آحمد صبحي منصور Ýí 2014-03-24
كتاب ( قل ) فى القرآن الكريم
( أقوال الرسول فى القرآن فقط ، وليس له أقوال فى الاسلام خارج القرآن )
الباب الثالث : ( قل ) فى إصلاح الكافرين عموما
الفصل الثامن : ( قل ) فى الحوار وعظا بقرب قيام الساعة
مقدمة : ـ
توقفنا فى الفصل السابق فيما يخصّ الفطرة مع قوله جل وعلا : ( قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (46) سبأ ). الآن نتوقف مع روعة الإعجاز فى نفس الآية ، فى الجزء الأخير منها ، وهو قوله جل وعلا : ( إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ). والذى يعنى إنذارهم بعذاب شديد قريب جدا ، وأقرب مما يتصورون . وهذا العذاب المقصود هو قيام الساعة . ونعطى بعض التفاصيل
أولا : تأجيل عذاب المشركين الى قيام الساعة
1 ـ وكان مشركو العرب ـ بدافع العناد ـ يطلبون آية حسية ، كما كان حدث للسابقين ، وقد أوضح رب العزة إن زمن الآية الحسية قد إنتهى ، وجاء موعد الآية العقلية المستمرة الى قيام الساعة ، وهى القرآن الكريم وفيه الكفاية :( وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51) العنكبوت )، وكانت الأمم السابقة مجتمعات متفرقة منعزلة لم تقترب من النضج العلمى والعقلى للبشرية حين عرفت الاتصال فيما بينها وبناء حضارت . هذه الثقافة البدائية كان يناسبها آية حسية مؤقتة لنفس القوم ونفس الجيل تقريبا ، فكانت الآيات الحسية تأتى تخويفا لهم وإنذارا لهم بالهلاك ، ولم تفلح الآيات الحسية فى هداية الأقوام السابقين فتم إهلاكهم ، ويكفى أن قوم ثمود جىء لهم بآية حسية ، هى ناقة مخلوقة من الصخر كانت تكفيهم لبنا ، فعقروها ، يقول جل وعلا عن منع الآية الحسية : ( وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَنْ كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً (59) الاسراء ).
2 ـ وكان مشركو العرب ـ بدافع العناد ـ يطلبون مع الآية الحسية العذاب بالاهلاك العام . ولأن الاسلام بالقرآن جاء إنذارا للبشر جميعا الى قيام الساعة فإن الاهلاك الجماعى لم يعد واردا للبشر جميعا ، مع إن أغلبهم مُضلّين : ( وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (116) ) ( الانعام ). وبالتالى تم تأجيل العذاب الى قيام الساعة لإعطاء البشر جميعا فرصة الشفاء من مرض الكفر . ليس هذا لكفار قريش فحسب ، بل هو لمن يسير على سُنّتهم الى قيام الساعة من المحمديين والمسيحيين والبوذيين وسائر من يقدس البشر والحجر .
3 ـ مشركو قريش كانوا يتعجلون العذاب والاهلاك فنزل فى الحوار معهم دون إستعمال ( قل ) بأن موعد عذابهم هو قيام الساعة ، وهو موعد الاهى لن يخلفه رب العزة ، لكنه الفرق بين الحساب الزمنى بين الأمر الالهى الذى صدر فعلا ، وبين موعد تنفيذه بالزمن الأرضى البشرى . وقد قال جل وعلا : ( أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ )(1 ) النحل ): أى إن الأمر الالهى صدر فعلا بالزمن الالهى والأوامر الالهية فلا تستعجلوه ، لأن يوما عند رب العزة هو كألف سنة فى حساب البشر، يقول جل وعلا عن إستعجالهم العذاب يردّ عليهم ( وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) (47)(الحج) . ويؤكد رب العزة أنه لو آخذهم بما كسبوا لعجّل لهم العذاب ، ولكن حدّد لهم موعدا حتميا لا يمكنهم الفرار منه وهو قيام الساعة : ( وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمْ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً (58 الكهف ). ويقول جل وعلا عن إقتراب الساعة ، أو العذاب : ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1) لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (2) مِنْ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ (3) تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ 35إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4) فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً (5) إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً (6) وَنَرَاهُ قَرِيباً (7) المعارج ). الاجابة عن التساؤل لم تأت بكلمة (قل ) ، فلم يقل جل وعلا ( قل إنهم يرون بعيدا ونراه قريبا ) بل جاء الخطاب الالهى مباشرا معبّرا عن الذات الالهية:( إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَرَاهُ قَرِيباً ) .
