آحمد صبحي منصور Ýí 2014-10-04
كتاب ( المعارضة الوهابية فى الدولة السعودية فى القرن العشرين )
القسم الثالث: المعارضة الوهابية التى أنجبت أسامة بن لادن
الفصل الثانى : تحليل الصراع بين اللجنة الشرعية والدولة السعودية
مدخل
1 ـ كان الاخوان في عهد عبد العزيز قوة عسكرية بدوية ينقصها التثقيف الفقهي ،وكان جهيمان مثقفا سلفيا معزولا محدود التأثير ومحدود التعمق الفقهي بالمقارنة الي اعضاء اللجنة ومعارضتهم الفقهية ،ومن هنا فإن لجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية وانصارها من طلبة العلم ثم الفكر الذي خرج به المسعري مؤخرا –كل ذلك يمثل قمة المواجهة الفكرية في صراع المعارضة الأصولية الوهابية السنية مع النظام السعودي .
ومعضلة هذه المعارضة السلفية انها تشترك مع النظام السعودي في العقيدة السلفية ،كل منهما يؤكد علي انتمائه لها وكل منهما يعتمد علي نفس الائمة والمصنفات من ابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب .الا ان التعمق في التحليل الفكري للصراع السلفي بين المعارضة والحكومة السعودية لم يكن ليظهر الا مع ظهور اللجنة وثعمقها فى الفكر السلفي ، واستخدامها هذا التعمق في معارضتها للدولة السعودية السلفية الوهابية ،الأمر الذي اوجد الاساس الفكري للمعارضة السلفية للجنة مع الحكومة .
2 ــ ان صراع اللجنة مع الدولة السعودية هو صراع بين فكرتين سلفيتين ،هو الصراع بين الفقيه الذي يزعم أنه يمثل الشرع ،وولي الامر الذي يزعم أنه يمثل السلطة القائمة تحت لافتة الشرع ،وميدان الصراع هو فى التحكم فى الثروة والسلطة وحُطام الدنيا وفى البشر . وهذا الصراع فى سبيل حطام دنيوى عادة بشرية سيئة يدفع ثمنها أغلبية البشر المطحونين . وهو ينقسم الى صراع علمانى لا يستخدم مزاعم دينية ، وآخر يستخدم الدين مطية للوصول للسلطة والثروة او الاحتفاظ بهما . وفى حالتنا هذه يستخدم الطرفان المتنازعان الدين فى صراعهما السياسى حول السلطة والثروة . من نافلة القول أن نؤكد أن هذا الصراع فى هذه الحالة السعودية الوهابية هو الأشد ظلما لله جل وعلا ودينه ورسوله ، حيث يمتهن الفريقان المتصارعين دين الاسلام ، مع تناقضهما الهائل للاسلام الحق . يكفى هنا أن المتقين أصحاب الجنة هم الذين لا يريدون علوا فى الأرض ولا فسادا ، يقول الله تعالى (تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83) القصص ) 3 ـ نعود لفقه الصراع بين اللجنة والأسرة السعودية ، ونقول إنّ نظام الحكم السني إعتاد أن يجعل الفقيه تابعا للسلطة وممثلا للشرع ( السنى ) وجعله يجرى فى ركاب الخليفة أو السلطان . ولكن الفكر الشيعي المعاصر حسمها لصالح الفقيه حين قال بولاية الفقيه الذي يمثل المرجعية المقدسة في التراث الشيعي . وعرف الفكر السلفي السني في معظم تاريخه تبعية الفقيه لولي الامر الذي كان يملك اضطهاد الفقيه اذا خرج عن رأي السلطة ،وتمثل هذا في اضطهاد الائمة من ابي حنيفة ومالك الي ابن حنبل ،ثم ابن تيمية ومدرسته ،كما ان الفكر السني الوهابي ليس فيه المغالاة التي يعرفها الفكر الشيعي في تقديس الائمة وترتيب المراجع المقدمة للفقهاء.
4 ــ وعندما ظهر محمد بن عبد الوهاب فقيها ثائرا علي ثوابت عصره الصوفية والشيعية فإن التحالف بينه وبين محمد بن سعود حدد السياسة والحكم في آل سعود كما حدد الفقه والفتيا في آل الشيخ ، وبالتالي التزم ال الشيخ بهذا التحديد فلم تنبت فيهم معارضة لآل سعود ،وجاءت المعارضة من خارج آل الشيخ .الا ان المعارضة السلفية للأخوان وجهيمان كانت تفتقر الي تأصيل سلفي كامل يعزز وجهة نظرها . وهذا التأصيل جاءت به اللجنة وانصارها في العقد الاخير من القرن العشرين، و تفوق هذا التأصيل على آل الشيخ وشيوخ الوهابية من خدم الأسرة السعودية . ،.
