آحمد صبحي منصور Ýí 2017-01-29
من روعة النّبل فى الدعوة الاسلامية : مخاطبة الخير داخل الخصم
الاستاذ ناهد حداد ـ أكرمها الله جل وعلا ـ كتبت هذا التعليق على مقالين لى ، هما : ( ماذا تخسر مصر لو ألقت بشيوخ الأزهر الدواعش فى صفيحة الزبالة ؟ ) , ( مفهوم التعصب الدينى : عدم الاكراه فى الدين ) . ، قالت : ( والله انت على نياتك يادكتور : عايز أولي الأمر ال بيركبوا على رقاب الخلق باسم الدين يتنازلوا على احاديث الانصياع لاولي الامر حتى ولو قصموا ظهرك وأذلوك ! ازاي ؟ لن يستمعوا لأمثالنا لأن كلامنا ليس في مصلحتهم ، كان فلح السيسي ال لحد دلوقتي مش قادر يعمل زي اترامب ويقول ! مفيش طلاق شفوي ! وخلصنا ! ترانب عنصري ولكنه لا يداري وجهه ، أما العرب فهم يرقصون على الحبل ويركبون الأمواج ! لايهمهم الحق بل العوم مع التيار و يضاربون بالمبادئ حسب مصالحهم الشخصية ! ). مع الشكر لها ، أقول :
أولا :
1 ـ التبشير فى الاسلام يعتمد على ارضية من الخير موجودة داخل كل فرد . هى الفطرة النقية اتى يولد بها الطفل ويعيش الى ان تتغير تأثرا بالمجتمع المحيط به . عن هذه الفطرة قال جل وعلا : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (30) الروم ) . والله جل وعلا خاطب هذه الفطرة داخل كُفّار قريش حين أمر رسوله عليه السلام أن يقول لهم : ( قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (46) سبأ ). الموعظة هنا أن يقوموا ( لله ) جل وعلا كل إثنين مع بعضهما أو كل فرد مع نفسه ، أن يقوموا ( لله ) بمعنى أن ينفكروا فى موضوعية وشفافية وإخلاص وبتجرّد وبحث عن الحقيقة ، وأبتغاء مرضاة الله جل وعلا وهو الأعلم بما تخفى الصدور . وأن يسألوا أنفسهم هل صاحبهم ( محمد ) الذى صحبوه طيلة هذه السنين أصبح مجنونا فجأة حين تلا عليهم القرآن أم هو نذير لهم بين يدى عذاب شديد ؟!!
2 ـ وطبقا للإختبار والابتلاء ففى النفس قابلية للفجور تعادل قابليتها للتقوى ، والفرد منا هو الذى بإمكانه تغليب التقوى فتتزكى نفسه أو تغليب الفجور فتفسد نفسه ، قال جل وعلا : ( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) الشمس ) . وهذا الاختبار يعززه ما فى النفس من حرية إختيار . الفرد يملك أن ينهى النفس عن هواها وعن فجورها ، ويتمسك بهذا الى نهاية حياته ، وبهذا يستحق الجنة ، قال جل وعلا : (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) النازعات )، كما أنه يملك أن يتبع هواه وأن تأخذه وتتملكه غريزة الأنانية والشّح : (وَأُحْضِرَتْ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (128) النساء ) . والذى ينجو من مرض الشح بالاحسان والتقوى يكون يوم القيامة من المفلحين : (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (9) الحشر ، (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْراً لأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (16) التغابن ). ضحية مرض الشح يخسر نفسه يوم القيامة ، وهذا هو الخسران المبين (قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (15) لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنْ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ (16) الزمر ) (إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ (45) الشورى )
ثانيا :
1 ـ التبشير الاسلامى فى الوعظ يخاطب هذا الجانب الخيّر فى النفس البشرية .
تخيل داعية مسلما يعظ بآيات القرآن الكريم يثبت بها نفى شفاعة النبى محمد عليه السلام أو وجوب إجتناب القبر الرجسى المنسوب اليه أو تحريم تفضيله على الأنبياء السابقين أو تحريم التفريق بين الرسل .. تخيله وهو يتلو الآيات ويتدبرها فيتصدى له شخص بالشتم والتجريح ، فيرد عليه بأدب يعفو ويصفح . عندها سيخجل هذا الشخص من نفسه ويعتذر لأن الداعية المسلم خاطب جانب الخير فى هذا الشخص ، وهذا هو معنى قوله جل وعلا : (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) فصلت ).هذا حدث لى شخصيا مرات كثيرة وأنا فى مصر . كنت ضعيفا مستمرا فى الدعوة أتوقع الشّرّ من الناس ، وكان سلاحى هو مخاطبة نوازع الخير فيهم . وكنت أكسب دائما .
2 ـ أكبر خطر كان يتهددنى فى مصر هو الاستدعاء المستمر من ( أمن الدولة ) وأشهد حسب علمى ـ إنهم كانوا مُجبرين على إستدعائى بسبب ضغط الشيوخ عليهم . كانو ينصحوننى بالتوقف ، وكان بعضهم وبكل ما استطاعوا يوحون الى بأنهم يتعاطفون معى ، وهم يعرفون عنى كل صغيرة وكبيرة ، وأنه لا خطر منى على الاطلاق . بل فى البداية إقترحوا على الشيوخ عمل مناظرة بينى وبينهم فرفض الشيوخ . كنت أستغلُّ هذا الجانب الطيب فيهم لأحمى نفسى من شرّهم حتى يصمدوا لضغط الشيوخ الذين كان لا يهدأ لهم بال طالما أنا مستمر فى الدعوة .
3 ـ فيما بين 1980 : 1985 كنت الأمين العام لجماعة دعوة الحق الاسلامية ـ وكانت جمعية سنية معتدلة تنفق عليها السعودية لتحولها الى الوهابية ، وكنت الخطيب الأول فيها وقت إعارة مؤسسها د . سيد رزق الطويل فى السعودية ، وكنت نائب رئيس التحرير لمجلتها ( الهدى النبوى ) . وسرت فيها مسيرتى فى جامعة الأزهر وقتها فى نقد الأحاديث ، ولم أكن بعد قد وصلت الى إنكار السنّة بأكملها ، كنت أوافق على أى حديث لا يتعارض مع القرآن ــ وهى مرحلة وصل اليها كثيرون الآن ولا يزالون عالقين بها . دخلت فى مرحلة الاصطدام حين بدأت أهاجم البخارى علنا فى الأزهر وفى مساجد تلك الجمعة وأجهر بإنكار الشفاعة وإنكار العصمة للنبى وإنكار تفضيله على الأنبياء . هوجمت بقسوة فجعلت هذه الموضوعات ضمن المقررات فى مؤلفاتى الخمسة عام 1985 ، وكان الصدام الذى نتج عنه فصلى من الجامعة عام 1987. فى أحداث الجدل وقتها .
4 ـ كنت أخطب أول جمعة فى الشهر فى مسجد الجمعية فى مدينة طنطا حيث قبر السيد البدوى أكبر ولى صوفى مقدس فى مصر . وكان السنيون يحتفلون بقدومى بإعتبارهم أعداء الصوفية . ثم بعد أن دخلت فى الهجوم على البخارى إنقلبوا خصوما ألدّاء . بعد تركى الجمعية جاء وفد من المسجد هم يدعونى الى مناظرة مع السنيين المتشددين حول البخارى فى نفس المسجد فى طنطا . جاءتنى تحذيرات فلم أهتم . خرجت وأنا أُلقى نظرة وداع على أطفالى فقد لا أرجع لهم . وصلت طنطا ، وعندما إقتربت من المسجد فوجئت بجموع غفيرة محيطة بالمسجد حتى لقد ظننت أننى قد ضللت الطريق . لولا أن قابلنى بعض من أعرفهم وأحاط بى ، وأدخلونى الى المسجد فى حمايتهم . اذكر أنه كان يوم شم النسيم عام 1984 .!!. دخلت المسجد فوجدته مكتظا بوجوه كالحة غاضبة ، وفى مقدمة الصفوف يجلس أزهريون بالزى التقليدى ، عرفت فيما بعد أنهم أساتذة فى كلية أصول الدين فرع جامعة الأزهر فى طنطا ، وأنهم كانوا خلف التجهيز لهذا (الحفل ) . حين دخلت كان هناك خطيب يتكلم فى لعنى وتكفيرى . جلست أستمع اليه ، ثم تلاه آخر فآخر . وفى النهاية جاء دورى فتكلمت . قلت لهم إننى لا أفرض نفسى على أحد ولا أفرض معتقدى على أحد ، ولا آخذ أجرا من أحد ويشهد على هذا من يعرفنى هنا . وحين كنتُ مرحبا به كنت آجىء أتكلف عناء السفر من القاهرة الى طنطا متطوعا برغم التهديدات التى كنت أتلقاها من الصوفية أتباع السيد البدوى . وحين إختلف الأمر قاطعت المجىء الى هذا المسجد . وحين جاءتنى الدعوة للمناظرة قبلت . وقلت إن ما يرويه البخارى عن الشفاعة وغيرها يخالف القرآن ، وعليه فإما أن نختار الايمان بالقرآن أو الايمان بالبخارى .وقلت أن كتاب البخارى هو تأليف وتجميع البخارى ، وقلت إن البخارى بشر يخطىء ويصيب ، وأن العصمة هى لله جل وعلا وحده وللرسول فى تبليغ القرآن ، وأن من إعتقد العصمة بالبخارى فقد كفر بما أنزله الله جل وعلا . عندما قلت العبارة الأخيرة هاج الحضور ورأيت شخصا يحمل كرسيا يندفع نحوى يصرخ ، فقام أهل المسجد وحملونى سريعا الى حجرة داخلية ، وسمعت منها صراخا وسبابا وشتائم وأصوات هرج ومرج ، وكان واضحا أن الحاضرين إنقسموا قسمين . وهدأت الأصوات تدريجيا . وجاء أهل المسجد يعتذرون لى ، بينما خرج الشيوخ الأزهريون . طلبوا أن أستمر فى المحاضرة . كان الميكروفون ينقل ما يحدث الى الشوارع المحيطة بالمسجد . وكان المعترضون قد خرجوا وانتظروا حول المسجد . أكملت محاضرتى أستعرض فضائح البخارى مؤكدا أن من يحب الرسول عليه أن يتبرأ مما يفتريه عليه البخارى . كلما تكلمت جاء المزيد من الحضور من الخارح ، وجلسوا فى صمت ، يستمعون ووجوههم الى الأرض. حتى إمتلأ المسجد كما كان. كان يوما مشهودا . ولم أذهب الى طنطا بعدها .
5 ـ فيما بين 1985 : 1987 طوردت من مسجد الى مسجد ، والتفاصيل فى مقال ( التسامح الاسلامى بين مصر وأمريكا ). وحدث أن كنتّ أخطب الجمعة فى مسجد قيد الإنشاء على النيل فى منطقة الزمالك الراقية بالقاهرة . وكان الحاضرون من علية القوم . بعد الصلاة فوجئت برجل مهيب تجاوز الستين يقف يهاجمنى بقسوة . رددت عليه مبتسما هادئا بأننى أخطب بالقرآن ، ولا أفرض قولى على أحد . غادر المكان غاضبا . لحقه الشخص ـ الذى كان يبنى المسجد ويسترزق منه ـ يحاول إستعطافه ـ وبلا جدوى . فى الاسبوع التالى وبعد الخطبة والصلاة فوجئت بنفس الشخص يقف ويعتذر لى أمام الناس ، بل ويشيد بى . تعجبت ، فقال لى الشخص ـ الذى كان يبنى المسجد ويسترزق منه ــ إنه زار هذا الرجل وقدم له نسخة من بعض مؤلفاتى فقرآها ، وتغيرت نظرته لى . بعدها توطدت صداقة بينى وبين هذا الرجل . إنه الراحل المهندس محمد محمد خير الخطيب ، هو من أصل سورى ، وابن أخ الشيخ محب الدين الخطيب . والمهندس محمد خير الخطيب كان من علماء التصنيع الذرى فى مصر فى عهد عبد الناصر ، ثم اصبح من كبار رجال التصنيع . وهو يرحمه الله جل وعلا كان صاحب افضال علىّ وقت محنتى .
