آحمد صبحي منصور Ýí 2016-05-05
مقدمة
جاءتنى اسئلة عن موقف سليمان عليه السلام من ملكة سبأ ، وقوله : (فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (37) النمل ) ، وهذا يعنى الاعتداء ، وهذا يخالف تشريع رب العزة بعدم الاعتداء . وقد أجبت على السؤال من عشر سنوات تقريبا ، ولكن تكرار التساؤل يدفع الى كتابة هذا المقال عن القتال فى قصص الأمم السابقة ، لنفهم منه موضوع سليمان عليه السلام ، وأقول :
أولا : التشريع لا يؤخذ من القصص القرآنى لأنّه للعبرة والعظة والهداية.
1 ـ ولأنه للعظة والهداية فهو لا يخلو من أسلوي المجاز كقوله جل وعلا : ( فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ )(77) الكهف ) ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنْ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصْ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176)الاعراف). والتشريعات القرآنية لا تأتى بأسلوب المجاز بل بالاسلوب العلمى التقريرى المحدد ، وهذا هو المتبع حتى الآن فى صياغة القوانين فى الدول الديمقراطية ( عكس دول المستبد الشرقى حيث العبارات الضخمة المطاطة والهلامية التى يفسرها أعوان المستبد على هواهم ) . أسلوب التشريع القرآنى يأتى بالأمر والنهى بكلام محدد واضح ، وفيه التفصيل وفيه الإستثناء ، كما هو الحال فى تشريع المحرمات فى الزواج ( النساء 23 : 24 ) والمحرمات فى الطعام ( البقرة 173 ، المائدة 3 ، النحل 115 ، الانعام 145 ) والوصايا العشر ( الانعام 151 : 153 ).
2 ـ ولأنه للعظة والهداية فليس الاهتمام فى القصص القرآنى بذكر أسماء الأشخاص ولا زمانهم ولا مكانهم ولا ترتيب للحوادث . والقصص اقرآنى لا يذكر كل أحداث القصّة ،بل تظل هناك فجوات بين الأحداث . وهذا عكس المنهج فى التاريخ ، الذى يذكر أحداث الموضوع كلها مرتبة ، وبأسماء أبطال الأحداث وزمانها . ينطبق هذا على قصة سليمان مع ملكة سبأ ، فهناك أحداث مجهولة لنا ليست مذكورة فى سياق تلك القصة القرآنية ،وبالتالى فإن الاجابة على هذا التساؤل لا تأتى من القصص القرآنى بشأنها ، ولكن من التشريع القرآنى ، والذى هو فى قواعده العامة قد نزل من قبل فى كل الرسالات السماوية ، إذ جاء القرآن الكريم مصدقا لما سبقه من كتب سماوية:( نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ )(3) آل عمران).
ثانيا : تشريعات القتال فى سبيل الله جل وعلا فى الرسالات السماوية لإقامة القسط
1 ـ ( أن يقوم الناس بالقسط ) أو ( إقامة الناس للعدل ) يعنى أن (العدل / القسط ) مقصد وهدف ، ومن أجل تحقيقه أرسل الله جل وعلا الرسل وأنزل الرسالات السماوية ، وجاء هذا فى قوله جل وعلا : ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (25) الحديد ). أنزل الله جل وعلا للناس شيئين ( الرسالات السماوية ، والحديد ). الرسالة السماوية للدعوة للقسط ولأن يقوم الناس متعاونين فى إقامة القسط والعدل ومنع الظلم ، إن لم يتحقق هذا فالسبيل الآخر هو القوة المسلحة بالحديد ، قتالا فى سبيل الله جل وعلا وإقامة للقسط الذى هو مقصد أساس لكل الرسالات السماوية . وهنا فالذى يقوم بإقامة القسط سواء بالدعوة الاصلاحية السلمية ، أو أن يضطر للقتال دفاعا ـ إنما ينصر الله جل وعلا وينصر رسله ورسالاته: (وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ).
2 ــ والمستبد الظالم الذى أسّس سلطانه على البغى والجور لا يمكن أن يتنازل عن سلطانه طوعا ولا يمكن أن يتراجع عن ظلمه ورعا ، بل يضرب بكل قوته دُعاة الحق والعدل المُسالمين، ويضطرهم الى الهرب أو الصمت أو الهجرة فرارا بأنفسهم ، ثم قد يتعقبهم بعد هجرتهم ، وبالتالى يتحتم على الناس ( الشعب ) إستخدام ( الحديد ) دفاعا ، وقتالا فى سبيل الله جل وعلا ونُصرة لدينه وإقامة للقسط .
