آحمد صبحي منصور Ýí 2016-06-16
ملعون أبو الوطن .. الذى يملكه المستبد .!
أولا : الضحك ألما .!!
1 ــ أضحكنى الى درجة الألم عنوان كتبته إعلامية سعودية عن ( القومية السعودية ) أو قوميتها السعودية . المسكينة نسيت تاريخ قومها وقبيلتها ونسبت نفسها وبقية السكان فى تلك المملكة الى القومية السعودية ، أى أصبحت الأسرة السعودية بعدد أفرادها هم القومية للسكان ، أى إن القومية السعودية كالقومية العربية والقومية التركية والقومية الكردية والقومية الأمازيغية . هو نفس الهراء الذى يجعل الدولة السعودية هى الشقيقية الكبرى لمصر . مصر أقدم دولة باقية من بداية التاريخ ، والتى تحتوى على عمارات حديثة ومتاجر حديثة مثل ( عمر أفندى ) ( شيكوريل ) و ( صيدناوى ) أقدم عمرا من تلك الدولة السعودية المُنشأة عام 1932 .
2 ـ ويضحكنى الى حد الألم أن يتغنى بعض سكان تلك المملكة عن ( الوطن ) وهو وطن مملوك للأسرة السعودية التى تسترق السكان بحق الفتح وحُكم السيف كما قال مؤسس تلك الدولة عبد العزيز آل سعود.
3 ـ ويضحكنى الى درجة الألم تغنى السكان بحب الوطن والحماس فى الدفاع عنه ـ فى بلد يتحكم فيه مستبد ، يجعل نفسه هو الوطن ، وهو مالك الوطن ومن يعيش على أرضه ، وهو يتعامل بمنطق الملكية المطلقة فى الوطن ترابه ومائه ، ولا يتصور أحدا يناقشه فيما يقرر .
4 ـ على سبيل المثال : ذلك الضابط الذى يتملك مصر الآن قد إرتفع صوته محتجا فى مؤتمر عالمى مع الرئيس الفرنسى ، السبب أن الرئيس الفرنسى اشار الى حقوق الانسان ( المصرى ) فإستشاط الضابط الحاكم محتجا بأن معايير حقوق الانسان الغربى لا يمكن تطبيقها فى مصر ، أى ليس فى مصر بشر وإنسان ، بل مواشى . ومن حقه تعذيبهم متى شاء ، وقتلهم إذا أراد .هذه نظرته للمصريين !. هذا الضابط الذي يتملك مصر وسكانها قد تبرع أو تنازل أو باع جزيريتين مصريتين لأسياده آل سعود فلما نوقش فى هذا أعلن قفل باب النقاش لأنه موضوع منتهى . يتنازل ويوقع إتفاقات دولية يبيع فيها أجزاء من الوطن بكل بساطة ، يستدين بالمليارات من روسيا فى شراء مفاعل نووى ، دون أن يملك أحد مساءلته لأنه هو مالك الوطن ، أو لأنه هو الوطن ، لذا أعلن أنه لو إستطاع أن يبيع نفسه لباعها . منطق الاسترقاق ، حتى فى الاستظراف والمبالغات الهزلية . ولأنه يملك الوطن ومن يعيش فيه فلا يتصور أن يعترض عليه أحد ممن يملكهم ويتحكم فيهم ويملك قتلهم وتعذيبهم . ببساطة يطلق عليهم كلابه البوليسية تنهش لحومهم وكلابه الاعلامية تنهش أعراضهم وكلابه القضائية تسجنهم وكلابه السلفية والأزهرية تحكم بكفرهم . إ
5 ـ المستبد مالك الوطن وسكان الوطن ذا ثار عليه شعبه ضربهم بكل ما يستطيع من قوة ، وبكل قسوة . أمر حسنى مبارك الجيش بضرب مئات الألوف من المتظاهرين فى التحرير ، أى يريد مذبحة مشابهة للمذبحة الصينية فى ميدان السماوى فى بكين فى أول يونية عام 1989 . ولولا تدخل أمريكا لحدثت مأساة .. !! . صدام حسين أقام مذابح للشيعة والأكراد واستعمل الغازات السامة فى حلبجة ، واتبع اسلوب العقاب الجماعى فى الانفال وغيرها . حافظ الأسد ارتكب مذابح حلب وحماة وضرب السكان المدنيين بالطائرات واحرقهم بالدبابات ، وابنه بشار لا يزال يضرب شعبه بالبراميل المتفجرة ، والقذافى هل نسينا ما فعله بالشعب الليبى ؟ .