6 ـ فى هذا الوقت 1985 : 1987 كان المهندس الخطيب وآخرون لا يستريحون لشخص كان يلازمنى فى تنقلاتى ولا ينقطع عن زيارتى ، وأقنعنى أن يسجل لى محاضرات وسيقوم بتوزيعها . كان واضحا أنه مخبر أمن دولة . قيل لى هذا ، وتأكدت من هذا فإزددت تمسكا به ، لأنه لا شىء لدىّ أخفيه ، ثم بإستطاعتى أن أضمن ولاءه لى . وفعلا خاطبت الجانب الطيب فيه فأصبح مخلصا لى . وجاء وقت الاختبار . كنا مع أهل القرآن من قرية كمبيرة بالجيزة قد أقمنا مسجدا فى منطقة العجوزة الراقية بالقاهرة ، تبرع له المهندس الخطيب وغيره من أهل القرآن. وسميناه مسجد الفرقان . وأعد أمن الدولة خطة جعل السلفيين يستولون على المسجد ويطردوننا منه وأطلقوا عليه اسم ( مسجد الفرقان والسنة ) ولا يزال موجودا . وعكفت فى بيتى فى المطرية . ثم جاءنى وفد من أهل الحىّ الذى يقع فيه المسجد يطلب حضورى فى مناظرة مع السنيين . كان واضحا أنه (حفل ) مُعدُّ لإغتيالى بالطريقة المعروفة أن يثور هرج ومرج فى المسجد ، ويتم قتلى ويضيع دمى فى الزحام . وافقت على حضور المناظرة ، وكانت بعد العشاء . ألقيت ـ كالعادة ـ نظرة على أولادى وخرجت الى المجهول . وصحبنى صديقى ( المخبر ) وأخبرنى فى الطريق بأنها مكيدة ، وأنه كلف إبنه بحمايتى وزوده بجنزير من الحديد أخفاه تحت ملابسه وأوصاه بأن يقف الى جانبى ليحمينى . المخبر أخبر أهل القرآن من قرية كومبيرة أيضا بهذا فأتوا مستعدين بالسلاح ، بل وإستأجروا سيارة نقل وقفت قريبة من المسجد للتدخل دفاعا لو إعتدى السنيون علينا . دخلت المسجد فوجدته مكتظا باللحى والوجوه الغاضبة ، وشيخ أزهرى يخطب يلعن فينا . وتكلمت بالقرآن ورددت عليه نقطة نقطة . وفى لحظة وقف شاب بلحية حمراء وأخذ يصرخ ( ألله اكبر ) طالبا نُصرة رسول الله ، فانقلبت ساحة المسجد الى معركة . وسط الزحام تلقفنى المخبر وإبنه وخرجا بى من الباب الخلفى للمسجد ، وأركبانى تاكسيا ، وحدث أن إشارة المرور حتمت على سائق التاكسى الدوران حول الميدان الذى يقع فيه المسجد فكنت اسمع جلبة المعركة . ووصلت الى بيتى وأطفالى آمنا . هذا هو فضل هذا المخبر الذى كسبتّ قلبه فأنقذ حياتى . علمت بعدها أن الشجعان من القرآنيين أهل كومبيرة لم يحتاجوا الى دعم ( عسكرى ) من سيارة النقل . كان داخل المسجد بقايا حديد وأخشاب لأنه كان لا يزال تحت الإنشاء ، وقد أخفى أصحابى تلك الأدوات متسلحين بها ، وكانو الأعرف بالمسجد لأنهم كانوا من أسّسه وشيده . وحين إشتعلت المعركة إنقضوا على السنيين ضربا وطاردوهم خارج المسجد . وفى يوم السيت التالى طلعت جريدة (أخبار اليوم ) يوم السبت تزعم أن أهل الحى طاردوا منكرى السّنة فى المسجد الذى كان تابعا لهم . إنتقم أمن الدولة من القرآنيين من قرية كومبيرة فكان أغلب المعتقلين معى بعدها بحوالى شهر من أهل كومبيرة . تعرضوا للسجن مرتين ، معى عام 1987 ، ثم عام 2000 ، وبعضهم قضى عدة سنوات بتهمة إزدراء الدين . أكرمهم الله جل وعلا .
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5123 |
اجمالي القراءات | : | 57,057,523 |
تعليقات له | : | 5,452 |
تعليقات عليه | : | 14,828 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
الغزالى حُجّة الشيطان : ف 2 : الغزالى فى الإحياء يرفع التصوف فوق الاسلام ( 1 )
الغزالى حُجّة الشيطان ( 9) الغزالى والاسرائيليات ( جزء 2 )
دعوة للتبرع
سؤالان: 1 ـ قرأت لك مقال ( يا زبدة يا جواهر ) ومع انه...
المرض والشفاء : هل يوجد ما يسمي بمرض وراثي ’ وكيف ؟ومن خلال...
يسوع فى القرآن: لماذا لم يذكر اسم يسوع فى القرء ان ؟...
الايمان بالأحاديث: الأحا ديث التى توافق القرآ ن ؟ هل نؤمن بها ؟...
more
من أسف أنه لا توجد ثقافة للحوار و من أسف أن تطغى القوة فتسيطر على العقول إما باسكاتها و إما بجرها خلف فكر من يمتلك القوة ! ليس عيبا أن تختلف مع مفكر و ليس كفراً أن تجالسه و تستمع إليه و تناقشه فلا أحد يمتلك الكلمة الأخيرة في موضوع فكري هو مجرد فكر و المفكر يقف على أرضية صلبة لأن ما يقوله ليس نتيجة الصدفة أو قول لشخص آخر يدافع عنه بل هو نتاج بحث و للبحث أصوله .
أعجبني جدا موقف الراحل محمد محمد خير الخطيب فهو في البداية تصرف وفق ثقافته الرافضة تماما لما كان يعتقده و يؤمن به و لكنه أخذ وقتا لقرائه مؤلفات الدكتور أحمد ذلك الوقت هو من غيّر ثقافه محمد محمد خير الخطيب و أنا أعتقد أن جُل المسلمين لا سيما المتعصبين منهم و أصحاب القوة يحتاجون إلى ( وقتا ) ليقرأوا و لماذا لا يقرأوا و قد نزلت أول آية في القران العظيم ( اقرا ) .
ليس مطلوبا أن تؤمن بما قرأت بل المطلوب هو أن تقرا ففي القراءة توضيح و بيان لفكر المفكر فمن أسف أن أغلب الناس الرافضين لفكر ( أهل القران ) لم يقرأوا لفكر الدكتور أحمد و إنما سمعوا من يتحدث عن الدكتور أحمد ! اي هي فكرة سماعية نشأت و أسست لدين سماعي ! و ذلك الدين السماعي ( عن فلان عن فلان عن فلان ) أوجد ثقافة هي الثقافة السماعية !! متناسية ثقافة ( اقرا ) فالقران يخاطب الانسان و يأمره بأن يقرأ و يتدبر حتى في حالة الإستماع فللاستماع ثقافة كذلك هي أن تستمع و تحاور و لكن لكي تحاور لا بد تأسيس ثقافة للحوار .
لا أعتقد أن فكرة المناظرات صائبة في ظل عدم وجود ثقافة للحوار و كم من المفكرين فقدوا حياتهم بعد تلك المناظرات و الحمد لله أن نجى الدكتور أحمد منها و الرحمة و المغفرة نطلبها لمن ذهب شهيدا – إن شاء الله – مناضلا لفكره .
إذا هي ثقافة الحوار التي نفتقدها و هي من جعلت لمن يملك القوة أن يسود و دائما و عبر التأريخ فإن الصراع بين السيف و القلم فالانتصار للقلم .
قلمك يا دكتور أحمد و ما خطه من كتب و مؤلفات أسس لثقافة كانت و مازالت منسية و هي كيف نتدبر القران و من خلال التدبر ستسقط جبالا من الثقافة السماعية !!