فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ :
تأملات فى سورة الشورى

محمد صادق Ýí 2017-08-26


تأملات فى سورة الشورى

إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ "(سورة ق 37

مقدمة: تعالوا نقرأ هذا المقطع القرءآنى وبأقل كلام منى لأن القرءآن الكريم ليس محتاج أن أوضِّحْ أى شيئ فيه... تفصيل رب العالمين فلنجعل القرءآن يتكلم   و "إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ".

المقطع من آية 36 إلى آية 43 فى سورة الشورى:

فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36) وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37) وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (38) وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39) وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (42) وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43) } (سورة الشورى 36 – 43

فإذا تدبرنا هذه الوصايا لوجدنا أن ما وصانا به الله سبحانه من السهل إتباعه وتحقيق مراد الله والحصول على رضوانه بأقل ثمن ومجهود. ولكن الذين لا يؤمنون إيمانا صادقا مخلصا لله تعالى يجدون هذه الوصايا من الصعب إتباعها ويتهمون الإسلام بأنه دين ليس بالسهل وهذا يدل على قصور فى الفهم والتعلق بالدنيا الفانية .

1- فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ:

هنا يقول رب العباد فى مقارنة بين متاع الدنيا ومتاع الآخرة: أن متاع الدنيا فانى ومتاع الآخرة هو الدائم المستمر بشرط التوكل على الله سبحانه.

2- وَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ: يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ،  

إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا " (سورة النساء 31)

3- وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ: لآ يعنى أن الله سبحانه هو وحده الذى يغفر، فبين لنا هنا أن البشر المتوكلين على الله يغفروا لمن أساء إليهم.

4- وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ :  فيما أمر به ونهى عنه وإتباع ما أنزل لهم من الهدى فإذا سمعوا مناديا للإيمان آمنوا " رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ "(سورة آل عمران 193

  يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ "(سورة الأَحقاف 31"

5- وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ: لماذا ؟                                                                                                    

 أَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ " (سورة العنْكبوت 45

6- وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ :"  فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ " (سورة آل عمران 159

7- مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ: أنظر إلى كلمة رَزَقْنَاهُمْ ، فما تنفقه هو من رزق الله ليس ملكك ولكن رزقك الله به لتنفق منه فى أوجه حددها الله سبحانه ،  وتأمل فى رحمة الله وعدله المطلق يقول :

" وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّاابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍيُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ " (سورة البقرة 272

8- وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ : لقد بين الله سبحانه ان الجزاء على البغى يكون : وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا ....

ولكن فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) لذلك عقب بقوله :هُمْ يَنْتَصِرُونَ !!!

فختم الله سبحانه هذه الوصايا بحكمة بالغة فقال : وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ...

صدق الله العظيم ...

اجمالي القراءات 14280

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (4)
1   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   الأحد ٢٧ - أغسطس - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[86973]

وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ


شكرا للأشتاذ محمد على هذه القراءة المتأنية للآيات والتي تثبت بوضوح ان القرآن الكريم واضح بشرط أن تكتفي به فقط وذلك يعني الدخول عليه دون رواسب  تراثية  .. واستطيع القول أن من يتصف بصفة عزم الأمور  هو من يستطيع التحكم في نفسه فهو يتسامح في حقه في الرد على السيئة ويصل لدرجة العفو عن طريق الصبر والغفران :(  وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (42) وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43) } (سورة الشورى 36 – 43



دمتم بكل الخير ، وشكرا لكم 



2   تعليق بواسطة   محمد صادق     في   الأحد ٢٧ - أغسطس - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[86977]

الأستاذة لطفية سعيد


أستاذة لطفية ... السلام على من إتبع الهدى.



أشكرك على مرورك الكريم ... لقد سعدت جدا بتفسير مصطلح عزم الأمور فقد اصبت سيادتكم فى هذا التعريف الشامل العام . وايضا كما قلت سيادتكم أن القرءان، بدون تدخل خارجى لا يحتاج إلى شرح أو قاموس او ما شابه ذلك لأن القرءان وحدة كاملة متكاملة يوضح بعضه بعضا لذلك قال سبحانه: { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا } (سورة النساء 82).



وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ...



شكرا لك مرة ثانية ...كل التقدير والإحترام.



3   تعليق بواسطة   سعيد علي     في   الخميس ٣١ - أغسطس - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[86993]

عندما يتأمل الأخ الكبير الأستاذ محمد صادق في القران الكريم فخذ لك كنزا من كنوز القران العظيم .


حفظكم الله جل و علا أستاذ محمد صادق و أكرمك بالتأمل في قران ربي جل و علا و أعانكم على الجهاد به في بلاد المسلمين سلوكيا ... وصف رائع و مترابط و متسلسل و كم في القران الكريم من كنوز و هنا يأتي دور أهل القران و هذا الجيل الرائع الذي يقوده الدكتور أحمد بمعية ثلة رائعة ممن وهب نفسه و وقته لتجليله حقائق الإسلام العظيم من مصدره الوحيد القران الكريم و هنا تأتي مقولة بو محمد حفظه الله جل و علا : لنكن جيل الحوار و ليكن الجيل و الأجيال القادمة جيل الإختيار .


4   تعليق بواسطة   محمد صادق     في   الإثنين ٠٤ - سبتمبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[87004]

الأستاذ سعيد على


أخى الحبيب أستاذ سعيد... السلام على من إتبع الهدى.



اشكرك على هذه الكلمات الطيبة. فعلا صدقت أخى سعيد أن من يتدبر القرءآن الكريم ويكون الغرض هو التدبر والتعلم وتنزيه الله عن كل سوء فإن القرءآن يهدى للتى هى أقوم.



طبعا أنا تلميذ القرءآن الكريم سنيين عددا، وأستاذى الحبيب د. احمد منصور وأدعو الله أن يكون منصور إلى يوم التغابن ليعرف أعداء القرءآن أن مصير من يتبع القرءآن ويتدبره ويعلمه لمن يريد فنهايته رضوان الله فى الدنيا والآخرة.



أشكرك مرة ثانية ولا تحرمنا من كتاباتك القيمة لنستفيد حفظك الله ودام عليك نعمه وأهمها نعمة القرءآن الكريم.



كل التقدير واإحترام.



أخوكم محمد صادق



أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-10-30
مقالات منشورة : 451
اجمالي القراءات : 7,333,106
تعليقات له : 702
تعليقات عليه : 1,407
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Canada