3 ـ ثم إن هذا المستبد الظالم يؤكد ظلمه وإستبداده بدين أرضى يفرضه على الناس ، ويستخدم أحقر البشر ــ أئمة هذا الدين الأرضى ـ ليستعبد بهم الناس ، ولكى يسوغوا أستبداده فى قلوب الناس.
4 ـ ثم إنه باستمرار إستبداده يقتل أشرف ما فى قلوب الناس ، يقتل فيهم العزة والكرامة ، ويجعل الرضى بالذُّل دينا ، يُفسد بأعوانه ( من رجال الدين ورجال الاعلام ) عقول الناس ، ويؤسس فيهم ثقافة العبيد والرضى بالقهر والاستسلام للبغى والظلم .
5 ــ الخطورة ( المُعتادة ) أن يستخدم فريق من الناس الثورة على الظالم ليزيحه ثم يجلس مكانه يعيد مسيرة الاستبداد والظلم بما يستوجب ثورة أخرى . ولهذا كان رب العزة جل وعلا واضحا فى كلامه ، محددا لمعنى القتال فى سبيله جل وعلا بأن ( يقوم الناس بالقسط ) ، أى أن يهب الناس جميعا بتأسيس القسط ، وما يعنيه من إقامة نظام عادل ديمقراطى بدولة يملكها الناس جميعا أوالأفراد جميعا على قدم المساوة ، يتمتعون فيها بالحرية المطلقة فى العقيدة والعبادات، وبالعدل السياسى والقضائى والاجتماعى . فلا بد من ( وعى ) يجمعهم لتحقيق هذا الهدف ، ويحشدهم من أجله،حتى لا تتكررالثورات والثورات المضادة ، وما يعنى هذا من حمامات دم لا داعى لها ولا آخر لها .
ثالثا : القتال فى سبيل الله جل وعلا فى قصص الأنبياء السابقين
1 ـ ومعنى أن الرسالات السماوية السابقة قد نزلت لتأسيس القسط ولمقاومة الظلم أنه كان هناك قتال فى سبيل الله جل وعلا ـ قبل الرسالة السماوية الخاتمة ـ القرآن الكريم . وهذا ما جاءت الاشارة اليه فى قصص القرآن الكريم فى سياق الدعوة للجهاد والقتال الدفاعى الاسلامى .
2 ـ يقول جل وعلا فى الحضّ على القتال فى سبيله جل وعلا : ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214) البقرة ). أى هناك رُسُل سابقون ومعهم مؤمنون مستهم البأساء والضراء وزلزلوا وهم يُقاتلون دفاعا ، ويرجون ويتعجلون نصر الله جل وعلا ، وصبروا حتى جاءهم النصر .
3 ـ ويقول جل وعلا فى الحضّ على القتال فى سبيله جل وعلا يخاطب المؤمنين بالقرآن الكريم فى عهد النبوة ـ وحتى الآن ـ ( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمْ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111) التوبة ). والآية الكريمة واضحة فى تأكيد أنّ : هناك عقد بين الله جل وعلا والمؤمنين ـ عقد بيع وشراء ـ أن يبيعوا لرب العزة جل وعلا أنفسهم جهادا وقتالا فى سبيله جل وعلا ـ وسبيله جل وعلا هو إقامة القسط الذى نزلت به كل الرسالات الالهية من رب العزة جل وعلا ـ ومقابل هذا البيع فالله جل وعلا يعدهم بالجنة ، والله جل وعلا لا يخلف الميعاد . هذه هى الحقيقة الأولى. الحقيقة الأخرى أن هذا العقد سبق نزوله قبل القرآن الكريم فى التوراة والانجيل .
ونعيد التذكير بأن هذا المستبد الظالم هو بظلمه وبغيه ليس فقط يظلم الناس ولكن يظلم رب الناس ، لأنه يؤكد ظلمه وإستبداده بدين أرضى يفرضه على الناس ، ويستخدم أحقر البشر ــ أئمة هذا الدين الأرضى ـ ليستعبد بهم الناس ، ولكى يسوغوا أستبداده فى قلوب الناس . وهو جاثم على صدور الناس بقهره وبغيه ولا يمكن أن ينزاح عنهم إلا بقوة السلاح والاقتتال ، وهنا يكون العهد والعقد بين رب العزة جل وعلا والمؤمنين الساعين لاقامة القسط ، الذين (يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ). ومصيرهم الجنة . و( مهر الجنة ) غال ولا يدخلها من هبّ ودبّ ، يقول جل وعلا : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142) آل عمران ).
4 ـ ويقول جل وعلا فى الحضّ على القتال فى سبيله جل وعلا يخاطب المؤمنين بالقرآن الكريم فى عهد النبوة ـ وحتى الآن ـ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ (13) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (14) الصف ) .
هو نفس المعنى السابق ، من التجارة مع رب العزة ، أن تجاهد فى سبيل رب العزة لتنصر رب العزة فينصرك رب العزة ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) محمد )، وهو نصر مؤكد لمن أخلص قلبه لرب العزة جهادا فى سبيله جل وعلا وبلا أى مطامع دنيوية ، يقول جل وعلا مؤكدا : (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الحج ) ، وهو جل وعلا الأعلم بخفايا القلوب ، وهو الأعلم بمن ينصر الله جل وعلا مخلصا (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (25) الحديد ). ونتيجة هذه التجارة مع رب العزة الغفران والجنة والنصر . ثم تأتى حقيقة مجهولة ، هى حدوث قتال فى عهد المسيح عليه السلام ، وانتصر فيه المسيح وأتباعه أنصار الله جل وعلا ، والله جل وعلا يعظ المؤمنين بهذا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (14) الصف ) .
5 ـ وجاءت إشارة فى القصص القرآنى عن بنى إسرائيل بعد موسى ، وقد تعرضوا للإعتداء ، وأخرجهم عدوهم الباغى من ديارهم وأبنائهم ، ممّا ألجأهم الى أن يطلبوا من النبى الذى كان فيهم أن يختار لهم ملكا يقودهم فى هذه الحرب. ولأنهم من قبل رفضوا طلب موسى بأن يدخلوا الأرض المقدسة التى كتبها الله جل وعلا لهم وقالوا له ( إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24) المائدة ) فإن النبى تشكك فى جديتهم فى القتال ، وخشى أنه لو كُتب عليهم القتال أن يقعدوا كما قعدوا من قبل ، فأكدوا له جديتهم وإضطرارهم القتال (فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) جل وعلا بعد أن أخرجهم المعتدى من ديارهم وأبنائهم ، يقول جل وعلا : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمْ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا ) (246) البقرة ) وجاءت تفصيلات القصة ، وفى نهايتها النصر للفئة القليلة المؤمنة ( البقرة 247 : 251 ).
ولكن الذى يهمنا أنه : 1 ــ من حق بل من واجب الذى يتعرض للإعتداء والاخراج من دياره وأبنائه أن يقاتل فهذا هو العدل والقسط ، ويكون قتاله هذا فى سبيل الله جل وعلا : ( وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا ) . 2 ـ وأنه قتال فى سبيل الله جل وعلا حدث قبل الرسالة السماوية الخاتمة . 3 ــ وأنه ترتب عليه ظهور داود ، وأنه أصبح ملكا نبيا ، ثم أنجب سليمان ، وصار ملكا نبيا . وهو الذى حدثت معه قصة ملكة سبأ .
أخيرا :
فى ضوء ما سبق نفهم التفصيلات غير المذكورة فى قصة سليمان مع ملكة سبأ . لا يمكن لسليمان أن يعتدى مخالفا شرع الله جل وعلا ، هناك تفصيلات غير مذكورة أوجبت عليه أن يراسل ملكة سبأ ، خصوصا وأن الله جل وعلا ذكر هذه القصة إشادة بسليمان عليه السلام وليس لوما له أو طعنا فيه ، وترددت الإشادة بداود وسليمان فى بداية القصة : ( وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15) وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16) النمل ) . ونفهم من القصة أن الملأ حول ملكة سبأ كانوا يفخرون بأنهم (أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ ) . فعلى من مارسوا قوتهم وبأسهم الشديد ؟ لم يذكر رب العزة هذه التفصيلات ، لأن الأهم هو أن ملكة سبأ دخلت فى الاسلام الذى يعنى العدل والقسط والسلام ، وتابت عن الظلم : (قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (44) النمل ) .
ودائما : صدق الله العظيم .!!
أولاً وافر الشكر للدكتور / أحمد صبحي منصور ، على هذا الشىرح، والتبيين المبين من كتاب الله تعالى ، في موضوع القتال في سبيل الله تعالى ، في الرسالات السماوية السابقة، وأشكر الأخ أسامة قفيشة ، على هذا السؤال الحيوي الذي سوف يكون نواة لمقال آخر مكمل ،أو عدة مقالات،
وأنا أعتقد ان القتال في سبيل الله تعالى جاء تحديده ومواصفاته في كتاب الله تعالى، أما ما عدا ذلك فهو قتال في سبيل الشيطان، يقول تعالى" الذين ءامنوا يقاتلون في سبيل الله ، والذين كفروا يقاتلون في سبيل الشيطان"
اخي العزيز اسامة حسب متابعة خط التجارة فان سبأ كانت تسيطر على الطرق وربما كان هذا ظلمهم دون نفي ان يكونوا ظالمين لشعبهم بالرغم من شهادة الهدهد انهاوقومها يعبدون الشمس من دون الله
اما بخصوص الدفاع عن شعب مقهور لا يتوفر له العتاد والعدة ضد عدوه فاظن انه على الدولة القادرة على ردع المعتدي على هذا الشعب ان تنصر المظلوم بشرط ان يكون المظلوم مستعدا للقتال الدفاعي... والله اعلم وارجو المعذرة مجددا من الدكتور احمد استذنا الغالي
اكرمك الله استاذى العزيز دكتور -منصور ،وبارك فيك وفى علمك وعُمرك ..
تعلمنا من حضرتك كيف نتدبر القرآن ونفهم قصصه وحقائقه من خلال فهم الموضوع ككل فى كل آيات القرآن الكريم .وهذا ما أكدته حضرتك اليوم فى موضوع (القتال الذى كان مُحتملا بين سليمان عليه السلام ،وملكة سبأ) ...وأنا أؤمن بكل ما ذكرته حضرتك ،وأوافق عليه 100% . ولكن ما يجعل التساؤل ،والإستفسار حول (لماذا هددها سليمان بالقتال ) بالرغم من انها لم تعتدى عليه ،ولا على أملاكه و مُلكه ودولته لازال قائما ،فهى كانت فى اليمن وهو فى فلسطين . و ان القرآن الكريم ذكر (ابطال القصة ، وسببها ، ونتيجتها ) فطبقا للقرآن الكريم . السبب هو رؤية طائر الهُدهد للملكة وقومها يسجدون للشمس من دون الله ، فثار سُليمان عليه ليتحقق من صدقه ،ثم ليتخذ موقفا منها لأنها وقومها يعبدون الشمس ويصلون ويسجدون لها من دون الله ، ثم تبادلا الرسائل والكُتب ،والتهديد بالقتال ،ثم الترغيب بالهدايا ثم الإزعان والدخول فى دين الله مع سُليمان ....وما أريد أن اقوله هُنا أن القرآن الكريم فى هذه القصة ذكر سببها وهو (الإسلام والتسليم لرب العالمين ) ،ولم يتطرق ولو بكلمة واحدة نحو إعتدائها على سُليمان ولا على مملكته ... وإسمح لى حضرتك فإستفسارى هذا ليس مُجادلة، ولكن نريد أن نتعلم من حضرتك أكثر وأكثر حول فهم هذا الموضوع لأهميته القصوى فى قصص القرآن الكريم عن القتال فى الأمم السابقة .
-- وأعتقد أن إستفسار الأستاذ أسامه . عن الأمر بالقتال منعا للظلم ،ولإيقاف إستبداد طرف على طرف آخر وتطبيقه على حالة (سُليمان عليه السلام وملكة سبأ ) رُبما يكون له وجاهته ،ولكن يظل السؤال لماذا لم يذكر القرآن الكريم ولا كلمة واحدة نحوه ،وذكر السبب وأكد عليه فى انها وقومها كانوا يشركون بالله ويسجدون للشمس من دون الله ؟؟؟
جزاك الله عز وجل خيرا دكتور احمد على هذا البحث
وهذا رابط المقال على حساب (القران وكفى) على تويتر
https://twitter.com/hanifi0111/status/728312474722799617
شكرا للدكتور احمد على مقالاته الرائعه
اغلب الحضارات القديمه التي مارست عباده الاوثان والنار والشمس وغيرها كانت تقوم بشكل دوري بتقديم اضاحي بشريه لهذه الالهه المزعومه لتنال مرضاتها وتتجنب غضبها .....
قد يكون قوم هذه الملكه منمن قاموا بهذه الفظائع بالتضحيه بالبشر ولذلك ذكر الهدهد انهم قوم يعبدون الشمس وكان رد فعل النبي سليمان عليه السلام اما التسليم او الهجوم حمايه لحياه الناس والله اعلم
سؤال دكتور احمد لماذا النبي سليمان عليه السلام عندما لم يجد الهدهد لماذا توعده بالقتل او العذاب الشديد ان لم يكن له حجه اليست هذه قسوه وشكرا لك مقدما
شكرا جزيلا أستاذنا الدكتور أحمد .
وأنا من بين الذين يعتقدون أن المفهوم الحقيقي للجهاد أو القتال في سبيل الله ما زال في حاجة ماسة إلى فلهم وهضم ...
ولا أدل على ذلك مما حدث ويحدث في عالمنا من فساد ، ناتج عن فساد في الفهم والوعي ...
و حبذا لو ( شنت ) حملة بلا هوادة في سبيل تأكيد الفهم الصحيح للجهاد في سبيل الله ... ولكم الشكر من قبل ومن بعد.
أنا أعتقد أن الخلل الأكبر في فهم معنى القتال في القران يرجع في كون غالب الناس يخفى عن ذهنهم أن النبي عليه الصلاة و السلام كان على رأس دولة، و الدولة كشخصية معنوية من واجبتها أن تحافض على أمن البلد و الناس الذي يقطنون فيه، من مهامها أيضا فرض سلطتها على رعاياها عبر القوانين التي تحكمها
كثير من الأيات التشريعية تخص مهام الدولة في حين أغلب الناس يضنون أنها من واجباتهم الفردية، كثير من الأيات تخص فرض هيبة الدولة في حين توضع في خانة الحروب و القتال إلخ
تقريبا المجتمع الذي عاش فيه النبي مغيب كلية في فهم النص القرآني، و جل التفاسير تفهم النص بأعين ما بعد القتوحات و بالخصوص بأعين المجتمع العباسي
القتال يكون عند التصدي للاعتداء
و الجهاد في سبيل الله يكون بالموعظة الحسنة
جاهد ليس معناها قاتل في القران الكريم في هذه الحالة لأن
وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (15)
هل جاهداك في الاية المذكورة تعنى 'قاتلاك'؟
أومن أن جاهد أو جاهدوا ليس معناها قاتل أو قاتلوا الذي هو افتراء على الله... و إلا في أي اية من القران تصف الجهاد بالقتال؟
منذ متى تم لبس القتال بالجهاد و الاستدلال باياته لإعطاء شرعية للغزوات؟
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5117 |
اجمالي القراءات | : | 56,882,380 |
تعليقات له | : | 5,451 |
تعليقات عليه | : | 14,828 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
جريمة الإبادة الجماعية بين ( إسرائيل ) والعرب والمحمديين
القاموس القرآنى : ( البشر والانسان )
( من مات قامت قيامته ) تلك الأُكذوبة السلفية الكافرة بالقرآن الكريم
دعوة للتبرع
سبقت الاجابات: بسم الله الرحم ن الرحي م ( لَّيْ سَ ...
أرباح اليوتوب: استاذ احمد هل ارباح اليوت يوب حلال ام حرام...
الصلب والترائب: يقولو ن فى التفس ير أن ( خُلق من ماء دافق يخرج...
قرآنا عربيا: لماذا القرآ ن كرر في عديد من الصور على كونه...
عودة الخالعة : طلقت زوجها ثم عادت اليه ثم طلقته ثم عادت اليه...
more
الله سبحانه لا يظلم ولا يحب الظلم ولكن الذين كفروا اذا فعلوا فاحشة او ظلما يقولون انهم وجدوا آبائهم عليها والله امرهم بها.. لذالك فأكيد جدا ان تزخر كتبهم بتخريجات للقصص القرآني ليشرعنوا اعتداءاتهم وليسكتوا صوت الحق ولكن هيهات فللحق رجال وان قل عددهم فهم يحدثون منعرجا مهما في الحياة
بوركت دكتور احمد ودائماً الذكرى تنفع المؤمنين