آحمد صبحي منصور Ýí 2017-02-11
من الردة الى الفتوحات الى الحرب الأهلية فى لمحة سريعة
كتاب : نشأة وتطور أديان المسلمين الأرضية
الباب الأول : الأرضية التاريخية لنشأة وتطور أديان المحمديين الأرضية
الفصل الثانى : اتساع الفجوة بين الاسلام والمسلمين في عهد الخلفاء الراشدين (11-40هـ)(632-661م):
من الردة الى الفتوحات الى الحرب الأهلية فى لمحة سريعة
حركة الردة
وبمرض النبي ثم وفاته وتولى أبى بكر الخلافة وعودة النفوذ القرشى للظهور إمتعض الأعراب
من الاتحاد الجديد بين المهاجرين القرشيين السابقين فى الاسلام و القرشيين الداخلين فى الاسلام حديثا ، وفهموا أن هذا الاتحاد القرشى سيكون على حسابهم فى ظل الوضع الجديد.
فى وقت مرض النبى محمد الأخير أراد أعراب نجد مسبقا تأكيد وضعهم في مرحلة ما بعد النبي، ولأنهم فهموا النبوة امتيازا قرشيا فقد تحولت معارضتهم السياسية الي إدعاء دين جديد اقترنت فيه حرب الردة السياسية بادعاءات مضحكة للنبوة والوحى قام بها مسيلمة الكذاب في وادي حنيفة (مقر الدعوة الوهابية فيمابعد) وهو الذى كتب رسالة الى النبى محمد وهو فى مرض الموت يقول له فيها: (من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله، سلام عليك ، فإني قد أشركت في الأمر معك،وإن لنا نصف الأرض ولقريش نصف الأرض، ولكن قريشا قوم يعتدون ) (تاريخ الطبرى 3 : 146). وبعد موته عليه السلام ثارت حركات أخرى للردة منها حركة طلحة الاسدي من قبائل اسد وطئ .وربما كان الأعراب حول المدينة أسرع من بدأ حرب الردة ، وجاء فى روايات التاريخ أن المرتدين بدءوا بالهجوم على المدينة ، فقام أبو بكر بتنظيم الدفاع عنها ، (تاريخ ابن كثير ط .بيروت 6/312:311) . وفهم الأمويون وسادة قريش حركة الأعراب على أنها ثورة على السيادة القرشية فكانوا قادة المسلمين فى مواجهة حركة الردة.
وادت حركة الردة الي تطورات داخلية فى نظام حكم الدولة فى المدينة كما أدى تطورات عالمية بالفتوحات العربية التى حملت اسم الاسلام.
حركة الردة أدت الى الفتوحات:
فالتهديد الذي واجهه المسلمون في حركة الردة فى مرض النبى وبعد موته مباشرة أعطى قريش وضعا استثنائيا يستوجب احكاما عرفية ، فكان سهلا تعيين قائد حربي ثم بيعته بالقتال مثل ما تم سابقا من مبايعة المسلمين للنبى تحت الشجرة. وفي هذه الظروف الاستثنائية جرت بيعة السقيفة لاختيار قائد يخلف النبى محمدا ، يكون ( خليفة ) له.وفي بيعة السقيفة ها تكتل القرشيون ضد الأنصار أصحاب البلد الأصليين ،وتم نفي زعيمهم سعد بن عبادة وقتله فيما بعد. (الطبقات الكبري لابن سعد ت (222)هـ. 3/145. القاهرة دارالتحرير1968)
ووافق الامويون قادة قريش المكيون علي بيعة ابو بكر خليفة دون علي ابن عم النبى محمد ، وعلى هو الأقرب لديهم إذ أنهم جميعا أحفاد عبد مناف ، ولكن الأمويين والقرشيين المكيين كانوا يبغضون عليا فهو الذى قتل زعماءهم فى بدر، كما أن عليا بإعتبارات شتى كان الأحق بالحكم السياسى طالما إختاروا قائدا سياسيا وعسكريا ، ولكنه أضاع فرصته خوف الأمويين وزعماء قريش من أن وصوله للحكم فسيظل فيه وفى ذريته من دونهم .