6 ـ المستبد شعاره (أنا الدولة ، أنا الوطن ) لذا يقوم هو بتدمير الدولة والوطن إذا ثار عليه الناس . وفى الاحوال العادية يستمتع بتعذيب الناس فى سلخانات سجونه ، فإذا ثاروا عليه أصبح شعاره : ( إما أن نحكمكم وإما أن نقتلكم )!
ثانيا : أى وطن هذا ؟!
1 ـ أى وطن هذا الذى يملكه فرد واحد ، ويتحكم فى مقدراته وسكانه ، يقول ما يشاء ويفعل ما يشاء ويأمر الشعب بالتهليل له ؟!
2 ـ هذا الوطن ليس سوى سجن للاحرار ، يدعون ربهم جل وعلا (يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً (75) النساء ) وإذا تخيل فى أحلام اليقظة خروجه منها قال ( رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107) المؤمنون ) ،والمؤمنون من أحرار مصر التى يتحكم فيها الفراعنة يقول أحدهم يدعو ربه جل وعلا (وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11) التحريم )، وإذا قُدّر لأحدهم الخروج منها قال لنفسه مبتهجا (نَجَوْتَ مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25) القصص ) وحمد الله جل وعلا وقال (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (28) المؤمنون ).
3 ـ لا يمكن أن يكون وطنا على الاطلاق هذا الوطن الذى يفرّ منه سكانه حتى لو غرقوا فى البحر المتوسط.
ثالثا : ما هو الوطن ؟
1 ـ الوطن ليس مجرد مكان ، أو مساحة من الأرض تتغنى بسمائه وأمجاده التى هى أمجاد الفراعنة والجبابرة ومصاصى الدماء . الوطن هو البشر الذين يعيشون فى هذا المكان وتلك المساحة من الأرض ، وهم يعيشون فى وطنهم هذا متمتعين بالعدل والمساواة المطلقة فى الحقوق والواجبات ، بحيث يتقسّم الوطن بالتساوى على عدد أفراده ، فمثلا ، إذا كان عدد سكان مصر 90 مليونا فإن كل فرد مصرى هو واحد على 90 مليونا من الوطن المصرى ، بغض النظر عن كون هذا الفرد ، ذكرا أو انثى ، غنيا أو فقيرا ، مسلما أو قبطيا ، من وجه بحرى أو من الصعيد أو من سيناء أو الواحات أو النوبة أو القاهرة . هم جميعا يملكون الوطن بتلك المساوة المطلقة ، ولكل منهم نصيبه حسب تكافؤ الفرص ، مع الكفالة الاجتماعية للفقراء والمحتاجين والمُعاقين. هذا هو الوطن .
2 ــ هذا الوطن يمتلك ( المواطنون ) فيه حق إختيار الحكومة والمجالس النيابية بالانتخاب الحُرّ النزيه ، ويمتلك فيه المواطنون حق محاسبة ومحاكمة المسئولين ، وربما ينتهى بهم الأمر الى السجن .
