انقلاب أبيض فى مصر

اضيف الخبر في يوم الإثنين ٢٧ - أبريل - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: إنقاذ مصر


 

انقلاب أبيض فى مصر

26th April

 

يراهن كثيرون على أنه لن يحدث أى تغيير فى مصر التى يحكمها بيد من حديد نظام تسانده أمريكا والغرب. هذا الرهان يبدوا منطقيا لكنه ليس عمليا بدليل أن التغيير قد بدأ فعلا.
 
سيسال البعض كيف أقول أن التغيير قد بدأ فعلا بينما مبارك مازال موجودا وأن عمر سليمان مازال يحرك خيوط الدمى التى مفروض أنها تحكم مصر. وسيقولون أن القمع مازال مستمرا وأن مصادرة الحريات فى أوجها وأن إهدار المال العام لم يتوقف. كل تلك الأسئلة صحيحة تماما كما أنه ليست هناك علامات واضحة تشير إلى أى تغيير – ماعدا علامة واحدة دسها إعلام النظام الجوبلزى بكل براعة منذ عدة شهور.ماهى تلك العلامة؟ وما مغزاها ؟ وكيف لم نتنبه لها ؟ وهل ستنجح فى إحداث تغيير؟

ما بدأ يحدث منذ شهورهو شن حملة إعلامية تنتقد كل مشاكل ومصائب مصروتسكب دموع التماسيح حزنا على حال الشعب المسكين ثم تصف الدواء بأنه جرعة كبيرة من أكسير "الفكر الجديد" الذى يحمل براءة إختراعه جمال مبارك (فى الواجهة على الأقل). هذه الحملة يتزعمها عدد من كتبة النظام الذين غيروا نغمة كتابتهم من تأليه حسنى مبارك إلى تلميع جمال مبارك وحتى إلى عكس ما كانوا يهتفون به منذ شهور قليلة قبل بداية الحملة.

بداية الحملة كان فى أغسطس 2008. فمثلا بدأ عبد الله كمال فى روز اليوسف بتاريخ 24 أغسطس سلسلة من خمسة حلقات بعنوان "فطام المليارديرات" قال فى مقدمتها: " لااعتقد انه ينبغى ان تبقى الصيغه القائمه بين القطاع الخاص والدوله على ماهى عليه الان ..او ليكن كلامنا اكثر تحديدا ..ووضوحا(على بلاطه)..العلاقه بين الدوله – كمؤسسه – وبين المليارديرات .. حان وقت الفطام" . واتضح بعدها أن الفطام الذى يقصده عبد الله هو "التوريث" حيث سيأتى جمال مبارك "فرضيا" بنظام لا مكان فيه للصوص أو إحتكارات أو مليارديرات طفيلين.

وفى روز اليوسف بتاريخ 4 نوفمبر 2008 تحت عنوان "تقرير جمال" كتب عبد الله كمال: "كشف جمال مبارك اخيرا عما فى داخله من طاقات وامكانيات كان يحبسها متعمدا ، وبدا فى خطابه الواثق ، المتدفق، المستند الى رؤيه عميقه وشامله ، متجاوزا صفه كونه قياده حزبيه ، ومعبرا عن قدرات جاده واكيده واصيله ..وبدا من منصه المؤتمر السنوى الخامس كمن يقول انه حان قطاف ثمار صبر على انضاجها سنوات ..منذ بدأت عمليه التطوير فى الحزب .
كان الذين يقاومون التطوير فى الحزب يرون ان (التجديد..تبديد)..وثبت بمضى الوقت انه (ترسيخ وتاكيد)..وانه انما بدد مصالح ومنافع كانت تقتات على مافات ..ولما سادت القناعه بالتطوير فى الحزب الوطنى بعد جهد جهيد ..كان ان فزع من ذلك الاخرون خارجه ..وورثوا هم عداء التحديث ..ومعاداته ..وتشويهه ..وشنوا الحرب عليه طيله سنوات ."

وفى مقالته عن "أزمة الزواج" بتاريخ 9 نوفمبر 2008 كتب عبدالله كمال: "ومن المؤكد ان على الدوله دور محدد ، الصحيح بالطبع انها تحاول ان تحل مشكله السكن ، وانها توفر فرص العمل وتحاول حل مشكله البطاله ، لكن مساله الزواج تحتاج الى جهد خلاق اجتماعى وتمويلى يؤدى منها الى تقديم واجب اضافى يساعد الشباب على ان يتزوجوا" .

وفى الأسبوع الماضى هاجم عبد الله كمال أكلة الكافيار والفوا جرا وتباكى على الغلابة الذين لا يجدون حتى العيش الحاف ، ناهيك عن أنهم لا يعرفون معنى تلك الكلمات ، وكأن لحم أكتافه لا ينضح بالبطارخ وكبد الأوز. ومع ذلك فربما أراد عبد الله أن يسدد ضربة تحت الحزام لإيران التى تصدر أفخر وأغلى أنواع الكافيار فى العالم – الله أعلم فأنا لا أستطيع الإقلال من قدرات عبد الله العجيب.

ثم تصاعدت الحملة وزاد "النقد" وارتفعت أصوات المتسلقين المتنافسين على مقاعد فى ديوان سلطان مصر القادم جمال مبارك بداية بأسامة سرايا ومرسى عطا الله من الأهرام ومحمد ابراهيم من الجمهورية و وصولا إلى مجدى الدقاقق من "مش عارف إيه". ورغم ما يشاع فى أروقة النظام فيبدوا أن حملة "التوريث" أعدت بدقة فى غياب الحرس االمسن من أمثال صفوت الشريف ومفيد شهاب وكمال الشاذلى وفتحى سرور وحتى عمر سليمان وحسين طنطاوى.

وهنا أريد ان أتوقف عند مقال كتيه مرسى عطا الله فى أهرام 23 ابريل 2008 لإنه ناقض تماما ما كرره حسنى مبارك من أن أكبر مشكلة فى مصر هى التضخم الرهيب فى عدد السكان. فقد قال مرسى فى مقاله :" ان بمقدورنا ان نتحول بالعماله الزائده من كونها عبئا لكي تكون قوه مضافه مثلما فعل غيرنا والصين خير دليل عندما انتبهوا الي صحه الدرس التاريخي الذي يقول ان زياده قوه العمل تعني زياده الانتاج". ثم أضاف:" وعندما اتحدث عن التحدي المتعلق باستراتيجيه الاستفاده من الثروه البشريه فانني اعلم تماما انه تحد بالغ الصعوبه وبالغ التعقيد‏,‏ لكنه علي وجه التاكيد ليس تحديا مستحيلا وانما فقط يتطلب رؤي علميه شجاعه وجسوره‏.‏" إذن مرسى يرى أن رؤى حسنى مبارك لم تكن علمية أو شجاعة أو جسورة- وكانه لم يمدح حسنى لسنين طويلة.

ونادى مرسى بالحاجة إلى "فكر جديد" قائلا:" اتحدث عن فكر مؤسسي لاداره ثروه مصر البشريه استنادا الي توقعات صائبه وتقديرات دقيقه قبل الشروع في اي مشروع‏,‏ انتاجيا كان ام خدميا‏!‏ ان ابسط مبادئ الفكر المؤسسي للاداره السليمه يحتاج الي حزمه متكامله من الضبط والربط والدقه والنظام والحزم والحسم‏,‏ بقوه لاتبلغ حد التعسف‏,‏ وبمرونه تخلو من شبهه التراخي‏,‏ وتحت مظله من ميزان يضمن تطبيق معايير الثواب والعقاب بعداله ونزاهه وشفافيه‏.‏"

يستطيع من يتابع كتابات المتطلعين إلى شغل مقاعد على قطار "الفكر الجديد" أو"الفكر المؤسسى للإدارة السليمة" أن يلاحظ أنهم ركزوا على التالى:

1-    نقد حاد لمشاكل مصرالكارثية زاد أحيانا عن نقد المعارضين للنظام
2-    أن مشاكل مصر مزمنة سببها الأساسى هو الشعب نفسه لكنها تضخمت بفعل الكارثة الإقتصادية التى تجتاح العالم حاليا
3-    فصل جمال مبارك وفكره الجديد وحرسه الجديد عن فكر ونظام حسنى مبارك  وحرسه المسن
4-    تلميع صورة جمال مبارك وتضخيم حجمه السياسى ليملأ القالب الكبير المناسب لمنصب رئيس جمهورية مصر
5-    الإيحاء بأن جمال مبارك سيأتى بالخبز فورا ثم بالمعجزات على المدى الطويل ومن ثم طلبوا من الشعب أن يعطيه فسحة من الوقت

إن ما بدأته جوقة الإعلام المصرى فى العام الماضى لم يكن مصادفة أو يقظة ضمير واعتراف بالأخطاء الجسيمة فى محاولة لتصحيح الأمور المتدنية. ما حدث ليس إلا تمهيد لإنقلاب أبيض يضع حسنى مبارك وحرسه المسن فى دار للمسنين ويأتى بجمال مبارك وحرس جديد شاب تحت شعار "الفكر الجديد" أو "الفكر المؤسسى للإدارة السليمة". حدث ذلك من قبل مع الحبيب بورقيبة رئيس تونس الأسبق وكاموزوا باندا رئيس مالاوى بعد أن طال بهما العمر مثل حسنى مبارك وقيل لشعوبهما أنه قد أصابهما تلبد فكرى وأن الوقت قد حان لتقود البلاد عناصر شابة ذات "أفكار جديدة" تأخذها من الظلمة إلى النور – وهو الشيء الذى لم يحدث فى كلتا الحالتين.

ألم يقولوا أن التاريخ يعيد نفسه؟
د. السيد عمر سليم
اجمالي القراءات 3403
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   ايناس عثمان     في   الإثنين ٢٧ - أبريل - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[37726]

عبدالله كمال والسياسة والنذالة ...

عبدالله كمال كاتب يتميز من ضمن ما يتميز به من نفاق وتملق يضاف إليها صفة مهمة أيضا وهي النذالة .. حيث أنه سب زوجة زميل له في العمل وهو الدكتور أيمن نور أثناء وجوده في السجن .. ولهذا فإحقاقا للحق لابد أن نذكر له خصاله ..


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق