محمد صادق Ýí 2013-12-28
وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ
الجزء الثانى
تعرضت تعاليم الإسلام بعد وفاة الرسول محمد عليه السلام، لتفسيرات مختلفة تحمل فى واقع الأمر رؤية المفسرين وفهمهم لآيات القرءان الكريم. ولم يأل اليهود الذين إندسوا فى مجتمعات المسلمين جهدا من تغذية تلك التفسيرات بالإسرائيليات البعيدة عن المفهوم الحقيقى للإسلام.
وكان لظهور الفرق الإسلامية إثر الفتنة الكبرى دور لا يستهان به فى ما آل إليه حال المسلمين. إذ أخذت كل فرقة تفسر القرءان بما يخدم رؤيتها ومصالحها وأهدافها، بل أمعنت كل واحدة فى إختلاق أحاديث نسبوها إلى النبى وذلك من أجل تدعيم وجهة نظرها فى صراعها ضد الفرق والمذاهب الأخرى.
وكان من الطبيعى أن يؤدى كل ذلك إلى أن يختلط الأمر عند المسلمين، فإبتعدوا عن الينبوع وتمسكوا بالقشور، وصاروا أسرى كتب الشروح وتفاسيرها، يقدسون المذاهب وأئمتها ويغالون فى تنزيه الأولياء وآرائهم من دون تبصر وفهم. وبدل أن يعرضوا القضايا والأمورعلى القرءان الكريم ، تهاونوا وتركوا الأمور تجرى لتتفاقم ، فلم يدرسوا القرءان الكريم دراسة واعية، ولم ينظروا فى معانى آياته نظرة إجتهادية مدققة - نظرة تدبر - يسايروا من خلالها التقدم العلمى وما وصل إليه العقل الإنسانى ويقدموا الحلول العلمية والموضوعية والإنسانية لمشكلات الإنسان وقضاياه المعاصرة.
فبقيت دراسة القرءان الكريم رهنا وحكرا على فئة خاصة من العلماء مما أدى إلى الجمود فى تاريخ الفكر الإسلامى. ويقول رب العزة فى ذلك :
كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ " (سورة ص 29
ثم يعقب سبحانه وتعالى على عدم التدبر بطريقة السخرية فيقول عز من قائل:
" أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا " (سورة محمد 24
ومن جراء ذلك الجمود ومنذ بداية الصراع " الفتنة " إستفادت فرق وفئات فى تجيير هذا الصراع لمصالحها من دون إكتراث لمصلحة المسلمين.
وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ
شريعة المجتمع...
ليس فى الوجود شريعة ثابتة يمكن للفرد أن يطمئن فى ظلها على حياته وحقوقه وواجباته سوى الدين الصحيح أو العرف، لأن الدين لا يمكن أن يكون محل تغيير أو تبديل أو إلغاء من قِبَلْ أى حاكم أو حكومة وأداة سلطة، كما يحدث للدساتير والقوانين الوضعية التى تتغير وتتبدل بتغير الحكومات وأدوات السلطة.
ويعود ذلك إلى كون الدساتير والقوانين تُعَبِّر فى واقع الأمر عن رؤية أداة الحكم ومصالحها سواء كانت هذه الأداة فردا أم طبقة ، حزبا أم قبيلة.
ولما كانت رؤية أدوات الحكم ومصالحها وأمزجتها مختلفة فإن الدساتير والقوانين تتغير بتغيرها. ولا شك أن هذا هو الخطر المحدق بالحرية الكامن فى فقدان الشريعة الحقيقية للمجتمع الإنسانى. لأنها حلت محلها تشريعات وضعية وفق الأسلوب الذى ترغبه أداة الحكم فى حكم الناس. والأصل هو أن أسلوب الحكم هو الذى يجب أن يتكيف وفقا لشريعة المجتمع وليس العكس.
إذن فشريعة المجتمع ليست محل صياغة وتأليف، وتكمن أهمية الشريعة فى كونها الفيصل لمعرفة الحق والباطل والخطأ والصواب، وحقوق الأفراد وواجباتهم، ذلك أن الحرية تبقى مهددة ما لم يكن للمجتمع شريعة مقدسة ذات أحكام ثابتة غير قابلة للتغير والتبديل بواسطة أى أداة من أدوات الحكم، بل أداة الحكم هى الملزمة بإتباع شريعة المجتمع.
إن الشريعة المقدسة ذات ألأحكام الثابتة التى تصلح وحدها أن تمون شريعة للمجتمع، هى الدين والعرف أو الإثنان معا، والدين كما هو موضح فى الكتاب القرءان الكريم فقط . إذن فالدين المحتوى على العرف تأكيد للقانون الطبيعى، ذلك أن الشرائع غير الدينية وغير العرفية هى إبتداع من إنسان ضد إنسان آخر، وهى بالتالى باطلة، لأنها فاقدة للمصدر الطبيعى الذى هو العرف والدين.
لا يقصد بالدين الدين الإسلامى فقط ، بل المقصود هو أى دين لأى مجتمع من المجتمعات، فإذا كان الإنسان مسلما كانت شريعته الدين الإسلامى، وإذا كان الإنسان مسيحيا كانت المسيحية شريعته، ألخ...أما المقصود بالعرف فهو ما تعارف عليه الناس فى مجتمع ما.
ولما كان الإسلام هو دين العرب والشعوب الإسلامية ، ولما كان الدين الإسلامى هو ما جاء به القرءان الكريم، فإنه من الطبيعى أن يكون القرءان وحده مصدر التشريع الوحيد ، لأنه شريعة ثابتة مقدسة غير قابلة للحذف أو التغير أو ىالتبديل كالدساتير الوضعية.
وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ
ولكن قد يقول قائل إن القرءان الكريم لا نجد فيه أحكاما لقضايا المجتمعات الإنسانية المعاصرةومشاكلها، ذلك أن معظم آياته الكريمة تتحدث عن أشياء دينية بحتة: كالإيمان بالله وبوجوده ووحدانيته، والإيمان بالبعث والحساب والعقاب والجنة والنار، والإيمان بوجود الملائكة والشياطين وغير ذلك من أمور لا تمت إلى ما تعانيه البشرية اليوم من مآسِ وهموم. أما الأمور الدينية ، كما يذهب بعض المشككين والمنحرفين فهى قليلة فى القرءان الكريم ، لا تتعدى قضايا الميراث والزواج والطلاق، حتى العقوبات الدنيوية فهى فى عرف هؤلاء قليلة فى القرءان لا تتجاوز عقوبات قطع اليد و الجَلْدْ لجرائم السرقة والزنا ... .
هذه الإدعاءات تبدو ضعيفة الحُجة مردودة للأسباب التالية:
1- إن ىمجموعة الأحكام الموجودة فى القرءان الكريم والمتعلقة بالحياة الدنيا، كالزواج والطلاق والنفقة والميراث والزنى والسرقة، هى أحكام حددها الله سبحانه ولا يجوز للمسلم تجاهلها وإبتداع أحكام إجتهادية جديدة بديلة عنها .
2- إن العقوبات المؤجلة فى القرءان عن الأخطاء والسيئات التى يقترفها الإنسان فى الحياة الدنيا لها مغزى وحكمة عظيمان، فالقرءان فى وعده بالنعيم للذين يعملون خير، ووعيده بالعقاب القاسى فى ألآخرة لمن يعمل شرا " فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)" (سورة الزلزلة 7 - 8) الزلزلة 8 ، يحد من النزعات العدوانية الشريرة، ويدفع الناس إلى الأعمال الصالحة، الأمر الذى من شأنه أن يساعد على قيام مجتمع إنسانى فاضل لا وجود فيه لظالم أو مظلوم.
3- إن فى القرءان حدودا كلية وحدودا عامة، متعلقة بالحياة الدنيا، من شأنها أن تقرر ضوابط للمجتمع وتنظم الحياة بين الأفراد : فالقرءان ينهى عن العدوان: " وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ " المائدة 87 ، كما ينهى عن السخرية والتنابز بالألقاب والتجسس: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12) سورة الحجرات 11 - 12
هذه النواهى الواردة فى الآيات الكريمات تصلح أن تكون ضوابط للعلاقة بين الأفراد وللعلاقة بين الدول، ولو إلتزمتها المجتمعات الإنسانية لساد الأمن والسلام.
وأكثرمن ذلك، فقد تعرض القرءان لتحديد ماهية العلاقة المادية بين الأفراد والمجتمعات فيقول سبحانه: " وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ .." (سورة البقرة 188، كما يهدد المستغلين فيقول: " وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) (سورة المطففين 1 - 3
وهكذا فالقرءان الكريم بحدوده التفصيلية ولو كانت قليلة وبحدوده العامة المتعلقة بالحياة الدنيا، هو الشريعة المثلى للمجتمع الإنسانى. هذه الشريعة التى لا يأتيها الباطل فلا تقبل تحريفا أو تبديلا، وليس من حق أى أداة من أدوات الحكم المعاصرة أن تلغى قواعدها أو تزيف فى أحكامها وفق مزاجيتها ومصالحها وأهوائها.
وهنا يتعين علينا أن نشير إلى مسألة جوهرية تتصل بالحقيقة القرءانية كونها شريعة للمجتمع الإسلامى، وهى أن الإسلام دين الفطرة: " فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ " (سورة الروم 30 ، وهو دين شامل لا يقتصر على الجوانب الروحية بل يتعدى إلى كل شأن من شئون الحياة، فيرسم علاقات ثلاث: علاقة ما بين الإنسن وربه، وعلاقة ما بين الإنسان ونفسه، وعلاقة ما بين الإنسان والإنسان الآخر.
فيكون قد أحاط بالإنسان فى أموره الروحية والإقتصادية والسياسية والإجتماعية، وهو بالتالى دين شامل يقتحم ويتحدى، ويطرح الحلول ويتجاوز حد التوجيه الروحى، وحد القلب والإيمان إلى تنظيم الشؤون الإجتماعية والسياسية والمنافع العملية.
ومن يفهم الدين الإسلامى على حقيقته يعرف أن الإسلام لا يُضاهيه مبدأ مُغاير ولا دين مُحرف ولا حركة فلسفية أو إجتماعية إصلاحية، لأنه يعطى حلولا جذرية للفطرة الإنسانية تستعصى على القوانين البشرية التى يصنفها الإنسان، لأن الإسلام يطرح الكلى الشمولى الجزئى روحيا وماديا، وهذا ما يجعل الإسلام فى موضع التحدى الحضارى .
ولو دُرس الإسلام بصورة صحيحة وفهم كما ينبغى أن يُفهم، لتأكد أنه لا مجال لأن يُقارن بأى من المعتقدات المغايرة له، أو أن يُعار بعض ما فيها إليه، لأن الإسلام هو الذى يُغير ولا يتغير فى جميع القضايا التى تمس الإنسان أوتتعلق به.
وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ
أستودعكم الله سبحانه ولنا لقاء بإذن الله تعالى مع الجزء الثالث...
الموروث قال لنا أن الصلاة عماد الدين"”
وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ
دعوة للتبرع
وهم لا يبصرون .!!: يقول الله تعالى ( إِلَّ ا تَنصُ رُوهُ ...
صلاة الفرد والجماعة: سيدي الفاض ل أستسم حكم : 1) توضيح ان كان هناك...
لا تقنطوا : أنا في حالة لا يرثى لها،ق انتة من رحمة...
الريح : ما معنى الريح فى آية : ( وَلَم َّا فَصَل َتْ ...
متاعب مع خطيبتى : بعد استشا رة الأهل والأح باب اخترت خطيبت ى ...
more