3 ـ فى دولة المستبد ، تقوم قوانين الاستبداد بتحصين الذات المقدسة للمستبد من النقد ، ويشمل هذا كل المؤسسات التابعة له ، بل وتُصاغ القوانين العقابية بأسلوب مطاط وهُلامى ومُبهم يقبل شتى التفسيرات ، حتى يمكن تطبيقه على من يريد المستبد عقابهم ، حتى لو لم ينطقوا ببنت شفة .! العكس فى الوطن الحُر . فى وطن الأحرار يكون من حق أى ( مواطن ) أن يقول ما يشاء سبّا وتقريعا فى رئيس الدولة ، أما لو فعل نفس الشىء مع مواطن عادى يُحال الى المحاكمة . الفرق أن المواطن العادى مغمور له خصوصيته ، أما الرئيس فقد دخل العمل العام متميزا على غيره وبقرارات قد تؤثر على غيره ، فمن حق هذا الغير أن ينتقده كيف شاء .
رابعا : أين يوجد هذا الوطن الحُر ؟ اين يوجد وطن الأحرار ؟
1 ـ لن نقول الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأوربا واليابان واستراليا . هذا معروف ومشهور .
2 ـ ولكن نقول إسرائيل ، حيث يتمتع الفرد العربى فيها الحاصل على الجنسية الاسرائلية بحقوق يتمناها الفلسطينى فى الضفة والقطاع ، والمصرى فى القاهرة والايرانى فى أيران و أى مواطن عربى فى دولة المستبد العربى والشرقى . بهذا يتفانى الاسرائيلى فى حماية بلده لأنها ( بلده ) ويسارع بالدفاع عن وطنه لأنه ( وطنه ) . هو يملك جزءا من هذا الوطن وتلك البلد ، وهو يدافع عن البلد كلها والوطن كله لأنه المظلة التى تؤويه والقلب الذى يحتويه . إسرائيل بملايينها الخمس هزمت العرب ، ولا يزال جيشها حتى الآن فى حرب مستمرة منذ إنشائها سواء فى الداخل أو الخارج ، ولم تقم بفرض قانون الطوارىء ، ولم تكن مشاغلها الحربية والأمنية عائقا لها عن التقدم والاختراع والتفوق فى التعليم وفى التصنيع وفى الانتاج والتسويق . هذا بينما لا يفلح المستبد الشرقى إلا فى الانتصار على شعبه أو على مستبد آخر .
3 ـ هل ترون ما تفعله حماس ؟ لا يضارع حرص القيادة الاسرائيلية على حياة مواطنيها إلا حرص حماس على تعرض مواطنيها للخطر ، تتخذ منهم متاريس تترس بهم ، تقوم بعمل إرهابى تُرغم اسرائيل على الرد الدفاعى ، وتحاول لو إسرائيل ما إستطاعت تفادى قتل المدنيين فى القطاع المكتظ بالسكان ، ويسقط قتلى مدنيين فيتحقق أمل حماس فى الدعاية ضد إسرائيل ، وتتسول البلايين من الخليج بحجة الإعمار ، وتدخل البلايين الى جيوب قادة حماس التى لا قاع لها . حماس تملك الوطن ( غزة ) وتملك سكان غزة وتتاجر بدمائهم ، وتقتلهم فى محاكمات صورية على أرصفة الشوارع ، وتمارس الحكم ورجالها ملثمون فى غزة شأن العصابات التى تسطو على البنوك .!
4 ـ هل ترون ما يسرقه (عباس ) ؟.!! هل يعرف أحد الثروة البليونية لعباس أو لابنه رجل الأعمال ؟ أين هذا من إستقالة اسحاق رابين عندما إكتشفوا أن لزوجته حسابا فرديا فى بنك أمريكى ؟ اين هذا من مساءلة بعض رؤساء الوزارت الاسرائيلية فى بعض مخالفات مالية ؟ الفارق ان عباس ـ الجاثم فوق صدر الفلسطينيين فى الضفة بحكم الأمر الواقع ــ يرى ــ مثل سلفه ياسر عرفات ـ أنه صاحب الثروة ، وأنه لا فارق بين ثروة الفلسطينيين وثروته الشخصية ، لكل منهما جيب خاص فى سترته ..
خامسا : والغريب أنّ :
3 ـ والغريب أن تتجاور أوطان الاستبداد مع أوطان الحرية . إسرائيل تجاور أوطان الاستبداد ، ولو أتيح للمصريين والسوريين والأردنيين واللبنانيين وبقية العرب الهجرة لاسرائيل لآتوها من كل حدب وصوب .
4 ـ الغريب حين تقارن بين أمريكا والمكسيك . كانت المكسيك تتبعها تكساس واريزونا ونيو مكيسكو وكاليفورينا ، ثم إستولت عليها أمريكا بطرق مختلفة . تلك الولايات لو ظلت مكسيكسة حتى الآن ستكون مجرد تلال وتخلف شأن بقية الولايات المكسيكية . جنوب الولايات المتحدة هو إمتداد للمكسيك ، وشمال المكسيك لا يختلف عن جنوب الولايات المتحدة جغرافيا . ولكن الفارق فى نظام الحكم . فى الولايات المتحدة وطن للجميع وشعارها ( العدل للجميع ) والعكس فى المكسيك ، لذا لا تزال المكسيك تعايش الفساد والاستبداد ، مع أنها أفضل مائة مرة من دول الشرق الأوسط .
5 ـ استولت اسبانيا على سبتة ومليلة من المغرب ، وفى زمن الجاهلية العربية والحقبة الناصرية وشعار ( الاستقلال التام أو الموت الزؤام ) كانت المناداة بعودة سبتة ومليلة الى الوطن الأم ( المغرب ). الآن يعيش المغاربة فى سبتة ومليلة أفضل حالا من بقية المغاربة فى المغرب ، والذين يحاولون ما استطاعوا الهجرة الى سبتة ومليلة الأسبانية .!
أخيرا : همسة فى أُذن الانسان الشرقى :
قبل أن تقول ( وطنى ) إسأل نفسك وواجهها بصدق : هل هو فعلا وطنك أم وطن اسيادك ؟
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5123 |
اجمالي القراءات | : | 57,054,818 |
تعليقات له | : | 5,452 |
تعليقات عليه | : | 14,828 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
الغزالى حُجّة الشيطان : ف 2 : الغزالى فى الإحياء يرفع التصوف فوق الاسلام ( 1 )
الغزالى حُجّة الشيطان ( 9) الغزالى والاسرائيليات ( جزء 2 )
دعوة للتبرع
طعام الشيعة والسنة : اريد ان اعرف حكم ذبائح وطعام اهل السنة...
بين الغضب والابتلاء: كيف أفهم الفرق بين الابت لاء الشدي د ...
صيام التطوع: ماهو راءيک به نسبه آراء ونطرا ت دکتر علي...
سليمان وسبأ من تاتى : يعني حسب مقالة عمر علي محمد "قصة سليما ن" فأن...
تجارة العملة باليمن : هل يجوز التجا ره بالعم له الصعب ه خصوصا...
more
ويتطلب هذا عقد نماذج للمقارنة بين حال العرب والمسلمين وحال الغرب والاسرائيليين . حتى البترول الذى إكتشفه الغرب فى بلاد العرب ، وإستغله الغرب فى بلاد العرب ، وأكتنز العرب ثروتهم البترولية فى بلاد الغرب ـ هذا البترول إزداد به العرب تخلفا بالمعيار الأخلاقى ، يكفى أن الأخبار السيئة فى العالم تأتى منهم ، يكفى انهم أصبحوا المشكلة الأولى للمجتمع الدولى . لماذا .. لأن أفرادا هم الذين يحكمون العرب والمسلمين . ولأن بليونا ونصف بليون مسلم مجرد أصفار على الشمال ..
الوطن الحقيقى الخالد هو فى الآخرة ، إما أن يكون وطنك الجنة ( حسنت مستقرا ومقاما ) أو يكون وطنك النار ( ساءت مستقرا ومقاما ) . ولمن لا وطن له فى الدنيا عليه أن يعمل صالحا بقلب سليم لينال وطنا خالدا فى الجنة .
ومن أسف أن اصحاب الديانات الأرضية من المسلمين لا وطن لهم فى الدنيا وينتظرهم وطن جهنم فى الآخرة ..
ولهذا نعظ ..لعلّ ..وعسى .!