القاموس القرآنى : الكلمة

آحمد صبحي منصور Ýí 2016-02-06


مقدمة :

1 ـ  من الأخطاء الشائعة قولنا ( اللغة العربية ، اللغة الانجليزية ..اللغة الفرنسية ..الخ ) . كلمة ( لغة ) من الكلمة اليونانية ( لاغوس ) ، ومنها الكلمة الانجليزية :(Language ) . أما فى اللسان العربى الأصيل وفى اللسان القرآنى فإن ( لغة ) من ( اللغو ). المعنى العربى القرآنى هو ( اللسان العربى ) وليس ( اللغة العربية ) .

المزيد مثل هذا المقال :

2 ــ نتوقف الآن مع المصطلح القرآني : ( الكلمة )  . وهى تأتى بالمعانى الآتية :

 اولا : كلمة الحق ، وكلمة الباطل :

1 ـ بمعنى كلمة الاسلام : ( لا إله إلا الله ) وما تعنيه من الكفر بأى إله مع الله ونبذ أى عبادة أو تقديس لغير الله جل وعلا ، وهذا هو فحوى الحوار مع أهل الكتاب  . يقول جل وعلا :( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64) آل عمران ). ونبذ الكفر اساس ملة ابراهيم ، وهو ( الكلمة ) التى توارثها ابناؤه وأحفاده ، يقول جل وعلا : ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (27) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (28)الزخرف) ، ومنها ( كلمة التقوى ) التى يلتزم بها المؤمنون الحقيقيون وهم الأحق بها خصوصا فى أحلك الظروف ، يقول جل وعلا : ( إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمْ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (26) الفتح )

2 ـ القرآن الكريم كلمة الله جل وعلا : الله جل وعلا هو الذى نحتكم اليه فى أى خلاف فى الدين ، والاحتكام اليه جل وعلا أى الى القرآن الكريم ، وهو ( كلمة الله ) الذى أتمها رب العزة صدقا وعدلا ، ولا تبديل لهذا القرآن ، يقول جل وعلا : ( أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمْ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُمْتَرِينَ (114) وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115) الانعام  ). وفى الأديان الأرضية قاموا بمحاولات تبديل ( معانى القرآن الكريم ) وإلغاء احكامه بزعم النسخ والتفسير والتأويل ، وتعرضنا لدحض ذلك كله فى ابحاث منشورة هنا . وكفار قريش سبقوا أئمة الديانات الأرضية المحمديين بأن طلبوا من النبى أن يأتى لهم بقرآن يتفق مع أهوائهم ، أى طلبوا تبديل كلام الله ، وفى هذا يقول جل وعلا : (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (16) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ (17) يونس ).

3 ـ وكما أن هناك كلمة حق للاسلام وكلمة الرحمن وهى القرآن فإن للكفر كلمة ، إذا قالها شخص كفر بها وحوسب عليها ، يقول جل وعلا عن بعض المنافقين : ( يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُنْ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمْ اللَّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (74) التوبة )، ويقول جل وعلا ينذر من زعم أن لرب العزة جل وعلا ولدا : ( وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً (4) مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً (5) الكهف ). هذا الكافر عند الاحتضار يقول  ( كلمة) يرجو بها إن يُعطى فرصة ليستمر فى حياته لعله يعمل صالحا ، وهى ( كلمة ) لا جدوى منها لأن وراءه برزخا تدخل فيه نفسه الى يوم البعث ، يقول جل وعلا : ( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) المؤمنون )

4 ـ وفى مقارنة بين كلمة الاسلام وكلمة الكفر يقول جل وعلا : ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) ابراهيم )، وفى الآية التالية يأتى ( القول ) بمعنى الكلمة : ( يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27) ابراهيم ). ولنتذكر أن ( القول ) يعنى ( الكلمة ).

ثانيا : الكلمة  الالهية أو ( القول الالهى ) بمعنى القضاء الالهى والأمر الالهى :

1 ـ إن القضاء الالهى والأمر الالهى يأتى فى موضوعين : فى التشريع ، وفى الخلق والايجاد . البشر أحرار فى تطبيق تشريع الله جل وعلا فى هذه الدنيا ، وسيتم حسابهم على ذلك فى الآخرة .أما القضاء الالهى والأمر الالهى فى الخلق والايجاد فليس للبشر فيه حرية أو إختيار . هو من الحتميات ، والتى لن يُحاسب عليها البشر يوم القيامة .

2 ـ فى الأمر التشريعى . يقول جل وعلا ـ مثلا ـ ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) النحل ). وفى القضاء التشريعى يقول جل وعلا : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً (23) الاسراء )

3 ــ وفى الخلق : فالله جل وعلا ـ  خالق كل شىء ـ  هو الذى (يأمر) وهو الذى ( يقضى)  بكلمة : (كُن) ، أى يقول للشىء ( كُن ) وسرعان ما يكون . وعن (كلمة الله )جل وعلا فى الخلق يأتى ( امر الله ) جل وعلا مرتبطا بقضائه ، كقوله جل وعلا : ( بَدِيعُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (117 ) البقرة ) ( هُوَ الَّذِي يُحْيِ وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (68) غافر) ( مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35) مريم). وفى خلق عيسى بلا أب:( قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47) آل عمران ).

4 ـ يدخل فى الحتميات الخاصة بالبشر : الميلاد والموت والرزق والمصائب من خير أو شر . وفى بعضها يأتى مصطلح ( الكلمة ) الالهية كقوله جل وعلا عن إهلاك فرعون وقومه ووراثة بنى اسرائيل :( وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137) الاعراف )، وعن إنقاذ خاتم النبيين وهو فى الغار رغم انوف المشركين المعتدين ، يقول جل وعلا :( إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)التوبة ).

5 ـ ويأتى مصطلح (الكلمة الالهية) مرتبطا بحرية البشر وإختلافهم فى الدين وتأجيل الحكم فى الاختلاف بينهم الى يوم الدين،يقول جل وعلا:( وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (19) يونس)( وَمَا تَفَرَّقُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ) (14) الشورى) (وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى (129) طه )، وعن بنى اسرائيل يقول جل وعلا:( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (110)هود)(وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ(45)فصلت).

والحكم فى هذا الاختلاف يعنى عقوبة الكافرين بالنار ، وهى كلمة الله جل وعلا ، يقول جل وعلا : ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) هود ) ( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (21) الشورى )

6 ـ وتبعا لحرية البشر فإن من يصمم على الكفر فلا أمل فى هدايته، فالله جل وعلا يهدى من البشر من يشاء منهم الهداية ، والذى يشاء منهم الضلال يُضله الله جل وعلا ( الكهف 29 فاطر 8 )، وهو جل وعلا يزيد المهتدى هدى ويزيد الضال ضلالا ( مريم 75 : 76  محمد 17  العنكبوت 69 ). وبالتالى نفهم قوله جل وعلا عن كلمته الالهية:( كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (33) يونس)( إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ (96) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الأَلِيمَ (97) يونس )، ويوم القيامة ستحلُّ بهم الكلمة الالهية بالعذاب ، ولا يستطيع أى نبى إنقاذهم منه ، فهذا ما قاله جل وعلا لخاتم النبيين : ( أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (19) الزمر)، وهذا ينفى هجص أحاديث الشفاعة لدى المحمديين . وعندما يُساقون الى جهنم سيقولون أنه حقت عليهم كلمة العذاب : ( وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) الزمر) يؤكد هذا قوله جل وعلا :( وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (6)غافر)، وسيقولها جل وعلا يوم القيامة أنه لا تبديل لقوله وكلمته الالهية (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (29) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلْ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30) وَأُزْلِفَتْ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) ق).

ثالثا : بين الكلمة الالهية (كن فيكون ) واللوغوس اليونانى

1 ـ ( الكلمة الالهية ) فى الرسالات السماوية السابقة والأمم السابقة :

كل ما سبق فى القرآن الكريم عن الكلمة الالهية نزل فى الكتب السماوية السابقة ، وقال به كل رسول بلسان قومه ، والله جل وعلا لم يقص علينا كل الرسل (وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ)(164)النساء)،وجاء نذير فى كل أمة:( وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خلا فِيهَا نَذِيرٌ (24) فاطر)، وهناك عادة سيئة لدى البشر هو أنهم سرعان ما يكذبون برسولهم فى حياته وبعد مماته ، حدث هذا فى الرسل السابقين (ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ (44) المؤمنون )، وحدث هذا مع خاتم النبيين،عليهم جميعا السلام. ومع التكذيب والتحريف فى الرسالات السماوية يتبقى شىء من معالمها يتعرض للتحريف ومزاعم الكفر وتقديس البشر. وحدث هذا مع تعاملهم مع مفهوم ( الكلمة الالهية ) أو القول الالهى :( كن فيكون ) .

2 ـ بالتطبيق على تاريخ مصر القديمة فقد عرفت الكثير من الأنبياء ، وترددت إشارات فى قصة يوسف تؤكد معرفتهم بالله جل وعلا بل والتوبة اليه ،( يوسف 31 ،51 : 53 )  هذا مع انهم كانوا يعبدون آلهة يخترعون لها أسماء ما أنزل الله جل وعلا بها من سلطان:(يوسف 40) ، وهى عادة بشرية سيئة كانت من قبل (  الاعراف 71 النجم 23 ) ولا تزال ، فالمحمديون يقدسون أسماء مثل ( البخارى و ابو بكر وعمر وعلى والحسين وعائشة و ابى هريرة وابن حنبل وابن تيمية وابن عبد الوهاب ..الخ )!.

3 ـ إندثر العلم بالتاريخ الفرعونى مع إنقراض العلم باللسان المصرى القديم ، ولكن انتقلت بعض أفكار الحضارة المصرية القديمة الى اليونان وأسهمت فى نهضتها الفكرية ، علاوة على ان اوربا وكل العالم القديم لم يخلُ من ارسال رسل ورسالات سماوية ، ولم يخلُ أيضا من تحريفها . ولكن الذى يعنينا فيما يخصّ موضوعنا عن ( الكلمة الالهية ) أنه تم تحويرها وتحريفها لتكون ( اللوغوس ) بمعنى الكلمة الالهية والخطاب و ( اللغة ) التى ينطق بها الناس ، ثم تحولت فى المسيحية الى الاله والمسيح ، وتحورت فى الفلسفات التالية الى ( العقل الكلى ) الذى صدرت عنه المخلوقات .  

4 ــ ولسنا فى موضع الاستطراد فى هذا ، ولكن نقول سريعا أن ( الكلمة ) بمعنى اللوغوس اليونانى قد غزت بالفلسفة الاغريقية الثقافات والمدارس الفلسفية فى منطقة الشرق الأوسط والبحر المتوسط ، ومثلا، فإن هرقليطس : إعتبر الكلمة ( اللاغوس ) هو القانون الكلى للكون ، ويراه الفيلسوف اليهودى فيلون أنه أول القوى الصادرة عن الله، وأنه محل الصور، والنموذج الأول لكل الأشياء. وهو القوة الباطنة التي تحيي الأشياء وتربط بينها. وهو يتدخل في تكوين العالم، لكنه ليس خالقاً. وتداخلت معها المسيحية فى الجدل حول طبيعة المسيح فصارت ( الكلمة / اللوجوس ) أكثر غموضا ، وعندهم فى العهد الجديد قالوا (" في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، والله هو الكلمة، به كل شيء كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان".) ثم جعلوها المسيح . ثم تطرفوا فقالوا أن هذا اللوغوس أو الكلمة، هو الذي كان قبل خلق الكون، كان عند الله، وهو هو الله، وهذا اللوغوس أو الكلمة، تجسد، أي اتخذ جسداً، وحلّ بين الناس، فكشف لهم حقيقة النجاة ،وبث فيهم الحياة الخالدة، ممكنا لهم من أن يصيروا أبناء الله. وقالوا : أنه يسوع المسيح.ثم تعقدت خلافاتهم بالربط بين ألوهية المسيح واللوغوس ، ونسبة ما فى المسيح من ألوهية . ودخلت الفلسفة فى الجدل القائم فإزداد الأمر تعقيدا فى القرنين الثالث والرابع بعد الميلاد.