والواضح طبعا أن الأمر هنا لم يعد إختيار مجرد قائد حربى يبايعونه على القتال الدفاعى ولكنه أصبح أمر سياسة وحكم لحاكم يتولى السلطة مدى الحياة وفق الثقافة السائدة فى العصور الوسطى. وإن كان الأمر هنا فى عصر الخلفاء الراشدين لم يتحول بعد الى الاستبداد الكامل وتوارث الملك فى أسرة واحدة كما فعل معاوية فيما بعد حين أقام دولته الأموية. .
وليرد الجميل لأصحابه و حلفائه قام الخليفة الجديد أبوبكر بتعيين الشاب الصغير يزيد بن ابي سفيان الأموى قائدا في حروب الردة، وتدعم هذا الاتفاق فيما بعد فى عصر عمر حين جعل يزيد بن أبى سفيان مع اخيه معاوية حكاما على الشام بعد فتحه ، ثم بعد موت يزيد بن أبى سفيان ضم عمر كل الشام الى معاوية. وظل معاوية أميرا على الشام لم يعزله عمر بينما عزل آخرين ، مما أعطى لمعاوية الفرصة لأن يمهد الأمر لاقامة الدولة الأموية بعد ان ظل أميرا على الشام طيلة عشرين عاما. والشام هو الحُبُّ الأكبر لأبى سفيان والأمويين ، فهم كانوا قادة رحلتى الشتاء والصيف بين الشام واليمن ، وهم اصحاب حلف مع قبائل (كلب ) اليمنية التى كانت تسيطر على الطرق التجارية فى جنوب الشام واليه . من هنا كان توجيه الفتوحات نحو الشام والعراق معا لضمان السيطرة على التجارة ( الشرقية ) . أى إذا كان الأعراب قد هددوا قوافل قريش وجعلوها تضطر للدخول فى الاسلام لتعيد تسيير قوافلها فإن قريش إستعملت نفس الأعراب لفتح الشام والعراق للسيطرة الكاملة على التجارة الشرقية عبر البحر المتوسط والخليج .
ونعود الى خلافة ابى بكر ، وقد استطاعت قريش فى مكة والمدينة اخماد حركة الردة ،و حتي لا يعود الاعراب الي الردة ثانية وحياتهم تقوم علي السلب والنهب والتقاتل فقد قامت قريش بتصدير شوكة الاعراب الحربية الي خارج الجزيرة العربية في الفتوحات . وبهذا تم إسكات الأعراب ، وتم التحالف بينهم وبين قريش ، ورضى الأعراب ـ المرتدين الثائرين سابقا على سيادة قريش ـ أن يكونوا جندا تحت قيادة أمراء من قادة قريش الجدد ، خصوصا الأمويين. .
استمرت الظروف الاستثنائية الحربية، ومات ابو بكر ميتة غامضة ، واضح منها أنه كان مجرد جملة إعتراضية فى تخطيط بعيد المدى فتم اختيار عمر بسرعة غريبة وبنفس ظروف البيعة . واثناء استمرار الفتوحات اغتيل عمر واختير عثمان بن عفان الأموى خليفة بنفس البيعة ليحقق أكبر أمل للأمويين فى التحكم فى الدولة الجديدة من خلال ابن عمهم الأموى ضعيف الشخصية . وكان الرأى العام مع إختيار على بن أبى طالب ولكنه يحظى بكراهية الأمويين و المنافقين . وحينما فرضت الظروف تعيين على خليفة بعد الثورة على عثمان ومقتله فإن تلك القوى الجديدة من الأمويين و المنافقين وقفت ضده وحاربته .
أربع تطورات خطيرة أتت بها حركتا الردة والفتوحات
تلك القوى الجديدة أدخلت المسلمين فى أربع تطورات خطيرة تناقض الاسلام:
الاول:تعيين حاكم مستمر طيلة العمر تحيط به دائرة مستشارين عرفوا فيما بعد بأهل الحل والعقد. وليس فى الديمقراطية الاسلامية المباشرة تعيين حاكم طيلة العمر. وبعد ان كانت البيعة تعني مبايعة القائد علي القتال دفاعا عن النفس اصبحت تعني المبايعة بالطاعة لحاكم يظل يحكم مستبدا طول العمر.
والثانيتحول الجهاد من القتال الدفاعي وفق شرع الاسلام الي اعتداء وتوسع حربي وإستيطان في البلاد المجاورة ،بعد تخييرها –او بالاصح -ارغامها علي قبول واحد من ثلاث :الاسلام أو دفع الجزية أو الحرب .وبالتالي ضاعت القاعدة الاساسية القرآنية (لا اكراه في الدين )(وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين ) (2 / 256/190).
أقنع الأمويون جحافل الأعراب بفكرة نشر الاسلام بالسيف وجعلوه جهادا، والأعراب قامت معيشتهم على السلب والنهب ، وجاء التسويغ الدينى للسلب والنهب باسم الاسلام والجهاد ملائما لهواهم فاقتنعوا بأنهم فائزون إما بالنصر والغنائم وإما بالشهادة والجنة ، فحاربوا باخلاص وأنجزوا أكبر نصر عالمى فى العصور الوسطى حين هزموا أكبر قوتين فى العالم وقتها. وكسبت قريش بسيوفهم أعظم خزائن العالم وقتها ، من فارس ومصر والروم وغيرهم..
والثالث :الخطورة الحقيقية لحركة الردة إنها كانت ردة حقيقية عن السلام جوهر الاسلام فى التعامل مع الناس. وأدت هذه الردة عن الاسلام السلوكى الى وقوع المسلمين فى نفس القرن فى ردة أخرى أفظع وأضل سبيلا جمعت بين الكفر القلبى والكفر السلوكى ، وهى الفتوحات التى كانت تهدف حُطام الدنيا ، وبالاعتداء كانت كفرا سلوكيا عمليا ، ولكن عضّده الكفر القلبى بنسبة هذه الفتوحات الى الاسلام ، وتبريره بأن أولئك المسالمين الذين لم يعتدوا على العرب هم كفار يستحقون الغزو وإحتلال أراضيهم وإسترقاق شعوبهم وسبى نسائهم وذراريهم وفرض الجزية والخراج عليهم .
والرابع ، هو الحروب الأهلية: وطالما أصبح المال هو المعبود الأكبر والهدف الأسمى للفتوحات فإنه ــ أى المال ـ كان السبب فى الصراع حوله ونشوب الفتنة الكبرى . أدت الفتوحات الى الاختلاف على الغنائم ، وأدى الاختلاف الى انقسام المسلمين وحربهم الأهلية وتمسح كل فريق بأحاديث كاذبة ينسبها للنبى محمد بعد موته، وبهذا الوحى الزائف بدأ شفهيا ومبكرا وضع أسس الأديان الأرضية للمسلمين. أى أن الفتوحات العربية هى التى ظلمت الاسلام قبل أن تظلم الملايين من الشعوب التى قهرها المسلمون من الصحابة.
كبار الصحابة المهاجرين وشكوك فى عمالتهم للأمويين
1 ـ الغريب هو موقف كبار الصحابة مثل أبى بكر وعمر وعثمان وعلى والزبير وطلحة وعبدالرحمن بن عوف، فهم الذين يعرفون أكثر من غيرهم أن نشر الاسلام لا يكون مطلقا بالاكراه فى الدين ،وأن الله تعالى لا يحب المعتدين ، وان النبى محمدا إكتفى فى آخر أيامه بمجرد إرسال رسائل سلمية لتبليغ حقائق الاسلام لكل الحكام من حوله ، وتحميلهم المسئولية امام الله تعالى يوم القيامة عن تبليغ شعوبهم، دون الاعتداء عليهم أو غزو بلادهم. لأنه عليه السلام ـ وفقا لما جاء فى القرآن الكريم ـ لم يقم مطلقا باعتداء حربى على من لم يعتد على دولته، ولم يبدأ حربا ضد الآخرين.
2 ـ وهذا يرجّح أن معظم هؤلاء كانوا من الذين فى قلوبهم مرض ، أو من المنافقين الذين مردوا على النفاق خداعا للنبى محمد فى حياته ، او أن بعضهم كانت له تحالفات سرية مع الأمويين ، أو عملاء لهم ، أى خلايا نائمة ، جهزتها قريش الى جانب النبى لتتحرك فى الوقت المناسب لتستثمر الاسلام لصالحها ـ لو نجح النبى ، ثم يأتون لجنى ثمار نجاحه بعد موته .
3 ــ ليس هذا مستبعدا فى ضوء وصف رب العزة جل وعلا ـ فى سورة مكية ــ لمكر قريش بأنه تزول منه الجبال (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46)ابراهيم ) . وليس هذا مستبعدا فى ضوء قراءة كاشفة للأحداث وجنى الأمويين الثمرة فى النهاية بعد طول معاداة للاسلام والرسول عليه السلام . قريش كان بإمكانها قتل النبى محمد فى مكة لو أرادت ، ولكن هذا سيهدد التحالف بين العباس وأبى سفيان زعيما بنى عبد مناف ( الأمويين والهاشميين ) . الحل الوسط هو الذى إختاره المكر الأموى ـــ الذى تزول منه الجبال ـــ وهو السماح له الهجرة ، مع إحاطته بالعملاء والجواسيس بحيث لو نجحت ( حركته ) يستفيدون منها فيما بعد. وهذا بالتالى هو ما حدث . وهم ( الأمويون ) كانوا المستفيدين مما حدث .
النزاع حول الغنائم وتحوله الى حرب أهلية بين الصحابة بتخطيط أموى
نتتبع قبله التخطيط الأموى الذى أسفر فى النهاية عن إسقاط دولة الخلفاء الراشدين وإقامة الملك الأموى الوراثى.
1 ـ بدأ الأمويون فى وضعهم الجديد بعد موت النبى محمد بعزل الأنصار مبكرا عن ساحة التأثير ، وتعززت صلتهم بأبى بكر وعمر وابن عمهم عثمان على حساب على بن أبى طالب.وكانت الفتوحات والنزاع والحروب الأهلية أساس وصول الأمويين للحكم.
2 ــ الأمويون بخبرتهم فى رحلة الشتاء والصيف وبعلاقاتهم بقبائل كلب القحطانية المسيطرة على طرق القوافل فى الشام كانوا عنصرا أساسا فى نجاح فتوحات الشام. وأبوسفيان مع شيخوخته شارك مع ابنه يزيد فى موقعة اليرموك الفاصلة التى دحر فيها العرب المسلمون الروم البزنطيين. وانتهى الأمر بتعيين معاوية بن أبى سفيان حاكما على الشام كله. خلال عشرين عاما ركز معاوية سلطانه فى الشام ، تزوج ميسون بنت بحدل الكلبى زعيم قبائل كلب وأنجب منها إبنه يزيد ، فضمن سيوف قبائل كلب معه، كما أن اهل الشام عرفوا من الاسلام ما أراد لهم معاوية أن يعرفوه، عرفوا الطاعة المطلقة لمعاوية أسوة بما إعتادوه مع الحكام السابقين.
3 ــإزدادت عزلة على بن أبى طالب بإختيار عثمان بن عفان بن العاص بن أمية خليفة ، وهو الأحق منه بالخلافة حسبما رأى الكثيرون، وبدا واضحا إنقسام كبار الصحابة بين حزبى على وعثمان. أصابع الأمويين لم تكن بعيدة عن إختيار عثمان، فهو الشخصية المناسبة لهم لأن يحكموا المسلمين فترة إنتقالية من وراء ستار.
4 ــ كان عثمان فى السبعين من عمره حين تولى الخلافة ، واشتهر باللين وضعف الشخصية فوقع تحت السيطرة الكاملة لابن عمه مروان بن الحكم بن العاص بن امية، الذى كان كاتب عثمان والحامل لخاتمه والمتحكم فى شئونه. فى عهد عثمان تحكم الأمويون أبناء عمه فى الولايات، واشترى الأمويون بعض كبار الصحابة بالضياع والأموال واعترض آخرون فعاقبهم الأمويون بالاضطهاد ،وكان منهم ابن مسعود وأبو ذر الغفارى و عمار بن ياسر.
5 ــ عثمان كان العتبة الأخيرة التى صعد عليها أقاربه الأمويون للسلطة ويحتكرونها. كان لا بد من إشعال ثورة على عثمان تتيح لهم إدخال المسلمين فى حرب تسفر فى النهاية عن وصولهم للحكم. ولم تؤت سياسة الأمويين فى خلافة عثمان عن إشعال هذه الثورة برغم تأليب الصحابة بعضهم على بعض ، مع على أو مع عثمان ، وإغراق بعضهم فى الثروات واضطهاد البعض الآخر. لذا كانت الخطوة الحاسمة هى فى التحرش بالاعراب وسيوفهم الحادة وسرعتهم الى الشر.
