقد كتب اليوم ينبهنى على خطأ وقعت فيه فى مقالى السابق . أنقل رسالته ، وأرد عليها : يقول أكرمه الله جل وعلا :

(  بين الفينة و الفينة أدخل بيتي وأتصفح موقع أهل القرءان الغرّاء للإطلاع على جديد مقالات و كتابات حضرة الوالد الجليل و كل جديد لذيذ كما يقال..صباح هذا اليوم قرأتُ (((( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ) & ( فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ) ...ما هو الفرق ؟))))، وقد إنتفعتُ كثيراً بما تكرمت به من مبحث (علوم لم تكتشف فى القرآن الكريم / الإعجاز فى إختيار اللفظ القرآنى)، وعلى هذا الأساس طرحت سؤالا مع ملاحظة بسيطة:

أولا يجب أن أنبّه الدكتور الى الإبتعاد عن هذا الخطأ اللغوي الشائع الذي يقع فيه أحيانا بسبب التعود و العجالة. ففي عبارة "والقرآن الكريم عطاؤه لا ينفذ ، ولا سبيل الى إستنفاذه مهما بلغ العلم ومهما طال العمر" في المقال أعلاه لاحظ ما تحته خط لفظة "نفذ"! و ثمة فرق بين (نفد) و (نفذ) في السياق القرءاني:الفرق في الكتابة مجرد نقطة فقط و لكن هذه النقطة الصغيرة تغيّر المعنى كلياً. كلمة (نفد) من غير النقطة - أو بحرف الدال إن صح التعبير - تعني: فني و ذهب. كأن تقول: نفد مني.. أي: إنتهى مني...فالنفاد هو الفناء و الإنتهاء. فغالباً يقولون: (نفذ صبري) و إن سألناه: ماذا تقصد؟ فتجده يقول: أقصد.. (إنتهى صبري) عندها تكون الجملة الصحيحة (نفد صبري) و ليس (نفذ صبري) لأنه لو كانت (نفذ صبري) فإنك تعني (هرب مني صبري). و عموماً فلقد قال الله سبحانه و تعالى في محكم كتابه:((قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا)) أي: لانتهى البحر قبل أن تنتهي كلمات ربي. و في الأية الكريمة: ((يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا، لا تنفذون إلا بسلطان))والمعنى إن استطعتم أن تخرجوا أو أن تخترقوا...والقصد إن استطعتم أن تخترقوا أو تخرجوا من السماوات والأرض فاخرجوا..{سورة الرحمن: 33}. وقد ورد في لسان العرب أن (نَفَذَ) بالذال تعني التخلص من الشيء ومجاوزته، ونفذ الشيء ينفذ نفاذاً ونفوذاً، فعندما نقول نفذتُ من فلانٍ أي تخلصت منه وهربت، ومن ينفذ من مأزقٍ أو خطر يقال له بأنه نَفَذْ. ، ويقال أيضاً للحاكم أنه نافِذٌ أي أنّ كلامه وحكمه ماضٍ ومطاع، ويقال لمن يملك سلطةً ومالاً بأنه رجلٌ ذو نفوذ، ويقال طريقٌ نافذ أي أنه سالكٌ غير مسدود ويَنْفُذُ إلى مواضع أخرى.  كما وجاء في لسان العرب أنّ (نَفِدَ) بالدال من غير نقطة تعني: إنتهى الشّيء وفَنِيَ وخَلُص، ويقال نَفَدَ الشيء نَفَدَاً ونَفَاداً، وقد وردت هذه الكلمة بهذا المعنى في {سورة الكهف: 109}. "يقال للقوم الذين يخلص مالهم وطعامهم: نَفَدَ القومُ، أي أنهم أصبحوا بلا طعامٍ ولا مالٍ، ويقال أيضاً للخصم الذي يستنفد طاقة خصمه وحجّته بأنه خصمٌ منافدٌ، أي أنّه خصمٌ قويٌّ يحاجِجُ خصمه حتّى النّهاية وحتى تنتهي حججه كلها". إذاً وكما هو معلوم لدى شريف علمكم انّ النفاذ هو "الإختراق" بمعنى أدق . نفذ = إخترق . نفد = إنتهي . فأرجو الملاحظة والإنتباه!.

ثانيا: أما بالنسبة للسؤال المطروح:  قال الله تعالى في حق أهل النار:{حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى}[الزمر: 71]. وقال جل ثناؤه في حق أهل الجنة:{حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين}[الزمر: 73] . السؤال الذي يتردد كثيرًا هنا: ما نوع الواو في قوله تعالى: {وفتحت أبوابها} من الآية الثانية؟ ولمَ أدخلت هنا، ونزعت منه في الآية الأولى؟ ثم ما الفرق بين (الواو) و (الفاء) في تينك الآيتين؟ وثمة لمسة رائعة في حذف هذه الواو في ءاية، وإثباتها في آية أخرى للنحاس، يقول: "أما الحكمة في إثبات الواو في الثاني، وحذفها من الأول فقد تكلم فيه بعض أهل العلم قال: لمّا قال الله عز وجل في أهل النار: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا}، دل على أنها كانت مغلقة ولمّا قال في أهل الجنة: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} الزمر الآية 78، دل على أنها كانت مفتحة قبل أن يجيئوها"، وإلى هذا ذهب الزمخشري، وأبو حيان... ).

2 ـ وأقول لابنى الغالى :

أولا : أكرمك الله جل وعلا ، وقد أخطأت ، وبادرت بتصحيح الكلمة .

ثانيا : أما عن آيتى سورة الزمر : الآيات هى : (  وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) الزمر  )

فأقول وجهة نظرى :

1 ـ لا وجود للفاء هنا .

2 ـ لماذا توجد الواو عن الجنة : (حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا   )، بينما لا توجد هذه الواو فى دخول النار ( حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا )؟ أقول :

2 / 1 : أبواب الجنة تبدأ بفتح أبوابها وتظل أبوابها مفتحة ، قال جل وعلا : (جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمْ الأَبْوَابُ (50) ص ) ومع وجود حجاب بين أهل الجنة والنار (   الحديد 13 ، ( الأعراف 46 : 50 ) إلا إن أهل الجنة يمكنهم رؤية أهل النار ومشاهدة عذابهم (  الصافات 50 : 60 ) .

2 / 2 : أبواب النار يتم فتحها فجأة وبعد دخولهم فيها تنغلق أبوابها أبد الآبدين ، قال جل وعلا : (عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ (20)البلد ) (نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُوصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9) الهمزة ) .

3 ـ  خوفا من الخلود فى هذا النار ندعو الله جل وعلا أن يهدينا الى الحق القرآنى وأن نتمسك به طيلة حياتنا . 

اجمالي القراءات 12549

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (2)
1   تعليق بواسطة   هشام سعيدي     في   الإثنين ١٩ - فبراير - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[88038]

مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا. النحل 96


هذه الآية تبين المعنى المشار اليه بوضوح تام.



2   تعليق بواسطة   سعيد علي     في   الثلاثاء ٢٠ - فبراير - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[88040]

و إذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار


السؤال فيما يخص الواو رائع و الإجابة أروع حفظكم الله جل و علا فأبواب الجنة تبدأ بفتح ابوابها و تظل مفتوحة رغم وجود الحجاب إلا أن أهل الجنة يرون و يتحدثون مع أصحاب النار هذا مع أن الحق جل و علا ( سيصرف أبصارهم تلقاء أصحاب النار ) بمعنى سيجعل أبصار أهل الجنة تشاهد أبصار أهل النار ليكون ردة فعل أهل الجنة : ( ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين ) .



أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5123
اجمالي القراءات : 57,058,614
تعليقات له : 5,452
تعليقات عليه : 14,828
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي