وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ
وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ
د.عبدالرزاق منصور على
هذا البحث الرائع الجديد- القديم- للدكتور عثمان عن قضية خلق المسيح كان بمثابة النفحة (وليس النفخة) التى استفزت عقلى لقدح زناد الفكر لإعادة التامل فى هذه القضيه الشائكه التى ضل بسببها مئات بل الاف الملايين على مدار التاريخ , وكيف كانت سببا فى اشعال حروب شتى فكريه وفلسفيه وادت الى مواجهات حربيه بين الجيوش تاره والمدنيين تاره وحتى بين الجيران فى الوطن والسكن وربما بين الاخ واخيه. اعلم انه لايمكن حل هذه المعضله الازليه الفكريه ببعض المقالات ولكن ربما تكون خطوه على الطريق!. والان نبدأ بقراءة الايات الكريمه التى تتناول الروح والنفخ وخلق المسيح عيسى بن مريم -عليه السلام, والالتباس حول نسبه.
أولا : ( روحنا ) هو رسول و ليس الله- تقدس و تعالى- لقوله في نفس الآية ( فأرسلنا ) . و المرسِل ليس المرسَل . و هذا يقتضي المغايرة . فهل يصح أن الله يرسل نفسه ؟
ثانيا : دلالة ثانية على ان ( روحنا ) هو جبريل الملاك و ليس الله قول الملاك بعد هذه الآية ( قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً ) [مريم : 19] . فهو رسول الرب و ليس الرب و لو كان الرب لقال انا ربك لا انا رسول ربك . و هو لفظ يقتضي المغايرة والاختلاف بين الله تعالى و رسوله جبريل والملائكه.
و قد سمي جبريل روحا في القرآن كثيرا دون نسبته إلى الله ليتضح أن الإضافة هنا للتشريف
- يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفّاً لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً [النبأ : 38] فالروح و هو جبريل يقف صفا مع الملائكة.( تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ .المعارج : 4 ) ويسمى أيضا الوحي روحا لأنه حياة القلوب (رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ غافر : 15 ). أي وحي الله
- (يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ النحل : 2)
ثالثا: أن الله تعالى نفخ في آدم من روحه (ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ ) [السجدة : 9]
وبالنظر والتدبر فى هذه الايات نلاحظ ان كلمة الروح تعنى الوحى او الامر المرسل من الله تعالى وفى بعض الاحيان تطلق الروح على حاملها اى جبريل او الملائكه قال تعالى " ُينَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ" [النحل : 2].
وبعد استعراض الايات التى تكشف عن معنى الروح دعونى انتقل الى منظومة خلق الانسان وبالتحديد خلق السيد المسيح.
واذا اخذنا عملية خلق الجنين من بويضة الام كمثال فان التخليق يتكون من جزئين مكملين لبعضهما البعض:
1-الجزء المادى الملموس والذى يشمل مراحل تكوين الجنين بدايه من البويضه الملقحه( الزيجوت) حتى تشكيل اعضاء الجنين.
2-الجزء الغير مادى والذى لايخضع للبحث العلمى ( على الاقل الان) والذى يشمل نفخ الروح او اعطاء اشارة بدء الحياه فى هذا الجنين الناشئ.
اذا حاولنا ان نطبق خلاصة التجارب العلميه الحديثه على مشكلة خلق السيد المسيح وتكوينه فى بطن امه مريم المطهره نجد انه يمكن للبويضه ان تستحث معمليا لتواصل انقسامها وتكوين جنين سليم دون الحاجه للحيوان المنوى بمعنى ان البويضه يمكن استفزازها فى مراحلها المبكره قبل بداية الانقسام الميوزى( او الاختزالى) فى الوقت الذى يكون عدد كروموسوماتها 46 اى قبل دخولها الجزء الثانى من الانقسام الميوزى الذى يتميز باختزال عدد الكروموسوات الى23 بدلا من 46. وبالتالى يمكن القول علميا ان السيده العذراء يمكن ان تلد المسيح بدون زوج ذكر وذلك اذا تهيات الظروف المواتيه لتحفيز بويضاتها على الانقسام كما ذكرنا انفا. وتاسيسا على هذا يمكن استيعاب وفهم الجزء الاول او المادى من المشكله. وقد كان هذا يعتبر معجزه بمقاييس العصر الذى وجد فيه المسيح اما فى عصور التقدم العلمى والاحاطه بقوانين ونواميس الخلق والكون تتحول المعجزه الى ما يطلق عليه بالظواهر العلميه الطبيعيه. ويمكن تصورهذا اذا افترضنا مثلا انه تم العثور على هاتف نقال فى العصرالاموى اوالعباسى مثلا فماذا نتوقع من ردود افعال الناس فى تلك العصور! اعتقد ان ردود الافعال ستتوزع بين من يقول ان هذا المخلوق الغريب ماهو الا جن واخر يدعى انه معجزه نزلت من السماء واخر يهرب خوفا اما الارهابيون الاوائل من السلف والتلف فى تلك العصورفسيقومون باستغلاله لارهاب الاخرين بتأليف واصطناع عشرات الاحاديث ونسبها زورا للرسول عليه السلام .