6 ـ لم يكتف الأمويون في عهد عثمان بالتحكم فى بيت مال المسلمين والخزائن التى حصل عليها المسلمون من الفتوحات، فطمعوا فى أرض السواد الزراعية الواقعة علي حدود نجد والعراق ، والذى كان يعتبره الاعراب ملكا تقليديا لهم في الجاهلية ثم فتحوه بسيوفهم بعد الاسلام. رضوا به تاركين كل ما فتحته سيوفهم فى الشام ومصر وفارس وشمال أفريقيا للأمويين يستاثرون به. ولأن الغرض الأساسى إشعال ثورة وليس مجرد الطمع فى أرض على حدود الصحراء بعيدة عن متناول وإهتمام الأمويين ، فقد صمم الأمويون على تملك السواد وإعتباره ( بستان قريش ) .
هنا تطور النزاع وتدخل فيه عبدالله ابن سبا الذي رفع شعار التشيع لعلي ابن ابي طالب .وكعب الاحبار الذي يوالي عثمان والاموييين ،وكلاهما (عبد الله بن سبأ وكعب الاحبار )من يهود اليمن (تاريخ الطبري :ط4.ابو جعفر محمد بن جرير(224-310هـ)تحقيق محمد ابو الفضل إبراهيم القاهرة 4/317-،330-،283،326،340-349،493-،500-191-،202،255،284 )
وانتهت الثورة بأن حاصر الاعراب عثمان فى بيته فى المدينة ، ثم قتلوه وعينوا (عليا بن أبى طالب ) خليفة مكانه.
7 ــ حين حوصر عثمان فى بيته حاول (على) التوسط والاصلاح وكاد أن ينجح لولا تآمر مروان ابن الحكم ، وبعد فضح تآمر مروان رفض عثمان عزله ، كما رفض التنحى عن الحكم ، كأنه مصمم على الانتحار ؛ وقبيل إقتحام الثوار لبيت عثمان وقتله هرب إبن عمه مروان بن الحكم تاركا عثمان فى شيخوخته ليقتله الثوار الأعراب وهو يقرأ المصحف. وأثناء استمرار الحصار رفض معاوية فى الشام نجدة إبن عمه فى محنته، وكان هذا فى إستطاعته لو أراد . ولكنه انتظر الى أن قتله الثوار ، وكل ما اهتم بالحصول عليه هو ( قميص عثمان ) الذى رفعه على مسجد دمشق داعيا للثأر من الخليفة الجديد على بن أبى طالب ، متهما إياه بالتحريض على قتل عثمان.
8 ــواضطر الخليفة الجديد للاستعداد لمحاربة معاوية ، ولكن الأمويين كانوا يعدون لعلى مفاجأة قاسية ، إذ ما لبث أن إنشق عن (على) أقرب أصدقائه من كبار الصحابة وهم الزبير وطلحة ، وهما من كبار السابقين فى الاسلام ، ومعهما السيدة عائشة أم المؤمنين زوجة محمد عليه السلام. وبجهود مروان بن الحكم بن العاص بن أمية اشتعلت الحرب بينهما في موقعة الجمل والتى حارب فيها مروان بن الحكم الى جانب خصوم على. وأخذ الأمويون ثأرهم بقتل الزبير وطلحة فى هذه الحرب لم يبق أمام الأمويين من كبار الصحابة إلا الخليفة على بن أبى طالب ومن معه من الأعراب.
9 ــ وبعد إجهاد الخليفة على فى حرب الجمل التى أضعفته كان معاوية يواصل استعداده لمعركة فاصلة يأمل أن يصل بها الى الخلافة بحجة أنه أقرب الناس لعثمان المقتول ظلما، وأنه ولى أمر المطالبة بثأره.واشتعلت معركة صفين ، وقد كاد النصر فيها يتحقق لعلى لولا أن لجأ عمرو ابن العاص رفيق معاوية لخدعة التحكيم ، ، فأمر معاوية جنده برفع المصاحف على الرماح طالبين وقف الحرب والاحتكام للقرآن الكريم. رفض على هذه الدعوة مدركا أن غرضها الخداع والنجاة من هزيمة محققة، ولكن الأعراب من جند على أكرهوه على قبول التحكيم ووقف الحرب ، وهددوه إن لم يفعل سيقومون بتسليمه الى عدوه معاوية!!.بل وأكرهوه على إختيار أبى موسى الأشعرى ممثلا له فى التحكيم ، وهو ليس ندأ للداهية عمرو بن العاص .
وفشل التحكيم بخديعة عمرو ـ (ممثل معاوية )ـ لأبى موسى الأشعرى (ممثل على )، وتحقق لجند (على ) من الأعراب أن (عليا) كان على الحق حين رفض التحكيم وانه مجرد خدعة، إلا أن أولئك الأعراب بدلا من طاعة (على) خرجوا عليه ـ تحت اسم الخوارج ـ وقاتلوه ثم قتلوه. ثم واصلوا ثورتهم على الأمويين.
هؤلاء الأعراب .!!
1 ـ من يقرأ تاريخ (على) فى المصادر التاريخية الأصيلة يعجب من إصرار الأعراب من جند (على ) على التثاقل عن نصرته حين يحتاج اليهم ، ومن الاسراع الى مخالفته وعصيانه حين يأمرهم. وهم الذين أفشلوه وهزموه فى صفين.
2 ــ التعليل الوحيد هو كراهيتهم لقريش وكون عليا بن أبى طالب قرشيا ، وقد رأوا أنهم لا يزالون أتباعا لقريش فى صراع جناحيها الأموى والهاشمى . ولذلك إختاروا فى النهاية الخروج كليا عن سيطرة قريش. ولكى يكونوا ندّا لقريش فقد زايدوا فى التدين بالصلاة وقراءة القرآن ، فالتصق بهم لقب ( القرّاء ) بمفهوم العبادة، ولكن تطرفوا أيضا فى قتل كل المسلمين من غيرهم. إبتدعوا دينا أرضيا يعبر عن التدين السطحى والتطرف فى الارهاب وسفك الدماء ، كان باعثه الأكبر الحقد على قريش.
2 ــ ولم يكن كل الأعراب خوارج، إذ إختار فريق آخر من قبائل الأعراب التبعية للأمويين.خصوصا من قبائل كلب اليمنية القحطانية التى كانت تعيش فى الشام ، بينما كان أغلب الخوارج من القبائل التى تعيش فى نجد من القبائل اليمنية والعدنانية.
3 ــ وبهذا الصراع مع قريش كان الأعراب كفارا ضد الاسلام ثم تحولوا الى الاسلام والسلام في أواخر عهد النبي ، ثم الي مرتدين ، ثم عادوا لسيطرة قريش (مسلمين لهم ) ،ثم الي جنود فاتحين تحت إمرة قريش . كل ذلك فى عصر أبى بكر وعمر. ، ثم أصبحوا ثوريين علي عثمان ،ثم الي خارجين علي عليّ بن أبى طالب . كل ذلك التقلب حدث فيما بين موت النبي (11هـ،سنة 632م )الي مقتل علي علي ايديهم (40هـ،661)أي خلال اقل من ثلاثين عاما تقلبوا من الكفر الى الاسلام الى الردة ثم الى الفتوحات باسم الاسلام ثم الى الثورة على عثمان ثم الرجوع الى على ثم الخروج عليه وقتله، ثم الثورة على الأمويين.
4 ــ واصطبغت حركتهم بالعنف المرتبط بغطاء ديني ،يسري هذا علي قبولهم المتحمس للاسلام السلمى في عهد النبي ،ثم خروجهم عليه في حركة الردة تحت زعامة مدعي النبوة ،ثم انغماسهم في الفتوحات علي انها جهاد يغنمون منه النصر والشهادة والغنائم في الدنيا و الاخرة ،ثم حين ثاروا علي عثمان رفعوا لواء العدل ،وحين رفع الامويين المصاحف علي اسنة الرماح في موقعة صفين خداعا ارغموا عليا علي الموافقة علي التحكيم لكتاب الله ،ثم حين ظهر ان التحكيم خدعة خرجوا علي (علي ) لأنه وافق علي التحكيم واتهموه بالكفر ثم قتلوه .
وهؤلاء الأمويون .!!
وخلال نفس المدة تقلب الامويون في مواقع شتي حسب مصلحتهم وسعيهم الدائم الى امتلاك القوة والاحتفاظ بها ،كانوا أعداء للاسلام في مكة، ثم دخلوا فيه مرغمين ، ثم ثاروا عليه ، ثم عادوا اليه انتظارا لموت النبى محمد ، ثم أصبحوا قادة حربيين ومستشارين لأبى بكر وعمر بما لهم من مقدرة حربية وتحالفات قديمة منذ رحلتى الشتاء والصيف مع قبائل كلب الى تسيطر على الطرق التجارية للشام ،فقادوا المسلمين في حرب الردة ثم في الفتوحات ،وبعد توطيد الفتوحات اصبحوا امراء البلاد المفتوحة، وحين تولى ابن عمهم عثمان الخلافة سيطروا عليه وانتهى الامر بأن توارثوا الملك في ذريتهم خلال{الدولة الاموية} .
وهؤلاء هم الصحابة.!!
هم الذين جعلهم الدين السُّنّى آلهة معصومة من الخطأ .
رغم ان عملية نقد الصحابة من الامور المحرمة عند السلف وما ورثوه لنا من شدة حرمة التعرض لهم لانهم اصحاب رسول الله وما نسج حولهم من روايات واحاديث ترفعهم لدرجة النبوة بل ربما اكثر فاهل السنة يقدسون ابو بكر وعمر وعثمان ومن بعدهم معاوية ابن ابي سفيان والشيعة تقدس علي ابن ابي طالب ومن بعده الحسن والحسين وغيرهم قدس سلمان الفارسي وغيره من الصحابة فرغم شدة وقوة الاعلام الذي مورس على المسلمين لاكثر من الف سنة بهذه المكينات الاعلامية والاموال الا ان مثل هذه المقالات للدكتور احمد صبحي والتي تميط اللثام عن كثير من الجوانب المخفية عن تاريخ هؤلاء الصحابة بمنهج علمي تاريخي موثق اصبحت تؤتي اكلها عند بعض المسلمين الذين ادركوا ان لا عصمة الا للانبياء وفقط في مجال الرسالة السماوية وان الصحابة بشر ومن الممكن ان يفعلوا مثل هذه الافعال ونحن لا نحكم ونؤكد هنا بل نحلل ونستنتج والله المستعان
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5118 |
اجمالي القراءات | : | 56,903,939 |
تعليقات له | : | 5,451 |
تعليقات عليه | : | 14,828 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
تدبر آيات 32 : 34 من سورة الشورى
جريمة الإبادة الجماعية بين ( إسرائيل ) والعرب والمحمديين
القاموس القرآنى : ( البشر والانسان )
( من مات قامت قيامته ) تلك الأُكذوبة السلفية الكافرة بالقرآن الكريم
دعوة للتبرع
البقرة 259 : قول الله تعالى في القرآ ن ..فأنظ ر الى طعامك...
البغى بغير الحق...: (قُلْ إِنَّ مَا حَرَّ مَ رَبِّ يَ ...
البكاء ممنوع: اود انا ان اقول انني مجب بمعظم ما كتبت يا...
الصلاة الفائتة : كنت لا أصلى ثم بقيت أصلى ، وكنت أؤمن...
الشذوذ من تالت: ( وَالل َّذَا نِ يَأْت ِيَان ِهَا ...
more
اسمح لى سيدى الدكتور ان انوه ان المقصود هو سعد بن عباده زعيم الخزرج وليس بن معاذ زعيم الأوس ... والسهو هنا مسموح به نظرا لغزارة ودقة ما تقوم سيادتك بتحليله فى هذه السلسلة من المقالات القيمة ... وبالمناسبة أحببت ان أقول ان سعد بن عبادة هذا الذى ظلم ظلما بينا رغم ما قام به لتثبت اقدام دولة الرسول فى يثرب فى أعقاب الهجرة وكان يضرب به المثل فى الكرم والجود ثم تعرض للاهمال والتهميش من قبل ابو بكر وعمر وباقى القرشيين فى احداث سقيفة بنى ساعدة مما دفعه الى أن يعتزل الحياة السياسية ويهجر بلده الي حران دون أن يبايع ابا بكر او عمر وبالرغم من ذلك أرسل له عمر المغيرة بن شعبة فقتله بسهم أصاب قلبه وعلق على ذلك ابن الخطاب بقوله ... ان سعدا قتله الجن ... وكان هذا الحدث أول اغتيال سياسي فى التاريخ الاسلامى. والغريب ان المغيرة بن شعبة هذا عندما كن عاملا لعمر على الكوفة كتب إليه يطلب منه الإذن بدخول غلام له اسمه فيروز، ويُكنى بأبي لؤلؤة الى المدينة لينتفع به المسلمون لأنه كان يتقن عدة صناعات فهو حداد ونجار ونقاش فوافق عمر... وكانت النهاية المعروفة.
تحياتى وتقديري