5 ــ ان تاريخ المسلمين بعد عصر النبوة المضيئة عرف مبكرا وبالتدريج الحكم الاستبدادي الذى أدى الى الحكم (العضوض) القائم علي شرعية الفتح بقوة السيف ،فالدولة تحمل اسم منشئها إبتداءا بالدولة الاموية ثم العباسية والادريسية والفاطمية، ،البهوية،الطولونية،الاخشيدية،الارتقية، العثمانية ، والحاكم فيها يملك الارض ومن عليها ، يمنح ويمنع دون ان يسأل عما يفعل ،ويقتل من يريد ،ليس فقط الخليفة ،ولكن الوالي الذي يحكم بإسمه ، يستوي في ذلك الحجاج بن يوسف في القرن الاول الهجري مع أي والي عثماني في القرن الثالث عشر الهجري ، ثم ان هذا الحاكم الذي يملك الارض ومن عليها له اجهزة تعاونه في الحكم اهمها فقهاء الشرع ،وشعراء الدعاية وجنود القوة وديوان الجباية والقضاء وغيره. والعقيدة السياسية والشرعية لهذه الدولة هي طاعة ولي الامر ، وهي التي يرتكز عليها فقهاء السلطة ،ويستشهدون عليها بقول الله تعالي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ ) (59) النساء )، يجعلون ولى الأمر مُطاعا تبعا لطاعة الله والرسول . ويقصدون بولى الأمر ( الأمير أو الحاكم ) خلافا لمفهوم ( أولى الأمر ) فى القرآن فى نفس السورة والتى تعنى صاحب الخبرة والتخصص فى الأمر أو الشأن المطروح، وهذا ما جاء فى قوله تعالى : (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ )(83) النساء ) ، وخلافا أيضا للطاعة التى هى لله جل وعلا وحده فى رسالته التى نزلت على رسوله ، وبالتالى فإن أى طاعة لبشر هى مقيدة بطاعة الله تعالى فى كتابه . وخلافا أيضا للشورى فى القرآن والتى تعنى الديمقراطية المباشرة بمفهوم عصرنا ، والتى بالتالى تتناقض مع الاستبداد . والاستبداد جريمة كبرى فى الاسلام ، ولقد جعل الله تعالى فرعون إماما لكل المستبدين الظالمين بما يؤكد ان الاستبداد السياسى يؤدى الى تأليه المستبد وملكيته للوطن والأرض ومن عليها ، وهذا ما كان يعلنه فرعون : (وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ (51) الزخرف ). ولكن سرعان ما عاد المسلمون فى القرن الأول الهجرى الى ثقافة العصور الوسطى المتناقضة للاسلام والقرآن الكريم ، وساروا على سُنّة فرعون أو ( دأب فرعون ) بالتعبير القرآنى ، فتأسست نظم حكم مستبدة تحمل أسماء منشئيها ، وتجعل طاعة المستبد من طاعة الله ورسوله وفق تحريفهم لمعنى الآية 59 من سورة النساء . وعاش فقهاء المسلمين فى كنف هذه السلطة المستبدة ، واذا ثار الفقيه –الذي يمثل الشرع البشرى السائد الذى يخدم السلطان - علي السلطة كان من ضحاياها ،وتستعين السلطة عليه بزملائه الفقهاء ،ولا يستلزم الامر احيانا اكثر من عقد محاكمة ،كما حدث في تاريخ ابن حنبل وابن تيمية .
6 ــ وقد كان هذا في حواضر العالم الاسلامي وفي عصر قوة المسلمين في الدولة العباسية والفاطمية والمملوكية ،وتأزمت الامور اكثر في عصر ضعف المسلمين في الدولة العثمانية خصوصا في صحراء الجزيرة العربية ،حيث تركزت الشرعية في السيف وحده بنفس القدر الذي تهاوي فيه اثر الشرع واضمحل فيه مستوي الفقهاء ،وهذا ما كانت عليه نجد خلال الدعوة الوهابية السلفية ،وجاءت الدولة السعودية السلفية لتعيد للفقهاء مكانتهم ،ولتجعل الشرعية الوهابية ممثله في ال الشيخ ابن عبد الوهاب مصاحبة لشرعية الفتح بالسيف …
7 ــ وسقطت الدولة السعودية الاولي ،وإنهارت الدولة السعودية الثانية ،وجاء عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود ليعيد تأسيس ملك آبائه بقوة السيف ومستعينا بالفكر السلفي وبالأخوان النجديين الذين ما لبثوا ان ثاروا عليه باسم الشريعة الوهابية ،وبدأت بهم المعارضة الوهابية للدولة السعودية ، ثم تأصلت أخيرا باللجنة التي تعمق فكرها السلفي الوهابى لتحارب به الدولة السعودية السلفية ،ويظهر ان الصراع بين سلفية الحكومة وسلفية المعارضة هو في حقيقته صراع سياسى حول الثروة والسلطة، ويحمل كل فريق شرعية سلفية ، الأسرة السعودية تحمل شرعية الفتح وطاعة ولى الأمر ، واللجنة التى تحمل شرعية الفقيه الذي يزعم انه يمثل الشرع ويريد استخدامه في المزايدة علي السلطة والتحكم السياسي فيها وفي الشعب .
وفى هذا الفصل الثانى تحليل الصراع بين اللجنة الشرعية والدولة السعودية .
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5123 |
اجمالي القراءات | : | 57,057,891 |
تعليقات له | : | 5,452 |
تعليقات عليه | : | 14,828 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
الغزالى حُجّة الشيطان : ف 2 : الغزالى فى الإحياء يرفع التصوف فوق الاسلام ( 1 )
الغزالى حُجّة الشيطان ( 9) الغزالى والاسرائيليات ( جزء 2 )
دعوة للتبرع
متعة الأرملة : اية رقم ٢ 636;٠ ; البقر ة ما معناه ا ...
الابتلاء خيرا وشرا: السلا م عليكم ابي العزي ز .. انا رجل في...
ارحمونا: کی یق ل الله جل وعلا حکم النوا قض ...
ثلاثة أسئلة: س 1 : ما حكم كلمة "آمين" التي يجهر بها المصل ون ...
تخريف السنيين: عند أهل السنة معلوم بأنه كلما صليت صلاة في...
more