ثانيا : إقتراب العذاب ( إقتراب الساعة )
1 ـ تاريخ البشرية من هبوط آدم وزوجه لهذا الكوكب والى قيام الساعة ينقسم الى قسمين بالنسبة للرسالات السماوية : (1 ) البشرية قبل نزول القرآن ، وهو تاريخ يمتد الى عشرات الألوف من السنين وآلاف الأمم والشعوب والرسل والأنبياء ، وهذا غيب لا يعلمه إلا الله جل وعلا . و( 2 ) البشر فى المرحلة القرآنية ، أو البشرية بعد نزول القرآن الى نهاية العالم . ونزل القرآن الكريم إنذارا للبشرية والعالمين ، ونحن نعيش فى هذه المرحلة ، ونرى الحوار القرآنى ينطبق على ما تفعله البشرية وما تقوله فى الكفر ، حتى من ( أمة محمد ) أو المحمديين الذين يزعمون أنهم يؤمنون بالقرآن الكريم .
2 ـ المرحلة القرآنية من الناحية الزمنية قصيرة جدا ،وليست بشىء مقارنة بالمرحلة السابقة لها . ولكن المرحلة القرآنية من نزول القرآن وحتى الآن والى قيام الساعة هى التى ـ برغم قصرها الزمنى ـ شهدت حتى الان تطورا هائلا حضاريا وعلميا وتكنولوجيا ، بما يعزز التواصل بين البشر وتخطى عوائق الزمان والمكان ، وتقارب الثقافات ، واللغة البشرية الموحدة القائمة على الأرقام والأعداد. والآية القرآنية أو الاعجاز القرآنى يواصل تحدى البشر فى كل عصر منذ نزوله والى قيام الساعة . فى مواجهة اللغة البشرية الموحدة ( الأرقام ) والتى تتأسس عليها الحضارة الراهنة يأتى الاعجاز العددى فى القرآن ـ وهو فى داخل القرآن منذ 14 قرنا ـ مواكبا لها ، كما إن الاعجاز العلمى فى القرآن ـ ما إكتشفناه وما لم نكتشفه بعد ـ يؤكد مواكبة القرآن للبشرية فى هذه المرحلة الأخيرة من حياتها ؛ أى المرحلة القرآنية أو مرحلة ( قبيل الساعة ). الإعجاز العلمى القرآنى يأتى مصاحبا للتطور البشرى منذ نزول القرآن والى قيام الساعة ، ومنها إعجازات علمية لم نكتشفها بعد ، وستكتشفها أجيال قادمة. ( الرحمن 33 ) ( النمل 40) .
3 ـ وقبل نزول القرآن الكريم ، وحين كلم الله تعالى موسى عليه السلام قال له جل وعلا ( إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا ) ( طه 15 )، بعدها بحوالى ألف عام نزل القرآن الكريم ، وفي القرآن الكريم إشارة عن أشراط الساعة ، يقول سبحانه و تعالى عن الساعة: (فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا ) (محمد18)،أى جاءت أشراط الساعة مع نزول القرآن الكريم من 14 قرنا.
وقت نزول القرآن الكريم كان هناك قلق من قرب قيام الساعة يعبر عنه التكرار المستمر لسؤال النبى محمد عن موعد قيام الساعة ، ولم يمنع هذا التكرار من التأكيد المتكرر بأن النبى محمدا لا يعلم الغيب و ليس له أن يتحدث عن موعد قيام الساعة :(الأعراف 187 ) ( النازعات 42 ـ) .
