آحمد صبحي منصور Ýí 2014-11-29
كتاب ( التصوف والحياة الدينية فى مصر المملوكية )
الجزء الأول : ( التصوف والعقائد الدينية فى مصر المملوكية )
الباب الأول : مراحل العقيدة الدينية وتطورها في مصر المملوكية من خلال الصراع السنى الصوفى : مراحل العقيدة الصوفية وتطورها في مصر المملوكية من خلال الصراع السنى الصوفى
مدخل الباب الاول : ( تعقيب على أراء الباحثين فى عقائد التصوف)
أولا : فكرة سريعة عن أهم عقائد التصوف
1 ـ أهم عقائد التصوف هي " الاتحاد . والحلول ، ووحدة الوجود " .
2 ــ وقد عنى الباحثون في ( عقائد التصوف ) بتبيين أوجه الفرق بين تلك العقائد وأبرزهم في ذلك المجال العلامة ابن خلدون ، ويوحي حديثه عن العقائد الصوفية بأن الخلاف العقائدي بينهم يصل إلى درجة التباعد [1]. وقد تأثر به أحمد أمين في عرضه لنفس الموضوع [2].
3 ــ والواقع أن الفارق " شكلي" بين العقائد الثلاثة ، فأصحاب الاتحاد يعتقدون أن الصوفي إذا حسُن حاله يصل " للفناء " في المعبود ويستغرق في حال ( المشاهدة ) و ( يتحقق بالحق ) أو يتحد بالله واجب الوجود .
وأصحاب " الحلول " يعتقدون أن الذات العلية تتجلى على الصوفي الفاني فى ربه فتنمحي في العبد صفة العبودية ويفنى في ربه متحداً فيه ، " وأصحاب الوحدة " يعتقدون أن الوجود " بما فيه من خالق ومخلوق " واحد لا تعدد فيه ، وأن المخلوقات هي صور يبدو فيها ( الله ) الحق واجب الوجود ، والصوفي هو الذي يصل إلى هذه الحقيقة التي لا يدركها المحجوبون من بقية البشر ، فإذا زال الحجاب عن قلب امرئ و رأى أن " الشاهد عين المشهود ".
4 ــ وقد يقال أن "عقيدة الاتحاد " لا تختلف في مقولتها عن "عقيدة الحلول" فالاتحاد صعود بالعبد إلى الله ليتحد به و "الحلول " نزول بالإلوهية إلى العبد ليحلّ فيه ، فالخلاف لفظي ، والمعنى هو تأليه البشر وإنعدام الفوارق بين ( الحق جل وعلا ) وبين الخلق .
5 ــ ويمكن القول أيضاً بأن الخلاف "كمي " بين عقيدتي "الاتحاد ووحدة الوجود" فأصحاب الاتحاد يرون للعالم وجودين : خالق ومخلوق ،ثم يتحد الصوفي العارف بالخالق ويحقق الفناء في واجب الوجود . ويقصرون الاتحاد بالخالق على العارفين أو الأولياء الصوفية الذين ( يتحققون بالق ) بزعمهم . هذا ، بينما يتوسع أصحاب الوحدة في هذه المقولة ويجعلونها حقا لكل البشر بل والحيوانات والأحياء منها والأموات بل والجمادات ، فهي كلها عندهم صور يتراءى فيها الخالق في خلقه .. فعقيدة الاتحاد جزء من عقيدة "وحدة الوجود " أو أن وحدة الوجود هي الهدف الأسمى للقائلين بالاتحاد، أو هي على حد قول بعضهم "الاتحاد المطلق" أي الذي يشمل الإنسان و الحيوان و الجماد.
ومعنى ذلك أن هناك درجات للعقيدة الصوفية تبدأ ( بالاتحاد والحلول ) وتنتهي( بوحدة الوجود ) أو (الاتحاد المطلق ) ، وذلك ما توضحه مسيرة التاريخ الصوفي في الدولة الإسلامية .
ثانيا : موجز المراحل التاريخية للعقيدة الصوفية :
1 ــ والأرضية التاريخية هي المسئولة عن ذلك التضارب المزعوم في عقائد التصوف ، فدارسوا التصوف بحثوا عقائده بمعزل عن الواقع التاريخي وما يستلزمه من تغيرات ومؤثرات ..
2 ــ وحتى نضع الأمور في نصابها فإن ( دين التصوف ) ، ظهر في مجتمع رافض له فواجه الكثير من العنت شأن المرتدين ، فقتل الحلاج لأنه أعلن عقيدته صراحة ، فاضطر الآخرون إلى نوع من المواءمة بين عقيدتين متعارضتين ( الإسلام والتصوف ) ، فوضعت للتوحيد درجات تبدأ ( بتوحيد العوام ) ، ويقصدون به الإسلام ، وتنتهي " بتوحيد الخاصة " أو " التوحيد المحض " ويعنون به وحدة الوجود .. وكان الجنيد " رأس الصوفية " مع " الغزالي " " حجة الصوفية " هما أبطال هذه المرحلة من مراحل التاريخ الديني للعقيدة الصوفية .
3 ــ ثم تقرر التصوف السنى دينا على يد الغزالي وتحول الإنكار من إنكار عام على التصوف كمبدأ ودين إلى إنكار على الصوفية المنحرفين فقط . وتهيأ الجو بذلك للمرحلة الثانية ، وفيها اكتملت العقيدة الأساسية للصوفية ( وحدة الوجود ) في مؤلفات ( ابن عربي) ( شيخ الصوفية الأكبر ) ، ووُوجه أتباع بن عربي بكثير من الإنكار وأحرقوا كتابه ( الفصوص ) أكثر من مرة ، ودمروا قبره مرات وأعيد بناؤه مرات ، ومع ذلك تزايد أتباعه وكثرت الشروح على الفصوص بمثل ما حظي به سابقه ( إحياء علوم الدين ) للغزالي ..
4 ــ وعرف العصر المملوكي تطلعاً صوفياً لبلوغ المرحلة الثالثة وهي التحلل اسماً وفعلاً من الإسلام على يد الصوفية الذين ادعوا النبوة أو الألوهية وطافوا البلاد دعاة لنحلتهم ، إلا أنهم ووجهوا بالاضطهاد والقتل ، فقد استقر في الأذهان أنه لا تعارض بين الإسلام والتصوف ، ولم يلق أولئك المتطرفون الصوفية تأييداً من أكثر الصوفية ، إذ أن التصوف قد حصل على أكثر مما يحلم به وهو يرتدي زي الإسلام ، وإذا خلع عنه هذا الزي فقد الكثير دون داع ، فقد اكتملت للتصوف في هذه الفترة تحويل الإسلام عقيدة ورسوماً إلى مظاهر صوفية بحتة ليس للإسلام فيها إلا مجرد الاسم والشكل ، وإذا ضاع الشكل الإسلامي الذي ينخدع به الكثيرون ضاع على التصوف مكاسب حققها في قرون وناضل في سبيلها أعيان الصوفية ، وكلهم لم يتحلل من الشكل الإسلامي للتصوف . بل وضع في إطاره ما يريده.
ثالثا :
1 ــ ونُنبّه هنا على أن مصطلح الفقه والفقهاء فى هذا العصر كان يدل على دين السنّة المتاُثر بالتصوف أو ما نسميه بالتصوف السّنى ، وكان أربابه هم ( الفقهاء ) السنيون المؤمنون بالتصوف والمسلّمون به ولكن ينكرون على متطرفى التصوف . وأن الصراع بين الفقهاء والصوفية هو صراع بين دينين أرضيين ، مع وجود ( التصوف السنى ) الذى يجمع بينهما لأن الشقاق أهم ما يُميّز الأديان الأرضية ، وإذا لم يجد الدين الأرضى ما يتصارع معه من الأديان الأرضية الأخرى فإنه يتجزّأ وينقسم ليستمر التصارع . فالصراع سمة اساس فى الأديان الأرضية لأنها أديان كهنوتية يسعى أربابها الى التكسب بها ويتصارعون فيما بينهم حول الثروة والسلطة وحُطام الدنيا . أما الاسلام الحق فهو مؤسس على التقوى وخشية الرحمن جل وعلا أملا فى الفوز يوم القيامة ، وليس فى الاسلام إحتراف دينى أو تكسب بالدين ، بل على العكس فيه التقرب الى الله جل وعلا بتقديم الزكاة المالية وإقراض الله جل وعلا قرضا حسنا ، والجهاد فى سبيل الله جل وعلا بالأموال والأنفس .
2 ـ ومن خلال الصراع السنى الصوفى نتتبع تطور فى عقائد التصوف، وخصوصا عقيدتهم فى وحدة الوجود الأشد كفرا والتى تناقض تماما عقيدة الاسلام ( لا إله إلا الله ) فتقول : لا موجود إلا الله . وهنا نعتمد على المصادر التاريخية المملوكية والمصادر الصوفية فى نفس العصر فى توضيح هذا الصراع بين دينى السنة والتصوف ، حيث يمثل الفقهاء دين السنة ويمثل الصوفية دين السنة .
وقد دار هذا الصراع ــ حسبما يظهر ــ تحت لافتة ( التصوف السنى ) . فالفقهاء السنيون ــ حتى الحنابلة منهم كابن تيمية والبقاعى ـــ كانوا يؤمنون بالتصوف ويؤمنون بكرامات الأولياء الصوفية ، بل ويؤمنون برواد التصوف وولايتهم ، كالجنيد والسرى السقطى ، منخدعين بما قاله أولئك الرواد من الالتزام بالكتاب والسّنة . وتركز إنكار أولئك الفقهاء والحنابلة منهم على صُرحاء الصوفية القائلين بوحدة الوجود مثل ابن عربى وابن الفارض .
ولم يفطن أولئك الحنابلة ( ابن تيمية ومدرسته فى القرن الثامن والبقاعى بعده فى القرن التاسع ) الى أن وحدة الوجود قال بها الرواد الأوائل للتصوف ، وأن الغزالى نثرها فى كتابه ( إحياء علوم الدين ) وخصص لها كتابه ( مشكاة الأنوار ) . ظل الغزالى بالنسبة لهؤلاء الفقهاء إماما للتصوف السنى ، و( حُجّة للإسلام ) ، وإقتصر إنكارهم على ابن عربى والصوفية التابعين له فى وقتهم . وإعتبروهم خارجين عن ( الاسلام ) الذى كان يعنى لهم ( الكتاب والسنة ) أو ( التصوف السنى ).
ولأن الفقهاء كانوا البادئين بالانكار فقام الصوفية برد الفعل ، فالعنوان الأفضل هو ( الصراع السنى الصوفى ) وليس ( الصراع الصوفى السنى ) ، ومن نافلة القول أن نذكر أن الفقهاء الحنابلة خسروا المعركة وتعرضوا للإضطهاد ، مع تسليمهم بالتصوف دينا ومبدءا ، لأن العصر كان عصر التصوف ، حتى إن حركات الحنابلة السنيين ( ابن تيمية / البقاعى ) أدت فى النهاية ليس الى تقويض التصوف بل تأكيد سلطانه ، وإنتشار عقيدته المتطرفة فى ( وحدة الوجود )
ونأتي للتفصيل :
| تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
| مقالات منشورة | : | 5322 |
| اجمالي القراءات | : | 65,614,483 |
| تعليقات له | : | 5,520 |
| تعليقات عليه | : | 14,917 |
| بلد الميلاد | : | Egypt |
| بلد الاقامة | : | United State |
طنطاوى شيخ الأزهر ( 4 ) شيخ الإرتياب وإمام المرتابين .!
صدق الله العظيم وكذب طنطاوى شيخ الأزهر الأثيم
ضحايا مناهج الازهر الشيطانية ب2 مناهج الازهر الشيطانية .كتاب الأزهر عدو الإسلام الأكبر.
دعوة للتبرع
عقويةعلى غير المسلم : لو فيه تطبيق للعقو بات في الاسل ام مثل فرضا...
ليس نجسا: هل الخنز ير نجس ؟ وهل الكلب نجس ؟ ؟ ...
التآمر الماسونى : هل هناك مؤامر ة ماسون ية صهيون ية أمريك ية ...
لحظات قرآنية: تكلم في حلقات ك المصو رة الخرا فات ...
لعن البخارى: اراك تلعن البخا رى وفى البدا ية فزعت ثم...
more