والحقيقه انه لو استطعنا العثورعلى رفات العذراء والمسيح وقمنا بتحليل الحامض النووى للعذراء وابنها لنكتشف تطابقا بنسبة مائه بالمائه فى الخريطه الجينيه لكل منهما.وبذلك يمكن حل هذه المشكله الازليه الجدليه. ولا اريد ان يكون هذا البحث العلمى وسيله لبعض المشبوهات ان تدعى انها حملت بدون معاشره جنسيه مثلها مثل السيده مريم!. نعاود التامل فى الجزء الثانى او الغير مادى ونحاول اعادة استقراء الايات السابقه لنرى ان عملية النفخ ليست بالعمل المادى كما يفهم من اللفظ بل هى اشاره الى انها عمليه اشعاعات وموجات ربما تكون كهرومغناطيسيه اوكونيه او غيرها وتتميز بترددات عاليه, اذن هى اقرب الى الايحاء والالهام او التنويم المغناطيسى او التيليباثى (Telepathy) الذى يعتبر من ادوات وادبيات ( الميتافيزيقا),اى الروح او النفس. ونستشف ذلك من بعض الايات التى تشير الى النفخ اذ تذكر ان النفخ فى العضو التناسلى او الفرج مره, ومره اخرى ياتى النفخ فى الجسم ايضا. (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ ) [الأنبياء : 91]
"وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِين " التحريم 12 .اذن النفخ ليس ماديا.
لنفهم لماذا ذكر النفخ مره فنفخنا (فيها) ومره فنفخنا (فيه), لابد ان نلقى بعض الضوء على عملية تكوين البويضه والنظام الهرمونى الذى يحكمها. اذ يبدا تكوين البويضات بمجرد وصول الاشارات العصبيه والهرمونيه من المخ اوجزء منه ( الهيبوثالامس) والذى يتاثر بدوره بالبيئه المحيطه والظروف الجويه والنفسيه الاخرى التى تتفاعل مع المخ ليتمخض فى النهايه الى اصدار الامر بافراز هرمون (GnHRH)
والذى يؤدى الى افراز الهرمونات المباشره لبدء التبويض والاخرى المساعده له. ومن هنا كان التعبير بكلمة نفخنا فيها اى اعطاء شحنات وطاقه نفسيه للعقل للتهيئة لعملية التبويض. اما قوله تعالى فنفخنا فيه ( اى الفرج) فهى امداد الطاقه الموضعيه لاتمام عملية تخصيب وانقسام البويضه داخل الرحم وصدق الله العظيم فى قوله
"إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۖ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ ۚ انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ ۚ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ۘ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا.المائده 171.
اجمالي القراءات
8991
شكرا للدكتور عبدالرزاق منصور - على هذا المقال العلمى الرائع ،وعلى إثراء مجموعة مقالات ((وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِين))...
اما بخصوص الجانب الغيبى فى الموضوع وهو (نفخ النفس ) عند الإنسان عموما . فتعكف بعض مراكز الأبحاث حاليا للبحث فى كيفية (إحياء الموتى وإعادتهم للحياة مرة أخرى )). وانا مُقتنع ان هذا لن يحدث لأنهم سيتعاملون مع شىء غيبى من خصوصيات المولى عزّوجل الذى يُحى ويميت وحده سبحانه ...وأن ما حدث مع عيسى من إحياء للموتى ، او الرجل الذى مات 100عام وأحياه الله . او قتيل بنى اسرئيل .وقصة البقرة ،فكان هذا كله بإذن الله ،وبأمر مباشر بإحياء الموتى ...