4 ـ و التعبير القرآنى عن اقتراب الساعة يستعمل صيغة الفعل الماضى ، وهو اسلوب بلاغى يؤكد على تحقق الوقوع ، كقوله تعالى : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ) فانشقاق القمر سيحدث فقط عند قيام الساعة وتدمير الكون ، وهذا من ملامح أحداث الساعة وفقا لتفاصيلها القرآنية ، إذ يتم تدمير النظام الكونى كله القائم على التوزان بين الجاذبية وقوة الطرد المركزى ، ليكون من ملامحه انشقاق السماء وما فيها من قمر. ولكن التعبير عنه هنا جاء بالماضى (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ) لتحقق وقوعه فى المستقبل . وأشارت الآية التالية الى معجزة القرآن الكريم أو الآية الخاتمة للبشر والتى أعرض عنها المشركون ورموها بالسحر :(وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ )( القمر 1 : 2 ).أى إن آيات القرآن الكريم دليل على إقتراب الساعة. ونفس الحال فى مفتتح سورة النحل :(أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ ) والتعبير هائل فى إعجازه، لأنه تحدث بالماضى عن قيام الساعة فقال (أَتَى أَمْرُ اللَّهِ) أى صدرالقرار الالهى بقيام الساعة ، ولكن تنفيذه سيكون طبقا للزمن الأرضى الآتى فى المستقبل ، لذا قال جل وعلا للبشر:(فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ ). الحديث هنا عن زمنين ، الزمن الالهى الذى صدر فيه الأمر بقيام الساعة ، والزمن الأرضى الذى سيشهد تحقيق هذا الأمر عندما يدور الزمن الأرضى دورته . وجاءت أيضا الاية التالية تتحدث عن نزول القرآن الكريم كإحدى علامات قرب قيام الساعة : ( يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ) .ونفس الحال فى مفتتح سورة الأنبياء ، فالآية الأولى تتحدث ليس فقط عن اقتراب قيام الساعة بل يوم الحساب نفسه وغفلة الناس ـ منذ 14 قرنا عنه (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ ) وتأتى أيضا الآية التالية تتحدث عن الرسالة الأخيرة والخاتمة من الله تعالى للبشر وهى القرآن الكريم قبل قيام الساعة وموقفهم منه:(مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ). المستفاد هنا شيئان : (ا)إن نزول القرآن الكريم منذ 14 قرنا هو أول علامات إقتراب الساعة . فكيف بنا الآن ؟ (ب ) إن إحتواء القرآن الكريم على أهوال قيام الساعة وأهوال العذاب يوم القيامة يأتى إنذارا وتحذيرا مقدما لنا قبل وقوعها،وفى نفس الوقت هو التحذير الأخير للبشرية قبيل القيامة..
5 ـ نزول القرآن الكريم منذ 14 قرنا هو أول علامات اقتراب الساعة ، و خلافا للخرافات السلفية فى أحاديث علامات الساعة فان فى القرآن الكريم إشارات لثلاث علامات أخرى للساعة ، وقد تكلمنا عنها بالتفصيل عنها فى مقالات سبقت عن ( الفزع الأكبر ) ، ولكن نشير هنا إلى أننا نشهد فى عصرنا الحالى الدخول فى العلامة الثانية من علامات الساعة ، وهى أن الأرض أخذت زخرفها وإزّينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها : (حَتَّى إِذَا أَخَذَتْ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24) يونس ). الله جل وعلا هنا يتحدث عن القرية الكونية التى تنعدم فيها المسافات ويصبح البشر فى الأرض قرية واحدة ، والتعبير القرآنى المعجز يصف البشر فى هذه الأرض بأنهم ( اهلها ) الذين وصلوا بتقدمهم العلمى والتكنولوجى الى الاعتقاد بأنهم القادرون على التحكم فيها ( أهلها ) : (وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا ). يبقى زمن يسير ، ويصل زخرف الأرض الذى نشاهده فى الغرب وأمريكا واليابان الى دول العالم الثالث ، لتأخذ الأرض كلها زخرفها ، وعندها يأتى تدمير العالم وقيام الساعة بغتة . هذا ما تحدث عنه رب العزة فى حوار مع البشر بدون ( قل ) ، فى الرسالة السماوية الخاتمة للبشرية قبيل قيام الساعة . الآن فى عام 1435 ، بعد نزول القرآن الكريم ، فإذا كانت الساعة قد إقتربت منذ أكثر من 14 قرنا ، فنحن الآن منها قاب قوسين أو أدنى .
ثالثا : قيام الساعة ـ أيها القارىء الآن ـ أقرب اليك مما تظن
1 ـ عن يوم القيامة يقول جل وعلا بدون إستعمال ( قل ) : ( يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفّاً لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً (38) ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا (39) النبأ ) وبعدها يقول جلّ وعلا ينذرهم بنفسه بيوم القيامة أو العذاب القريب بدون كلمة ( قل ) :( إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا (40) النبأ ).
وباستعمال ( قل ) أمر الله جل وعلا خاتم النبيين أن يقول : ( قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (46) سبأ )، أى إنه نذير لهم ( بين يدى عذاب شديد ) . أى قريب منهم ، مع إنهم يرونه بعيدا ويراه رب العزة قريبا .
وتتفق الآيتان فى التعبير عن قرب قيام الساعة : ( إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا )، ( إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ). ولكن يبدو نوع من الاختلاف بينهما فى أن آية سورة سبأ يتم فيها توجيه الحوار مع كفار قريش بالذات عن ( محمد صاحبهم ) : ( قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (46) سبأ )،بينما تأتى الآية الأخرى فى سورة ( النبأ ) فى حوار بدن ( قل ) موجها للجميع ، من كفار قريش الى قبيل قيام الساعة بدقائق . الخطاب لكفار قريش ولنا ولمن سيأتى بعدنا يؤكد للجميع قُرب إقتراب الساعة بنفس الأسلوب . أى إن قُرب قيام الساعة هو نفسه لى ولك ولأحفادى ولأحفادك وللسابقين والأجداد من عشرة قرون ولكفار قريش . فكيف هذا ؟ من المستحيل أن نفهم هذا أن نعرف مشكلة الزمن ، والتعامل القرآنى المعجز فيه ، وخصوصا فى البرزخ .
2 ـ الزمن هو الضلع الرابع للكتلة ، هو الذى يغلف المادة ، ومنها مادة الجسد البشرى . والانسان يتكون من ( نفس ) تنتمى لعالم البرزخ الذى لا زمن فيه ، ومن ( جسد ) يخضع للزمن ، وتظهر عليه آثار الزمن ، بينما لا تشيخ النفس لأنها لا تخضع للزمن ككائن برزخى .
خلق الله جل وعلا الأنفس البشرية كلها مرة واحدة ، وأودعها فى البرزخ . من البرزخ تأتى كل نفس ـ فى موعدها المحدد سلفا ـ وترتدى ثوبها الجسدى جنينا ثم طفلا وليدا ثم شابا ثم كهلا وشيخا الى أن تموت ، أيضا فى موعدها المحدد سلفا . يبدأ العدّ التنازلى ليحياتها الأرضية بمجرد الولادة ، الى أن تنهى حيانها بالموت ، حيث تترك جسدها فيعود الجسد ترابا ، وتعود النفس الى برزخها بعد أن أخذت دورها فى إختبار الحياة الدنيا . وهكذا تأتى كل نفس فى موعدها المحدد لتلبس جسدها ، ثم تتركه نهائيا بالموت فى موعد محدد أيضا . وبعد أن تدخل كل الأنفس أجسادها ، وينتهى إختبار هذه الحياة الدنيا تقوم الساعة . أى إنه فى البرزخ توجد أنفس الذين ماتوا من قبل وأخذوا دورهم فى إختبار الحياة ، وفى البرزخ أيضا أنفس الذين لم يأتوا بعد الى إختبار هذه الحياة. وفى الحالتين هى أنفس موتى لا تتعرف ببعضها ولا تعرف بعضها . فى البرزخ أنفس أجدادى حتى آدم ، وأنفس أحفادى الى قبيل قيام الساعة .
وعند قيام الساعة ينتهى الحمل والولادة ، وتضع كل ذات حمل حملها ،ويموت الجميع من آخر جيل فى الأرض يشهد قيام الساعة : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ) 2 )( الحج ) .
الأحياء الذين يسعون فى الأرض ليسوا بعيدين عن البرزخ ، إذا تعود أنفسهم الى البرزخ مؤقتا ، تستريح فيه من سجن الجسد ، بضع ساعات كل يوم ، وهو ما نسميه بالنوم ، والنوم صورة مصغرة من الموت ، أو هو (وفاة ) مؤقتة ، غير الوفاة التى تعنى الانفصال التام بين الجسد والنفس: ( اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ) (42)( الزمر ).
عند الموت تدخل نفس الميت البرزخ وتظل فيه حتى يوم البعث ، لذا فإن الذى تمكن منه مرض الكفر حتى الاحتضار حين يرى ملائكة الموت يستغيث بربه جل وعلا يقول ( رب ) ويقول للملائكة يترجاهم ( أرجعون ) : (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) المؤمنون ). لا رجوع من برزخ لمن مات . ولكن هناك رجوعا من البرزخ لمن ينام ، تظل نفسه مربوطة بحبل سرى بالجسد ، وتعود اليه فيستيقظ الجسد .
ولأن البرزخ مستوى لا وجود فيه للزمن فإن نفس النائم لا تحس بالزمن ، سواء قضت فى البرزخ وقت منامها ، يوما أو بعض يوم فعلا ، أو قضت فى البرزخ مائة سنة وا أكثر . النتيجة هى الاحساس عند الاستيقاظ انه نام يوما أو بعض يوم . حدث هذا مع ذلك الذى أماته ، أو أنامه ، الله مائة عام ثم بعثه أو أيقظه فظن أنه نام أو مات يوما أوبعض يوم : ( فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ ) 259 البقرة )، وحدث مع أهل الكهف الذين لبثوا فى كهفهم 309 عاما : ( وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً (25) الكهف ) وحين إستيقظوا ظنوا أنهم ماتوا أو ناموا يوما أو بعض يوم : ( وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ) (19)الكهف) .
نفس الحال عند قيام الساعة . سيُحِسُّ كل البشر الموتى عند البعث أنهم ماتوا أو ناموا ثم إستيقظوا بعد يوم أو بعض يوم ، أو بعد ساعة ( أى أقل من يوم فى المصطلح القرآنى ). تمرُّ عليهم فترة البرزخ كأنها ساعة : ( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (55) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ (56) الروم ). وحتى وهم فى الحشر يتذكرون الدنيا وتعارفهم فيها ببعضهم كأنما حدث هذا بالأمس القريب : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِنْ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ )(45) يونس ).ويقول جل وعلا عن الكفار عند الساعة والبعث ( كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46) النازعات ).ويقول جل وعلا عمّن يستعجل القيامة والعذاب : ( كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ) (35) الاحقاف ) أى جزءا من النهار .
المحصّلة النهائية أن البشر الموتى كلهم سيتساوون فى الاحساس عند البعث بأنهم أمضوا يوما أو بعض يوم فقط بعد موتهم . لا فارق بينى وبينك وبين آدم وحواء وآخر جيل يموت قبيل قيام الساعة .
3 ـ ماذا يعنى هذا بأمثلة عملية ؟ يعنى بالنسبة لى : أننى الآن قد جاوزت الخامسة والستين ب 24 يوما . ولنفرض أن الله جل وعلا قد حدد موعد موتى بعد عامين . إذن بينى وبين الساعة : عامان + يوما أوبعض يوم . يعنى سأموت وسأستيقظ عند البعث وأحسّ أننى مُتُّ أمس فقط ، او من يوم أو بعض يوم . وإذا كنتّ أومن فعلا بالله وجل وعلا وباليوم الآخر فلا بد أن أُعايش هذا الاحساس بأن بينى وبين يوم القيامة هو ما تبقى لى من عُمر + يوما أو بعض يوم .
هذا يعنى بالنسبة لأبى جهل وأبى لهب الآتى : حين نزل قوله جل وعلا : ( قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (46) سبأ ). فالنذير بين يدى عذاب شديد يعنى أنهم سيرون هذا العذاب بعد عدة سنوات من حياتهم + يوما أو بعض يوم . لنفترض أن الآية الكريمة نزلت قبل الهجرة بعامين ، وحدثت موقعة بدر بعد الهجرة بعامين ، أى إن أبا جهل المقتول فى بدر وأبا لهب الذى مات كمدا بعد هزيمة بدر ، قد عاشا أربع سنوات بعد نزول الآية الكريمة ، وعندما يستقظون عن البعث سيخيل اليهم أنهم ماتوا بالأمس فقط ، يعنى ينطبق عليهم قوله جل وعلا عن قيام الساعة :( إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا ) 40) النبأ ). وهذا العذاب القريب ينطبق على كل كافر أتى أو سيأتى فيما بعد .
كل مولود يأتى الى هذه الدنيا ، وقد تحدد أجله أو الزمن الذى سيعيشه ، وكل يوم ينقص من عمره يتم تسجيله ، أى يبدأ العد التنازلى لحياته بمجرد ولادته ( وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (11) فاطر)، ثم يموت فتدخل نفسه فى البرزخ بلا إحساس بالزمن ، فإذا جاء يوم البعث للجميع أحسّ كل منهم بأنه مات من يوم او بعض يوم . يعنى لنفرض أن مولودا وُلد اليوم ، ومقدر له أن يعيش سبعين عاما ، فإن بينه وبين يوم القيامة هو سبعون عاما + يوما أو بعض يوم .
أخيرا
1 ـ نحن فى هذه الحياة نركب قاطرة الزمن التى تجرى بنا فى إتجاه واحد لا يتوقف إلا بقيام الساعة . كل منا يركب هذه القاطرة فى وقت محدد ، ويغادرها بالموت فى ساعة محددة . مستحيل أن يتوقف القطار ، مستحيل أن يتوقف الزمن أو أن يتمهّل . أنا أكتب هذا المقال فى الساعة 21 : 5 دقيقة مساء الاثنين فى 24 مارس 2014 . لا أستطيع تحديد الثانية التى أكتب فيها هذا الحرف ، بمجرد الانتباه لها تكون قد مضت لأن الزمن متحرك لا أستطيع إيقافه ، أى بسرعة 60 ثانية فى الدقيقة تتحول الثانية من حاضر الى ماض إنتهى . ( هل تستطيع أن تستحضر يوم امس ؟.) . بالنسبة لنا يتحول المستقبل الذى هو أمامنا وبين أيدينا الى حاضر ثم الى ماض . بالنسبة لرب العزة فهو خالق الزمن ، وبالنسبة له جل وعلا فهو يعلم المستقبل والماضى والحاضر ، أو بالتعبير القرآنى الرائع : ( يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ )(255) البقرة )، يعلم المستقبل الذى بين ايدينا كعلمه بالماضى الذى تركناه خلفنا .
2 ـ الغافل من البشر يعيش الحاضر فقط ، يتصارع فى تحصيل مال سيتركه بالموت ، وفى الوصول الى جاه سيغادره بالوفاة ، وهو لا يعلم أن بينه وبين يوم القيامة هو ما تبقى له من عمر + يوما أو بعض يوم ، يركب قطار الحياة ويرى الناس تموت حوله ويتصرف كأنه وحده الذى سيظل فى القطار دون مغادرة . هو غافل عن موعد القيامة الذى يقترب منه والذى يحمله اليه قطار الحياة الذى هو أيضا قطار الموت . والله جل وعلا فى عليائه يرى حاضرنا ومستقبلنا وماضينا ، وينذرنا ويجعل لنا الشفاء فى كتابه الكريم ، ونحن عنه غافلون .
إقتربت الساعة ونحن عنها غافلون . ألهانا عنها التكاثر بالأموال والأولاد والصراع حول هذا وذاك الى أن ننتبه عند الموت بعد فوات الأوان : (أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمْ الْمَقَابِرَ (2) كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4) كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوْنَ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوْنَهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7) ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنْ النَّعِيمِ (8) التكاثر ) .
لذا يقول جل وعلا يحذّر المؤمنين :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ (9) وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ (10) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (11) المنافقون )
ودائما : صدق الله العظيم
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5123 |
اجمالي القراءات | : | 57,055,146 |
تعليقات له | : | 5,452 |
تعليقات عليه | : | 14,828 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
الغزالى حُجّة الشيطان : ف 2 : الغزالى فى الإحياء يرفع التصوف فوق الاسلام ( 1 )
الغزالى حُجّة الشيطان ( 9) الغزالى والاسرائيليات ( جزء 2 )
دعوة للتبرع
نحتاجك معنا: السلا م عليكم الاست اذ احمد صبحي منصور...
قرآنيون فى (قُم ) : بسم الله الرحم ن الرح 1740;م بعد السلا م و...
بين العدل والاحسان: لنفتر ض أن شخصا إعتدى علىّ وضربن ى فضربت ه ...
قناة فضائية: لي راى متواض ع وهو لماذا لا يكون هتاك قناه...
more