وأخيرا وصلت الى العرب كلمة ( اللاغوس ) محرفة فأصبحت :( لغة ) ، بمعنى الكلمة ثم بمعنى ( اللسان ) فأصبح يقال ( اللغة العربية) بدلا من قول ( اللسان العربى ).

رابعا :  ونحتكم الى رب العزة فى هذا الهجص المتوارث :

1 ـ عن القول الالهى والكلمة الالهية بالخلق والايجاد يقول جل وعلا : ( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) يس )( إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (40) النحل ).

2 ـ ونزل جبريل ( الروح ) متجسدا فى شكل بشر الى مريم العذراء يحمل معه كلمة ( كن ) : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذْ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً (16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنتَ تَقِيّاً (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيّاً (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُنْ بَغِيّاً (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْراً مَقْضِيّاً (21) مريم  ) (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنْ الْقَانِتِينَ (12) التحريم) (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ (91) الانبياء ).

بكلمة ( كُن ) خلق الله جل وعلا آدم بلا أب ولا أم ، وبكلمة ( كن ) خلق الله جل وعلا عيسى بلا أب ، وعن الصلة بين آدم وعيسى فى خلقهما بكلمة ( كن ) يقول جل وعلا : ( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) آل عمران ) .

لهذا يوصف عيسى بوصفين تميز بهما ، أنه ( كلمة الله ألقاها الى مريم ) وأنه ( روح منه ) نسبة الى الروح جبريل . وفى الحالتين فهو مخلوق ، وبالتالى فإن تأليهه غلوُّ فى الكفر ، يقول جل وعلا فى خطاب مباشر لأهل الكتاب : ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِوَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً (171) لَنْ يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً (172) النساء ). وقال جل وعلا عمّن يؤله المسيح وأُمّه : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17) المائدة ) وقد جعلوا أنفسهم آلهة بالتناسخ من الروح القدس فقال جل وعلا عنهم :  ( وَقَالَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (18) المائدة ).

وقد كرر المحمديون نفس هذا الهجص فى إفتراء شخصية الاهية لمحمد تتشابه مع الزيف الذى جعله أسلافهم للمسيح .

أخيرا :

نُذكّر بما قلناه فى المقدمة : من الأخطاء الشائعة قولنا ( اللغة العربية ، اللغة الانجليزية ..اللغة الفرنسية ..الخ ) . كلمة ( لغة ) من الكلمة اليونانية ( لاغوس ) ، ومنها الكلمة الانجليزية :(Language ) . أما فى اللسان العربى الأصيل وفى اللسان القرآنى فإن ( لغة ) من ( اللغو ). المعنى العربى القرآنى هو ( اللسان العربى ) وليس ( اللغة العربية ) .

 وموعدنا القادم مع المصطلحين القرآنيين :( اللغة ) و(اللسان).

اجمالي القراءات 7943

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   عبد الرحمن اسماعيل     في   الأحد ٠٧ - فبراير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً
[80323]

لاجوس - language - لغة ..!!


لاجوس - language - لغة ..!!



ملاحظة مهمة تكتشف من المقال ..!! 



فكلمة لاحوس اليونانية هي اصل للكلمة العربية لغة وهي ايضاً اصل للكلمة الانجليزية Language ..



اما المعنى القرآني لكلمة لغة هو (لسان )  اختلاف اللسان واللغة هو من آيات الله .. يقول سبحانه وتعالى ( وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (22) الروم ) ..



لا يعقل ان يرسل الله رسولا يختلف لسانه عن لسان قومه .. ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4) 



نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195) سورة الشعراء  ..



اما كلمة لغة فهي من اللغو ..وكلمة اللغو هي مفردة قرآنية ..


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5123
اجمالي القراءات : 57,055,864
تعليقات له : 5,452
تعليقات عليه : 14,828
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي